سفر عزرا – الإصحاح ٩
خطية إسرائيل واعتراف عزرا
أولًا. تم كشف المشكلة
أ ) الآيات (١-٢): يقدم القادة تقاريرهم إلى عزرا.
١وَلَمَّا كَمَلَتْ هذِهِ تَقَدَّمَ إِلَيَّ الرُّؤَسَاءُ قَائِلِينَ: «لَمْ يَنْفَصِلْ شَعْبُ إِسْرَائِيلَ وَالْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّونَ مِنْ شُعُوبِ الأَرَاضِي حَسَبَ رَجَاسَاتِهِمْ، مِنَ الْكَنْعَانِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ وَالْعَمُّونِيِّينَ وَالْمُوآبِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ. ٢لأَنَّهُمُ اتَّخَذُوا مِنْ بَنَاتِهِمْ لأَنْفُسِهِمْ وَلِبَنِيهِمْ، وَاخْتَلَطَ الزَّرْعُ الْمُقَدَّسُ بِشُعُوبِ الأَرَاضِي. وَكَانَتْ يَدُ الرُّؤَسَاءِ وَالْوُلاَةِ فِي هذِهِ الْخِيَانَةِ أَوَّلاً».
١. لَمْ يَنْفَصِلْ شَعْبُ إِسْرَائِيلَ وَالْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّونَ مِنْ شُعُوبِ الأَرَاضِي: بعد وصوله والمحاسبة الصحيحة لجميع الهدايا التي أُحضرت من بابل، تلقى عزرا أخبارًا محبطة. كانت الحالة الروحية لجماعة ما بعد السبي سيئة، وكان هذا واضحًا في فشلهم في الانفصال عن الشعوب الوثنية التي كانت لا تزال تسكن المنطقة.
• “كان اليهود ضعفاء ومعزولين، ولم يتمكنوا تمامًا من مقاومة هجمات جيرانهم الحاسدين. أفليس من الأفضل التصالح معهم، وتحويلهم من أعداء إلى حلفاء؟ لقد تضمنت سياسة الانفصال هذه الخراب التجاري؛ والناس الذين عرفوا كيف كان إخوانهم في بلاد الكلدانيين يُثرون أنفسهم بالتجارة مع الوثنيين كانوا غاضبين من نير يعيقهم من الاختلاط الأجنبي.” أديني (Adeney)
٢. لأَنَّهُمُ اتَّخَذُوا مِنْ بَنَاتِهِمْ لأَنْفُسِهِمْ وَلِبَنِيهِمْ: أدى فشلهم في الانفصال إلى التزاوج مع المجتمعات الوثنية المحيطة.
• لم يكن هذا الزواج المختلط هو المشكلة الوحيدة؛ ولكن مع تزاوج هذه المجتمعات، لن تكون هناك مناطق لم تمسها الروابط الوثنية – الأعمال التجارية والحكومة والحياة الاجتماعية. إن السماح بالتزاوج مع عبدة الأوثان كان بمثابة السماح بكل مجالات التسوية الأخرى هذه.
٣. حَسَبَ رَجَاسَاتِهِمْ، مِنَ الْكَنْعَانِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ وَالْعَمُّونِيِّينَ وَالْمُوآبِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ: وهذا يدل على أن المشكلة لم تكن عرقية في المقام الأول. كانت المشكلة أنهم لم يعزلوا أنفسهم عن هذه الرَجَاسَاتِ، وتحديدًا عبادة أصنام هؤلاء الناس.
• “كل هذا شهد على الاشمئزاز، ليس فقط من فعل اتخاذ زوجات غريبات، ولكن أيضًا انضمامهم إليهن في رجاساتهن الوثنية.” كلارك (Clarke)
• مع هذا التخلي عن الهوية اليهودية والاحتضان الجزئي على الأقل لعبادة الأصنام (أو التسامح معها في المجتمع اليهودي)، ففي غضون بضعة أجيال سيتوقف وجود أي مجتمع يهودي متميز في أرض الميعاد.
• يبدو أن عزرا ٩: ١-٢ يتذكر مقاطع من شريعة موسى ضد الزواج المختلط مع القبائل الكنعانية المحيطة – على وجه الخصوص، خروج ٣٤: ١١-١٦ وتثنية ٧: ١-٤. قد نرى هذا التبكيت على الخطية من جانب الشعب وقادتهم، والطريقة التي صيغ بها التبكيت على الخطية، للإشارة (من الناحية الروحية) إلى أن وصول عزرا ليقوم بخدمة تعليم كلمة الله بدأ يؤتي ثماره. وسمع الناس الكلمة، ونظروا إلى حياتهم، ورأوا أن الحالتين لا تتطابقان.
• “خلال الفترة الغامضة التي أعقبت تدشين الهيكل – وهي فترة ليس لدينا بقايا تاريخية عنها – تم التخلي عن الانفصال الصارم الذي ميز سلوك المسبيين العائدين عندما رفضوا بحزم اقتراح جيرانهم من الأمم لمساعدتهم في إعادة بناء الهيكل، وحرية الاختلاط ذهبت إلى حد السماح بالتزاوج من أنسال الكنعانيين.” أديني (Adeney)
٤. وَكَانَتْ يَدُ الرُّؤَسَاءِ وَالْوُلاَةِ فِي هذِهِ الْخِيَانَةِ أَوَّلًا: والأسوأ من ذلك كله، أن رُّؤَسَاء المجتمع كانوا قادة (أَوَّلًا) في هذه الخطية. لقد كانوا قادة، لكنهم قادة يقودون في الاتجاه الخاطئ.
• “العائلات الأرستقراطية الرائدة قامت في المقام الأول في التعاقد مع التحالفات الأجنبية. كأنهم هم الذين سيستفيدون أكثر، وكأنهم هم الأكثر إغراء للنظر في الدوافع الدنيوية والتخلي عن تقشف آبائهم.” أديني (Adeney)
ب) الآية (٣): حيرة عزرا الكاملة.
٣فَلَمَّا سَمِعْتُ بِهذَا الأَمْرِ مَزَّقْتُ ثِيَابِي وَرِدَائِي وَنَتَّفْتُ شَعْرَ رَأْسِي وَذَقْنِي وَجَلَسْتُ مُتَحَيِّرًا.
١. فَلَمَّا سَمِعْتُ بِهذَا الأَمْرِ: كان عزرا قد أنهى لتوه رحلة خطيرة استغرقت أربعة أشهر من بابل إلى أورشليم. ربما كان قد بالغ في إضفاء الطابع الرومانسي على الالتزام الروحي لرواد العودة من السبي وتوقع أن يجد شيئًا مختلفًا تمامًا عن ثقافة التسوية التي وجدها.
٢. وَجَلَسْتُ مُتَحَيِّرًا: بالتأكيد، كان أحد أسباب حداده (الذي تم التعبير عنه في تمزيق الثوب ونتف اللحية) هو أن عزرا تذكر أن خطايا عبادة الأصنام والتسوية هذه هي التي تسببت في سبي أسباط إسرائيل من قبل. لا شك أنه تساءل كيف يمكن للناس أن يُعرِّضوا أنفسهم للخطر هكذا مرة أخرى.
• مُتَحَيِّرًا: “يعني ’أن يشعر بالفزع أو الذهول‘… نادرة هي النفس التي تُصدم من العصيان لدرجة أنها تشعر بالفزع. (الكلمة الإنجليزية تعني في الأصل ُيُجعل شاحبًا‘).” ياماوتشي (Yamauchi)
• واجه كل من عزرا ونحميا خطية الزواج الوثني المختلط. استجاب نحميا بنتف شعر المذنب (نحميا ١٣: ٢٥). أما عزرا فاستجاب بنتف شعره هو.
• “لقد قيل حقًا أن الشركة مع الرب تجفف الكثير من الدموع، لكنها تُنشأ منها الكثير.” ماير (Meyer)
ج) الآية (٤): انضمام آخرين أيضًا ليحزنوا مع عزرا على خطية إسرائيل.
٤فَاجْتَمَعَ إِلَيَّ كُلُّ مَنِ ارْتَعَدَ مِنْ كَلاَمِ إِلهِ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَجْلِ خِيَانَةِ الْمَسْبِيِّينَ، وَأَنَا جَلَسْتُ مُتَحَيِّرًا إِلَى تَقْدِمَةِ الْمَسَاءِ.
١. فَاجْتَمَعَ إِلَيَّ كُلُّ مَنِ ارْتَعَدَ مِنْ كَلاَمِ إِلهِ إِسْرَائِيلَ: كان هناك في المجتمع أناس ارتعدوا أيضًا من خطية أبناء مجتمعهم. هؤلاء (الذين تميزوا باحترامهم لكلمة الله) اجْتَمَعوا مع عزرا.
٢. مِنْ أَجْلِ خِيَانَةِ الْمَسْبِيِّينَ: كان هذا عنوانًا مثيرًا لإعطائه لأولئك الذين أخطأوا. فبالمعنى التاريخي، كانوا من بين المسبيين الذين عادوا من بابل (على الرغم من أن العديد منهم أو معظمهم وُلدوا بالفعل في يهوذا). ولكن، بالمعنى الروحي الحقيقي، تم سبيهم بسبب خطية شراكتهم مع الوثنية وعبدة الأوثان.
• وَأَنَا جَلَسْتُ مُتَحَيِّرًا: “جزئيًا للحزن والخجل على الخطية. وجزئيًا خوفًا من بعض الدينونة العظيمة والمروعة التي توقَّعها وخاف منها.” بوله (Poole)
ثانيًا. صلاة عزرا
أ ) الآيات (٥-٦): شعور عزرا بالخجل والخزي.
٥وَعِنْدَ تَقْدِمَةِ الْمَسَاءِ قُمْتُ مِنْ تَذَلُّلِي، وَفِي ثِيَابِي وَرِدَائِي الْمُمَزَّقَةِ جَثَوْتُ عَلَى رُكْبَتَيَّ وَبَسَطْتُ يَدَيَّ إِلَى الرَّبِّ إِلهِي، ٦وَقُلْتُ: «اللّهُمَّ، إِنِّي أَخْجَلُ وَأَخْزَى مِنْ أَنْ أَرْفَعَ يَا إِلهِي وَجْهِي نَحْوَكَ، لأَنَّ ذُنُوبَنَا قَدْ كَثُرَتْ فَوْقَ رُؤُوسِنَا، وَآثَامَنَا تَعَاظَمَتْ إِلَى السَّمَاءِ.
١. وَعِنْدَ تَقْدِمَةِ الْمَسَاءِ قُمْتُ مِنْ تَذَلُّلِي: عرف عزرا أن هناك وقتًا للنوح وفعل ذلك لفترة طويلة. وكان يعلم أيضًا أن هناك وقتًا للصلاة، والآن سيبدأ صلاته.
• “كانت ’ذبيحة المساء‘ حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر (راجع خروج ١٢: ٦، أعمال الرسل ٣: ١). ربما كان المخبرون قد زاروا عزرا في الصباح، لذلك توجب عليه أن يجلس في هذا الوضع لعدة ساعات. كان وقت الذبيحة المسائية أيضًا هو الوقت المحدد للصلاة والاعتراف.” ياماوتشي (Yamauchi)
• عندما صلى عزرا، كان يُصلي وحده – ولكن لأنه وقف أمام جماعة من شعب الله، شعر أنه يتوجب عليه أن يقودهم في الصلاة. “فالخادم المسؤول ليس فقط يُصلي أمام الجماعة، بينما يركع الناس كمدققين صامتين. بل تكون صلاته مصممة لتوجيه صلواتهم ومساعدتها، بحيث تكون هناك ’صلاة مشتركة‘ تَعُم كل الجماعة.” أديني (Adeney)
٢. جَثَوْتُ عَلَى رُكْبَتَيَّ وَبَسَطْتُ يَدَيَّ إِلَى الرَّبِّ إِلهِي: كان عزرا واحدًا من كثيرين في الكتاب المقدس الذي صلى راكعًا على رُكْبَتَيه.
• صلى سليمان على ركبتيه (١ ملوك ٨: ٥٤).
• دعانا كاتب المزامير للركوع أمام الله (مزمور ٩٥: ٦).
• صلى دانيال على ركبتيه (دانيال ٦: ١٠).
• قدم الناس أنفسهم ليسوع في وضع الركوع (متى ١٧: ١٤، متى ٢٠: ٢٠، مرقس ١: ٤٠).
• صلى استفانوس على ركبتيه (أعمال الرسل ٧: ٦٠).
• صلى بطرس على ركبتيه (أعمال الرسل ٩: ٤٠).
• صلى بولس على ركبتيه (أعمال الرسل ٢٠: ٣٦، أفسس ٣: ١٤).
• صلى بعض المسيحيين الأوائل على ركبهم (أعمال الرسل ٢١: ٥).
• والأهم من ذلك، صلى المسيح على ركبتيه (لوقا ٢٢: ٤١).
يحتوي الكتاب المقدس على ما يكفي من الصلاة دون الركوع على الركبتين ليظهر لنا أنها غير مطلوبة، ولكن لديه أيضًا ما يكفي من الصلاة على الركبتين ليظهر لنا أنها جيدة.
كذلك بَسَطَ عزرا يَدَيه إِلَى الرَّبِّ إِلهِه. كان هذا هو وضع الصلاة الأكثر شيوعًا في العهد القديم. يغلق الكثير من الناس المعاصرين أعينهم، ويحنون رؤوسهم، ويطوون أيديهم أثناء الصلاة، لكن تقليد العهد القديم كان ببَسَطَ الأيدي نحو السماء في بادرة استسلام وانفتاح وجاهزية استقبال. “مع راحتي اليدين مفتوحة نحو السماء، بطريقة متلهفة تشبه ما يفعله المتسولون. كانت تلك الطريقة اليهودية للصلاة، وأصبحت مُستَحسَنة جدًا.” تراب (Trapp)
٣. إِنِّي أَخْجَلُ وَأَخْزَى مِنْ أَنْ أَرْفَعَ يَا إِلهِي وَجْهِي نَحْوَكَ: على الرغم من أن يدي عزرا كانت مرفوعة، إلا أن وجهه كان لأسفل من الخزي والإذلال أمام الرب. لقد شعر أن خطايا شعب إسرائيل قد أثقلت رأسه لدرجة أنه لم يستطع رفع رأسه (لأَنَّ ذُنُوبَنَا قَدْ كَثُرَتْ فَوْقَ رُؤُوسِنَا).
• أَخْجَلُ وَأَخْزَى: وفقًا لياماوتشي (Yamauchi)، هناك فرق بين هاتين الكلمتين العبريتين القديمتين. الأولى تتحدث عن الخَجَل؛ والكلمة الثانية تتحدث عن الألم الذي يرافق الخجل.
• “الله قد اغتاظ منهم في كثير من الأحيان، وكثيرًا ما عفا عنهم، ولكنهم استمروا في التعدي، لدرجة أن عزرا كان يخجل من العودة مرة أخرى إلى عرش النعمة لطلب الرحمة نيابة عنهم. هذا هو الشعور الحقيقي لكل من استيقظ وعاد من عصيانه.” كلارك (Clarke)
٤. لأَنَّ ذُنُوبَنَا قَدْ كَثُرَتْ فَوْقَ رُؤُوسِنَا: ومن الجدير بالذكر أن عزرا صلى قائلًا ’ذُنُوبَنَا‘ بدلًا من ’ذنوبهم.‘ كان عزرا قد وصل لتوه إلى هذا المجتمع ولم يشاركهم ذلك النوع من الحياة أو السلوك. لكنه كان يعلم أنه مرتبط معهم في نفس العهد أمام الله، فإن ذنوبهم كانت في الواقع هي ذنوبه.
ب) الآيات (٧-٩): يتذكر عزرا لطف الله السابق مع إسرائيل على الرغم من خطاياهم.
٧مُنْذُ أَيَّامِ آبَائِنَا نَحْنُ فِي إِثْمٍ عَظِيمٍ إِلَى هذَا الْيَوْمِ. وَلأَجْلِ ذُنُوبِنَا قَدْ دُفِعْنَا نَحْنُ وَمُلُوكُنَا وَكَهَنَتُنَا لِيَدِ مُلُوكِ الأَرَاضِي لِلسَّيْفِ وَالسَّبْيِ وَالنَّهْبِ وَخِزْيِ الْوُجُوهِ كَهذَا الْيَوْمِ. ٨وَالآنَ كَلُحَيْظَةٍ كَانَتْ رَأْفَةٌ مِنْ لَدُنِ الرَّبِّ إِلهِنَا لِيُبْقِيَ لَنَا نَجَاةً وَيُعْطِيَنَا وَتَدًا فِي مَكَانِ قُدْسِهِ، لِيُنِيرَ إِلهُنَا أَعْيُنَنَا وَيُعْطِيَنَا حَيَاةً قَلِيلَةً فِي عُبُودِيَّتِنَا. ٩لأَنَّنَا عَبِيدٌ نَحْنُ، وَفِي عُبُودِيَّتِنَا لَمْ يَتْرُكْنَا إِلهُنَا بَلْ بَسَطَ عَلَيْنَا رَحْمَةً أَمَامَ مُلُوكِ فَارِسَ، لِيُعْطِيَنَا حَيَاةً لِنَرْفَعَ بَيْتَ إِلهِنَا وَنُقِيمَ خَرَائِبَهُ، وَلْيُعْطِيَنَا حَائِطًا فِي يَهُوذَا وَفِي أُورُشَلِيمَ.
١. نَحْنُ فِي إِثْمٍ عَظِيمٍ: أدرك عزرا الماضي الخاطئ لأسباط إسرائيل بشكل عام، وكيف أن سبيهم كان عملًا صالحًا من الله ضد شعبه الخاطئ.
٢. وَالآنَ كَلُحَيْظَةٍ كَانَتْ رَأْفَةٌ: ثم فكر عزرا في صلاح الله الرائع في إعادة بقية من شعبه من السبي والسماح لهم بالعيش في أرض الموعد مرة أخرى.
٣. وَيُعْطِيَنَا وَتَدًا فِي مَكَانِ قُدْسِهِ: الفكرة هي أن إسرائيل كان لها مرة أخرى موضع آمن، مكانة في نعمة الله وفي هيكله. في تلك الأيام، لم يكن في المنازل خزائن أو غرف تخزين كما نفكر فيها. كانت الأشياء تُخزن على أوتاد (شماعات) تُوضع في جميع أنحاء الغرفة. فإذا كان هناك شيء ما على وتده فهو آمن ومأمون، وهو مخزون بشكل صحيح وجاهز للاستخدام في الوقت المناسب.
• قبل ذلك بأيام قليلة فقط، رأى عزرا الهيكل لأول مرة في حياته. لقد تأثر بأن الله قد أعطى شعبه وَتَدًا فِي مَكَانِ قُدْسِهِ مرة أخرى، وبالتالي كان خائفًا من أن تجاهلهم العَرَضي لهذه البركة سيثير مرة أخرى غضب الله البار.
٤. وَيُعْطِيَنَا حَيَاةً قَلِيلَةً فِي عُبُودِيَّتِنَا: فرح عزرا لرؤية حتى حَيَاةً قَلِيلَةً وعرف أن هذا كان رمزَا لرحمة الله وفضله لا ينبغي احتقاره بالعصيان والتسوية.
٥. لِيُعْطِيَنَا حَيَاةً لِنَرْفَعَ بَيْتَ إِلهِنَا وَنُقِيمَ خَرَائِبَهُ، وَلْيُعْطِيَنَا حَائِطًا: لقد أُعجِب عزرا بكل علامات رحمة الله وفضله لشعبه، وهي علامات لم يرها إلا قبل أيام قليلة لأول مرة. لقد جعلته يُقدِّر كم كان الله صالحًا لشعبه، ومدى خطورة أن يُخطئوا ويتنازلوا (يساوموا) ردًا على صلاحه.
• “يأخذ بعض النقاد هذه الإشارة إلى الحائط كحجة لأولوية نحميا على عزرا، مفترضين أن هذا التلميح هو للحائط الذي أصلحه نحميا في أيامه. لكن معظم العلماء يتفقون على أن الإشارة هنا لا يجب أن تُؤخذ حرفيًا.” ياماوتشي (Yamauchi)
• لْيُعْطِيَنَا حَائِطًا: “كان لديهم سياج بفضل ملك بلاد فارس. كان لديهم أيضًا العناية الإلهية، كسياج أو سور من النار حولهم.” تراب (Trapp)
• “يلاحظ المُفَسّر اليهودي سلوتكي (Slotki) (ص ١٦٦) بشكل مؤثر: ’لقد منح الله نعمة صغيرة لشعبه؛ حيث وجدت بقية صغيرة طريقها المرهق للعودة إلى منزلها وغرست وتدًا واحدًا في أرضها؛ فشعاع الضوء المنعزل كان ساطعًا؛ ونَفَس خافت من الحرية خفف من عبوديتهم. وكيف استطاع عزرا أن يُجسد التجربة اليهودية في هذه الكلمات القليلة!‘” ياماوتشي (Yamauchi)
ج) الآيات (١٠-١٤): يخشى عزرا أن يمتحن الشعب رحمة الله.
١٠وَالآنَ، فَمَاذَا نَقُولُ يَا إِلهَنَا بَعْدَ هذَا؟ لأَنَّنَا قَدْ تَرَكْنَا وَصَايَاكَ ١١الَّتِي أَوْصَيْتَ بِهَا عَنْ يَدِ عَبِيدِكَ الأَنْبِيَاءِ قَائِلاً: إِنَّ الأَرْضَ الَّتِي تَدْخُلُونَ لِتَمْتَلِكُوهَا هِيَ أَرْضٌ مُتَنَجِّسَةٌ بِنَجَاسَةِ شُعُوبِ الأَرَاضِي، بِرَجَاسَاتِهِمِ الَّتِي مَلأُوهَا بِهَا مِنْ جِهَةٍ إِلَى جِهَةٍ بِنَجَاسَتِهِمْ. ١٢وَالآنَ فَلاَ تُعْطُوا بَنَاتِكُمْ لِبَنِيهِمْ وَلاَ تَأْخُذُوا بَنَاتِهِمْ لِبَنِيكُمْ، وَلاَ تَطْلُبُوا سَلاَمَتَهُمْ وَخَيْرَهُمْ إِلَى الأَبَدِ لِكَيْ تَتَشَدَّدُوا وَتَأْكُلُوا خَيْرَ الأَرْضِ وَتُورِثُوا بَنِيكُمْ إِيَّاهَا إِلَى الأَبَدِ. ١٣وَبَعْدَ كُلِّ مَا جَاءَ عَلَيْنَا لأَجْلِ أَعْمَالِنَا الرَّدِيئَةِ وَآثَامِنَا الْعَظِيمَةِ، لأَنَّكَ قَدْ جَازَيْتَنَا يَا إِلهَنَا أَقَلَّ مِنْ آثَامِنَا وَأَعْطَيْتَنَا نَجَاةً كَهذِهِ، ١٤أَفَنَعُودُ وَنَتَعَدَّى وَصَايَاكَ وَنُصَاهِرُ شُعُوبَ هذِهِ الرَّجَاسَاتِ؟ أَمَا تَسْخَطُ عَلَيْنَا حَتَّى تُفْنِيَنَا فَلاَ تَكُونُ بَقِيَّةٌ وَلاَ نَجَاةٌ؟
١. فَمَاذَا نَقُولُ يَا إِلهَنَا بَعْدَ هذَا؟: لم يقدم عزرا أي أعذار ولا حتى تفسيرًا. كان سلوكهم لا يمكن الدفاع عنه وهم في عصيان مباشر لما أوْصَى به الله على يَدِ عَبِيدِهِ الأَنْبِيَاءِ.
• لِكَيْ تَتَشَدَّدُوا: “على الرغم من أنكم قد تتوهمون أن هذه الطريقة في عمل روابط وزواج معهم هي الطريقة الوحيدة لتأسيسكم واستقراركم، إلا أنني أؤكد لكم أنها ستضعفكم وتدمركم. المسار المعاكس هو الذي سيجعلكم أقوى.” بوله (Poole)
٢. لأَنَّكَ قَدْ جَازَيْتَنَا يَا إِلهَنَا أَقَلَّ مِنْ آثَامِنَا: بقدر ما كانت قسوة السبي، أدرك عزرا أنها كانت أَقَلَّ مِمَّا يستحقه شعب الله. عندما نظر إلى عصيانهم الحالي، فَهِمَ أنها كانت طريقة لاحتقار الرحمة العظيمة التي أظهرها الله في الماضي وتعني أنهم يستحقون دينونة كاملة ونهائية.
• عندما كدّس أسباط إسرائيل الخطية فوق الخطية قبل سقوط المملكتين الشمالية والجنوبية، أظهر الله رحمة رائعة لهم. لم يكن عليه أن يحفظهم في السبي؛ كان يمكن أن تكون هناك إبادة جماعية بدًلا من ذلك. وكذلك، لم يكن مضطرًا لإعادتهم من السبي إلى أرض الموعد مرة أخرى. كل من هذه كان مثالًا رائعًا لرحمة الله في وسط الدينونة.
• ” إنه كشف جيد عن الموقف الوحيد الذي يمكن لأي رجل أن يصبح وسيطًا فيه. هناك أولًا شعور ساحق بالخطية. ويُرافق هذا، وربما يُسببه، ذلك الإحساس الأعمق ببر الله ونعمته. فيجد تعبيرًا عنه في اعتراف مؤلم قاس. وشغف الحركة كلها بأكملها دليل على واقعيته.” مورغان (Morgan)
د ) الآية (١٥): عزرا يدعو رحمة الله.
١٥أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ، أَنْتَ بَارٌّ لأَنَّنَا بَقِينَا نَاجِينَ كَهذَا الْيَوْمِ. هَا نَحْنُ أَمَامَكَ فِي آثَامِنَا، لأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَقِفَ أَمَامَكَ مِنْ أَجْلِ هذَا».
١. أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ: هنا ناشد عزرا بحكمة الرب كإِلهَ إِسْرَائِيلَ. على الرغم من أنهم كانوا غير مخلصين له، إلا أن عزرا كان لا يزال يأمل في مراحم العهد من الرب لأنه كان إلههم.
٢. أَنْتَ بَارٌّ: كما ناشد عزرا بحكمة بر الله، خاصة في ترك بقية تحقيقًا لوعوده السابقة (٢ أخبار الأيام ٣٠: ٦؛ إشعياء ١٠: ٢٠-٢٢).
• “إن عزرا جاد للغاية لدرجة أنه يرغب ببساطة في مساعدة شعبه على الهروب من عواقب سلوكهم. وهذا لن يكون خلاصًا. بل سيكون حطامًا أخلاقيًا. فالحاجة الكبرى هي أن نخلص من السلوك الشرير نفسه.” أديني (Adeney)
٣. هَا نَحْنُ أَمَامَكَ فِي آثَامِنَا: عزرا بحكمة لم يدَّعي عذرًا أو سببًا لخطيتهم. لقد أخطأ إسرائيل وكانوا آثمين. يجب أن يتم الطلب من أجل الرحمة للآثمين، وليس كفضل للمستحقين (أو شبه المستحقين).
• نلاحظ هنا أن عزرا أيضًا لم يَدّعي ظروفًا خاصة أو لم يخبر الله أن بيئتهم الصعبة جعلت تسويتهم الحالية مفهومة، أو أن كل أعمالهم الصالحة الأخرى أو أمانتهم قد بررت بطريقة ما عبادة الأوثان. لقد أدرك ببساطة أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَقِفَ أَمَامَكَ مِنْ أَجْلِ هذَا!
• “لم يكن لدى عزرا حتى القلب ليتوسل، كما فعل موسى، خوفًا من أن يُهان اسم الله في حالة كهذه. فكانت صلاته اعترافًا صريحًا، دون أعذار، يطلب بدون ضغط كبير.” كيدنر (Kidner)