إنجيل يوحنا – الإصحاح ٨
نُورُ ٱلْعَالَم
أولاً. جعلوا المَرْأةُ الَّتِي أُمْسِكَتْ فِي الزِّنا تَقِفُ أمام يسوع لإدانتها
أ ) الآيات (٥٣:٧-٢:٨): يسوع يُعلم في الهيكل.
٥٣فَمَضَى كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى بَيْتِهِ. ١أَمَّا يَسُوعُ فَمَضَى إِلَى جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ. ٢ثُمَّ حَضَرَ أَيْضاً إِلَى ٱلْهَيْكَلِ فِي ٱلصُّبْحِ، وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ.
- فَمَضَى كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى بَيْتِهِ: يخبرنا النص الذي بين أيدينا أن يسوع حيّر خصومه عندما كان يُعلم في الهيكل، ثم مضى كل واحدٍ في طريقه، أما يسوع فَمَضَى إِلَى جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ لينام.
- تعرضت هذه الفقرة (٥٣:٧–١١:٨) في النص الأصلي للكثير من الجدال والنقاش. ووفقاً للأدلة الحالية للمخطوطة، يبدو أنها لم تكن في النص الأصلي لإنجيل يوحنا أو على الأقل لم يكن هذا مكانها في النص.
- معظم المخطوطات اليونانية القديمة حذفت هذه الفقرة.
- العديد من المخطوطات اللاحقة وضعت علامة النجمة (*) على هذه الفقرة.
- بعض المخطوطات وضعت هذه الفقرة بعد لوقا ٣٨:٢١.
- ومجموعة أخرى من المخطوطات وضعتها بعد يوحنا ٢٤:٢١، ومخطوطة واحدة وضعتها بعد يوحنا ٣٦:٧.
- “تقترح كل هذه الأدلة أن الكُتاب كانوا يجهلون مكانها بالضبط، ومع ذلك حرصوا على أن تكون جزءً من الأناجيل الأربعة” تاسكر (Tasker). كانوا يعرفون أنها تنتمي إلى النص، ولكنهم لم يعرفوا أين موضعها بالضبط.
- قام بعض المسيحيين القدامى (أمثال أوغسطينوس وأمبروز) بحذف قصة المرأة الزانية تماماً، ليس بسبب البراهين النصية، بل لأنهم ظنوا أنها جعلت يسوع يبدو موافقاً على الفجور الجنسي، أو على الأقل لا يعتبره أمراً خطيراً.
- وفي الوقت ذاته، نرى أن الشخصية في القصة تبدو حقيقية للغاية، ولاحظ العديد من العلماء أنها شخصية تاريخية وواقعية. وقد بدأ الكُتاب المسيحيون الأوائل يذكرون هذه القصة في أوائل القرن الثاني (١٠٠ ق.م.). ولدينا سبب وجيه للاعتقاد بأنها قصة حدثت بالفعل، وأن يوحنا قد كتبها فعلاً. كما أن هناك بعض الجدل حول مكانها الصحيح في الأناجيل، لكن هناك سبب وجيه للاعتقاد أيضاً بأنها في الموقع المناسب تماماً.
- “إن لم يكتب يوحنا القصة، فلا بد أنها كتبت قبله في وقت مبكر للغاية. وربما أقرَّها الأسقفان الثاني والثالث في أورشليم، سمعان أو يهوذا (أوائل القرن الثاني)، ’إخوة‘ الرب وآخر الناجين من العصر الرسولي. ويبدو أنهما ساهما في تحرير هذا الإنجيل، ولعل صيغ الجمع في يوحنا ٢٤:٢١ و٢:٢١ تعود عليهما (وَنَعْلَمُ… وَٱثْنَانِ آخَرَانِ مِنْ تَلَامِيذِهِ). ترينش (Trench)
- “إن كنا لا نشعر أنها جزء من إنجيل يوحنا، يمكننا أن نشعر أن القصة صحيحة وتتناسب مع شخصية يسوع” موريس (Morris).
- ثُمَّ حَضَرَ أَيْضاً إِلَى ٱلْهَيْكَلِ فِي ٱلصُّبْحِ، وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ: إذا أخذنا التسلسل الزمني لإنجيل يوحنا في تكوينه الحالي، سنجد أن يسوع مكث في أورشليم لبضعة أيام بعد عيد المظال (يوحنا ٣٧:٧). وعلى الرغم من أن السلطات الدينية أرادت إسكاته واعتقاله، لكنه استمر في تعليم الناس في أكثر الأماكن العامة في أورشليم (ٱلْهَيْكَلِ) وبكل مجاهرة.
ب) الآيات (٣-٥): قدموا ليسوع ٱمْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِناً
٣وَقَدَّمَ إِلَيْهِ ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ ٱمْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِناً. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي ٱلْوَسْطِ ٤قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، هَذِهِ ٱلْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ ٱلْفِعْلِ، ٥وَمُوسَى فِي ٱلنَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟».
- وَقَدَّمَ إِلَيْهِ ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ ٱمْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِناً: فعلوا هذا بينما كان يسوع يُعلم الشعب في ساحات الهيكل. وأرادوا أن يجعلوا هذا أمراً علنياً قدر الإمكان، بهدف إحراج كل من المرأة ويسوع.
- “تشير كل الدلائل إلى أن متّهميها أردوا الانتقام منها شخصياً. ويبدو هذا واضحاً من حقيقة أنهم جلبوا المرأة أمام الجميع علانية في حين لم يكن هناك داعٍ لهذا. وكان بإمكانهم احتجازها وقت أحيلت القضية إلى يسوع.” موريس (Morris)
- جاء الفعل أُمْسِكَتْ بصيغة المضارع التام. “يشير الفعل على أن الزنى كان من طبيعتها وأنها استمرت في حمل هذا العار.” موريس (Morris)
- هَذِهِ ٱلْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ ٱلْفِعْلِ: جلب القادة اليهود هذه المرأة إلى يسوع في ظروف يشوبها العار والإهانة. وقد احتُجزت ضد إرادتها، وكانت سجينة حرس الهيكل الذين أمسكوها وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ ٱلْفِعْلِ مع رجل ليس زوجها.
- حريٌ بالذكر أن الرجل الذي أمسكت معه فِي ذَاتِ ٱلْفِعْلِ كان حاضراً أيضاً، ولكنه لم يُقدم ليسوع. ولأن الشهود قدموا أدق التفاصيل عن هذه العلاقة، يبدو أن الإيقاع بهما تم ترتيبه مسبقاً.
- يشير موريس أن الأدلة على هذا النوع من الجرائم يجب أن تكون كافية لإثباتها من الناحية القانونية. فالشهادة يجب أولاً أن تقوم على فم شاهدين يسردان نفس التفاصيل. ولابد أن يروا بأنفسـهم واقعة الزنا، فلا يكفي رؤية الشخصين يغادران نفس الغرفة معاً أو حتى يرقدان على نفس السرير معاً. “لا بد أن تشير حركات أجسادهما إلى أنهما يمارسان الجنس وليس أي شيء آخر… كانت شروط الشهادة صارمة جداً بحيث لا يمكن الوفاء بها إلا في حالات نادرة فقط.” موريس (Morris)
- “في ظل هذه الظروف، وفي حال لم يكن هناك مؤامرة، يبدو أن الحصول على أدلة للزنى كان شبه مستحيل.” بويز (Boice)
- وَمُوسَى فِي ٱلنَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ: صحيح أن الزنا كان جريمة كبرى بموجب الناموس، لكن قواعد الأدلة في قضايا عقوبتها الموت كانت صارمة للغاية. وكان يجب أن يكون هناك عدة شهود عيان يقدمون شهادات متطابقة تماماً. ولكن الواقع يخبرنا أنه لم تطبق عقوبة الموت على أحد تقريباً بسبب علة الزنا لعدم سهولة إثباتها.
- “يبدو أنه بحلول القرن الأول الميلادي لم يعد التطبيق الصارم للناموس قاعدة عامة في المجتمعات الحضرية على أية حال.” بروس (Bruce)
- “قد يبدو من الإشارة إلى الناموس في الآية ٥ أنها كانت عرضة لهذا العقاب بالذات لأنها أخطأت خلال فترة الخطوبة، وممارسة الفحشاء خلال تلك الفترة كان يعتبر زنا.” تاسكر (Tasker)
- فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟: لقد نصبوا شباكهم ليدينوا يسوع بكلمة. إن قال: ’دعوها تذهب‘ سيخالف شريعة موسى. وإن قال: ’ارجموها لعلة الزنا‘ سينتهك القانون الروماني، لأن تنفيذ عقوبة الموت عن المخالفات الدينية لا تحق إلا للرومان.
- وهي نفس المعضلة التي واجهت يسوع حينما سؤل عن دفع الضرائب لقيصر (متى ١٥:٢٢-٢٢).
ج) الآية (٦): تجاهل يسوع المشتكين تماماً وتصرف كأنه لم يسمعهم
٦قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ، لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَٱنْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى ٱلْأَرْضِ.
- قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ، لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ: استخدم القادة الدينيين (الأشرار) هذه المرأة كسلاح ضد يسوع. وقدموها إلى يسوع كإنسانة خاطئة، لكنهم تجاهلوا خطيتهم بهذا الشأن.
- لم يهتموا فعلاً بإظهار الحق، لأن مؤامرتهم كانت واضحة ورتبوا بعناية لكل هذا. فزعموا أن هَذِهِ ٱلْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ ٱلْفِعْلِ – ولكنهم لم يأتوا بالرجل أمام يسوع. ومن الممكن أيضاً أن يكون الرجل مشتركاً معهم، وقد استخدموا المرأة ببساطة كسلاح أو مُجرّد أداة في صراعهم ضد يسوع.
- “الزنا ليس أمر يمكن أن يرتكبه شخص بمفرده؛ فإذا تم ضبطها متلبسة، كيف سُمح لشريكها بالفرار؟” بروس (Bruce)
- “أولئك الكتبة والفريسيون، ما كانوا ينظرون إلى تلك المرأة على أنها إنسان، بل كانوا يعتبرونها مجرد شيء، أداة يستطيعون من خلالها صياغة تهمة ضد يسوع.” باركلي (Barclay)
- وَأَمَّا يَسُوعُ فَٱنْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى ٱلْأَرْضِ: كان هذا استجابة متأنية ومتعمدة من يسوع. وبدلاً من إتخاذ قرار سريع، ٱنْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ. ثم صار يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى ٱلْأَرْضِ، ويفترض على التراب.
- تشير فكرة أنه ٱنْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ إلى تواضعه. فلم يستجيب يسوع بغضب أو بإنفعال فوري، ولم يصرخ في المرأة أو في وجه من أحضروها، بل سكت للحظة وٱنْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ.
- وتشير فكرة أنه ٱنْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ أيضاً إلى أنه نزل إلى حيث كانت المرأة المهانة واتحد معها. فعل يسوع ما باستطاعته ليتحد مع هذه المرأة ليرعاها ويخفف عنها الحرج. وقد يقول البعض إن هذه القصة تطرح مشكلة خطيرة: كيف يمكن لله أن يُظهر هذا القدر من المحبة والنعمة للخاطئ دون الانتقاص من عدالته ودون أن يكسر قانونه؟ إنه يفعل ذلك أولاً بالتعاطف مع الخاطئ وهو في أسوأ حالاته.
- تعني جملة وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى ٱلْأَرْضِ أن يسوع كان قادراً على الكتابة أمام هذه المرأة وكل الحضور. ولكن ما كتبه بالضبط كان موضعاً لكثير من التكهنات للمعلمين والوعاظ والمعلقين.
- يعتقد البعض أن يسوع قام ببساطة برسم شيء ما على الأرض. وأن الفعل يَكْتُبُ قد يعني أيضاً ’يرسم.‘ موريس (Morris)
- يعتقد البعض أن يسوع أراد أن يكسب بعض الوقت.
- يعتقد البعض أن يسوع كتب نصاً من الناموس يدين المرأة الزانية.
- يعتقد البعض أن يسوع كتب شيئاً يشبه الآية من خروج ١:٢٣ «لَا تَضَعْ يَدَكَ مَعَ ٱلْمُنَافِقِ لِتَكُونَ شَاهِدَ ظُلْمٍ».
- يعتقد البعض أن يسوع كتب أسماء المدعين عليها.
- يعتقد البعض أن يسوع كتب خطايا المدعين عليها.
- يعتقد البعض أن يسوع طبق القانون الروماني وكتب حُكمه قبل أن ينطق به.
- “الكلمة المرادفة لكلمة ’يكتب‘ في اليونانية القديمة هي ’جرافين‘ ولكن الكلمة التي وردت في البشارة هي ’كاتاجرافين‘ التي قد تعني أنه كان يسجل تقريراً ضد إنسان ما (المقطع ’كاتا‘ من أحد معانية: ضد).” باركلي (Barclay)
- عندما انحنى يسوع وصار يكتب، تصرف وكأنه لم يسمع الاتهام الموجه ضد المرأة. فربما تجاهلهم لأنه احتقر عملهم الشرير، وربما تجاهلهم لأنه كان يتعاطف مع مشاعر الحرج التي كانت تحس بها المرأة.
- أشار بولس إلى وَداعَةِ المَسِيحِ وَلُطفِهِ (كورنثوس الثانية ١:١٠)، وهذا ما نراه جلياً هنا.
د ) الآيات (٧-٨): يسوع يُصدر حكماً بحق المتهمين.
٧وَلَمَّا ٱسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ، ٱنْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلَا خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!». ٨ثُمَّ ٱنْحَنَى أَيْضاً إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى ٱلْأَرْضِ.
- وَلَمَّا ٱسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ: وَأَمَّا يَسُوعُ فَٱنْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى ٱلْأَرْضِ وكأنه لم يسمع من يتهم المرأة بالزنا. لهذا ألح الرجال الذين أحضروا المرأة فِي سؤال يسوع عما يجب فعله معها: ٱسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ.
- ٱنْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: قال يسوع هذا مباشرة إلى متهمي المرأة، ووقف كي يتواصل معهم وجهاً لوجه.
- مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلَا خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!: كان على شهود العيان، وفقاً للناموس، أن يبدأوا في الرجم تنفيذاً لعقوبة الموت. ولكن ما قاله يسوع كان: “صحيح أننا نستطيع رجمها بالحجارة، ولكن علينا أن نقوم بهذا بالطريقة الصحيحة. أولاً، على أحد الشهود أن يبدأ بتنفيذ العقوبة. فمن هو إذاً هذا الشاهد الذي أحضر لي المرأة دون الرجل وخطط لإذلال هذه المرأة المسكينة؟”
- وبدلاً من إصدار حُكمه على المرأة، أصدر يسوع حُكمه على المدعين عليها. فهو لم يقل ’لا ترجموها‘ بل طالب ببساطة أن يطبق الناموس بشكل عادل وبكل نزاهة.
- مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلَا خَطِيَّةٍ: لم يقصد لأن هؤلاء الرجال أخطأوا مرة أو مرتين من قبل لا يملكون الحق في إدانة خطية هذه المرأة. بل قصد أنهم دبروا هذه المكيدة لإذلال المرأة وإدانتها واستخدامها كسلاح ضد يسوع. ولهذا كانت خطيتهم وذنبهم أعظم بكثير.
- كشف يسوع بهذا عن خطية شائعة: الرغبة في معاقبة خطايا الآخرين، بينما نتجاهل خطايانا. كان الملك داود مثالاً على ذلك عندما أخبره نَاثَان النبي قصة الرجل الغني الذي سرق وذبح نَعْجَةَ الرجل الفقير (صموئيل الثاني ١:١٢-١٠).
- إن كان لا بد من مواجهة خطية الآخرين، علينا ألا ننسى أننا خطاة أيضاً. ففي عائلة الله يمكننا فضح الخطية وتوبيخها والتعامل معها بشكل مباشر، ولكن يجب أن يتم ذلك دائماً بقلب متواضع مدركاً أنه خاطئ وأن خطاياه قد غفرت أيضاً. فعندما تواجه الخطية بالشكل الصحيح، عادة ما تكون بدموع وبقلب مكسور وليس بغضب وبإدانة.
- ثُمَّ ٱنْحَنَى أَيْضاً إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى ٱلْأَرْضِ: حاول يسوع أن يفعل كل ما بوسعه لتهدئة التوتر في المشهد، ربما حفاظاً على كرامة وسلامة المرأة. ومرة أخرى، نرى يسوع يَكْتُبُ عَلَى ٱلْأَرْضِ.
- لم يحدّق يسوع بالمشتكين بنية إرهابهم. ولكنه فعل كل ما بوسعه في هذا الموقف لجعل الأمور أقل توتراً، لا لإثارتها. ولم يحاول تغييرهم من خلال الترهيب.
- اِهتَمَّ يسوع بعار المرأة وفعل ما بوسعه للتخفيف من وطأة ما كان يجري. فقد يكون العار مفيداً أحياناً وقد يخدم الغرض المطلوب، ولكن الله لا يشترط هذا أبداً.
هـ) الآية (٩): ردة فعل المدعين عليها: بَدَأُوا يُغَادِرُونَ المَكَانَ وَاحِداً بَعْدَ الآخَرِ
٩وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ، خَرَجُوا وَاحِداً فَوَاحِداً، مُبْتَدِئِينَ مِنَ ٱلشُّيُوخِ إِلَى ٱلْآخِرِينَ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ وَٱلْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي ٱلْوَسْطِ.
- وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ: شعروا بتبكيت الضمير لما سَمِعُوا كلمات يسوع. ويبدو أن هذا لم يكن بسبب ما كتبه يسوع (لربما كان هذا له علاقة بالأمر). ولكن الأهم هو كلمات يسوع التي جعلت ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ.
- ما حدث كان جيداً لهؤلاء الرجال لأنه يشير إلى أن ضمائرهم كانت حية ولم تمت، ولا زالت ضَمَائِرُهُمْ قادرة على أن تُبَكِّتُهُمْ. وأصبحوا الآن أكثر وعياً بخطاياهم الشخصية أكثر من خطايا المرأة.
- خَرَجُوا وَاحِداً فَوَاحِداً، مُبْتَدِئِينَ مِنَ ٱلشُّيُوخِ إِلَى ٱلْآخِرِينَ: نفهم ما دفعهم على الرحيل، فقد كَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ. لا نعرف تحديداً لماذا خرجوا بهذا الترتيب، مِنَ ٱلشُّيُوخِ إِلَى ٱلْآخِرِينَ. ربما ترك الشيوخ أولاً لأنهم فهموا جيداً أن يسوع كان يتحدث عنهم.
- “تشير صيغة الفعل المستمر إلى تسلل الواحد منهم بعد الآخر وكأنهم في موكب أو في مسيرة.” موريس (Morris)
- يتكهن البعض بأن يسوع كتب على الأرض خطاياهم الشخصية، بدءاً من الأقدم إلى الأصغر، وهذا يوضح لماذا تركوا بهذا الترتيب.
- وَٱلْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي ٱلْوَسْطِ: هذه هي الإشارة الوحيدة عن حالة المرأة. فمن المحتمل أن قادة اليهود الذين أحضروها إلى يسوع أجبروها على الوقوف أثناء المحاكمة. ومع ذلك، تشير الطبيعة البشرية وانحناء يسوع المتكرر إلى أن المرأة كانت طيلة المحاكمة، أو في أجزاء منها، في وضعية أقرب إلى الأرض.
- إن كلمة وَاقِفَة في اليونانية القديمة هي (هيستيمي hestimi) وغالباً ما تعني ’الوقوف‘، ولكنها أحياناً تُفهم بالمعنى المجازي، مثل وضَعَهُ أو أَقَامَهُ، كما في متى ٥:٤ و٢:١٨. فالعبارة ’وَاقِفَةٌ فِي ٱلْوَسْطِ‘ لا تعني أن المرأة كانت واقفة على قدميها.
- أضاف ترينش (Trench) عن استخدام آخر لكلمة ’وَاقِفَة‘ في يوحنا ١٨:١٨ و٢٥:١٨ وقال: “أكد كل من لوقا ومتى على حقيقة أن بطرس والآخرين كانوا جالسين. ولكن يبدو أن يوحنا كان يقول أنهم كانوا واقفين: ولكن هذه الكلمات التي يستخدمها يوحنا غالباً ما هي إلا تعبير يشير فقط إلى أنهم ’بقوا في أماكنهم ثابتين‘ أو ’استمروا في البقاء هناك‘ أو ’كانوا متواجدين هناك.‘ لهذا السبب، لا يمكننا اختزالها على الوقوف فقط، لا هنا ولا في الأماكن التسع عشرة الأخرى في إنجيل يوحنا.”
و ) الآيات (١٠-١١): حث يسوع المرأة على ألا تخطئ ثانية
١٠فَلَمَّا ٱنْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَداً سِوَى ٱلْمَرْأَةِ، قَالَ لَهَا: «يَا ٱمْرَأَةُ، أَيْنَ هُمْ أُولَئِكَ ٱلْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟». ١١فَقَالَتْ «لَا أَحَدَ، يَا سَيِّدُ!». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «وَلَا أَنَا أَدِينُكِ. ٱذْهَبِي وَلَا تُخْطِئِي أَيْضاً».
- فَلَمَّا ٱنْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَداً سِوَى ٱلْمَرْأَةِ: غادر المتّهمون بينما كان يسوع منحنياً على الأرض يكتب في التراب.
- أَيْنَ هُمْ أُولَئِكَ ٱلْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟: برحيل المشتكين على المرأة، لم يعد هناك من يدينها، ويسوع أيضاً لم يدنها.
- فَقَالَتْ «لَا أَحَدَ، يَا سَيِّدُ!»: أدركت المرأة – المذنبة بهذه الخطية الكبيرة – فائدة عدم وجود أحد لإدانتها. وانتقلت من حالة الخطية والموت إلى المغفرة والحياة.
- وَلَا أَنَا أَدِينُكِ: وبمعنى أو بآخر، أخذ يسوع ذنبها وحمله على نفسه، لا سيما حينما ٱنْحَنَى إلى أسفل بشكل واضح. يسوع هو الوحيد الذي كان بلا خطية بينهم. ولأنه كلي المعرفة، كان يملك الحق في إلقاء الحجر الأول، ولكنه لم يفعل. لهذا وجدت المرأة الملجأ باقترانها بيسوع.
- “لقد استمتعوا بقدرتهم على إدانة غيرهم. أما يسوع فقد وجد سعادته في قدرته على منح الغفران.” باركلي (Barclay)
- بطريقة ما، طبق يسوع هنا الحق الرائع المذكور في رومية ١:٨ “إِذاً لَا شَيْءَ مِنَ ٱلدَّيْنُونَةِ ٱلْآنَ عَلَى ٱلَّذِينَ هُمْ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ.”
- ٱذْهَبِي وَلَا تُخْطِئِي أَيْضاً: قبل أن تذهب بعيداً طلب منها يسوع التوبة عن خطيتها وألا تعود إليها مطلقاً. أرسلها بعيداً دون أن يوافق على أو يقبل خطيتها.
- “تشير صيغة الوصية هنا إلى التوقف عن ارتكاب شيء ما بدأ بالفعل: ’توقفي عن عادتك الشريرة.‘ وتشير أيضاً إلى فكرة ألا عودة.” موريس (Morris)
- فعل يسوع عدة أمور بهذه الكلمات القوية:
- أدرك أن ما فعلته المرأة كان خطية، لأنه طلب منها أن تتوقف عنها.
- طلب منها التوبة، وعدم العودة لممارسة تلك الخطية.
- قدم لها رجاء العيش بحرية من خطية الزنى.
- أعطاها رجاء ضد العار الذي قد يهيمن على حياتها لاحقاً.
- كانت المرأة تفتقد إلى الرجاء لأن عواقب الخطية كانت ستكون وخيمة حتماً. وحتى بعد هذه الحادثة، سيتجنبها المجتمع على الأغلب، وسيرفضها زوجها، وربما سيكون مصيرها الطلاق (على افتراض أنها كانت متزوجة أو مخطوبة).
ثانياً. نُورُ ٱلْعَالَم يرد على المحتجين في الهيكل
أ ) الآية (١٢): يَسُوعُ نُورُ ٱلْعَالَم
١٢ثُمَّ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً قَائِلاً: «أَنَا هُوَ نُورُ ٱلْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلَا يَمْشِي فِي ٱلظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ ٱلْحَيَاةِ».
- ثُمَّ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً: إذا أخذنا ترتيب الأحداث في إنجيل يوحنا كما نراه الآن، سنلاحظ أن موقف المرأة التي أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي قاطع يسوع أثناء تعليمه في ساحات الهيكل في الأيام التي أعقبت عيد المظال مباشرة. وها هو الآن يستكمل تعاليمه.
- أَنَا هُوَ نُورُ ٱلْعَالَمِ: كان النور رمزاً مهماً في عيد المظال. فخلال العيد، هناك العديد من الشعائر والطقوس التي تذكر عمود النار الذي أعطى النور لإسرائيل أثناء خروجهم من مصر. وها هو يسوع يأخذ هذا الرمز الهام الآن ويطبقه ببساطة على نفسه: أَنَا هُوَ نُورُ ٱلْعَالَمِ.
- ربط باركلي (Barclay) وآخرون تعبير نُورُ ٱلْعَالَمِ بأحد مراسيم عيد المظال والذي يُعرف بحفل إضاءة الهيكل. “جرت العادة في الليلة الأولى، إن لم يكن في كل ليلة، من عيد المظال، أن تضاء منارتين كبيرتين في رواق النساء، وكان هذا النور يخترق كل زوايا أورشليم. وخلال تلك الليلة يرقصون رقصة احتفالية مبتهجين بالنور.” آلفورد (Alford)
- كان هذا تناقضاً قوياً وبليغاً مع الظلمة التي كانت تملأ قلوب أعداء يسوع، أولئك الذين جلبوا إليه المرأة التي أمسكت في زنا.
- “عبارة ’أنا هو‘ فيها تأكيد وتنبيه. إنها أسلوب حديث الإله الذي استخدم قبلاً في هذا الإنجيل.” موريس (Morris)
- مَنْ يَتْبَعْنِي فَلَا يَمْشِي فِي ٱلظُّلْمَةِ: لأن يسوع هو نُورُ ٱلْعَالَم، فإنه يجلب النور لكل من يتبعه. وعندما نتبع يسوع، نبقى في النور ولا نمشي فِي ٱلظُّلْمَةِ.
- كتب سبيرجن (Spurgeon) تعليقاً على الكلمات ’مَنْ يَتْبَعْنِي‘ وقال: “إن تمكن شخص ما من البقاء تحت أشعة الشمس طوال الوقت، فبالطبع سيبقى في النور دائماً. وإذا جاء اليوم التي تصبح فيه سرعة القطار مساوية لسرعة دوران الأرض، عندها سيعيش الشخص دون أن يفقد نور النهار أبداً. وهكذا الحال مع من يتبع المسيح، فهو لن يمشي في الظلمة أبداً.”
- غالباً ما أشار النص العبري عن كلمة الله كأنها نُورٌ.
- سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلَامُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي (مزمور ١٠٥:١١٩).
- أَرْسِلْ نُورَكَ وَحَقَّكَ، هُمَا يَهْدِيَانِنِي … (مزمور ٣:٤٣).
- وبما أن يسوع هو الكلمة (يوحنا ١:١)، فمن المنطقي تماماً أنه هو النور أيضاً.
ب) الآيات (١٣-١٦): الشاهد الأول ليسوع: يسوع نفسه
١٣فَقَالَ لَهُ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ: «أَنْتَ تَشْهَدُ لِنَفْسِكَ. شَهَادَتُكَ لَيْسَتْ حَقّاً». ١٤أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «وَإِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي حَقٌّ، لِأَنِّي أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتُ وَإِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَا تَعْلَمُونَ مِنْ أَيْنَ آتِي وَلَا إِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ. ١٥أَنْتُمْ حَسَبَ ٱلْجَسَدِ تَدِينُونَ، أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ أَدِينُ أَحَداً. ١٦وَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَدِينُ فَدَيْنُونَتِي حَقٌّ، لِأَنِّي لَسْتُ وَحْدِي، بَلْ أَنَا وَٱلْآبُ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي».
- «أَنْتَ تَشْهَدُ لِنَفْسِكَ. شَهَادَتُكَ لَيْسَتْ حَقّاً»: أعلن يسوع لتوه أنه نُورُ ٱلْعَالَم، ولكن الفريسيين لم يروا ذلك. والسبب الذي جعلهم لا يرون نوره هو لأنهم كانوا عميان، وليس لأن نور يسوع لم يسطع كفاية.
- لا يحتاج المُبصر أن يثبت له أحد أن هناك نور لأنه ببساطة يراه. “الضوء يثبت نفسه بنفسه، ليس عن طريق الحجج، بل بتألقه الطبيعي. يجب قبول النور مهما كانت حالته، رغم اعتراضات الأعمى.” موريس (Morris)
- لم يتمكن الفريسيون من دحض ادِّعاءات يسوع بأنه المسيا. وكانوا يأملون في تغيير تلك الحجة، بإصرارهم أن يسوع لا يستطيع أن يثبت أنه المسيا أو أنه الإله، وبأنه لا يملك الشهود لإثبات مزاعمه.
- وإذا لم يتمكنوا من قتل يسوع الشاهد، كانوا يأملون في إرهابه. وإذا لم يتمكنوا من إرهابه، كانوا يأملون في إثبات أنه شاهد لا يعتمد عليه وغير جدير بالثقة.
- وَإِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي حَقٌّ: كان يسوع سيوافق، في ظل الظروف العادية، أن شهادة المرء عن نفسه لا تعتبر شهادة حق. ومع ذلك، أشار إلى أنه مؤهل لكي يشهد عن نفسه.
- بإمكان يسوع أن يشهد عن نفسه لأنه (وليس هم) يرى الأبدية: لِأَنِّي أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتُ وَإِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ.
- بإمكان يسوع أن يشهد عن نفسه لأنه (وليس هم) يحكم بعدل: أَنْتُمْ حَسَبَ ٱلْجَسَدِ تَدِينُونَ، أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ أَدِينُ أَحَداً. “لقد عينوا أنفسهم كالقضاة عليه، ولم يحكموا لصالحه، لأنه كان ’حسب الجسد‘ مولود في الجليل.” دودز (Dods)
- بإمكان يسوع أن يشهد عن نفسه لأن الله الآب يؤيده تأييداً تاماً: وَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَدِينُ فَدَيْنُونَتِي حَقٌّ، لِأَنِّي لَسْتُ وَحْدِي، بَلْ أَنَا وَٱلْآبُ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي.
- “لا بدّ له أن يشهد عن نفسه، لأنه ليس من أحد مؤهل ليشهد عن طبيعته وعن عمله الأساسي.” ترينش (Trench)
- بَلْ أَنَا وَٱلْآبُ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي: رغم احتجاج القادة اليهود، لكن يسوع لم يتأثر بهم بل كان مطمئناً وراسخاً لأنه يعرف هويته تماماً بغض النظر عن كل الأصوات التي أخبرته عكس ذلك. من الرائع أن نتمتع نحن اليوم أيضاً بمثل هذا الهدوء والأمان لأننا نعرف هويتنا.
ج) الآيات (١٧-١٨): الشاهد الثاني ليسوع: الله الآب
«١٧وَأَيْضاً فِي نَامُوسِكُمْ مَكْتُوبٌ أَنَّ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ حَقٌّ: ١٨أَنَا هُوَ ٱلشَّاهِدُ لِنَفْسِي، وَيَشْهَدُ لِي ٱلْآبُ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي».
- وَأَيْضاً فِي نَامُوسِكُمْ مَكْتُوبٌ أَنَّ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ حَقٌّ: عرف يسوع أن شهادته كانت كافية. ومع ذلك سايرهم يسوع وقدم لهم شهادة أخرى.
- “إذا كان الناموس يطالب بأن يكون هناك شاهدين لإثبات أي قضية، فهذان الشاهدان هما يسوع وأبيه السماوي.” تاسكر (Tasker)
- أَنَا هُوَ ٱلشَّاهِدُ لِنَفْسِي، وَيَشْهَدُ لِي ٱلْآبُ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي: شهد الله الآب أيضاً أن يسوع هو المسيح المنتظر، ابن الله والله الابن.
- “يتحدث الرب هنا بصفته السفير. فالسفير لا يجلب معه آخر ليشهد أنه سفير، لأن أوراق اعتماده من الملك تثبت ذلك: فهو يمثل الملك. وهكذا فإن يسوع يمثل الله الآب الذي يشهد له.” كلارك (Clarke)
د ) الآيات (١٩-٢٠): يسوع يعرف أبيه السماوي، أما الفريسيون فلم يعرفوه
١٩فَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ هُوَ أَبُوكَ؟». أَجَابَ يَسُوعُ: «لَسْتُمْ تَعْرِفُونَنِي أَنَا وَلَا أَبِي. لَوْ عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُمْ أَبِي أَيْضاً».٢٠هَذَا ٱلْكَلَامُ قَالَهُ يَسُوعُ فِي ٱلْخِزَانَةِ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي ٱلْهَيْكَلِ. وَلَمْ يُمْسِكْهُ أَحَدٌ، لِأَنَّ سَاعَتَهُ لَمْ تَكُنْ قَدْ جَاءَتْ بَعْدُ.
- «أَيْنَ هُوَ أَبُوكَ؟»: على الأرجح قصد الفريسيون إهانة يسوع بهذه السؤال. وأشاروا إلى الجدل الدائر بشأن ولادته من عذراء، وإلى الشائعات التي تقول أن ولادته لم تكن معجزية بل كانت نتيجة سلوك لا أخلاقي.
- “كان معروفاً في الشرق أنه عندما يُسأل شخص عن من هو أبوه، ففي هذا إشارة مباشرة لسمعته وصحة نسبه.” تيني (Tenney)
- لَسْتُمْ تَعْرِفُونَنِي أَنَا وَلَا أَبِي: اعتقد الفريسيون، حينما ذكروا أصل يسوع، أن لديهم بعض المعلومات الفاضحة عنه. وربما فكروا في أنفسهم: “راقبوا كيف سيتصرف عندما نكشف ما نعرفه عنه.” ولكن جواب يسوع وضح أنهم لا يعرفون شيئاً عنه أو عن أبيه.
- “كانوا يفتخرون بمعرفتهم عن إلههم. ولكن أخبرهم يسوع بأنهم لا يعرفونه على الإطلاق.” موريس (Morris)
- هَذَا ٱلْكَلَامُ قَالَهُ يَسُوعُ فِي ٱلْخِزَانَةِ: يذكرنا يوحنا بأن يسوع كان يناقش خصومه في أكثر الأماكن العامة في أورشليم: مباشرة على جبل الهيكل. ومع ذلك، لَمْ يُمْسِكْهُ أَحَدٌ، لِأَنَّ سَاعَتَهُ لَمْ تَكُنْ قَدْ جَاءَتْ بَعْدُ.
هـ) الآيات (٢١-٢٢): يسوع يتكلم عن رحيله القريب؛ والقادة اليهود يقومون بإهانته
٢١قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً: «أَنَا أَمْضِي وَسَتَطْلُبُونَنِي، وَتَمُوتُونَ فِي خَطِيَّتِكُمْ. حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لَا تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا». ٢٢فَقَالَ ٱلْيَهُودُ: «أَلَعَلَّهُ يَقْتُلُ نَفْسَهُ حَتَّى يَقُولُ: حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لَا تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا؟».
- أَنَا أَمْضِي… حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لَا تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا: عرف يسوع أنه سيصعد إلى السماء، كما عرف أن مخاصميه لن يذهبوا هناك بسبب حقدهم. وحيث هو ذاهب، لا يقدرون أن يذهبوا.
- إذا اتبعنا يسوع على الأرض، فسوف نتبعه إلى السماء. وإذا لم نعرب عن رغبتنا في اتباعه على الأرض، فما الذي يجعلنا نعتقد أننا سنتبعه إلى السماء؟
- أَلَعَلَّهُ يَقْتُلُ نَفْسَهُ: ومرة أخرى يقوم القادة اليهود بإهانة يسوع. لقد علّم اليهود في عصر يسوع أن أدنى مستويات الهاوية كانت لأولئك الذين يقومون على الإنتحار. فحاول الفريسيون هنا تحريف كلمات يسوع لتعني أنه سينتحر وبالتالي يُلعن.
- “لقد كانت العقيدة اليهودية تخصص أعمق أعماق الجحيم لمن يزهقون أرواحهم بأيديهم.” باركلي (Barclay)
و ) الآيات (٢٣-٢٤): يوجد مَصِيرين: يسوع سيذهب إلى المجد، وهم سيموتون في خطاياهم إن استمروا هكذا
٢٣فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ، أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْقُ. أَنْتُمْ مِنْ هَذَا ٱلْعَالَمِ، أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هَذَا ٱلْعَالَمِ. ٢٤فَقُلْتُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ، لِأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ».
- أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ، أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْقُ. أَنْتُمْ مِنْ هَذَا ٱلْعَالَمِ، أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هَذَا ٱلْعَالَمِ: أشار الفريسيون المعارضون إلى أن يسوع حتماً سيذهب إلى الجحيم لأنه كان سيقتل نفسه (وفقاً لتعاليمهم). فأكد لهم يسوع بأن لديهم مصائر مختلفة حتماً، ولكن ليس كما ظنوا.
- لِأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ: مع أن هؤلاء الرجال كانوا القادة الدينيين، ولكنهم عاشوا في ظلمة سادت عقولهم وأفعالهم. واستمروا في الظلمة لأنهم رفضوا النور (لَمْ تُؤْمِنُوا). لهذا وجه لهم يسوع تحذيراً جدياً: يوم النعمة لن يدوم إلى الأبد، والموت سيجعل ظلمتهم دائمة.
- يولد كل إنسان في هذا العالم بطبيعة خاطئة (مزمور ٥:٥١)، وإذا تمسكنا بخطايانا ولم نتب عنها، فسوف نموت في خطايانا. وبما أنه يجب ترك كل خطية، فالذين يموتون في خطاياهم سيضطرون لدفع ثمنها في الجحيم. ولكن إذا تخلينا عن خطايانا الآن، على هذا الجانب من الموت، بوضع ثقتنا بيسوع وبما فعله ليمنحنا الخلاص، فلن نموت في خطايانا.
- “أتت كلمة ’خَطَايَاكُمْ‘ بصيغة الجمع في الآية ٢٤، وفي المقابل أتت بصيغة المفرد في الآية ٢١ ’خَطِيَّتِكُمْ‘؛ فإذا كان المفرد يعبر عن جذر عدم الإيمان، فإن الجمع يعرب عن تلك المواقف والكلمات والأفعال الخاصة التي هي ثمر الخطية.” بروس (Bruce)
- لِأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ: دعاهم يسوع للإيمان به ’إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ.‘ إن كلمة ’أَنَا هُوَ‘ تعبر عن طبيعة يسوع الإلهية، فإذا أراد الفريسيون الخلاص من خطاياهم، فعليهم أن يؤمنوا بحقيقة يسوع الذي هو الله الابن.
- “علينا أن نفهم أن التعبير ’أنا هو‘ يشبه التعبير الموجود في الترجمة السبعينة والذي يشير إلى إله العهد القديم (يهوه الرب) … وهو نفس التعبير اليوناني الذي نراه في يوحنا ٢٠:٦ و٦:١٨، فليس هناك أية صعوبة في فهم أي منهما.” موريس (Morris)
ز ) الآيات (٢٥-٢٧): يسوع يخبرهم عن اعتماده الكلي على الله الآب في كل ما يقول
٢٥فَقَالُوا لَهُ: «مَنْ أَنْتَ؟». فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا مِنَ ٱلْبَدْءِ مَا أُكَلِّمُكُمْ أَيْضاً بِهِ. ٢٦إِنَّ لِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةً أَتَكَلَّمُ وَأَحْكُمُ بِهَا مِنْ نَحْوِكُمْ، لَكِنَّ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ. وَأَنَا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ، فَهَذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَمِ». ٢٧وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عَنِ ٱلْآبِ.
- مَنْ أَنْتَ؟: هذا سؤال رائع إن طرح بقلب صادق. ولكن هذا السؤال من الفريسيين جاء بمزيج من الارتباك المتعمد والازدراء. وعلى الرغم من أن يسوع قال لهم مراراً وتكراراً من هو، لكنهم استمروا في السؤال، متأملين الحصول على إجابة يمكن أن يستخدموها للقبض عليه وإدانته.
- بعض الأسئلة لا تُطرح لمعرفة الحقيقة، بل لمقاومتها ولتبرير عدم الإيمان. سأل القادة الدينيون العديد من الأسئلة العدائية:
- أَيْنَ هُوَ أَبُوكَ؟ (يوحنا ١٩:٨)
- أَلَعَلَّهُ يَقْتُلُ نَفْسَهُ؟ (يوحنا ٢٢:٨)
- مَنْ أَنْتَ؟ (يوحنا ٢٥:٨)
- “يُظهر السؤال: ’ مَنْ أَنْتَ، على أي حال؟” غضب الفريسيين من تلميحات يسوع وإدعاءاته المتطرفة.” تيني (Tenney)
- بعض الأسئلة لا تُطرح لمعرفة الحقيقة، بل لمقاومتها ولتبرير عدم الإيمان. سأل القادة الدينيون العديد من الأسئلة العدائية:
- أَنَا مِنَ ٱلْبَدْءِ مَا أُكَلِّمُكُمْ أَيْضاً بِهِ (أخبَرْتُكُمْ مَنْ أنا مُنْذُ البِدايَةِ – الترجمة العربية المبسطة): لم يقدم يسوع إجابة جديدة لهم، بل كرر الحقائق والمواضيع التي تكلم بها معهم في مرات عديدة من قبل.
- إِنَّ لِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةً أَتَكَلَّمُ وَأَحْكُمُ بِهَا مِنْ نَحْوِكُمْ: “يمكنني بسرعة أن أفضح كل آثامكم: كبريائكم وطمعكم ونفاقكم وتدينكم الزائف وكرهكم للنور واحتقاركم للحق، بالإضافة إلى عدم إيمانكم المتعمد الحالي، وأظهر أن هذه هي الأسباب التي تجعلني اقول أنكم سوف تموتون في خطاياكم.” كلارك (Clarke)
- وَأَنَا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ، فَهَذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَمِ: أكد يسوع مرة أخرى أن كلامه كان من الله الآب. إذاً مقاومة الفريسيون ليسوع، يعني في الواقع أنهم يقاومون الله الآب.
ح ) الآيات (٢٨-٣٠): يسوع يخبرهم عن اعتماده الكلي على الله الآب في كل ما يفعل
٢٨فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «مَتَى رَفَعْتُمُ ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ، وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي، بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي. ٢٩وَٱلَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي، وَلَمْ يَتْرُكْنِي ٱلْآبُ وَحْدِي، لِأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».٣٠وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهَذَا آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ.
- مَتَى رَفَعْتُمُ ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ: كلمة ’تَرْفَعُونَ‘ التي استخدمها يسوع هنا لا تعني مطلقاً ’تمجيده‘ كما نعتقد عادة. فلم يكن لهذه الكلمة علاقة بالثناء أو التعظيم، بل تعني ’رفع‘ يسوع على الصليب. فعندما يرفع يسوع على الصليب، سيرون طاعة الابن الكاملة للآب، وسوف يتأكدون أنه لا يفعل شيئاً من تلقاء نفسه.
- “سيكون ’رفع‘ يسوع برهاناً على براءته، لأنه سيُظهر أنه تصرف وتكلم بسلطان الآب.” بروس (Bruce)
- وَلَمْ يَتْرُكْنِي ٱلْآبُ وَحْدِي: نرى استمرار الوحدة بين الأب والابن وسوف تستمر. وعلى الرغم من اتهامات الفريسيين، كان يسوع مقرباً للغاية من أبيه من أي وقت مضى.
- لِأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ: كان يسوع جريئاً كفاية ليقول هذه الكلمات لخصومه. وبشكل أساسي تحدى أعداءه هنا ليمسكوا عليه شيئاً لا يرضي الله الآب. ولكن أعداءه لم يجيبوه بشيء. يا لها من شهادة رائعة على كمال يسوع.
- لِأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ: من السهل أن نقول: “أنا أفعل مشيئة الآب دائماً” في حين أنك تناقش فقط المواضيع اللاهوتية. ولكن جملة ’لِأنِّي أعمَلُ دائِماً مشيئة الآب‘ تختلف تماماً عندما تعني الذهاب إلى الصليب. فالصليب سيثبت طاعة يسوع الكاملة.
- وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهَذَا آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ: عندما سمع الفريسيين يسوع يتكلم، قاوموه أكثر. ومع ذلك، آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ ممن سمعوا نفس الكلمات. لقد آمن به كثيرون رغم المقاومة الواضحة من القادة اليهود.
- كان هناك استحسان لكلام يسوع عن وحدته مع الآب من قبل البعض لأن حياته كانت تتوافق مع كلامه، على عكس الفريسيين، إذ يستطيع المرء أن يرى أن ليسوع علاقة حميمة مع الله. سعى الفريسيون إلى تكوين صورة الحميمية مع الله، ولكنهم في الواقع لم يكونوا مقربين من الله على الإطلاق.
ي) الآيات (٣١-٣٢): يسوع يقدم التلمذة والحرية لمن يؤمنون به
٣١فَقَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ ٱلَّذِينَ آمَنُوا بِهِ: «إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلَامِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلَامِيذِي، ٣٢وَتَعْرِفُونَ ٱلْحَقَّ، وَٱلْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ».
- فَقَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ ٱلَّذِينَ آمَنُوا بِهِ: تخبرنا الآية السابقة أن كثيرين آمنوا به (يوحنا ٣٠:٨). تكلم يسوع مع حديثي الإيمان، وأخبرهم ما يحتاجونه للنمو في الإيمان.
- “هذا الجزء موجه إلى أولئك الذين آمنوا، ولكنهم لم يؤمنوا بالكامل بعد. ومن الواضح أنهم كانوا يؤمنون أن ما قاله يسوع كان صحيحاً. ولكنهم لم يسلموا حياتهم بالكامل له ولم يضعوا ثقتهم به بعد. وهذه حالة روحية خطيرة للغاية.” موريس (Morris)
- إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلَامِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلَامِيذِي: إذا كنا نريد أن نكون تلاميذ ليسوع، فعلينا أن نثبت في كلامه، فلا توجد وسيلة أخرى. أن تكون تلميذاً ليسوع، الكلمة صار جسداً، يعني أن عليك أن تثبت (أن تعيش، أن تسكن) في كلامه.
- إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلَامِي: “استمر يسوع بتوجيه كلامه لأولئك الذين آمنوا به وقال: ’إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلَامِي‘ – ليميزهم عن أولئك الذين لم يؤمنوا – غير مكتفياً بخطوتهم الأولى فقط نحو الإيمان والطاعة، حينها فقط: ’بِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلَامِيذِي.‘ دودز (Dods)
- وصف تاسكر (Tasker) ما يعنيه الثبات في كلامه: “أي الترحيب به والعيش فيه دائماً بحيث يصبح جزءاً من حياة المؤمن، وأن يكون له تأثيراً دائمً وحافزاً لنمو المؤمن نحو الصلاح والقداسة.”
- هذا بيان آخر يعكس الوحدة بين الآب والابن. دعاهم يسوع للثبات في كلامه. إن خرجت هذه الكلمات من فم شخص آخر غير يسوع ستبدو سخيفة.
- “إن طريقة تعاملنا مع كلام ربنا سيميزنا: اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ ٱلَّذِي يُحِبُّنِي.” ماير (Meyer)
- وَتَعْرِفُونَ ٱلْحَقَّ، وَٱلْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ: هذه هي نتيجة الثبات في كلام يسوع. عندما نثبت لأنفسنا أننا تلاميذه وأننا نعرف ٱلْحَقَّ، يحرر الله حياتنا من خلال ٱلْحَقَّ. الحرية التي تكلم عنها يسوع لا تأتي من مجرد بحث أكاديمي عن الحق بشكل عام، ولكن من الثبات في كلمته وأن نصبح تلاميذه.
- لا مثيل للحرية التي نحصل عليها في يسوع. فلا يمكن لأي نقود أن تشتريها، ولا أي مركز أن يمنحك إياها ولا أي أعمال، فلا شيء يمكن أن يضاهيها. إنه لأمر مأساوي ألا يختبر كل مؤمن هذه الحرية، التي لا يمكن العثور عليها إلا بالثبات في كلمة الله وإتباع يسوع.
ك) الآيات (٣٣-٣٦): يجيب يسوع على احتجاجهم بأنهم أحرار بالفعل.
٣٣أَجَابُوهُ: «إِنَّنَا ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ نُسْتَعْبَدْ لِأَحَدٍ قَطُّ! كَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: إِنَّكُمْ تَصِيرُونَ أَحْرَاراً؟». ٣٤أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «ٱلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ ٱلْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ. ٣٥وَٱلْعَبْدُ لَا يَبْقَى فِي ٱلْبَيْتِ إِلَى ٱلْأَبَدِ، أَمَّا ٱلِٱبْنُ فَيَبْقَى إِلَى ٱلْأَبَدِ. ٣٦فَإِنْ حَرَّرَكُمْ ٱلِٱبْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَاراً.
- إِنَّنَا ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ نُسْتَعْبَدْ لِأَحَدٍ قَطُّ!: لم يكن رد فعل قادة اليهود: “هذا رائع! أخبرنا المزيد عن هذه الحرية التي سنستمتع بها حينما نثق في كلمتك.” وبدلاً من ذلك، كان رد فعلهم: لا نحتاج إلى هذا، فأمورنا جيدة.
- كان جوابهم لافتاً للنظر وغير منطقي. فقد كان الشعب اليهودي تحت عبودية المصريين والفلسطينيين والبابليين والفرس والسوريين والرومان. “ألم يكن هناك جندي روماني يتطلع من الحصن المجاور على الهيكل عندما نطقوا بهذه الكلمات المتعجرفة؟” ماكلارن (Maclaren)
- “كان لدى العديد من اليهود في ذلك الوقت شعور قوي بالاستقلال ومقاومة الاحتلال. وقد كتب المؤرخ اليهودي الشهير يوسيفوس عن أتباع يهوذا الجليلي الذي قاد ثورة شرسة ضد الرومان، وكيف كان تمسكهم بالحرية شديداً. وكانوا ينادون بأن الله هو ملكهم الوحيد وسيدهم. (يوسيفوس، من كتاب آثار اليهود ١:١٨، ٦).” باركلي (Barclay)
- “إن قوة خداع الذات لدى الإنسان غير المتجدد لا نهاية لها.” رايل (Ryle)
- إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ ٱلْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ: جاءت كلمة ٱلْخَطِيَّةَ هنا بصيغة الفعل المستمر والدائم. فالشخص الذي يعمل الخطية باستمرار هو عبد لها.
- “أتى الفعل في الجملة ’كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ ٱلْخَطِيَّةَ” بصيغة المضارع المستمر، مما يوحي الاستمرار في ارتكاب الخطية ليصبح كعادة مستمرة وليس كهفوة تحدث من حين لآخر.” تيني (Tenney)
- “ثمة نوع مختلف من العبودية عن العبودية الاجتماعية أو الاقتصادية. فالواقع هو أن الخطية هي السيد الذي يتحكم في العبد. وقد يعتقد الشخص أنه حر تماماً ولكنه في الواقع عبد للخطية.” بروس (Bruce)
- “من الشائع ألا يكون الإنسان ارتكب مطلقاً بعض الشرور المعينة، مثل السُكْر أو السرقة أو ما شابه، على أن يكون ارتكبها مرة واحدة على الأقل.” ماكلارين (Maclaren)
- “علينا ألا نقلل من فكرة ’العبد‘ وتأثيرها القوي على الإنسان. فحتى لو كان الشخص يتقاضى أجراً ويملك بعض الحرية، فهو لا يزال عبد مُقيد.” موريس (Morris)
- وَٱلْعَبْدُ لَا يَبْقَى فِي ٱلْبَيْتِ إِلَى ٱلْأَبَدِ، أَمَّا ٱلِٱبْنُ فَيَبْقَى إِلَى ٱلْأَبَدِ: عبودية الخطية هي من أسوأ أنواع العبودية، لأنه لا مفر منها. ولابد للإبن أن يحررنا، ولإبن الله أن يطلقنا أحرار منها ويحضرنا إلى بيت الآب.
- “لا يتمتع العبد بمكانة دائمة في البيت، قد يطرد أو يباع في أي وقت.” دودز (Dods)
- فَإِنْ حَرَّرَكُمْ ٱلِٱبْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَاراً: فإن حررنا الابن من عبودية الخطية ومن الثبات في كلمته واتباعه، فحينئذٍ نكون بالحقيقة أَحْرَاراً، ونملك الحرية الحقيقية التي تختلف تماماً عن ’الحرية‘ العمياء التي كانت عند الفريسيين كما قرأنا في يوحنا ٣٣:٨.
- فَإِنْ حَرَّرَكُمْ ٱلِٱبْنُ: “لا يستطيع العبد أن يغير حالته بقوته الشخصية، ولا حتى بمساعدة زميل له … فالمحرر الوحيد من العبودية يجب أن يأتي من خارج صفوف البشرية المستعبدة.” تاسكر (Tasker)
- إن كنا عبيداً للخطية، نستطيع الانتقال من بيتها إلى بيتنا الحقيقي عند الآب السماوي. فهذا رجائنا المبارك.” ماكلارين (Maclaren)
- أخبرت امرأة مؤمنة تبلغ من العمر ٨٢ عاماً من هونغ كونغ عن حياتها في الصين، ولكنها استخدمت الكثير من المفردات التي استخدمها الشيوعيون في وصف ثورتهم التي أطلقوا عليها اسم ’التحرير.‘ فسؤلت: “عندما كنت في الصين، هل تمتعت بالحرية للاجتماع مع مؤمنين آخرين للعبادة؟” أجابت: “كلا مستحيل… فمنذ التحرير، لم يُسمح لأحد بالتجمع معاً للخدمات المسيحية.” “ولكنكم اجتمعتم حتماً معاً في مجموعات صغيرة لمناقشة الإيمان المسيحي؟” “كلا، لم نستطع ذلك أيضاً،” أجابت المرأة. “فمنذ التحرير كانت كل هذا الاجتماعات مُحرمة.” “هل كان لديك حرية في قراءة الكتاب المقدس؟” “منذ التحرير، لم نملك الحرية لقراءة الكتاب المقدس.”
- والمغزى واضح هنا تماماً: فالحرية هي العنصر المفقود في كلمة ’الحرية‘ أو في الكلمات، ولكنها موجودة في العلاقة مع يسوع المسيح ومن خلال الثبات بكلمته وفي اتباعه كتلاميذ.
ل) الآيات (٣٧-٤١أ): أثبتوا أنهم لا يشبهون أبيهم إبراهيم
٣٧أَنَا عَالِمٌ أَنَّكُمْ ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ. لَكِنَّكُمْ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي لِأَنَّ كَلَامِي لَا مَوْضِعَ لَهُ فِيكُمْ. ٣٨أَنَا أَتَكَلَّمُ بِمَا رَأَيْتُ عِنْدَ أَبِي، وَأَنْتُمْ تَعْمَلُونَ مَا رَأَيْتُمْ عِنْدَ أَبِيكُمْ». ٣٩أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: «أَبُونَا هُوَ إِبْرَاهِيمُ». قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كُنْتُمْ أَوْلَادَ إِبْرَاهِيمَ، لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيمَ! ٤٠وَلَكِنَّكُمُ ٱلْآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي، وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِٱلْحَقِّ ٱلَّذِي سَمِعَهُ مِنَ ٱللهِ. هَذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيمُ. ٤١أَنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ أَبِيكُمْ…».
- أَنَا عَالِمٌ أَنَّكُمْ ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ: علِمَ يسوع بأنهم من ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ من الناحية الجسدية، ولكنه كان يعلم أيضاً أن إبراهيم لم يكن أبيهم من الناحية الروحية. فعندما جاء رسل من السماء استقبلهم إبراهيم (سفر التكوين ١٨)؛ ولكن هؤلاء الأحفاد الوراثيين لإبراهيم رفضوا المرسل من السماء وطالبوا بقتله.
- “رغبتهم في قتل الشخص الذي كلمهم بِٱلْحَقِّ ٱلَّذِي سَمِعَهُ مِنَ ٱللهِ، لا تعكس أنهم أولاد إبراهيم.” بروس (Bruce)
- لِأَنَّ كَلَامِي لَا مَوْضِعَ لَهُ فِيكُمْ: رفضهم لكلام يسوع وليسوع الكلمة يثبت أنهم ليسوا كإبراهيم، وأنهم لم يتمتعوا بالحرية التي تأتي من الثبات بكلامه.
- اعتبر سبيرجن (Spurgeon) أن على تعاليم الله أن يكون لها مَوْضِع (مَكانَ) في حياة المؤمن كالتالي:
- على كلمة الله أن يكون لها مَوْضِع داخل المؤمن.
- على كلمة الله أن يكون لها أعلى مَوْضِع في حياة المؤمن.
- على كلمة الله أن تكون مَوْضِع ثقة في حياة المؤمن.
- على كلمة الله أن تسود على حياة المؤمن.
- على كلمة الله أن تغمر حياة المؤمن بالمحبة.
- على كلمة الله أن يكون لها مَوْضِع دائم في حياة المؤمن.
- اعتبر سبيرجن (Spurgeon) أن على تعاليم الله أن يكون لها مَوْضِع (مَكانَ) في حياة المؤمن كالتالي:
- وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِٱلْحَقِّ ٱلَّذِي سَمِعَهُ مِنَ ٱللهِ: ذكّرهم يسوع أن ما فعله كان يتناسب مع أبيه، وأن ما فعلوه كان يتناسب مع أبيهم (وَأَنْتُمْ تَعْمَلُونَ مَا رَأَيْتُمْ عِنْدَ أَبِيكُمْ). وقريباً جداً سيخبرهم يسوع من هو أبيهم.
- أَبُونَا هُوَ إِبْرَاهِيمُ: احتج القادة اليهود مؤكدين على أن إبراهيم هو أبيهم الحقيقي. وكان هذا صحيحاً من الناحية الجسدية، ولكن ليس من الناحية الروحية. فلم يعترض يسوع على أنهم كانوا من ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ (يوحنا ٣٧:٨)، ولكنه أكد على حقيقة أنهم لم يكونوا أَوْلَادَ إِبْرَاهِيمَ لأنهم سعوا لقتله، بينما إبراهيم قَبِلهُ واحتضنه. فقد كانوا يعْمَلُونَ أعمال أَبِيهمْ.
- كشف يسوع عن التناقض في حياتهم. فقد قالوا إنهم أبناء إبراهيم، ولكنهم لم يتصرفوا وفقاً لذلك بتاتاً. “لو كان بالإمكان تعب أصولهم بالكامل، لكان سلوكهم يشبه إبراهيم فعلاً.” دودز (Dods)
- النقطة التي أثارها يسوع هنا مهمة للغاية: إن أصلنا الروحي يحدد طبيعتنا ومصيرنا. فإن كنا مولودين ثانية، وأبينا هو الله، فهذا سيظهر في طبيعتنا ومصيرنا. ولكن إن كان أبينا هو الشيطان أو آدم، فإن هذا سيظهر أيضاً في طبيعتنا ومصيرنا، كما نرى هنا بوضوح في أعداء يسوع.
م ) الآيات (٤١ب-٤٣): يشكك القادة اليهود مرة أخرى في نسب يسوع
فَقَالُوا لَهُ: «إِنَّنَا لَمْ نُولَدْ مِنْ زِناً. لَنَا أَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ ٱللهُ». ٤٢فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كَانَ ٱللهُ أَبَاكُمْ لَكُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي، لِأَنِّي خَرَجْتُ مِنْ قِبَلِ ٱللهِ وَأَتَيْتُ. لِأَنِّي لَمْ آتِ مِنْ نَفْسِي، بَلْ ذَاكَ أَرْسَلَنِي. ٤٣لِمَاذَا لَا تَفْهَمُونَ كَلَامِي؟ لِأَنَّكُمْ لَا تَقْدِرُونَ أَنْ تَسْمَعُوا قَوْلِي».
- إِنَّنَا لَمْ نُولَدْ مِنْ زِناً: كما سبق وأشرنا في يوحنا ١٩:٨، أهانوا يسوع مرة أخرى وشككوا في نسبه، ووصفوه بأنه ابن غير شرعي. فعندما قالوا: ’إِنَّنَا لَمْ نُولَدْ مِنْ زِناً‘ كان يقصدون بهذا: ’لكننا لا نعلم بشأنك يا يسوع.‘
- “في حين أن يوحنا لم يتكلم مباشرة عن الميلاد العذراوي، ولكنه لمح إلى أنه كان على دراية به، وبأن بعض الناس كانوا يعرفون أن هناك غموضاً يحيط بأصل يسوع.” تيني (Tenney)
- لَوْ كَانَ ٱللهُ أَبَاكُمْ لَكُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي: ومرة أخرى نرى يسوع يشير إلى طبيعة علاقته الحميمية مع الله الآب، وبأن أي شخص يتمتع حقاً بمثل هذه العلاقة مع الله الآب، فإنه سيحب يسوع أيضاً. فلا يوجد مكان لشخص يقول: “أنا أحب الله ولكني أرفض يسوع.”
- لِأَنِّي خَرَجْتُ مِنْ قِبَلِ ٱللهِ وَأَتَيْتُ: وصف يسوع هنا وحدته مع طبيعة وهدف ومشيئة الله الآب.
- قوله ’وَأَتَيْتُ‘ يشير إلى النتيجة: ’لِأَنِّي خَرَجْتُ مِنْ قِبَلِ ٱللهِ.‘ وكلمة ’خرجت‘ يجب أن تؤخذ بمعناها اللاهوتي الأعمق: فالابن الأزلي إنبثق وجاء من جوهر الآب.” آلفورد (Alford)
- لِأَنِّي خَرَجْتُ مِنْ قِبَلِ ٱللهِ وَأَتَيْتُ: “تشير هذه الكلمات إلى حياته الأرضية باعتبارها نتيجة دائمة لعمل ابتدائي، وهو عمل كان طوعياً وذاتياً، يكمن وراءه وجودٌ أزلي.” ماكلارين (Maclaren)
- “طالما أن اليهود ظنوا أنه لم يكن هناك سوى أقنوم واحد في الذات الإلهية، كان من المستحيل بالنسبة لهم أن يؤمنوا بربنا بالطريقة الصحيحة: وبالتالي إصراره لمعلميهم اليهود على أن له أب سماوي؛ وبأنه ليس الآب بل الابن؛ وبأن الابن، رغم أنه ليس الآب، هو الله.” ترينش (Trench)
- لِمَاذَا لَا تَفْهَمُونَ كَلَامِي؟ لِأَنَّكُمْ لَا تَقْدِرُونَ أَنْ تَسْمَعُوا قَوْلِي: لقد أوضح يسوع أن المشكلة في عدم فهمهم كانت متجذرة في فشلهم وعدم قدرتهم على الإصغاء لأقواله. هذا يذكرنا بأن القدرة على الاستماع لكلامه هي عطية يجب أن نكون شاكرين عليها.
- “كان السبب من وراء عدم قدرتهم على الفهم روحياً. فالتحيز والتعصب والعداوة جعلت المسيح الحقيقي غير مسموع بالنسبة لهم على الرغم من أن كل حرف وقع على مسامعهم كالصاعقة.” موريسون (Morrison)
ن) الآيات (٤٤-٤٧): يسوع يكشف عن هوية أبيهم الحقيقي
٤٤أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ ٱلْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي ٱلْحَقِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِٱلْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لِأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو ٱلْكَذَّابِ. ٤٥وَأَمَّا أَنَا فَلِأَنِّي أَقُولُ ٱلْحَقَّ لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي. ٤٦مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟ فَإِنْ كُنْتُ أَقُولُ ٱلْحَقَّ، فَلِمَاذَا لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي؟ ٤٧اَلَّذِي مِنَ ٱللهِ يَسْمَعُ كَلَامَ ٱللهِ. لِذَلِكَ أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَسْمَعُونَ، لِأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ ٱللهِ».
- أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا: طرح القادة اليهود مسألة النسب ليهينوا يسوع في يوحنا ٤١:٨. ولكن يسوع أجابهم بالحديث عن نسبهم الروحي، فقد كانوا الأبناء الروحيين لإبليس. وكان هذا واضحاً في شهواتهم التي تشابه شهوات إبليس: القتل والخداع.
- “هذه الآية هي واحدة من أكثر الشهادات القاطعة عن شخصية إبليس. فمن المستحيل أن نفترض أنها تعبر عن وجهة نظر اليهود فقط، أو أنها مجرد تعبير مجازي، لكنها تأكيد رسمي ومباشر.” آلفورد (Alford)
- ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ ٱلْبَدْءِ: “اعتقد سيريل (Cyril) وآخرون أنه يشير هنا إلى جريمة القتل الأولى، جريمة قتل هابيل (يوحنا الأولى ١٥:٣)، ولكنها على الأرجح المقدمة لدخول الموت من خلال الخطية الأولى.” دودز (Dods)
- مَتَى تَكَلَّمَ بِٱلْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ: يقدم لنا يسوع بعض اللمحات عن شخصية الشيطان. فالكَذِب هو جوهر شخصية الشيطان، وهو أكبر مخادع على الإطلاق – المخادع الذي يخدع حتى نفسه.
- وَأَمَّا أَنَا فَلِأَنِّي أَقُولُ ٱلْحَقَّ لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي: رفضوا يسوع لأنه يقول الحق الذي لا يريدون أن يسمعوه، وليس لأنه تكلم بالأكاذيب.
- مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟: مرة أخرى، أعطى يسوع لأعدائه – الذين حقدوا عليه لدرجة أنهم أرادوا قتله – الفرصة لتبكيته على خطية، ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك. فهذه شهادة رائعة أخرى على كمال يسوع المسيح الذي بلا خطية.
- “كثيراً ما نهتم بحقيقة أنهم لم يعثروا على أي تهمة تدينه بحيث نتغاضى عن الحقيقة الأخرى المدهشة وهي ما وراء هذا التحدي نفسه. فهذا البيان خرج من ضمير صاف وساكن. فلا يقدر أي شخص أن يُصرح بمثل هذا الكلمات إن لم يتمتع بعلاقة وثيقة مع الآب.” موريس (Morris)
- لِذَلِكَ أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَسْمَعُونَ، لِأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ ٱللهِ: ركز يسوع على أصلهم الروحي الذي كان واضحاً في تصرفاتهم، ولا سيما في رفضهم ليسوع ولكلمته.
س) الآيات (٤٨-٥٠): رد يسوع على تهمة أنه مسكون بالشيطان
٤٨فَأَجَاب ٱلْيَهُودُ وَقَالُوا لَهُ: «أَلَسْنَا نَقُولُ حَسَناً: إِنَّكَ سَامِرِيٌّ وَبِكَ شَيْطَانٌ؟». ٤٩أَجَابَ يَسُوعُ: «أَنَا لَيْسَ بِي شَيْطَانٌ، لَكِنِّي أُكْرِمُ أَبِي وَأَنْتُمْ تُهِينُونَنِي. ٥٠أَنَا لَسْتُ أَطْلُبُ مَجْدِي. يُوجَدُ مَنْ يَطْلُبُ وَيَدِينُ.
- أَلَسْنَا نَقُولُ حَسَناً: إِنَّكَ سَامِرِيٌّ وَبِكَ شَيْطَانٌ؟: كان أعداء يسوع يشعرون بالإحباط والسخط. لم يكونوا قادرين على تشويه صورة يسوع، بل آمن به كثيرون (يوحنا ٣٠:٨). لذا أطلقوا هجومهم الأخير: ابتدأوا يشتمونه.
- إِنَّكَ سَامِرِيٌّ (من أكثر الشعوب المحتقرة بالنسبة لليهود)
- وَبِكَ شَيْطَانٌ (قالوا أن فيه شيطان)
- أَنَا لَيْسَ بِي شَيْطَانٌ، لَكِنِّي أُكْرِمُ أَبِي: رغبة يسوع في تمجيد الله وتواضعه الشخصي دحض تهمة أن به شيطان. وبما أن أبيهم هو الشيطان فالطبع سيملكون بعضاً من خصائصه، وسيكون كبريائهم وحب الذات واضحين كثيراً، وهي أمور لا وجود لها في يسوع.
- “لا يمكن أن يُقال عن شخص أن به شيطان وهو يمجد الله، فالروح الشريرة منذ البداية عدو لكل من يمجد الآب.” سبيرجن (Spurgeon)
ع ) الآيات (٥١-٥٣): الوعد العظيم لأولئك الذين يقبلون يسوع ويحافظون كلامه
«٥١اَلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْفَظُ كَلَامِي فَلَنْ يَرَى ٱلْمَوْتَ إِلَى ٱلْأَبَدِ». ٥٢فَقَالَ لَهُ ٱلْيَهُودُ: ٱلْآنَ عَلِمْنَا أَنَّ بِكَ شَيْطَاناً. قَدْ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ وَٱلْأَنْبِيَاءُ، وَأَنْتَ تَقُولُ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْفَظُ كَلَامِي فَلَنْ يَذُوقَ ٱلْمَوْتَ إِلَى ٱلْأَبَدِ. ٥٣أَلَعَلَّكَ أَعْظَمُ مِنْ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي مَاتَ؟ وَٱلْأَنْبِيَاءُ مَاتُوا. مَنْ تَجْعَلُ نَفْسَكَ؟».
- إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْفَظُ كَلَامِي فَلَنْ يَرَى ٱلْمَوْتَ إِلَى ٱلْأَبَدِ: هذا إدعاء رائع آخر لا معنى له إلا إذا كان يسوع هو الله وواحد مع الله الآب. قد يسوع وعد بالحياة الأبدية لأولئك الذين يحافظون كلامه.
- “الآية ’إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْفَظُ كَلَامِي‘ تشبه الآية ٣١ ’إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلَامِي،‘ فالطاعة لا ينبغي أن تكون ظاهرية، بل قوة احتمال وطاعة كاملة بالإيمان.” آلفورد (Alford)
- فَلَنْ يَرَى ٱلْمَوْتَ إِلَى ٱلْأَبَدِ: “تحولت عيوننا عن الموت … كلمة ’يرى‘ لا تعبر تماماً عن معنى الكلمة الأصلية، فالمعنى يجب أن يكون أكثر قوة. وفقاً لويستكوت (Westcott)، يأتي معنى كلمة ’يرى‘ هنا كالتالي: ’رؤية ممحصة ودقيقة، بحيث ندرك تدريجياً طبيعة ما ننظر إليه.‘ … بينما كنت لا أتمتع بالغفران، كل ما كنت أحدق فيه كان هلاكي الأكيد. ولكن عندما دخلت أخبار الرب يسوع السارة إلى قلبي، وحفظت كلامه بالإيمان، تغير اتجاهي بالكامل، وأصبح الموت خلفي والحياة الأبدية أمامي.” سبيرجن (Spurgeon)
- ٱلْآنَ عَلِمْنَا أَنَّ بِكَ شَيْطَاناً. قَدْ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ: الإدعاء العظيم الذي صرح به يسوع أبهج القادة الدينيين جداً لأنهم اعتقدوا أنهم أوقعوا به أخيراً بتهمة التجديف. ونفوا الادعاء الذي قدمه يسوع عن قدرته على منحهم الحياة الأبدية.
- نلاحظ أن القادة الدينيين حرفوا كلمات يسوع قليلاً. فقد قال يسوع: كل من يحفظ كلامي لن يحدّق بالموت وجهاً لوجه أبداً، ولكنهم قالوا: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْفَظُ كَلَامِي فَلَنْ يَذُوقَ ٱلْمَوْتَ إِلَى ٱلْأَبَدِ. فالمؤمن سوف يذوق الموت فعلاً، ولكنه لن يرهب هذا العدو المهزوم.
- أَلَعَلَّكَ أَعْظَمُ مِنْ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ…: طرحوا السؤال مباشرة على يسوع. وسألوه هذا السؤال: «مَنْ تَجْعَلُ نَفْسَكَ؟» على أمل أن يقع في شباكهم.
ف) الآيات (٥٤-٥٥): ادعاء يسوع بأنه يعرف الله يتناقض تماماً مع ادعاء القادة الدينيين.
٥٤أَجَابَ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ أُمَجِّدُ نَفْسِي فَلَيْسَ مَجْدِي شَيْئاً. أَبِي هُوَ ٱلَّذِي يُمَجِّدُنِي، ٱلَّذِي تَقُولُونَ أَنْتُمْ إِنَّهُ إِلَهُكُمْ، ٥٥وَلَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. وَأَمَّا أَنَا فَأَعْرِفُهُ. وَإِنْ قُلْتُ إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُهُ أَكُونُ مِثْلَكُمْ كَاذِباً، لَكِنِّي أَعْرِفُهُ وَأَحْفَظُ قَوْلَهُ.
- إِنْ كُنْتُ أُمَجِّدُ نَفْسِي فَلَيْسَ مَجْدِي شَيْئاً: قبل أن يجيب يسوع على سؤالهم في يوحنا ٥٣:٨ عاد إلى مسألة أصلهم الروحي. كان يسوع آمناً في معرفة أن الله هو أبوه وقال: أَبِي هُوَ ٱلَّذِي يُمَجِّدُنِي.
- “ليس من الصعب العسير أن يُكرم الإنسان نفسه؛ فهذا أمر يسير للغاية، ولكن في نفس الوقت خطير؛ وأن يحيا في نور أحلام رضاه…” باركلي (Barclay)
- وَلَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. وَأَمَّا أَنَا فَأَعْرِفُهُ: ادعى القادة الدينيين أن الآب السماوي إِلَهُهم، لكنه لم يكن ادعاءاً صحيحاً. ففي الحقيقة هم لم يعرفوا الله، ولكن يسوع عرفه جيداً.
- لَكِنِّي أَعْرِفُهُ وَأَحْفَظُ قَوْلَهُ: لم يستطع يسوع أن يكذب وينكر معرفته الحقيقية بالله الآب، وأظهر ذلك بحياة طاعة كاملة لكلمة الله.
ص) الآيات (٥٦-٥٩): قدم يسوع أعظم إعلان: ’أنا هو (أَنَا كَائِن)‘
«٥٦أَبُوكُمْ إِبْرَاهِيمُ تَهَلَّلَ بِأَنْ يَرَى يَوْمِي فَرَأَى وَفَرِحَ». ٥٧فَقَالَ لَهُ ٱلْيَهُودُ: «لَيْسَ لَكَ خَمْسُونَ سَنَةً بَعْدُ، أَفَرَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ؟». ٥٨قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «ٱلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ». ٥٩فَرَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. أَمَّا يَسُوعُ فَٱخْتَفَى وَخَرَجَ مِنَ ٱلْهَيْكَلِ مُجْتَازاً فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى هَكَذَا.
- أَبُوكُمْ إِبْرَاهِيمُ تَهَلَّلَ بِأَنْ يَرَى يَوْمِي فَرَأَى وَفَرِحَ: قدم يسوع إجابة رائعة لأسئلتهم في يوحنا ٥٣:٨. ادعى يسوع أنه لم يكن أعظم من إبراهيم فحسب، بل أن إبراهيم نفسه أقر بذلك أيضاً.
- “ولكن متى ’تهلل‘ بأن يرى يوم المسيح؟ ربما عندما قال لإسحق في الطريق إلى المذبح: «ٱللهُ يَرَى لَهُ ٱلْخَرُوفَ لِلْمُحْرَقَةِ يَا ٱبْنِي» (تكوين ٨:٢٢).” بروس (Bruce)
- “من المثير للاهتمام أيضاً أن بعض الحاخامات أخذوا التعبير العبري في تكوين ١:٢٤، والذي يذكر أن إبراهيم ’تَقَدَّمَ فِي ٱلْأَيَّام،‘ على أنه يعني رأى المستقبل البعيد.” تاسكر (Tasker)
- لَيْسَ لَكَ خَمْسُونَ سَنَةً بَعْدُ، أَفَرَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ؟: البيان الرائع بأن إبراهيم رأى واعترف بعظمة يسوع كان غير مفهوم بالنسبة لهم. لهذا سألوا: “كيف عرفت أن إبراهيم تهلل بك؟ هل كنت هناك؟”
- “ربما التوترات في حياته جعلته يبدو أكبر سناً، ومع ذلك كان واضحاً أنه عمره كان أقل من خمسين عام.” تيني (Tenney)
- “ربما استخدموا الرقم ’خمسون سنة‘ كرقم عام أو نسبي وليثبتوا وجهة نظرهم فقط، فلم تكن لديهم أي نية لتحديد عمر يسوع.” دودز (Dods)
- “لماذا العدد خمسين؟ لقد كانت سن الخمسين هي السن التي يعتزل فيها اللاويون الخدمة (عدد ٣:٤). وكأن اليهود يقولون ليسوع: ’إنك بعد شاب في عنفوان قوتك، ولم تصل بك السن إلى اكتمال خدمتك. فكيف رأيت إبراهيم؟” باركلي (Barclay)
- قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ: أخبرهم يسوع بهذه العبارة القوية أنه هو الإله الأزلي الموجود قبل إبراهيم. لقد أعلن يسوع أنه الإله العظيم حينما استخدم التعبير: ’أَنَا كَائِنٌ.‘ وهذا هو نفس صوت إله العهد الذي سمعه شعب إسرائيل في العليقة المشتعلة (سفر الخروج ١٣:٣-١٤).
- أَنَا كَائِنٌ: هذه هي المرة الثالثة في هذا الإصحاح التي يستخدم فيها يسوع عبارة أنا هو (أَنَا كَائِنٌ) (يوحنا ٢٤:٨، ٢٨ و٥٨:٨). فالعبارة اليونانية القديمة هي ego emi، وهي نفس التعبير المستخدم في الترجمة اليونانية للعهد القديم في عصر يسوع لوصف الصوت الذي سمعوه من العليقة المشتعلة. “إن كل التصريحات السابقة التي نطق بها يسوع تبدو كألسنة من البرق الخاطف إزاء هذا التصريح المتوهج اللامع.” باركلي (Barclay)
- في عبارة ’أنا هو‘ (أَنَا كَائِنٌ) (يوحنا ٢٤:٨، ٥٨، ١٩:١٣) استخدم يسوع لقباً إلهياً يخص الله وحده (خروج ١٣:٣-١٤، تثنية ٣٩:٣٢، إشعياء ١٠:٤٣) وهو ما فهمه المستمعون أيضاً (يوحنا ٥٨:٨-٥٩). فقد عرف اليهود أن تعبير ’أَنَا كَائِنٌ‘ هو لقب الألوهية.” تيني (Tenney)
- “أنا كائن قبل أن يأتي إبراهيم إلى الوجود، أنا أزلي… لا يوجد تأكيد أقوى من هذا عن الأزلية.” دودز (Dods)
- “إذا لم يكن ادعاء يسوع قائماً على أسس سليمة، فإن كلماته كانت تجديفاً بشكل علني: فقد استخدم لغة لا يستخدمها سوى الله.” بروس (Bruce)
- فَرَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ: هذا دليل على أن القادة الدينيين فهموا تماماً ما يعنيه يسوع. فقد أعلن أنه الله الأبدي، واعتبروه تجديفاً. لذلك قرروا أنه يستحق الموت وعزموا على تنفيذ الأمر حالاً.
- “لقد ثارت مشاعرهم وعبّروا عن غضبهم، وأرادوا تنفيذ القانون بأيديهم.” موريس (Morris)
- “أخذوا الحجارة التي رفعوها من ساحة الأمم، لأن الهيكل (أي المحكمة) كان لا يزال قيد الإنشاء.” ترينش (Trench)
- “ذكر يوسيفوس (Antiquities, ١٧.٩,٣) حادثة رجم وقعت في الهيكل.” دودز (Dods)
- أَمَّا يَسُوعُ فَٱخْتَفَى وَخَرَجَ مِنَ ٱلْهَيْكَلِ مُجْتَازاً فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى هَكَذَا: أرادوا قتل يسوع لكنهم لم يستطيعوا لِأَنَّ سَاعَتَهُ لَمْ تَكُنْ قَدْ جَاءَتْ بَعْدُ (يوحنا ٣٠:٧).
- لا يبدو أنه كان هناك أي هروب معجزي، على الرغم من أنه افتراض وارد في ظل الظروف السائدة.” آلفورد (Alford)
- كان لدى آدم كلارك (Adam Clarke) فكرة تنطوي على بعض الخيال بشأن هروب يسوع: “جعل نفسه على الأرجح غير مرئي. ولكن قال البعض أنه اجتاز وسط أعداءه عن طريق الدخول وسط الحشد الذي آمن به.”