رسالة رومية – الإصحَاح ١٦
تحية إلى المؤمنين في روما
أولاً. تحية إلى عدد كبير من المؤمنين.
أ ) الآيات (١-٢): توصية لأجل فيبي.
١أُوصِي إِلَيْكُمْ بِأُخْتِنَا فِيبِي، الَّتِي هِيَ خَادِمَةُ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي كَنْخَرِيَا، ٢كَيْ تَقْبَلُوهَا فِي الرَّبِّ كَمَا يَحِقُّ لِلْقِدِّيسِينَ، وَتَقُومُوا لَهَا فِي أَيِّ شَيْءٍ احْتَاجَتْهُ مِنْكُمْ، لأَنَّهَا صَارَتْ مُسَاعِدَةً لِكَثِيرِينَ وَلِي أَنَا أَيْضًا.
- أُوصِي إِلَيْكُمْ بِأُخْتِنَا فِيبِي: كان بولس يعرف يقيناً قيمة ما يمكن أن تفعله النساء في خدمة الكنيسة. ويبدو أن فيبي كانت في طريقها إلى روما (ربما عهد إليها بهذه الرسالة الثمينة) وقد أرسل بولس توصية لهذه الأخت في المسيح حتى يستقبلها أهل رومية ويدعمونها خلال إقامتها في مدينتهم.
- أُوصِي إِلَيْكُمْ: هذه التوصيات كانت مهمة لأنه كان هناك احتياج مشروع لهذا النوع من المساعدة وكان هناك الكثير من المخادعين الذين أرادوا أن يستغلوا كرم المؤمنين.
- فِيبِي: هذا الاسم هو اللقب المؤنث الذي أُعطِي لأبولو الإله الوثني، والذي يعني “المُشرِق.” ويبدو أن المؤمنين، بعد إيمانهم، لم يشعروا بحاجتهم إلى تغيير أسمائهم حتى وإن كانت لها دلالات وثنية.
- خَادِمَةُ: هي نفس الكلمة المترجمة الشماس في مواضع أخرى. فيبدو أن فيبي كانت شماسة في الكنيسة، إما بالاعتراف الرسمي أو من خلال خدمتها العامة.
- لأَنَّهَا صَارَتْ مُسَاعِدَةً لِكَثِيرِينَ وَلِي أَنَا أَيْضًا: يُعطي بولس لفيبي أفضل ثناء يُمكن أن يُعطي لشخص. فهذا النوع من المساعدة العملية ضروري في الخدمة.
ب) الآيات (٣-٥أ): تحية لبريسكيلّا وأكيلا
٣سَلِّمُوا عَلَى بِرِيسْكِلاَّ وَأَكِيلاَ الْعَامِلَيْنِ مَعِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، ٤اللَّذَيْنِ وَضَعَا عُنُقَيْهِمَا مِنْ أَجْلِ حَيَاتِي، اللَّذَيْنِ لَسْتُ أَنَا وَحْدِي أَشْكُرُهُمَا بَلْ أَيْضًا جَمِيعُ كَنَائِسِ الأُمَمِ، ٥وَعَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِهِمَا.
- بِرِيسْكِلاَّ وَأَكِيلاَ: ورد ذكر هذين الزوجين في أعمال الرسل ٢:١٨، ١٨:١٨ و٢٦:١٨ كمساعدين لأبلوس. ويبدو أنهما قد عادا إلى مدينة روما.
- “عندما يجتمع قلبان مُحبان معاً يصنعان العجائب. وكم هو الاختلاف بينهما وبين حنانيا وسفيرة، الزوج والزوجة اللذان تآمرا في رياء. فنجد هنا زوجان متحدان في تكريس صادق.” سبيرجن (Spurgeon)
- الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِهِمَا: تعطينا هذه العبارة فكرة عن تنظيم الكنيسة الأولى. ففي مدينة ذات مجتمع مسيحي من أي حجم، من الطبيعي أن يكون هناك اجتماعات بيتية مختلفة، بما أنه لم تكن هناك مباني “للكنائس” في ذلك الوقت. وكان لكل مجموعة بيتية “راعٍ” خاص بها.
ج ) الآيات (٥ب-١٦): تحيات مختلفة.
سَلِّمُوا عَلَى أَبَيْنِتُوسَ حَبِيبِي، الَّذِي هُوَ بَاكُورَةُ أَخَائِيَةَ لِلْمَسِيحِ. ٦سَلِّمُوا عَلَى مَرْيَمَ الَّتِي تَعِبَتْ لأَجْلِنَا كَثِيرًا. ٧سَلِّمُوا عَلَى أَنْدَرُونِكُوسَ وَيُونِيَاسَ نَسِيبَيَّ، الْمَأْسُورَيْنِ مَعِي، اللَّذَيْنِ هُمَا مَشْهُورَانِ بَيْنَ الرُّسُلِ، وَقَدْ كَانَا فِي الْمَسِيحِ قَبْلِي. ٨سَلِّمُوا عَلَى أَمْبِلِيَاسَ حَبِيبِي فِي الرَّبِّ. ٩سَلِّمُوا عَلَى أُورْبَانُوسَ الْعَامِلِ مَعَنَا فِي الْمَسِيحِ، وَعَلَى إِسْتَاخِيسَ حَبِيبِي. ١٠سَلِّمُوا عَلَى أَبَلِّسَ الْمُزَكَّى فِي الْمَسِيحِ. سَلِّمُوا عَلَى الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ أَرِسْتُوبُولُوسَ. ١١سَلِّمُوا عَلَى هِيرُودِيُونَ نَسِيبِي. سَلِّمُوا عَلَى الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ نَرْكِيسُّوسَ الْكَائِنِينَ فِي الرَّبِّ. ١٢سَلِّمُوا عَلَى تَرِيفَيْنَا وَتَرِيفُوسَا التَّاعِبَتَيْنِ فِي الرَّبِّ. سَلِّمُوا عَلَى بَرْسِيسَ الْمَحْبُوبَةِ الَّتِي تَعِبَتْ كَثِيرًا فِي الرَّبِّ. ١٣سَلِّمُوا عَلَى رُوفُسَ الْمُخْتَارِ فِي الرَّبِّ، وَعَلَى أُمِّهِ أُمِّي. ١٤سَلِّمُوا عَلَى أَسِينْكِرِيتُسَ، فِلِيغُونَ، هَرْمَاسَ، بَتْرُوبَاسَ، وَهَرْمِيسَ، وَعَلَى الإِخْوَةِ الَّذِينَ مَعَهُمْ. ١٥سَلِّمُوا عَلَى فِيلُولُوغُسَ وَجُولِيَا، وَنِيرِيُوسَ وَأُخْتِهِ، وَأُولُمْبَاسَ، وَعَلَى جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ مَعَهُمْ. ١٦سَلِّمُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ. كَنَائِسُ الْمَسِيحِ تُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ.
- أَبَيْنِتُوسَ: كان أبينتوس مشهوراً لأنه كان على ما يبدو في مقدمة الذين آمنوا من أخائية (حيث كانت كورنثوس وحيث كتب بولس الرسالة إلى أهل رومية). ويبدو أيضاً أن أبينتوس كان عزيزاً على بولس؛ فلم يكن بولس يستخدم كلمة حَبِيبِي بكثرة.
- أَنْدَرُونِكُوسَ وَيُونِيَاسَ: هذان على ما يبدو يهوديان (نَسِيبَيَّ) وقد سُجِنا من أجل الإنجيل (الْمَأْسُورَيْنِ مَعِي). وقد كانا مَشْهُورَين بَيْنَ الرُّسُلِ بعد أن أصبحا مؤمنين حتى قبل بولس (في وقتٍ ما في أول ثلاث أو أربع سنوات بعد يوم الخمسين).
- مَشْهُورَانِ بَيْنَ الرُّسُلِ: يوحي هذا التعبير بأن أندرونكوس ويونياس كانا رسولين (وإن لم يكونا من بين الإثنا عشر)، وكانا مشهورين بين الرسل. إذا كان هناك نساء مُعترف بهن كرُسُل، بمعنى مبعوثات من الله وليس بمعنى كونهم من الإثنا عشر، فهذا هو أقوى دليل كتابي على ذلك، ولكنه ليس دليل قوي.
- أَمْبِلِيَاسَ: يوجد قبر في مقابر المؤمنين الأوائل في روما يرجع تاريخه إلى أواخر القرن الأول أو أوائل القرن الثاني ويحمل اسم أَمْبِلِيَاسَ. ويظن البعض أنه لنفس الشخص المذكور في رومية ٨:١٦.
- سَلِّمُوا عَلَى الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ أَرِسْتُوبُولُوسَ: حقيقة إرسال التحية إلى أَهْلِ أَرِسْتُوبُولُوسَ وليس إلى أَرِسْتُوبُولُوسَ نفسه جعلت سبيرجن (Spurgeon) يعتقد أن أَرِسْتُوبُولُوسَ لم يكن قد آمن كما فعل الكثير مِنْ أَهْلِه، وهو ما جعل سبيرجن يفكر في غير المؤمن الذي يعيش في بيت مؤمنين.
- “يا أَرِسْتُوبُولُوسَ أين أنت؟ ربما هذا ليس اسمك، لكنه يعبر عن شخصيتك، تلك الشخصية الرومانية الغير مؤمنة التي كانت عائلتها تعرف الرب. إذ يمكنني أن أتكلم مع زوجتك وأولادك بكلام الله وأعزيهم، لكني لا أستطيع أن أوجه كلامي لك يا أَرِسْتُوبُولُوسَ! فالرب أرسل رسالة نعمته لإبنك العزيز ولزوجتك المحبوبة، لكن ليس لك، لأنك لم تعطه قلبك.” سبيرجن (Spurgeon)
- رُوفُسَ: قد يكون هذا هو ابن سمعان القيرواني المذكور في مرقس ٢١:١٥. وهذا ممكن، لكن رُوفُسَ كان اسماً شائعاً آنذاك، لذا ربما كان شخصاً آخر.
- الْمُخْتَارِ فِي الرَّبِّ: توحي هذه الكلمات بأن رُوفُسَ كانت له مكانة خاصة بين مؤمني روما، ولا تشير إلى اختياره من قبل يسوع.
- نِيرِيُوسَ: في عام ٩٥م تم إدانة اثنين من الرومان المتميزين بسبب إيمانهما؛ تم اعدام الزوج ونَفي الزوجة. وكان كبير الخدم لديهم يُدعى نيريوس – وقد يكون هذا هو نِيرِيُوسَ المذكور هنا وقد يكون هو من جاء إليهم بالإنجيل.
- أَسِينْكِرِيتُسَ، فِلِيغُونَ، هَرْمَاسَ، بَتْرُوبَاسَ: يجد بولس شيئاً رائعاً ليقوله عن كل واحد منهم تقريباً – مشيراً إلى عملهم وتقديره الخاص لهم (حَبِيبِي فِي الرَّبِّ) وإلى مكانتهم في الرب (الْمُزَكَّى فِي الْمَسِيحِ…. الْمُخْتَارِ فِي الرَّبّ).
- هذا مثال رائع، يُظهر طريقة بولس في التعبير بكلمات مُشجعة تبني شعب الله. فقد كان سخياً في تقديم المديح الرائع والمُخلِص للآخرين.
- سَلِّمُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ: قد يبدو هذا غريب بالنسبة لنا، لكن لوقا ٤٥:٧ يُظهر مدى شيوع تحية القُبلة. فقد انتقد يسوع الفريسي لأنه لم يعطه قُبلة عندما جاء إلى بيته.
- يبدو أن هذه الممارسة أصبح يُساء إستخدامها في وقتٍ لاحق؛ فقد اشتكى إكليمندس الاسكندري من الكنائس التي كان يدوي فيها صوت التقبيل، وكان يقول إن “استخدام القبلات بدون حياء يثير شكوك رديئة يتناقلها الشرير.”
د ) قيمة تحيات بولس المُستفيضة لكنيسة رومية.
- يشرح ليون موريس (Leon Morris) أن هذا الجزء يوضح أن الرسالة إلى رومية “كانت رسالة إلى أشخاص حقيقيين، وعلى حد علمنا، أناس عاديين؛ ولم تُكتب لعلماء لاهوت محترفين.”
- “لقد كانوا مثل معظمنا؛ أفراد عاديين، لكنهم أحبوا الرب، ولذلك عندما استرجع بولس أسمائهم أرسل إليهم رسالة محبة أصبحت محفوظة في الكتاب المقدس. فيجب ألا نفكر في المؤمنين المتميزين فقط وننسى منزلة وتاريخ جيش الرب. ولا يجب أن نُركز فقط على الرُتب الظاهرة، بل علينا أن نُحب كل من أحبهم المسيح، ونُقدر كل خدامه. فمن الأفضل أن نكون عبيد الرب بدلاً من أن نكون أحباء الشيطان.” سبيرجن (Spurgeon)
- لاحظ النساء المذكورات في هذا الإصحَاح: فِيبِي وبِرِيسْكِلاَّ ومَرْيَمَ وتَرِيفَيْنَا وَتَرِيفُوسَا وأم رُوفُسَ وَجُولِيَا. فهؤلاء هم نساء عملن من أجل الرب.
- “خدمة المرأة في الروح تختلف تماماً عن توليها سُلطة أو تعديها على ترتيب جماعة الله.” نيويل (Newell)
- لاحظ عملهن من أجل للرب: البعض، مثل وتَرِيفَيْنَا وَتَرِيفُوسَا، تَّاعِبَتَيْنِ فِي الرَّبّ، وآخريات، مثل بَرْسِيسَ، تَعِبَتْ كَثِيرًا فِي الرَّبِّ. “هناك إذاً درجات مختلفة في الكرامة بين المؤمنين، ويتم تحديد هذه الدرجات بحسب الخدمة المُنجزة. فإنه لشرف أن نعمل من أجل المسيح، وشرف أعظم أن نعمل كثيراً من أجله. لذا، فإن أي شخص ينضم إلى الكنيسة ويرغب في الحصول على مكان أو مكانة، شرف أو كرامة، فالطريق إلى ذلك هو العمل، والعمل الكثير.” سبيرجن (Spurgeon)
- من الأسماء الـ ٢٤ المذكورة هنا، نجد أن ١٣ اسم منهم يظهروا في وثائق متعلقة بقصر الإمبراطور في روما. وبحسب فيلبي ٢٢:٤ نحن نعلم بوجود مؤمنين بين أسرة قيصر. وربما كتب بولس رسالته إلى العديد من خدام قيصر الذين أصبحوا مؤمنين.
ثانياً. الكلمات الختامية والتحذيرات.
أ ) الآيات (١٧-٢٠): كلمة تحذير بشأن صانعي الشقاقات والمُخادعين.
١٧وَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تُلاَحِظُوا الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الشِّقَاقَاتِ وَالْعَثَرَاتِ، خِلاَفًا لِلتَّعْلِيمِ الَّذِي تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ. ١٨لأَنَّ مِثْلَ هؤُلاَءِ لاَ يَخْدِمُونَ رَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ بَلْ بُطُونَهُمْ. وَبِالْكَلاَمِ الطَّيِّبِ وَالأَقْوَالِ الْحَسَنَةِ يَخْدَعُونَ قُلُوبَ السُّلَمَاءِ. ١٩لأَنَّ طَاعَتَكُمْ ذَاعَتْ إِلَى الْجَمِيعِ، فَأَفْرَحُ أَنَا بِكُمْ، وَأُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا حُكَمَاءَ لِلْخَيْرِ وَبُسَطَاءَ لِلشَّرِّ. ٢٠وَإِلهُ السَّلاَمِ سَيَسْحَقُ الشَّيْطَانَ تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ سَرِيعًا. نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَكُمْ. آمِينَ.
- لاَحِظُوا الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الشِّقَاقَاتِ وَالْعَثَرَاتِ: يتضمن هذا أولئك الذين قد يُقَسِمون شعب الله (يَصْنَعُونَ الشِّقَاقَاتِ) والذين يخدعون شعب الله (عَثَرَاتِ.. خِلاَفًا لِلتَّعْلِيمِ الَّذِي تَعَلَّمْتُمُوهُ). وبمجرد ظهور هؤلاء في الكنيسة، يجب تجنبهم.
- هذا الأمر ضروري لغرض الله بالنسبة للكنيسة؛ فالحق بدون وحدة يؤدي إلى التفاخر، والوحدة بدون حق تقود إلى البُعد عن الإنجيل الحقيقي نفسه. لذا يجب الحماية من كلاهما.
- أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ: تشير هذه النبرة إلى مدى أهمية ذلك بالنسبة لبولس. “من الممكن أن يكون بولس قد كتب هذه الكلمات بنفسه… ومن المحتمل جداً أنه كتب هذه الكلمات ثم أعاد القلم لترتيوس لكي يكتب الملاحظات الختامية. ثم حدث شيء غير مُعتاد في نهاية هذه الرسالة؛ وقد يكون هذا ما حدث فعلاً.” موريس (Morris)
- “يتم إطلاق النار على الكلاب الضالة؛ ويتم وضع حاملي الأمراض المعدية تحت الحجر الصحي؛ أما مُعلمي الشر الذين يصنعون الشقاقات ويجتذبون القديسين بتعاليم تخالف عقيدة المسيح ورُسُله، يتم التساهل معهم في كل مكان!” نيويل (Newell)
- بِالْكَلاَمِ الطَّيِّبِ وَالأَقْوَالِ الْحَسَنَةِ يَخْدَعُونَ: التحذير ضروري لأن هؤلاء الذين يصنعون الشقاقات والمُخادعون لا يُعلنون عن أنفسهم، فهم يستخدمون الْكَلاَمِ الطَّيِّبِ وَالأَقْوَالِ الْحَسَنَةِ ودائماً ما يستهدفون البسطاء (السُّلَمَاءِ) الذين هم عادة صغار في الإيمان.
- يَخْدَعُونَ قُلُوبَ السُّلَمَاءِ (البسطاء): يدل هذا على أن تأثير صانعي الشقاقات والمخادعين ليس على الجميع، لكن يجب ألا ننتظر حتى يتم تشتيت أو خداع الجميع حتى نشعر بالقلق من نحوهم.
- لاَ يَخْدِمُونَ رَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ بَلْ بُطُونَهُمْ: صانعي الشقاقات والمخادعون لا يريدون أبداً أن تظهر أنانيتهم، وعادةً ما ينظرون إلى أنفسهم باعتبارهم مجاهدين نبلاء من أجل قضية عظيمة. ومع ذلك، مهما كان مظهرهم الخارجي، فإن دوافعهم في الأساس أنانية وجسدية.
- طَاعَتَكُمْ ذَاعَتْ إِلَى الْجَمِيعِ: يعني هذا أنه عندما يتعلق الأمر بصانعي الشقاقات والمُخادعين، فليس المطلوب من أهل رومية أن يقوموا بتصحيح وضع سيء. فهم بالفعل يتعاملون مع هذه المواقف بشكل جيد، وكان بولس فَرِحُ بذلك. ومع هذا يجب أن يستمروا في الجهاد ضد هجمات صانعي الشقاقات والمُخادعين.
- أَنْ تَكُونُوا حُكَمَاءَ لِلْخَيْرِ: هذا هو أفضل دفاع ضد صانعي الشقاقات والمُخادعين؛ فإن معرفة الخير هي أكثر نفعاً بكثير من معرفة الشر، ومعرفة الحق أفضل من معرفة الزيف.
- وَإِلهُ السَّلاَمِ سَيَسْحَقُ الشَّيْطَانَ تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ سَرِيعًا: أي كنيسة تتمتع بنفس سمعة كنيسة رومية الرائعة، وتحترس من صانعي الشقاقات والمُخادعين، سوف ترى الله وهو يَسْحَقُ الشَّيْطَانَ تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ سَرِيعًا.
- نحن نرى أن الله هو الذي يقوم بالسحق، لكن الشيطان ينتهي به الأمر تحت أقدام المؤمنين.
- بالطبع لن يحدث هذا حتى يتم تقييد إبليس وطرحه في الهاوية (رؤيا يوحنا ١:٢٠-٣)؛ لكن كل انتصار يحققه لنا الله الآن هو عرض مسبق لهذا الحدث.
ب ) الآيات (٢١-٢٤): تحية من الذين في كورنثوس مع بولس.
٢١يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ تِيمُوثَاوُسُ الْعَامِلُ مَعِي، وَلُوكِيُوسُ وَيَاسُونُ وَسُوسِيبَاتْرُسُ أَنْسِبَائِي. ٢٢أَنَا تَرْتِيُوسُ كَاتِبُ هذِهِ الرِّسَالَةِ، أُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ فِي الرَّبِّ. ٢٣يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ غَايُسُ مُضَيِّفِي وَمُضَيِّفُ الْكَنِيسَةِ كُلِّهَا. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَرَاسْتُسُ خَازِنُ الْمَدِينَةِ، وَكَوَارْتُسُ الأَخُ. ٢٤نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ.
- تِيمُوثَاوُسُ: أول ذكر هنا من نصيب تِيمُوثَاوُسُ لكونه أحد أقرب شركاء بولس وأكثرهم ثقة.
- أَنَا تَرْتِيُوسُ كَاتِبُ هذِهِ الرِّسَالَةِ: كان تَرْتِيُوسُ هو الكاتب الذي كان بولس يُمليه عليه ما يكتب في الرسالة. وكان هذا هو المعتاد لدى بولس في كتابته للكنائس، لكن هذه هي الرسالة الأولى التي يُذكر فيها سكرتير بولس بالإسم.
- غَايُسُ: كان لهذا الأخ سُمعة طيبة في كرم الضيافة لدرجة أن بولس يقول إنه كان يُعتبر مُضَيِّفُ الْكَنِيسَةِ كُلِّهَا.
ج ) الآيات (٢٥-٢٧): خاتمة الرسالة: تمجيد الله.
٢٥وَلِلْقَادِرِ أَنْ يُثَبِّتَكُمْ، حَسَبَ إِنْجِيلِي وَالْكِرَازَةِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، حَسَبَ إِعْلاَنِ السِّرِّ الَّذِي كَانَ مَكْتُومًا فِي الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، ٢٦وَلكِنْ ظَهَرَ الآنَ، وَأُعْلِمَ بِهِ جَمِيعُ الأُمَمِ بِالْكُتُبِ النَّبَوِيَّةِ حَسَبَ أَمْرِ الإِلهِ الأَزَلِيِّ، لإِطَاعَةِ الإِيمَانِ، ٢٧للهِ الْحَكِيمِ وَحْدَهُ، بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لَهُ الْمَجْدُ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ.
- وَلِلْقَادِرِ: مع كل الأخطار التي تواجه أهل كنيسة رومية – وكل كنيسة – يختتم بولس رسالته بأن يُودِعهم لله الْقَادِرِ أَنْ يُثَبِّتَهم. وقد عرف بولس أيضاً أن هذا سيتم حَسَبَ إِنْجِيلِي وَالْكِرَازَةِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ.
- حَسَبَ إِعْلاَنِ السِّرِّ: يقصد بولس بهذا السِر خطة الفداء بأكملها من خلال يسوع المسيح. فعلى الرغم من أن الله أعلن عن جزء كبير من الخطة سابقاً من خلال النبوة، إلا أن الشكل النهائي لم يكن واضحاً حتى كشفه الله من خلال يسوع.
- والآن بعد إِعْلاَنِ السِّرِّ من خلال التبشير بالإنجيل، يدعو الله جَمِيعُ الأُمَمِ لإِطَاعَةِ الإِيمَانِ.
- للهِ الْحَكِيمِ وَحْدَهُ، بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لَهُ الْمَجْدُ إِلَى الأَبَدِ: في هذه الخاتمة يتحدث بولس عن حكمة خطة الله في الإنجيل وحقيقة أن هذه الحكمة هي أعظم من إدراك الإنسان؛ فقد كان لدى الله خطة لم يكن لأي إنسان أن يأتي بها، لكن حكمة الخطة ومجدها ظاهران.
- إذا كان هناك أي شيء تشرحه رسالة رومية من البداية إلى النهاية، فهو عظمة ومجد خطة الله، وهي الإنجيل – الخبر السار – الذي كان بولس يبشر به. ومن المناسب تماماً أن يختتم بولس هذه الرسالة مُسبحاً الله من أجل هذا الإنجيل.
- الخبر السار الذي بشر به بولس أظهر الله الذي اختار أن يُمجد ذاته من خلال شخص وعمل يسوع المسيح، والذي سيمجد ذاته بهذه الطريقة إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ.