سفر عزرا – الإصحاح ٦
اكتمال الهيكل الثاني
أولًا. داريوس يستجيب لطلب الحاكم تَتْنَاي
أ ) الآيات (١-٢): بحث دؤوب عن مرسوم كورش.
١حِينَئِذٍ أَمَرَ دَارِيُوسُ الْمَلِكُ فَفَتَّشُوا فِي بَيْتِ الأَسْفَارِ حَيْثُ كَانَتِ الْخَزَائِنُ مَوْضُوعَةً فِي بَابِلَ، ٢فَوُجِدَ فِي أَحْمَثَا، فِي الْقَصْرِ الَّذِي فِي بِلاَدِ مَادِي، دَرْجٌ مَكْتُوبٌ فِيهِ هكَذَا: «تَذْكَارٌ.
١. حِينَئِذٍ أَمَرَ دَارِيُوسُ الْمَلِكُ فَفَتَّشُوا: كان هذا هو الرد على الطلب المحترم الذي قدمه تَتْنَاي الموصوف في الجزء الأخير من عزرا ٥.
٢. فَوُجِدَ فِي أَحْمَثَا… دَرْجٌ مَكْتُوبٌ: يشير هذا إلى أنه كان هناك بعض الاجتهاد مطلوبًا في البحث. كان هذا في حد ذاته دليلًا على يد الله في هذه المسألة؛ وإلا لربما تخلوا بسهولة عن البحث.
• “من السهل أن ندرك مدى سهولة عدم العثور على هذا. فإن لم يكن مثل هذا المستند في المكتبات المناسبة، فمن الطبيعي التخلي عن البحث. ولكن تحت الإلزام الإلهي، استمر البحث حتى تم العثور على المرسوم.” مورغان (Morgan)
• بدأ هذا الطلب في يهوذا، وأحيل إلى بابل، وتم العثور على الإجابة في سجلات مدينة أَحْمَثَا النائية. كل هذا أعطى البنائين الكثير من الوقت لمواصلة عملهم لأنهم لم يتوقفوا أثناء عملية التحقيق (عزرا ٥: ٥).
• “أعلن ديودوروس (٢. ٣٢ .٤) أن الفرس لديهم ’مخطوطات ملكية‘ تسجل تاريخهم. كتب المسؤولون الفارسيون على لفائف من ورق البردي والجلد، كما تُظهر الاكتشافات في مصر.” ياماوتشي (Yamauchi)
• “في ’مراسيم كورش‘ (ص ٨٩)، يلاحظ دي فو (de Vaux) أنه ’الآن نعلم أنه كان من عادة الملوك الفارسيين أن يُشَتّوا في بابل ويغادروا في الصيف إلى شوشن أو إكباتانا [أحْمَثَا]… ونعلم أيضًا أن كورش غادر بابل في ربيع عام ٥٣٨ قبل الميلاد.‘ إن مُزوّرًا يعمل في فلسطين بدون المعلومات التي نمتلكها لا يمكن أن يكون بهذه الدقة.” ياماوتشي (Yamauchi)
ب) الآيات (٣-٥): تم العثور على نص السجل: مرسوم كورش.
٣فِي السَّنَةِ الأُولَى لِكُورَشَ الْمَلِكِ، أَمَرَ كُورَشُ الْمَلِكُ مِنْ جِهَةِ بَيْتِ اللهِ فِي أُورُشَلِيمَ: لِيُبْنَ الْبَيْتُ، الْمَكَانُ الَّذِي يَذْبَحُونَ فِيهِ ذَبَائِحَ، وَلْتُوضَعْ أُسُسُهُ، ارْتِفَاعُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا وَعَرْضُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا. ٤بِثَلاَثَةِ صُفُوفٍ مِنْ حِجَارَةٍ عَظِيمَةٍ، وَصَفّ مِنْ خَشَبٍ جَدِيدٍ. وَلْتُعْطَ النَّفَقَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَلِكِ. ٥وَأَيْضًا آنِيَةُ بَيْتِ اللهِ، الَّتِي مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، الَّتِي أَخْرَجَهَا نَبُوخَذْنَصَّرُ مِنَ الْهَيْكَلِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ وَأَتَى بِهَا إِلَى بَابِلَ، فَلْتُرَدَّ وَتُرْجَعْ إِلَى الْهَيْكَلِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ إِلَى مَكَانِهَا، وَتُوضَعْ فِي بَيْتِ اللهِ».
١. أَمَرَ كُورَشُ الْمَلِكُ: هذا هو المرسوم المسجل أصلًا في عزرا ١، والذي يمنح الشعب اليهودي الذي أراد العودة إلى أورشليم واليهودية الحق في العودة والسكن في يهوذا وإعادة بناء أورشليم.
٢. لِيُبْنَ الْبَيْتُ… وَلْتُعْطَ النَّفَقَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَلِكِ: لم يمنح كورش الإذن بإعادة بناء الهيكل فحسب، بل أمر بتمويل العمل من البَيْتِ الملكي.
• حِجَارَةٍ عَظِيمَةٍ: “الحجارة العظيمة التي أثارت الشك وجد الآن أنها مصرح بها صراحة – لأن المصطلح هو نفسه بالنسبة إلى ُالحجارة العظيمة‘ في عزرا ٥: ٨ – وتعني حرفيًا، حجارة للدحرجة، ضخمة جدًا بحيث لا يمكن نقلها بوسائل أخرى.” كيدنر (Kidner)
• حِجَارَةٍ عَظِيمَةٍ، وَصَفّ مِنْ خَشَبٍ جَدِيدٍ: يبدو أن تقنية البناء هذه كانت إجراءً احترازيًا ضد الزلازل. “حدد كينيون (Kenyon) البقايا الوحيدة المرئية من مبنى زربابل وهي مفصلًا مستقيمًا من الحجارة مع رؤوس ثقيلة على بعد حوالي ١٠٨ أقدام شمال الركن الجنوبي الشرقي من فناء الهيكل، والذي أكد دوناند (Dunand) أنه مشابه للبناء الفارسي الموجود في فينيقيا.” ياماوتشي (Yamauchi)
• هناك بعض التساؤلات حول حجم الهيكل كما هو مذكور هنا لأن هذه الأبعاد أكبر حتى من هيكل سليمان. وأفضل إجابة هي أن كورش أعطاهم حدود ما يمكن بناؤه، بدلًا من الأبعاد الفعلية للهيكل الجديد. “لم يأمرهم أن يجعلوه كبيرًا جدًا، لأنه ترك ترتيب أبعاد المبنى لمهارتهم واختيارهم؛ لكنه قيّدهم حتى لا يجعلوه أكبر، لئلا يستخدموه فيما بعد لأغراض أخرى ضده.” بوله (Poole)
٣. وَأَيْضًا آنِيَةُ بَيْتِ اللهِ، الَّتِي مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ… فَلْتُرَدَّ وَتُرْجَعْ إِلَى الْهَيْكَلِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ: علاوة على ذلك، أمر كورش بإعادة الغنائم التي أُخذت من بَيْتِ اللهِ قبل جيلين إلى هيكل أورشليم.
• لقد كان هذا مثالًا رائعًا على عناية الله لأن الكثير من آنِيَةُ بَيْتِ اللهِ، الَّتِي مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، لا تزال موجودة سليمة وأن الملك كورش أمر بإعادتها.
ج) الآيات (٦-١٢): رد داريوس على تَتْنَاي.
٦«وَالآنَ يَا تَتْنَايُ وَالِي عَبْرِ النَّهْرِ وَشَتَرْبُوزْنَايُ وَرُفَقَاءَكُمَا الأَفَرْسَكِيِّينَ الَّذِينَ فِي عَبْرِ النَّهْرِ، ابْتَعِدُوا مِنْ هُنَاكَ. ٧اتْرُكُوا عَمَلَ بَيْتِ اللهِ هذَا. أَمَّا وَالِي الْيَهُودِ وَشُيُوخُ الْيَهُودِ فَلْيَبْنُوا بَيْتَ اللهِ هذَا فِي مَكَانِهِ. ٨وَقَدْ صَدَرَ مِنِّي أَمْرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ مَعَ شُيُوخِ الْيَهُودِ هؤُلاَءِ فِي بِنَاءِ بَيْتِ اللهِ هذَا. فَمِنْ مَالِ الْمَلِكِ، مِنْ جِزْيَةِ عَبْرِ النَّهْرِ، تُعْطَ النَّفَقَةُ عَاجِلاً لِهؤُلاَءِ الرِّجَالِ حَتَّى لاَ يَبْطُلُوا. ٩وَمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنَ الثِّيرَانِ وَالْكِبَاشِ وَالْخِرَافِ مُحْرَقَةً لإِلهِ السَّمَاءِ، وَحِنْطَةٍ وَمِلْحٍ وَخَمْرٍ وَزَيْتٍ حَسَبَ قَوْلِ الْكَهَنَةِ الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ، لِتُعْطَ لَهُمْ يَوْمًا فَيَوْمًا حَتَّى لاَ يَهْدَأُوا ١٠عَنْ تَقْرِيبِ رَوَائِحِ سُرُورٍ لإِلهِ السَّمَاءِ، وَالصَّلاَةِ لأَجْلِ حَيَاةِ الْمَلِكِ وَبَنِيهِ. ١١وَقَدْ صَدَرَ مِنِّي أَمْرٌ أَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يُغَيِّرُ هذَا الْكَلاَمَ تُسْحَبُ خَشَبَةٌ مِنْ بَيْتِهِ وَيُعَلَّقُ مَصْلُوبًا عَلَيْهَا، وَيُجْعَلُ بَيْتُهُ مَزْبَلَةً مِنْ أَجْلِ هذَا. ١٢وَاللهُ الَّذِي أَسْكَنَ اسْمَهُ هُنَاكَ يُهْلِكُ كُلَّ مَلِكٍ وَشَعْبٍ يَمُدُّ يَدَهُ لِتَغْيِيرِ أَوْ لِهَدْمِ بَيْتِ اللهِ هذَا الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ. أَنَا دَارِيُوسُ قَدْ أَمَرْتُ فَلْيُفْعَلْ عَاجِلاً».
١. اتْرُكُوا عَمَلَ بَيْتِ اللهِ هذَا: بناء على البحث عن الوثيقة ذات الصلة من الملك كورش واستعادتها، أصدر داريوس الأمر المناسب لتَتْنَاي وَالِي عَبْرِ النَّهْرِ. أمره داريوس بالسماح باستمرار العمل في الهيكل ومدينة أورشليم دون انقطاع.
٢. فَلْيَبْنُوا بَيْتَ اللهِ هذَا فِي مَكَانِهِ: أدرك داريوس ما أدركه شُيُوخُ الْيَهُودِ، أنه كان من الضروري بناء الهيكل على أسسه القديمة.
٣. فَمِنْ مَالِ الْمَلِكِ… تُعْطَ النَّفَقَةُ: بناء على المرسوم السابق من كورش، فعل الملك داريوس أكثر من السماح بمواصلة العمل. أمر بأن يتم تمويله من قبل السكان المحليين مِنْ جِزْيَةِ عَبْرِ النَّهْرِ. فعل داريوس ما هو شائع عند السياسيين؛ لقد وضع عبء تمويل هذا العمل على المقاطعة نفسها، وليس على حساب خزانته الخاصة.
• وقد تم تمويله بطريقة مثيرة للإعجاب: وَمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ ولِتُعْطَ لَهُمْ يَوْمًا فَيَوْمًا حَتَّى لاَ يَهْدَأُوا وهذا يعني أن هذه كانت منحة كبيرة.
• نرى في هذا، يد الله الرائعة تعمل ضد الاعتراضات التي أثارها تَتْنَاي وَشَتَرْبُوزْنَاي كما هو مسجل في عزرا ٥: ٣. كانت النتيجة النهائية لهذه الاعتراضات هي تعزيز عمل الله بدلًا من إعاقته. هذا مثال على أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ (رومية ٨: ٢٨). حول هذه النقطة، يقتبس كيدنر (Kidner) سطرًا من قصيدة ويليام كاوبر(William Cowper): الغيوم التي ترهبونها كثيرًا هي غنية بالرحمة.
٤. وَالصَّلاَةِ لأَجْلِ حَيَاةِ الْمَلِكِ وَبَنِيهِ: هذا يُفسر جزءًا من دوافع الملك داريوس. لم يبن قراره على سابقة الملك كورش فحسب، بل أراد أيضًا صلوات الشعب اليهودي لأَجْلِ حَيَاةِ الْمَلِكِ وَبَنِيهِ.
٥. وَيُعَلَّقُ مَصْلُوبًا عَلَيْهَا… وَيُجْعَلُ بَيْتُهُ مَزْبَلَةً… يُهْلِكُ كُلَّ مَلِكٍ وَشَعْبٍ يَمُدُّ يَدَهُ لِتَغْيِيرِ أَوْ لِهَدْمِ بَيْتِ اللهِ هذَا: أخيرًا، كان داريوس حريصًا على جعل المرسوم قويًا، مع فرض عقوبات شديدة على أولئك الذين ينتهكون نص وروح المرسوم.
• وفقًا لآدم كلارك (Adam Clarke)، هناك بعض الجدل حول ما إذا كانت هذه العقوبة تتضمن جلد الرجل في منزله، أو تعليقه حتى الموت في منزله، أو تسميره في منزله كشكل مبكر من أشكال الصلب.
• كان داريوس من النوع الذي يحرص على إنجاز مثل هذه الإعدامات الوحشية بالكامل. “وفقًا لهيرودوت (Herodotus) قام داريوس الأول بتسمير ثلاثة آلاف بابلي عندما استولى على بابل، وهذا العمل سجله داريوس بنفسه في نقش بشيتون(Beshitun).” ياماوتشي (Yamauchi)
٦. فَلْيُفْعَلْ عَاجِلًا: في نهاية كل ذلك، أمر ملك أقوى إمبراطورية على وجه الأرض بأن يتم الانتهاء من الهيكل من قبل المسبيين العائدين وتمويله من قبل الإمبراطورية.
• قد يبدو هذا فريدًا للغاية، ولكن هناك أدلة جيدة على أن الملوك الفارسيين كان لديهم اهتمام مماثل بالمعابد المحتلة في مناطق أخرى من إمبراطوريتهم. “في عام ١٩٧٣، اكتشف علماء الآثار الفرنسيون في زانثوس (Xanthos) في ليقيا في جنوب غرب تركيا ميثاقًا لتأسيس عبادة – مكتوبًا باليونانية والليقية والآرامية – يعود تاريخه إلى ٣٥٨ قبل الميلاد، وهي الفترة التي كانت فيها المنطقة تحت سيطرة مرزبان فارسي، وهذا وفَّر بعض أوجه التشابه اللافتة مع مرسوم كورش.” ياماوتشي (Yamauchi)
• “يمكن للمرء أن يتخيل بسهولة أي مفاجأة تلقاها تَتْنَايُ من إجابة داريوس، المتميزة بالوضوح والتصميم. قالرجل الذي كان سيُعيق ويُوقف تقدم المبنى، أُرغم الآن ليس فقط على عدم الإعاقة، ولكن للمساعدة في تقديم هدايا عظيمة.” مورغان (Morgan)
• “إذا كان من الممكن تسوية بعض الأمور فقط بالرجوع إلى رجال عظماء أو ملوك أو رجال ذوي شأن، فقم بتقديم الطلب؛ ثم خذ نفسك إلى الصلاة، مؤمنًا أنه كما أمال قلب داريوس، في المثال الذي أمامنا، يمكن لله أن يفعل ما يشاء بين جند السماء والساكنين على الأرض.” ماير (Meye)
• هذا مثال قوي على المبدأ من سفر الأمثال: قَلْبُ الْمَلِكِ فِي يَدِ الرَّبِّ كَجَدَاوِلِ مِيَاهٍ، حَيْثُمَا شَاءَ يُمِيلُه. (أمثال ٢١: ١)
ثانيًا. الانتهاء من الهيكل وتدشينه
أ ) الآيات (١٣-١٥): اكتمال الهيكل.
١٣حِينَئِذٍ تَتْنَايُ وَالِي عَبْرِ النَّهْرِ وَشَتَرْبُوزْنَايُ وَرُفَقَاؤُهُمَا عَمِلُوا عَاجِلاً حَسْبَمَا أَرْسَلَ دَارِيُوسُ الْمَلِكُ. ١٤وَكَانَ شُيُوخُ الْيَهُودِ يَبْنُونَ وَيَنْجَحُونَ حَسَبَ نُبُوَّةِ حَجَّيِ النَّبِيِّ وَزَكَرِيَّا بْنِ عِدُّو. فَبَنَوْا وَأَكْمَلُوا حَسَبَ أَمْرِ إِلهِ إِسْرَائِيلَ وَأَمْرِ كُورَشَ وَدَارِيُوسَ وَأَرْتَحْشَسْتَا مَلِكِ فَارِسَ. ١٥وَكَمِلَ هذَا الْبَيْتُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ شَهْرِ أَذَارَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ مِنْ مُلْكِ دَارِيُوسَ الْمَلِكِ.
١. عَمِلُوا عَاجِلًا حَسْبَمَا أَرْسَلَ دَارِيُوسُ الْمَلِكُ: كانوا مجتهدين في دعم وتمويل أعمال إعادة بناء الهيكل وكانوا مجتهدين في معاقبة أي شخص يعارضه.
• “ربما كانت الدوافع السياسية لهذه الصراحة كثيرة، بما في ذلك الرغبة في إظهار الاحترام لسياسات كورش وتعزيز الاستقرار في جزء من الإمبراطورية الذي كان مهمًا للاتصالات مع مصر، في وقت تم فيه قمع الاضطرابات الواسعة النطاق مؤخرًا.” كيدنر (Kidner)
٢. وَكَانَ شُيُوخُ الْيَهُودِ يَبْنُونَ وَيَنْجَحُونَ حَسَبَ نُبُوَّةِ حَجَّيِ النَّبِيِّ وَزَكَرِيَّا: كانت الكلمات والخدمة الشخصية لهؤلاء الأنبياء بعد السبي عنصرًا مهمًا في نجاح العمل. لقد تقوى العمل والعمال حقًا بكلمة الله من خلال هؤلاء الأنبياء.
• الخدمة الأولية لهؤلاء الأنبياء مذكورة في عزرا ٥: ١-٢. هناك، كان على الأنبياء أن يُشجعوا شعب الله على استئناف العمل بعد فترة طويلة من الخمول. والآن، كان عليهم أن يُشجعوهم على الاستمرار في العمل عندما فتح الله الأبواب لإنجاز العمل. وحتى مع الأبواب المفتوحة، كان العمل لا يزال صعبًا ويحتاج إلى تشجيع نبوي. فبركة الله على العمل لم تجعل العمل سهلًا.
• “لم يحرز العمل في الهيكل تقدمًا يذكر بسبب المعارضة وانشغال العائدين بمنازلهم (حجي ١: ٢-٣). ولأنهم وضعوا مصالحهم الخاصة أولًا، أرسل الله لهم المجاعة كدينونة (حجي ١: ٥-٦، ١٠-١١). وبتحفيز من وعظ حجي وزكريا، وتحت قيادة زربابل ويشوع، بدأ جهد جديد (حجي ١: ١٢-١٥).” ياماوتشي (Yamauchi)
٣. وَكَمِلَ هذَا الْبَيْتُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ شَهْرِ أَذَارَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ: هذا يعني أنه استغرق أربع سنوات منذ استئناف البناء. لقد كانت مهمة كبيرة لدرجة أنه حتى مع قيام الجميع بالعمل بجدّ، لم يتم الانتهاء منه بسرعة.
• “إن ذِكّر أرتحشستا، الذي ينتمي إلى القرن التالي، يأخذنا إلى فترة لاحقة عندما رمم نحميا أسوار المدينة، والتي أذن بها هذا الملك. تم إضافة اسمه هنا، باعتباره الراعي الملكي الثالث لإعادة تأهيل إسرائيل لاستكمال الصورة، سواء من قبل المؤلف أو من قبل كاتب مبكر.” كيدنر (Kidner)
ب) الآيات (١٦-١٨): حفل تدشين الهيكل الثاني.
١٦وَبَنُو إِسْرَائِيلَ الْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّونَ وَبَاقِي بَنِي السَّبْيِ دَشَّنُوا بَيْتَ اللهِ هذَا بِفَرَحٍ. ١٧وَقَرَّبُوا تَدْشِينًا لِبَيْتِ اللهِ هذَا: مِئَةَ ثَوْرٍ وَمِئَتَيْ كَبْشٍ وَأَرْبَعَ مِئَةِ خَرُوفٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ تَيْسَ مِعْزًى، ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ عَنْ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ، حَسَبَ عَدَدِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ. ١٨وَأَقَامُوا الْكَهَنَةَ فِي فِرَقِهِمْ وَاللاَّوِيِّينَ فِي أَقْسَامِهِمْ عَلَى خِدْمَةِ اللهِ الَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ مُوسَى.
١. دَشَّنُوا بَيْتَ اللهِ هذَا بِفَرَحٍ: كان هناك احتفال سابق، قبل سنوات عديدة عند تأسيس هذا الهيكل الثاني (عزرا ٣). وهذا كان الاحتفال بالانتهاء من بناء هيكل فَعّال.
• “أصبحت كلمة تدشين (حانوكا hanukka أو التجديد) فيما بعد اسمًا لعيد في ذكرى إعادة تكريس (تجديد) الهيكل في عام ١٦٥ قبل الميلاد بعد تدنيسه من قبل أنطيوخس إبيفانيس (راجع يوحنا ١٠: ٢٢ وما يليها).” كيدنر (Kidner)
٢. وَقَرَّبُوا تَدْشِينًا: مقارنة بتدشين هيكل سليمان (١ ملوك ٨: ٦٢-٦٦) ، كان هذا احتفالًا هزيلًا. لقد ذبح سليمان حوالي ١٤٢٠٠٠ حيوانًا في تدشينه للهيكل. وهنا في تدشين الهيكل الثاني ذبحوا فقط ما مجموعه ٧١٢ حيوانًا.
• ولكن، بالنظر إلى الثروة النسبية لإسرائيل في أيام الهيكل الأول مقارنة بالهيكل الثاني، ربما كانت الهبة الأصغر المسجلة في عزرا هي الأجمل عند الله.
• اثْنَيْ عَشَرَ تَيْسَ مِعْزًى، ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ عَنْ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ: “لقد كان هذا اعترافًا بالفشل، ولكنه أيضًا اعترافًا بالإيمان. كان لا يزال هناك كفارة وما زال العهد مع الشعب كله – لأن هذا كان معنى الذبائح الاثنتي عشر.” كيدنر (Kidner)
• تُظهر حقيقة تقديم الذبيحة من أجل الأسباط الاثني عشر أن إسرائيل التي أُعيد جمعها كان لديها شعور حقيقي بأنهم كانوا نتاجًا جماعيًا لجميع الأسباط الاثني عشر، ولم يكن هناك عشرة أو أي عدد آخر ’مفقود‘ من الأسباط.
٣. وَأَقَامُوا الْكَهَنَةَ فِي فِرَقِهِمْ… كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ مُوسَى: لقد حرصوا على استئناف الخدمة الكهنوتية المناسبة كما أمر بها سِفْرِ مُوسَى ونموذج داود السابق.
• ولكن، لم يكن كل شيء كما كان في الخدمة السابقة في أيام هيكل سليمان. “فالخطة العامة للهيكل الثاني تشبه الأولى. لكن [قدس الأقداس] تُرك فارغًا لأن تابوت العهد قد فُقد خلال الغزو البابلي… وتم تزويد [المكان المقدس] بمائدة لخبز الوجوه، ومذبح البخور، ومنارة واحدة بدلًا من عَشَرَة سليمان.” ياماوتشي (Yamauchi)
ج) الآيات (١٩-٢٢): الفصح الأول يُحتفل به في الهيكل الثاني.
١٩وَعَمِلَ بَنُو السَّبْيِ الْفِصْحَ فِي الرَّابعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الأَوَّلِ. ٢٠لأَنَّ الْكَهَنَةَ وَاللاَّوِيِّينَ تَطَهَّرُوا جَمِيعًا. كَانُوا كُلُّهُمْ طَاهِرِينَ، وَذَبَحُوا الْفِصْحَ لِجَمِيعِ بَنِي السَّبْيِ وَلإِخْوَتِهِمِ الْكَهَنَةِ وَلأَنْفُسِهِمْ. ٢١وَأَكَلَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ الرَّاجِعُونَ مِنَ السَّبْيِ مَعَ جَمِيعِ الَّذِينَ انْفَصَلُوا إِلَيْهِمْ مِنْ رَجَاسَةِ أُمَمِ الأَرْضِ، لِيَطْلُبُوا الرَّبَّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ. ٢٢وَعَمِلُوا عِيدَ الْفَطِيرِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ بِفَرَحٍ، لأَنَّ الرَّبَّ فَرَّحَهُمْ وَحَوَّلَ قَلْبَ مَلِكِ أَشُّورَ نَحْوَهُمْ لِتَقْوِيَةِ أَيْدِيهِمْ فِي عَمَلِ بَيْتِ اللهِ إِلهِ إِسْرَائِيلَ.
١. وَعَمِلَ بَنُو السَّبْيِ الْفِصْحَ فِي الرَّابعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الأَوَّلِ: يظهر هذا أنهم كانوا حريصين على الحفاظ على الفصح وفقًا لأمر موسى، في اليوم المناسب. ففي حفظ الفصح فهم يتذكرون الفعل المركزي للفداء في العهد القديم، وهو خلاص شعب الله من مصر.
٢. وَذَبَحُوا الْفِصْحَ لِجَمِيعِ بَنِي السَّبْي: نرى في هذا أن الشعب نفسه لم يذبح الْفِصْحَ، بل الكهنة فعلوا ذلك من أجلهم. يبدو أنه لم يكن هناك عُرف مطلق لهذا. في بعض الأحيان كان الناس يذبحون حملان الفصح تحت إشراف الكهنة وأحيانًا يفعل الكهنة ذلك من أجل الشعب.
٣. مَعَ جَمِيعِ الَّذِينَ انْفَصَلُوا إِلَيْهِمْ مِنْ رَجَاسَةِ أُمَمِ الأَرْضِ: إن ذكرى خلاص الفصح كانت ترتبط بعِيد الْفَطِيرِ، الذي هو علامة طهارة شعب الله المخلَّصين.
• وَأَكَلَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ الرَّاجِعُونَ مِنَ السَّبْيِ مَعَ جَمِيعِ الَّذِينَ انْفَصَلُوا إِلَيْهِمْ مِنْ رَجَاسَةِ أُمَمِ الأَرْضِ، لِيَطْلُبُوا الرَّبَّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ: “هذه آية حاسمة لتصحيح الانطباع الذي قد يكتسبه المرء من عزرا ٤: ١-٣ عن حفلة المُر الحصرية… في الواقع نجد أن الذين استبعدوا أنفسهم فقط هم غير المرحب بهم. لكن المهتدين (المنفصلين إليهم) وجدوا بابًا مفتوحًا، كما فعلت راحاب وراعوث.” كيدنر (Kidner)
• “قد نتّهم روح العداء اليهودي في العبارة القبيحة ’قذارة الوثنيين.‘ ولكن كان صحيحًا جدًا أن عادات الحياة الكنعانية والبابلية كانت غير أخلاقية بشكل مثير للاشمئزاز. ونفس الخاصية الرهيبة هذه نجدها بين معظم الوثنيين اليوم. هؤلاء الناس المنحطون ليسوا ببساطة غافلون في خطأ لاهوتي؛ بل أفسدتهم الرذائل الرهيبة. والعمل التبشيري هو أكثر من مجرد نشر اللاهوت المسيحي؛ فهو بمثابة تطهير للفساد.” أديني (Adeney)
٤. لأَنَّ الرَّبَّ فَرَّحَهُمْ: في سياق الطاعة والنقاء، لم يفقدوا فرحهم. كانت طهارة شعب الله المحررين بهيجة في طابعها (بدلًا من كونها عنيدة). وقادهم أيضًا لِتَقْوِيَةِ أَيْدِيهِمْ فِي عَمَلِ بَيْتِ اللهِ إِلهِ إِسْرَائِيلَ.
• “لا تخف من الفرح؛ لا تظن أنه من الضروري كبح جماح أغانيك أو ابتساماتك عندما يجعلك الله فرحًا.” ماير (Meyer)
• “هكذا تنتهي المرحلة الأولى، على مدى جيل كامل، من إعادة تأهيل وتوطين إسرائيل. لقد بدأت عندما “نَبَّهَ الرَّبُّ رُوحَ كُورَشَ مَلِكِ فَارِسَ” (عزرا ١: ١)، واختُتمت بتغييره قلب أحد أقوى خلفاء ذلك الملك.” كيدنر (Kidner)
• قَلْبَ مَلِكِ أَشُّورَ: “لقد حوّل الله ’قلب ملك آشور‘ – وهو لقب لداريوس يتحدث عن أصالة الرواية، لأنه يمثل شكلًا قديمًا من الخطاب لحاكم المناطق التي كانت ذات يوم تابعة لملك آشور.” أديني (Adeney)