إنجيل يوحنا – الإصحاح ١٥
يُعلم يسوع تلاميذه عن معنى الحياة فيه
“سيبدو النص لكل من يقرأ إنجيل يوحنا بسيطاً وسهلاً، ومع ذلك، سيلاحظ عمق الأفكار حتى في النصوص الأكثر غموضاً. فيوحنا يدخل في العمق: فهل نفعل هذا نحن أيضاً؟ إنه أقوى طعام في الكتاب المقدس.” ترينش (Trench)
أولاً. التواصل مع يسوع بعد صعوده
أ ) الآيات (١-٣): يسوع ٱلْكَرْمَةُ ٱلْحَقِيقِيَّة.
١«أَنَا ٱلْكَرْمَةُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي ٱلْكَرَّامُ. ٢كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ، وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ. ٣أَنْتُمُ ٱلْآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ ٱلْكَلَامِ ٱلَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ».
- أَنَا ٱلْكَرْمَةُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ: كان هذا رمزاً مألوفاً. فقد استخدم الله صورة ٱلْكَرْمَةُ مرارًا كرمز لشعبه في الكتب المقدسة العبرية (مثال على ذلك مزمور ٨:٨٠-٩). ولكن هذا الرمز كان يستخدم كثيراً بالمعنى السلبي (كما هو الحال في إشعياء ١:٥-٢، ٧ وإرميا ٢١:٢). فقبل أسبوع فقط، عَلَمِ يسوع علانية وشبه إسرائيل بالكرمة في مَثَل ٱلْكَرْمَةُ (متى ٣٣:٢١-٤٤).
- قال يسوع هذه الكلمات على الأرجح بينما كان التلاميذ في العلية يستعدون لمغادرتها. وقد استخدم يسوع تشبيه ٱلْكَرْمَةُ بسبب انتشار كروم العنب في أرض إسرائيل. كما كان يوجد كرمة ذهبية ضخمة موضوعة على مدخل الهيكل لتذكير الناس أن إسرائيل هي كرمة الله. وكما كتب دودز (Dods): “كانت الكرمة رمزاً معروفاً أيضاً للمسيا المنتظر.”
- في المقابل، يسوع هو ٱلْكَرْمَةُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ. وإن أردنا أن نأتي بثمر لله علينا أن نتأصل فيه (ليس في إسرائيل). فأول تعريف لنا في مجتمع العهد الجديد هو أننا في يسوع المسيح، وليس في إسرائيل ولا حتى في الكنيسة.
- من بين الصور العديدة للعلاقة بين الله وشعبه، تشدد صورة ٱلْكَرْمَةُ والغُصْن على الاعتماد الكلي والحاجة إلى الشركة والتواصل المستمرين. فالغصن يعتمد على الكرمة أكثر من اعتماد الخروف على الراعي أو الطفل على الأب. ولأن يسوع كان سيرحل عن التلاميذ قريباً، جاء هذا التشجيع في الوقت المناسب وكان مهماً للغاية. فرغم رحيله سيبقون متحدين معاً تماماً كثبات الأغصان بالكرمة.
- وَأَبِي ٱلْكَرَّامُ:استخدام العهد القديم الكرمة كصورة لإسرائيل، وقدم الله الآب أيضاً باعتباره الكرام الذي يزرع الكرمة ويديرها. وقد قام الله بنفس الدور مع المؤمن أيضاً بموجب العهد الجديد.
- يتمتع مؤمن العهد الجديد بعلاقة حية مع الآب والابن؛ ومع ٱلْكَرْمَةُ وٱلْكَرَّامُ.
- كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ: الأغصان التي تُنزع من الكرمة غالباً لم تثبت بالشكل الصحيح فيها، والبرهان هو أن الغصن لَا يَأْتِي بِثَمَرٍ.
- هنالك تفسير آخر لهذا المقطع يمكن أخذه بعين الاعتبار. اعتقد جيمس مونتغمري بويس (من بين آخرين) أن الفعل اليوناني القديم (airo) المترجم (يَنْزِعُهُ) من الأفضل أن يترجم: (يُرفع). وهذا يعني أن الآب يرفع الأغصان غير المثمرة بعيداً عن الأرض (كما كان شائعاً في السابق عند العناية بالكروم). فالكرامين كانوا يرفعون الأغصان عن الأرض ليحصلوا على المزيد من أشعة الشمس وبالتالي يأتون بثمر أفضل.
- “الفعل المترجم ’يَقْطَعُ‘ (airo) يعني حرفياً ’أن يُرفع‘ أو ’أن يُنزع‘؛ والثاني يعني ’التقليم‘ (kathaireo)، وهو مركب من الأول ويعني ’أن يطهر‘ أو ’أن ينقي.‘” تيني (Tenney)
- وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ: كلمة يُنَقِّيهِ هنا هي نفس الكلمة المترجمة ’تطهير‘ في ترجمات أخرى. ويمكننا استخدام نفس الكلمة وتطبيقها على ’التنقية‘ أو ’التطهير‘ في اللغة اليونانية القديمة. فالكرام يُقلم وينظف الغصن الذي يحمل ثمراً لكي يأتي بثمر أكثر.
- “إن تُرك الغصن دون اهتمام فلن يأتي بثمر ولن ينمو. لهذا كان التقليم ضرورياً للحصول على أفضل ثمر.” موريس (Morris)
- “الغصن الميت أسوأ من الغصن الذي لا يأتي بثمر، لأن الخشب الميت قد يحتوي على المرض والسوس… فالله يزيل الخشب الميت من كنيسته ويؤدب المؤمن لتصبح حياته مليئة بالثمر.” تيني (Tenney)
- “وإن كان النزيف مؤلماً، فالأسوأ هو الذبول. فمن الأفضل أن تُقلم وتُنقى كي تنمو من أن تُقطع وتلقى في النار.” تراب (Trapp)
- أَنْتُمُ ٱلْآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ ٱلْكَلَامِ ٱلَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ:عمل التقليم، التطهير، قد بدأ بالفعل في التلاميذ الذين تكلم معهم يسوع. ولأنهم سمعوا الكثير من تعاليمه كانوا أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ ٱلْكَلَامِ.
- كرر يسوع في قوله أَنْتُمُ ٱلْآنَ أَنْقِيَاءُ فكرة كان قد ذكرها سابقاً في تلك الأمسية: فهناك تطهير أولي، ومن ثم تطهير مستمر.” (يوحنا ١٠:١٣).
- كلمة الله أداة للتطهير. فهي تدين الخطية وتحث على القداسة وتشجع النمو وتكشف عن مصدر القوة للنصرة. يستمر يسوع في تطهير وتنقية شعبه من خلال الكلمة (أفسس ٢٦:٥).
- الطريقة التي يتم بها التقليم أو التنقية هي كلمة الله. فكلمة الله تدين الخطية وتحث على القداسة وتشجع النمو. فعندما طبق يسوع كلمات الله على حياة التلاميذ، خضعوا لعملية تقليم أدت إلى إزالة الشر منهم وأهلتهم للخدمة.” تيني (Tenney)
ب) الآيات (٤-٥): العلاقة الحية بين الكرمة والأغصان.
٤اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ ٱلْغُصْنَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي ٱلْكَرْمَةِ، كَذَلِكَ أَنْتُمْ أَيْضاً إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ. ٥أَنَا ٱلْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ ٱلْأَغْصَانُ. ٱلَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هَذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لِأَنَّكُمْ بِدُونِي لَا تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئاً.
- اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ: شدد يسوع على العلاقة المتبادلة. وهذه العلاقة لن تحدث بثبات التلميذ بالسيد فقط، بل بثبات السيد بالتلميذ أيضاً. وقد وصفت هذه العلاقة في سفر نشيد الأنشاد ٣:٦ «أَنَا لِحَبِيبِي وَحَبِيبِي لِي».
- استخدم يسوع هذه الصورة ليؤكد لتلاميذه استمرار العلاقة والتواصل معه حتى بعد صعوده. ومع ذلك، تحدث عن هذا بطريقة تظهر دورهم في اختيار تلك العلاقة. فالثبات هو أمر عليهم اختياره.
- “عندما قال الرب يسوع: ’اُثْبُتُوا فِيَّ‘ فإنه يتحدث عن إرادتنا وخياراتنا وقراراتنا. فعلينا أن نقرر القيام بأمور تكشف أنفسنا أمامه وتبقينا على تواصل معه. فهذا ما يعنيه الثبات فيه.” بويز (Boice)
- كَمَا أَنَّ ٱلْغُصْنَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي ٱلْكَرْمَةِ: لا يمكن للغُصن أن يأتي بثمر إن لم يكن مرتبطاً بٱلْكَرْمَةِ. كذلك التلميذ لا يمكنه أن يصنع خيراً لله وملكوته إن لم يتواصلوا عن وعي ويثبت في يسوع.
- “قوتنا (تغذيتنا) وأماننا هما من المسيح: برعم كل رغبة صالحة، وزهرة كل قرار جيد، وثمر كل عمل صالح كلها تأتي منه.” تراب (Trapp)
- أَنَا ٱلْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ ٱلْأَغْصَانُ: ربما تكلم يسوع بهذه الطريقة لأنهم كانوا معتادين على التفكير في إسرائيل كالكرمة. ولكن عليهم الآن أن يفكروا في المسيح كالكرمة ويؤكّدوا على علاقتهم به.
- ٱلَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هَذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ: الثمر مؤكد للذي يثبت فيه. وقد تختلف نوعية وكمية الثمر، لكن وجود الثمر سيكون حتمياً.
- الغرض من وجود الغصن هو أن يأتي بثمر. فهناك عدة استخدامات لورق العنب، فالناس لا يزرعون الكروم للنظر إلى أوراقها الجميلة، بل يتكبدون عناء الحراثة والزراعة والري والاهتمام بها لكي يتمتعوا بالثمر. وبهذا المعنى، يمكننا القول إن الثمر يمثل صفات الشخص المؤمن (مثل ثمر الروح في غلاطية ٥). فعمل الله فينا وعلاقتنا به يجب أن يأتي بِثَمَر، بل بِثَمَرٍ كَثِيرٍ.
- يدل الثمر أيضاً على وجود تكاثر داخلي. فكل ثمرة في الواقع، تحتوي على بذور في داخلها، وهدف البذور هو إنتاج المزيد من الثمر.
- لا يقتصر ثباتنا في يسوع على ثباتنا نحن فيه؛ بل يشمل أيضاً ثباته فينا (وَأَنَا فِيهِ). فهذا الثبات هو نتيجة تفاعل متبادل من كلا الطرفين: فالمتوقع من حياتنا أن تكون روحية وعمليّة بسبب علاقتنا الحية مع يسوع، والمتوقع منه أن يسكن فينا بطريقة فعّالة وحقيقيّة. فمسؤولية الثبات لا تقع على كاهل المؤمن وحده.
- لِأَنَّكُمْ بِدُونِي لَا تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئاً: لا يعني هذا أن التلاميذ غير قادرين على فعل شيء دون يسوع. فهم قادرون على فعل أي شيء دونه، تماماً كما فعل أعداء يسوع وكثيرين غيرهم. ومع ذلك، لا يمكنهم ولا يمكننا نحن أن نفعل شيء ذو قيمة حقيقية أبدية دون يسوع.
- “كلمة ’أَنَا‘ هنا أتت في صيغة من يشير إلى ذاته: في الإعلان عن قوة وقدرة هذا الإله كلي القدرة. وإن كانت هذه الكلمات لا تشير إلى وحدانية الله في ثالوثه فلا يمكنها أن تعني شيئاً آخر.” سبيرجن (Spurgeon)
- “لا يمكن للغصن أن يأتي بثمر إن لم يتحد مع الأصل: فبمجرد أن ينكسر هذا الاتحاد، تتوقف العصارة عن الجريان، ويصبح الثمر مستحيلاً رغم أن العصارة لا تزال تتدفق في الداخل وقد يبدو الغصن مليئاً بالحياة لفترة من الوقت.” ترينش (Trench)
- “لا يستخدم بولس نفس كلمات يوحنا ولكنه عبر عن نفس الحقيقة حينما قال: ’فَأَحْيَا لَا أَنَا، بَلِ ٱلْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ‘ (غلاطية ٢٠:٢)، و’أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي ٱلْمَسِيحِ ٱلَّذِي يُقَوِّينِي‘ (فيلبي ١٣:٤). بروس (Bruce)
- “’لِأَنَّكُمْ بِدُونِي لَا تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئاً‘؛ إن كان هذا ينطبق على الرسل، أفلا ينطبق على مقاوميه أيضاً؟ إن كان أصدقاؤه لا يقدرون أن يفعلوا شيئاً بدونه، فأنا متأكد من أن خصومه لا يقدرون أن يفعلوا شيئاً ضده.” سبيرجن (Spurgeon)
ج) الآيات (٦-٨): ثمن عدم الثبات والوعد لمن يثبت
٦إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَا يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجاً كَٱلْغُصْنِ، فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي ٱلنَّارِ، فَيَحْتَرِقُ. ٧إِنْ ثَبَتُّمْ فِيَّ وَثَبَتَ كَلَامِي فِيكُمْ تَطْلُبُونَ مَا تُرِيدُونَ فَيَكُونُ لَكُمْ. ٨بِهَذَا يَتَمَجَّدُ أَبِي: أَنْ تَأْتُوا بِثَمَرٍ كَثِيرٍ فَتَكُونُونَ تَلَامِيذِي.
- إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَا يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجاً كَٱلْغُصْنِ َيَجِفُّ: حذر يسوع تلاميذه وأخبرهم إن كان أحد لا يثبت فيه ستتوقف حياته عن النبض. فالغصن لن ينبض بالحياة إلا عندما يلتصق بجذع الكرمة؛ والمؤمن لا يستطيع أن يعيش حياة روحية إلا عندما يلتصق ويرتبط بالسيد.
- تصف هذه الأفعال تدّرج حالة الشخص الذي لا يثبت: في البداية يَجِفُّ، يُجمع، يُطرح ثم يُحرق. ومثل باقي الأمثال، فالصورة التي استخدمها يسوع هنا لم يكن القصد منها وصف نظام لاهوتي كامل. ومع ذلك، هذا التدرج الموصوف ما هو إلا تحذير مهم لأخطار عدم الثبات.
- التعابير التي استخدمها يسوع هنا مهمة للغاية. فهو لم يقل: إن كان أحد لا يأتي بثمر يطرح خارجاً، بل قال: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَا يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجاً. فهو يعلم من الذي سيثبت فيه ومن الذي لن يثبت، ولكننا لا نستطيع نحن أن نميز هذا وفقاً لتقديرنا الشخصي للثمر الظاهري.
- وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي ٱلنَّارِ: الغصن الجاف لا يحمل أي ثمر والمنفعة الوحيدة للأغصان الجافة أن تطرح في النار فتحترق. وهذه الإشارة إلى الحرق وٱلنَّارِ يشجع على الربط مع الجحيم الأبدي القادم ويحذر من العواقب الوخيمة لعدم الثبات.
- فكر بوقع هذه الكلمات على مسامع التلاميذ. فقد أخبرهم يسوع للتو أنه سيغادرهم، ولكنهم لن ينفصلوا عنه، وأن عمل الروح القدس، الذي سيرسله الآب، سيثبتهم في يسوع، وأن انفصالهم عنه سيؤدي إلى دمارهم تماماً – ربما كما حدث مع يهوذا.
- يمكن تفسير هذه الفقرة بثلاث طرق مختلفة على الأقل خاصة فيما يتعلق بضمان مكانة التلاميذ في يسوع.
- يرى التفسير الأول أن تعبير يُطْرَحُ خَارِجًا يصف الذين كانوا يوماً مؤمنين، ولكن سينتهي بهم المطاف في الجحيم لأنهم لم يثبتوا ويثمروا. فقد كانوا في السابق تلاميذاً، لكنهم الآن سيُطْرَحون خَارِجاً.
- يرى التفسير الثاني أن تعبير يُطْرَحُ خَارِجًا يصف الذين يظهرون بمظهر التلاميذ، لكنهم لم يثبتوا حقاً في يسوع، ولهذا سيذهبون إلى الجحيم (مثل يهوذا).
- يرى التفسير الثالث أن تعبير يُطْرَحُ خَارِجًا يصف التلاميذ الذين لا يأتون بثمر وقد بددوا حياتهم هباءً واستهلكوها بالفعل (فيحترق)، ولكن هذا المقطع لا يصف مصيرهم الأبدي (مثل لوط، ابْنَ أَخِي إبراهيم).
- يبدو التأكيد واضحًا: لا يوجد تلاميذ حقيقيون لا يثبتون. فعلى الغصن أن يبقى متصلاً بالكرمة وإلا سيفقد الحياة ولن يدوم طويلاً.
- فَيَحْتَرِقُ: “لا تعني أن الشخص قد استهلك ويجب أن يحرق، كما قال لوثر.” آلفورد (Alford)
- إِنْ ثَبَتُّمْ فِيَّ وَثَبَتَ كَلَامِي فِيكُمْ تَطْلُبُونَ مَا تُرِيدُونَ فَيَكُونُ لَكُمْ: ربط يسوع مبدأ الثبات فيه بفكرتين سبق وذكرهما في كلامه في هذه العلية.
- وَثَبَتَ كَلَامِي فِيكُمْ: ربط يسوع الثبات فيه بحفظ كلامه، كما سبق وذكر في يوحنا ٢٣:١٤-٢٤.
- تَطْلُبُونَ مَا تُرِيدُونَ: ربط يسوع الثبات فيه بالصلاة المستجابة، كما سبق وذكر في يوحنا ١٣:١٤-١٤. “من يثبت في يسوع يصلي بصورة عفوية تلقائية… فالصلاة هي انسكاب النفس أمام يسوع.” سبيرجن (Spurgeon)
- يعني الثبات في يسوع الثبات في كلامه، وأن يحيا كلامه في التلميذ. “ينبغي ألا نتغاضى عن أهمية الإشارة إلى ’كَلَامِي‘ هنا. إن تعاليم المسيح مهمة ولا يمكن تجاوزها من أجل تعزيز الشعور بالتدين.” موريس (Morris)
- “نبقى ثابتين بالطاعة والصلاة. فالثبات في المسيح والسماح لسكنى كلامه فينا يعني قبولاً واعياً لسلطان كلامه والتواصل المستمر معه من خلال الصلاة.” تيني (Tenney)
- على المؤمن الأمين والثابت أن يتوقع استجابة لصلواته كجزء من علاقته مع يسوع. والفشل في رؤية استجابات للصلاة يعني أن هناك خطب ما في العلاقة. ربما يوجد خلل في الثبات وفي الصلوات نفسها لهذا لا تُستجاب. ربما يوجد خلل ما في طريقة الطلب وفي عدم وجود فهم لما يريد يسوع أن يفعله من خلال تلميذه.
- فَيَكُونُ لَكُمْ: “يستطيع الله أن يقول للمؤمن المُبرر: ’أطلب ما تريد، فيكون لك.‘ فغريزة تلك النفس السماوية سوف تقوده لطلب كل ما هو حق، والنعمة سوف تبعد عنه كل الشهوات والرغبات الكريهة، وإرادته ستعكس مشيئة الله تماماً. ولأن الحياة الروحية هي السائدة فيه، تصبح طموحاته مقدسة وسماوية وإلهية.” سبيرجن (Spurgeon)
- بِهَذَا يَتَمَجَّدُ أَبِي: أَنْ تَأْتُوا بِثَمَرٍ كَثِيرٍ: إن الهدف من الثمر هو تمجيد الله وليس التلميذ. فالغصن الذي يأتي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ يجلب المجد لمن يهتم بالكرمة، والتلميذ الذي يأتي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ بالمعنى الروحي يجلب المجد إلى الله.
- لا تسعى الأغصان والعناقيد لتحقيق الذات (مصلحتها الشخصية)، ولا تملك أي هدف بعيداً عن مجد الكرمة والكرام: فكل الأهداف الأخرى تطرح خارجاً لأنها تعتبر تافهة.” ترينش (Trench)
- بِهَذَا يَتَمَجَّدُ أَبِي: “أو بهذا ’يُكرم‘ أبي. فالثمر الجيد والقوي والمفعم بالحيوية والفائض يُكْرِمِ (يمجد) الكرام: والله يتمجد عندما يكون أولاده أقوياء وحيويين ومقدسين ومتحررين تماماً من الخطية وممتلئين بمحبته.” كلارك (Clarke)
- لا يمكن تحديد الثمر الحقيقي إلا مع مرور فترة طويلة من الزمن. نرى هذا المبدأ بوضوح في مَثَل الزارع والتربة (متى ١٣). وعلق كارسون (D.A. Carson) على هذا قائلًا: “الطريقة الوحيدة لقياس التجاوب السريع مع دعوة الخلاص هي الثمر طويل المدى.”
د ) الآيات (٩-١١): العلاقة بين المحبة والطاعة
٩كَمَا أَحَبَّنِي ٱلْآبُ كَذَلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي. ١٠إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ تَثْبُتُونَ فِي مَحَبَّتِي، كَمَا أَنِّي أَنَا قَدْ حَفِظْتُ وَصَايَا أَبِي وَأَثْبُتُ فِي مَحَبَّتِهِ. ١١كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ.
- كَمَا أَحَبَّنِي ٱلْآبُ كَذَلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا: أحب يسوع تلاميذه بنفس الطريقة التي أحَبَّهُ بها الله الآب. ونحن نعلم أن يسوع أحب تلاميذه عندما علمهم وأحبهم وأرشدهم وخدمهم بكل تواضع واستعان بقوته وسلطانه للقيام بهذه الأمور. وبطريقة ما، فعل الآب كل تلك الأمور من أجل يسوع، واتبع يسوع ذات الأسلوب مع التلاميذ.
- إن محبة يسوع لشعبه مدهشة للغاية، وكان هذا هو التشبيه أو التوضيح الوحيد الذي استخدمه لإيصال الفكرة. فلم يقل: “أحبكم كما تحب الأم طفلها،” أو “أحبكم كما يحب الزوج زوجته،” أو “أحبكم كما يحب الجندي زميله،” أو حتى “أحبكم كما يحب المدمن مخدراته.” الطريقة الوحيدة التي استطاع فيها أن يرسم الصورة كانت استخدام محبة الآب السماوي للابن.
- كَمَا أَحَبَّنِي ٱلْآبُ كَذَلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا: “لا بد أن هذه كانت أفضل طريقة يعبر فيها يسوع عن محبته لأولاده، وليس هناك ما يمكن أن يقال أكثر. فما هي محبة الآب بالنسبة للابن بالضبط، لا أحد يعلم؟ وبمجرد التلميح عن هذا يجعل الروح تشعر بعمق تلك المحبة بطريقة لا يمكن فهمها.” مورجان (Morgan)
- لا يمكنك يا عزيزي ولن تجرؤ ولن تستطيع أن تشك في محبة الآب السماوي للابن. إنها واحدة من تلك الحقائق غير القابلة للشك والتي لا يمكنك أن تحلم بدحضها أثناء المجادلة. يريدنا يسوع أن نضع محبته لنا على نفس المستوى مع محبة الآب له، وعلينا أن نثق بالأمرين معاً.” سبيرجن (Spurgeon)
- الآب يحب الابن:
- محبة لا بداية لها.
- محبة لا نهاية لها.
- محبة قريبة وشخصية.
- محبة دون أي حدود.
- محبة ثابتة لا تتغير.
- اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي: لا توجد طريقة واحدة لوصف طبيعة يسوع وصفاته. فيسوع يملك كل السلطان والحكمة والحق والقداسة والتكريس والخضوع والتضحية وعشرات الصفات الأخرى. وأكثر شيء شدد عليه هو: اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي. وعندما يبقى التلميذ متصلاً بمحبة يسوع، تبقى العلاقة قوية.
- اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي: “لاحظ أن كل هذا هو تفسير لمعنى الثبات في محبته. فهذه ليست تجربة صوفية أو غامضة، لكنها تتحقق بالطاعة. فعندما يحفظ الشخص وصايا المسيح يثبت في محبته.” موريس (Morris)
- إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ تَثْبُتُونَ فِي مَحَبَّتِي: مرة أخرى، يربط يسوع التلمذة الحقيقية بطاعة وصاياه وحفظ كلامه. لقد تمم يسوع كل ما طلبه أبيه السماوي؛ وعلى التلميذ أن يتمم ما طلبه يسوع منه.
- وكما أشرنا سابقاً (يوحنا ١٥:١٤) فما فعله يسوع وعلّمه تلك الأمسية في العلية كان التأكيد على وصاياه فيما يتعلق بمحبة التلاميذ الآخرين والخدمة المضحية لهم والمحبة التي تثق بالله الآب ويسوع الابن.
- كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ: عندما يفشل التلميذ في الثبات بمحبة يسوع وبالتالي يفشل في حفظ وصاياه، فلن يختبر الفرح الكامل الذي وعد به يسوع أولئك الذين يثبتون في محبته وطاعته.
- “لا أحد أكثر تعاسة من المؤمن الذي لا يعيش حياة الطاعة الكاملة. فهو لا يحب الخطية بما يكفي ليتمتع بملذاتها، ولا يحب المسيح بما يكفي ليتمتع بحياة القداسة. ويرى أن تمرده أمر سيئ، لكن الطاعة أمر لا يسره. ورغم أنه لم يعد يشعر بالراحة في العالم، إلا أن آلام علاقاته وحياته السابقة تمنعه من الترنم بفرح مع القديسين. نشفق على شخص كهذا؛ إذ لا يمكنه العيش في هذا التناقض إلى الأبد.” كارسون (Carson)
- يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ: فرح يسوع ليس السعادة أو الإثارة حسب المفهوم العام. وفرح يسوع ليس متعة الحياة السهلة؛ لكنه بهجة العلاقة الصحيحة مع الله، والسير في محبته ورعايته. ويمكننا أن نحظى بهذا الفرح ويمكننا أن نتمتع بفرحه بشكل دائم.
- فَرَحِي: “لم يقل يسوع ’افْرَحُوا من جهتي‘ ولا ’افْرَحُوا الفرح الذي منبعه أنا‘ أو ’فرحي عليكم،‘ لكنه قال: ’فَرَحِي‘ بالمعنى الدقيق للكلمة… فَرَحهُ المُقدس، هو فرح الابن في ضوء محبة الله له.” ألفورد (Alford)
- عندما تكلم يسوع عن فرحه، “لم يسأله أحد عما يقصده بكلامه، ولم ينظروا لبعضهم البعض في حيرة، بل بدا من الطبيعي تماماً أن يشير المعلم إلى بهجة قلبه. ومن هنا نفهم أن فرح المسيح كان شيئاً مألوفاً تماماً بالنسبة لهم.” موريسون (Morrison)
- وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ: هذا نتيجة الثبات في محبة يسوع، والطاعة النابعة من تلك العلاقة الوطيدة.
- وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ: أو، لِكَي يَكُونَ فَرَحُكُمْ تَاماً – plhrwyh، ممتلئاً: وفي هذا تشبيه بالوعاء الذي يُسكب فيه الماء أو أي شيء آخر حتى يمتلئ تماماً إلى الحافة. وهكذا الإيمان بالمسيح، يبعد كل بؤس من قلوب أولئك الذين يقبلونه بالكامل. فقد جاء يسوع إلى العالم ليطرد البؤس خارجاً.” كلارك (Clarke)
- “خلق الله البشر، ومخلوقاته الأخرى، ليعيشوا بسعادة وفرح. فالبشر قادرون على الشعور بالسعادة والفرح، ويصبحون على طبيعتهم عندما يكونون فرحين؛ الآن وبعد أن أتى يسوع المسيح ليعيد بناء ما خربه السقوط، سيعيد لنا الفرح الأصلي، لكنه سيكون أكثر حلاوة وأعمق مما كان عليه لو لم نفقده.” سبيرجن (Spurgeon)
ثانياً. التواصل مع بعضنا البعض بعد صعود يسوع
أ ) الآيات (١٢-١٥): يتحدث يسوع عن مدى محبته التي يتوجب عليهم التمثل بها
١٢«هَذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ. ١٣لَيْسَ لِأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لِأَجْلِ أَحِبَّائِهِ. ١٤أَنْتُمْ أَحِبَّائِي إِنْ فَعَلْتُمْ مَا أُوصِيكُمْ بِهِ. ١٥لَا أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيداً، لِأَنَّ ٱلْعَبْدَ لَا يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ، لَكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لِأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي.
- أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ: قال يسوع هذه الكلمات بعد انتهائهم من عشاء الفصح في العلية، ونلاحظ تكراره للكلام كنوع من التأكيد. اهتم يسوع كثيرًا بأن يحب التلاميذ بَعْضُهمْ بَعْضًا، وأن يفعلوا ذلك وفقًا لقياس ونوعية محبته لهم.
- “ربما توقعوا تعليمات دقيقة ومفصلة مثل التي تلقوها عند مأموريتهم الأولى (متى ١٠). بدلاً من ذلك، كانت المحبة هي دليلهم الكافي.” دودز (Dods)
- “لقد أرسلنا إلى العالم لنحب بعضنا بعضًا. أحيانًا نحيا في العالم وكأننا وُجدنا لينافس أحدنا الآخر، أو حتى ليتشاجر الواحد مع الآخر.” باركلي (Barclay)
- كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ: “صارت محبته على الفور هي المصدر والمقياس بالنسبة لهم.” دودز (Dods)
- “الوحدة بدلًا من التنافس، والثقة بدلًا من الشك، والطاعة بدلًا من تأكيد الذات يجب أن تحكم خدمة التلميذ مع الآخرين.” تيني (Tenney)
- هَذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً: هكذا كانت الوصية محفورة في قلب القديس جيروم، حتى أنه في سن الشيخوخة، وعندما كان يُحمل إلى الاجتماعات العامة للمؤمنين، كان يقول باستمرار: ’أيها الأولاد، أحبوا بعضكم بعضاً.‘ فسأله تلاميذه، الذين تعبوا في النهاية من تكراره لنفس الكلمات، لماذا يعيد باستمرار نفس الكلام؟ فأجابهم: “لأنها وصية من الرب، ومجرد حفظها سيكون كافياً.” كلارك (Clarke)
- لَيْسَ لِأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لِأَجْلِ أَحِبَّائِهِ: وصف يسوع مقياس ونوعية محبته نحوهم، ليستخدموها كمقياس لمحبتهم للآخرين. فمحبته كاملة وعظيمة حتى أنه أخلى نفسه من أجلهم.
- لا يمكن لأحد أن يحب بمثل هذه الطريقة: لأنه عندما يضع حياته، يتخلى عن كل ما لديه. ودليل على محبتي لكم سأضحي بحياتي لأجلكم في غضون بضع ساعات. والعقيدة التي أوصيكم بها سأجسدها بنفسي.” كلارك (Clarke)
- أَنْتُمْ أَحِبَّائِي: وصف يسوع مقياس ونوعية محبته لهم كمن يعامل العبيد كأحباء. فعلاقة المعلم اليهودي بتلميذه في ذلك الوقت، لم يكن من المتوقع أن تكون علاقة صداقة. ومع ذلك يسوع المعلم دعا تلاميذه… عبيده أَحِبَّائِي.
- وفقاً لتفكير العالم القديم، قد يكون العبد مفيداً ومحل ثقة، لكن لا يمكن التفكير فيه كشريك. وقد يقدم العبد المساعدة تماماً كالصديق، ويمكن للصديق أن يكون شريكاً في العمل بطريقة لا يمكن للعبد أن يكونها.
- “فكر جون ويسلي في الوقت الذي آمن به بالمسيح قبل سنوات عدة، ووصفه بالوقت الذي تبدل فيه إيمانه من إيمان العبد إلى إيمان الابن.” بروس (Bruce)
- أَنْتُمْ أَحِبَّائِي إِنْ فَعَلْتُمْ مَا أُوصِيكُمْ بِهِ: كانوا أحباء لأنهم كانوا مطيعين (وإن لم يكونوا كاملين في طاعتهم). لا يمكن فصل علاقتنا بيسوع عن طاعتنا لوصاياه.
- “لاحظوا إن الطاعة لا بد وأن تكون فعالة. ’أنتم أحبائي، إن فعلتم ما أوصيكم به.‘ إذ يعتقد البعض أن تجنب الأمور التي منعها يسوع سيكون كافياً تماماً، وأن الامتناع عن الشر هو جزء كبير من البر، لكن هذا ليس كافياً لعلاقة المحبة التي تجمعنا معه.” سبيرجن (Spurgeon)
- لَكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لِأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي: كانوا أحباء لأن يسوع لم يخفِ عنهم شيئاً، بل كشف لهم صراحة ما سمعه من الله الآب.
- الحبيب هو صديق حميم ومحل ثقة ويشارك هدف صديقه ليصبح هدفه الشخصي.” تيني (Tenney)
ب) الآيات (١٦-١٧): اختارهم ليأتوا بثمر وأن يحبوا بعضهم البعض
١٦لَيْسَ أَنْتُمُ ٱخْتَرْتُمُونِي بَلْ أَنَا ٱخْتَرْتُكُمْ، وَأَقَمْتُكُمْ لِتَذْهَبُوا وَتَأْتُوا بِثَمَرٍ، وَيَدُومَ ثَمَرُكُمْ، لِكَيْ يُعْطِيَكُمُ ٱلْآبُ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ بِٱسْمِي. ١٧بِهَذَا أُوصِيكُمْ حَتَّى تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً.
- لَيْسَ أَنْتُمُ ٱخْتَرْتُمُونِي بَلْ أَنَا ٱخْتَرْتُكُمْ: تكلم يسوع للتو عن امتيازات التلاميذ الرائعة – علاقة محبة مع السيد، صلوات مستجابة، ثمر كثير، معرفة أمور من الآب مباشرة. وعلى التلاميذ أن يقدروا تلك الأمور بكل تواضع لأنهم لم ينالوها عن استحقاق شخصي. فكل هذه الأمور متجذرة في حقيقة اختيار يسوع لهم وليس العكس.
- “نحن في المسيح، ليس لأننا تمسكنا به، بل لأنه هو تمسك بنا.” ماير (Meyer)
- “لم يختر التلاميذ يسوع، بل هو اختارهم. فقد جرت العادة أن يربط التلاميذ أنفسهم بمعلم يهودي معين. وفي جميع أنحاء العالم يفرح التلميذ في السعي وراء المعلم الذي يختاره ويربط نفسه به. ولكن تلاميذ يسوع لم يبادروا بهذا، بل على العكس تمامًا، كان هو من اختارهم.” موريس (Morris)
- لِتَذْهَبُوا وَتَأْتُوا بِثَمَرٍ: “ربما تعبّر كلمة ’اذهبوا‘ ببساطة عن الحياة الطبيعية والعيش بحسب المبادئ الكتابية، وليس الذهاب في رحلات تبشيرية كالرسل كما اعتقد البعض.” آلفورد (Alford)
- وَأَقَمْتُكُمْ لِتَذْهَبُوا وَتَأْتُوا بِثَمَرٍ، وَيَدُومَ ثَمَرُكُمْ: اختار يسوع التلاميذ لا ليتحمسوا ببساطة لحقيقة أنه تم اختيارهم، بل ليأتوا بِثَمَرٍ يدوم لمجد الله الآب.
- “معظم الثمر الذي سيجنيه التلاميذ هو ربح النفوس للمسيح، ولكنها ليست الفكرة الرئيسية هنا.” آلفورد (Alford)
- كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ: مرة أخرى، ربط يسوع الثمر بالصلوات المستجابة. فاختبارات الصلوات المستجابة بعد صعوده لن تتوقف ولكنها ستتغير، وقد أعد يسوع تلاميذه لذلك.
- حَتَّى تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً: مرة أخرى يوصي يسوع تلاميذه أن يحبوا بعضهم بعضاً. وبعد صعوده، لا ينبغي أن يتفرقوا أو ينقلبوا ضد بعضهم البعض. لقد أعدهم يسوع للبقاء معاً وأن يحبوا بعضهم بعضاً.
ثالثاً. التأقلم مع العالم بعد صعود يسوع
أ ) الآيات (١٨-٢٠): قد يرفض العالم التلاميذ بسبب انتمائهم للمسيح
١٨إِنْ كَانَ ٱلْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ فَٱعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ أَبْغَضَنِي قَبْلَكُمْ. ١٩لَوْ كُنْتُمْ مِنَ ٱلْعَالَمِ لَكَانَ ٱلْعَالَمُ يُحِبُّ خَاصَّتَهُ. وَلَكِنْ لِأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ ٱلْعَالَمِ، بَلْ أَنَا ٱخْتَرْتُكُمْ مِنَ ٱلْعَالَمِ، لِذَلِكَ يُبْغِضُكُمُ ٱلْعَالَمُ. ٢٠اُذْكُرُوا ٱلْكَلَامَ ٱلَّذِي قُلْتُهُ لَكُمْ: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدِ ٱضْطَهَدُونِي فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ حَفِظُوا كَلَامِي فَسَيَحْفَظُونَ كَلَامَكُمْ.
- إِنْ كَانَ ٱلْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ: أخبر يسوع تلاميذه إن العالم سيبغضهم في كثير من الأحيان. ومهما كانت عظمة وروعة يسوع ورسالته، فإن عليهم أن يتوقعوا رفض الناس بعد صعود يسوع، تماماً كما كان يحدث عندما كان يسوع معهم.
- سيختبر التلاميذ الذين تكلم إليهم يسوع في تلك الليلة كراهية العالم. وهكذا كان، فقد تعرضوا للاضطهاد ماتوا جميعاً شهداء رسالة يسوع، باستثناء يوحنا – الذين حاولوا قتله، لكنه لم يموت على أيديهم.
- سيعرف المسيحيون الأوائل كراهية العالم لهم. “كتب ’تاسيتوس‘ المؤرخ الروماني وقال: ’الطائفة التي يدعوها الرعاع بالمسيحيين، الذين يبغضهم المجتمع بسبب جرائمهم.‘ وتحدث سوتنيوس عن: ’ذلك الجنس من البشر الذي ينتمي إلى خرافة جديدة شريرة.” باركلي (Barclay)
- “يا له من واقع غريب، إذ يُسرع العالم في تبرير عداءه نحوهم بالقول أنهم هم من بادروا بالكراهية. وتشير المراجع القديمة إلى المسيحيين في الأدب الوثني بأنهم كانوا متهمين: “بكراهيتهم للجنس البشري.” (Tacitus, Annals, ١٥.٤٤.٥) بروس (Bruce)
- قد اختبر المسيحيون عبر القرون كراهية العالم لهم، ومات الملايين من أجل يسوع. ويقال إن عدد الذين ماتوا من أجل يسوع في القرن العشرين يفوق كل القرون السابقة مجتمعة.
- “من المهم أن يُعرف التلاميذ بمحبتهم، والعالم بكراهيته.” موريس (Morris)
- فَٱعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ أَبْغَضَنِي قَبْلَكُمْ: أراد يسوع أن يعزي التلاميذ بقوله أن العالم قد أبغضه قبلهم. فقد جذب يسوع انتباه الجموع وتكريس الأفراد من كل نوع؛ ومع ذلك، أبغضه العالم بأسره.
- فَٱعْلَمُوا: “أتت كلمة ’فاعلموا‘ في صيغة الأمر. وقد تعني: ’أنتم تعرفون‘ أو ’كونوا متأكدين تماماً‘ من كراهية العالم لكم، وعليكم ألا تتفاجئوا.” تاسكر (Tasker)
- قَدْ أَبْغَضَنِي: إن الفعل المضارع ’أبغض‘ (memiseken) يعني ضمناً أن كراهية العالم هي موقف ثابت تجاهه – وهو الموقف الذي سينتقل إلى تلاميذه أيضاً.” تيني (Tenney)
- عندما تكلم يسوع إلى شاول الطرسوسي على الطريق إلى دمشق، سأل شاول: لماذا تضطهدني؟ (أعمال الرسل ٤:٩). “إن الرب الذي اضطهد شخصياً على الأرض، استمروا في اضطهاده، حتى بعد صعوده، من خلال أتباعه المضطهدين.” بروس (Bruce)
- قَدْ أَبْغَضَنِي: “يسوع والعالم في عداء مستمر. فالعالم يفرح عندما ينسى الله: لقد جاء ليعيد البشر إلى الله.” ترينش (Trench)
- وَلَكِنْ لِأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ ٱلْعَالَمِ: قال يسوع هذا كحقيقة وتفسير على حد سواء. وهذه الآية تفسر سبب كراهية العالم لتلاميذ يسوع. وهي أيضاً وصف واقعي للتلاميذ – فالتلاميذ يختلفون تماماً عن ٱلْعَالَم بطرق عديدة.
- بَلْ أَنَا ٱخْتَرْتُكُمْ مِنَ ٱلْعَالَمِ: “بدلاً من أن تسبب كراهية العالم الاكتئاب لهم، عليها أن تسبب البهجة لأنها دليل وضمان بأنهم المسيح قد اختارهم.” دودز (Dods)
- إِنْ كَانُوا قَدِ ٱضْطَهَدُونِي فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ: تعرض يسوع للاضطهاد من قبل المؤسسة الدينية التي تعكس بشكل رئيسي قيم وأهداف العالم في معارضة الله. قد يكون الإنسان متديناً ولكنه يبقى جزءاً لا يتجزأ من العالم.
- وَإِنْ كَانُوا قَدْ حَفِظُوا كَلَامِي فَسَيَحْفَظُونَ كَلَامَكُمْ: “عبر نوكس (Knox) جيداً عن هذه الفقرة الأخيرة: ’سوف يولون نفس الاهتمام لكلامكم كما فعلوا معي، مما يعني أنهم لن يسمعوا لكم على الإطلاق.‘” تاسكر (Tasker)
ب) الآيات (٢١-٢٥): قد يرفض العالم التلاميذ بسبب حقيقة يسوع
٢١لَكِنَّهُمْ إِنَّمَا يَفْعَلُونَ بِكُمْ هَذَا كُلَّهُ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِي، لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي. ٢٢لَوْ لَمْ أَكُنْ قَدْ جِئْتُ وَكَلَّمْتُهُمْ، لَمْ تَكُنْ لَهُمْ خَطِيَّةٌ، وَأَمَّا ٱلْآنَ فَلَيْسَ لَهُمْ عُذْرٌ فِي خَطِيَّتِهِمْ. ٢٣اَلَّذِي يُبْغِضُنِي يُبْغِضُ أَبِي أَيْضاً. ٢٤لَوْ لَمْ أَكُنْ قَدْ عَمِلْتُ بَيْنَهُمْ أَعْمَالاً لَمْ يَعْمَلْهَا أَحَدٌ غَيْرِي، لَمْ تَكُنْ لَهُمْ خَطِيَّةٌ، وَأَمَّا ٱلْآنَ فَقَدْ رَأَوْا وَأَبْغَضُونِي أَنَا وَأَبِي. ٢٥لَكِنْ لِكَيْ تَتِمَّ ٱلْكَلِمَةُ ٱلْمَكْتُوبَةُ فِي نَامُوسِهِمْ: إِنَّهُمْ أَبْغَضُونِي بِلَا سَبَبٍ.
- لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي: عندما لا يعرف الناس حقيقة الله، غالباً ما يهاجمون ويضطهدون أولئك الذين يمثلون الله بطريقة ما. وهذا عليه أن يجعل المضطهدين يتعاطفون مع مضطهديهم.
- “يفضل البشر تشكيل أفكارهم الخاصة عن إله الكون، لكن تلك الأفكار ستأخذ لونهم الخاص ولون عصرهم. ولكن الفكرة الوحيدة الحقيقية عن الله نأخذها من الابن.” ترينش (Trench)
- فَلَيْسَ لَهُمْ عُذْرٌ فِي خَطِيَّتِهِمْ: لأن يسوع جاء إلى العالم وتكلم معه، عرفوا شيئاً عن الله لم يعرفوه من قبل. وهذا جعلهم بلا عُذْر لكراهية ورفض يسوع وأبيه في السماء. فعل يسوع بَيْنَهُمْ أَعْمَالاً لَمْ يَعْمَلْهَا أَحَدٌ غَيْرِي، ومع ذلك استمروا في كراهيته ورفضه.
- كَلَّمْتُهُمْ… قَدْ عَمِلْتُ بَيْنَهُمْ: في حياته وكلماته وبخ يسوع خطية الإنسان وأدانها، وعندما كشف عن الفساد الداخلي للبشر ونفاقهم، كانت ردة فعلهم عنيفة.” تيني (Tenney)
- كَلَّمْتُهُمْ… قَدْ عَمِلْتُ بَيْنَهُمْ: “يضع أمامنا شكلين من مظاهر طبيعته الإلهية: ’كلماته وأعماله.‘ ومن بين هذين الأمرين يضع كلماته في المقام الأول، باعتبارها الوحي الأعمق والأروع عن حقيقة الله من معجزاته.” ماكلارين (Maclaren)
- إِنَّهُمْ أَبْغَضُونِي بِلَا سَبَبٍ: اقتبس يسوع هذه الآية من مزمور ٤:٦٩ (وربما مزمور ١٩:٣٥) ليظهر أن الكتاب المقدس تنبأ بأن العالم لا يملك سَبَباً وجيهاً لكراهية يسوع وأبيه كما فعلوا.
- “لا يمكن تفسير كراهيتهم غير المنطقية له وللآب إلا كإثبات لحقيقة كلمات المزمور: إِنَّهُمْ أَبْغَضُونِي بِلَا سَبَبٍ (مزمور ١٩:٣٥، ٤:٦٩).” تاسكر (Tasker)
- “المفارقة في اقتباسه واضحة جداً: الرجال الذين عينوا أنفسهم كأبطال مدافعين عن الناموس كانوا يحققون النبوة المتعلقة بأعداء خادم الله.” تيني (Tenney)
- بما أن تلاميذ يسوع توقعوا قدراً من الكراهية والرفض من العالم، ينبغي عليهم أن يعيشوا بطريقة لا تجعل العالم يمسكون عليهم شيئاً (إِنَّهُمْ أَبْغَضُونِي بِلَا سَبَبٍ). عبر بطرس عما في قلبه حول هذا الأمر في رسالته حينما قال: ’إِنْ عُيِّرْتُمْ بِٱسْمِ ٱلْمَسِيحِ، فَطُوبَى لَكُمْ، لِأَنَّ رُوحَ ٱلْمَجْدِ وَٱللهِ يَحِلُّ عَلَيْكُمْ. أَمَّا مِنْ جِهَتِهِمْ فَيُجَدَّفُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَتِكُمْ فَيُمَجَّدُ. فَلَا يَتَأَلَّمْ أَحَدُكُمْ كَقَاتِلٍ، أَوْ سَارِقٍ، أَوْ فَاعِلِ شَرٍّ، أَوْ مُتَدَاخِلٍ فِي أُمُورِ غَيْرِهِ. وَلَكِنْ إِنْ كَانَ كَمَسِيحِيٍّ، فَلَا يَخْجَلْ، بَلْ يُمَجِّدُ ٱللهَ مِنْ هَذَا ٱلْقَبِيلِ.‘ (بطرس الأولى ١٤: ٤-١٦)
ج) الآيات (٢٦-٢٧): شهادة الروح القدس والتلاميذ
٢٦وَمَتَى جَاءَ ٱلْمُعَزِّي ٱلَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ ٱلْآبِ، رُوحُ ٱلْحَقِّ، ٱلَّذِي مِنْ عِنْدِ ٱلْآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي. ٢٧وَتَشْهَدُونَ أَنْتُمْ أَيْضاً لِأَنَّكُمْ مَعِي مِنَ ٱلِٱبْتِدَاءِ.
- وَمَتَى جَاءَ ٱلْمُعَزِّي: تكلم يسوع في السابق عن مجيء ٱلْمُعَزِّي (يوحنا ١٦:١٤، ٢٦:١٤). عرف يسوع الراحل أن التلاميذ سيحتاجون إلى حضور وقوة الروح القدس لمواجهة المعارضة التي قد يجلبها العالم.
- ٱلَّذِي مِنْ عِنْدِ ٱلْآبِ يَنْبَثِقُ: تسببت هذه الآية في جدل تاريخي بين المسيحية الشرقية والغربية: هل انبثق الروح من عند الآب وحده أم من عند الآب والابن.
- “رغم أن الكتاب ينص بوضوح على أن مجيء هذا المعزي كان بحسب مشيئة الابن، إلا أنه قال: ’ٱلَّذِي مِنْ عِنْدِ ٱلْآبِ يَنْبَثِقُ.‘ ومن هنا جاء الجدل الطويل بين الشرق والغرب حول بند الروح القدس (الفيلوك filoque) في العقيدة النيقية.” تاسكر (Tasker)
- “التوسع الغربي للبند: ’الذي انبثق من الآب والابن‘ (filioque)، يمكن تبريره بحقيقة أن الابن وكذلك الآب قالا أنهما سيرسلان الروح. والاعتراض الأساسي على ذلك أنه لا يحق لأي جزء من الكنيسة إجراء مثل هذا التغيير في صياغة العقيدة المسكونية دون الرجوع إلى بقية الكنيسة.” بروس (Bruce)
- فَهُوَ يَشْهَدُ لِي: قال لهم يسوع إن ٱلْمُعَزِّي، الروح القدس، سوف يستمر في تعليمهم كل شيء وسيذكرهم بكل ما قاله يسوع لهم (يوحنا ٢٦:١٤). وهنا توضيح بأن ٱلْمُعَزِّي سيشهد عن يسوع.
- كل ما يفعله الروح القدس يتوافق مع الشهادة عن طبيعة يسوع. فوظيفته هي أن يشهد عن يسوع ويظهره لنا. وإذا حدثت أمور روحية لا تتفق مع طبيعة يسوع، فهي ليست من صنع الروح القدس. لأنه الوحيد الذي سيشهد عن يسوع في كل ما يفعل.
- وَتَشْهَدُونَ أَنْتُمْ أَيْضاً: لم يترك التلاميذ في العالم لمجرد تحمل كراهية العالم فقط. بل لكي يشهدوا عن يسوع وما صنعه لخلاص العالم بتمكين المعزي وشهادته.
- “شهادة المحامي وشهادة التلاميذ هي في الواقع نفس الشهادة.” تاسكر (Tasker)
- شهادتهم مرتبطة مع شهادة الروح القدس. فهو نفس المسيح الذي يشهدون عنه، وهو نفس الخلاص الذي يشهدون عليه. وفي نفس الوقت هي شهادتهم. لا يمكنهم ببساطة الاسترخاء وترك كل شيء للروح.” موريس (Morris)
- هذا النوع من الشهادة قد يكون له تطبيق خاص بالرسل. “تشير هذه الآية إلى الشهادة التاريخية للروح القدس في الخدّام وشهود العيان للكلمة، لوقا ٢:١، لتمكنهم من تقديم الجانب الإنساني من هذه الشهادة العظيمة لروح الحق والتي كانت نتيجتها الأناجيل التي بين أيدينا: فالجانب الإلهي هو شهادته الساكنة في حياة وقلب كل مؤمن في كل العصور.” آلفورد (Alford)
- لِأَنَّكُمْ مَعِي: كان التلاميذ مؤهلين للشهادة عن يسوع لأنهم وثقوا به، ولأنهم يملكون الروح القدس، وكانوا ببساطة مع يسوع، أي كانوا جزءاً من حياته وكان هو جزءاً من حياتهم.