نشيد الأنشاد – الإصحاح ٦
موحّدان في الحب ثانية
أولًا. الفتاة تصف استرداده لعلاقة حبهما
أ ) الآية (١): سؤال آخر من بنات أورشليم
١أَيْنَ ذَهَبَ حَبِيبُكِ أَيَّتُهَا ٱلْجَمِيلَةُ بَيْنَ ٱلنِّسَاءِ؟ أَيْنَ تَوَجَّهَ حَبِيبُكِ فَنَطْلُبَهُ مَعَكِ؟
1. أَيْنَ ذَهَبَ حَبِيبُكِ أَيَّتُهَا ٱلْجَمِيلَةُ بَيْنَ ٱلنِّسَاءِ؟: استمرارًا للفكرة التي بدأت في الإصحاح السابق، يصعب علينا أن نميز إن كانت صديقاتها يدعمنها أم كنّ يسخرن منها.
2. أَيْنَ تَوَجَّهَ حَبِيبُكِ فَنَطْلُبَهُ مَعَكِ؟: كان هذا السؤال الثاني أكثر أهمية من نغمة السؤال الأول. فبعد أن استمعت بنات أورشليم إلى وصف الفتاة المؤثر للإعجاب لمعدن حبيبها الأدبي ومظهره، أردن أن يعرفن مكانه، وإن كان بإمكانهن أن يقدمن العون لها في تحديد موقعه.
ب) الآيات (٢-٣): الفتاة تصف علاقتها برجلها الحبيب.
٢حَبِيبِي نَزَلَ إِلَى جَنَّتِهِ، إِلَى خَمَائِلِ الطِّيبِ، لِيَرْعَى فِي الْجَنَّاتِ، وَيَجْمَعَ السَّوْسَنَ. ٣أَنَا لِحَبِيبِي وَحَبِيبِي لِي. الرَّاعِي بَيْنَ السَّوْسَنِ.
١. حَبِيبِي نَزَلَ إِلَى جَنَّتِهِ، إِلَى خَمَائِلِ ٱلطِّيبِ: سبق أن استُخدمت صورة الجنة (الحديقة) في نشيد الأنشاد (٤: ١٢؛ ٤: ١٦؛ ٥: ١)، لتمثل نشاط الفتاة الجنسي.
• لكن هنا، تبدو تلك الصورة في غير محلها. فإذا كان حبيبها قد ذهب إلى ’جنّته،‘ فلماذا يبدو أن الفتاة ما زالت تبحث عنه. ولهذا، يبدو أنه أفضل أن تُعَد هذه إشارة إلى جنة (حديقة) فعلية، لا مجازية. فقد تذكرت الفتاة أن حبيبها سيكون في مكان مألوف في الهواء الطلق حيث يرعى (لِيَرْعَى فِي ٱلْجَنَّاتِ).
• من المثير للاهتمام أن بحث الفتاة السابق عبر المدينة لم يحقق لها شيئًا، بل أضرّ بها في واقع الأمر. لكنها عندما فكّرت (أثناء ردّها على أسئلة بنات أورشليم) حول مدى روعة حبيبها، ومكانه المحتمل، تمكنت من اكتشاف ذلك.
• “تؤكد استجابة العروس بناءً على استفسار الصديقات أنها لم تفقده فعلًا. إذ كان القلق في حلمها بلا أساس حقيقي.” كينلو (Kinlaw)
• كان رد فعلها الأولي على مشكلاتهما العلاقية قائمة بشكل كامل على مشاعرها، من دون أن تفكر في رد الفعل نفسه. وعندما بدأت تفكر في أساسيات علاقتهما (من هو حبيبي؟ وكيف أجده؟)، بدت الأمور منطقية.
• يذكّرنا هذا بأنه من أجل نجاح الزواج المسيحي، يتوجب علينا أن نفكر ونفهم. ويعتمد العالم على أفكار خطأ حول الحب الرومانسي والمشاعر لإنجاح الزواج. ولا يجعل هذا النهج الشخص يفكر ويفهم بشأن الزواج حول إنجاحه أبدًا.
٢. لِيَرْعَى فِي ٱلْجَنَّاتِ، وَيَجْمَعَ ٱلسَّوْسَنَ: عندما فكرت الفتاة أين يمكن أن يكون حبيبها، تذكرت أن من المتوقع أنه سيكون منشغلًا بالقيام بعمله (يَرْعَى فِي ٱلْجَنَّاتِ)، وأنه يبحث عن طرق يبيّن لها بها حبه (وَيَجْمَعَ ٱلسَّوْسَنَ).
• يمكننا القول إن الفتاة فهمت بعض الأمور الأساسية التي تسهم في استرداد العلاقة.
عرفتْ أين ذهب – إلى جنته (الحرفية) المفضّلة لديه.
عرفت أنه رغم انفصالهما، ما زالا ينتميان أحدهما إلى الآخر.
عرفت أن زوجها كان مثل راعٍ وديع لطيف يريد استرداد العلاقة.
٣. أَنَا لِحَبِيبِي وَحَبِيبِي لِي: ملأ تذكُّر هذه الأمور – من هو حبيبها، وأين هو، وما يفعله – الفتاة بشعور متجدد بعلاقتهما واتحادهما.
• هذا هو المكان الذي أرادت أن تكون فيه. وهذا نقيض فكرة الانغماس في الذات والكسل المبيّنة في الجزء الأول من الإصحاح الخامس من نشيد الأنشاد. عادت إلى حيث أرادت أن تكون، لكنها لم تصل إلى هناك بالتركيز على مشاعرها، بل بالتفكير والفهم. والآن ظهرت مشاعرها في الصورة، وبطريقة رائعة.
• أَنَا لِحَبِيبِي وَحَبِيبِي لِي: هذا أيضًا وصف مهم لفكرة الوحدة. فقد أحسّت الفتاة بصلاتها الروحية والعاطفية والجسمية والحياتية به وثمّنتها. ومن نصائح الرسول بولس المتكررة حول وحدانية الزوج والزوجة (ومن خبرة الحياة)، قد يفهم المرء بشكل معقول أن النساء يملن إلى الشعور بالوحدة في الزواج بالغريزة. وعلى الرجال أيضًا أن يتعلموا ويثمِّنوا.
• “إن قدرة الزوجين على النجاح في زواجهما مساوية لقدرتهما على التسامح وقبول الغفران… وعندما يصبح هذا الاستعداد من قبل الطرفين عادة، تصبح فقاعة الرومانسية التي أبدأتْ علاقتهما ماسَة تدوم إلى الأبد.” جليكمان (Glickman)
• قالت الفتاة في نشيد الأنشاد ٢: ١٦ ’حبيبي لي وأنا له.‘ وهنا تقول ’أَنَا لِحَبِيبِي وَحَبِيبِي لِي.‘ ويلاحظ بعضهم أنه في العبارة الأولى، ينصب التوكيد على ما يخصّها بينما ينصب في العبارة الثانية على من الذي تنتمي إليه. ربما وجدت أنه كان أمرًا أكثر روعة أن تنتمي إليه من أن تمتلكه.
ثانيًا. التمتع بالعلاقة المستردة
أ ) الآيات (٤-٧): الحبيب يصف مظهر فتاته الجسمي
٤أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي كَتِرْصَةَ، حَسَنَةٌ كَأُورُشَلِيمَ، مُرْهِبَةٌ كَجَيْشٍ بِأَلْوِيَةٍ. ٥حَوِّلِي عَنِّي عَيْنَيْكِ فَإِنَّهُمَا قَدْ غَلَبَتَانِي. شَعْرُكِ كَقَطِيعِ الْمَعْزِ الرَّابِضِ فِي جِلْعَادَ. ٦أَسْنَانُكِ كَقَطِيعِ نِعَاجٍ صَادِرةٍ مِنَ الْغَسْلِ، اللَّوَاتِي كُلُّ وَاحِدَةٍ مُتْئِمٌ وَلَيْسَ فِيهَا عَقِيمٌ. ٧كَفِلْقَةِ رُمَّانَةٍ خَدُّكِ تَحْتَ نَقَابِكِ.
١. يَا حَبِيبَتِي: هذه بداية كلام الحبيب هنا. صارا معًا مرة أخرى. ودفء علاقتهما المستردة واضح في هذا القسم.
٢. أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي كَتِرْصَةَ، حَسَنَةٌ كَأُورُشَلِيمَ، مُرْهِبَةٌ كَجَيْشٍ بِأَلْوِيَةٍ: يشّبه الحبيب جمال الفتاة وقامتها بمدينتين نبيلتين جميلتين (ترصة وأورشليم). وكانت فتاته مثيرة للإعجاب كجيش يرفع أعلامًا في استعداد لمعركة.
• “كانت ترصة مركزًا كنعانيًّا قديمًا، وكانت عاصمة المملكة الشمالية قبل أن يجعل عمري (٨٧٩ ق. م) السامرة العاصمة. وهذه إشارة قوية إلى تاريخ مبكر لكتابة هذا النشيد.” كينلو (Kinlaw)
• “كانت ترصة واقعة في أراضي أفرايم (يشوع ١٢: ٢٤)، وكانت عاصمة تلك المنطقة. ويبدو أنها كانت جميلة في حد ذاتها في موقع جميل، لأن يربعام جعلها مسكنًا له قبل السامرة. ويبدو أنها كانت محل إقامة ملوك إسرائيل المعتاد (١ ملوك ١٤: ١٧؛ ١٥: ٢١؛ ١٦: ٦). ويدل اسمها على أنها جميلة أو مُبهِجة.” كلارك (Clarke)
• لا يوجد أي تلميح إلى المرارة أو عدم التسامح من جانب الحبيب. كان هنالك انقطاع في علاقتهما (كما هو موضح في نشيد الأنشاد ٥: ٢-٨). وكان هذا خطأها إلى حد كبير. ومع ذلك، سارع الطرف المتضرر في هذه العلاقة إلى الصفح واسترداد العلاقة.
٣. حَوِّلِي عَنِّي عَيْنَيْكِ فَإِنَّهُمَا قَدْ غَلَبَتَانِي: كان هذا امتداحًا كبيرًا جدًّا معبَّرًا عنه بجمال شعري: “أنا سعيد ومبتهج ومغمور بالانفعالات بسبب جمال عينيك بحيث لا أستطيع مواصلة النظر إليهما!”
• “سبق أن لاحظ الحبيب أن عينيها جميلتان وجذابتان عدة مرات (نشيد الأنشاد ١: ١٥؛ ٤: ١، ٩). وهنا يعزز هذه الفكرة.” كار (Carr)
• “لكن الأمر بخلاف ذلك في ما يتعلق بالمسيح. فالجلالة والمحبة وحتى الافتتان كلها تلتقي في قلبه المقدس. فإن كانت الكنيسة مريضة بحبه، يفترض أن تعرف أن حبه لها قد غلبه، وأن حبهما دائم.” تراب (Trapp)
• ربط سبيرجن (Spurgeon) نشيد الأنشاد ٦: ٥ بيسوع والكنيسة، ملاحظًا أن يسوع يُغلب بالمحبة عندما ينظر إلى الكنيسة. كان هذا صحيحًا قبل التجسد، وعندما مشى على الأرض، وهو صحيح الآن بعد أن صعد إلى السماء.
العينان اللتان تُظهران التوبة تغلبانه.
العينان اللتان تحزنان على الخطية تغلبانه.
العينان اللتان تنظران إلى يسوع من أجل الخلاص تغلبانه.
العينان اللتان تتوقان إلى توكيد الخلاص تغلبانه.
العينان اللتان تتكلان عليه وتتطلعان إليه من أجل كل تدبير تغلبانه.
العينان اللتان تصلّيان تغلبانه.
٤. شَعْرُكِ كَقَطِيعِ ٱلْمَعْزِ: واصل الحبيب وصف الفتاة مستخدمًا نفس الصور التي سبق أن استخدمها في وصفها في نشيد الأنشاد ٤: ١-٥. فعندما عادت إليه، فال لها نفس نوع الأشياء التي قالها له في ليلة عرسهما. فكانت هذه طريقته في القول: “أنا أحبك وأثمنك الآن تمامًا كما كنت أحبك وأثمّنك عندئذٍ.”
• غير أنه تجنب وصف سماتها الجسدية الأكثر حسية مثل الشفتين والثديين (كما سبق أن وصفها)، أو الشفتين (كما سيصفهما لاحقًا). أراد أن يتجنب فكرة أن السبب الوحيد وراء تعويضه له هو جعْلها مستعدة لممارسة الجنس. كان هذا أمرًا جيدًا ودالًّا على حكمته.
• وفي الوقت نفسه، أضاف في الآيات التالية بعض المجاملات الجيدة لغرض المصالحة، مذكّرًا إياها بأنها مفضّلة على الأخريات.
ب) الآيات (٨-١٠): الحبيب يصف عروسه بالمقارنة مع النساء الأخريات.
٨هُنَّ سِتُّونَ مَلِكَةً وَثَمَانُونَ سُرِّيَّةً وَعَذَارَى بِلاَ عَدَدٍ. ٩وَاحِدَةٌ هِيَ حَمَامَتِي كَامِلَتِي. الْوَحِيدَةُ لأُمِّهَا هِيَ. عَقِيلَةُ وَالِدَتِهَا هِيَ. رَأَتْهَا الْبَنَاتُ فَطَوَّبْنَهَا. الْمَلِكَاتُ وَالسَّرَارِيُّ فَمَدَحْنَهَا. ١٠مَنْ هِيَ الْمُشْرِفَةُ مِثْلَ الصَّبَاحِ، جَمِيلَةٌ كَالْقَمَرِ، طَاهِرَةٌ كَالشَّمْسِ، مُرْهِبَةٌ كَجَيْشٍ بِأَلْوِيَةٍ؟
١. هُنَّ سِتُّونَ مَلِكَةً وَثَمَانُونَ سُرِّيَّةً وَعَذَارَى بِلَا عَدَدٍ. وَاحِدَةٌ هِيَ حَمَامَتِي كَامِلَتِي: يتجاوز هذا وصف جمال الفتاة في الآية السابقة. إذ يصفها هنا بالمقارنة مع النساء الأخريات. ومن المهم، بل من الحيوي، أن تشعر المرأة لا أنها جميلة فحسب، بل إنها مفضّلة على الأخريات في عيني زوجها.
• “لم يخرج إلى عالم الأحلام ويشعر بالرثاء لنفسه، متمنيًّا لو أنه تزوج امرأة أخرى. فمن شأن نظرة كهذه أن تفاقم المشكلة. وعلى نقيض ذلك، طمأنها بشكل خلّاق وبرأفة على غفرانه لها. فما زالت الفتاة التي تزوجها، وكان شاكرًا من أجلها.” جليكمان (Glickman)
٢. ملكات… سُريّات… عذارى: يجعلنا ذِكر هؤلاء النساء الأخريات نتساءل إن كان سليمان قد مارس تعدد الزوجات عند هذه النقطة، حتى صار لديه ٧٠٠ زوجة و٣٠٠ سرية في نهاية الأمر، حسب ١ ملوك ١١: ٣).
• لا يبدو أن جمال الحب الرومانسي الحاد الموصوف في نشيد الأنشاد جاء من رجل عاش حالات حب رومانسية مع نساء كثيرات (أوصلنه إلى الخراب الروحي حسب ١ ملوك ١١: ١-١٤). وهنالك بعض التفسيرات المحتملة:
كتب سليمان هذا النشيد عندما كان شابًّا في مناسبة حبه الأول، حبه الحقيقي. فمن بين جميع الزوجات السبعمائة، كان لا بد أن تكون واحدة منهن الأولى. وعروس النشيد هي تلك الواحدة. فإذا كان هذا صحيحًا، فإن الإشارة إلى الملكات والسراري والعذارى كانت نظرية فحسب، ولا تصف نساء تخص سليمان.
كتب سليمان هذا وهو في منتصف العمر، وكانت لديه زوجات وسراري (لكن في مرحلة مبكرة إلى حد ما)، ما يعني أنه كتب عن مثال لم يعشه أو يستفد منه. فإن كان هذا صحيحًا، فإن الإشارة إلى الملكات والسراري والعذارى حرفية.
كتب سليمان هذا في مرحلة متأخرة من حياته، بعد أن عرف الخير والمثال، لكنه بدد الغالبية الساحقة من حياته على العلاقات الرومانسية والجنسية السخيفة. فكتب هذا متذكرًا المثال ومحاولًا تشجيع الآخرين عليه. فإن كان هذا صحيحًا، فإن الإشارة إلى الملكات والسراري والعذارى كانت نظرية فحسب.
• “يفترض ديلتزتش هنا أن الأعداد القليلة نسبيًّا: ٦٠ و٨٠ – تشير إلى مشهد حدث في حكم سليمان قبل أن يكتمل عدد الحريم في قصره. ويرجح أنه لا يوجد حريم في الصورة. إذ لاحظ أن النص لا يقول إن سليمان ’يمتلك‘ أو ’لديه،‘ لكن يقول ببساطة: هُنَّ سِتُّونَ مَلِكَةً وَثَمَانُونَ سُرِّيَّةً وَعَذَارَى بِلَا عَدَدٍ، وَاحِدَةٌ هِيَ حَمَامَتِي كَامِلَتِي.” كار (Carr)
٣. ٱلْوَحِيدَةُ لِأُمِّهَا هِيَ. عَقِيلَةُ وَالِدَتِهَا هِيَ: يصعب فهم هذا التصريح. وربما ينبغي أن نفهم هذا على أنه لا يعني أنه لم يكن لديها إخوة أو أخوات (تشير نشيد الأنشاد ٨: ٨ إلى وجود إخوة وربما أخوات). وبدلًا من ذلك، فإن النص يؤكد منزلتها المفضّلة.
٤. رَأَتْهَا ٱلْبَنَاتُ فَطَوَّبْنَهَا. ٱلْمَلِكَاتُ وَٱلسَّرَارِيُّ فَمَدَحْنَهَا: لم تكن عظمة الفتاة وجمالها واضحين للحبيب فقط، بل أيضًا لرفيقاتها من النساء (وضُرّاتها النظريّات).
• “إن إحدى الطرق لمدح شخص هي ذِكر الأشياء اللطيفة التي ذكرها عنها آخرون.” جليكمان (Glickman)
٥. جَمِيلَةٌ كَٱلْقَمَرِ، طَاهِرَةٌ كَٱلشَّمْسِ، مُرْهِبَةٌ كَجَيْشٍ بِأَلْوِيَةٍ: أكد هذا المديح الشعري العالي للفتاة أن علاقتها بحبيبها قد صولحت واستُرِدت. فلم تبقَ هنالك مرارة في نفسه، ولم يمنع عنها غفرانًا.
• “لم يجعل نفسه فريسة لدمار الكبرياء المجروحة. فلم يتصرف بانتقام خسيس. لم يقرر أن يقتصّ من زوجته. بل لم يفكر إلا بتوكيد غفرانه لها.” جليكمان (Glickman)
• “بيّن لنا سليمان طريقة أفضل. فلم يجعل شولميت تدفع ثمن عدم حساسيتها. بل عمل على المشكلة، لا على الشخص. أراد المصالحة، لا الانتقام.” إستيس (Estes)
• تأمل سبيرجن (Spurgeon) كيف أن الكنيسة مُرْهِبَةٌ كَجَيْشٍ بِأَلْوِيَةٍ، مؤكدًا فكرة الراية، والطرق التي بها تكون الكنيسة مثل جيش يحمل رايات.
كانت الرايات تُحمل للتمييز، أي لتوضيح هوية الجيش.
كانت الرايات تُحمل للانضباط، أي لينظَّم الجيش في عمله.
كانت الرايات تُحمل كعلامة على النشاط، في إشارة إلى أن شيئًا ما على وشك الحدوث.
كانت الرايات تُحمل كعلامة على الثقة والاستعداد للاشتباك مع العدو.
ج) الآيات (١١-١٢): الفتاة تصف لقاءها بالحبيب.
١١نَزَلْتُ إِلَى جَنَّةِ الْجَوْزِ لأَنْظُرَ إِلَى خُضَرِ الْوَادِي، وَلأَنْظُرَ: هَلْ أَقْعَلَ الْكَرْمُ؟ هَلْ نَوَّرَ الرُّمَّانُ؟ ١٢فَلَمْ أَشْعُرْ إِلاَّ وَقَدْ جَعَلَتْنِي نَفْسِي بَيْنَ مَرْكَبَاتِ قَوْمِ شَرِيفٍ.
١. نَزَلْتُ إِلَى جَنَّةِ ٱلْجَوْزِ: يُفترض أن هذا هو المكان الذي كان فيه الحبيب (نشيد الأنشاد ٦: ٢). وتذكرت الفتاة بسعادة إعادة لمّ شملهما.
• يقدم واتشمان ني (Watchman Nee) مثلًا للإفراط في الروحانية هنا: “يمكن تشبيه الجوز – الذي يتطلب تكسيرًا دقيقًا قبل استخراج الأجزاء الداخلية اللذيذة المغذّية منه – بكلمة الله التي لا تقدِّم طعامها القوي المشبع للنفس إلا للذين يسعون بجد إلى تفصيل كلمة الحق باستقامة.”
٢. لِأَنْظُرَ إِلَى خُضَرِ ٱلْوَادِي، وَلِأَنْظُرَ هَلْ أَقْعَلَ ٱلْكَرْمُ؟: ذهبت لترى مجيء الربيع وتستمتع به. كان فصل الربيع (ربما حرفيًّا ورمزيًّا معًا) مرتبطًا بحضور حبهما وصلاحه (نشيد الأنشاد ٢: ١٠-١٣). فكانت علاقتهما في وقت الربيع مرة أخرى.
• “حوَّل الذنب عينيها إلى الداخل، لكن الحبيب جلبهما إلى الخارج. نزلت إلى جنة الوعي الذاتي بالذنب على أمل التجديد، فقوبلت بالمديح الذي حوَّل عينيها من نفسها إليه. وحالما تحولتا إليه، عادتا إليها من خلال عيني الغفران.” جليكمان (Glickman)
٣. فَلَمْ أَشْعُرْ إِلَّا وَقَدْ جَعَلَتْنِي نَفْسِي بَيْنَ مَرْكَبَاتِ قَوْمِ شَرِيفٍ: كان لمّ شمل علاقتهما، أو عودة وقت الربيع إلى محبتهما، أمرًا مبهجًا جدًّا للفتاة حتى إنها أحست بأن نفسها كانت حرة وسريعة كمركبة.
• تمّ استرداد صلاح علاقتهما وعمقها حقًّا. فلم تعنِ مشكلات الماضي أن مستقبلهما محكوم عليه بالفشل والتعويق. ويمكن للزوجين المؤمنين أن يثقا بإيمان، عالمين أن الله يستطيع أن يسترد ويجلب وقت الربيع للعلاقات المضطربة.
• توحي الآية التالية إلى أنه ربما كانت الفتاة في مركبة متحركة، وربما كانت في مركبة حبيبها المهيبة، الملك سليمان. ومن شأن هذا المعنى المزدوج أن يعزز فكرة الاسترداد التام للعلاقة، حيث يكرّم الحبيب فتاته بهذا الترف الدال على الهيبة والمكانة. وتترجم الترجمة القياسية المنقّحة هذه الآية كما يلي: “وقبل أن أشعر، وضعني خيالي في مركبة بجانب أميري.”
د ) الآية (١٣أ): بنات أورشليم يناشدن الفتاة.
١٣اِرْجِعِي، ارْجِعِي يَا شُولَمِّيثُ. ارْجِعِي، ارْجِعِي فَنَنْظُرَ إِلَيْكِ.
1. اِرْجِعِي، ٱرْجِعِي يَا شُولَمِّيثُ: يبدو أن هذه كلمات نطقت بها بنات أورشليم (أو ربما الحبيب وأصدقاؤه). وهنّ يناشدن الفتاة التي يبدو أنها كانت منطلقة بسرعة كما في مركبة (نشيد الأنشاد ٦: ١٢)، ربما يكون المعنى مزدوج: حرفي ومجازي.
• هذه هي الآية الوحيدة في نشيد الأنشاد التي يُذكر فيها اسم شُولَمِّيث. وقد يشير هذا إلى فتاة من قرية شونم من الجليل. أو ربما يكون الشكل المؤنث لاسم سليمان الذي يشير إلى وحدة وثيقة.
• “في النص الأصلي لنشيد الأنشاد، كان اسم شولميت الشكل المؤنث لاسم سليمان الملك. إنه مثل اسم ’دون‘ (مذكر) و’دونا‘ (مؤنث) في ثقافتنا (مثل سمير وسميرة في العربية)، والرقم المقابل له.” جليكمان (Glickman)
٢. ٱرْجِعِي، ٱرْجِعِي فَنَنْظُرَ إِلَيْكِ: الفكرة هنا هي أن المتكلمات ينادين مركبة مغادرة. أردن من الفتاة أن ترجع لكي يواصلن التمتع بجمالها وصلاحها بعد أن صارت أكثر جمالًا بسبب علاقة المحبة المستردة التي تمتعت بها.
هـ) الآية (١٣ب): استجابة الفتاة لبنات أورشليم.
١٣… مَاذَا تَرَوْنَ فِي شُولَمِّيثَ، مِثْلَ رَقْصِ صَفَّيْنِ؟
١. مَاذَا تَرَوْنَ فِي شُولَمِّيثَ: تبيّن استجابة الفتاة أنها تمتلك تواضعًا أساسيًّا. إذ بدت مندهشة من الاهتمام الذي تلقّته.
• يعتقد بعضهم أن نصف هذه الآية تأتي على لسان الحبيب الذي يوجه كلامه إلى بنات أورشليم. وهذا أمر ممكن. “يلاحظ الملك أنهن أحببن أن يحدقن في الفتاة بقوة كما لو أنهن كن ينظرن إلى رقصة احتفالية.” جليكمان (Glickman)
٢. مِثْلَ رَقْصِ صَفَّيْنِ: يصعب فهم هذه العبارة. ربما تشير إلى رقصة فعلية، كما لو أن الفتاة كانت ترقص وتنادي على بنات أورشليم الناظرات إليها. ويؤكد آخرون فكرة وجود معسكرين، ويعتقدون أن هذا يشير إلى معركة داخل النفس، وأن هذه إشارة إلى المعارك الداخلية التي خاضتها وتخوضها الفتاة.
• “يبدو أن الاقتراح بنوع من الرقص بالسيف أو الاحتفال بنصر عسكري دموي في غير محله.” كار (Carr)
• “في الآية ١٣، تستجيب العروس للضيفات اللواتي أردن أن يشاهدنها. وهي مترددة في تواضعها. وتشكك في رغبتهن. فإذا كانت تتساءل لماذا سيرغب أي شخص أن يراها، فإن عليها أن تحصل على رد من حبيبها. والوحدة التالية وصفٌ لسحرها.” كينلو (Kinlaw)