إنجيل يوحنا – الإصحاح ٥
الشفاء والموعظة
أولاً. يسوع يشفي مريضاً عند بِرْكَة بَيْت حِسْدَا
أ ) الآيات (١-٤): بِرْكَة بَيْت حِسْدَا
١وَبَعْدَ هَذَا كَانَ عِيدٌ لِلْيَهُودِ، فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى أُورُشَلِيمَ. ٢وَفِي أُورُشَلِيمَ عِنْدَ بَابِ ٱلضَّأْنِ بِرْكَةٌ يُقَالُ لَهَا بِٱلْعِبْرَانِيَّةِ «بَيْتُ حِسْدَا» لَهَا خَمْسَةُ أَرْوِقَةٍ. ٣فِي هَذِهِ كَانَ مُضْطَجِعاً جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنْ مَرْضَى وَعُمْيٍ وَعُرْجٍ وَعُسْمٍ، يَتَوَقَّعُونَ تَحْرِيكَ ٱلْمَاءِ. ٤لِأَنَّ مَلَاكاً كَانَ يَنْزِلُ أَحْيَاناً فِي ٱلْبِرْكَةِ وَيُحَرِّكُ ٱلْمَاءَ. فَمَنْ نَزَلَ أَوَّلاً بَعْدَ تَحْرِيكِ ٱلْمَاءِ كَانَ يَبْرَأُ مِنْ أَيِّ مَرَضٍ ٱعْتَرَاهُ.
- عِيدٌ لِلْيَهُودِ: لا نعرف أي عِيدٍ كان هذا، ولكنه ربما كان واحداً من الأعياد الرئيسية الثلاثة التي كان الحضور فيها إلزامياً.
- يدور النقاش حول ما إذا كان هذا عيد الفصح أم عيد الخمسين أم عيد الفوريم. فإن كان عيد الفصح، إذاً يمكننا أن نحصي أربعة أعياد للفصح خلال خدمة يسوع التي استمرت حوالي ثلاثة سنوات ونصف.
- بِرْكَةٌ يُقَالُ لَهَا بِٱلْعِبْرَانِيَّةِ «بَيْتُ حِسْدَا» تم الكشف عن آثار هذه البركة في المنطقة الشمالية للهيكل، ووُجد فيها خَمْسَةُ أَرْوِقَةٍ تماماً كما قال يوحنا.
- “يعتقد البعض أن القديس يوحنا كتب إنجيله قبل دمار أورشليم بسبب استخدامه لصيغة المضارع هنا الذي يفترض أن البركة لاتزال قائمة. ولكن لا ينبغي التشديد على هذا. فمن الممكن أن يكون يوحنا قد كتب بصيغة الحاضر دون أن يتقيد بزمن الكتابة.” آلفورد (Alford)
- توجد كنيسة من بقايا الحروب الصليبية بالقرب من بقايا هذه البركة. “اعتبر الصليبيون هذه البركة، كما هو مذكور هنا، شيء مهم لأننا نجد على الجدران صورة لملاك يحرك الماء.” دودز (Dods)
- لِأَنَّ مَلَاكاً كَانَ يَنْزِلُ… فَمَنْ نَزَلَ أَوَّلاً… كَانَ يَبْرَأُ مِنْ أَيِّ مَرَضٍ ٱعْتَرَاهُ: تجمع العديد من المَرْضَى والمصابين عند هذه البركة على أمل الشفاء. ولعل هذا الأمل في الشفاء كان حقيقياً، فالله يُكرم من يبرهن على إيمانه. وقد تكون هذه مجرد أسطورة لتعطي الأمل، ولكن على أية حال، جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنْ مَرْضَى آمنوا بهذا.
- لا نجد العبارة: ’يَتَوَقَّعُونَ تَحْرِيكَ ٱلْمَاءِ…‘ (لآخر الآية ٤) في العديد من المخطوطات القديمة. ومع ذلك، فإن حقيقة حصول الشفاء لأول من ينزل في الماء تظهر بوضوح أيضاً في كلمات يوحنا ٧:٥.
- “وفقاً للإدلة من المخطوطات القديمة (MSS) يبدو أن هذه الآية والمقطع الأخير من الآية ٣ لم يكتبها يوحنا، بل أقحمت على النص في وقت مبكر جداً (يعود لزمن ترتليان في القرن الثاني على الأقل).” ترينش (Trench)
- لِأَنَّ مَلَاكاً كَانَ يَنْزِلُ أَحْيَاناً: اعتقد كلارك وآخرون أن الملاك كان يأتي وقت العيد، وقد يكون هذا العيد هو عيد الفصح تحديداً. والفكرة هنا أن الناس كانوا يتجمهرون حول البركة متوقعين الشفاء في موسم عيد الفصح أو في أي عيد آخر. “قال ترتليان إن هذا كان يحدث مرة واحدة في السنة فقط. وقال آخرون أن هذا كان يحدث (على الأرجح) في كل الأعياد الرئيسية عندما يأتي الناس إلى أورشليم من كل أنحاء العالم.” تراب (Trapp)
- إن كان هناك شفاء حقيقي فعلاً بسبب مياه بركة بيت حسدا، فستكون هذه من حالات الشفاء غير التقليدية في الكتاب المقدس.
- شُفي البعض من قِدْرِ حَساءً طُهر بالصلاة (الملوك الثاني ٣٨:٤-٤١).
- شُفي نُعمان بالاغتسال بنهر الأردن (الملوك الثاني ١٠:٥-١٤).
- شُفي أحدهم حينما مَسَّ عِظامَ ألِيشَعَ (الملوك الثاني ٢٠:١٣-٢١).
- شُفي البعض عندما وقع ظل بطرس عليهم (أعمال الرسل ١٤:٥-١٦).
- شُفي آخرون عندما وضعوا منديل بولس عليهم (أعمال الرسل ١١:١٩-٢١).
- كثيراً ما يستخدم الله طرقاً غير متوقعة. ولكن هناك أشياء ليست بالضرورة من الله لأنها ببساطة غير متوقعة أو غير عادية.
ب) الآيات (٥-٦): يسوع يستجوب رجلاً مشلولاً
٥وَكَانَ هُنَاكَ إِنْسَانٌ بِهِ مَرَضٌ مُنْذُ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً. ٦هَذَا رَآهُ يَسُوعُ مُضْطَجِعاً، وَعَلِمَ أَنَّ لَهُ زَمَاناً كَثِيراً، فَقَالَ لَهُ: «أَتُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ؟».
- وَكَانَ هُنَاكَ إِنْسَانٌ بِهِ مَرَضٌ مُنْذُ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً: عانى هذا الرجل من الشلل لمدة طويلة، ويبدو أنه كان يتواجد كثيراً عند بركة بيت حسدا على أمل الشفاء. ولكن أمله قد خبا منذ زمن بعيد (ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً).
- هَذَا رَآهُ يَسُوعُ مُضْطَجِعاً: لسبب ما، اختار يسوع هذا الرجل من بين مجموعة كبيرة من المرضى (>يوحنا ٣:٥). فلم ينوّ يسوع القيام بحملة شفاء عند بركة بيت حسدا، ولكنه كان يوشك أن يسدد حاجة هذا الرجل بالتحديد بطريقة معجزية.
- كان هناك جمهور من المرضى ومع ذلك لم يتطلع أي منهم إلى يسوع. “أصيب الجميع عند البركة بالعمى. كانوا هناك وكان المسيح القادر على شفائهم هناك أيضاً ولكن لم يلتمسه أحد، لأن أعينهم كانت متسمّرة على الماء، متوقعين من يحركها. صبوا كل أهتمامهم على الطريقة التي اختاروها وأهملوا الطريقة الصحيحة.” سبيرجن (Spurgeon)
- تخيل سبيرجن كيف انتظر الكل عند بركة بيت حسدا بدلاً من النظر إلى يسوع. وفكر في مدى حماقة هذا الانتظار بالنسبة لكثير من الناس.
- ينتظر البعض الوقت المناسب
- ينتظر البعض الأحلام والرؤى
- ينتظر البعض الآيات والعجائب
- ينتظر البعض حافز ما
- ينتظر البعض الانتعاش
- ينتظر البعض مشاعر معينة
- ينتظر البعض واعظاً مشهوراً
- «أَتُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ؟»: كان هذا سؤالاً صادقاً. فليس كل مريض يريد الشفاء، وقد عرف يسوع ذلك جيداً، وعرف أيضاً أن بعضهم فقدوا كل أمل في الشفاء. فتعامل يسوع مع رجل ربما ذبل قلبه وليس ساقيه فقط. ولذلك حاول يسوع أن يبني إيمان هذا الرجل.
- “ربما سأل يسوع هذا السؤال لأن مرض الرجل لمدة طويلة جعله يبدو خاملاً وبائساً.” آلفورد (Alford)
- ربما سأل يسوع هذا عندما تَحَرَّكَ ٱلْمَاءُ وبدأ الناس يقفزون ويغطسون فيه آملين أن يكونوا من المحظوظين. فقد عرف الرجل الذي تكلم يسوع معه أنه لم يكن من المحظوظين ولم يكن لديه أي أمل حقيقي في الشفاء.
- في هذه الحالة بالذات، كان من المنطقي أن نتساءل عما إذا كان هذا الرجل يريد الشفاء فعلاً. “غالباً ما يفقد المتسول في بلاد الشرق دخله اليومي إن نال الشفاء، لأنه يعيش على إحسان الآخرين.” باركلي (Barclay). فمهما كان وضعه الحالي سيئاً، فعلى الأقل كان مألوفاً له.
ج) الآيات (٧-٩): رد الرجل وشفاء يسوع له
٧أَجَابَهُ ٱلْمَرِيضُ: «يَا سَيِّدُ، لَيْسَ لِي إِنْسَانٌ يُلْقِينِي فِي ٱلْبِرْكَةِ مَتَى تَحَرَّكَ ٱلْمَاءُ. بَلْ بَيْنَمَا أَنَا آتٍ، يَنْزِلُ قُدَّامِي آخَرُ». ٨قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «قُمِ. ٱحْمِلْ سَرِيرَكَ وَٱمْشِ». ٩فَحَالاً بَرِئَ ٱلْإِنْسَانُ وَحَمَلَ سَرِيرَهُ وَمَشَى. وَكَانَ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ سَبْتٌ.
- يَا سَيِّدُ، لَيْسَ لِي إِنْسَانٌ يُلْقِينِي فِي ٱلْبِرْكَةِ: افترض الرجل المشلول أن يسوع كان يعرف كيف تسير الأمور في بركة بيت حسدا، لهذا شرح ليسوع لماذا كان من المستحيل بالنسبة له أن يشفى. وبطبيعة الحال، لم يتمكن الرجل من التفكير بأي وسيلة أخرى لسد احتياجه.
- كان الأمل المقترن باليأس أمراً مثيراً للإهتمام عند هذا الرجل. فلو لم يكن لديه أمل لما جاء إلى بركة بيت حسدا. ولكن أثناء وجوده هناك كان أمله ضئيلاً في أن يكون هو المحظوظ الذي سينال الشفاء.
- يَنْزِلُ قُدَّامِي آخَرُ: “يشير جواب الرجل إلى المعتقد السائد بأن من ينزل أولاً بعد تحريك الماء كان يشفى.” آلفورد (Alford)
- “فعل الرجل المريض ما نفعله جميعنا تقريباً. فقد حد من معونة الله وحصرها بأفكاره الخاصة ولم يجرؤ أن يَعِد نفسه بأكثر مما تصور.” كالفن (Calvin)
- «قُمِ. ٱحْمِلْ سَرِيرَكَ وَٱمْشِ»: طلب يسوع من الرجل أن يفعل شيئاً يتعدى قدرته. فقد كان من المستحيل لمشلول مثله أن يقف ويحمل سريره ويمشي. تحدى يسوع الرجل في تلك اللحظة ليؤمن به لتحقيق المستحيل.
- وليس السرير هنا فراشاً بإطار بل أقرب إلى البساط. كتب موريس (Morris) عن الكلمة اليونانية القديمة المترجمة سرير: “يبدو أنه تعبير مقدوني الأصل ويشير إلى فراش من قش أو لوح أو نقالة.”
- من السهل أن نتصور ماذا كانت ردة فعل الرجل الأولى: ’لا أستطيع أن أفعل ذلك، وما نفع المحاولة حتى؟‘ ولكن شيء رائع دفع الرجل إلى القول: ’إن طلب هذا الرجل مني أن أفعل ذلك، فسأحاول.‘ تجاوب الرجل بإيمان بتوجيه من يسوع.
- “لعل الرجل قال بنوع من الاستياء، ’إن سريري هو الذي قام بحملي لمدة ثمان وثلاثين عاماً، فكيف تطلب مني أن أحمله الآن؟‘” باركلي (Barclay)
- “أمره يسوع أن حمل سريره لكي يدرك أن شفاءه كان دائماً. ولا شك أن كثيرين ممن نالوا الشفاء عند البركة كان شفاءهم مؤقتاً.” دودز (Dods)
- فَحَالاً بَرِئَ ٱلْإِنْسَانُ: حدث هذا عندما تجاوب الرجل بإيمان وفعل ما قاله يسوع بالضبط، وإن بدا الأمر مستحيلاً قبل لحظات. وقد تأكدت حقيقة شفاءه من قدرته على أن يحمل سريره ويمشي.
- “عندما طلب يسوع منه أن يفعل ذلك، لم يسأل أي سؤال بل حمل سريره ومشى. فعل ما طُلب منه لأنه آمن بمن تكلم. هل تملك مثل هذا الإيمان في يسوع أيها الخاطي المسكين؟” سبيرجن (Spurgeon)
- “نال الرجل الشفاء عند البركة ولكن دون لمس البركة لكي يُظهر يسوع قدرته على الشفاء دون الماء.” ترينش (Trench)
- يبين لنا العهد الجديد عن الطرق المختلفة التي قد تمنح الشفاء للمرضى.
- قد يُشفى المريض إن قام شيوخ الكنيسة بمسحه بالزيت والصلاة من أجله (يعقوب ١٤:٥-١٦).
- قد يُشفى المريض إن قام شعب الكنيسة بوضع الأيدي عليه والصلاة (مرقس ١٧:١٦-١٨).
- قد يمنح الله موهبة الشفاء لأحدهم – قد يشفي نفسه أو يشفي آخرين (كورنثوس الأولى ٩:١٢).
- قد يعطي الله الشفاء رداً على إيمان الشخص الذي يرغب في الشفاء (متى ٢٢:٩).
- قد يمنح الله الشفاء رداً على إيمان شخص يصلي من أجل شخص مريض (مرقس ٤:٢-٥، متى ١٣:٨).
- قد يشفي الله من خلال العلاج الطبي (تيموثاوس الأولى ٢٣:٥، يعقوب ١٤:٥ مع لوقا ٣٤:١٠).
- وَكَانَ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ سَبْتٌ: كان حدوث هذا في يوم سبت سبباً في الجدل الذي حدث بعد ذلك.
ثانياً. معضلة يوم السبت
أ ) الآيات (١٠-١٣): استياء اليهود وتجاهلهم للمعجزة
١٠فَقَالَ ٱلْيَهُودُ لِلَّذِي شُفِيَ: «إِنَّهُ سَبْتٌ! لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَحْمِلَ سَرِيرَكَ». ١١أَجَابَهُمْ: «إِنَّ ٱلَّذِي أَبْرَأَنِي هُوَ قَالَ لِي: ٱحْمِلْ سَرِيرَكَ وَٱمْشِ». ١٢فَسَأَلُوهُ: «مَنْ هُوَ ٱلْإِنْسَانُ ٱلَّذِي قَالَ لَكَ: ٱحْمِلْ سَرِيرَكَ وَٱمْشِ؟». ١٣أَمَّا ٱلَّذِي شُفِيَ فَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مَنْ هُوَ، لِأَنَّ يَسُوعَ ٱعْتَزَلَ، إِذْ كَانَ فِي ٱلْمَوْضِعِ جَمْعٌ.
- فَقَالَ ٱلْيَهُودُ: يستخدم يوحنا في كل إنجيله كلمة ٱلْيَهُود ليشير إلى قادة اليهود وليس لكل اليهود في أورشليم.
- “كما هو الحال دائماً في إنجيل يوحنا، من المهم أن نحدد بالضبط ’اليهود‘ المقصودين هنا: ففي هذا السياق هم أعضاء المؤسسة الدينية في أورشليم.” بروس (Bruce)
- «إِنَّهُ سَبْتٌ! لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَحْمِلَ سَرِيرَكَ»: كان حمل السرير في الواقع (أو الفراش) انتهاكاً لتفسير معلمي الناموس الخاص للوصية التي تمنع العمل يوم السبت. لم يكن ما حدث كسراً لشريعة الله حول السبت ولكن كسراً للتفسير البشري له.
- “وصل مُعلمو الناموس في عهد المسيح إلى حد القول أنه حتى حمل أبرة مشبوكة في ثوب يوم السبت يعتبر خطية. حتى أنهم تجادلوا عما إذا كان بإمكان الشخص أن يستخدم أسنانه الاصطناعية أو ساقه الخشبية.” باركلي (Barclay)
- “أصر يسوع على أن عمل الخير يوم السبت كان أمراً مشروعاً. وبسبب تجاهله لتعاليم الكتبة دخل في صراع مع رؤسائهم.” موريس (Morris)
- استمر التمسك بتفسير معلمي اليهود لشريعة يوم السبت لعصرنا الحالي. ونجد مثالاً على ذلك في نشرة أخبار نيسان/أبريل ١٩٩٢: ترك المستأجرين ثلاث شقق في حي أرثوذكسي في إسرائيل تحترق بينما كانوا يستشيرون أحد معلميهم عما إذا كان الاتصال بدائرة الإطفاء يوم السبت انتهاكاً للناموس أم لا. فلم يُسمح لليهود المتزمتين استخدام الهاتف يوم السبت، لأن القيام بذلك من شأنه قطع ااتيار الكهربائي، وهذا يعتبر شكلاً من أشكال العمل. ولأن قرار المُعلم استغرق نصف ساعة انتشر الحريق لشقتين مجاورتين.
- «مَنْ هُوَ ٱلْإِنْسَانُ ٱلَّذِي قَالَ لَكَ: ٱحْمِلْ سَرِيرَكَ وَٱمْشِ؟»: لم يرغب قادة اليهود في معرفة من شفى الرجل المشلول، بل أرادوا أن يعرفوا من قال له أن يحمل سريره يوم السبت.
- ربما بدا هذا غريباً بل مربكاً للرجل الذي شُفِيَ:… وجعله يفكر: “أخذوني إلى البركة اليوم وكانوا سيعيدوني إلى بيتي إذا لم أشفى. فحملي أنا وسريري كان أصعب من ذهابي إلى بيتي بنفسي. وحينما شفاني يسوع وأرسلني إلى بيتي، خفف العمل يوم السبت ولم يتسبب بزيادته على الإطلاق.”
- بالنسبة للقادة اليهود كان يسوع هو من كسر السبت. أما بالنسبة للمشلول فكان يسوع هو من شفاه.
- لِأَنَّ يَسُوعَ ٱعْتَزَلَ، إِذْ كَانَ فِي ٱلْمَوْضِعِ جَمْعٌ: لم يرغب يسوع بالبقاء وسط الضجة المحيطة بالرجل الذي شُفِيَ. ولأنه لم يكن ينوي شفاء الجَمْع، كان من الأفضل له أن ينسحب.
- “تكلم يسوع بكلمات الشفاء ثم شق طريقه وسط الجموع لأنه لا يريد لفت الانتباه لنفسه لا من الرجل الذي شُفِيَ أو من الآخرين.” آلفورد (Alford)
ب) الآيات (١٤-١٥): حذر يسوع الرجل الذي شُفِيَ من خطر أعظم
١٤بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدَهُ يَسُوعُ فِي ٱلْهَيْكَلِ وَقَالَ لَهُ: «هَا أَنْتَ قَدْ بَرِئْتَ، فَلَا تُخْطِئْ أَيْضاً، لِئَلَّا يَكُونَ لَكَ أَشَرُّ». ١٥فَمَضَى ٱلْإِنْسَانُ وَأَخْبَرَ ٱلْيَهُودَ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلَّذِي أَبْرَأَهُ.
- بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدَهُ يَسُوعُ: وَجَدَهُ يسوع لأنه كان مهتماً بحالته الروحية (فَلَا تُخْطِئْ أَيْضاً، لِئَلَّا يَكُونَ لَكَ أَشَرُّ) وليس فقط بصحته الجسدية. فحياة الخطية أسوأ بكثير ونتائجها أسوأ من الشلل لمدة ٣٨ عاماً.
- هَا أَنْتَ قَدْ بَرِئْتَ: “نرى هنا استخدام الصيغة التامة للفعل، مما يشير إلى أن الشفاء كان تاماً. ولا شك أن بعض من ادعوا الشفاء عند البركة لم يدم شفاءهم طويلاً.” موريس (Morris)
- “يبدو أن الرجل قضى ثمان وثلاثين سنة يعاني من داء كانت نتيجة شهواته. وها هي نتيجة شهوة الجسد تظهر في جسمه وتسبب له كل تلك المعاناة.” ماكلارن (Maclaren)
- فَمَضَى ٱلْإِنْسَانُ وَأَخْبَرَ ٱلْيَهُودَ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلَّذِي أَبْرَأَهُ: حقيقة أنه أخبر قادة اليهود عن يسوع تظهر خوف الرجل من هؤلاء القادة الدينيين.
- “يبدو أن الرجل الذي شُفي كان شخصاً غير لطيف… فبمجرد أن اكتشف هوية من شفاه خانه وأخبر قادة اليهود المتربصين به.” موريس (Morris)
- من الناحية النظرية، كانت عقوبات انتهاك حرمة يوم السبت خطيرة. يستشهد دودز (Dods) من لايتفوت (Lightfoot) قائلاً: “كل من يأخذ شيئاً أو يأتي بشيء يوم السبت من مكان عام إلى مكان خاص، حتى وإن كان عن غير قصد، عليه أن يقدم ذبيحة عن خطيته. ولكن إن قام بهذا عن قصد، يجب أن يُعزل ويرجم بالحجارة.”
ج) الآيات (١٦-١٨): يسوع يدافع عما فعله في السبت
١٦وَلِهَذَا كَانَ ٱلْيَهُودُ يَطْرُدُونَ يَسُوعَ، وَيَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لِأَنَّهُ عَمِلَ هَذَا فِي سَبْتٍ. ١٧فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى ٱلْآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ». ١٨فَمِنْ أَجْلِ هَذَا كَانَ ٱلْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ ٱلسَّبْتَ فَقَطْ، بَلْ قَالَ أَيْضاً إِنَّ ٱللهَ أَبُوهُ، مُعَادِلاً نَفْسَهُ بِٱللهِ.
- وَلِهَذَا كَانَ ٱلْيَهُودُ يَطْرُدُونَ (يُضَايِقُونَ) يَسُوعَ، وَيَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ: ومن الجدير بالذكر أن الشفاء لم يُحدث أي فرق للذين ضايقوا يسوع. كل ما أستطاعوا رؤيته هو انتهاك قوانينهم الدينية التي تجاوزت وصايا الناموس نفسه.
- “تحريض الآخرين على خرق الناموس (بحسب مفهومهم) كان أسوأ من كسرك الناموس بنفسك. لهذا أطلقوا حملة ضد يسوع لم تهدأ حتى وفاته بعد ثمانية عشر شهراً.” بروس (Bruce)
- لا يمكننا الاستخفاف بدافع اليهود المستميت عن التقاليد البشرية المختصة بيوم السبت. على سبيل المثال، نجد في الآيات في سفر التثنية ١٢:٢٣-١٤ أهمية حفاظ الشعب على طهارة المعسكر. قام مُعلمي اليهود القدامى بتطبيق نفس المبدأ على مدينة أورشليم التي اعتبروها “معسكر الرب.” وعندما جمعت هذه التعليمات مع قيود السفر يوم السبت، أدى ذلك إلى حظر استخدام الحمام في السبت.
- وَيَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ: ومن الصعب تفسير غضب وكراهية القادة الدينيين دون أن نرى الجذور الروحية لذلك. فلم يحبوا يسوع، ولهذا لم يحبوا الله الآب (بَلْ قَالَ أَيْضاً إِنَّ ٱللهَ أَبُوهُ).
- «أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى ٱلْآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ»: لم يحاول يسوع أن يشرح أنه لم يعمل يوم السبت. بل قال بجرأة للقادة الدينيين أن أبيه عمل يوم السبت، وبالتالي يسوع الابن سيعمل يوم السبت أيضاً.
- كتب دودز (Dods) مقتبساً عن الفيلسوف فيلو (Philo): “إن الله لا يتوقف عن العمل أبداً. فكما أن من مميزات النار الاحتراق ومن مميزات الثلج البرودة، هكذا الله لا يكف عن العمل.”
- من الغريب أن نعرف أن إله الكتاب المقدس هو إله عامل. “لم يُعتبر العمل في العصور القديمة شرفاً، فهو يصلح للعبد وللأجير وللغريب ولكن ليس للشخص الحر. وبالتالي نادراً ما اجتمع العمل مع العظمة؛ فلا شيء أكثر غرابة لعقل الشخص الوثني من فكرة ’الله العامل.‘ فكان كلام يسوع عن أن الله محبة شيئاً جديداً، ولكنهم لم يتأثروا على الإطلاق عندما قال أن الله يعمل.” موريسون (Morrison)
- “صحيح أن الله استراح بعد الخلق ولكنه لم يكف عن حفظ وحكم خليقته: وفي هذا الصدد يمكننا القول أن الله لم يحفظ أي سبت. فلو توقفت قوة القدير عن العمل لتوقف كل شيء عن الوجود أو لن تسير وفقاً لحكمته الإلهية وصلاحه.” كلارك (Clarke)
- يجيب هذا على اعتراض النقد المعادي (والجاهل) للمسيحية. فقد رأيت هذه العبارة على نبذة معادية للمسيحية: “قل ببساطة ’كلا‘ لإله يدّعي أنه كلي القدرة ولكنه يطالب بقيلولة بعد ستة أيام فقط من الخلق (تكوين ٢:٢). هذا الاعتراض يكشف عن سوء فهم الكاتب. فالكتاب المقدس يقول بوضوح أن الله لا يحتاج إلى النوم أو إلى الراحة (مزمور ٣:١٢١-٤ «إِنَّهُ لَا يَنْعَسُ وَلَا يَنَامُ حَافِظُ إِسْرَائِيلَ»). فالراحة في اليوم السابع لم تكن لمنفعة الله بل لمنفعة الإنسان، وتمثل النمط الضروري لراحة الإنسان ومصلحته.
- أَبِي… وَأَنَا: “يظهر تفسير يسوع أنه لم يدّعِ تطابق هويته مع الآب، ولكنه أكد وحدانيته معه في علاقة يمكن وصفها بعلاقة الأب بابنه.” تيني (Tenney)
- بَلْ قَالَ أَيْضاً إِنَّ ٱللهَ أَبُوهُ، مُعَادِلاً نَفْسَهُ بِٱللهِ: لم يتغاضَ القادة الدينيين عن حقيقة أن يسوع ساوى نفسه بالله ’مُعَادِلاً نَفْسَهُ بِٱللهِ.‘ وعرفوا جيداً أنه عندما قال أن الله أبوه بهذه الطريقة الفريدة، فإنه بهذا يعلن أنه مساوٍ لله.
- “كان يدّعي أن الله أبوه ولكن ليس بالمعنى العام بل بمعنى خاص. كما ادّعى أنه يشارك الآب نفس الطبيعة.” موريس (Morris). ولاحظ موريس أيضاً أن صيغة الأفعال يَنْقُضِ وقَال تفيد الاستمرارية؛ فقد اعتاد يسوع نقض يوم السبت، واعتاد أن يقول أنه معادلاً لله.
- “كان استخدام يسوع لكلمة ’أبي‘ من وجهة نظرهم متطرفاً للغاية لهذا اتهموه بالتجديف؛ لا سيمّا أنه جعل الله شريكه في انتهاك يوم السبت.” آلفورد (Alford)
- “يجب أن نلاحظ بعناية أنه لم ينكر صحة استنتاجهم، ولكنه واصل الحديث كمن يملك ذات السلطان.” مورغان (Morgan)
- علق أوغسطينوس على هذا المقطع قائلاً: “يا للهول، فهم اليهود ما لم يفهمه الآريوسيون.” واليوم نجد أن شهود يهوه، الذين يؤمنون بمذهب الآريوسية، ينكرون ألوهية يسوع.
ثالثاً. يسوع يشرح طبيعة علاقته بالآب
أ ) الآيات (١٩-٢٠): مَهْما عَمِلَ الآبُ، فَإنَّ الابْنَ يَعْمَلُهُ أيضاً
١٩فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمُ: «ٱلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَا يَقْدِرُ ٱلِٱبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً إِلَّا مَا يَنْظُرُ ٱلْآبَ يَعْمَلُ. لِأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهَذَا يَعْمَلُهُ ٱلِٱبْنُ كَذَلِكَ. ٢٠لِأَنَّ ٱلْآبَ يُحِبُّ ٱلِٱبْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ، وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ.
- فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمُ: شرح يسوع في هذه النقاش المستفيض مع القادة الدينيين، بعضاً من طبيعة علاقته وعمله مع الله الآب. وبسبب هذا، لدينا الكثير من المعلومات عن العلاقة التي تجمع بين الله الآب والله الابن.
- كتب ليون موريس (Leon Morris) عن هذا الجزء وقال: “اللغة التي استخدمها يسوع هنا هي نفس لغة أي معلم للناموس.”
- لَا يَقْدِرُ ٱلِٱبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً: أوضح يسوع أنه كالله الابن لا يعمل شيئاً بشكل مستقل. لقد كان ولا زال خاضعاً بالكامل لمشيئة الآب. وقد اختار الخضوع ليس قسراً أو لأن طبيعته أقل شأناً.
- وكما كان الحال في حديثه حول معضلة يوم السبت في الآيات السابقة، كانت هذه طريقة يسوع لإخبار القادة الدينيين بأنه لم يقل للرجل الذي شفي أن يحمل سريره من خلال سلطانه الخاص، لكنه فعل ذلك بخضوع كامل لله الآب في السماء.
- “فالأمر ليس أنه لا يعمل بمعزل عن الآب، ولكنه لا يمكنه العمل بمعزل عن الآب.” موريس (Morris)
- لِأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهَذَا يَعْمَلُهُ ٱلِٱبْنُ كَذَلِكَ: أوضح يسوع أن عمله كان انعكاساً كاملاً لعمل ومشيئة الله الآب. أظهر لنا يسوع بالضبط ما هو عمل ومشيئة الله.
- “الآب ليس طرفاً ساكناً في هذه المعادلة في سماحه ليسوع في اكتشاف ما يمكنه عن مشيئة الآب؛ ولكن الآب هو من يُظهر مشيئته له.” دودز (Dods)
- “استشف دود (H. Dodd) ’مَثَلاً مختفياً‘ في الآيات ١٩ و٢٠: رسم يسوع هنا تشبيهاً من تجربته الشخصية حينما كان صبياً يعمل في ورشة النجارة، عندما كان يقلد الأشياء التي رأى يوسف يعملها، وهكذا تعلم المهنة.” بروس (Bruce)
- يعتقد البعض أن هناك فرقاً كبيراً – أو حتى فرق بسيط – بين الله الآب والله الابن، وكأن الله الآب يشدد على الدينونة والله الابن يشدد على المحبة. ويفكرون بنفس الطريقة أحياناً بما يسمونه بإله العهد القديم وإله العهد الجديد. ولكن هذا التفكير خطأ، ويأتي عادة من رفضهم لرؤية المحبة التي أظهرها الله الآب أو البر الذي أظهره الله الابن.
- “نراه يشرح أيضاً هنا سر التجسد ولكن بطريقة استدلالية: فعندما صار الله الابن جسداً لم يتخلَ عن لاهوته، فشخصية يسوع هي شخصية الله الابن.” ترينش (Trench)
- لِأَنَّ ٱلْآبَ يُحِبُّ ٱلِٱبْنَ: العلاقة بين الأقنوم الأول والثاني من الثالوث ليست علاقة السيد والعبد، وليست علاقة رب العمل والموظف، بل كعلاقة ٱلْآبَ وٱلِٱبْنَ، متحدين معاً بالمحبة.
- “ٱلْآبَ يُحِبُّ ٱلِٱبْنَ. تدل صيغة الفعل على محبة مستمرة، فالآب لن يتوقف أبداً عن محبة الابن.” موريس (Morris)
- “تأكدت محبة ٱلْآب للِٱبْن فعلاً في هذا الإنجيل (يوحنا ٣٥:٣). من المهم أن نلاحظ أن الفعل هنا هو فيليو phileo بينما في أماكن أخرى هو أغابو agapao.” بروس (Bruce)
- وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ: تفاجأ القادة الدينيون بما فعله يسوع مع الرجل المشلول. ونراه يخبرهم هنا أنهم سيروا أَعْمَالاً أَعْظَمَ، أعمالاً ستثير دهشتهم.
ب) الآيات (٢١-٢٣): عمل الآب وعمل الابن
٢١لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ ٱلْآبَ يُقِيمُ ٱلْأَمْوَاتَ وَيُحْيِي، كَذَلِكَ ٱلِٱبْنُ أَيْضاً يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ. ٢٢لِأَنَّ ٱلْآبَ لَا يَدِينُ أَحَداً، بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ٱلدَّيْنُونَةِ لِلِٱبْنِ، ٢٣لِكَيْ يُكْرِمَ ٱلْجَمِيعُ ٱلِٱبْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ ٱلْآبَ. مَنْ لَا يُكْرِمُ ٱلِٱبْنَ لَا يُكْرِمُ ٱلْآبَ ٱلَّذِي أَرْسَلَهُ.
- لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ ٱلْآبَ يُقِيمُ ٱلْأَمْوَاتَ وَيُحْيِي، كَذَلِكَ ٱلِٱبْنُ أَيْضاً يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ: استخدم يسوع عمل القيامة كمثال على العمل المشترك الذي يقوم به كل من الآب والابن. فللابن القدرة والسلطان ليقيم الأموات ويحيهم كما يفعل الآب.
- استخدم يسوع هنا سلطانه المطلق. فمن الصعب أن نفكر بقوة وسلطان أعظم من التي تقيم من الأموات. فلم يرغب القادة الدينيون بالتفكير كثيراً بقدرة يسوع على شفاء المشلول، ولكنهم ركزوا على أنه نقض السبت. ولكن قوة يسوع تخطت مجرد القدرة على الشفاء.
- كَذَلِكَ ٱلِٱبْنُ أَيْضاً يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ: “يشير ربنا هنا إلى سلطانه المطلق والمستقل؛ فهو الذي يقرر لمن يعطي الحياة – وليس بطلب القوة من صاحب السلطان كما فعل الأنبياء. فمشيئته مطلقة وكافية في كل حالة.” كلارك (Clarke)
- بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ٱلدَّيْنُونَةِ لِلِٱبْنِ: استخدم يسوع عمل الدينونة كمثال على تقسيم العمل بين الآب والابن. ففي يوم الدينونة سيقف الناس أمام الله الابن. حتى أثناء خدمته الأرضية، كان يسوع كالديان بين البشر.
- يدرك المرء المتواجد في محضر يسوع أنه لا يشبهه على الإطلاق. فقد نظر يسوع إلى الشاب الغني فشعر بالإدانة، ونظر إلى سمعان بطرس فشعر بالإدانة. فلم تكن تلك نظرات مليئة بالغضب بل مليئة بالحب. لقد عرفوا عندما رأوا وجه يسوع أنه يحبهم رغم عدم استحقاقهم.
- “أينما ذهب يسوع، كان هناك نوع من الدينونة وفحص للذات. وكان الناس يخجلون من أنفسهم دون أن يعرفوا السبب. كانت حياته تنشر المحبة في كل مكان، ومع ذلك كانت تنشر الدينونة أيضاً.” موريسون (Morrison)
- لِكَيْ يُكْرِمَ ٱلْجَمِيعُ ٱلِٱبْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ ٱلْآبَ: أعطى الله الآب عمل الدينونة إلى الله الابن حتى يُكْرِمَ الناس يسوع كما يليق، وأن يكرموا الابن كَمَا يُكْرِمُونَ ٱلْآبَ. وفشل الإنسان في إكرام الله الابن يعني فشلهم في إكرام الله الآب الذي أرسل الابن.
- كان هذا إعلاناً واضحاً عن ألوهيته. إن كان يسوع – الذي عين نفسه كٱلِٱبْنَ – ليس هو الله، فإكرام ٱلِٱبْنَ كَمَا يُكْرِم ٱلْآبَ يعتبر زنى روحي.
- “على كل الناس أن يُكرموه كما يُكرِمُونَ الآب – ومن لا يفعل ذلك، مهما حاول التقرب إلى الله وتصور أنه يكرمه فإنه في الواقع لن يكرمه على الإطلاق؛ فالطريقة الوحيدة لتكريمه هي أن يكون معروفاً ومكرماً كالآب الذي أرسل ابنه.” آلفورد (Alford)
- ٱلْآبَ ٱلَّذِي أَرْسَلَهُ: “كل ما في التجسد كان من صنع الآب والابن معاً: الآب أرسل… الابن أتى.” ترينش (Trench)
ج) الآيات (٢٤-٢٧): من الموت إلى الحياة في ابن الله
٢٤«اَلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلَامِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلَا يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ ٱنْتَقَلَ مِنَ ٱلْمَوْتِ إِلَى ٱلْحَيَاةِ. ٢٥اَلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ ٱلْآنَ، حِينَ يَسْمَعُ ٱلْأَمْوَاتُ صَوْتَ ٱبْنِ ٱللهِ، وَٱلسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ. ٢٦لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ ٱلْآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذَلِكَ أَعْطَى ٱلِٱبْنَ أَيْضاً أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، ٢٧وَأَعْطَاهُ سُلْطَاناً أَنْ يَدِينَ أَيْضاً، لِأَنَّهُ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ.
- إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلَامِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ: قال يسوع للقادة الدينيين المندهشين أن أولئك الذين سمعوا كلامه ستكون لهم حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. سيكون لهم حياة مرتبطة بالأبدية، ويمكنهم أن يتمتعوا بها الآن.
- نقرأ في يوحنا ١٦:٣ أن الإيمان بيسوع – بمعنى الثقة والتمسك به والاعتماد عليه – هو الطريق إلى الحياة الأبدية. أما هنا فيقول يسوع أن كل من يسمع كلامه ويؤمن بالآب (الَّذِي أَرْسَلَنِي) هو الطريق إلى الحياة الأبدية. ولأن الآب والابن متحدان في عملهما، والأمر ذاته ينطبق على كلٍ منهما، إذاً فالإيمان الحقيقي بالآب هو الإيمان بالابن، والإيمان الحقيقي بالابن هو الإيمان بالآب.
- وضع يسوع نفسه بهذه الكلمات على مستوى أعلى من أي إنسان آخر. فكر بهذا: “من يسمع كلامي له حياة أبدية.” هذه كلمات أما شخص مجنون يهذي أو كلمات الله ذاته، وليس هناك خيار متوسط فيما يتعلق بهذا الأمر.
- “لا يبدو من النص الذي بين أيدينا أنه يمكن أن نحصل على الحياة الأبدية عن طريق قطرات من الماء أو بأي طقوس آخرى؛ ولكن الوصية واضحة، ’إن سمعت كلامي ستحيا روحك.‘” سبيرجن (Spurgeon)
- وَلَا يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ ٱنْتَقَلَ مِنَ ٱلْمَوْتِ إِلَى ٱلْحَيَاةِ: هذا جانب واحد ضروري للحياة الأبدية؛ الهرب من دينونة الخطية والانتقال من حالة الموت إلى حالة الحياة.
- قَدِ ٱنْتَقَلَ مِنَ ٱلْمَوْتِ إِلَى ٱلْحَيَاةِ: “أي أنه انتقل من بلده أو من مكان إقامته. فالموت هو المكان الذي تعيش فيه كل روح لا تعرف المسيح. والإنسان الذي لا يعرف الله يعيش حياة تحتضر أو يعيش كالموتى الأحياء. ولكن من يؤمن بابن الله قد انتقل من ملكوت الموت إلى ملكوت الحياة.” كلارك (Clarke)
- يَسْمَعُ ٱلْأَمْوَاتُ صَوْتَ ٱبْنِ ٱللهِ، وَٱلسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ: قد سبق وأوضح يسوع أن الأحياء الذين سمعوا كلامه وآمنوا ستكون لهم الحياة الأبدية. ولكنه يضيف الآن أنه سيأتي يوم حتى ٱلْأَمْوَاتُ سيسمعون صَوْتَ ٱبْنِ ٱللهِ، وسيقومون ثانية. يا لها من إدعاءات رائعة لتأتي من شخص عادي.
- كَذَلِكَ أَعْطَى ٱلِٱبْنَ أَيْضاً أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ: قدم يسوع مزيداً من الشرح عن تفرده للقادة الدينيين من خلال الادعاء بأن له حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ معطاة له من الله الآب. يملك يسوع حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ وهو لا يعتمد لا على أشخاص ولا على أشياء.
- لا أحد يملك حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ (لا أحد يملك مصدر الحياة). فحياتنا مستمدة من آبائنا ومن البيئة الهشة من حولنا. ولكن زعم يسوع أن حياته ليست مستمدة من أحد بل إنها متأصلة فيه وأنها غير مخلوقة. ويطلق اللاهوتيون على هذا النوع من الوجود الذاتي اسم aseity (كلمة لاتينية تعني من الذات) ويعترفون بأن الله وحده يمتلكها.
- “يا لها من مفارقة، كيف يمكن أن يقال ’أعطى‘ له في حين أن ’الحياة في ذاته!‘ ومتى أعطي هذه العطية؟ في أعماق الأبدية.” ماكلارين (Maclaren)
- ويبدو أن يسوع عندما شرح عن طبيعته وألوهيته لقادة الدين في هذا الفصل لم يدّع أنه يحمل نفس هوية الآب، ولكنه أكد مساواته مع الله الآب والمحبة التي تربطت بينهما. فيسوع المسيح والآب ليسا أقنوماً واحداً ولكنهما أقنومين متساويين كما تقول الآية في يوحنا ١:١.
- تتعارض كلمات يسوع هنا مع خطأين انتشرا لاحقاً عن ألوهية الابن. الهرطقة الأولى تسمى بعقيدة “يسوع فقط،” ويخلط من يؤمنون بهذه العقيدة بين الآب والابن (عرفت قديماً باسم سابليانيسم (موداليسم)، ونجدها اليوم في بعض الكنائس الخمسينية). والهرطقة الثانية هي أن يسوع ليس الله، (عرفت قديماً بمذهب الآريوسية، ويؤمن بهذا المذهب اليوم بعض من الجماعات مثل شهود يهوه).
د ) الآيات (٢٨-٣٠): حقيقة دينونة الابن العتيدة
٢٨لَا تَتَعَجَّبُوا مِنْ هَذَا، فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْقُبُورِ صَوْتَهُ، ٢٩فَيَخْرُجُ ٱلَّذِينَ فَعَلُوا ٱلصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ ٱلْحَيَاةِ، وَٱلَّذِينَ عَمِلُوا ٱلسَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ ٱلدَّيْنُونَةِ. ٣٠أَنَا لَا أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ، وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ، لِأَنِّي لَا أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ ٱلْآبِ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي.
- فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْقُبُورِ صَوْتَهُ: قال يسوع قبلاً أن كل من له حياة أبدية سيسمع صوته ويحيى (يوحنا ٢٥:٥). ولكنه الآن يوسع مفهوم القيامة لكل البشر، سواء الذين فَعَلُوا ٱلصَّالِحَاتِ والذين عَمِلُوا ٱلسَّيِّئَاتِ.
- “هذا لا يعني أن الخلاص مبني على الأعمال الصالحة. فهذا الإنجيل بالذات يوضح مراراً وتكراراً بأن من يؤمن بيسوع المسيح فقط له حياة أبدية. ولكن طبيعة الحياة التي يحياها المؤمن عليها أن تعكس الإيمان الذي يعلنه.” موريس (Morris)
- قِيَامَةِ ٱلْحَيَاةِ… قِيَامَةِ ٱلدَّيْنُونَةِ: قال يسوع هذه الكلمات للقادة الدينيين المستغربين كلامه ليشرح لهم طبيعته وطبيعة سلطانه ولاهوته. وفي نفس الوقت، تخبرنا هذه الكلمات بشيء رائع عن الجنس البشري: أن الجميع، سواء الذين فَعَلُوا ٱلصَّالِحَاتِ أو الذين عَمِلُوا ٱلسَّيِّئَاتِ، سيعيشون إلى الأبد متجاوزين الحياة المادية والجسدية التي عرفوها على هذه الأرض في هذا العصر. وسيأمرهم يسوع بالقيامة في ذلك اليوم بأجساد خلقت للأبدية.
- “تفترض القيامة المزدوجة أن كل من الأبرار والطالحين سيأخذون أجساداً للحياة القادمة، ومن المفترض أن كل جسد سيُعبر عن شخصية الشخص المقام.” تيني (Tenney)
- دَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ: أوضح يسوع أنه يمتلك كل المؤهلات اللازمة كقاضي عادل، لأن سلطانه يكمن في خضوعه لله الآب. ونراه هنا يكرر مرة أخرى الأفكار الرئيسية: أَنَا لَا أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً… لَا أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ ٱلْآبِ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي.
رابعاً. خمس شهادات عن حقيقة يسوع.
أ ) الآيات (٣١-٣٢): شهادة أعظم من شهادة يسوع عن نفسه.
٣١«إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقّاً. ٣٢ٱلَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ ٱلَّتِي يَشْهَدُهَا لِي هِيَ حَقٌّ».
- إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقّاً: وكغيره من الأشخاص، لم يكن كافياً بالنسبة ليسوع أن يدّعي ببساطة هذه الأمور عن نفسه. فيجب أن يكون هناك شاهد آخر مستقل يَشْهَدُ عن هويته الحقيقية وطبيعته.
- تأسس القانون العام للشهادة في سفر التثنية ١٥:١٩ «لَا يَقُومُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى إِنْسَانٍ فِي ذَنْبٍ مَّا أَوْ خَطِيَّةٍ مَّا مِنْ جَمِيعِ ٱلْخَطَايَا ٱلَّتِي يُخْطِئُ بِهَا. عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ عَلَى فَمِ ثَلَاثَةِ شُهُودٍ يَقُومُ ٱلْأَمْرُ». بيّن يسوع للقادة اليهود أنه الله، ولكن شهادته بمفردها لم تكن كافية.
- ٱلَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ: قدم يسوع في المقطع التالي ثلاثة شهود جديرين بالثقة سيشهدون أنه مساوٍ للآب. رأى يسوع أهمية أن يعطيهم سبباً ليصدقوا ما قاله عن نفسه.
ب) الآيات (٣٣-٣٥): شهادة يوحنا المعمدان
٣٣«أَنْتُمْ أَرْسَلْتُمْ إِلَى يُوحَنَّا فَشَهِدَ لِلْحَقِّ. ٣٤وَأَنَا لَا أَقْبَلُ شَهَادَةً مِنْ إِنْسَانٍ، وَلَكِنِّي أَقُولُ هَذَا لِتَخْلُصُوا أَنْتُمْ. ٣٥كَانَ هُوَ ٱلسِّرَاجَ ٱلْمُوقَدَ ٱلْمُنِيرَ، وَأَنْتُمْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَبْتَهِجُوا بِنُورِهِ سَاعَةً».
- أَنْتُمْ أَرْسَلْتُمْ إِلَى يُوحَنَّا فَشَهِدَ لِلْحَقِّ: أشار يسوع أن القادة الدينيين عرفوا وسمعوا عن يوحنا المعمدان. وأن عليهم أن يفكروا ويؤمنوا بما قاله يوحنا عن يسوع.
- كَانَ هُوَ ٱلسِّرَاجَ ٱلْمُوقَدَ ٱلْمُنِيرَ، وَأَنْتُمْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَبْتَهِجُوا بِنُورِهِ سَاعَةً: قَبِلَ القادة الدينيون عمل يوحنا المعمدان فَتْرَةً مِنَ الزَّمَنِ (سَاعَةً). وكان عليهم أن يستمروا في إيمانهم بما قاله يوحنا بخصوص يسوع المسيح.
- “تعبير ٱلسِّرَاج الذي استخدمه ربنا هنا كان معروفاً لليهود، لأنهم اعتادوا تسمية الأطباء البارزين ’مصابيح إسرائيل.‘” كلارك (Clarke)
- “قال يسوع أن يوحنا المعمدان كان السراج الموقد المنير. وكان هذا أفضل تشريف للمعمدان. أولاً. السراج يُشعل من شيء آخر، فنوره لا ينبع من ذاته. ثانياً. السراج يشع الدفء. فرسالة يوحنا لم تكن رسالة المنطق البارد بل رسالة القلب المشتعل الملتهب. ثالثاً. لقد كان للمعمدان نوره الهادئ. فوظيفة النور أن ينير لسامعيه الطريق إلى الله بالتوبة والرجوع عن الخطية. رابعاً. بطبيعة الحال، يحرق السراج نفسه بنفسه، ففي اشتعاله يحترق. كان على يوحنا أن ينقص حتى يزيد يسوع. فالشاهد الحقيقي يحرق نفسه ليشع الله.” باركلي (Barclay)
- تَبْتَهِجُوا: “تعني القفز من شدة الفرح. كانوا فرحين للغاية حينما سمعوا بمجيء المسيا، لأنهم توقعوا منه أن يخلصهم من أيدي الرومان. ولكن عندما كلمهم عن الحرية الروحية من الخطية، رفضوا الرسالة ورفضوا النور الذي جاء.” كلارك (Clarke)
ج) الآية (٣٦): شهادة الأعمال التي صنعها يسوع
٣٦«وَأَمَّا أَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا، لِأَنَّ ٱلْأَعْمَالَ ٱلَّتِي أَعْطَانِي ٱلْآبُ لِأُكَمِّلَهَا، هَذِهِ ٱلْأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا ٱلَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ ٱلْآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي».
- شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا… ٱلْأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا ٱلَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا: أشار يسوع لطرف آخر ليشهد عن هويته وألوهيته – ٱلْأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا التي عملها. بدأت هذه المعارضة بالشفاء المعجزي للمشلول منذ ثمانٍ وثلاثين سنة… وكان هذا العمل من بين العديد من الأعمال التي تشهد عن ألوهية يسوع.
- هَذِهِ ٱلْأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا ٱلَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي: معظم الأعمال التي عملها يسوع كانت أعمال رأفة ورحمة بسيطة نحو الناس البسطاء والمحتاجين. وهَذِهِ ٱلْأَعْمَالُ… تَشْهَدُ عن قلب الله. فقد كان اليهود يبحثون عن المسيح صانع المعجزات، ولكنهم لم يبحثوا عن مسيح يعبر عن سلطانه المعجزي بتقديم أعمال بسيطة من الرأفة والرحمة. كانوا يريدون من المسيح أن يستخدم سلطانه المعجزي ليحقق التحرير العسكري والسياسي لإسرائيل.
- لأن أعمال يسوع المعجزية لم تتناسب مع ما أرادوه من المسيح، لم يقبلوا أعمال يسوع كشاهد على طبيعته وألوهيته.
د ) الآيات (٣٧-٣٨): شهادة الآب السماوي
٣٧«وَٱلْآبُ نَفْسُهُ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي. لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَهُ قَطُّ، وَلَا أَبْصَرْتُمْ هَيْئَتَهُ، ٣٨وَلَيْسَتْ لَكُمْ كَلِمَتُهُ ثَابِتَةً فِيكُمْ، لِأَنَّ ٱلَّذِي أَرْسَلَهُ هُوَ لَسْتُمْ أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِهِ».
- وَٱلْآبُ نَفْسُهُ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي: يَشْهَد الله الآب عن مكانة الابن في كل عمل قام به يسوع وفي كل كلمة قالها تقريباً. ولكن يَشْهَد الآب عن الابن على وجه الخصوص في نبوة العهد القديم وفي معمودية يسوع (لوقا ٢٢:٣).
- وَلَيْسَتْ لَكُمْ كَلِمَتُهُ ثَابِتَةً فِيكُمْ: لن يحصلوا على شهادة الآب لأن كَلِمَتُهُ لَيْسَتْ ثَابِتَةً فيهم. صحيح أنهم لن يتمكنوا من سماع صوت فعلي من الله الآب أو رؤيته ولكنهم يملكون الكلمة. إنهم مذنبون لأنهم لم يثبتوا في الكلمة التي أعطاهم الآب لهم.
هـ) الآية (٣٩): شهادة الكتب المقدسة
٣٩«فَتِّشُوا ٱلْكُتُبَ لِأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ ٱلَّتِي تَشْهَدُ لِي».
- فَتِّشُوا ٱلْكُتُبَ: من الناحية النظرية، كان القادة الدينيين في عهد يسوع يحبون ويقدرون ٱلْكُتُبَ (أي العهد القديم). فقد درسوها وحفظوها وتأملوا بها باستمرار معتقدين بالصواب أن فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً.
- “لم يتغلغل الحق الرائع في قلوبهم أبداً لأنهم كانوا يقرأون الكتب بتصنّع وبحكم الواجب.” موريس (Morris)
- “لم يدرسوا الكتب ليبحثوا عن الله ولكن لإيجاد الحجج لدعم مواقفهم الخاصة. فهم لم يحبوا الله حقاً بل أحبوا أفكارهم الخاصة عنه.” باركلي (Barclay)
- فَتِّشُوا ٱلْكُتُبَ: “يدل الفعل (eraunao) على التمحيص الشديد والاجتهاد في دراسة الكُتب. لقد كانت المأساة أن هؤلاء، رغم فحصهم الدقيق للنصوص الكتابية، ولكنهم لم يكتشفوا الطريق الذي كان سيقودهم نحو هدفهم.” بروس (Bruce)
- وَهِيَ ٱلَّتِي تَشْهَدُ لِي: إن كانت دراستهم للْكُتُب دقيقة وصادقة فسوف يرون أنها تتكلم عن المسيح، الله الابن. فاعترافهم وإيمانهم بالمسيح ما هو إلا مقياس لفهمهم الحقيقي للكتب.
و ) الآيات (٤٠-٤٤): سبب عدم إيمانهم
٤٠«وَلَا تُرِيدُونَ أَنْ تَأْتُوا إِلَيَّ لِتَكُونَ لَكُمْ حَيَاةٌ. ٤١مَجْداً مِنَ ٱلنَّاسِ لَسْتُ أَقْبَلُ، ٤٢وَلَكِنِّي قَدْ عَرَفْتُكُمْ أَنْ لَيْسَتْ لَكُمْ مَحَبَّةُ ٱللهِ فِي أَنْفُسِكُمْ. ٤٣أَنَا قَدْ أَتَيْتُ بِٱسْمِ أَبِي وَلَسْتُمْ تَقْبَلُونَنِي. إِنْ أَتَى آخَرُ بِٱسْمِ نَفْسِهِ فَذَلِكَ تَقْبَلُونَهُ. ٤٤كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا وَأَنْتُمْ تَقْبَلُونَ مَجْداً بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَٱلْمَجْدُ ٱلَّذِي مِنَ ٱلْإِلَهِ ٱلْوَاحِدِ لَسْتُمْ تَطْلُبُونَهُ؟».
- وَلَا تُرِيدُونَ أَنْ تَأْتُوا إِلَيَّ: لم يكن القادة اليهود مستعدين للإيمان بيسوع رغم امتلاكهم لكل الشهادات المطلوبة. وكان همهم الأول المَجْد مِنَ ٱلنَّاسِ وليس المجد الذي من الله (وَٱلْمَجْدُ ٱلَّذِي مِنَ ٱلْإِلَهِ ٱلْوَاحِدِ لَسْتُمْ تَطْلُبُونَهُ).
- لقد أوضح يسوع أن امتلاك الحَيَاة يأتي من تتميم وصية ’تَأْتُوا إلَيَّ.‘ “المسيح أقنوم حي ولديه كل السلطان لخلاصنا. فلم يضع يسوع الخلاص في أسرار الكنيسة أو الكتب أو الكهنة بل حفظه في نفسه. فإن أردت الخلاص فعليك أن تأتي إليه.” سبيرجن (Spurgeon)
- لا علاقة لرفضهم ليسوع بتفتيشهم للكتب (يوحنا ٣٩:٥). “فتشوا الكتب ولكنهم لم يأتوا إلى يسوع. إذاً السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل تفتيش الكتب أمر جيد؟ بالطبع أمر جيد، فكلما درست الكلمة كلما كان أفضل، ولكن الأمر لا يتعلق بهذا. فتفتيش الكتب لن يخلصك. قد تكون قارئاً جيداً للكلمة ومع ذلك يكون مصيرك الهلاك. ولكن هذا لن يحدث أبداً إن أتيت إلى يسوع بالإيمان.” سبيرجن (Spurgeon)
- “تنص الكلمات ’وَلَا تُرِيدُونَ أَنْ تَأْتُوا إِلَيَّ‘ بوضوح على حرية الإرادة، مما يجعل الدينونة مسؤولية الشخص غير المؤمن.” آلفورد (Alford)
- “اسمح لي أن أقول لك أنه سيأتي يوم ستندم فيه على الطريقة التي احتقرت فيها تلك الحياة. ربما ستشعر بهذا وأنت على حافة الموت، ولكنك ستشعر بالندم حتماً وقت الدينونة، عندما تفتح أمامك أبواب الجحيم على مصرعيها وتنظر إِلى بحيرة النار المتقدة بالكبريت الذي هو الموت الثاني.” سبيرجن (Spurgeon)
- مَجْداً مِنَ ٱلنَّاسِ لَسْتُ أَقْبَلُ: “أنا لست بحاجة إليكم ولا لشهادتكم. وليس هدفي مصلحتي الشخصية أوتمجيد ذاتي. فخلاصكم لن يضيف لي شيئاً، ولن أتضرر من هلاككم: فالدافع الوحيد لرغبتي بخلاصكم هو محبتي.” كلارك (Clarke)
- لَيْسَتْ لَكُمْ مَحَبَّةُ ٱللهِ فِي أَنْفُسِكُمْ: كانت أسباب رفضهم في الأساس لها علاقة بالقلب وليس بالذهن. فقد كان بإمكان هؤلاء القادة أن يختبئوا وراء أعذار منطقية ممكنة، ولكن المشكلة تكمن في عدم وجود مَحَبَّةُ لله في نفوسهم ولأنهم لم يطلبوا المجد الذي يأتي من الله.
- إِنْ أَتَى آخَرُ بِٱسْمِ نَفْسِهِ فَذَلِكَ تَقْبَلُونَهُ: تنبأ يسوع عن اليوم الذي سيحتضن فيه أحفاد هؤلاء القادة المسيح الكذاب، ضد المسيح، الذي سيأتي بِٱسْمِ نَفْسِهِ. فرفض ليسوع تركهم عرضة لخداع رهيب.
- “قد تشير الكلمات في المقام الأول إلى المسيح الدجال، ضد المسيح، الذي سيأتي في الأزمنة الأخيرة (تسالونيكي الثانية ٨:٢-١٢)؛ وسيكون مجيئه بقوة إبليس (أبِيْكُمْ، يوحنا ٤٤:٨)، مُظْهِراً نَفْسَهُ أنه الله (تسالونيكي الثانية ٤:٢).” آلفورد (Alford)
- رغم أن التحقيق الكامل سيتم في الأيام الأخيرة، ولكنه تحقق بعض الشيء عبر التاريخ. “تحققت هذه النبوة بطريقة رائعة في العام ١٣٢م، عندما ادعى سيمون بن كوشيبا أنه المسيا من نسل داود، وقاد ثورة ضد روما… أدت إدعاءات سيمون إلى دماره شخصياً ودمار أتباعه وأهل اليهودية.” بروس (Bruce)
- كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا وَأَنْتُمْ تَقْبَلُونَ مَجْداً بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَٱلْمَجْدُ ٱلَّذِي مِنَ ٱلْإِلَهِ ٱلْوَاحِدِ لَسْتُمْ تَطْلُبُونَهُ؟: كان خطأ القادة اليهود الفادح في عهد يسوع وما بعد ذلك هو الكبرياء. فقد كانوا يسعون لتعظيم مكانتهم وتشريف بعضهم البعض وكانوا مستعدين بأن يضحوا بالمجد الذي من الله لكي يحصلوا على المجد الذي من الإنسان.
- قدم تشارلز سبيرجن عظة عن يوحنا ٤٤:٥ بعنوان ’لماذا لا يؤمن الناس بيسوع،‘ وشرح في جزء رائع من تلك العظة كيف أن الشهرة والمجد يعيقوا الإيمان الحقيقي (كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا وَأَنْتُمْ تَقْبَلُونَ مَجْداً بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ). وفيما يلي بعض العبارات من تلك العظة:
- “قد تكون الرغبة في الحصول على المجد، حتى لو عن استحقاق، عقبة أمام إيمان الشخص بالمسيح.”
- “كل من يشعر أنه مستحقٌ للمجد، يعرض نفسه للخطر الشديد.”
- “عندما يقبل الإنسان المجد عن دون استحقاق فإنه يخدع نفسه.”
- “أصدقائي الأعزاء، يصعب على الإنسان أن يرى بوضوح بعد قبول المجد أو توقعه، إذ أن عيون الإنسان قد يغشوها تدريجياً دخان البخور الذي يُحرق لتكريمها.”
- “ومرة أخرى أقول أن قبول المجد من الناس عموماً يحول الشخص لأكبر جبان.”
- ولكن كم من أشخاص يعيشون على تقدير وتصفيق الآخرين؟ ولكن أن يكونوا محتقرين وموضع سخرية من الآخرين ويطلق عليهم ألقاب ويدعو بالحمقى… كلا مستحيل، فإنهم يفضلون الذهاب إلى الجحيم في أقرب وقت على تحمل كل هذا.
- “أكبر عقبة وقفت أمام خلاص الكتبة والفريسين كانت الكبرياء والغرور وحب الذات. فقد كانوا يعيشون على تمجيد بعضهم البعض. ولكي يتخلوا عن قبول الثناء من الجموع، كان عليهم أن يعترفوا بأن المسيح هو المعلم الحقيقي. ولكنهم اختاروا أن يخسروا أرواحهم على التنازل عن سمعتهم أمام الناس.” كلارك (Clarke)
- “بحثهم كرجال دين عن الثناء من بعضهم البعض، جعلهم بالضرورة يتأقلمون مع الأفكار السائدة وطمس المجد الإلهي من عقولهم.” دودز (Dods)
- “لقد اتهموا يسوع بأنه يتصرف بمعزل عن الله، وهو الآن يتهمهم بنفس هذه التهمة. فالدافع من وراء أفعالهم ليس محبة الله بل أخذ المجد من زملائهم.” تاسكر (Tasker)
- قدم تشارلز سبيرجن عظة عن يوحنا ٤٤:٥ بعنوان ’لماذا لا يؤمن الناس بيسوع،‘ وشرح في جزء رائع من تلك العظة كيف أن الشهرة والمجد يعيقوا الإيمان الحقيقي (كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا وَأَنْتُمْ تَقْبَلُونَ مَجْداً بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ). وفيما يلي بعض العبارات من تلك العظة:
ز ) الآيات (٤٥-٤٧): شهادة موسى
٤٥«لَا تَظُنُّوا أَنِّي أَشْكُوكُمْ إِلَى ٱلْآبِ. يُوجَدُ ٱلَّذِي يَشْكُوكُمْ وَهُوَ مُوسَى، ٱلَّذِي عَلَيْهِ رَجَاؤُكُمْ. ٤٦لِأَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي، لِأَنَّهُ هُوَ كَتَبَ عَنِّي. ٤٧فَإِنْ كُنْتُمْ لَسْتُمْ تُصَدِّقُونَ كُتُبَ ذَاكَ، فَكَيْفَ تُصَدِّقُونَ كَلَامِي؟».
- لِأَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي: رفض القادة اليهود يسوع لأنهم رفضوا كلمة الله التي كانت من خلال موسى. لقد أدانهم مُوسَى لأنه كتب عن يسوع ولكنهم لم يصدقوا شهادته.
- لِأَنَّهُ هُوَ كَتَبَ عَنِّي: قال يسوع أن الكُتب المقدسة ’هِيَ ٱلَّتِي تَشْهَدُ لِي‘ (يوحنا ٣٩:٥). وحققت كلمات وكتابات موسى هذا، فقد تنبأ موسى عن المسيح في عدة مقاطع كتابية.
- «يُقِيمُ لَكَ ٱلرَّبُّ إِلَهُكَ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لَهُ تَسْمَعُونَ» (سفر التثنية ١٥:١٨).
- “فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: «ٱصْنَعْ لَكَ حَيَّةً مُحْرِقَةً وَضَعْهَا عَلَى رَايَةٍ، فَكُلُّ مَنْ لُدِغَ وَنَظَرَ إِلَيْهَا يَحْيَا». فَصَنَعَ مُوسَى حَيَّةً مِنْ نُحَاسٍ وَوَضَعَهَا عَلَى ٱلرَّايَةِ، فَكَانَ مَتَى لَدَغَتْ حَيَّةٌ إِنْسَاناً وَنَظَرَ إِلَى حَيَّةِ ٱلنُّحَاسِ يَحْيَا.” (سفر العدد ٨:٢١-٩).
- وقد جسّد يسوع الصخرة التي أعطت الماء لإسرائيل في البرية (سفر العدد ٨:٢٠-٢١ وكورنثوس الأولى ٤:١٠).
- وعُرضت خدمة يسوع في كل جانب تقريباً من التقديمات المختلفة التي أمر بها الرب إسرائيل (سفر اللاويين ١-٧).
- وتم الكشف عن يسوع وعن خدمته في خيمة الإجتماع وطقوسها. وثمة مكان واحد في العهد الجديد بربط هذا مع كلمة ’كَفَّارَةً‘ في رومية ٢٥:٣ التي تتحدث عن عرش الرحمة الذي على تابوت العهد.
- كما وتتحدث شريعة العبد عن يسوع (سفر الخروج ٥:٢١-٦ ومزمور ٦:٤٠-٨).
- لا عجب أن يسوع قال: «هَأَنَذَا جِئْتُ. بِدَرْجِ ٱلْكِتَابِ مَكْتُوبٌ عَنِّي (مزمور ٧:٤٠). فقد كان بإمكانه أن يشرح الكتاب مبتدأً مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ ٱلْأَنْبِيَاءِ ويُفَسِّرُ ٱلْأُمُورَ ٱلْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ ٱلْكُتُبِ (لوقا ٢٧:٢٤).
- “وبالتالي كانت كتابات موسى حافلة بالنبوات التي لم تتحقق، وكانت تشير لأمور أخرى تحققت عند مجيء يسوع. وبالتالي نجد أن هذه الكلمة تظهر سلطان موسى ومحدوديته في آن واحد.” مورغان (Morgan)
- “كانت تلك شهادة هامة من الرب عن موضوع أسفار موسى الخمسة؛ فهي تشهد عنه. وهي أيضاً شهادة على حقيقة أن موسى كتب تلك الأسفار التي كانت آنذاك ولا تزال معروفة باسمه.” آلفورد (Alford)
- فَإِنْ كُنْتُمْ لَسْتُمْ تُصَدِّقُونَ كُتُبَ ذَاكَ، فَكَيْفَ تُصَدِّقُونَ كَلَامِي؟: لم يدعُ يسوع هؤلاء القادة الدينيين إلى إيمان جديد أو مختلف. بل دعاهم إلى تصديق شهادة كل من موسى والكتب وأعماله ويوحنا المعمدان عن يسوع: وأنه هو المسيح، ابن الله والله الابن. وإذا رفضوا تصديق هذه الشهادة الساحقة، فمن غير المرجح أنهم سيصدقون كلمات يسوع.