سفر يشوع – الإصحاح ٧
الهزيمة في عَايَ وخَطِيَّةُ عَخَان
أولًا. الهزيمة في عَايَ
أ ) الآية (١): لم يحفظ كل الشعب وصية الْتحَرَيم.
١وَخَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ خِيَانَةً فِي الْحَرَامِ، فَأَخَذَ عَخَانُ بْنُ كَرْمِي بْنِ زَبْدِي بْنِ زَارَحَ مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا مِنَ الْحَرَامِ، فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ.
١. وَخَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ خِيَانَةً فِي الْحَرَامِ: أوصى يشوع الأمة في يشوع ٦: ١٨، بعدم أخذ أي شيء مُحرّم من تلك الأشياء التي ارتبطت بعبادة الكنعانيين وممارساتهم الشيطانية والمخزيّة.
٢. الْحَرَامِ: إن الحروب التي شنتها إسرائيل في كنعان لم يكن المقصود منها سلب الثروات لتحقيق منفعة شخصية. بل كانت الأمة بمثابة أداة فريدة ومقدسة في يد الله، استخدمها لغرض إنزال الدينونة على مجتمع كان مُعدًّا للدينونة.
٣. فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ: لم يمكن للكنعانيين أن يهزموا إسرائيل، ومع ذلك كان لدى إسرائيل القدرة على أن ينهزموا من أنفسهم بانحرافهم عن خطة الله وسلطته.
ب) الآيات (٢-٣): تقرير الجواسيس من مدينة عَاي.
٢وَأَرْسَلَ يَشُوعُ رِجَالًا مِنْ أَرِيحَا إِلَى عَايَ الَّتِي عِنْدَ بَيْتِ آوِنَ شَرْقِيَّ بَيْتِ إِيلَ، وَكَلَّمَهُمْ قَائِلًا: «اصْعَدُوا تَجَسَّسُوا الأَرْضَ». فَصَعِدَ الرِّجَالُ وَتَجَسَّسُوا عَايَ. ٣ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى يَشُوعَ وَقَالُوا لَهُ: «لاَ يَصْعَدْ كُلُّ الشَّعْبِ، بَلْ يَصْعَدْ نَحْوُ أَلْفَيْ رَجُل أَوْ ثَلاَثَةُ آلاَفِ رَجُل وَيَضْرِبُوا عَايَ. لاَ تُكَلِّفْ كُلَّ الشَّعْبِ إِلَى هُنَاكَ لأَنَّهُمْ قَلِيلُونَ».
١. فَصَعِدَ الرِّجَالُ وَتَجَسَّسُوا عَايَ: كانت التوصية بإرسال أَلْفَيْ رَجُل أَوْ ثَلاَثَةُ آلاَفِ رَجُل فقط إما دليلًا على الإيمان أو الثقة بالنفس. ففي نهاية المطاف، لم يكن هناك فرق؛ فبسبب عصيانهم، لم يكن ليحدث أي فرق حتى لو أرسلوا ١٠٠.٠٠٠ جندي.
٢. لاَ تُكَلِّفْ كُلَّ الشَّعْبِ إِلَى هُنَاكَ لأَنَّهُمْ قَلِيلُونَ: لقد اعتمدت غلبة إسرائيل على حالتهم الخاصة وكونهم خاضعين لله خضوع تام. وفيما يخص هذا الأمر، فقد كشف تمرد عخان أنهم لم يكونوا خاضعين للرب، مما جعلهم عرضة للهزيمة.
ج) الآيات (٤-٥): إسرائيل تنهزم في عَاي.
٤فَصَعِدَ مِنَ الشَّعْبِ إِلَى هُنَاكَ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُل، وَهَرَبُوا أَمَامَ أَهْلِ عَايَ. ٥فَضَرَبَ مِنْهُمْ أَهْلُ عَايَ نَحْوَ سِتَّةٍ وَثَلاَثِينَ رَجُلًا، وَلَحِقُوهُمْ مِنْ أَمَامِ الْبَابِ إِلَى شَبَارِيمَ وَضَرَبُوهُمْ فِي الْمُنْحَدَرِ. فَذَابَ قَلْبُ الشَّعْبِ وَصَارَ مِثْلَ الْمَاءِ.
١. فَصَعِدَ مِنَ الشَّعْبِ إِلَى هُنَاكَ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُل: كان يشوع، القائد العسكري الحكيم، قد أمر بأن يُصعد عددًا أكبر من الرجال مما اقترحه مستشاروه العسكريون عليه، لكن لم يحدث ذلك أي فرق. فقد هَرَبُوا أَمَامَ أَهْلِ عَايَ.
٢. فَضَرَبَ مِنْهُمْ أَهْلُ عَايَ نَحْوَ سِتَّةٍ وَثَلاَثِينَ رَجُلًا: إن الذين ماتوا في عاي الـ (٣٦ رجلًا) كانوا أكثر مما فقده الشعب في أريحا بـ (٣٦ مرة)، ذلك لأنهم لم يفقدوا ولا نفس واحدة أثناء امتلاكهم أريحا، والتي كان يُعتقد أن هزيمتها كانت الأصعب. وبرغم أن العدد يبدو بسيطًا من الناحية العسكرية، إلا أنه يحمل آثارًا عميقة بالنسبة لإسرائيل. فهو يعني إمكانية هزيمة إسرائيل في أرض الموعد.
• أبرزت الهزيمة في عاي أن العامل الحاسم لم يكن قوة الخصم، بل معونة الله. فبدون معونة الله، ستكون الخسارة تامة.
٣. فَذَابَ قَلْبُ الشَّعْبِ وَصَارَ مِثْلَ الْمَاءِ: إن الخوف الذي سيطر على شعب إسرائيل كان له ما يبرره تمامًا. ولم تكن مخاوفهم بلا أساس، لأنه إذا لم يحارب الله عنهم، فلم يكن لديهم شيء لتوقعه سوى الهزيمة.
ثانيًا. يشوع يلجأ للرب في وقت الأزمة
أ ) الآيات (٦-٩): خَشِي يشوع من أن عدم أمانة الله تسببت في الهزيمة.
٦فَمَزَّقَ يَشُوعُ ثِيَابَهُ وَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ أَمَامَ تَابُوتِ الرَّبِّ إِلَى الْمَسَاءِ، هُوَ وَشُيُوخُ إِسْرَائِيلَ، وَوَضَعُوا تُرَابًا عَلَى رُؤُوسِهِمْ. ٧وَقَالَ يَشُوعُ: «آهِ يَا سَيِّدُ الرَّبُّ! لِمَاذَا عَبَّرْتَ هذَا الشَّعْبَ الأُرْدُنَّ تَعْبِيرًا لِكَيْ تَدْفَعَنَا إِلَى يَدِ الأَمُورِيِّينَ لِيُبِيدُونَا؟ لَيْتَنَا ارْتَضَيْنَا وَسَكَنَّا فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ. ٨أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدُ: مَاذَا أَقُولُ بَعْدَمَا حَوَّلَ إِسْرَائِيلُ قَفَاهُ أَمَامَ أَعْدَائِهِ؟ ٩فَيَسْمَعُ الْكَنْعَانِيُّونَ وَجَمِيعُ سُكَّانِ الأَرْضِ وَيُحِيطُونَ بِنَا وَيَقْرِضُونَ اسْمَنَا مِنَ الأَرْضِ. وَمَاذَا تَصْنَعُ لاسْمِكَ الْعَظِيمِ؟».
١. فَمَزَّقَ يَشُوعُ ثِيَابَهُ: إن تمزيق الثياب ووضع التراب على الرأس يرمز إلى الحداد. لم يحزن يشوع مع شُيُوخُ إِسْرَائِيل على فقدان ستة وثلاثين رجلًا فحسب، بل الأهم من ذلك، على غياب بركة الله وقيادته.
٢. آهِ يَا سَيِّدُ الرَّبُّ! لِمَاذَا عَبَّرْتَ هذَا الشَّعْبَ الأُرْدُنَّ تَعْبِيرًا: بالنسبة ليشوع وشيوخ إسرائيل، مثلت هذه الهزيمة كارثة وطنية. ولم ينظروا إليها باستخفاف؛ ولم يكن لديهم هذا الفكر في معاركهم: “لتربح قليلًا وتخسر قليلًا.” لقد أدركوا أن كل معركة لها أهمية، وأن هناك دائمًا سببًا للهزيمة، فمثل هذه الهزيمة لا تحدث من تلقاء نفسها.
٣. لَيْتَنَا ارْتَضَيْنَا وَسَكَنَّا فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ: لقد أدرك يشوع أنه بدون بركة الله وقيادته، لكان من الأفضل لو لم يأتوا لأرض الموعد على الإطلاق. فإذا لم يتدخل الله لإنقاذهم، فسيُفقد الكل.
• كيف يختلف هذا عن الكثير الذي يجري في الكنيسة اليوم! فنحن غالبًا ما نتبع البرامج والأشخاص، لدرجة أنه إذا سحب الله بركاته وقيادته، لن يفتقدهما أحد لزمن طويل.
٤. مَاذَا تَصْنَعُ لاسْمِكَ الْعَظِيمِ: هذا يبيِّن أن اهتمام يشوع الأساسي كان مجد الله. إن أعظم شعور بخيبة الأمل عندما نتعثر يجب أن يكون أننا ربما سبّبنا عارًا لاسْمِ الله الْعَظِيمِ.
ب) الآيات (١٠-١١): السبب الحقيقي للهزيمة: قَدْ أَخْطَأَ إِسْرَائِيلُ.
١٠فَقَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ: «قُمْ! لِمَاذَا أَنْتَ سَاقِطٌ عَلَى وَجْهِكَ؟ ١١قَدْ أَخْطَأَ إِسْرَائِيلُ، بَلْ تَعَدَّوْا عَهْدِي الَّذِي أَمَرْتُهُمْ بِهِ، بَلْ أَخَذُوا مِنَ الْحَرَامِ، بَلْ سَرَقُوا، بَلْ أَنْكَرُوا، بَلْ وَضَعُوا فِي أَمْتِعَتِهِمْ.
١. قَدْ أَخْطَأَ إِسْرَائِيلُ: الخبر المُفرح هو أن الله لم يخذل الأمة. والخبر المُحزن هو أن هذه الهزيمة كانت بسبب خطية إسرائيل. ولم يكن لدى يشوع أي داع للخوف من أن المشكلة من جانب الله – بل يكاد يكون اكتشاف أن المشكلة تكمن فينا هو أمر مريح.
• لذلك قال الله ليشوع: قُمْ! لم يكن بحاجة إلى أن يتوسل إلى الله ليغير قلبه تجاه إسرائيل. كان على يشوع أن يغير قلب إسرائيل أمام الله.
• إن تدبير الله لنا هو أن نختبر حياة النصرة المتزايدة. إلا أنه لا يُقرّ باستحالة الهزيمة، سالبًا حريتنا في الاختيار بين الخير والشر. فالله يوفر لنا باستمرار إمكانية عدم ارتكاب الخطية. وهنا، قد أَخْطَأَ إسرائيل، لكن كان بإمكانهم ألا يخطئوا.
٢. قَدْ أَخْطَأَ إِسْرَائِيلُ… تَعَدَّوْا… أَخَذُوا… سَرَقُوا… أَنْكَرُوا… وَضَعُوا: أعلن الله أن إِسْرَائِيل كأمة قد أخطأت، وليس فردًا واحدًا فقط. ومن المدهش أن نتأمل أن الأمة بأكملها تم اعتبارها مُخطِئَة، مما أدى إلى مقتل ستة وثلاثين رجلًا، بسبب خطية ارتكبها رجل واحد وعائلته.
• يستخدم بولس لغة مماثلة عندما يتكلم عن الخطية داخل الكنيسة. ففيما يتعلق بالخطية بين كنيسة كورنثوس، قال: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ خَمِيرَةً صَغِيرَةً تُخَمِّرُ الْعَجِينَ كُلَّهُ؟ (١ كورنثوس ٥: ٦). يمكن لقبول قدرًا صغيرًا من الخطية والتساهل معها وسط المؤمنين أن ينقل العدوى للجماعة بأكملها.
• وفي هذا السياق، يعتبر التسامح مع الخطية وقبولها أكثر ضررًا من الخطية نفسها، مما يستلزم التعامل معها بحسم.
٣. بَلْ أَخَذُوا مِنَ الْحَرَامِ، بَلْ سَرَقُوا، بَلْ أَنْكَرُوا: يجب علينا أن نفهم تمامًا ما هي الخطية المُرتَكبة. لقد استولى شخص ما في إسرائيل على أشياء كانت مقدسة لله – أشياء ينبغي أن توضع في مَسكَن اللهِ أو أن يتم تدميرها بالكامل. لقد سرق شخص من الله. وعلى هذا النحو، نحن نسرق من الله عندما لا نعطيه ما يقودنا لنقدمه.
• توضح كل من لاويين ٢٢: ١٤، ٢٧: ١٥، ٢٧: ١٩، و٢٧: ٣١ أنه في إسرائيل، إذا أراد أحد أن يحتفظ بشيء يخص الله، كان عليه أن يدفع غرامة قدرها ٢٠% (الخُمس). وهذا يعادل المبلغ المقرر للتعويض في حالات السرقة (لاويين ٦: ٤-٥).
• يعلمنا العهد الجديد أن العطاء يجب أن يكون منتظمًا ومتناسبًا (كورنثوس الأولى ١:١٦-٢)، وأن يكون سخيًا وهادفًا وبسرور (كورنثوس الثانية ٦:٩-٨). عندما لا نعطي بحسب ما يرشدنا الله، فعلينا أن ننظر لذلك على أنه خطية ونتوب عنها.
ج) الآيات (١٢-١٣): نتيجة الخطية: لم تعد لديهم القدرة للصمود أمام أعدائهم.
١٢فَلَمْ يَتَمَكَّنْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِلثُّبُوتِ أَمَامَ أَعْدَائِهِمْ. يُدِيرُونَ قَفَاهُمْ أَمَامَ أَعْدَائِهِمْ لأَنَّهُمْ مَحْرُومُونَ، وَلاَ أَعُودُ أَكُونُ مَعَكُمْ إِنْ لَمْ تُبِيدُوا الْحَرَامَ مِنْ وَسَطِكُمْ. ١٣قُمْ قَدِّسِ الشَّعْبَ وَقُلْ: تَقَدَّسُوا لِلْغَدِ. لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: فِي وَسَطِكَ حَرَامٌ يَا إِسْرَائِيلُ، فَلاَ تَتَمَكَّنُ لِلثُّبُوتِ أَمَامَ أَعْدَائِكَ حَتَّى تَنْزِعُوا الْحَرَامَ مِنْ وَسَطِكُمْ.
١. فَلَمْ يَتَمَكَّنْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِلثُّبُوتِ أَمَامَ أَعْدَائِهِمْ: لم يكن بوسع إسرائيل أن تحارب تحت حضور الله وقوته ما لم يلتزموا بطاعته. لقد كانت إسرائيل تحت عهد مع الله الذي وعد بالبركة إذا أطاعوا كما وعد باللعنات إذا عصوا كلامه.
• نحن لسنا تحت نفس العهد. فمكانتنا مع الله مؤسسة على عمل يسوع نيابة عنا، وليس من خلال أعمالنا. ومع ذلك، فإذا كنا نرغب في قوة الله وحضوره في معاركنا، فيجب علينا أن نحافظ على الشركة معه. ويمكن لخطيتنا وتمردنا أن يعيقا هذه الشركة.
• إن مكانتنا أمام الله آمنة في يسوع، ولكن خطيتنا تعيق شركتنا معه (يوحنا الأولى ١: ٦). إن هذه الشركة مع الله هي يَنبُوع قوتنا للحياة بحسب الروح.
٢. لأَنَّهُمْ مَحْرُومُونَ: من الحكمة أن ننتبه لحقيقة أن الذي يعيش في الخطية ليس له قوة أمام أعدائه. ومن الرائع أن ندرك أنه بمجرد التعامل مع الخطية، يمكن لقوة الله أن تتدفق في حياتنا الروحية مرة أخرى.
٣. فَلَمْ يَتَمَكَّنْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِلثُّبُوتِ أَمَامَ أَعْدَائِهِمْ… إِنْ لَمْ تُبِيدُوا الْحَرَامَ مِنْ وَسَطِكُمْ: عندما يتعامل الله مع خطية ما في حياتنا ونقاوم تدخله، فبسبب رحمته لنا يجعلنا ننهزم في المعركة، ذلك لأننا نكون في خطر أكبر عندما نعتقد خطًأ أننا “ننتصر” في المعارك بجهودنا الخاصة.
د ) الآيات (١٤-١٥): تعليمات خاصة بدينونة الخطية.
١٤فَتَتَقَدَّمُونَ فِي الْغَدِ بِأَسْبَاطِكُمْ، وَيَكُونُ أَنَّ السِّبْطَ الَّذِي يَأْخُذُهُ الرَّبُّ يَتَقَدَّمُ بِعَشَائِرِهِ، وَالْعَشِيرَةُ الَّتِي يَأْخُذُهَا الرَّبُّ تَتَقَدَّمُ بِبُيُوتِهَا، وَالْبَيْتُ الَّذِي يَأْخُذُهُ الرَّبُّ يَتَقَدَّمُ بِرِجَالِهِ. ١٥وَيَكُونُ الْمَأْخُوذُ بِالْحَرَامِ يُحْرَقُ بِالنَّارِ هُوَ وَكُلُّ مَا لَهُ، لأَنَّهُ تَعَدَّى عَهْدَ الرَّبِّ، وَلأَنَّهُ عَمِلَ قَبَاحَةً فِي إِسْرَائِيلَ».
١. السِّبْطَ الَّذِي يَأْخُذُهُ الرَّبُّ: على الرغم من أن يشوع لم يكن على علم بهوية السبط المتورط في الخطية، إلا أنه كان معروفًا أمام الله. إن الخطية السرية على الأرض هي مفضوحة أمام الله في السماء. وبالتالي، من المهم أن نعيش حياة تتسم بالنزاهة تكون مرئية للجميع، بغض النظر عن الموقع أو الظروف.
٢. وَيَكُونُ الْمَأْخُوذُ بِالْحَرَامِ يُحْرَقُ بِالنَّارِ: بمجرد أن يتعامل الله مع الشخص الخاطئ، يمكن أن تأتي البركة ثانية إلى الأمة بأكملها.
ثالثًا. خطية عَخَان تُدان علانية
أ ) الآيات (١٦-١٨): الله يكشف هوية رب الأسرة الذي أخطأت.
١٦فَبَكَّرَ يَشُوعُ فِي الْغَدِ وَقَدَّمَ إِسْرَائِيلَ بِأَسْبَاطِهِ، فَأُخِذَ سِبْطُ يَهُوذَا. ١٧ثُمَّ قَدَّمَ قَبِيلَةَ يَهُوذَا فَأُخِذَتْ عَشِيرَةُ الزَّارَحِيِّينَ. ثُمَّ قَدَّمَ عَشِيرَةَ الزَّارَحِيِّينَ بِرِجَالِهِمْ فَأُخِذَ زَبْدِي. ١٨فَقَدَّمَ بَيْتَهُ بِرِجَالِهِ فَأُخِذَ عَخَانُ بْنُ كَرْمِي بْنِ زَبْدِي بْنِ زَارَحَ مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا.
١. فَأُخِذَ عَخَانُ بْنُ كَرْمِي بْنِ زَبْدِي بْنِ زَارَحَ مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا: لا بد أن هذه التجربة كانت مؤلمة للغاية بالنسبة لعخان. فكم كان من الأفضل له أن يسير ببساطة في طاعة لله!
٢. عَخَانُ بْنُ كَرْمِي: لا شك أن عخان، طوال هذه المحنة، كان يتذكر بالضبط ما أخذه ويتمنى لو لم يأخذه. ومع ذلك، فيجب عليه – وعلينا – أن نتذكر الندم الذي تجلبه الخطية قبل أن نخطئ، وليس بعد ذلك.
• الخطية لها متعتها. إن أخذ عخان لتلك الأشياء قد منحه شعورًا طيبًا. ولكن عقوبة الخطية، داخليًا وخارجيًا، تفوق بكثير أي ملذات عابرة قد تجلبها.
ب) الآيات (١٩-٢١): يشوع يواجه عخان، وعخان يعترف بخطيته.
١٩فَقَالَ يَشُوعُ لِعَخَانَ: «يَا ابْنِي، أَعْطِ الآنَ مَجْدًا لِلرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ، وَاعْتَرِفْ لَهُ وَأَخْبِرْنِي الآنَ مَاذَا عَمِلْتَ. لاَ تُخْفِ عَنِّي». ٢٠فَأَجَابَ عَخَانُ يَشُوعَ وَقَالَ: «حَقًّا إِنِّي قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ وَصَنَعْتُ كَذَا وَكَذَا. ٢١رَأَيْتُ فِي الْغَنِيمَةِ رِدَاءً شِنْعَارِيًّا نَفِيسًا، وَمِئَتَيْ شَاقِلِ فِضَّةٍ، وَلِسَانَ ذَهَبٍ وَزْنُهُ خَمْسُونَ شَاقِلًا، فَاشْتَهَيْتُهَا وَأَخَذْتُهَا. وَهَا هِيَ مَطْمُورَةٌ فِي الأَرْضِ فِي وَسَطِ خَيْمَتِي، وَالْفِضَّةُ تَحْتَهَا».
١. يَا ابْنِي، أَعْطِ الآنَ مَجْدًا لِلرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ، وَاعْتَرِفْ لَهُ: حتى عندما نخطئ ونحاول أن نخفي الخطية، لا يزال بإمكاننا أن نعطي مَجْدًا لِلرَّبِّ بالاعتراف العلني والصادق بخطيتنا. إن الخطية المستترة دائمًا لها قوة خاصة علينا.
٢. رِدَاءً شِنْعَارِيًّا نَفِيسًا، وَمِئَتَيْ شَاقِلِ فِضَّةٍ، وَلِسَانَ ذَهَبٍ وَزْنُهُ خَمْسُونَ شَاقِلًا: إن ما كسبه عخان من سرقته كان بلا قيمة إذا ما قورن بحياة ستة وثلاثين رجلًا ورفاهية الأمة بأكملها. حقًا مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَة (تيموثاوس الأولى ٦: ١٠).
٣. فَاشْتَهَيْتُهَا وَأَخَذْتُهَا: تأمل في الطريقة التي برر بها عخان خطيته: “لن يعرف أحد.” “لن يلاحظ أحد فقدان تلك الأشياء.” “تأمل كيف سأحظى بالإعجاب في هذا الثوب البابلي الجميل.” “أنا لا أسبب ضررًا لأحد.” “أنا أستحق هذا.” ويمكن أن تستمر قائمة الأعذار إلى ما لا نهاية، لكنها في النهاية تفشل جميعها في تبرير الخطية.
• عندما نجد أنفسنا في نفس الوضع المروّع الذي واجهه عخان، نشعر جميعًا بالندم العميق على خطيتنا، ونتمنى أننا لم نرتكبها أبدًا. ليمنحنا الله البصيرة للتعرف على حقيقة خطيتنا قبل أن نستسلم لها!
ب) الآيات (٢٢-٢٦): اِعتراف مُؤكد، ودينونة مُتَمَّمة.
٢٢فَأَرْسَلَ يَشُوعُ رُسُلًا فَرَكَضُوا إِلَى الْخَيْمَةِ وَإِذَا هِيَ مَطْمُورَةٌ فِي خَيْمَتِهِ وَالْفِضَّةُ تَحْتَهَا. ٢٣فَأَخَذُوهَا مِنْ وَسَطِ الْخَيْمَةِ وَأَتَوْا بِهَا إِلَى يَشُوعَ وَإِلَى جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَبَسَطُوهَا أَمَامَ الرَّبِّ. ٢٤فَأَخَذَ يَشُوعُ عَخَانَ بْنَ زَارَحَ وَالْفِضَّةَ وَالرِّدَاءَ وَلِسَانَ الذَّهَبِ وَبَنِيهِ وَبَنَاتِهِ وَبَقَرَهُ وَحَمِيرَهُ وَغَنَمَهُ وَخَيْمَتَهُ وَكُلَّ مَا لَهُ، وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ، وَصَعِدُوا بِهِمْ إِلَى وَادِي عَخُورَ. ٢٥فَقَالَ يَشُوعُ: «كَيْفَ كَدَّرْتَنَا؟ يُكَدِّرُكَ الرَّبُّ فِي هذَا الْيَوْمِ!». فَرَجَمَهُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ بِالْحِجَارَةِ وَأَحْرَقُوهُمْ بِالنَّارِ وَرَمَوْهُمْ بِالْحِجَارَةِ، ٢٦وَأَقَامُوا فَوْقَهُ رُجْمَةَ حِجَارَةٍ عَظِيمَةً إِلَى هذَا الْيَوْمِ. فَرَجَعَ الرَّبُّ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ. وَلِذلِكَ دُعِيَ اسْمُ ذلِكَ الْمَكَانِ «وَادِيَ عَخُورَ» إِلَى هذَا الْيَوْمِ.
١. بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ: كان أبناء وبنات عخان على علم بالخطية، لأنه من غير المحتمل أن يتمكن من إخفاء كل هذا تحت خيمتهم دون علمهم. ومع ذلك، ربما لم يتم رجمهم بجانب عخان. وبدلًا من أن يُقتلوا مع والدهم، ربما تم إحضارهم ليشهدوا دينونة والدهم.
• في يشوع ٧: ٢٥ و٢٦، تُستخدم ضمائر المفرد للإشارة إلى شخص يُرجم. لكن ضمائر الجمع في يشوع ٧: ٢٤ و٢٥ تشير على الأرجح إلى ممتلكات عخان، وليس إلى أولاده.
٢. وَلِذلِكَ دُعِيَ اسْمُ ذلِكَ الْمَكَانِ «وَادِيَ عَخُورَ» إِلَى هذَا الْيَوْمِ: لقد أطلق الإسرائيليون على هذا المكان اسم وادي المشقة أو الضّيق.
٣. فَرَجَعَ الرَّبُّ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ: حتى عندما يتم التعامل مع خطايا من هذا النوع بشكل صحيح، فإنها يمكن أن تكون بمثابة حافز لاستعادة النصر. والآن صار شعب إسرائيل مرة أخرى في وضع يسمح لهم بالسير بقوة الله وقيادته بعد أن خضعوا للرب من جديد.
• مثل هذا النوع من النصرة لا يأتي إلا بعد اختبار الموت. نحن بحاجة لأن نموت عن الْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا، وأن نعرف أن الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ (غلاطية ٥: ٢٤)، فقوة قيامة يسوع وانتصاره هما لنا بينما نصلب جسدنا معه كل يوم.