٢ صموئيل ٥
تنصيب داود ملكًا على إسرائيل موحَّدة
أولًا. داود يملك على كل إسرائيل.
أ ) الآيات (١-٣): شيوخ إسرائيل يعترفون بداود ملكًا على إسرائيل.
١وَجَاءَ جَمِيعُ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ إِلَى دَاوُدَ، إِلَى حَبْرُونَ، وَتَكَلَّمُوا قَائِلِينَ: «هُوَذَا عَظْمُكَ وَلَحْمُكَ نَحْنُ. ٢وَمُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ، حِينَ كَانَ شَاوُلُ مَلِكًا عَلَيْنَا، قَدْ كُنْتَ أَنْتَ تُخْرِجُ وَتُدْخِلُ إِسْرَائِيلَ. وَقَدْ قَالَ لَكَ ٱلرَّبُّ: أَنْتَ تَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ، وَأَنْتَ تَكُونُ رَئِيسًا عَلَى إِسْرَائِيلَ». ٣وَجَاءَ جَمِيعُ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ إِلَى ٱلْمَلِكِ، إِلَى حَبْرُونَ، فَقَطَعَ ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ مَعَهُمْ عَهْدًا فِي حَبْرُونَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. وَمَسَحُوا دَاوُدَ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ.
١. وَجَاءَ جَمِيعُ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ إِلَى دَاوُدَ: قبل هذا، لم يعترف إلا سبط واحد من أسباط إسرائيل بداود ملكًا، بينما اعترف باقي الأسباط بإيشبوشث بن شاول ملكًا. واغتيل إيشبوشث هذا كما هو مدون في ٢ صموئيل ٤. ولهذا لجأ الأسباط إلى داود.
· من المؤسف أن الأسباط لم يلجأوا إلى داود إلا عندما غاب خيارهم السابق. ووفقًا لنفس المبدأ، هنالك مؤمنون لا يعترفون بيسوع ملكًا عليهم إلا عندما تنهار خياراتهم وبدائلهم الأخرى. وينبغي أن نختار يسوع فورًا، لا عندما تفشل كل الخيارات الأخرى.
٢. هُوَذَا عَظْمُكَ وَلَحْمُكَ نَحْنُ: قبِل شيوخ إسرائيل قيادة داود لأنه كان إسرائيليًّا مثلهم. وكان هذا أمرًا ذا دلالة، لأن داود عاش فترة من الزمن كفلسطي بين الفلسطيين. فتجاهل شيوخ إسرائيل هذا الأمر، وقبِلوه كواحد منهم.
٣. قَدْ كُنْتَ أَنْتَ تُخْرِجُ وَتُدْخِلُ إِسْرَائِيلَ: قبِل شيوخ إسرائيل قيادة داود لأنه أظهر قدرة بالفعل على القيادة.
٤. وَقَدْ قَالَ لَكَ ٱلرَّبُّ: أَنْتَ تَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ، وَأَنْتَ تَكُونُ رَئِيسًا عَلَى إِسْرَائِيلَ: قبِل شيوخ إسرائيل قيادة داود لأنه كان من الواضح أنه مدعو من الله إلى القيادة.
· يفترض أن تميّز هذه السمات أي شخص يقود شعب الله.
- يتوجب أن ينتمي القائد إلى شعب الله في التراث والقلب.
- يتوجب أن يظهر القائد القدرة على القيادة.
- يتوجب أن تكون دعوة الله له واضحة.
· قبِل شيوخ إسرائيل قيادة داود عندما رأوا هذه الأمور فيه. وعندما نرى هذه الأمور في القادة، ينبغي أن نقبل قيادتهم أيضًا.
٥. وَمَسَحُوا دَاوُدَ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ: تصف أخبار ١٢: ٢٣-٤٠ الاجتماع العظيم الذي جرى في حبرون للاعتراف بداود ملكًا على كل إسرائيل. وتصف أيضًا الجيش المثير للإعجاب الذي جاء إلى حبرون والذي بلغ عدده ٣٤٠.٠٠٠ رجل. ويصف هذا المشهد: “كُلُّ هَؤُلَاءِ رِجَالُ حَرْبٍ يَصْطَفُّونَ صُفُوفًا، أَتَوْا بِقَلْبٍ تَامٍّ إِلَى حَبْرُونَ لِيُمَلِّكُوا دَاوُدَ عَلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ. وَكَذَلِكَ كُلُّ بَقِيَّةِ إِسْرَائِيلَ بِقَلْبٍ وَاحِدٍ لِتَمْلِيكِ دَاوُدَ. وَكَانُوا هُنَاكَ مَعَ دَاوُدَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ لِأَنَّ إِخْوَتَهُمْ أَعَدُّوا لَهُمْ. وَكَذَلِكَ ٱلْقَرِيبُونَ مِنْهُمْ حَتَّى يَسَّاكَرَ وَزَبُولُونَ وَنَفْتَالِي، كَانُوا يَأْتُونَ بِخُبْزٍ عَلَى ٱلْحَمِيرِ وَٱلْجِمَالِ وَٱلْبِغَالِ وَٱلْبَقَرِ، وَبِطَعَامٍ مِنْ دَقِيقٍ وَتِينٍ وَزَبِيبٍ وَخَمْرٍ وَزَيْتٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ بِكَثْرَةٍ، لِأَنَّهُ كَانَ فَرَحٌ فِي إِسْرَائِيلَ” (١ أخبار ١٢: ٣٨-٤٠).
ب) الآيات (٤-٥): ديمومة حكم داود.
٤كَانَ دَاوُدُ ٱبْنَ ثَلَاثِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. ٥فِي حَبْرُونَ مَلَكَ عَلَى يَهُوذَا سَبْعَ سِنِينٍ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ. وَفِي أُورُشَلِيمَ مَلَكَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً عَلَى جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا.
١. كَانَ دَاوُدُ ٱبْنَ ثَلَاثِينَ سَنَةً: هذه نقطة قياس جيدة لحياة داود. فقد مسحه صموئيل عندما كان في حوالي الخامسة عشرة من عمره. ولم يأخذ العرش إلا عندما بلغ الثلاثين. فأمضى حوالي خمس عشرة سنة في الإعداد لعرش إسرائيل.
٢. فِي حَبْرُونَ مَلَكَ… وَفِي أُورُشَلِيمَ مَلَكَ: كان مجموع السنوات التي حكم فيها داود ٤٠ سنة. فلم تكن سنواته الخمس عشرة من الإعداد طويلة بالمقارنة بطول سنوات حكمه. فالله يستخدم إعدادًا عظيمًا عندما تكون المهمة عظيمة.
ثانيًا. داود يستولي على أورشليم.
أ ) الآيات (٦-٨): الاستيلاء على أورشليم
٦وَذَهَبَ ٱلْمَلِكُ وَرِجَالُهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، إِلَى ٱلْيَبُوسِيِّينَ سُكَّانِ ٱلْأَرْضِ. فَكَلَّمُوا دَاوُدَ قَائِلِينَ: «لَا تَدْخُلْ إِلَى هُنَا، مَا لَمْ تَنْزِعِ ٱلْعُمْيَانَ وَٱلْعُرْجَ». أَيْ لَا يَدْخُلُ دَاوُدُ إِلَى هُنَا. ٧وَأَخَذَ دَاوُدُ حِصْنَ صِهْيَوْنَ، هِيَ مَدِينَةُ دَاوُدَ. ٨وَقَالَ دَاوُدُ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ: «إِنَّ ٱلَّذِي يَضْرِبُ ٱلْيَبُوسِيِّينَ وَيَبْلُغُ إِلَى ٱلْقَنَاةِ وَٱلْعُرْجِ وَٱلْعُمْيِ ٱلْمُبْغَضِينَ مِنْ نَفْسِ دَاوُدَ». لِذَلِكَ يَقُولُونَ: “لَا يَدْخُلِ ٱلْبَيْتَ أَعْمَى أَوْ أَعْرَجُ.”
١. وَذَهَبَ ٱلْمَلِكُ وَرِجَالُهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، إِلَى (ضد) ٱلْيَبُوسِيِّينَ: كانت أورشليم حتى هذا الوقت مدينة كنعانية صغيرة في وسط إسرائيل. وقبل حوالي ٤٠٠ سنة من أمر الله لإسرائيل بالاستيلاء على الأرض بأكملها، كانت أورشليم مازالت في أيدٍ كنعانية.
٢. لَا تَدْخُلْ إِلَى هُنَا، مَا لَمْ تَنْزِعِ ٱلْعُمْيَانَ وَٱلْعُرْجَ: كانت أورشليم، بفضل موقعها المتميز، مدينة يسهل الدفاع عنها. فجعل هذا اليبوسيين مفرطين في الثقة، فسارعوا إلى الاستهزاء بداود وقوّاته.
٣. وَأَخَذَ دَاوُدُ حِصْنَ صِهْيَوْنَ: رغم صعوبة الأمر، استولى داود ورجاله على المدينة. وبما أن النص يذكر قناة مائية، يعتقد بعضهم أن داود أرسل رجاله من خلال ما يدعى ’قناة وارين.‘ ومهما كانت التكتيكات التي اتبعها داود ورجاله، فقد ثابروا عبر الظروف الصعبة لإلحاق هزيمة بعدو مفرط في الثقة.
· ووفق المبدأ نفسه، يقتحم الملك حصوننا عندما يصبح ملكًا على حياتنا. وهو يغزو الآن الأرض التي كان ينبغي لنا أن نمنحها له منذ زمن طويل. “أريد أن أقول لك باسم الرب يسوع إنه لا توجد عادة تعمّقت لا يستطيع دم المسيح أن يصل إليها. ولا توجد تحصينات منيعة للخطية لا تستطيع أن تتغلب عليها قوة الرب المُقام بروحه القدوس.” ريدباث (Redpath)
ب) الآيات (٩-١٠): أورشليم تصبح الآن عاصمة داود الجديدة.
٩وَأَقَامَ دَاوُدُ فِي ٱلْحِصْنِ وَسَمَّاهُ «مَدِينَةَ دَاوُدَ». وَبَنَى دَاوُدُ مُسْتَدِيرًا مِنَ ٱلْقَلْعَةِ فَدَاخِلًا. ١٠وَكَانَ دَاوُدُ يَتَزَايَدُ مُتَعَظِّمًا، وَٱلرَّبُّ إِلَهُ ٱلْجُنُودِ مَعَهُ.
١. وَأَقَامَ دَاوُدُ فِي ٱلْحِصْنِ: صارت أورشليم عاصمة مملكة داود. فكان هذا خيارًا جيدًا لسببين:
· لم يكن لها ارتباط سابق بأي سبط من أسباط إسرائيل، ولهذا كانت عاصمة جيدة لإسرائيل الموحّدة.
· جعلتها جغرافيتها سهلة الدفاع عنها ضد أي عدو مهاجم.
٢. وَكَانَ دَاوُدُ يَتَزَايَدُ مُتَعَظِّمًا: عرف داود العظمة، لكن لم يكن هذا نجاحًا بين ليلة وضُحاها. فقد أُعِد داود منذ زمن طويل للعظمة التي تمتّع بها لاحقًا. وقد وصل إلى مكان العظمة هذا لأن الربّ إله الجنود كان معه.
· يوجد دائمًا في خطة الله ثمن خفي للعظمة. فغالبًا ما يعاني أولئك الذين يصبحون عظماء من آلام وصعوبات كثيرة في عملية تدريب الله لهم.
ج) الآيات (١١-١٢): قصر داود وعظمته.
١١وَأَرْسَلَ حِيرَامُ مَلِكُ صُورَ رُسُلًا إِلَى دَاوُدَ، وَخَشَبَ أَرْزٍ وَنَجَّارِينَ وَبَنَّائِينَ فَبَنَوْا لِدَاوُدَ بَيْتًا. ١٢وَعَلِمَ دَاوُدُ أَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ ثَبَّتَهُ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَأَنَّهُ قَدْ رَفَّعَ مُلْكَهُ مِنْ أَجْلِ شَعْبِهِ إِسْرَائِيلَ.
١. فَبَنَوْا لِدَاوُدَ بَيْتًا: يبيّن هذا تأثير داود وأهميته. فقد أكرمه الملوك المجاورون بأجود الحرفيين والأخشاب لبناء قصر له. وتبيّن علاقته بحيرام، ملك صور، أنه أكثر من مجرد رجل حرب. إذ عرف كيف يبني علاقات وتحالفات مهمة.
٢. وَعَلِمَ دَاوُدُ: علِم داود ثلاثة أمور جعلت حكمه عظيمًا. وينبغي لكل قائد تقي أن يعرف هذه الأمور الثلاثة جيدًا.
· وَعَلِمَ دَاوُدُ أَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ ثَبَّتَهُ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ: عرف داود أن الله دعاه وأقامه ملكًا على إسرلئيل.
· وَعَلِمَ دَاوُدُ أَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ رَفَّعَ مُلْكَهُ (مملكته): عرف داود أن المملكة لله، وليست لداود.
· وَعَلِمَ دَاوُدُ أَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ رَفَّعَ مُلْكَهُ مِنْ أَجْلِ شَعْبِهِ إِسْرَائِيلَ: عرف داود أن الله أراد أن يستخدمه كقناة لمباركة شعبه. فلم يكن رفع الله لداود من أجل داود، بل مِنْ أَجْلِ شَعْبِهِ إِسْرَائِيلَ.
د ) الآيات (١٣-١٦): زوجات داود الكثيرات.
١٣وَأَخَذَ دَاوُدُ أَيْضًا سَرَارِيَ وَنِسَاءً مِنْ أُورُشَلِيمَ بَعْدَ مَجِيئِهِ مِنْ حَبْرُونَ، فَوُلِدَ أَيْضًا لِدَاوُدَ بَنُونَ وَبَنَاتٌ. ١٤وَهَذِهِ أَسْمَاءُ ٱلَّذِينَ وُلِدُوا لَهُ فِي أُورُشَلِيمَ: شَمُّوعُ وَشُوبَابُ وَنَاثَانُ وَسُلَيْمَانُ، ١٥وَيِبْحَارُ وَأَلِيشُوعُ وَنَافَجُ وَيَافِيعُ، ١٦وَأَلِيشَمَعُ وَأَلِيدَاعُ وَأَلِيفَلَطُ.
١. وَأَخَذَ دَاوُدُ أَيْضًا سَرَارِيَ وَنِسَاءً (زوجات): كان هذا عصيانًا مباشرًا لتثنية ١٧: ١٧: وَلَا يُكَثِّرْ لَهُ نِسَاءً لِئَلَّا يَزِيغَ قَلْبُهُ. وَفِضَّةً وَذَهَبًا لَا يُكَثِّرْ لَهُ كَثِيرًا.
٢. فَوُلِدَ أَيْضًا لِدَاوُدَ بَنُونَ وَبَنَاتٌ: من المؤكد أن داود (وكل شخص آخر) رأى أن هؤلاء الأبناء علامة على بركة الله على داود في زيجاته الكثيرة. ومع هذا، فإن معظم المشكلات التي ستأتي إلى حياته ستأتي من علاقاته بالنساء ومشكلاته مع أبنائه.
· غالبًا ما يكون صحيحًا أن بذور مشكلاتنا المستقبلة تُزرَع في أوقات النجاح والازدهار العظيمين. ومن بعض النواحي، تعامل داود مع المحن بطريقة أفضل من تعامله مع النجاح والازدهار.
ثالثًا. داود يهزم الفلسطيين.
أ ) الآيات (١٧-١٩): داود يحارب أعداءه القدامى.
١٧وَسَمِعَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ أَنَّهُمْ قَدْ مَسَحُوا دَاوُدَ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، فَصَعِدَ جَمِيعُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ لِيُفَتِّشُوا عَلَى دَاوُدَ. وَلَمَّا سَمِعَ دَاوُدُ نَزَلَ إِلَى ٱلْحِصْنِ. ١٨وَجَاءَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ وَٱنْتَشَرُوا فِي وَادِي ٱلرَّفَائِيِّينَ. ١٩وَسَأَلَ دَاوُدُ مِنَ ٱلرَّبِّ قَائِلًا: «أَأَصْعَدُ إِلَى ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ؟ أَتَدْفَعُهُمْ لِيَدِي؟» فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِدَاوُدَ: “ٱصْعَدْ، لِأَنِّي دَفْعًا أَدْفَعُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ لِيَدِكَ.”
١. فَصَعِدَ جَمِيعُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ: جلب نجاح داود تحديات جديدة من الخارج. فكما عمل الله بقوة في حياة داود، عمل إبليس ليجلب مقاومة لداود.
٢. وَسَأَلَ دَاوُدُ مِنَ ٱلرَّبِّ: عندما طلب داود الرب متطلّعًا إلى إرشاده، بورك كثيرًا. فقد أكرمه الله على اعتماده عليه، وأعطاه وعد النصر.
ب) الآيات (٢٠-٢١): داود يهزم الفلسطيين في بعل فراصيم.
٢٠فَجَاءَ دَاوُدُ إِلَى بَعْلِ فَرَاصِيمَ وَضَرَبَهُمْ دَاوُدُ هُنَاكَ، وَقَالَ: «قَدِ ٱقْتَحَمَ ٱلرَّبُّ أَعْدَائِي أَمَامِي كَٱقْتِحَامِ ٱلْمِيَاهِ». لِذَلِكَ دَعَى ٱسْمَ ذَلِكَ ٱلْمَوْضِعِ «بَعْلَ فَرَاصِيمَ». ٢١وَتَرَكُوا هُنَاكَ أَصْنَامَهُمْ فَنَزَعَهَا دَاوُدُ وَرِجَالُهُ.
١. ٱقْتَحَمَ ٱلرَّبُّ أَعْدَائِي أَمَامِي: في معركة بَعْلِ فَرَاصِيمَ هزم داود الفلسطيين بقوة ساحقة كاقتحام المياه.
٢. وَتَرَكُوا هُنَاكَ أَصْنَامَهُمْ فَنَزَعَهَا دَاوُدُ وَرِجَالُهُ: جلب الفلسطيون أوثانهم معتقدين أنها ستفيد في هزيمة الإسرائيليين. ولأن داود سأل من الرب، ولأنه أطاع إرشاده، انتصر، ونزع داود ورجاله أصنامهم.
ج) الآيات (٢٢-٢٥): داود يهزم الفلسطيين في وادي الرفائيين.
٢٢ثُمَّ عَادَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ فَصَعِدُوا أَيْضًا وَٱنْتَشَرُوا فِي وَادِي ٱلرَّفَائِيِّينَ. ٢٣فَسَأَلَ دَاوُدُ مِنَ ٱلرَّبِّ، فَقَالَ: «لَا تَصْعَدْ، بَلْ دُرْ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَهَلُمَّ عَلَيْهِمْ مُقَابِلَ أَشْجَارِ ٱلْبُكَا، ٢٤وَعِنْدَمَا تَسْمَعُ صَوْتَ خَطَوَاتٍ فِي رُؤُوسِ أَشْجَارِ ٱلْبُكَا، حِينَئِذٍ ٱحْتَرِصْ، لِأَنَّهُ إِذْ ذَاكَ يَخْرُجُ ٱلرَّبُّ أَمَامَكَ لِضَرْبِ مَحَلَّةِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ». ٢٥فَفَعَلَ دَاوُدُ كَذَلِكَ كَمَا أَمَرَهُ ٱلرَّبُّ، وَضَرَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ مِنْ جَبْعٍ إِلَى مَدْخَلِ جَازَرَ.
١. فَسَأَلَ دَاوُدُ مِنَ ٱلرَّبِّ: بعد الانتصار الأول على الفلسطيين، كان داود حكيمًا بما يكفي أن يسأل من الرب مرة أخرى. فمن السهل لكثيرين في هذا الوضع أن يقولوا: “لقد خضتُ هذه المعركة من قبل. وأنا أعرف كيف أنتصر. وسيكون هذا سهلًا.” لكن كان داود ينتصر دائمًا عندما يطلب الله ويطيعه.
٢. لَا تَصْعَدْ، بَلْ دُرْ مِنْ وَرَائِهِمْ: وجّه الله داود بطريقة مختلفة في هذه المعركة. فرغم أن العدو هو نفسه، إلا أن المعركة لم تكن نفس المعركة.
· لاحظ آدم كلارك (Adam Clarke) في تفسيره حول هذا النص إرشاد الله المذهل في حياة داود، وطرح سؤالًا جيدًا: “كيف لا يتم توصيل مثل هذه التوجيهات والمساعدات الخارقة الآن؟ لأنهم لا يطلبونها. وهم لا يطلبونها لأنهم لا يتوقعونها. وهم لا يتوقعونها لأنهم لا يملكون إيمانًا. ولا يملكون إيمانًا لأنهم تحت روح الإلحاد الراقي، وليس لديهم تواصل روحي مع خالقهم.”
٣. يَخْرُجُ ٱلرَّبُّ أَمَامَكَ لِضَرْبِ مَحَلَّةِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ: في معركة الرفائيين، انتظر داود الرب قبل أن يضرب معسكر العدو. وكانت علامة عمل الله هو صوت خطوات على رؤوس أشجار التوت (البُكا).
· “يرى معلمو اليهود – وهذا خيال جميل جدًّا إذا كان صحيحًا – أن خطوات الملائكة وهي تمشي على رؤوس أشجار البكُا (التوت) تُحْدِث حفيفًا. كانت هذه هي العلامة للقتال، عندما تذهب معهم ملائكة كروبيم الله، عندما تأتي وتمشي عبر السحاب وتطير في الهواء، تحت قيادة ’القبطان الإلهي‘ العظيم نفسه، فتمشي على طول أشجار البُكا، وتُحْدِث حفيفًا لخطواتهم السماوية.” سبيرجن (Spurgeon)
· عند الإشارة إلى أن الرب بدأ يعمل، اندفع داود وقواته نحو النصر. وهذا المبدأ صحيح في مسيرتنا الروحية مع الله. فعندما نحس بأن الرب يعمل، يتوجب علينا أن نتحرك ونتقدم بسرعة، وسترى انتصارًا عظيمًا. “وفي الحرب الروحية أيضًا، يتوجب علينا أن نراقب حركات الروح القدس ونطيعه عندما يحدد المستوى المطلوب. فهذه خطوات سير الله، خطوات مسيحه.” تراب (Trapp)
· تقول إحدى الترجمات لنص ٢ صموئيل ٥: ٢٤ “وَعِنْدَمَا تَسْمَعُ صَوْتَ خَطَوَاتٍ فِي رُؤُوسِ أَشْجَارِ ٱلْبُكَا، تحرّكْ وابذل جهدك.” فعندما تسمع عمل الله وهو يبدأ، تحرّك، وابذل جهدك. تقدّم بسرعة. أَحب سبيرجن (Spurgeon) أن يلفت النظر إلى تعبير ’تحرّك. ابذل جهدك.‘ فغالبًا ما نعتقد أن علينا أن نحرّك الآخرين. وعندئذ يصبح هذا في الغالب مجرد ضجيج وانفعالات. فبدلًا من ذلك، حرِّك نفسك.
· عندما نرى عمل الله يحدث حولنا، فإنه يكون مثل صوت أشجار في أشجار البُكا. إنه صوت الحفيف الذي يفترض أن يوقظنا للصلاة والعبادة. ووقت الأزمات أو المآسي هو أيضًا مثل صوت على رؤوس أشجار البُكا. وهو صوت الحفيف الذي ينبغي أن يوقظنا للاعتراف والتوبة. “والآن، ماذا ينبغي أن أفعل؟ إن أول شيء عليّ أن أفعله هو أن أحرك نفسي وأبذل جهدًا. فكيف أفعل هذا؟ سأعود إلى البيت هذا اليوم، وسأصارع في الصلاة بجدية أكبر مما اعتدتُ من أجل أن يبارك الله خادمه ويضاعف كنيسته.” سبيرجن (Spurgeon)