راعوث الفصل الثالث – راعوث تتقدم بطلب
أولاً. توجیهات نعمي لراعوث
أ ) الآيات ١-٢أ: ضمان الأمان لراعوث من خلال أحد الأقرباء
١وَقَالَتْ لَهَا نُعْمِي حَمَاتُهَا: «يَابِنْتِي أَلَا أَلْتَمِسُ لَكِ رَاحَةً لِيَكُونَ لَكِ خَيْرٌ؟ ٢فَٱلْآنَ أَلَيْسَ بُوعَزُ ذَا قَرَابَةٍ لَنَا، ٱلَّذِي كُنْتِ مَعَ فَتَيَاتِهِ؟
١. وَقَالَتْ لَهَا نُعْمِي حَمَاتُهَا: أنتهى وقت الحصاد، وبالتأكید كان بوعز وراعوث قریبین من بعضهما البعض لفترات طویلة أثناء حصاد الشعیر والقمح (راعوث ٢٣:٢ )، ولقد كانت لديهم فرصة كافیة للتعرف على بعضهما البعض.
- رغم ذلك، فحسب تقالید ذلك الوقت، لا یمكننا القول بأن بوعز وراعوث كانا مخطوبين أو على علاقة. فلم یجتمعا على انفراد، بل على العكس، لقد قضیا وقتهما معاً في محیط الجماعة، أي الرجال والنساء الذین عملوا لدى بوعز وقت الحصاد.
- فترة الخطوبة غالباً ما تكون طریقة إصطناعیة نسبیاً للتعرف على شخص ما. فكل شخص یمیل إلى وضع قناعٍ أمام الآخر. فالكثیر من النساء على سبیل المثال تم خداعهن بفكرة أن الخطيب رجلاً صالحاً ولطیفاً لأنه لطیف معهن في فترة الخطوبة. هو كذلك بالطبع، ولكنه غالباً ما یكون لطیفاً لأنه یبغي شیئاً من وراء العلاقة تلك. أفضل طريقة لمعرفة حقيقة أي رجل أو امرأة هو أن نراهم كيف يتصرفون تجاه الآخرين في إطار الجماعة – لأنه عاجلاً أو آجلاً سوف یتصرفون معك بالطريقة ذاتها.
- لذا، فخلال فترة الحصاد، تَسَنى لبوعز وراعوث أن یتعرفا على بعضهما البعض جیداً، من خلال ملاحظتهما بعضهما البعض في محیط جماعة كبیرة.
٢. أَلاَ أَلْتَمِسُ لَكِ رَاحَةً: علمت نعمي أنه سوف یتم الإعتناء براعوث على أحسن وجه إذا تزوجت، لذا فقد أقترحت على راعوث بأن تدعو بوعز للزواج منها.
- كلمة “راحة” هنا هي الكلمة ذاتها في راعوث ٩:١ حیث تمنّت نعمي لكنّتیها بأن یجدا راحة وأماناً في بیت زوج جدید. تُبَّین هذه الكلمة (والتي تنطق مانوخاه) كیف لا بد لبیت الزوج أن یكون مكاناً للراحة والأمان.
٣. فَالآنَ أَلَیْسَ بُوعَزُ ذَا قَرَابَةٍ لَنَا؟: ربما یعتقد المرءُ بسهولة أنه من غیر اللائق أن تقترح نعمي على راعوث ذلك الأمر. من الممكن أن تعتقد أن نعمي تآمرت مع راعوث لكي تجعلها مصیدة للرجل، لتذهب لتطارد حتى تصطاد بوعز العازب لیتزوجها. لیس الأمر هكذا مطلقاً، إذ أن اقتراح نعمي لراعوث كان متأصلاً بعُرفٍ خاص في إسرائیل قدیماً، وهذا هو المعنى وراء الكلمة العبریة (چویل.(
- هذا كان القصد من وراء سؤال نعمي الأستنكاري عن بوعز: “أَلَیْسَ بُوعَزُ ذَا قَرَابَةٍ لَنَا؟ فقد ذَكَّرت نعمي راعوث أن بوعز كان (چویل) عائلتهم.
- تترجم كلمة (چویل) النسيب أو المخلص. وكان له دوراً محدداً في الحیاة العائلیة الإسرائیلیة:
- كان القریب/المخلص مسؤولاً عن عَتق مواطن إسرائیلي مثله من العبودیة (لاویین ٤٨:٢٥ ).
- كان مسؤولاً عن الأخذ بالثأر لیتأكد من أن قاتل أحد أفراد العائلة أخذ جزاءه (سفر العدد ١٩:٣٥ ).
- كان مسؤولاً عن استرجاع أرض العائلة التي تم الأستیلاء علیها (لاويين ٢٥:٢٥ ).
- كان مسؤولاً أن یحمل اسم العائلة من خلال زواجه بأرملة لا أطفال لدیها (تثنية ١٠:٢٥ ).
- ونرى في ذلك أن (چویل) أو القریب/المخلص كان مسؤولاً عن حمایة نسل العائلة وأفرادها وممتلكاتها.
٤. أَلَیْسَ بُوعَزُ ذَا قَرَابَةٍ لَنَا؟: وبإعتبار بوعز قریباً (چویل) لعائلة ألیمالك – الزوج المتوفي لنعمي وحَمىّ راعوث – فمن حق راعوث أن تطلب من بوعز أن یحمي نسل عائلة ألیمالك من خلال الزواج منها. ربما یبدو الأمر لنا تجاسراً، ولكنه كان یعتبر بدیهیاً في ذلك الزمان.
- إذا لم يحقق بوعز هذا الواجب نحو ألیمالك (رغم أنه كان متوفیاً وقتها)، لكان أصل عائلة ألیمالك واسمه مصیرهما الفناء. لقد كان یُعتقد بأن تخلید اسم عائلة ألیمالك (وكل رجل في إسرائیل) واجبٌ ذو أهمیة.
ب) الآيات ٢ب-٥: نعمي ترشد راعوث عن كیفیة عرض الأمر على بوعز، حتى یبدأ في ممارسة مسؤولیاته كقریبها (چویل).
هَا هُوَ يُذَرِّي بَيْدَرَ ٱلشَّعِيرِ ٱللَّيْلَةَ. ٣فَٱغْتَسِلِي وَتَدَهَّنِي وَٱلْبَسِي ثِيَابَكِ وَٱنْزِلِي إِلَى ٱلْبَيْدَرِ، وَلَكِنْ لَا تُعْرَفِي عِنْدَ ٱلرَّجُلِ حَتَّى يَفْرَغَ مِنَ ٱلْأَكْلِ وَٱلشُّرْبِ. ٤وَمَتَى ٱضْطَجَعَ فَٱعْلَمِي ٱلْمَكَانَ ٱلَّذِي يَضْطَجِعُ فِيهِ، وَٱدْخُلِي وَٱكْشِفِي نَاحِيَةَ رِجْلَيْهِ وَٱضْطَجِعِي، وَهُوَ يُخْبِرُكِ بِمَا تَعْمَلِينَ». ٥فَقَالَتْ لَهَا: «كُلَّ مَا قُلْتِ أَصْنَعُ».
١. فَاغْتَسِلِي: إن في نصیحة نعمي لراعوث درایة بالغة بسلوك الرجال. لقد أرشدت راعوث بأن تتجمل وتتعطر (تَدَهَّنِي وَالْبَسِي ثِیَابَكِ)، وأن تترك بوعز بمفرده أثناء تناوله للطعام (وَلكِنْ لاَ تُعْرَفِي عِنْدَ الرَّجُلِ حَتَّى یَفْرَغَ مِنَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ).
٢. اكْشِفِي نَاحِیَةَ رِجْلَیْهِ وَاضْطَجِعِي: لقد أرشدت نعمي راعوث في الوقت المناسب بقولها: “وَادْخُلِي وَاكْشِفِي نَاحِیَةَ رِجْلَیْهِ وَاضْطَجِعِي.” ربما یظن البعضُ أن هذه إیماءة مثیرة، وكأن راعوث قد قیل لها بأن تعرض نفسها بطریقة مثیرة لبوعز حتى یضاجعها. لم تُفهم هذه الأیماءة بهذه الكیفیة في ذلك الوقت. فقد كان هذا یُفهم في ثقافة هذا الزمان على أنه تصرفاً یفید الخضوع التام.
- لقد كان هذا یُفهم في ذلك الوقت بأنه دور العبد الذي یضطجع عند رجلي سیده ویكون مستعداً لتنفیذ أي أمر من السید. لذلك تقول نعمي لراعوث بأن تضطجع عند رجلي بوعز، مما یعني أن تأتي إلیه بإتضاع وخضوع تامین.
- لا تفقد رؤیة الصورة الكاملة؛ فقد أتت راعوث لطلب حقها، لأن بوعز كان قریبها/ مخلصها (چویل)، وكان لدیها الحق بأن تتوقع منه أن یتزوجها ویقیم عائلة لحفظ اسم ألیمالك. ولكن نعمي أعطت المشورة لراعوث بحكمة بألا تأتي إلى بوعز كأنها ضحیة تطالب بحقوقها، بل كعبدة متواضعة، واثقة في صلاح قریبها/ مخلصها، بقولها لبوعز: “إنني أحترمك، وأثق فیك، وأضع مصیري بین یدیك.”
٣. وَهُو یُخْبِرُكِ بِمَا تَعْمَلِینَ: كان من الممكن أن يحدث كارثة لو أن بوعز قد أساء معاملة راعوث بطریقة ما. ولكن نعمي وراعوث قد حظیا بفرصة التعارف عليه، وعلما ما نوعیة هذا الرجل. فلقد كان رجلاً صالحاً وتقياً، رجلاً استطاعت راعوث أن تخضع له بثقة.
- كم من أزواج في علاقة الزواج یتمنون لو أنهم قد حظوا بزوجة تخضع لهم بالطریقة ذاتها التي رأینا راعوث تطبقها هنا. ولكن هل قدم أولئك الأزواج النوع ذاته من القیادة، والرعایة، والأهتمام الذي أبداه بوعز نحو راعوث ونحو الآخرین؟
- كم من زوجات في علاقة الزواج تمنین لو أنهن قد حظین بزوج أحبهن، ورعاهن، وعاملهن بالطریقة ذاتها التي طبقها بوعز نحو راعوث. ولكن هل أظهرت تلك الزوجات النوع ذاته من الخضوع بإتضاع واحترام كالذي أبدته راعوث لبوعز؟
٤. كُلَّ مَا قُلْتِ أَصْنَعُ: لقد قبلت راعوث المشورة من حماتها بإتضاع وحكمة.
- يقول كلارك (Clarke): “لا بد أن نقول أنه، بوجه عام، لو لم یكن بوعز بطریقة استثنائیة شخصاً تقياً وحكيم ومنضبط لكانت هذه الخبرة كارثیة بالنسبة لراعوث. لا یمكننا بسهولة تعلیل هذا التصرف؛ لقد كانت نعمي تعلم على الأرجح أكثر مما أعلنت لكنّتها. رغم ذلك فإن تلك الخبرة كانت محفوفة بالمخاطر، ولا یجب أن تُقّلد بأي حال من الأحوال.”
- يقول تراب (Trapp): “فلا یتشجع أحد بموجب ذلك أن یدخل في تدبیر االله من خلال بوابة إبلیس، وإلا فسوف یؤذي نفسه إلى أبعد الحدود.”
ثانیاً. راعوث وبوعز في البیدر
أ ) الآيات ٦-٧: راعوث تضطجع عند رجلي بوعز
٦فَنَزَلَتْ إِلَى ٱلْبَيْدَرِ وَعَمِلَتْ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَتْهَا بِهِ حَمَاتُهَا. ٧فَأَكَلَ بُوعَزُ وَشَرِبَ وَطَابَ قَلْبُهُ وَدَخَلَ لِيَضْطَجِعَ فِي طَرَفِ ٱلْعَرَمَةِ. فَدَخَلَتْ سِرًّا وَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ رِجْلَيْهِ وَٱضْطَجَعَتْ.
١. وَدَخَلَ لِیَضْطَجعَ فِي طَرَفِ الْعَرَمَةِ: هناك مبرر في إضطجاع بوعز في البیدر. لقد حدث هذا في أیام القضاة، حین تفشى عدم الاستقرار الإجتماعي والسیاسي في إسرائیل. كان من المألوف لجماعات اللصوص أن یأتوا ویسرقوا ما زرعه الفلاح من قمح، وتم حصده بعرق الجبین. لذا فقد نام بوعز في البیدر لیحرس محصوله من تلك الهجمات المذكورة في صموئيل الأول ١:٢٣.
٢. فَدَخَلَتْ سِراً: لقد فعلت راعوث بالضبط كما أوصتها حماتها. لقد أصغّت للنصیحة. لقد قالت أنها ستعمل بالنصیحة، وعملت بها بالفعل.
صموئيل الأول
ب) الآيات ٨-٩: مطلب راعوث
٨وَكَانَ عِنْدَ ٱنْتِصَافِ ٱللَّيْلِ أَنَّ ٱلرَّجُلَ ٱضْطَرَبَ، وَٱلْتَفَتَ وَإِذَا بِٱمْرَأَةٍ مُضْطَجِعَةٍ عِنْدَ رِجْلَيْهِ. ٩فَقَالَ: «مَنْ أَنْتِ؟» فَقَالَتْ: «أَنَا رَاعُوثُ أَمَتُكَ. فَٱبْسُطْ ذَيْلَ ثَوْبِكَ عَلَى أَمَتِكَ لِأَنَّكَ وَلِيٌّ».
١. وَكَانَ عِنْدَ انْتِصَافِ اللَّیْلِ أَنَّ الرَّجُلَ اضْطَرَبَ: كان هذا منظراً بدیعاً. لنا أن نتخیل جیداً أن بوعز كان بحق مضطرباً، وهو ساهر في اللیل، أَرِقٌ لأنه كان یشعر أن هناك أحد ما في الخارج، ولكنه لم یستطع رؤیته بوضوح بسبب العتمة، والنعاس یملأ عینیه.
- لأن بوعز كان هناك للحمایة من اللصوص، فبالتأكید كانت صدمة له أن یستیقظ ویعلم أن هناك أحد ما. ولكن سرعان ما تحولت صدمته إلى تعجب عندما وجد أن الزائر كان امرأة.
٢. فَابْسُطْ ذَیْلَ ثَوْبِكَ عَلَى أَمَتِكَ لأَنَّكَ وَلِيٌّ: أعلنت راعوث عن هویتها، وطلبت طلباً بسیطاً. وفي مقدمة كلامها – عَلَى أَمَتِكَ – أظهرت راعوث مجدداً إتضاعاً وخضوعاً عظیمین. فلقد وَصفت نفسها بأنها أَمّة بوعز.
٣. فَابْسُطْ ذَیْلَ ثَوْبِكَ: هنا طلبت راعوث بجرأة من بوعز بأن یتزوجها. وهذه كانت طریقة مناسبة ثقافیاً للقول: “إنني أرملة، فتزوجني.”
- يقول مورس (Morris): “إن عادة بسط ذیل الثوب على أرملة كطریقة للمطالبة بها كزوجة، كان شائعة بین العرب في الأیام القدیمة، ویقول جوون (Jouon) أنها ما زلت متَّبعة وسط بعض العرب الیوم.”
- يقول كلارك (Clarke): حتى في یومنا هذا، عندما یتزوج یهودي من امرأة، یلقي بالجزء السفلي أو نهایة “التالیت” علیها (شال الصلاة)، لیُفید بأنه قد أخذها تحت حمایته.”
- یستخدم االله في حزقيال ٨:١٦ المصطلحات ذاتها في ما یتعلق بإسرائیل، قائلاً: “فَمَرَرْتُ بِكِ وَرَأَیْتُكِ، وَإِذَا زَمَنُكِ زَمَنُ الْحُبِّ. فَبَسَطْتُ ذَیْلِي عَلَیْكِ وَسَتَرْتُ عَوْرَتَكِ، وَحَلَفْتُ لَكِ وَدَخَلْتُ مَعَكِ فِي عَهْدٍ یَقُولُ السَّیِّدُ الرَّبُّ، فَصِرْتِ لِي.”
٤. لأَنَّكَ وَلِيٌّ: هذا یُبین أن هذا التصرف لم یكن غیر ملائم لراعوث أن تفعله تجاه بوعز. لكن كان التصرف جریئاً، ولكنه كان لائقاً. ولقد فهمت راعوث ذلك بقولها لأَنَّكَ وَلِيٌّ وكأنها تقول حرفیاً: أنت (چویل)، قريبي ومخلصي.
- كان من حق ألیمالك رغم وفاته أن یتم الحفاظ على اسم عائلته، وبإعتبار بوعز (چویل(، كان علیه مسؤولیة فعل ذلك لأجل ألیمالك. ولیتم هذا كان لا بد لبوعز أن یتزوج راعوث، وینجب أبناءاً للحفاظ على اسم ألیمالك. ولقد طالبت راعوث بحقوقها بجرأة، ولكن بإتضاع وعلى نحو لائق.
ج ) الآيات ١٠-١١: جواب بوعز
١٠فَقَالَ: «إِنَّكِ مُبَارَكَةٌ مِنَ ٱلرَّبِّ يَا بِنْتِي لِأَنَّكِ قَدْ أَحْسَنْتِ مَعْرُوفَكِ فِي ٱلْأَخِيرِ أَكْثَرَ مِنَ ٱلْأَوَّلِ، إِذْ لَمْ تَسْعَيْ وَرَاءَ ٱلشُّبَّانِ، فُقَرَاءَ كَانُوا أَوْ أَغْنِيَاءَ. ١١وَٱلْآنَ يَابِنْتِي لَا تَخَافِي. كُلُّ مَا تَقُولِينَ أَفْعَلُ لَكِ، لِأَنَّ جَمِيعَ أَبْوَابِ شَعْبِي تَعْلَمُ أَنَّكِ ٱمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ.
١. إِنَّكِ مُبَارَكَةٌ مِنَ الرَّبِّ یَابِنْتِي … إِذْ لَمْ تَسْعَيْ وَرَاءَ الشُّبَّانِ: من الواضح أنه كان هناك فرق كبیر في العمر بین بوعز وراعوث. ویبدو أیضاً أن بوعز أعتبر نفسه غیر جذاب لراعوث، ولذلك ألغى أدنى فكرة في إمكانیة حدوث قصة حب بینهما.
- وهذا یُظهر شیئاً رائعاً آخر في بوعز. فقد كان لدیه الحق في فرض نفسه على راعوث بإعتباره قریبها (چویل)، ولكنه لم یفعل ذلك. فلم يقل: “إنها من حقي.” بل كان كریماً إلى حد كافٍ كیلا يستغلها راعوث ویتصرف كقریب (چویل) نحوها ما لم ترغب بذلك.
- وهذا یبین أیضاً شیئاً رائعاً في راعوث، فلقد أسست إعجابها ببوعز على إحترامها له أكثر من المنظر أو الشكل الخارجي. ومن المُحزن أن كثیراً من الناس یقعون في حب الهیئة أو الشكل الخارجي بدلاً من شخص یمكننا أن نحترمه فعلاً.
٢. كُلُّ مَا تَقُولِینَ أَفْعَلُ لَكِ: لقد جعل بوعز نعمي تبدو بالغة الذكاء في نصیحتها لراعوث. فلقد نجحت الخطة تماماً.
٣. لأَنَّ جَمِیعَ أَبْوَابِ شَعْبِي تَعْلَمُ أَنَّكِ امْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ: لقد أنجذب بوعز أیضاً لراعوث بسبب شخصیتها. لا نعلم حقاً كیف كان شكل راعوث، ولكننا نعلم حقاً أنها كانت امرأة تقیة.
- لقد دعا بوعز راعوث حرفیاً امرأة فاضلة. ومعنى الكلمة: “القوة، والقوة الأخلاقیة، والخُلق الرفیع، والأستقامة، والفضیلة.” إن الكلمة ذاتها تُستخدم كمصطلح للإشارة للأبطال في الكتاب المقدس في التعبیر “جبار بأس”. فكما تجعل الشجاعة والقوة من الرجل بطلاً، هكذا شجاعة وقوة راعوث، الواضحتان في فضیلتها تجعل منها البطلة المذكورة في سفر الأمثال ٣١ “المرأة الفاضلة.”
د ) الآيات ١٢-١٣: مشكلة محتملة، وليّ أقرب
١٢وَٱلْآنَ صَحِيحٌ أَنِّي وَلِيٌّ، وَلَكِنْ يُوجَدُ وَلِيٌّ أَقْرَبُ مِنِّي. ١٣بِيتِي ٱللَّيْلَةَ، وَيَكُونُ فِي ٱلصَّبَاحِ أَنَّهُ إِنْ قَضَى لَكِ حَقَّ ٱلْوَلِيِّ فَحَسَنًا. لِيَقْضِ. وَإِنْ لَمْ يَشَأْ أَنْ يَقْضِيَ لَكِ حَقَّ ٱلْوَلِيِّ، فَأَنَا أَقْضِي لَكِ. حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ. اِضْطَجِعِي إِلَى ٱلصَّبَاحِ».
١. یُوجَدُ وَلِيٌّ أَقْرَبُ مِنِّي: من الجَليّ، رغم أن بوعز كان (چویل) معترفاً به لراعوث، كان یوجد (چویل) آخر أقرب في درجة النسب لحماها المتوفي ألیمالك. لذا فلم یستطع بوعز أن یمارس حقه كقریب/مخلص حتى یتنازل هذا الولي/المخلص الأقرب عن حقوقه تجاه راعوث.
٢. إِنْ لَمْ یَشَأْ أَنْ یَقْضِيَ لَكِ حَقَّ الْوَلِيِّ، فَأَنَا أَقْضِي لَكِ: من الرائع أن نرى بوعز يرفض أن یسلك طريقاً مختصراً. لقد أراد أن یفعل مشیئة االله بطریقة االله؛ لأنه علم أنه إذا كان الأمر من االله حقاً، فإنه لا بد أن یتم بنظام وبطریقة لائقة.
هـ ) الآيات ١٤-١٥: راعوث ترجع للبیت
١٤فَٱضْطَجَعَتْ عِنْدَ رِجْلَيْهِ إِلَى ٱلصَّبَاحِ. ثُمَّ قَامَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْدِرَ ٱلْوَاحِدُ عَلَى مَعْرِفَةِ صَاحِبِهِ. وَقَالَ: «لَا يُعْلَمْ أَنَّ ٱلْمَرْأَةَ جَاءَتْ إِلَى ٱلْبَيْدَرِ». ١٥ثُمَّ قَالَ: «هَاتِي ٱلرِّدَاءَ ٱلَّذِي عَلَيْكِ وَأَمْسِكِيهِ». فَأَمْسَكَتْهُ، فَٱكْتَالَ سِتَّةً مِنَ ٱلشَّعِيرِ وَوَضَعَهَا عَلَيْهَا، ثُمَّ دَخَلَتَ ٱلْمَدِينَةَ.
. لاَ یُعْلَمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ جَاءَتْ إِلَى الْبَیْدَرِ: لم یكونا بوعز وراعوث یحاولان أن یخفیا شیئاً مُخزیاً. لقد كان الأمر فقط أن بوعز لم یرد أن ذلك الولي الأقرب یعلم أن راعوث الآن تطالب بحقها في الزواج بـ(چویل) قبل أن یُخبر بوعز ذلكَ الولي الأقرب بالأمر بصفة شخصیة.
٢. فَاكْتَالَ سِتَّةً مِنَ الشَّعِیرِ: بوعز كرجل نبیل لم یرسل راعوث إلى البیت خالیة الوفاض. لم یكن لديه أي شوكولاتة، بل أعطها ستة كیلات (حفنة، قبضة اليد) من الحبوب، وهي الكمية التي تستطيع راعوث حملها في شالها.
- تُفید التقالید الیهودیة أن الست كیلات من الشعیر التي أُعطیت لراعوث كهِبة، كانت ترمز إلى ستة رجال أتقیاء سيولدون من نسلها، ومُنعمٌ علیهم بستة هبات روحیة هم: داود، ودانیال، وحنانیا، ومیشائیل، وعزریا، والمسيا.
و ) الآيات ١٦-١٨: راعوث تخبر حماتها بكل ما حدث
١٦فَجَاءَتْ إِلَى حَمَاتِهَا فَقَالَتْ: «مَنْ أَنْتِ يَا بِنْتِي؟». فَأَخْبَرَتْهَا بِكُلِّ مَا فَعَلَ لَهَا ٱلرَّجُلُ. ١٧وَقَالَتْ: «هَذِهِ ٱلسِّتَّةَ مِنَ ٱلشَّعِيرِ أَعْطَانِي، لِأَنَّهُ قَالَ: لَا تَجِيئِي فَارِغَةً إِلَى حَمَاتِكِ». ١٨فَقَالَتِ: «ٱجْلِسِي يَا بِنْتِي حَتَّى تَعْلَمِي كَيْفَ يَقَعُ ٱلْأَمْرُ، لِأَنَّ ٱلرَّجُلَ لَا يَهْدَأُ حَتَّى يُتَمِّمَ ٱلْأَمْرَ ٱلْيَوْمَ».
١. اجْلِسِي یَابِنْتِي … لأَنَّ الرَّجُلَ لاَ یَهْدَأُ حَتَّى یُتَمِّمَ الأَمْرَ الْیَوْمَ: كان هذا وقتَ قلقٍ هائل بالنسبة لراعوث. فلقد طالبت بحقها في الزواج، وسوف تتزوج. وكان السؤال الوحید هو”من ستتزوج؟” هل هو بوعز، أم الولي الأقرب. وكانت المسألة لتُحسم في ذلك الیوم بعینه.