نشيد الأنشاد – الإصحاح ٧
جمال الفتاة
أولًا. وصف الفتاة للمرة الثالثة
أ ) الآيات (١-٣): وصف جسد الفتاة.
١مَا أَجْمَلَ رِجْلَيْكِ بِالنَّعْلَيْنِ يَا بِنْتَ الْكَرِيمِ! دَوَائِرُ فَخْذَيْكِ مِثْلُ الْحَلِيِّ، صَنْعَةِ يَدَيْ صَنَّاعٍ. ٢سُرَّتُكِ كَأْسٌ مُدَوَّرَةٌ، لاَ يُعْوِزُهَا شَرَابٌ مَمْزُوجٌ. بَطْنُكِ صُبْرَةُ حِنْطَةٍ مُسَيَّجَةٌ بِالسَّوْسَنِ. ٣ثَدْيَاكِ كَخَشْفَتَيْنِ، تَوْأَمَيْ ظَبْيَةٍ.
١. مَا أَجْمَلَ رِجْلَيْكِ بِٱلنَّعْلَيْنِ يَا بِنْتَ ٱلْكَرِيمِ: هذه بداية وصف مطوّل آخر لجمال الفتاة. وقد انتهى الإصحاح السادس من نشيد الأنشاد بطِلبة موجهة إلى الفتاة للعودة حتى تتمتع بنات أورشليم بجمالها فترة أطول، وباحتجاج وديع من الفتاة متساءلة لماذا ينبغي أن تكون موضع اهتمام.
• يوحي ذكر رقص المعسكرين (الصفّين) في نشيد الأنشاد ٦: ١٣ بأن الفتاة كانت ترقص. وهذا هو ما يوحي به وصف هذه الآيات التي تبدأ بذكر قدميها، وتستمر صاعدة إلى رأسها. وسيكون هذا أكثر طبيعية في وصف شخص واقف وهو يرقص. لكن هل فعلت هذا أمام مجموعة من المتفرجين (المتفرجات)، أم رقصت بشكل خاص من أجل حبيبها؟
• هنالك بعض الأسباب التي تدعو إلى الاعتقاد أن هذه كانت رقصة أمام مجموعة من المراقبين، مثل بنات أورشليم، أو مجموعة أوسع تشمل هؤلاء البنات.
السياق السابق من نشيد الأنشاد ٦: ١٣ مع دعوة من بنات أورشليم.
وصف العذراء بأنها ’بنت الكريم،‘ وهو يبدو أكثر ملاءمة عندما يأتي من بنات أورشليم من فم الحبيب.
قد يكون وصف الملك في نشيد الأنشاد ٧: ٥ أكثر ملاءمة بصوت آخر غير الحبيب.
• هنالك أيضًا أسباب تدعو إلى الاعتقاد أن هذه كانت رقصة خاصة للحبيب، ولاسيما أن وصف فخذي الفتاة وسُرّتها وخصرها (بطنها) وثدييها يوحي بأن هذه كانت مرئية (على الأقل بشكل جزئي). ولا يوجد في الثقافة الكتابية أو العبرية القديمة في نشيد الأنشاد نفسه ما يوحي بأن هذه كانت ممارسة لفتاة تؤدي رقصًا بشكل استفزازي أمام مجموعة عامة. وفي ضوء ذلك، يرجح أن هذا كان مجرد صورة شعرية، لا تقريرًا إخباريًّا، أو أنه عرض خاصّ لمباركة الحبيب (الزوج) وفائدته.
• من المهم أيضًا أن نلاحظ أن هذا هو الوصف الموسع الثالث لجمال الفتاة (نجد الوصفين الموسعين السابقين في نشيد الأنشاد ٤: ١-٥ و ٦: ٤-٩). ويمكن مقارنة هذه الأوصاف الثلاثة مع الوصف الوحيد لمظهر الحبيب (نشيد الأنشاد ٥: ١٠-١٦)، والذي لم توجّهه الفتاة إلى حبيبها، بل إلى آخرين حوله. وتعزز هذه المقارنة الانطباع أنه أهم بكثير للمرأة أن تحصل على توكيد لجمالها وعلى ثقة أكبر بجمالها من الرجل.
كان الوصف الأول لجمال الفتاة (نشيد الأنشاد ٤: ١-٥) في سياق ليلة العرس، حيث امتدح الحبيب جمال الفتاة قبل أن تسلّم له عذريّتها.
كان الوصف الثاني لجمال الفتاة (نشيد الأنشاد ٦: ٤-٩) في سياق استرداد العلاقة بعد صراع، حيث أكد الحبيب للفتاة أنه ما زال يحبها في ذلك الوقت كما أحبها في ليلة العرس.
ربما يكون الوصف الثالث لجمال الفتاة (نشيد الأنشاد ٧: ١-٥) وصفًا أكثر علانية، مقدِّمًا بهذا مزيدًا من التوكيد لجمالها.
• “إنه لجدير بالذكر أنه رغم أن نشيد الأنشاد هو في الواقع نشيد العروس، إلا أنه توجد ثلاث مناسبات يصف فيها العريس جمالها بتفصيل، وفي مناسبة ترد عليه بالمثل. وإذا كان لنشيد الأنشاد أية دلالة ترميزية، ينبغي أن تشير هذه الدلالة إلى أن الله يجدنا أكثر إبهاجًا مما نجده.” كينلو (Kinlaw)
• يَا بِنْتَ ٱلْكَرِيمِ (الرئيس): “كما في ٦: ١٢، لا يعني هذا بالضرورة أن الفتاة تنحدر من عائلة ملكية. لكنه يعني أنها ذات معدن أخلاقي كريم راقٍ نبيل.” كار (Carr)
٢. مَا أَجْمَلَ رِجْلَيْكِ بِٱلنَّعْلَيْنِ يَا بِنْتَ ٱلْكَرِيمِ: بينما كانت الفتاة ترقص، لاحظت المراقبات قدميها في نعليها. فأُعجبن بكل من قدميها ونعليها.
٣. دَوَائِرُ فَخْذَيْكِ… سُرَّتُكِ… بَطْنُكِ (خصرك): يتحرك الوصف صعودًا من قدمي الفتاة، واصفًا جمال جسدها كله.
• إذا افترضنا أن هذه هي تعليقات الحبيب على الفتاة في إطار خاص، فإن تعليقات جليكمان (Glickman) منطقية: “من الأشياء التي نلاحظها أن امتداح الملك أكثر حسية وحميمية. ويعكس هذا معرفة أكبر بجمال زوجته الجسدي. فعلى سبيل المثال، يمتدح هنا منحنيات (دوائر) فخذيها ودفء بطنها الناعم.” جليكمان (Glickman)
• “الخمر والحنطة من الأطعمة الأساسية لأية وجبة. ولا بد أن ضمّ الصورتين معًا في امتداحه لبطنها يعني أن بطنها مثل وليمة له.” جليكمان (Glickman)
• تذكّرنا الإشارة إلى السوسن الذي يحيط بالبطن بأننا نتعامل مع صور يُثري غموضها الإثارة الجنسية للنص.” كينلو (Kinlaw)
• تُظهِر تعليقات المفسر البيوريتاني، جون تراب (John Trapp)، صعوبة تناول هذا النص كنص ترميزي روحي: “السُّرّة هي المعمودية التي تغذّي الأطفال حديثي الولادة في رحم الكنيسة. ويفهم بعضهم أن هذا يشير إلى سر آخر، وهو سر العشاء الربّاني، والذي يُدعى هنا ’صُبْرَةُ حِنْطَةٍ‘ من أجل مخزونها من التغذية الممتازة.” تراب (Trapp)
• مُسَيَّجَةٌ بِٱلسَّوْسَنِ: يعتقد بعضهم أن هذه إشارة شعرية إلى منطقة عامة، حيث يوصف جسد الفتاة العاري. وهذا غير محتمل بالنظر إلى استخدام السوسن في نشيد الأنشاد ٤: ٥ و٥: ١٣.
٤. ثَدْيَاكِ كَخَشْفَتَيْنِ، تَوْأَمَيْ ظَبْيَةٍ: هذا وصف مكرر من النصف الأول للفتاة في نشيد الأنشاد ٤: ١-٥. كما أن هنالك توكيدًا لفكرة أن ثديي الفتاة تشبهان ظبيتين صغيرتين، إضافة إلى تماثلهما في الشكل والجمال (تَوْأَمَيْ ظَبْيَةٍ).
• لا يستطيع تراب (Trapp) أن يهرب بالغريزة من فهم هذين الثديين على أنهما ثديا أنثى. “إنهما مفعمان بالحيوية، وقويان، ومتساويان ومتماثلان. وهما يُفهمان هنا على أنهما العهدان. فهما متشابهان باتفاقهما الكامل وتناسقهما الرائع المثير للإعجاب. وهما يركضان برشاقة في جميع أنحاء العالم في وقت قصير.” تراب (Trapp)
• “تشير القصيدة إلى السحر الدائم للشكل الأنثوي وتأثيره في الرجل.” كينلو (Kinlaw)
ب) الآيات (٤-٥): وصف لرأس الفتاة ووجهها وشعرها.
٤عُنُقُكِ كَبُرْجٍ مِنْ عَاجٍ. عَيْنَاكِ كَالْبِرَكِ فِي حَشْبُونَ عِنْدَ بَابِ بَثِّ رَبِّيمَ. أَنْفُكِ كَبُرْجِ لُبْنَانَ النَّاظِرِ تُجَاهَ دِمَشْقَ. ٥رَأْسُكِ عَلَيْكِ مِثْلُ الْكَرْمَلِ، وَشَعْرُ رَأْسِكِ كَأُرْجُوَانٍ. مَلِكٌ قَدْ أُسِرَ بِالْخُصَلِ.
١. عُنُقُكِ كَبُرْجٍ مِنْ عَاجٍ: ليست الفكرة وراء هذه الصورة هي أن عنقها طويل للغاية. فالقصد هنا هو الإشارة إلى نبل معدنها الأخلاقي وقوّته.
• “يرجح أنه لا يمتدح كرامتها النبيلة المتمثلة في قوامها فحسب، بل أيضًا في النعومة الفنية في عنقها. فكأنه كان ناعمًا كالعاج بالنسبة له.” جليكمان (Glickman)
٢. عَيْنَاكِ كَٱلْبِرَكِ فِي حَشْبُونَ: يوصف هنا الجمال العميق لعيني الفتاة. وربما كان هنالك شيء جميل على نحو خاص في ما يتعلق ببرك المياه هذه.
• “من المحتمل أنه كان هنالك حوضان للأسماك واقعان في مكان ملائم في حقل كبير يحملان بعض الشبه بالعينين في الرأس.” بوله (Poole)
٣. أَنْفُكِ كَبُرْجِ لُبْنَانَ ٱلنَّاظِرِ تُجَاهَ دِمَشْقَ: يبدو أن برج لبنان هذا لم يكن برجًا حرفيًّا، بل تلًّا أو جبلًا تطل منحدراته الصخرية في اتجاه دمشق. وهذه إشارة إلى لون أنف الفتاة، لا إلى حجمه أو شكله.
• “كلمة لبنان واحدة من عدة كلمات مشتقة من الجذر العبري laben الذي يعني ’يَبْيَض.‘ ويرجح أن بياض المنحدرات الصخرية الجيرية هي التي أعطت هذا الجبل اسمه. ويوحي هذا بأن الصورة هنا مرتبطة بلون أنفها، لا بشكله أو حجمه. فوجهها مائل إلى البياض مثل درجة لون عنقها، وليس مسفوعًا بالشمس.” كار (Carr)
٤. رَأْسُكِ عَلَيْكِ مِثْلُ ٱلْكَرْمَلِ… مَلِكٌ قَدْ أُسِرَ بِٱلْخُصَلِ: إن جمال شعرها ملفت للنظر لدرجة أنه لا يمكن أن يرتبط إلا بالملوك (كَأُرْجُوَانٍ). وهو يسبي أفراد العائلة المالكة (مَلِكٌ قَدْ أُسِرَ بِٱلْخُصَلِ).
• بِٱلْخُصَلِ: “معنى جذر هذه الكلمة هو ’يجري‘ أو ’يتدفق،‘ ولهذا فإن الصورة هنا هي أن شعرها المسترسل يحمل مظهر الماء الجاري المترقرق.” كار (Carr)
• “أَمْكَن له في ليلة عرسهما أن يقدم لها مدحًا سُباعيًّا. لكن في هذه الليلة اللاحقة، قدّم لها مدحًا عَشْريًّا. فقد تعمَّق حبهما حقًّا.” جليكمان (Glickman)
ج) الآيات (٦-٩أ): وصف لرغبة الحبيب.
٦مَا أَجْمَلَكِ وَمَا أَحْلاَكِ أَيَّتُهَا الْحَبِيبَةُ بِاللَّذَّاتِ! ٧قَامَتُكِ هذِهِ شَبِيهَةٌ بِالنَّخْلَةِ، وَثَدْيَاكِ بِالْعَنَاقِيدِ. ٨قُلْتُ: «إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى النَّخْلَةِ وَأُمْسِكُ بِعُذُوقِهَا». وَتَكُونُ ثَدْيَاكِ كَعَنَاقِيدِ الْكَرْمِ، وَرَائِحَةُ أَنْفِكِ كَالتُّفَّاحِ، ٩وَحَنَكُكِ كَأَجْوَدِ الْخَمْرِ.
١. مَا أَجْمَلَكِ وَمَا أَحْلَاكِ أَيَّتُهَا ٱلْحَبِيبَةُ: يبدو واضحًا هنا أن الحبيب، لا مجموعة مثل بنات أورشليم، هو الذي يتكلم. وإن كان صحيحًا أن مجموعة كهذه تكلمت بكلمات نشيد الأنشاد ٧: ١-٥، فإن الحبيب يتكلم إلى حبيبته هنا بشكل أكثر مباشرة حول انجذابه إليها ورغبته فيها.
• بِٱللَّذَّاتِ (بالمسرّات التي تجلبينها لي): هذه إشارة إلى مدى انجذابه الأساسي إليها وروعته. فمن الواضح أنها أسعدته، لا بجمالها وشخصيتها فحسب، بل أيضًا بمعدنها الأخلاقي وقوّته.
• وبالقياس التمثيلي والتطبيق، تساعدنا سعادة الحبيب العظيمة بفتاته على فهم مدى حب الله لنا وابتهاجه بنا: “وَكَفَرَحِ ٱلْعَرِيسِ بِٱلْعَرُوسِ يَفْرَحُ بِكِ إِلَهُكِ” (إشعياء ٦٢: ٥).
• “يا نفسي العزيزة، هل تدركين رغبة حبيبك (الإلهي) فيك؟ أنت تحبينه، لكنه يحبك أكثر من أي وقت مضى. أنت ترغبين فيه، لكن رغبته فيك أقوى من رغبتك فيه، كما أن نور الشمس أقوى من نور القمر.” ماير (Meyer)
٢. قَامَتُكِ هَذِهِ شَبِيهَةٌ بِٱلنَّخْلَةِ: هنا يتحدث عن الفتاة على أنها طويلة ونبيلة مثل نخلة عظيمة. وهذه إشارة أخرى إلى جمالها، وإلى معدنها الأخلاقي، وتأثيرها أيضًا.
٣. وَثَدْيَاكِ بِٱلْعَنَاقِيد… وَتَكُونُ ثَدْيَاكِ كَعَنَاقِيدِ ٱلْكَرْمِ: عندما رأى الحبيب معدنها الأخلاقي وجمالها، أرادها. لقد أحبها، لا لجسدها فحسب، بل أحبها أيضًا – بحق – لكي يتمتع بلذات ثدييها وجسدها في الجِماع كزوجين.
• قدّم سليمان نصيحة بنفس هذه الروح في سفر الأمثال: “لِيَكُنْ يَنْبُوعُكَ مُبَارَكًا، وَٱفْرَحْ بِٱمْرَأَةِ شَبَابِكَ، ٱلظَّبْيَةِ ٱلْمَحْبُوبَةِ وَٱلْوَعْلَةِ ٱلزَّهِيَّةِ. لِيُرْوِكَ ثَدْيَاهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَبِمَحَبَّتِهَا ٱسْكَرْ دَائِمًا. فَلِمَ تُفْتَنُ يَا ٱبْنِي بِأَجْنَبِيَّةٍ، وَتَحْتَضِنُ غَرِيبَةً؟” (أمثال ٥: ١٩-٢٠).
• نحس من كل هذا بأن هذين الزوجين نميا ونضجا في مشاركة الحب جنسيًّا وغير ذلك. “هذا مزاج مختلف عن الشكليات المعقدة في ليلة عرسهما.” جليكمان (Glickman)
٤. وَرَائِحَةُ أَنْفِكِ كَٱلتُّفَّاحِ، وَحَنَكُكِ كَأَجْوَدِ ٱلْخَمْرِ: أخبر الحبيب عروسه كيف أن جماعهما الجنسي كان مُرْضيًا ومُشيِعًا له.
• “إنه يخلق صورة حية وهو يقبّل ثدييها كما لو أن المرء يضع عناقيد من العنب على شفتيه. وستجلب قبلاتها رائحة أنفاسها الزكية مثل رائحة التفاح. وسيكون فمها مثل أجود خمر، حيث سيتمتع بها ببطء وبشكل رائع مع كل رشفة.” جليكمان (Glickman)
ثانيًا. الفتاة تتوق إلى الحميمية مع حبيبها
أ ) الآيات (٩ب-١٠): الشوق إلى الحميمية.
٩… لِحَبِيبِي ٱلسَّائِغَةُ ٱلْمُرَقْرِقَةُ ٱلسَّائِحَةُ عَلَى شِفَاهِ ٱلنَّائِمِينَ. ١٠أَنَا لِحَبِيبِي، وَإِلَيَّ ٱشْتِيَاقُهُ.
١. لِحَبِيبِي ٱلسَّائِغَةُ ٱلْمُرَقْرِقَةُ: هذه هي استجابة الفتاة لعبارة الحبيب السابقة ومناشدته. فقد عبّر لها عن مدى استمتاعه بممارستهما الجنسية. وهي الآن ترد بإقرار بجودة تلك الخبرة.
٢. ٱلسَّائِحَةُ عَلَى شِفَاهِ ٱلنَّائِمِينَ: الفكرة هي أنهما نائمان معًا، ربما في عناق أحدهما للآخر في انتعاش.
• “بينما ركزت ليلة العرس على قصد الجنس كإتمام للزواج، تركز هذه الليلة على قصد الجنس كتغذية للزواج. وعندما يخلدان إلى النوم، تبقى القبلة الأخيرة في ذهن كل واحد منهما كمذاق متخلّف في الفم لخمر جيدة. فيا لها من صورة ساحرة لزوجين نائمين!” جليكمان (Glickman)
٣. أَنَا لِحَبِيبِي، وَإِلَيَّ ٱشْتِيَاقُهُ: الفتاة آمنة تمامًا في حبه. وهي تفهم رغبته، لا كمطالبة أو كعبء، بل كشيء رائع وملائم.
• “لا تجعل الفتاة امتلاكه لها أساسيًا فحسب، بل تقوّي الفكرة هذه أيضًا بأن تضيف أن اشتياقه هو إليها. وهي في تركيزها عليه تتجاهل امتلاكها له. لقد فقدت نفسها فيه، وبالتالي وجدت نفسها.” جليكمان (Glickman)
• “إنها كلمة الحب الكاملة والأخيرة والنهائية. وهي تعبّر عن شبع تام، وراحة مطلقة، وأقصى درجات الرضا والسلام. وهنا عنصران في الأمر. الأول هو التخلّي التام عن الذات – ’أَنَا لِحَبِيبِي‘ – والثاني هو أن الحبيب مُشْبَع – ’وَإِلَيَّ ٱشْتِيَاقُهُ.‘” مورجان (Morgan)
ب) الآيات (١١-١٣): الدعوة إلى الحميمية.
١١تَعَالَ يَا حَبِيبِي لِنَخْرُجْ إِلَى الْحَقْلِ، وَلْنَبِتْ فِي الْقُرَى. ١٢لِنُبَكِّرَنَّ إِلَى الْكُرُومِ، لِنَنْظُرَ: هَلْ أَزْهَرَ الْكَرْمُ؟ هَلْ تَفَتَّحَ الْقُعَالُ؟ هَلْ نَوَّرَ الرُّمَّانُ؟ هُنَالِكَ أُعْطِيكَ حُبِّي. ١٣اَللُّفَّاحُ يَفُوحُ رَائِحَةً، وَعِنْدَ أَبْوَابِنَا كُلُّ النَّفَائِسِ مِنْ جَدِيدَةٍ وَقَدِيمَةٍ، ذَخَرْتُهَا لَكَ يَا حَبِيبِي.
١. تَعَالَ يَاحَبِيبِي لِنَخْرُجْ إِلَى ٱلْحَقْلِ، وَلْنَبِتْ فِي ٱلْقُرَى: استجابت الفتاة لرغبة حبيبها، فدعته إلى المجيء في رحلة في الريف، حيث يمكنهما أن يتمتعا بالحميمية. فكان هذا مثل عطلة نهاية الأسبوع لزوجين يعيشان قصة حب جميلة.
• سبق أن قدّم الحبيب دعوة مماثلة إلى الفتاة: ’قُوْمِي يَا حَبِيبَتِي، يَا جَمِيلَتِي وَتَعَالَيْ‘ (نشيد الأنشاد ٢: ١٠). وهي الآن ترد بدعوة مماثلة. ويبدو أنها نضجت في ثقتها بالنفس منذ الأيام الأولى لتودُّدها (نشيد الأنشاد ١: ٥-١٦). وفهمت أيضًا أن الإشارة بالبدء في العلاقات الحميمة ليست مسؤولية الرجل وحده.
• “إذا كان علينا أن نستمع إلى مدائح فضائلنا، إذا خدمْنا الله حتى تقر الكنيسة بفائدتنا وتكافئنا، فمن الجيد أن نصغي ما دمنا مضطرين إلى ذلك، لكن ليس أكثر. إذ ينبغي أن ننتقل فورًا إلى شيء أكثر عملية وصحية لأرواحنا. يبدو أن العروس تنقطع عن الاستماع إلى نشيد بنات أورشليم، وتلتفت إلى عريسها – الرب، والذي تكون الشركة معه مباركة دائمًا ومفيدة دائمًا، وتقول له: تَعَالَ يَاحَبِيبِي لِنَخْرُجْ إِلَى ٱلْحَقْلِ.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. لِنُبَكِّرَنَّ إِلَى ٱلْكُرُومِ، لِنَنْظُرَ: هَلْ أَزْهَرَ ٱلْكَرْمُ؟: بما أن الربيع كان رمزًا خاصًّا لحبهما (نشيد الأنشاد ٢: ١٠-١٣؛ ٦: ١١-١٢)، استُخدمت هذه الصورة لتوصيل رغبتها في التمتع بنضارة حبهما وقوته وحميميته.
• “يكشف الشاعر أن علاقتهما انتقلت من ربيع إلى ربيع، وأنها تشهد الآن دورة كاملة من النمو.” جليكمان (Glickman)
٣. هُنَالِكَ أُعْطِيكَ حُبِّي: كانت الفتاة صادقة ومنفتحة مع حبيبها بشكل منعش. قالت له ما مفاده: “دعنا نذهب إلى الريف ونمارس الحب هناك.” وهذه دعوة ربما تروق لكل زوج.
• نرى في كل هذا حرية وفرحًا ملحوظين في حبهما. فلم تُفهم الحميمية الجنسية على أنها لذة الزوج وواجب الزوجة. إذ توجد عبر نشيد الأنشاد روح تبيّن أن الحب الزوجي يمكن أن يكون جيدًا لكلا الزوجين.
• “يعلّم نشيد الأنشاد أن الحرية الحقيقية لا تأتي من تحرُّر المرء من الزواج. فالحقيقة هي أن الحرية الحقيقية تأتي في الزواج. والزواج سياج آمن يحمي الحب وهو ينمو. وعندما يغذَّى الحب، فإنه ينتج حرية واكتفاء.” أستيس (Estes)
٤. اَللُّفَّاحُ يَفُوحُ رَائِحَةً: شاع في العالم القديم فهم أن هذا النبات مثير للشهوة الجنسية، وأنه يعمل على زيادة الخصوبة (تكوين ٣٠: ١٤-١٧).
• “اللُّفاح أو ’تُفّاح الحب‘ نبات عطِر بشكل حاد حتى إنه عُدَّ مثيرًا للشهوة. ولا يعني هذا أن هذين العاشقين احتاجا إلى أي تحفيز إضافي. لكن استخدام مثل هذه العناصر كان جزءًا من تقاليد ممارسة الحب زمنًا طويلًا.” كار (Carr)
• ولهذا، فإن الإشارة إلى اللّفاح تبيّن الرغبة في إنجاب الأطفال. “أرادت شولميت أطفالًا كإظهار مرئي على وحدتها في حبها وحب سليمان.” أستيس (Estes)
٥. كُلُّ ٱلنَّفَائِسِ مِنْ جَدِيدَةٍ وَقَدِيمَةٍ، ذَخَرْتُهَا لَكَ يَاحَبِيبِي: ربما تحمل هذه العبارة صعبة الترجمة معنى أنها تدعوه إلى التمتع بالحميمية بطرق مألوفة وغير مألوفة لهذين الزوجين. والفكرة هي أنهما سيتمتعان بممارسة الحب بطرق إبداعية سبق أن خططت لها العروس (كُلُّ ٱلنَّفَائِسِ مِنْ جَدِيدَةٍ وَقَدِيمَةٍ، ذَخَرْتُهَا لَكَ يَاحَبِيبِي).