نشيد الأنشاد – الإصحاح ٢
حبيبي لي وأنا له
أولًا. العاشقان يستمران في مدح أحدهما الآخر
أ ) الآية (١): الفتاة تصف نفسها لحبيبها.
١أَنَا نَرْجِسُ شَارُونَ، سَوْسَنَةُ ٱلْأَوْدِيَةِ.
١. أَنَا نَرْجِسُ شَارُونَ: تغيّرت نظرة الفتاة إلى نفسها بشكل ملحوظ. ففي أولى زياراتها إلى قصر الملك، كانت واعية لنفسها ولعيوبها، وغير متأكدة من مظهرها وقيمتها. وها هي الآن تقول: “أَنَا نَرْجِسُ شَارُونَ، سَوْسَنَةُ ٱلْأَوْدِيَة.”
• يُنسَب هذا السطر عادة إلى الحبيب، ثمّ يطبّق ترميزيًّا على يسوع المسيح. ولهذا، فإن نَرْجِس شَارُونَ، أو سَوْسَنَةَ ٱلْأَوْدِيَةِ في كتابات وترانيم وعقول كثيرة تمثّل لقبًا شعريًّا ليسوع المسيح ليعكس عظمته وجماله العظيمين. ولسوء الحظ، فإن هذا فهم خطأ على نحو مؤكد. فهذه الكلمات تُنسَب إلى الفتاة في ترجمة الملك جيمس الجديدة (والترجمة العربية أيضًا).
• كان سبيرجن (Spurgeon) واحدًا من الذين انتهجوا هذا النهج الخطأ لهذا النص، واضعًا في اعتباره أن هذه الآية تعلن فكرة عظمة يسوع وجماله لنا. “إذا امتدح رجل بضاعته، فلأنه يريد أن يبيعها. وإذا أعلن طبيب عن علاجاته، فلأنه يريد أن يحث المرضى على تجربة أدويته وتطبيباته. وعندما يمتدح الرب يسوع المسيح نفسه، فإن هذه دعاية مقدسة يغرينا بها قائلًا: “هَلُمُّوا ٱشْتَرُوا بِلَا فِضَّةٍ وَبِلَا ثَمَنٍ خَمْرًا وَلَبَنًا.” فإذا امتدح نفسه، فلكي نُغرَم به، ولا داعي لأن نخاف من أن نأتي إليه ونضع قلوبنا المسكينة عند قدميه ونطلب منه أن يقْبلنا.” يمكننا القول إن هذه نقطة رائعة مأخوذة من نص أُسيء استخدامه.
٢. نَرْجِسُ شَارُونَ، سَوْسَنَةُ ٱلْأَوْدِيَةِ: تصف الفتاة نفسها كزهرتين. غير أن هذين النوعين من الزهور البرية شائعان إلى حد ما. إذْ عدّت نفسها زهرة (ومن المؤكد أن لهذه الزهرة جمالها)، لكن كزهور بسيطة نوعًا ما (وليست رائعة بالمقارنة مع الزهور الأخرى).
• يقول تراب (Trapp) إن الترجمة السبعينية تترجم ’نَرْجِسُ شَارُون‘ إلى “زهرة الحقل،” (بينما تقول الترجمة الإنجليزية ’وردة شارون‘). ونحن نعرف أنها لا تصف وردة، بل زهرة موجودة في شارون، السهل الساحلي المنخفض الممتد جنوبًا من جبل الكرمل في الجزء الشمالي من إسرائيل. والكلمة المترجمة إلى ’وردة‘ أو ’نَرْجِسُ‘ تعني في الواقع ’تشكّل بُصيلات.‘ ويرى بعضهم أنها تشير إلى ثمر يشبه البصلة تنتجه شجيرات الورود البرية. غير أن المفسر كار (Carr) يقول: “الإجماع العام هو أن النبتة المذكورة هنا واحدة من عائلة البصيلات. والزعفران، والنرجس، والسوسن هي النباتات المرشحة.”
• “كان سهل شارون مكانًا مثمرًا للغاية، حيث كانت ترعى مواشي داود (١ أخبار ٢٩:٢٧). وهو مذكور كمكان امتياز (إشعياء ٢:٣٥)، وكمكان للقطعان (إشعياء ١٠:٦٥).” كلارك (Clarke)
• ليست سوسنة (زنبقة) الوادي هي النبتة الشائعة التي نعرف أنها بيضاء اللون وجرسيّة الشكل. إذ يقول بعض المفسرين، على أساس نشيد الأنشاد ١٣:٥، إنها زهرة حمراء أو أرجوانية مائلة إلى الحمرة، لكن من دون أي تحديد مؤكد لها.” كار (Carr)
• “وهكذا كان وصف العروس لنفسها متّسمًا بالحط من قدْرها، لا عكس ذلك. فكان الأمر كما لو أنها لم تجد شيئًا غير عادي في جمالها.” مورجان (Morgan)
ب) الآية (٢): استجابة الحبيب للفتاة.
٢كَٱلسَّوْسَنَةِ بَيْنَ ٱلشَّوْكِ كَذَلِكَ حَبِيبَتِي بَيْنَ ٱلْبَنَاتِ.
١. كَٱلسَّوْسَنَةِ (كزنبقة): سمع الحبيب وصف الفتاة لنفسها، والذي كاد يكون واثقًا. فاستجاب بتوكيد لكلامها. ربما قالت ذلك بلمسة من الشك، فمحا كل شك باستجابته.
• بِغضّ النظر عما شعرت به الفتاة، لم يكن لديه أي شك في جمالها. “بالنسبة للرجل، فإنه يتعجب دائمًا كيف أن محبوبته ممتلئة جمالًا.” مورجان (Morgan)
٢. كَٱلسَّوْسَنَةِ بَيْنَ ٱلشَّوْكِ كَذَلِكَ حَبِيبَتِي بَيْنَ ٱلْبَنَاتِ: أضاف الحبيب أن الفتاة لم تكن جميلة فحسب، لكنها كانت أيضًا أجمل من كل الذين لم يقّدروا جمالها أو من النساء اللواتي لا تماثلهن في الحُسن. لقد أعطى الحبيب الفتاة هدية ثمينة، وهي الإحساس بأنها مفضَّلة. فكانت في تقديره الزهرة، بينما كانت البنات الأخريات مجرد شوك.
• إنها سوسنة فعلًا، لكن جمالها يفوق كثيرًا الأعشاب الشائكة المحيطة بها.” كار (Carr)
• “دعاها العريس للتو ’جميلة.‘ وهي تقدّم في تواضعها الملائم جمالها على أنه ليس شيئًا استثنائيًّا. وهي تشبّه نفسها بزهرة عادية من زهور الحقل. لكنه في دفء عواطفه ينكر ذلك، مُصِرًّا على أنها تفوق جميع العذارى الأخريات كما تتفوق السوسنة على العوسج.” كلارك (Clarke)
ج) الآية (٣): استمتاع الفتاة بحضور حبيبها.
٣كَٱلتُّفَّاحِ بَيْنَ شَجَرِ ٱلْوَعْرِ كَذَلِكَ حَبِيبِي بَيْنَ ٱلْبَنِينَ. تَحْتَ ظِلِّهِ ٱشْتَهَيْتُ أَنْ أَجْلِسَ، وَثَمَرَتُهُ حُلْوَةٌ لِحَلْقِي.
١. كَٱلتُّفَّاحِ بَيْنَ شَجَرِ ٱلْوَعْرِ: تستمر لغة الأشجار والنباتات. والآن، تصف الفتاة حبيبها بأنه مثل شجرة تفاح كبيرة ضخمة واهبة للحياة.
• “هي نفسها زهرة برية متواضعة، وهي تميّز عريسها كشجرة نبيلة مزيّنة ومثمرة” تيلور (Taylor). ومع ذلك، ليس محتملًا أن يكون قد خطر ببال سليمان ما نعرفه عن شجرة التفاح. “يرجّح أن الكاتب الشرقي (سليمان) قصد بشجرة التفاح إما نبات الكباد، أو الرمّان، أو البرتقال. وأفترض أنه لم يُشر إلى شجرة التفاح التي في حقولنا، لأن فرصة معرفته بها ستكون قليلة جدًّا.” سبيرجن (Spurgeon)
• نشعر بأن العاشقين منشغلان أحدهما في التغزل بالآخر. “أنا زهرة برية بسيطة.” “لا، أنت زهرة برية بين الأشواك.” “أنت مثل شجرة تفاح جميلة”، وما إلى ذلك.
٢. تَحْتَ ظِلِّهِ ٱشْتَهَيْتُ (سَعِدْتُ) أَنْ أَجْلِسَ: وجدت الفتاة إحساسًا عظيمًا بالأمان والسلام تحت غطاء حبيبها الحامي. فقد شعرت بأنها محمية ومظلَّلة. فلم تعد تحت رحمة الآخرين، بل هي الآن تحت رعايته.
• ارتبط شعورها بالأمان بشكل مباشر بإعلانه العلني في الآية السابقة بتفضيله لها. فهي ليست الآن تحت رحمة رجل يمكن أن يختار امرأة أخرى عند أدنى نزوة. إذ يمكنها الإحساس بالأمان في حب رجل يفضّلها حقًّا.
• “كانت قبل أن تأتي إليه، كانت تعمل ساعات طويلة في الشمس (١: ٦). وأما الآن، فإنها مرتاحة تحت ظله الحامي الذي يجلبه. وفي حين أنها كانت مرهقة في السابق بسبب عملها لدرجة أنها لم تستطع الاعتناء بنفسها بشكل ملائم، تجد الآن وقتًا للانتعاش معه.” جليكمان (Glickman)
• حُلْوَةٌ لِحَلْقِي: “غالبًا ما يشمل التذوق بالحلق (أو بالحنك على نحو حرفي وبشكل صحيح) الشفتين والأسنان والفم كله. والكلمة العبرية التي تشير إلى التأديب هي ’حَنَك‘ (hanak) وهي مشتقة من نفس الجذر. والخطوة الأولى في تعليم الطفل هو دهن شفتيه بالعسل، لكي يرتبط التعلم بالحلاوة.” كار (Carr)
• قدّم سبيرجن (Spurgeon) تطبيقًا ترميزيًّا لفكرة أن الفتاة (التي تمثل شعب الله) ترتاح تحت ظل حبيبها (الذي يمثل يسوع). “وعلى الفور، جلست تحت ظله بسرور عظيم. وكانت ثمرته حلوة لحنكها. نظرت إليها (إلى ثمرته)، وكانت هذه أول مرة تفعل ذلك، فأدركت أنها حققت حاجتها المزدوجة. إذ كانت الشمس حارة، فكان هنالك الظل. وكانت خائرة، فكانت الثمرة. والآن، انظروا كيف أن يسوع يلبي كل احتياجات الذين يأتون إليه.”
ثانيًا. الفتاة تتأمل علاقة الحب بينها وبين حبيبها
في هذا القسم (نشيد الأنشاد ٤:٢-١٧)، تفكر الفتاة – إما في حلم أو في أحلام اليقظة – بحبيبها، وبالحب الذي يتشاركانه وسيتشاركانه. ويبدو أن الحوار يخصها بشكل كامل في هذا القسم.
أ ) الآيات (٤-٧): المرأة تفكر في التدبير والحميمية اللذين وجدتهما.
٤أَدْخَلَنِي إِلَى بَيْتِ الْخَمْرِ، وَعَلَمُهُ فَوْقِي مَحَبَّةٌ. ٥أَسْنِدُونِي بِأَقْرَاصِ الزَّبِيبِ. أَنْعِشُونِي بِالتُّفَّاحِ، فَإِنِّي مَرِيضَةٌ حُبًّا. ٦شِمَالُهُ تَحْتَ رَأْسِي وَيَمِينُهُ تُعَانِقُنِي. ٧أُحَلِّفُكُنَّ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ بِالظِّبَاءِ وَبِأَيَائِلِ الْحُقُولِ، أَلاَّ تُيَقِّظْنَ وَلاَ تُنَبِّهْنَ الْحَبِيبَ حَتَّى يَشَاءَ.
١. أَدْخَلَنِي إِلَى بَيْتِ ٱلْخَمْرِ: تقول الترجمة الإنجليزية ’بيت الوليمة.‘ تحلم الفتاة بأن يحضرها حبيبها إلى مكان خاص إلى بيت الوليمة – الذي هو حرفيًّا ’بيت الخمر‘ – إما بمعنى مكان التخزين أو الإنتاج. ويبدو أنه مكان منعزل في الهواء الطلق حتى يمكن أن تكون الفتاة وحبيبها معًا ويتمتعا بالحميمية في نهاية الأمر.
• “من ناحية اصطلاحية، يمكن أن يكون ’بيت الخمر‘ المكان الذي يمكن أن تُنتج فيه الخمر (أي في الكرم)، أو تُصَنَّع، أو تُخَزَّن، أو تُستهلك. ويوحي الاستخدام المتكرر لفكرة الأماكن في الهواء الطلق في نشيد الأنشاد، ولاسيما الحديقة كمكان للقاء العشاق، بأن الكرم هو المقصود.” كار (Carr)
• “هو حرفيًّا ’بيت الخمر.‘ كان القدماء يحفظون خمرهم، لا في براميل أو أقبية مظلمة تحت الأرض، كما نفعل، بل في أباريق كبيرة أو جرار تُسْند على الحائط في عُلّيّة ما في البيت حيث يخزنون أغلى مقتنياتهم.” كلارك (Clarke)
٢. وَعَلَمُهُ فَوْقِي مَحَبَّةٌ: إذا أخذنا هذه العبارة حرفيًّا، فهذا تصريح غريب. وإذا أخذناها بشكل شعريّ، فإن الفتاة تبتهج بأن حبيبها أعلن على الملأ أنها هي حبيبته، كما لو أنه رفع علمًا كتب فيه هذا الإعلان للجميع.
• “إنها تعلن أن الحب الذي يكنه لها الملك واضح للجميع. وهو لا يقول أي شيء لها على انفراد ثم يناقض ذلك في العلن. إنه لا يخجل من حبه لها. وهو سعيد بأن يرى الجميع ذلك.” جليكمان (Glickman)
• “توحي عبارة ’وَعَلَمُهُ فَوْقِي مَحَبَّةٌ‘ إلى أن هذا العلم الذي رفعته الفتاة يركز الانتباه على المحبة. إنها علاقة محبة.” ني (Nee)
• “إنه لا يخجل من الاعتراف بهذا في العلن. لقد صار بيت الخمر الآن ملائمًا مثل حجرات الملك. ويمكنها أن تجلس بجانبه – من دون خوف أو خجل – كزوجة معترف بها، كعروس اختارها.” تيلور (Taylor)
٣. أَسْنِدُونِي بِأَقْرَاصِ ٱلزَّبِيبِ، أَنْعِشُونِي بِٱلتُّفَّاحِ: فكرت في الاستمتاع بالطعام مع حبيبها في موعدهما في الهواء الطلق. ويربط بعض المفسرين هذه الأطعمة بطقوس الخصوبة الوثنية أو الصفات المثيرة للشهوة. لكن هذا غير مبرَّر وغير ضروري.
٤. فَإِنِّي مَرِيضَةٌ حُبًّا: وصفت الفتاة شعورًا مألوفًا لكثيرين عرفوا إثارة الحب الرومانسي. وهي تحس بضعف جسدي، وربما ببعض فقدان الإحساس بالاتجاه بسبب قوة الانجذاب والافتتان التي تشعر به تجاه حبيبها.
• يقول الدكتور جفري شلوس (Jeffrey Schloss) إنه يوجد هرمون في الدماغ يتوسط الشعور عندما يكون المرء مغرمًا أو مفتونًا. ويُعْرف أحد الناقلات العصبية باسم الفينيثيلامين، وهو يغمر المخ عندما يقع المرء في الحب (وهو موجود بكميات عالية نسبيًّا في الشوكولاتة). وتمنحنا هذه المادة الشعور بالبهجة والإثارة، ويمكن أن تؤدي في كميات كبيرة إلى فقدان الشهية. وتعمل هذه المادة الكيميائية إلى حد ما في دورة، على الأقل في علاقة. فهي في بداية العلاقة تثيرنا وتسعدنا. وبعد أربع أو خمس سنوات، تبدأ بالانخفاض. وتوجد عبر الثقافات ارتفاع كبير في معدلات الطلاق بعد حوالي أربع سنوات ونصف السنة من الزواج.
• يقود هذا بعض العلماء إلى القول إننا مخلوقون من أجل الزواج الأحادي، لكن فقط بمعنى وجود شريك واحد في كل مرة، ثم تغيير الشريك كل خمس سنوات أو نحو ذلك. غير أن الدكتور شلوس (Schloss) يقول إننا نعرف أن هذا غير صحيح. ففي الدماغ مسارات مختلفة تمامًا مع مواد كيميائية وسيطية مختلفة. وتبدأ هذه بالتكون في حوالي أربع سنوات من العلاقة، أو تسهم في مشاعر مختلفة. فبدلًا من مشاعر الإثارة و’لا أستطيع أن آكل،‘ توجد هنالك مشاعر رضا عميق وامتنان. وأحد الوسطاء لهذا الشعور هو الأوكسيتوسين، وهو نفس المادة الكيميائية التي تربط الأم برضيعها.
• يرى بعضهم أن العلاقات تمر في مرحلتين رئيسيتين، هما الانجذاب والتعلق. ومرحلة الانجذاب قوية، وهي من النوع الذي يجعل المرء يقول: “أنا مريض حبًّا.” ومع ذلك، فإن مفتاح العلاقة المشبعة طويلة الأمد هو البقاء فيها بعد انقضاء مرحلة الانجذاب إلى مرحلة التعلق. وهنالك مرشدون محترفون يكرسون كل ممارستهم الإرشادية تقريبًا في محاولة مساعدة الذين يُطلقون عليهم “مدمني الحب،” أولئك الذين أدمنوا مرحلة الفينيثيلامين لدرجة أنهم يقفزون من علاقة إلى علاقة من دون أن يدخلوا في علاقة إشباع أعظم وأكثر ديمومة.
• يمكن للمرء أن يقول إننا مصمَّمون لمرحلة الارتباط طويل الأمد، وأن مرحلة الانجذاب تهدف إلى أن تكون بوابة إلى مرحلة التعلق، وهي ليست شيئًا في حد ذاتها. والخبر السار هو أنه مع انتقال العلاقة إلى مرحلة التعلق، يمكن تدوير مرحلة الانجذاب. وغالبًا ما يشعر المتزوجون منذ فترة طويلة بالإحساس بالوقوع في الحب مرة أخرى عدة مرات أثناء زواجهم.
• هذا هو السبب في أنه ليس من الحكمة أحيانًا أو غالبًا التسرع في علاقة عندما نكون في مرحلة ’أنا مريض حبًّا،‘ مرحلة الفينيثيلامين. وقد قدّم آدم كلارك (Adam Clarke) ملاحظة حول الشخص المريض حبًّا: “لكن بينما نقر بصدق هذا الشخص، فمن الذي يملك الحق في أن يشكك في حُسن حُكْمه؟”
• طبّق واتشمان ني (Watchman Nee) هذه الفكرة على علاقة المؤمن بالله: “المريض بالحب معادل لكون المرء مرهقًا بالسعادة. وكانت هذه هي خبرة القديسين في جميع العصور عندما أدركوا تمامًا حضور الرب المميز.”
٥. شِمَالُهُ تَحْتَ رَأْسِي وَيَمِينُهُ تُعَانِقُنِي: تتخيل الفتاة نفسها وحبيبها مستلقيين معًا بينما يداعبها حبيبها بيده.
• تُعانِقُنِي: “ليست هذه الكلمة شائعة في العهد القديم. وهي تُستخدم في الإشارة إلى كل من التحية الودية (تكوين ١٠:٤٨) والاتحاد الجنسي (أمثال ٢٠:٥).” كار (Carr)
• “يوحي وضْع شماله تحت رأسها بأن الاثنين مستلقيان، وأنه يضمها ويداعبها بيمينه.” كار (Carr)
• “عندما كان شولميت مغمورة بالسعادة في حبها، دعاها سليمان إلى الاستمتاع بها جنسيًّا. وتَظهَر اللغة المستخدمة هنا في ٦:٤ و١٤:٨ في سياقات تشير بشكل مؤكد إلى الحميمية الجسدية.” إيستيس (Estes)
• بما أن الفتاة تصف حلمًا أو أحلام يقظة، فإن هذا يصف رغبتها، لا عملًا قامت به. “ربما تكون الترجمة التالية لنشيد الأنشاد ٦:٢ هي المفضّلة: “ليت شماله تحت رأسي، وليت يمينه تعانقني.” كينلو (Kinlaw)
٦. أُحَلِّفُكُنَّ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ: هذا الحث لبنات أورشليم تذكير آخر بأنه ينبغي أن يُفهم هذا القسم (نشيد الأنشاد ٤:٢-١٧) على أنه حلم أو أحلام يقظة. ولا ينبغي أن نتخيل الزوجين في علاقة حميمة في السطور السابقة (يمينه تعانقني) بينما تقف بنات أورشليم بالقرب وهن يراقبن ما يدور.
• لكن الفتاة في حالتها الشبيهة بالحلم تتحدث إلى بنات أورشليم المتخيلات، وتناشدهن واضعة إياهنّ تحت القسم (أُحَلِّفُكُنَّ) بِٱلظِّبَاءِ وَبِأَيَائِلِ ٱلْحُقُولِ. ومن المؤكد أن هذه الصياغة والتعابير بدت أكثر طبيعية للقراء الأوائل لهذا السفر مما تبدو لنا.
• “هذا الاستحلاف الذي استخدمته الفتاة عيّنة مختارة (ممتازة) من الشعر الشرقي. إنها لا تستحلفهن بشي مقدس وحقيقي، بشكل عادي لا ينبغي لا أن نفعله، بل بِٱلظِّبَاءِ وَبِأَيَائِلِ ٱلْحُقُولِ.” سبيرجن (Spurgeon)
٧. أَلَّا تُيَقِّظْنَ وَلَا تُنَبِّهْنَ ٱلْحَبِيبَ حَتَّى يَشَاءَ: هنالك معنيان محتملان لهذه العبارة. يمكن أن يكون المعنى الأول: “لا تقطعن الحلم الجميل بالحب الذي تتمتع به الفتاة لئلا تعود إلى واقع الحياة اليومية.” أو ربما يعني: “لا ينبغي أن نبدأ عملية التبادل المُحب إلى أن تتاح لنا الفرصة والمناسَبَة المناسبتين. لا ينبغي أن نبدأ شيئًا ما لم نكن قادرين على إكماله.”
• الفكرة واضحة. فالفتاة لا تريد أيًّا من المراقبين (المراقبات) أن يعوق أو يقاطع حبها إلى أن يكتمل. ويمكننا القول إن هذا صحيح في ما يتعلق بعلاقتهما وفي رغباتهما القوية.
• يعني هذا من حيث العلاقة: “دعوا حبنا يتطور ويتقدم إلى أن ينضج وينمو إلى أن تكون العلاقة ممتعة حقًّا، فلا نتعجل في ذلك.” “يمكننا أن نستخلص مبدأ ممتازًا للتودد أو التغزل من رغبتها هذه. إذ لا ينبغي أن تكون هنالك رغبة قوية في التعبير عن الحب الجنسي إلى أن يتحقق الزواج. فضبط النفس صحي ومفيد” جليكمان (Glickman). إنه مثل ترك زهرة تنمو إلى أن تُزهر بشكل طبيعي بدلًا من محاولة إجبارها على النمو والتبرعم. وليس هذا قمعًا، أي رفضًا وإنكارًا للمشاعر في خزي في الغالب. لكنه كبح، أي تقييد واعٍ للنوازع والرغبات الطبيعية.
• في ما يتعلق بالرغبات القوية، “دع جِماعنا يستمر حتى نكتفي كلانا. دعنا لا نبدأ إلى أن نستطيع أن نكمل الشوط كله.”
ب) الآيات (٨-١٤): الفتاة تفكر بسعادة في زيارة حبيبها لها.
٨صَوْتُ حَبِيبِي. هُوَذَا آتٍ طَافِرًا عَلَى الْجِبَالِ، قَافِزًا عَلَى التِّلاَلِ. ٩حَبِيبِي هُوَ شَبِيهٌ بِالظَّبْيِ أَوْ بِغُفْرِ الأَيَائِلِ. هُوَذَا وَاقِفٌ وَرَاءَ حَائِطِنَا، يَتَطَلَّعُ مِنَ الْكُوَى، يُوَصْوِصُ مِنَ الشَّبَابِيكِ. ١٠أَجَابَ حَبِيبِي وَقَالَ لِي: «قُومِي يَا حَبِيبَتِي، يَا جَمِيلَتِي وَتَعَالَيْ. ١١لأَنَّ الشِّتَاءَ قَدْ مَضَى، وَالْمَطَرَ مَرَّ وَزَالَ. ١٢الزُّهُورُ ظَهَرَتْ فِي الأَرْضِ. بَلَغَ أَوَانُ الْقَضْبِ، وَصَوْتُ الْيَمَامَةِ سُمِعَ فِي أَرْضِنَا. ١٣التِّينَةُ أَخْرَجَتْ فِجَّهَا، وَقُعَالُ الْكُرُومِ تُفِيحُ رَائِحَتَهَا. قُومِي يَا حَبِيبَتِي، يَا جَمِيلَتِي وَتَعَالَيْ. ١٤يَا حَمَامَتِي فِي مَحَاجِئِ الصَّخْرِ، فِي سِتْرِ الْمَعَاقِلِ، أَرِينِي وَجْهَكِ، أَسْمِعِينِي صَوْتَكِ، لأَنَّ صَوْتَكِ لَطِيفٌ وَوَجْهَكِ جَمِيلٌ.
١. صَوْتُ حَبِيبِي: هنا تنتقل الفتاة إلى مشهد آخر في حلمها أو أحلام يقظتها. فقد سبق أن تخيلت نفسها مع حبيبها في موعد في الهواء الطلق (نشيد الأنشاد ٤:٢-٧). وهي الآن تتخيل زيارة من حبيبها بفكرة استيقاظها على صوته أو انتباهها إليه.
٢. هُوَذَا آتٍ طَافِرًا عَلَى ٱلْجِبَالِ: تخيلت الفتاة حبيبها وهو عازم على لقائها، ممتلئًا بالحيوية والإثارة مثل ٱلظَّبْيِ أَوْ غُفْرِ ٱلْأَيَائِلِ.
٣. هُوَذَا وَاقِفٌ وَرَاءَ حَائِطِنَا. يَتَطَلَّعُ مِنَ ٱلْكُوَى، يُوَصْوِصُ مِنَ ٱلشَّبَابِيكِ: تخيّلت الفتاة حبيبها وهو ينظر من وراء الشبابيك ليرى إن كانت في البيت أم لا.
• “شوهد أولًا وراء الحائط، ثم في الساحة. وأخيرًا جاء إلى نافذة حجرة عروسه.” كلارك (Clarke)
٤. قُومِي يَا حَبِيبَتِي، يَاجَمِيلَتِي وَتَعَالَيْ: فكّرت الفتاة في حبيبها وهو يدعوها إلى الخروج ليتمتعا بمجد الربيع مع انقضاء الشتاء (لِأَنَّ ٱلشِّتَاءَ قَدْ مَضَى، وَٱلْمَطَرَ مَرَّ وَزَالَ)… وبالزهور وصوت الطيور.
• “يعكس فصل الربيع خبرة العشاق الشباب. فكل شيء طازج منعش. وتنتصر السعادة والألوان على رمادية الشتاء الممل. وكلما وقع اثنان في الحب، يكون هذا فصل ربيعهما.” جليكمان (Glickman)
• وَصَوْتُ ٱلْيَمَامَةِ (البرية): “هذا النوع في الأساس طير مهاجر، ويقيم في فلسطين في الربيع والصيف (انظر إرميا ٧:٨). ويُعَد هديله إحدى علامات الربيع.” كار (Carr)
• ٱلتِّينَةُ أَخْرَجَتْ فِجَّهَا: “تحمل التينة محصولًا مضاعفًا. إذ ينضج المحصول الأول في الربيع. لكن التينة، كما لاحظتها، تحمل تينًا طيلة العام في المناخ المناسب لها، أي أن التينة تحمل دائمًا إما ثمرًا ناضجًا أو غير ناضج. ولم أرَ قط تينة صحية عارية.” كلارك (Clark)
٥. قُومِي يَا حَبِيبَتِي، يَاجَمِيلَتِي وَتَعَالَيْ: حلمت الفتاة بحبيبها المُصِر على أن يتمتعا بجمال الربيع معًا. وكان مهمًّا لها أن تعرف أنه يريد أن يفعل هذا من كل قلبه، وليس على مضض، كما لو أنه كان مستعدًّا أن يتعس نفسه بإرضائها. فمن المهم أن تعرف أنه كان يريد أن يكون معها.
٦. يَا حَمَامَتِي… أَرِينِي وَجْهَكِ: تخيلت الفتاة هذه الكلمات العذبة والمشبوبة بالعاطفة من حبيبها (رغم أن من الممكن أنها عبرت بها تجاهه أيضًا). كانت تحلم أن يبحث عنها رجلها المميز في مَحَاجِئِ ٱلصَّخْرِ كامرأة جميلة رائعة.
• يَا حَمَامَتِي: “تُستخدم هذه الكلمة التي تدل على طائر أليف إلى الحبيبة. وهي الحمامة الصخرية، وليست اليمامة. فالحمامة رمز شائع للحب (طائر الحب).” كار (Carr)
• أَرِينِي وَجْهَكِ، أو حرفيًّا أريني مظهرك. “يريد أن يمتع عينيه بشخصها الكامل، ويملأ أذنيه من حلاوة صوتها اللطيف.” كار (Carr)
٧. لِأَنَّ صَوْتَكِ لَطِيفٌ: فكّرت الفتاة في مدى روعة صوت المرء ومعناه بين حبيبين. وتخيلت حبيبها وهو يتوق إلى سماع صوتها متذكّرًا مدى حلاوته.
• يتمتع الصوت البشري بقدرة مذهلة على التواصل والارتباط. “يمكن للصوت أن يدعو أو يشجع على الحميمية من دون الحاجة إلى أن يكون المرء صريحًا لفظيًّا، أو حتى واعيًا لما يفعله الصوت… نستخدم أصواتنا لنصد، أو نجذب، أو نشجع، أو نهدم. فكما تمتلك الحيوانات حاسة شم، كذلك يمتلك البشر أصواتًا.” آن كراف (Karpf)
• يمكن لمجرد الاستماع إلى صوت بشري أن يمنحنا معلومات حول طول الشخص، ووزنه، وشكله، وجنسه، وعمره، وحرفته، وتوجهه الجنسي، وصحته، ورصانته، وإرهاقه، وطبقته الاجتماعية، وعِرقه، وتعليمه، وحالته المالية، وصدقه. ومع هذه القوة المتضمنة في الصوت، لا عجب أن الفتاة تخيّلت حبيبها يقول لها: صوتك لطيف.
ج) الآية (١٥): إخوة الفتاة يحذّرون من الثعالب الصغيرة.
١٥خُذُوا لَنَا ٱلثَّعَالِبَ، ٱلثَّعَالِبَ ٱلصِّغَارَ ٱلْمُفْسِدَةَ ٱلْكُرُومِ، لِأَنَّ كُرُومَنَا قَدْ أَقْعَلَتْ.
١. خُذُوا لَنَا ٱلثَّعَالِبَ: إنه لأمر صعب إلى حد ما أن نفهم من الذي يقول هذه الكلمات ومن هو المخاطَب هنا. وينسبها مترجمو نسخة الملك جيمس الجديدة (كما في الترجمة العربية) إلى إخوة الفتاة. ويعتقد كثيرون أن هذه الكلمات صادرة عن الفتاة نفسها التي تخاطب بها حبيبها. وصيغة الجمع في هذه العبارة واضحة. فالفكرة هي أنه ينبغي إمساك ٱلثَّعَالِبَ مع شخص أو أشخاص آخرين (الإخوة أو الحبيب)، وليس من شخص واحد يعمل بمفرده.
• “تمثّل هذه الآية مشكلة. فالفعل يأتي في صيغة الأمر، وهو موجَّه إلى جمع مذكَّر. لكن لا توجد أية إشارة توضح إن كان المتكلم مذكَّرًا أو أنثى. وكل ما هو واضح هو أن كلمة ’لنا‘ تأتي في صيغة الجمع.” كار (Carr)
٢. ٱلثَّعَالِبَ ٱلصِّغَارَ ٱلْمُفْسِدَةَ ٱلْكُرُومِ: من الواضح أن الفتاة تتحدث شعريًّا هنا، مستخدمة ٱلثَّعَالِبَ ٱلصِّغَارَ كرموز لِما من شأنه أن يضر بعلاقة الحب التي تشاركها الفتاة مع حبيبها. والفكرة هي أن علاقاتهما مثل كرم مثمر، وأن ٱلثَّعَالِبَ ٱلصِّغَارَ ستلحق ضررًا بها ما لم يتم توقيفها وإمساكها.
• يدرج جليكمان (Glickman) عدة ’ثعالب صغيرة‘ يمكن أن تزعج الحبيبين أو الزوجين:
الرغبة غير المنضبطة التي تدق إسفينًا من الذنب وعدم الثقة بين الزوجين
الغيرة وغياب الثقة اللذان يخنقان أو يكسران رباط الحب
الأنانية والكبرياء اللتان ترفضان الإقرار بالخطأ بحق الشريك الآخر
نظرة عدم الغفران التي لا تقبل الاعتذار
• من المفيد أن نتذكر صيغة الآية: ’خُذُوا لَنَا ٱلثَّعَالِبَ.‘ إن مهمة اصطياد الثعالب عمل جماعي، ولا يمكن لأحد الشريكين في العلاقة أن يتوقع من شريكه أن يقوم بكل العمل.
• فكّر هدسون تيلور (Hudson Taylor) بالثعالب الصغيرة التي قد تضر بعلاقتنا بيسوع المسيح. “قد يكون الأعداء صغارًا، لكن الأذى كبير… وما أكثر هذه الثعالب الصغيرة: التنازلات والمساومات الصغيرة مع العالم، وعصيان الصوت الصغير الهادئ في الأشياء الصغيرة، والانغماسات القليلة من الجسد والتي تؤدي إلى إهمال الواجب، وضربات صغيرة من السياسة، وفِعل الشر في أشياء صغيرة ليأتي منها خير. وهنا يُضَحَّى بجمال الكرمة وإثمارها!”
٣. لِأَنَّ كُرُومَنَا قَدْ أَقْعَلَتْ (لأن كُرُومُنَا مُزهِرَةٌ أو طرية): فكرة الفتاة هي أن علاقتهما ثمينة (فالعنب الطري هو الأفضل) وقابلة للجَرح بحيث تحتاج إلى حماية (يحتاج العنب الطري إلى حراسة).
• “هنا يناشَد غرباء أن يمنعوا الثعالب الصغيرة، تلك القِوى التي يمكن أن تدمّر نقاوة حبهما، من تدنيس كرومهما المتفتحة… فهذه مناشدة من أجل حماية الحب الذي يزهر بينهما لئلا يفسده شيء.” كينلو (Kinlaw)
• تأمّل سبيرجن (Spurgeon) – وهو يفكر مجازيًّا – جوانب في حياة المؤمن التي تشبه العنب الطري المعرَّض لخطر الثعالب الصغيرة. فعَدَّ هذه الأشياء التالية عنبًا طريًّا في حياة المؤمن.
الحزن السرّي على الخطية
الإيمان المتسم بالتواضع بيسوع المسيح
التغيير الحقيقي في الحياة
حياة العبادة السرية
الرغبة الشديدة في مزيد من النعمة
محبة بسيطة للمسيح
• “إذا كانت لديك أية علامة على حياة روحية، إذا كان لديك عنب طري على أغصانك، فمن المؤكد أن إبليس وثعالبه الصغيرة سيهاجمونك. ولهذا، اجتهد قدر الإمكان أن تقترب من شخصين مذكورين بقوة في هذا النص، أي الملك وعروسه. أولًا، اقترب من المسيح لأنه حياتك. ثم اقترب من كنيسته، لأنها راحتك.” سبيرجن (Spurgeon)
د ) الآيات (١٦-١٧): الفتاة تفكر في حبيبها.
وعظ تشارلز سبيرجن (Charles Spurgeon) ثماني عظات حول هاتين الآيتين.
١٦حَبِيبِي لِي وَأَنَا لَهُ. الرَّاعِي بَيْنَ السَّوْسَنِ. ١٧إِلَى أَنْ يَفِيحَ النَّهَارُ وَتَنْهَزِمَ الظِّلاَلُ، ارْجعْ وَأَشْبِهْ يَا حَبِيبِي الظَّبْيَ أَوْ غُفْرَ الأَيَائِلِ عَلَى الْجِبَالِ الْمُشَعَّبَةِ.
١. حَبِيبِي لِي وَأَنَا لَهُ: تختتم هذا القسم الحالم بالتعبير عن ثقتها بالرباط الذي يجمعها مع حبيبها. فهو يخصّها، وهي تخصه. وهما بهذا المعنى واحد مرتبطان بروابط محبة متبادلة، لا كشريك متمسك بشريكه الآخر النافر منه.
• هذا أيضًا تصريح يدل على الحصر والتفضيل. فهي لا تقول: ’حَبِيبِي لِي وَأَنَا لَهُ، مع بعض أشخاص آخرين،‘ ولا تقول: ’حَبِيبِي لِي وَأَنَا لَهُ، وهو يخص ٩٩٩ امرأة أخرى.‘
• يعتقد كثيرون أن مفتاح الحب هو إيجاد الشخص الكامل. لكن الأمر يتعلق أكثر بإيجاد الشخص الذي يخصك والذي تخصه. “لا تنظر إلى الشخص الآخر كرمز للمكانة التي سترفع من هيبتك… بل انظر إلى شخص يكون نظيرك، شخص يكمّلك، شخص يمكنك أن تؤكد بفرح انتماءك إليه.” جليكمان (Glickman)
• طُبِّقت هذه السطور على نحو متكرر ومجازي على علاقة يسوع بشعبه. وقد وعظ سبيرجن (Charles) ثماني عظات حول نشيد الأنشاد ١٦:٢-١٧. وفي عظة بعنوان ’اهتمام المسيح وشعبه أحدهما بالآخر،‘ تأمّل سبيرجن في معنى كل جانب.
• الطرق التي بها أخص يسوع، الطرق التي ’أَنَا لَهُ‘:
أنا له بعطية أبيه.
أنا له بموجب الشراء، فقد دفع ثمن حياتي.
أنا له بالغزو، فقد قاتل من أجلي وفاز بي.
أنا له بالاستسلام، فأنا سلمت نفسي له.
“ليكن الله مباركًا، لأن هذا صحيح إلى الأبد. فأنا له اليوم في بيت العبادة. وأنا له غدًا في العمل. أنا له كمرنم في المَقْدِس، وكادح في الورشة. أنا له عندما أعظ، وكذلك عندما أسير في الشوارع. أنا له بينما أعيش في هذه الحياة. وأنا له عندما أموت. أنا له عندما تصعد روحي ويرقد جسدي في القبر. كل شخصية رجولتي له إلى أبد الآبدين.” سبيرجن (Spurgeon)
• الطرق التي بها يخصّني يسوع، الطرق التي بها ’حَبِيبِي لِي‘:
هو لي باتصالي معه بالجسد نفسه. فهو الرأس، وأنا جزء من جسده.
هو لي بموجب علاقة محبة. فقد أعطاني محبته.
هو لي بالولادة. فأنا مولود منه ثانية.
هو لي بالاختيار. فقد بذل نفسه من أجلي.
هو لي بموجب السكنى. فقد قرر أن يحيا داخلي.
هو لي شخصيًّا، وهو لي أبديًّا.
“يبدو على نحو مؤكد أنه أمر عظيم أن ندعوه ’لي‘؛ أنه ينبغي أن يكون لي إلى الأبد، وأن كل ما عليه، وكل ما يملكه، وكل ما يقوله، وكل ما يفعله، وكل ما سيكون عليه لي. فعندما تتزوج امرأة من رجل، فإنه يصبح كله لها، وهي لا تحسب أنها لا تملك إلا جزءًا مما لديه. ومن المؤكد أن هذا ينطبق عليك، أيها القلب العزيز، إن كان المسيح لك.” سبيرجن (Spurgeon)
• “أيهما معجزة أعظم – أن يكون لي، أم أن أكون له؟” سبيرجن (Spurgeon)
٢. ٱلرَّاعِي بَيْنَ ٱلسَّوْسَنِ: تُدعى الشفتان ’ٱلسَّوْسَنِ‘ في نشيد الأنشاد ١٣:٥. وربما حلمت الفتاة بأن تخمد نار أشواقها قبلاته طوال الليل إِلَى أَنْ يَفِيحَ ٱلنَّهَارُ.
• “إنها جاهزة له لأن يرعى (يتغذى على) شفتيها كما تتجول الأغنام على المناطق المُعشِبة. وربما يرتبط هذا برغبتها في افتتاحية النشيد (نشيد الأنشاد ٢:١).” كينلو (Kinlaw)
• رأى مفسرون آخرون شيئًا لا علاقة له بالحميمية الجسدية. “إنها تلفت الانتباه إلى دوره كراعٍ حيث كان يرعى قطيعه. وهي بهذا تؤكد صفاته المتعلقة بالراعي، مثل القوة والوداعة.” جليكمان (Glickman)
٣. ٱرْجِعْ وَأَشْبِهْ يَا حَبِيبِي ٱلظَّبْيَ أَوْ غُفْرَ ٱلْأَيَائِلِ: حلمت الفتاة بحبيبها الممتلئ طاقة وحيوية مثل ٱلظَّبْيِ أَوْ غُفْرِ ٱلْأَيَائِلِ.
• ٱلْجِبَالِ ٱلْمُشَعَّبَةِ (جبال بيثير): من الصعب جدًّا تحديد موقع الجبال المُشَعَّبة (جبال بيثير) هذه. “ورد الجذر اللفظي لهذه الكلمة مرتين في تكوين ١٠:١٥، حيث كان من الواضح أن المعنى هو تقسيم حيوان في طقس ذبيحي” كار (Carr). ولهذا، فإن بعض الترجمات ترجمت هذه إلى ’جبال العهد.‘
• يمكن ترجمتها إلى ’جبال التقسيم.‘ فإن كان هذا هو الحال، ربما كانت الفكرة أن الفتاة تاقت إلى أن يرجع حبيبها ليتغلب على ’جبال التقسيم‘ بسهولة، مثل ٱلظَّبْيِ أَوْ غُفْرِ ٱلْأَيَائِلِ.
• “تتحدث العروس عن جبال تفرّق بينها وبين حبيبها. وهي ترى أن الصعوبات عظيمة. لم تكن تِلالًا صغيرة، بل جبالًا أغلقت طريقها. ومن الواضح من هذا النشيد المقدس، أنه رغم أن العروس تحِب وتحَب، وأنها واثقة بربها، ومتأكدة من امتلاكها له، غير أنه قد تكون هنالك جبال بينها وبينه في الوقت الحاضر!” سبيرجن (Spurgeon)