إنجيل لوقا – الإصحاح ٢٠
سؤال وجواب مع يسوع
“لم تكن إجاباته خارقة الذكاء، ولكنها كشفت عن جهل الأَسْئِلَة” مورغان (Morgan)
أولاً. سؤال القادة اليهود عن سُلطان يسوع
أ ) الآيات (١-٢): القادة الدينيين والسياسيين يسألون يسوع
١وَفِي أَحَدِ تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ إِذْ كَانَ يُعَلِّمُ ٱلشَّعْبَ فِي ٱلْهَيْكَلِ وَيُبَشِّرُ، وَقَفَ رُؤَسَاءُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلْكَتَبَةُ مَعَ ٱلشُّيُوخِ، ٢وَكَلَّمُوُه قَائِلِينَ: «قُلْ لَنَا: بِأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ هَذَا؟ أَوْ مَنْ هُوَ ٱلَّذِي أَعْطَاكَ هَذَا ٱلسُّلْطَانَ؟».
- وَقَفَ رُؤَسَاءُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلْكَتَبَةُ مَعَ ٱلشُّيُوخِ وَكَلَّمُوُه: لم يسعى يسوع وراء تلك المجادلات الرائعة مع القادة اليهود، بل أراد أن يُعلم الناس ويبشرهم بالأخبار السارة. ومع ذلك كانوا يستجوبونه دائماً، ولكنه كان يجيبهم بحكمة عظيمة وبسلطان.
- قُلْ لَنَا: بِأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ هَذَا؟ أظهر يسوع شجاعة كبيرة بدخوله أورشليم وطرده للباعة في الهيكل. ولهذا أراد القادة اليهود أن يعرفوا بأي حق كان يفعل ذلك، لا سيما وأنه لم يتلقى أي تعليم على يد المعلمين اليهود.
- لم تكن هذه بداية التهم الرسمية الموجهة ليسوع من قبل السلطات الدينية. ولكن تطهيره للهيكل وتعليمه للشعب زاد من قلقهم. كتب بايت (Pate): “تعليم يسوع ووعظه وتطهيره للهيكل (لوقا ٤٥:١٩-٤٦) أثار الجدل بين صفوف المسؤولين وصاروا ينظرون إليه كخصم.”
ب) الآيات (٣-٨): يسوع يجيب عن استفسارهم بسؤال
٣فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنَا أَيْضًا أَسْأَلُكُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً، فَقُولُوا لِي: ٤مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا: مِنَ ٱلسَّمَاءِ كَانَتْ أَمْ مِنَ ٱلنَّاسِ؟». ٥فَتَآمَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ قَائِلِينَ: «إِنْ قُلْنَا: مِنَ ٱلسَّمَاءِ، يَقُولُ: فَلِمَاذَا لَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ؟ ٦وَإِنْ قُلْنَا: مِنَ ٱلنَّاسِ، فَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ يَرْجُمُونَنَا، لِأَنَّهُمْ وَاثِقُونَ بِأَنَّ يُوحَنَّا نَبِيٌّ». ٧فَأَجَابُوا أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مِنْ أَيْنَ. ٨فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «وَلَا أَنَا أَقُولُ لَكُمْ بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هَذَا».
- مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا: مِنَ ٱلسَّمَاءِ كَانَتْ أَمْ مِنَ ٱلنَّاسِ؟ لم يتهرب يسوع من سؤالهم عندما قال هذا. بل استخدم السؤال ليشرح حقيقة نفسه ويفضح رياءهم. لو كان يوحنا المعمدان مُرسل من الله، إذاً سيكون إعلانه أن يسوع هو المسيا صحيحاً، وإن كان صحيحاً، إذاً فسلطان يسوع كان من الله.
- كتب بايت (Pate): “رَدُّ القادة بخصوص يوحنا سيؤثر على ردهم بخصوص يسوع بما أن كليهما لم يكن من المعلمين اليهود.”
- فَأَجَابُوا أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مِنْ أَيْنَ: تُظهر إجابتهم عدم صدقهم في السعي وراء الحق. فكان اهتمامهم الأول ربح الجدل ضد يسوع أكثر من معرفة الحق.
- علّقَ جيلدنهويس (Geldenhuys): “وكأنه يقول: إن لم تميزوا السلطان عند رؤيته، فلن تقتنعوا مهما تناقشنا.”
- وَلَا أَنَا أَقُولُ لَكُمْ بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هَذَا: رفض يسوع الإجابة على سؤالهم عندما كشفوا عن سعيهم الزائف. فقد أظهر يسوع إهتماماً كبيراً بطالبي الحق الصادقين، وليس بالمنتقدين الساخرين والمتلاعبين.
- إن أردنا الحصول على إجابات من يسوع، فعلينا أن نتعامل بطريقة صحيحة مع الحق الذي يُعلن. عَلِمَ القادة أن يوحنا أعلن أن يسوع هو المسيا المنتظر، ومع ذلك لم يكونوا مستعدين لقبوله.
ثانياً. مَثَل الكرامين
أ ) الآيات (٩-١٦أ): مَثَل عن الكَرّام والكرّامينَ
٩وَٱبْتَدَأَ يَقُولُ لِلشَّعْبِ هَذَا ٱلْمَثَلَ: «إِنْسَانٌ غَرَسَ كَرْمًا وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ زَمَانًا طَوِيلًا. ١٠وَفِي ٱلْوَقْتِ أَرْسَلَ إِلَى ٱلْكَرَّامِينَ عَبْدًا لِكَيْ يُعْطُوهُ مِنْ ثَمَرِ ٱلْكَرْمِ، فَجَلَدَهُ ٱلْكَرَّامُونَ، وَأَرْسَلُوهُ فَارِغًا. ١١فَعَادَ وَأَرْسَلَ عَبْدًا آخَرَ، فَجَلَدُوا ذَلِكَ أَيْضًا وَأَهَانُوهُ، وَأَرْسَلُوهُ فَارِغًا. ١٢ثُمَّ عَادَ فَأَرْسَلَ ثَالِثًا، فَجَرَّحُوا هَذَا أَيْضًا وَأَخْرَجُوهُ. ١٣فَقَالَ صَاحِبُ ٱلْكَرْمِ: مَاذَا أَفْعَلُ؟ أُرْسِلُ ٱبْنِي ٱلْحَبِيبَ، لَعَلَّهُمْ إِذَا رَأَوْهُ يَهَابُونَ! ١٤فَلَمَّا رَآهُ ٱلْكَرَّامُونَ تَآمَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ قَائِلِينَ: هَذَا هُوَ ٱلْوَارِثُ! هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ لِكَيْ يَصِيرَ لَنَا ٱلْمِيرَاثُ! ١٥فَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ ٱلْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ. فَمَاذَا يَفْعَلُ بِهِمْ صَاحِبُ ٱلْكَرْمِ؟ ١٦يَأْتِي وَيُهْلِكُ هَؤُلَاءِ ٱلْكَرَّامِينَ وَيُعْطِي ٱلْكَرْمَ لِآخَرِينَ».
- إِنْسَانٌ غَرَسَ كَرْمًا وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ: كانت مثل هذه الترتيبات أمراً شائعاً في زمن يسوع، خاصة في الجليل. وقد اِكتَشَفَ علماء الآثار سجلات تشير لهذه الخلافات التي كانت تحدث بين مُلاك الأراضي والمزارعين المستأجرين.
- غَرَسَ كَرْمًا: لم يكن المثل على علاقة وثيقة بالثقافة السائدة حينها فقط، بل كانت له جذور في العهد القديم. فكان المستمعين على دراية أن ٱلْكَرْم في العهد القديم يشير عادة إلى أمة إسرائيل (إشعياء ١:٥-٧)، وأن المستأجرين (الكَرَّامِينَ) هم قادة إسرائيل الذين وكلهم الله على الشعب اليهودي.
- وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ (أجَّرَهُ لِبَعضِ الفَلّاحِينَ): لم يشتري الكرامين الكرم ولم يزرعوه. بل سمح لهم المالك السخي أن يعملوا به – ومع هذا، تحولوا ضده. ويوماً ما سيقدموا حساباً عن عصيانهم.
- يخبرنا هذا المثل أن الله، الذي يملك كل شيء، أكثر صبراً على المتمردين منا، وأنه سيأتي يوم أخير لتصفية الحساب.
- مَاذَا أَفْعَلُ؟ أُرْسِلُ ٱبْنِي ٱلْحَبِيبَ: حاول صاحب الكرم مراراً وتكراراً أن يأخذ حقه من الكرم ومن العاملين فيه. ولكنهم رفضوا كل الخدم الذين أرسلهم ليأخذ حقه، وأخيراً أرسل ابنه ٱلْحَبِيبَ، مُعتقداً أنهم “رُبَّمَا يَحْتَرِمُونَهُ! (لَعَلَّهُمْ يَهَابُونَ).”
- هَذَا هُوَ ٱلْوَارِثُ! هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ لِكَيْ يَصِيرَ لَنَا ٱلْمِيرَاثُ! اعتقدوا بحماقة أنهم سيستفيدون من موت ٱلِٱبْن الذي كان سيرث الكرم. بالطبع كانوا مخطئين جداً بهذا الافتراض الغبي.
- علّقَ بايت (Pate): “اِعْتَقَدَ الباحث واللاهوتي المخضرم جواشيم جيريمياس أن الفلاحين أفتراضوا أن صاحب الكرم قد مات ولهذا جاء ٱلِٱبْن. وفكروا أنهم إن تمكنوا من قتل الوريث الوحيد، فسيصبح الكرم لهم باعتبارهم أول المطالبين به.”
- ويُعلّق موريس (Morris): “في زمن كان فيه سند الملكية غير متوفر أحياناً، كان يحق لمن يستخدم الأرض ثلاث سنوات أن يمتلكها في حال عدم وجود من يطالب بها.”
- يخبرنا هذا المثل أن يسوع كان يعرف أنه ٱلِٱبْن – ابن الله – كما وكان يعلم أنه سيقتل قريباً.
ب) الآيات (١٦ب-١٩): تطبيق المثل
فَلَمَّا سَمِعُوا قَالُوا: «حَاشَا!». ١٧فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: «إِذًا مَا هُوَ هَذَا ٱلْمَكْتُوبُ: ٱلْحَجَرُ ٱلَّذِي رَفَضَهُ ٱلْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ ٱلزَّاوِيَةِ؟ ١٨كُلُّ مَنْ يَسْقُطُ عَلَى ذَلِكَ ٱلْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ، وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ!». ١٩فَطَلَبَ رُؤَسَاءُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلْكَتَبَةُ أَنْ يُلْقُوا ٱلْأَيَادِيَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ، وَلَكِنَّهُمْ خَافُوا ٱلشَّعْبَ، لِأَنَّهُمْ عَرَفُوا أَنَّهُ قَالَ هَذَا ٱلْمَثَلَ عَلَيْهِمْ.
- حَاشَا!: فَهِمَ القادة اليهود المثل على الفور واعترضوا لمقارنتهم بالمستأجرين المتمردين والحمقى (عَرَفُوا أَنَّهُ قَالَ هَذَا ٱلْمَثَلَ عَلَيْهِمْ). ولأنهم كانوا عميان روحياً قالوا: “لا سمح الله، لن نكون مثلهم أبداً.”
- ٱلْحَجَرُ ٱلَّذِي رَفَضَهُ ٱلْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ ٱلزَّاوِيَةِ: علمهم يسوع من المزمور ١١٨، لأنه المزمور الذي يصف مجيء المسيا إلى أورشليم. ولم يكن قد مضى وقت طويل على دخول يسوع الانتصاري إلى أورشليم وتقديمه للشعب رسمياً. ولكن العداء الذي أظهره القادة اليهود يؤكد أن هذا ٱلْحَجَرُ، أي المسيا، قد رَفَضَهُ ٱلْبَنَّاؤُونَ بالفعل، رغم أنهم استقبلوه بالبداية بهتافٍ.
- كتب بايت (Pate): “يبدو أن يسوع ربط بين رفض ٱلِٱبْن ورفض الحجر ليشرح للناس تساؤلهم حول معاملة ٱلِٱبْن.”
- ٱلْحَجَرُ … رَأْسَ ٱلزَّاوِيَةِ: غالباً ما كان يسوع يُشَبَهُ بالحجر أو الصخرة في الكتاب المقدس. فهو الصَّخرَةِ الرُّوحِيَّةِ الَّتِي كانَتْ تَتبَع شعب إسرائيل في الصحراء (٤:١٠). وهو حَجَرَ صَدْمَةٍ وَصَخْرَةَ عَثْرَةٍ (بطرس الأولى ٨:٢). وهُوَ الحَجَرُ الِّذِي قُطِعَ مِنَ الجَبَلِ بِلا يَدَينِ ليسحق ممالك هذا العالم (دانيال ٤٥:٢).
- رَأْسَ (حجر) ٱلزَّاوِيَةِ: كتب بايت (Pate) مقتبساً من فيتزماير (Fitzmyer): “كان حجر الزاوية في العصور القديمة مخصص لحمل وزن أو ضغط جدارين. وكان الحجر المركزي في قمة القوس أو في أي شكل معماري آخر. إنه الحجر الأساس والأهم لأي بناء.”
- كُلُّ مَنْ يَسْقُطُ عَلَى ذَلِكَ ٱلْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ، وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ! كل من يأتي إلى يسوع يَتَرَضَّضُ (ينكسر) من كبريائه ومن إرادته، ولكن أولئك الذين يرفضون المجيء سيسحقون من يسوع وقت الدينونة.
ثالثاً. الله وقيصر
أ ) الآيات (٢٠-٢٢) محاولة الفريسيين للإيقاع بيسوع
٢٠فَرَاقَبُوهُ وَأَرْسَلُوا جَوَاسِيسَ يَتَرَاءَوْنَ أَنَّهُمْ أَبْرَارٌ لِكَيْ يُمْسِكُوهُ بِكَلِمَةٍ، حَتَّى يُسَلِّمُوهُ إِلَى حُكْمِ ٱلْوَالِي وَسُلْطَانِهِ. ٢١فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ بِٱلِٱسْتِقَامَةِ تَتَكَلَّمُ وَتُعَلِّمُ، وَلَا تَقْبَلُ ٱلْوُجُوهَ، بَلْ بِٱلْحَقِّ تُعَلِّمُ طَرِيقَ ٱللهِ. ٢٢أَيَجُوزُ لَنَا أَنْ نُعْطِيَ جِزْيَةً لِقَيْصَرَ أَمْ لَا؟».
- لِكَيْ يُمْسِكُوهُ بِكَلِمَةٍ، حَتَّى يُسَلِّمُوهُ إِلَى حُكْمِ ٱلْوَالِي وَسُلْطَانِهِ: خوفهم من الرأي العام منعهم من توقيفه. وها هم أعداء يسوع الآن يحاولون قلب التيار ضده وإثارة الرأي العام ليبدو موالياً للحكومة الرومانية.
- علّقَ كلارك (Clarke): “معنى الكلمة جَوَاسِيسَ في اللغة الأصلية: الوقوع في كمين أو أن يتصيد أحد أو الجلوس في مكان سري بغرض التجسس أو التنصت أو الإيقاع بأحد… مما لا شك فيه أن هؤلاء الجواسيس كانوا هكذا، واستأجروهم الفريسيون للقيام بما لم يتمكنوا هم من فعله.”
- يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ بِٱلِٱسْتِقَامَةِ تَتَكَلَّمُ وَتُعَلِّمُ، وَلَا تَقْبَلُ ٱلْوُجُوهَ، بَلْ بِٱلْحَقِّ تُعَلِّمُ طَرِيقَ ٱللهِ: قالوا هذا الكلام الناعم كمحاولة واضحة وسخيفة للتأثير عليه. وكانوا يأملون أنه كان يشعر بعدم الأمان أو كان غبياً ليتأثر بثنائهم الأجوف.
- أَيَجُوزُ لَنَا أَنْ نُعْطِيَ جِزْيَةً لِقَيْصَرَ أَمْ لَا؟: كانت مشكلة يسوع مع هذا السؤال بسيطة جداً. فإذا قال يجب دفع الضرائب، يمكن أن يتهم بإنكار سيادة الله على إسرائيل (وبهذا يجعل نفسه عدواً للشعب اليهودي). وإذا قال لا ينبغي دفع الضرائب، فسيجعل من نفسه عدواً لروما.
- طالبت الحكومة الرومانية من الشعب اليهودي في فلسطين بدفع الضرائب، ومنذ العام ٦م كانوا يدفعون الضرائب مباشرة إلى خزينة الإمبراطور. ورفض بعض الوطنيين اليهود (مثل الغيورين) دفع الضرائب، خوفاً من الاعتراف بشرعية الحكم الروماني. ولكن الباقي كانوا يدفعون على مضض.
ب) الآيات (٢٣-٢٦) يسوع يجيب على سؤالهم
٢٣فَشَعَرَ بِمَكْرِهِمْ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي؟ ٢٤أَرُونِي دِينَارًا. لِمَنِ ٱلصُّورَةُ وَٱلْكِتَابَةُ؟». فَأَجَابُوا وَقَالوُا: «لِقَيْصَرَ». ٢٥فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلهِ للهِ». ٢٦فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُمْسِكُوهُ بِكَلِمَةٍ قُدَّامَ ٱلشَّعْبِ، وَتَعَجَّبُوا مِنْ جَوَابِهِ وَسَكَتُوا.
- لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي؟: إن كان بهذه الكلمات نبرة من الغضب، ذلك لأنه سئم من محاولاتهم. ويمكننا أن نتخيل أنه فكر كالتالي: “لماذا تستمرون في تجربتي رغم فشلكم الدائم؟ إلى متى ستستمرون في المحاولة؟”
- لِمَنِ ٱلصُّورَةُ وَٱلْكِتَابَةُ؟: وكأنه يقول: “أنتم تعترفون بسلطة قيصر عندما تستخدمون نقوده، ولهذا أنتم مُلزمون بدفع الضرائب التي يطلبها منكم.”
- كتب بايت (Pate): “كان الدينار يحمل صورة القيصر طِيباريوس ونقش بعبارة: (طيباريوس القيصر، ابن الإله أوغسطس). ويُفهم من الصورة والنقوش أنها كانت ممتلكات خاصة، وبالتالي كانت القطع النقدية تخص قيصر.”
- أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ: أكد يسوع على أهمية الالتزام بقوانين الحكومة. فنحن مسؤولون أمام الله في كل ما نعمل، ولكن علينا أن نخضع للحكومة فيما يتعلق بالأمور المدنية والقومية.
- كتب بطرس في رسالته الأولى ١٧:٢ شيئاً شبيهاً لهذا: “خَافُوا ٱللهَ. أَكْرِمُوا ٱلْمَلِكَ.” وعلّقَ موريس (Morris): “أكد يسوع أننا مواطنون في السماء والأرض في نفس الوقت.”
- كتب باركلي (Barclay): “يحمل كل مؤمن جنسية مزدوجة. فهو مواطن في البلد الذي يعيش فيه، ومدين له بأشياء كثيرة: مدينٌ بسلامته من الخارجين عن القانون لأن الحكومة المستقرة فقط تمنحه هذا السلام، ومدينٌ بشكل عام لكل الخدمات التي تُقدم.”
- كتب فرانس (France): “تعني كلمة أَعْطُوا في الآية ١٧ “رد الجميل.” إنه الفعل المستخدم لتسديد فاتورة أو تسوية الدين. إنهم مدينون له.”
- وَمَا لِلهِ للهِ: كلٌ منا يحمل صورة الله بداخله. وهذا يعني أننا ننتمي إلى الله وليس لقيصر أو لأنفسنا.
- كتب كلارك (Clarke): “هذا الأمر يرسخ حدود كل من الإمبراطوريتين السماوية والأرضية، كما وينظم الحقوق ويميز السلطات لكل منها. صورة الأمراء على العملة يدل على أن الأشياء الأرضية تنتمي للدولة الأرضية، وصورة الله المختومة في نفوسنا تدل على أن كل السلطان والقوة مُلك الإله العلي القدير، ويجب استخدامها لخدمته.”
- ولو أعطى الشعب اليهودي ما لله لله، فلن يكون عليهم أبداً أن يعطوا لقيصر أي شيء. وإن خضعوا لعهدهم مع الله في زمن العهد الجديد، لما كان عليهم أن يعانوا أبداً من اضطهاد واحتلال الإمبراطورية الرومانية.
- فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُمْسِكُوهُ بِكَلِمَةٍ: قدم يسوع إجابة حكيمة ومناسبة على سؤالهم. ومع ذلك، أخذوا هذا الجواب المثالي وشوهوه وحولوه إلى اتهام في لوقا ٢:٢٣، وقالوا أنه منعهم أنْ يعطوا الجِزيَة لقَيصَرَ، مع أنه قال العكس تماماً.
رابعاً. السؤال عن القيامة الأموات
أ ) الآيات (٢٧-٣٣) يسأل الصدوقيون يسوع سؤالاً سخيفاً
٢٧وحَضَرَ قَوْمٌ مِنَ الصَّدّوقيّينَ، الّذينَ يُقاوِمونَ أمرَ القيامَةِ، وسألوهُ ٢٨قائليِنَ: «يا مُعَلِّمُ، كتَبَ لنا موسَى: إنْ ماتَ لأحَدٍ أخٌ ولهُ امرأةٌ، وماتَ بغَيرِ ولَدٍ، يأخُذُ أخوهُ المَرأةَ ويُقيمُ نَسلًا لأخيهِ. ٢٩فكانَ سبعَةُ إخوَةٍ. وأخَذَ الأوَّلُ امرأةً وماتَ بغَيرِ ولَدٍ، ٣٠فأخَذَ الثّاني المَرأةَ وماتَ بغَيرِ ولَدٍ، ٣١ثُمَّ أخَذَها الثّالِثُ، وهكذا السَّبعَةُ. ولَمْ يترُكوا ولَدًا وماتوا. ٣٢وآخِرَ الكُلِّ ماتَتِ المَرأةُ أيضًا. ٣٣ففي القيامَةِ، لمَنْ مِنهُمْ تكونُ زَوْجَةً؟ لأنَّها كانتْ زَوْجَةً للسَّبعَةِ!».
- وحَضَرَ قَوْمٌ مِنَ الصَّدّوقيّينَ، الّذينَ يُقاوِمونَ أمرَ القيامَةِ: يمثل الصدوقيون النسخة القديمة للاهوتيين الليبراليين المعاصرين. وكانوا ضد كل المعجزات، ولم يقبلوا سوى كتب موسى الخمسة – وطبقوا الناموس حسب هواهم. ولم يؤمنوا بالخلود أو بالأرواح أو بالملائكة.
- كتب بايت (Pate): “جاء اسم الصدوقيين مِنْ نَسْلِ صَادُوقَ (حزقيال ١٥:٤٤). وكان أحد الأحزاب الدينية السياسية اليهودية.”
- وعلّقَ موريس (Morris): “كان الصدوقيون الحزب المحافظ الأرستقراطي وفي الأغلب ينتمون لعائلات كهنوتية عريقة، ويتمتعون بعقلية علمانية وعلى استعداد تام للتعاون مع الرومان، وهذا ساعدهم في الحفاظ على مكانتهم المتميزة في المجتمع.”
- فكانَ سبعَةُ إخوَةٍ: سأل الصدوقيون سؤالاً افتراضياً وسخيفاً، آملين أن يثبتوا أن فكرة القيامة كانت تافهة. وحسب ما جاء في سفر التثنية ٥:٢٥-١٠ “إن مات أحَدُهُمْ دُونَ أنْ يَكُونَ قَدْ أنجَبَ ابْناً، فعَلَى أخِي زَوجِها أنْ يَتَزَوَّجَها وَيُعاشِرَها. وَأوَّلُ وَلَدٍ تَلِدُهُ سَيُعتَبَرُ ابْنَ المُتَوَفَّى. وَهَكَذا لا يُمحَى اسْمُهُ مِنْ إسْرائِيلَ.” سأل الصدوقيون سؤالاً أكثر تعقيداً “ففي القيامَةِ، لمَنْ مِنهُمْ تكونُ زَوْجَةً؟”
- كان وَاجِبُ أخِي الزَّوجِ نَحوَ أرملة أخيه يُعرف باِسم زواج السِلفة Levirate marriage. وهو مصطلح يأتي من الكلمة اللاتينية “لافير lavir”، والتي تعني “شقيق في القانون/ صهر/نسيب/ سِلف.” وهذه هي الفكرة المحددة في السؤال.
- كتب سبيرجن (Spurgeon): “على الأرجح كانوا يستخدمون نفس هذه القصة عادة للسخرية من القيامة.”
ب) الآيات (٣٤-٣٦): صحح يسوع مفاهيمهم حول القيامة بالإشارة إلى أنها حياة تنتمي لنظام مختلف تماماً
٣٤فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَبْنَاءُ هَذَا ٱلدَّهْرِ يُزَوِّجُونَ وَيُزَوَّجُونَ، ٣٥وَلَكِنَّ ٱلَّذِينَ حُسِبُوا أَهْلًا لِلْحُصُولِ عَلَى ذَلِكَ ٱلدَّهْرِ وَٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ، لَا يُزَوِّجُونَ وَلَا يُزَوَّجُونَ، ٣٦إِذْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَمُوتُوا أَيْضًا، لِأَنَّهُمْ مِثْلُ ٱلْمَلَائِكَةِ، وَهُمْ أَبْنَاءُ ٱللهِ، إِذْ هُمْ أَبْنَاءُ ٱلْقِيَامَةِ.
- لَا يُزَوِّجُونَ وَلَا يُزَوَّجُونَ: أولاً، ذكّرهم يسوع بأن الحياة بعد القيامة تختلف تماماً عن الحياة هنا. فالحياة هناك لا تسير وفقاً لقوانين وترتيبات هذا العالم، بل لقوانين ونظام مختلف تماماً.
- أثار هذا المقطع الكثير من التساؤل عن العلاقات الزوجية، فهل ستبقى كما هي في السماء؟ وهل سيتمتع الزوجين بعلاقة خاصة في السماء. لا يخبرنا الكتاب المقدس ما يكفي عن الحياة في السماء للرد عن كل هذه التساؤلات، ولكن يمكننا أن نفهم بعض المبادئ:
- ستبقى العلاقات الأسرية كما هي في الحياة الأبدية. فالرجل الغني الذي وصفه يسوع في الجحيم كان يعرف أسرته (لوقا ٢٧:١٦-٢٨).
- مجد السماء سيكون في علاقتنا وتواصلنا مع الله. ستتسيد هذه العلاقة على كل شيء آخر، بما في ذلك العلاقات الأسرية الحالية (رؤيا يوحنا ٢١: ٢٢-٢٣).
- إذا بدى أن الحياة الأبدية التي تكلم عنها يسوع لا تشمل بعض ملذات الحياة التي نعرفها على الأرض، فذلك لأن التمتع والرضا من السماء سيفوق بكثير ما نعرفه هنا على الأرض. رغم أننا لا نعرف تماماً طبيعة الحياة التي سنتمتع بها في الأبدية، ولكن أملنا لن يخيب بكل تأكيد مهما كانت الترتيبات” (رؤيا يوحنا ٢٢: ١-٥).
- السؤال ليس مجرد نظرية. فالكثيرين في السماء سيكون لهم عدة أزواج لعدة أسباب مثل الموت أو الطلاق. ولكن يخبرنا يسوع أنه لا مكان للغيرة والاستبعاد في السماء.
- المفهوم الكتابي للسماء يختلف اختلافاً جذرياً عما يؤمن به المسلمون والمورمون. كتب تراب (Trapp): “صرح محمد الرسول أن الله أعطاه الإذن ليحظى بأي امرأة يريد في السماء، ووعد أتباعه بنفس الامتيازات عند القيامة.”
- أثار هذا المقطع الكثير من التساؤل عن العلاقات الزوجية، فهل ستبقى كما هي في السماء؟ وهل سيتمتع الزوجين بعلاقة خاصة في السماء. لا يخبرنا الكتاب المقدس ما يكفي عن الحياة في السماء للرد عن كل هذه التساؤلات، ولكن يمكننا أن نفهم بعض المبادئ:
- إِذْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَمُوتُوا أَيْضًا، لِأَنَّهُمْ مِثْلُ ٱلْمَلَائِكَةِ، وَهُمْ أَبْنَاءُ ٱللهِ، إِذْ هُمْ أَبْنَاءُ ٱلْقِيَامَةِ: ثانياً، ذكّرهم يسوع بأن الحياة في السماء أبدية وبها نفس المميزات التي يتمتع بها الملائكة الآن وربما أعظم منها لأننا سندعى أَبْنَاءُ ٱللهِ وأَبْنَاءُ ٱلْقِيَامَةِ، وهي ألقاب لم تعطى للملائكة في العهد الجديد.
- إذا لم يكن هناك موت في الحياة الآتية، فليست هناك حاجة للإنجاب.
- النقطة الهامة التي لا يجب تجاهلها هنا، هي أن يسوع أخبر الصدوقيون أن الملائكة كائنات حقيقية. كتب كارسون (Carson): “استخدام يسوع للملائكة كان ضربة مزدوجة بما أن الصدوقيون ينكرون وجودهم.”
ج ) الآيات (٣٧-٤٠): يسوع يثبت حقيقة القيامة من الكتاب والأنبياء
٣٧وَأَمَّا أَنَّ ٱلْمَوْتَى يَقُومُونَ، فَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ مُوسَى أَيْضًا فِي أَمْرِ ٱلْعُلَّيْقَةِ كَمَا يَقُولُ: اَلرَّبُّ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ. ٣٨وَلَيْسَ هُوَ إِلَهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلَهُ أَحْيَاءٍ، لِأَنَّ ٱلْجَمِيعَ عِنْدَهُ أَحْيَاءٌ». ٣٩فَأجَابَ قَوْمٌ مِنَ ٱلْكَتَبَةِ وَقَالوا: «يَا مُعَلِّمُ، حَسَنًا قُلْتَ!». ٤٠وَلَمْ يَتَجَاسَرُوا أَيْضًا أَنْ يَسْأَلُوهُ عَنْ شَيْءٍ.
- إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ: أظهر يسوع حقيقة القيامة باِستخدام كتب موسى الخمسة، وهي الكتب الوحيدة التي كان يعترف بها الصدوقيون. وقال أن موسى أشار إلى الرب على أنه: إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ، ولم يقل: كنت إله إبراهيم! فكيف يمكن لله أن يكون إله أموات وهم أحياء؟ وهذا دليل على أن إبراهيم وإسحق ويعقوب كانوا أحياء بالفعل. وهو دليلٌ كافٍ على قيامة الأجساد.
- يخبرنا هذا بوضوح أن الذين فارقوا هذه الحياة هم أحياء في الرب.
- يعيشون كما هم وبشخصياتهم في الحياة الآتية.
- يعيشون وأسمائهم معروفة هناك – فهم غير مجهولي الهوية.
- يعيشون كأبناء الله بلا حزن، ولن يذوقوا الموت أبداً.
- هم غير ضالين – فنحن نعرف أين هم، وهم يعرفون ذلك أيضاً.
- “تعني كلمة أبناء الله أننا سنعيش مع الله إلى الأبد. يا لها من مكانة عالية جداً. لهذا دعونا نصحح عباراتنا باستخدام عبارات الكتاب المقدس، ودعونا نتحدث عن القديسين الذين تركونا كما يتحدث عنهم الكتاب. فرغم انتقال الكثيرين من إخوتنا وأخواتنا في المسيح إلى السماء، إلا أنهم لا يزالوا أحياء.” سبيرجن (Spurgeon)
- يخبرنا هذا بوضوح أن الذين فارقوا هذه الحياة هم أحياء في الرب.
- لَيْسَ هُوَ إِلَهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلَهُ أَحْيَاءٍ، لِأَنَّ ٱلْجَمِيعَ عِنْدَهُ أَحْيَاءٌ: يثبت هذا أن هناك قيامة حقيقية وأن هناك حياة بعد الموت، بصرف النظر عن شك وعدم تصديق الصدوقيين. كانت إجابة يسوع جيدة، وأدرك ذلك كل من أصدقائه وأعدائه على السواء.
- “الإله الحي هو إله الإنسان الحي؛ فكل من إبراهيم وإسحق ويعقوب أحياء يرزقون.” سبيرجن (Spurgeon)
خامساً. يسوع يحذر القادة اليهود عن طريق سؤال
أ ) الآيات (٤١-٤٤): يسوع يسأل: كيف يمكن للمسيا أن يكون ٱبْنُ دَاوُدَ ورب دَاوُدَ؟
٤١وَقَالَ لَهُمْ: «كَيْفَ يَقُولُونَ إِنَّ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنُ دَاوُدَ؟ ٤٢وَدَاوُدُ نَفْسُهُ يَقُولُ فِي كِتَابِ ٱلْمَزَامِيرِ: قَالَ ٱلرَّبُّ لِرَبِّي: ٱجْلِسْ عَنْ يَمِينِي ٤٣حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ. ٤٤فَإِذًا دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا. فَكَيْفَ يَكُونُ ٱبْنَهُ؟».
- كَيْفَ يَقُولُونَ إِنَّ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنُ دَاوُدَ؟: كان الهدف من أسئلة الكتبة والفريسيون والصدوقيون الإيقاع بيسوع وتشويه مظهره أمام الناس. ولكن يسوع لم يستخدم نفس طريقتهم عندما وجه إليهم أسئلته. بل عالج المسألة وسألهم: “هل تعرفون حقاً من أكون؟”
- اِختَبَرَ يسوع الأفكار التي كانوا يعرفونها عن المسيا. وأظهر لهم أنه ربما لا يعرفون الكثير عنه، وربما يحتاجون لتعلم المزيد.
- فَإِذًا دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا. فَكَيْفَ يَكُونُ ٱبْنَهُ؟: اقتبس يسوع من ١:١١٠ مشيراً إلى أن الملك داود دعا المسيا رَبًّا. وهذا يعني أن المسيا لم يكن ٱبْنُ دَاوُدَ (وهو لقب كان معروفاً للمسيا) فحسب، ولكنه كان رَبًّا لداود أيضاً. وكما تقول الآية في رؤيا يوحنا ١٦:٢٢ “أَنَا أَصْلُ وَذُرِّيَّةُ دَاوُدَ.”
ب) الآيات (٤٥-٤٧): تحذيرات يسوع من رياء الكتبة
٤٥وَفِيمَا كَانَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ يَسْمَعُونَ قَالَ لِتَلَامِيذِهِ: ٤٦«ٱحْذَرُوا مِنَ ٱلْكَتَبَةِ ٱلَّذِينَ يَرْغَبُونَ ٱلْمَشْيَ بِٱلطَّيَالِسَةِ، وَيُحِبُّونَ ٱلتَّحِيَّاتِ فِي ٱلْأَسْوَاقِ، وَٱلْمَجَالِسَ ٱلْأُولَى فِي ٱلْمَجَامِعِ، وَٱلْمُتَّكَآتِ ٱلْأُولَى فِي ٱلْوَلَائِمِ. ٤٧اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ بُيُوتَ ٱلْأَرَامِلِ، وَلِعِلَّةٍ يُطِيلُونَ ٱلصَّلَوَاتِ. هَؤُلَاءِ يَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ!».
- ٱلَّذِينَ يَرْغَبُونَ ٱلْمَشْيَ بِٱلطَّيَالِسَةِ (ثِيَابٍ طَوِيلَةٍ فَاخِرَةٍ): وكان الكتبة رجالاً يحبون الراحة والرفاهية ويحبون مراقبة الآخرين أثناء عملهم. وَيُحِبُّونَ ٱلتَّحِيَّاتِ فِي ٱلْأَسْوَاقِ: كانوا يطالبون بتقدير الآخرين لمكانتهم في خدمة الله. وَٱلْمَجَالِسَ ٱلْأُولَى: ويطالبون بالفوائد الخاصة التي يجب أن تُعطى لمركزهم ومكانتهم.
- اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ بُيُوتَ ٱلْأَرَامِلِ: ربما تظاهر الكتبة بتقديم المساعدة الأرامل، ولكنهم في الواقع كانوا يستغلون مكانتهم للسرقة منهم. وربما كانوا يتلقون الهدايا من الأرامل الطيبات وأساءوا اِستخدامها. ولعلهم طلبوا هدايا من الأرامل بتقديم وعود كاذبة.
- لم يأخذ المعلم اليهودي أجراً في تلك الأيام – ولكن كان يستطيع أخذ الهدايا. ويبدو أن العديد من الكتبة استخدموا الإطراء والتلاعب بمشاعر الآخرين للحصول على هدايا كبيرة من الفقراء أو البسطاء – كالأرامل.
- عَلَمَ اليهود في زمن يسوع أنه يجب احترام المعلمين كالله تقريباً. وقالوا أنهم يستحقون أن ينالوا أكبر شرف واحترام من أي شخص على وجه الأرض. وعلموا أيضاً أن أهم أمر يمكن للمرء أن يقوم به هو تقديم المال للمعلم. والذي كان يعلم مثل هذه التعاليم كانوا بالطبع المعلمين أنفسهم!
- وَلِعِلَّةٍ يُطِيلُونَ ٱلصَّلَوَاتِ (وَيُصَلُّونَ صَلَواتٍ طَوِيلَةً مِنْ أجلِ لَفتِ الأنظارِ): اعتقد الكتبة أنهم أكثر روحانية لأنهم يُطِيلُونَ ٱلصَّلَوَاتِ. كان تعليق مورغان (Morgan) على هذه الآية صائباً، إذا قال: “عندما يكون الرجل بعيداً عن زوجته ورحلته قصيرة تكون رسائله قصيرة – ولكن إن كان في مكان بعيد والرحلة أطول، فستكون رسائله أطول. وهذا هو الحال مع بعض الناس، لا بد أن صلواتهم طويلة جداً لأنهم بعيدين جداً عن الله.”
- هَؤُلَاءِ يَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ!: كان الكتبة يعيشون على النقيض تماماً من الحياة التي ينبغي على التلميذ أن يحياها. فالتلميذ هو الخادم والطفل ومن يحمل الصليب. طلب يسوع منا أن نلاحظ أفعالهم وأعمالهم ولكن بالأخص أن نراقب نهايتهم ومصيرهم.
- كان الكتبة خبراء في عكس الصورة الدينية، ولكن التدين أمام الناس ليس ما يريده الله منا. ما يهم الله هو الواقع الديني وليس الصورة.