٢ صموئيل ٢٣
آخر مزمور لداود
أولًا. آخر مزمور لداود.
أ ) الآيات (١-٤): المعدن الأخلاقي لملك الله الرائع.
١فَهَذِهِ هِيَ كَلِمَاتُ دَاوُدَ ٱلْأَخِيرَةُ: «وَحْيُ دَاوُدَ بْنِ يَسَّى، وَوَحْيُ ٱلرَّجُلِ ٱلْقَائِمِ فِي ٱلْعُلَا، مَسِيحِ إِلَهِ يَعْقُوبَ، وَمُرَنِّمِ إِسْرَائِيلَ ٱلْحُلْوِ: ٢رُوحُ ٱلرَّبِّ تَكَلَّمَ بِي وَكَلِمَتُهُ عَلَى لِسَانِي. ٣قَالَ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ. إِلَيَّ تَكَلَّمَ صَخْرَةُ إِسْرَائِيلَ: إِذَا تَسَلَّطَ عَلَى ٱلنَّاسِ بَارٌّ يَتَسَلَّطُ بِخَوْفِ ٱللهِ، ٤وَكَنُورِ ٱلصَّبَاحِ إِذَا أَشْرَقَتِ ٱلشَّمْسُ. كَعُشْبٍ مِنَ ٱلْأَرْضِ فِي صَبَاحٍ صَحْوٍ مُضِيءٍ غِبَّ ٱلْمَطَرِ.
١. فَهَذِهِ هِيَ كَلِمَاتُ دَاوُدَ ٱلْأَخِيرَةُ: لا يعني هذا أن هذه هي الكلمات التي نطق بها داود على فراش الموت. لكنها كلمات عبّرت عن قلبه وتوقه في نهاية حياته.
· “أنا أفترِض أن المقصود هنا هو تأليف القصائد أو المؤلفات الشعرية. ربما تكلّم نثرًا كثيرًا بعد هذا، لكنه لم يكتب شعرًا بعد ذلك.” كلارك (Clarke)
· هذا المزمور القصير ترنيمة حكمة جميلة من داود في نهاية حياته. “هنا، وبكلمات قليلة ممتلئة بالمادّة، يقر داود بمنافع الرب، ويعترف بخطاياه، ويجاهر بإيمانه، ويعزّي نفسه بالعهد، ويعلن تنديده بغير المؤمنين ويعلن هلاكهم – كل هذا في كلمات قليلة جدًّا.” تراب (Trapp)
· يا لَهذه الحياة التي عاشها! لدينا هنا خلاصة لحياة داود في ألقابه وأوصافه في ٢ صموئيل ٢٣: ١:
- بْنِ يَسَّى: كان يسّى فلاحًا متواضع الحال والمنزلة. ويذكّرنا هذا اللقب بأصل داود المتواضع.
- ٱلرَّجُلِ ٱلْقَائِمِ فِي ٱلْعُلَا: سَمح داود لله بأن يرفعه لكي يرتاح بثقة في هذا اللقب.
- مَسِيحِ إِلَهِ يَعْقُوبَ: مُسِح داود من الله، لا من نفسه أو من بشر. فكان لديه تمكين فريد من الرب.
- وَمُرَنِّمِ إِسْرَائِيلَ ٱلْحُلْوِ: كانت لدى داود موهبة بلاغة شعرية جميلة أمام الرب. ويذكّرنا هذا اللقب بحياة داود الداخلية مع الرب.
٢. رُوحُ ٱلرَّبِّ تَكَلَّمَ بِي: يشير هذا إلى أن داود كان واعيًا، على الأقل أحيانًا، بعمل الوحي الإلهي من خلاله وتعبيره في كلماته.
٣. إِذَا تَسَلَّطَ عَلَى ٱلنَّاسِ بَارٌّ: عندما نظر داود إلى الوراء إلى حياته وحُكمه، صدمته الحاجة العظيمة إلى أن يمارس الحكام العدل. فقد عرف هذا من خلال رؤية صلاح العدالة وهي تُمارَس، ولعْنتها وهي تُنكَر.
٤. يَتَسَلَّطُ بِخَوْفِ ٱللهِ: هذا هو مفتاح العدالة في عمل القائد. فعندما يحكم القادة بخوف الله، فإنهم يدركون أن إله العدل يراجع أعمالهم، وأنه سيحاسبهم على الكيفية التي قاد بها كل قائد.
٥. وَكَنُورِ ٱلصَّبَاحِ إِذَا أَشْرَقَتِ ٱلشَّمْسُ: تأمّل داود كيف يبارَك الحاكم الحكيم عندما يحكم بعدل. ورغم أن حكم داود لم يكن كاملًا بلا عيب، إلا أنه كان مبارًكًا، وكان مُلكه هو الأكثر ارتباطًا بمُلك المسيّا.
· من ناحية معينة، كان حكم داود كارثة. إذ عانى من فضيحة مظلمة أثناء حكمه، ومن أزمات عائلية متكررة، ومن عصيان مسلّح من ابنه، ومن حرب أهلية أخرى، ومن ثلاث سنوات من المجاعة.
· وبالمقابلة مع حكم داود، كان حكم سليمان رائعًا. إذ تمتع بالسلام، والازدهار العظيم، والشهرة، والمجد.
· ومع ذلك، فإنه لا يوجد في الكتاب المقدس سوى المديح لداود ومُلكه. وينعكس هذا في نصوص مثل مزمور ٨٩: ٢٠، وإشعياء ٥٥: ٣-٤، ورومية ١: ٣، ورؤيا ٢٢: ١٦. وبالمقابلة، نادرًا ما يُذكَر سليمان في بقية الكتاب المقدس. وعندما يُذكر، فإن هذا لا يكون على سبيل المديح المباشر (انظر
متى ٦: ٢٨-٢٩؛
متى ١٢: ٤٢).
· نجد الفرق بين داود وسليمان في علاقتهما بالله. إذ كان شغف داود في الحياة هو أن يكون مع الله (مزمور ٨٤: ١٠)، بينما كان شغف سليمان هو التحسن الشخصي (١ ملوك ٣: ٤-١٥). ويمكننا القول إن داود احتمل إلى النهاية في محبته وخدمته للرب في آخر فصول حياته (٢ صموئيل ٢٣: ١-٧)، بينما ترك سليمان الله في سنواته الأخيرة (١ ملوك ١١: ٤-٨).
ب) الآيات (٥-٧): ثقة داود بعهد الله.
٥أَلَيْسَ هَكَذَا بَيْتِي عِنْدَ ٱللهِ؟ لِأَنَّهُ وَضَعَ لِي عَهْدًا أَبَدِيًّا مُتْقَنًا فِي كُلِّ شَيْءٍ وَمَحْفُوظًا، أَفَلَا يُثْبِتُ كُلَّ خَلَاصِي وَكُلَّ مَسَرَّتِي؟ ٦وَلَكِنَّ بَنِي بَلِيَّعَالَ جَمِيعَهُمْ كَشَوْكٍ مَطْرُوحٍ، لِأَنَّهُمْ لَا يُؤْخَذُونَ بِيَدٍ. ٧وَٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي يَمَسُّهُمْ يَتَسَلَّحُ بِحَدِيدٍ وَعَصَا رُمْحٍ، فَيَحْتَرِقُونَ بِٱلنَّارِ فِي مَكَانِهِمْ.
١. أَلَيْسَ هَكَذَا بَيْتِي عِنْدَ ٱللهِ: تأمّل داود في الطوباوية التامة لحكم حاكم عادل، وأدرك أن حُكمه قصّر في الوصول إلى العدل الكامل والطوباوية التامّة.
٢. لِأَنَّهُ وَضَعَ لِي عَهْدًا أَبَدِيًّا: عرف داود أن عهدًا أبديًا من الله لم يرتكز على كمال داود كحاكم، بل على التزام الله الكريم بعهده الأبدي.
٣. أَفَلَا يُثْبِتُ كُلَّ خَلَاصِي وَكُلَّ مَسَرَّتِي (رغبتي): لم يقل داود هذا إلا لأن العهد ارتكز على أمانة الرب، لا على أمانة داود. وعرف أن طاعته الشخصية لم تكن كافية لتكون أساسًا لخلاصه والحصول على رغبته.
· يمكننا أن نقول هذا بسبب خطيته وعواقبها. لقد خف نور داود في نهاية حياته، لكنه لم يُطفأ. فقد أشرق حتى النهاية. “لا يوجد في تعامل الله معنا أي خطأ أو زلة. فلا يُسمح بشيء لم يُصنع لخدمة الغرض الأسمى. وينطبق هذا حتى على إخفاقاتنا، إذا تركناها في توبة واعترفنا بها، كما فعل داود. ومن المؤكد أن هذا ينطبق على كل أحزاننا ومِحننا.” مورجان (Morgan)
٤. وَلَكِنَّ بَنِي بَلِيَّعَالَ (التمرد) جَمِيعَهُمْ كَشَوْكٍ مَطْرُوحٍ: بُني العهد على أمانة الله، لكن داود عرف أن الطاعة ما زالت مهمة. إذ سيظل الله يقاوم المتمردين (بَنِي بَلِيَّعَالَ)، وسينتهون إلى خراب. وعرف داود أنه بإمكانه أن يتكل على الرب في الاهتمام بأعدائه والأشرار.
· “كان هذا هو موضوع داود كله – الرب مسيطر على الأمور، فاسترِحْ فيه. ولا تقلق بسبب فاعلي الشر الذين يجلبون المكائد. لكن استرح بالرب، وثق به أيضًا. وتلذذ بالرب. وعون الروح القدس، وقوّته، وخدمته لقلوبنا من خلال مزامير مرنم إسرائيل الحلو…هذه تركة رائعة تركها لنا.” سميث (Smith)
· هذه العلاقة الرائعة بالله هي السبب وراء كون داود أعظم ملك في إسرائيل، وأكثر أسلاف يسوع المسيح بروزًا. ونحن نقرأ في بداية العهد الجديد: “كِتَابُ مِيلَادِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱبْنِ دَاوُدَ” (متى ١: ١).
ثانيًا. جبابرة داود.
أ ) الآيات (٨-١٢): أسماء أبطال داود الثلاثة ومآثرهم.
٨هَذِهِ أَسْمَاءُ ٱلْأَبْطَالِ ٱلَّذِينَ لِدَاوُدَ: يُشَيْبَ بَشَّبَثُ ٱلتَّحْكَمُونِيُّ رَئِيسُ ٱلثَّلَاثَةِ. هُوَ هَزَّ رُمْحَهُ عَلَى ثَمَانِ مِئَةٍ قَتَلَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً. ٩وَبَعْدَهُ أَلِعَازَارُ بْنُ دُودُو بْنِ أَخُوخِي، أَحَدُ ٱلثَّلَاثَةِ ٱلْأَبْطَالِ ٱلَّذِينَ كَانُوا مَعَ دَاوُدَ حِينَمَا عَيَّرُوا ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَمَعُوا هُنَاكَ لِلْحَرْبِ وَصَعِدَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ. ١٠أَمَّا هُوَ فَأَقَامَ وَضَرَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ حَتَّى كَلَّتْ يَدُهُ، وَلَصِقَتْ يَدُهُ بِٱلسَّيْفِ، وَصَنَعَ ٱلرَّبُّ خَلَاصًا عَظِيمًا فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ، وَرَجَعَ ٱلشَّعْبُ وَرَاءَهُ لِلنَّهْبِ فَقَطْ. ١١وَبَعْدَهُ شَمَّةُ بْنُ أَجِي ٱلْهَرَارِيُّ. فَٱجْتَمَعَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ جَيْشًا، وَكَانَتْ هُنَاكَ قِطْعَةُ حَقْلٍ مَمْلُوءَةً عَدَسًا، فَهَرَبَ ٱلشَّعْبُ مِنْ أَمَامِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. ١٢فَوَقَفَ فِي وَسَطِ ٱلْقِطْعَةِ وَأَنْقَذَهَا، وَضَرَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ، فَصَنَعَ ٱلرَّبُّ خَلَاصًا عَظِيمًا.
١. هَذِهِ أَسْمَاءُ ٱلْأَبْطَالِ: كان داود لا شيء من دون جبابرته، ولم يكونوا شيئًا من دونه. كان قائدهم، لكن القائد لا شيء من دون أتباعه. فكان لدى داود أتباع يتّبعونه. ولم يبدأ هؤلاء بالضرورة كجبابرة. إذ كان كثيرون منهم متضايقين ومديونين وساخطين عندما تبعوه إلى كهف عدلّام (١ صموئيل ٢٢: ١-٢)
· “جاء هؤلاء إلى داود عندما كانت حظوظهم في الحياة في أدنى مستوياتها. وكان يعد نفسه متمردًا وخارجًا عن القانون. وبقوا أوفياء له طوال حياتهم. وطوبى للذين يتبعون قضية صالحة في أسوأ حالاتها، لأن المجد لهم!” سبيرجن (Spurgeon)
· “لم ينتهِ بعد يوم الجبابرة رجالًا ونساءً. إنهم أبطال وبطلات لله. “يعتمد انتصار الكنيسة ككل على الانتصار الشخصي لكل مؤمن بالمسيح. وبعبارة أخرى، فإن انتصارك، وحياتك، وشهادتك الشخصية مهمة لقضية الله اليوم. وليس ما يحدث في غينيا، وفي غابات الأمازون، وفي الكونغو المضطربة منفصلًا عما يحدث في علاقتك الشخصية بالله ومعركتك الشخصية ضد قوات الظلمة. ويعتمد انتصار الكنيسة في كل جبهة من جبهات العالم على الانتصار في حياتك وحياتي. فلا يمكن الفصل بين المواقف في الوطن أو البيت والخارج.” ريدباث (Redpath)
٢. يُشَيْبَ بَشَّبَثُ ٱلتَّحْكَمُونِيُّ: اشتهر هذا القائد بين جبابرة داود بقتله ٨٠٠ رجل في معركة واحدة.
· “تقول القراءة في أخبار الأيام ٣٠٠، ويبدو أن هذا هو الرقم الصحيح.” كلارك (Clarke)
٣. أَلِعَازَارُ بْنُ دُودُو بْنِ أَخُوخِي: كان قائد جبابرة داود مشهورًا بالقتال إلى جانب داود في معركة شهيرة. وعندما كلّت يداه، التصق سيفه بيده. ومن خلال صلابته ومثابرته، أحرز نصرًا عظيمًا في ذلك اليوم.
· رأى سبيرجن (Spurgeon) أن ألعازر في صموده الانفرادي حتى النصر مثال رائع للمؤمنين اليوم. “البراعة الانفرادية متوقعة من المؤمنين, وأنا آمل أن نولّد في هذه الكنيسة جيشًا من الرجال والنساء الذين يعرفون الحق، ويعرفون أيضًا المسؤوليات التي وضعها الرب عليهم، والذين هم مصممون بعون الروح القدس على خوض حرب صالحة من أجل ربّهم، سواء أجاء آخرون للوقوف إلى جانبهم أم لا.”
· “تذكّر ترنيمة السيد سانكي: “تجرّأ على أن تكون مثل دانيال. تجرّأ على الوقوف بمفردك! تجرّأ على أن يكون لديك قصد راسخ. تجرّأ على إعلان الأمر!” تجرّأ على أن تكون ألعازر وتنطلق لضرب الفلسطيين بمفردك. ستجد قريبًا أن هنالك آخرين في البيت أخفوا مشاعرهم، لكن عندما يرونك وأنت تتقدم إلى الأمام، فسيكونون في صف الرب علانية. هنالك جبناء كثيرون يتهربون، فحاول أن تخجلهم. هنالك كثيرون مترددون. فدعهم يروا رجلًا بطلًا، وسيكون حامل اللواء الذي سيجتمعون حوله.” سبيرجن (Spurgeon)
٤. شَمَّةُ بْنُ أَجِي ٱلْهَرَارِيُّ: وضع هذا القائد بين جبابرة داود نفسه في وسط المعركة عندما هرب الآخرون. ثبت في مكانه بمفرده إلى أن جلب الرب انتصارًا عظيمًا.
ب) الآيات (١٣-١٧): مآثر جسور من أيام داود في عدلّام.
١٣وَنَزَلَ ٱلثَّلَاثَةُ مِنَ ٱلثَّلَاثِينَ رَئِيسًا وَأَتَوْا فِي ٱلْحَصَادِ إِلَى دَاوُدَ إِلَى مَغَارَةِ عَدُلَّامَ، وَجَيْشُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ نَازِلٌ فِي وَادِي ٱلرَّفَائِيِّينَ. ١٤وَكَانَ دَاوُدُ حِينَئِذٍ فِي ٱلْحِصْنِ، وَحَفَظَةُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ حِينَئِذٍ فِي بَيْتِ لَحْمٍ. ١٥فَتَأَوَّهَ دَاوُدُ وَقَالَ: «مَنْ يَسْقِينِي مَاءً مِنْ بِئْرِ بَيْتِ لَحْمٍ ٱلَّتِي عِنْدَ ٱلْبَابِ؟» ١٦فَشَقَّ ٱلْأَبْطَالُ ٱلثَّلَاثَةُ مَحَلَّةَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَٱسْتَقَوْا مَاءً مِنْ بِئْرِ بَيْتِ لَحْمٍ ٱلَّتِي عِنْدَ ٱلْبَابِ، وَحَمَلُوهُ وَأَتَوْا بِهِ إِلَى دَاوُدَ، فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَشْرَبَهُ، بَلْ سَكَبَهُ لِلرَّبِّ، ١٧وَقَالَ: «حَاشَا لِي يَارَبُّ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ! هَذَا دَمُ ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ خَاطَرُوا بِأَنْفُسِهِمْ». فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَشْرَبَهُ. هَذَا مَا فَعَلَهُ ٱلثَّلَاثَةُ ٱلْأَبْطَالُ.
١. وَأَتَوْا .. إِلَى دَاوُدَ إِلَى مَغَارَةِ عَدُلَّامَ: أمضى داود وقتًا في كهف عدلّام قبل أن يأتي إليه هؤلاء الرجال الذين سيصبحون جبابرته في ١ صموئيل ٢٢: ١-٢. ويصف هذا النص شيئًا حدث إما أثناء ذلك الوقت أو في وقت لاحق في معركة مع الفلسطيين عندما رجع داود إلى عدلّام.
٢. فَتَأَوَّهَ دَاوُدُ وَقَالَ: “مَنْ يَسْقِينِي مَاءً مِنْ بِئْرِ بَيْتِ لَحْمٍ”: في ذلك الوقت، كان لدى داود حنين إلى مسقط رأسه، وتاق إلى أن يتذوق ماء من بئر قريبة من منزل طفولته.
٣. فَشَقَّ ٱلْأَبْطَالُ ٱلثَّلَاثَةُ مَحَلَّةَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَٱسْتَقَوْا مَاءً مِنْ بِئْرِ بَيْتِ لَحْمٍ: استجابة لحنين داود – لم يكن أمرً أو حتى طلبًا من داود، بل حنينًا مسموعًا – ذهب هؤلاء الجبابرة فورًا ليلبّوا رغبة قائدهم في مخاطرة شخصية عظيمة.
٤. فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَشْرَبَهُ، بَلْ سَكَبَهُ لِلرَّبِّ: أحس داود بالإكرام العظيم بسبب التضحية بالنفس التي قام بها جبابرته حتى أنه شعر بأنه لا يستحق هذا الماء، وأنه يستحق أن يُسكب للرب في عبادة. إذ آمن بأن التضحية العظيمة التي قام بها هؤلاء الرجال لا يمكن أن تُكرم إلاّ بسكب الماء للرب.
· “لأنه عدَّ هذا الماء أعز من أن يجرعه، سكبه للرب، من منطلق توقير ديني.” تراب (Trapp)
ج) الآيات (١٨-٢٣): رجلان بارزان آخران بين الجبابرة.
١٨وَأَبِيشَايُ أَخُو يُوآبَ ٱبْنُ صَرُويَةَ هُوَ رَئِيسُ ثَلَاثَةٍ. هَذَا هَزَّ رُمْحَهُ عَلَى ثَلَاثِ مِئَةٍ قَتَلَهُمْ، فَكَانَ لَهُ ٱسْمٌ بَيْنَ ٱلثَّلَاثَةِ. ١٩أَلَمْ يُكْرَمْ عَلَى ٱلثَّلَاثَةِ فَكَانَ لَهُمْ رَئِيسًا، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إِلَى ٱلثَّلَاثَةِ ٱلْأُوَلِ. ٢٠وَبَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ، ٱبْنُ ذِي بَأْسٍ، كَثِيرُ ٱلْأَفْعَالِ، مِنْ قَبْصِئِيلَ، هُوَ ٱلَّذِي ضَرَبَ أَسَدَيْ مُوآبَ، وَهُوَ ٱلَّذِي نَزَلَ وَضَرَبَ أَسَدًا فِي وَسَطِ جُبٍّ يَوْمَ ٱلثَّلْجِ. ٢١وَهُوَ ضَرَبَ رَجُلًا مِصْرِيًّا ذَا مَنْظَرٍ، وَكَانَ بِيَدِ ٱلْمِصْرِيِّ رُمْحٌ، فَنَزَلَ إِلَيْهِ بِعَصًا وَخَطَفَ ٱلرُّمْحَ مِنْ يَدِ ٱلْمِصْرِيِّ وَقَتَلَهُ بِرُمْحِهِ. ٢٢هَذَا مَا فَعَلَهُ بَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ، فَكَانَ لَهُ ٱسْمٌ بَيْنَ ٱلثَّلَاثَةِ ٱلْأَبْطَالِ، ٢٣وَأُكْرِمَ عَلَى ٱلثَّلَاثِينَ، إِلَا أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إِلَى ٱلثَّلَاثَةِ. فَجَعَلَهُ دَاوُدُ مِنْ أَصْحَابِ سِرِّهِ.
١. وَأَبِيشَايُ أَخُو يُوآبَ: اشتهر هذا القائد بين جبابرة داود في معركة قَتل فيها ٣٠٠ رجل. وتتحدث عن قيادته نصوص أخرى مثل ١ صموئيل ٢٦: ٦-٩، و٢ صموئيل ٣: ٣٠، و٢ صموئيل ١٠: ١٠-١٤.
٢. وَبَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ: اشتهر هذا القائد بين جبابرة داود بمعاركه ضد رجلين – بطلين من موآب مثل الأسود (ضَرَبَ أَسَدَيْ مُوآبَ) ورجل مصري عملاق مذهل (ضَرَبَ رَجُلًا مِصْرِيًّا ذَا مَنْظَرٍ)، وضد الوحوش (وَضَرَبَ أَسَدًا فِي وَسَطِ جُبٍّ يَوْمَ ٱلثَّلْجِ).
د ) الآيات (٢٤-٣٩): قائمة بجبابرة داود.
٢٤وَعَسَائِيلُ أَخُو يُوآبَ كَانَ مِنَ ٱلثَّلَاثِينَ، وَأَلْحَانَانُ بْنُ دُودُو مِنْ بَيْتِ لَحْمٍ. ٢٥وَشَمَّةُ ٱلْحَرُودِيُّ، وَأَلِيقَا ٱلْحَرُودِيُّ، ٢٦وَحَالَصُ ٱلْفَلْطِيُّ، وَعِيرَا بْنُ عِقِّيشَ ٱلتَّقُوعِيُّ، ٢٧وَأَبِيعَزَرُ ٱلْعَنَاثُوثِيُّ، وَمَبُونَايُ ٱلْحُوشَاتِيُّ، ٢٨وَصَلْمُونُ ٱلْأَخُوخِيُّ، وَمَهْرَايُ ٱلنَّطُوفَاتِيُّ، ٢٩وَخَالَبُ بْنُ بَعْنَةَ ٱلنَّطُوفَاتِيُّ، وَإِتَّايُ بْنُ رِيبَايَ مِنْ جِبْعَةِ بَنِي بَنْيَامِينَ، ٣٠وَبَنَايَا ٱلْفَرْعَتُونِيُّ، وَهِدَّايُ مِنْ أَوْدِيَةِ جَاعَشَ، ٣١وَأَبُو عَلْبُونَ ٱلْعَرَبَاتِيُّ، وَعَزْمُوتُ ٱلْبَرْحُومِيُّ، ٣٢وَأَلْيَحْبَا ٱلشَّعْلُبُونِيُّ، وَمِنْ بَنِي يَاشَنَ: يُونَاثَانُ. ٣٣وَشَمَّةُ ٱلْهَرَارِيُّ، وَأَخِيآمُ بْنُ شَارَارَ ٱلْأَرَارِيُّ، ٣٤وَأَلِيفَلَطُ بْنُ أَحَسْبَايَ ٱبْنُ ٱلْمَعْكِيِّ، وَأَلِيعَامُ بْنُ أَخِيتُوفَلَ ٱلْجِيلُونِيُّ، ٣٥وَحَصْرَايُ ٱلْكَرْمَلِيُّ، وَفَعْرَايُ ٱلْأَرَبِيُّ، ٣٦وَيَجْآلُ بْنُ نَاثَانَ مِنْ صُوبَةَ، وَبَانِي ٱلْجَادِيُّ، ٣٧وَصَالَقُ ٱلْعَمُّونِيُّ، وَنَحْرَايُ ٱلْبَئِيرُوتِيُّ، حَامِلُ سِلَاحِ يُوآبَ بْنِ صَرُويَةَ، ٣٨وَعِيرَا ٱلْيِثْرِيُّ، وَجَارَبُ ٱلْيِثْرِيُّ، ٣٩وَأُورِيَّا ٱلْحِثِّيُّ. ٱلْجَمِيعُ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ.
١. وَأَلِيعَامُ بْنُ أَخِيتُوفَلَ: هذا الرجل مشهور بين الجبابرة لأنه أبو بثشبع (٢ صموئيل ١١: ٣). ويبيّن هذا أن أخيتوفل كان جد بثشبع.
٢. وَأُورِيَّا ٱلْحِثِّيُّ: كان أوريا مشهورًا بين الجبابرة لأنه كان زوج بثشبع. وعندما سمع داود صلة بثشبع بأليعام وأوريا وأخيتوفل (٢ صموئيل ١١: ٣)، كان عليه أن يتخلى فورًا عن فكرة الزنا.
٣. ٱلْجَمِيعُ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ: كان هؤلاء الرجال المتميزون أساس عظمة حكم داود. لم يأتوا إلى داود رجال عِظام، لكن الرب استخدم قيادة داود ليحوّلهم هكذا من رجال متضايقين ومديونين وساخطين عندما جاءوا إلى داود في كهف عدلّام (١ صموئيل ٢٢: ١-٢).
· “إن ما يشهد على عظمة داود الجوهرية، أكثر من كل انتصاراته على أعدائه، هو تأثير حياته ومعدنه الأخلاقي في الرجال الأقرب إليه.” مورجان (Morgan)