أخبار الأيام الثاني – الإصحاح ١٥
انتعاش وإصلاح في يهوذا
أولًا. عزريا يجلب تحذيرًا من الرب
أ ) الآيات (١-٢): عزريا يشجع آسا على طلب الرب.
١وَكَانَ رُوحُ اللهِ عَلَى عَزَرْيَا بْنِ عُودِيدَ، ٢فَخَرَجَ لِلِقَاءِ آسَا وَقَالَ لَهُ: «اسْمَعُوا لِي يَا آسَا وَجَمِيعَ يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ. الرَّبُّ مَعَكُمْ مَا كُنْتُمْ مَعَهُ، وَإِنْ طَلَبْتُمُوهُ يُوجَدْ لَكُمْ، وَإِنْ تَرَكْتُمُوهُ يَتْرُكْكُمْ.
١. عَزَرْيَا بْنِ عُودِيدَ: كان هذا أحد الأنبياء الأقل شهرة في السنوات المبكرة من مملكة يهوذا. وقد جاء وتحدّث بكل شجاعة إلى ملك غمره النجاح بعد الانتصار العظيم على الحبشيين (الكوشيين).
٢. ٱلرَّبُّ مَعَكُمْ مَا كُنْتُمْ مَعَهُ: تمتّع الملك آسا وجيش مملكة يهوذا بانتصار عظيم على عدو قوي. وسيكون من السهل الاعتقاد أن لديهم مطالب دائمة في الحصول على فضل الله وبركته. فأراد الله من آسا، من خلال النبي عزريا، أن يعرف قيمة الثبات في الرب.
٣. وَإِنْ طَلَبْتُمُوهُ يُوجَدْ لَكُمْ: هذا مبدأ مهم يتكرر مرات كثيرة في الكتاب المقدس. والفكرة هي أننا عندما نقترب إلى الله، فإنه يعلن نفسه لنا. وهو لا يخفي نفسه عن القلب الباحث عنه.
• “ثُمَّ إِنْ طَلَبْتَ مِنْ هُنَاكَ ٱلرَّبَّ إِلَهَكَ تَجِدْهُ إِذَا ٱلْتَمَسْتَهُ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَبِكُلِّ نَفْسِكَ” (تثنية ٤: ٢٩).
• “وَتَطْلُبُونَنِي فَتَجِدُونَنِي إِذْ تَطْلُبُونَنِي بِكُلِّ قَلْبِكُمْ” (إرميا ٢٩: ١٣).
• “اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ” (متى ٧: ٧).
والعكس صحيح أيضًا: ’وَإِنْ تَرَكْتُمُوهُ يَتْرُكْكُمْ.‘ وفي نهاية المطاف يعطينا الله ما نريد منه. فالله يمنح القلب الذي يطلبه ما يريده، ويمنح القلب الذي يتركه ما يرغب فيه.
• “كشف عن فلسفة شاملة لحياة تحت سيطرة الله. والمبدأ دائم التطبيق. وهو يمثّل الله على أنه لا يتغير. وأما التغييرات الظاهرة فإنها في الواقع تغييرات في نظرة الإنسان إلى الله. فالإنسان الذي يلازم الله يجد الله معه، وأما الذي يترك الله فإنه يجد أنه متروك منه.” مورجان (Morgan)
ب) الآيات (٣-٧): التشجيع في ضوء عصيان إسرائيل في الماضي.
٣وَلإِسْرَائِيلَ أَيَّامٌ كَثِيرَةٌ بِلاَ إِلهٍ حَقّ وَبِلاَ كَاهِنٍ مُعَلِّمٍ وَبِلاَ شَرِيعَةٍ. ٤وَلكِنْ لَمَّا رَجَعُوا عِنْدَمَا تَضَايَقُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ وَطَلَبُوهُ وُجِدَ لَهُمْ. ٥وَفِي تِلْكَ الأَزْمَانِ لَمْ يَكُنْ أَمَانٌ لِلْخَارِجِ وَلاَ لِلدَّاخِلِ، لأَنَّ اضْطِرَابَاتٍ كَثِيرَةً كَانَتْ عَلَى كُلِّ سُكَّانِ الأَرَاضِي. ٦فَأُفْنِيَتْ أُمَّةٌ بِأُمَّةٍ وَمَدِينَةٌ بِمَدِينَةٍ، لأَنَّ اللهَ أَزْعَجَهُمْ بِكُلِّ ضِيق. ٧فَتَشَدَّدُوا أَنْتُمْ وَلاَ تَرْتَخِ أَيْدِيكُمْ لأَنَّ لِعَمَلِكُمْ أَجْرًا».
١. بِلَا إِلَهٍ حَقٍّ وَبِلَا كَاهِنٍ مُعَلِّمٍ وَبِلَا شَرِيعَةٍ: يصف النبي عزريا حالة إسرائيل السيئة في ثقتها الزائدة وابتعادها عن الله. إذ سبق أن رفضت الله، ومعلّمي كلمة الله، والشريعة نفسها.
• تذكّرنا عبارة ’وَبِلَا كَاهِنٍ مُعَلِّمٍ‘ بأن الكهنة واللاويين كانوا يعملون أكثر من مجرد إدارة نظام الذبائح. إذ كان عليهم أن يتفرّقوا بين الأسباط لكي يعلّموا كلمة الله للشعب.
• “كان دور الكهنة في التعليم حيويًّا للنوعية الأخلاقية والروحية للحياة القومية (انظر مثلًا، لاويين ١٠: ١١؛ تثنية ٣٣: ١٠؛ ملاخي ٢: ٧؛ ٢ أخبار الأيام ١٧: ٧-٩). لكن عندما يُهمل هذا الدور، يتقوض الحق الإلهي ونسيج مجتمع العهد.” سيلمان (Selman)
• “يرجح أن عبارة ’وَلِإِسْرَائِيلَ أَيَّامٌ كَثِيرَةٌ بِلَا إِلَهٍ حَقٍّ‘ تشير إلى أيام القضاة التي كانت في الغالب خارجة عن الشريعة وخالية من الإيمان (قضاة ٢١: ٢٥).” باين (Payne)
٢. وَلَكِنْ لَمَّا رَجَعُوا عِنْدَمَا تَضَايَقُوا إِلَى ٱلرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ وَطَلَبُوهُ وُجِدَ لَهُمْ: استخدم كاتب أخبار الأيام هذه الرسالة التي قدّمها النبي عزريا ليذكّر شعب إسرائيل في أيامه (أيام عزرا عند العودة من السبي) بأنه حتى لو كان شعب الله في حالة متدنّية بسبب عصيانهم، فإن الله سيستردهم عندما يعودون إلى الرب، إله إسرائيل.
٣. فَتَشَدَّدُوا … لِأَنَّ لِعَمَلِكُمْ أَجْرًا: رغم الضيق العظيم الذي جلبه الله على شعبه العاصي في السابق، ينبغي تشجيع الملك آسا على فهم قلب الله للغفران والاسترداد.
• “هذه النبوّة غير عادية من حيث إنها عرضٌ لأجزاء من العهد القديم رغم أنها ليست غير عادية كمثل للخطية. وأسلوبها وعظي، لكن طابعها النبوي يأتي من خلال فورية إلزاميتها الجازمة.” سيلمان (Selman)
ثانيًا. إصلاحات الملك آسا
أ ) الآيات (٨-٩): الملك آسا يطهّر الأرض ويجمع الأمّة معًا للعبادة.
٨فَلَمَّا سَمِعَ آسَا هذَا الْكَلاَمَ وَنُبُوَّةَ عُودِيدَ النَّبِيِّ، تَشَدَّدَ وَنَزَعَ الرَّجَاسَاتِ مِنْ كُلِّ أَرْضِ يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ وَمِنَ الْمُدُنِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ جَبَلِ أَفْرَايِمَ، وَجَدَّدَ مَذْبَحَ الرَّبِّ الَّذِي أَمَامَ رِوَاقِ الرَّبِّ. ٩وَجَمَعَ كُلَّ يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ وَالْغُرَبَاءَ مَعَهُمْ مِنْ أَفْرَايِمَ وَمَنَسَّى وَمِنْ شِمْعُونَ، لأَنَّهُمْ سَقَطُوا إِلَيْهِ مِنْ إِسْرَائِيلَ بِكَثْرَةٍ حِينَ رَأَوْا أَنَّ الرَّبَّ إِلهَهُ مَعَهُ.
١. تَشَدَّدَ وَنَزَعَ ٱلرَّجَاسَاتِ: كانت هذه استجابة صالحة وتقية. فبدلًا من أن يصبح الملك آسا جبريًّا أو سلبيًّا، اتّخذ إجراء بِناءً على قلب الله المفتوح للاسترداد والغفران.
• يعتقد بعضهم أن طبيعة الله الغافرة تعطي المرء سببًا لارتكاب الخطية بناءً على فكرة أنه يمكننا أن نخطئ ونطلب الغفران لاحقًا. ويبيّن رد فعل الملك آسا لكلمة الله الاستجابة الصحيحة لطبيعة الله الغافرة، أي الاستجابة بمحبة أكبر ورغبة أقوى في الطاعة.
• ينبغي أن نلاحظ أن ما فعله الملك تطلّب الكثير من الشجاعة. إذ كان عليه أن يناضل ضد:
المصالح الراسخة المرتبطة بالعبادة الوثنية
القوى الروحية غير المنظورة لصالح العبادة الوثنية
مثال أسلافه والأسباط المجاورين في الشمال لصالح العبادة الوثنية
ميوله الجسدية لصالح العبادة الوثنية
سُبات التسوية واللامبالاة اللذين يدعمان العبادة الوثنية
• لا ينجز إصلاحيون كثيرون ذوو نيّات حسنة إلا القليل، لأنهم يفتقرون إلى الشجاعة للدفاع عن قناعاتهم الإلهية.
• “إن ما هو مهم أن هذا لمس الأمّة بأكملها، بمن في ذلك الملكة الأم (٢ أخبار الأيام ١٥: ١٦)، وكل يهوذا (٢ أخبار ١٤: ١٥)، وحتى الشمال (٢ أخبار الأيام ١٥: ٨-٩).” سيلمان (Selman)
٢. وَجَدَّدَ مَذْبَحَ ٱلرَّبِّ: فعل الملك آسا ما هو أكثر من إزالة ما هو خطأ. إذ أعاد ما صحيح ومستقيم. وهذا جزء مهم من أي إصلاح. وينبغي أن يكون أي وقت للتجديد أكثر من مجرد انتقاد للشر علانية، حيث يجب اتخاذ خطوات إيجابية نحو الخير.
٣. سَقَطُوا إِلَيْهِ مِنْ إِسْرَائِيلَ بِكَثْرَةٍ حِينَ رَأَوْا أَنَّ ٱلرَّبَّ إِلَهَهُ مَعَهُ: نالت طاعة الملك آسا الجريئة لله احترام البقية التقية بين الأسباط الشمالية المرتدة التي شكلت مملكة إسرائيل. فأرادت أن تكون جزءًا من عودة مكرّسة للرب.
• سجّل كاتب أخبار الأيام هذه الأحداث غير المدرجة في تاريخ الملك آسا الموجودة في ١ ملوك كتشجيع للمسبيين العائدين في زمنه. إذ يمكنهم أن يؤمنوا بأنهم إذا أطاعوا الله بشجاعة، كما فعل الملك آسا، فإن الله سيجمع بقية مخْلصة إلى عددهم الصغير. إذ كان بإمكانهم أن يروا أن المؤمنين الذين يطيعون الله بشجاعة يجذبون الآخرين.
• “يلقي سفر أخبار الأيام الضوء باستمرار على فرص لمّ الشمل (انظر ٢ أخبار الأيام ١١: ١٣-١٧؛ ٣٠: ١١؛ ٣٤: ٦) الذي كان ينشأ دائمًا في سياق العبادة، لا كنتيجة لقوة عسكرية (انظر ٢ أخبار الأيام ١١: ١-٤؛ ١٣: ٨؛ ١٣: ١٣-١٤).” سيلمان (Selman)
ب) الآيات (١٠-١٥): تعهُّد عام في أورشليم
١٠فَاجْتَمَعُوا فِي أُورُشَلِيمَ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةَ عَشَرَةَ لِمُلْكِ آسَا، ١١وَذَبَحُوا لِلرَّبِّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْغَنِيمَةِ الَّتِي جَلَبُوا سَبْعَ مِئَةٍ مِنَ الْبَقَرِ، وَسَبْعَةَ آلاَفٍ مِنَ الضَّأْنِ. ١٢وَدَخَلُوا فِي عَهْدٍ أَنْ يَطْلُبُوا الرَّبَّ إِلهَ آبَائِهِمْ بِكُلِّ قُلُوبِهِمْ وَكُلِّ أَنْفُسِهِمْ. ١٣حَتَّى إِنَّ كُلَّ مَنْ لاَ يَطْلُبُ الرَّبَّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ يُقْتَلُ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ، مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. ١٤وَحَلَفُوا لِلرَّبِّ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَهُتَافٍ وَبِأَبْوَاق وَقُرُونٍ. ١٥وَفَرِحَ كُلُّ يَهُوذَا مِنْ أَجْلِ الْحَلْفِ، لأَنَّهُمْ حَلَفُوا بِكُلِّ قُلُوبِهِمْ، وَطَلَبُوهُ بِكُلِّ رِضَاهُمْ فَوُجِدَ لَهُمْ، وَأَرَاحَهُمُ الرَّبُّ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ.
١. وَذَبَحُوا لِلرَّبِّ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ مِنَ ٱلْغَنِيمَةِ ٱلَّتِي جَلَبُوا سَبْعَ مِئَةٍ مِنَ ٱلْبَقَرِ: أدركوا بحق أن انتصارهم جاء من الله، ولهذا أعادوا إليه من غنيمة الانتصار على الكوشيين (٢ أخبار الأيام ١٤: ١٢-١٥).
• عندما ندرك أن ما لدينا يأتي من الله، يسهُل علينا أن نعطيه مما أعطانا. وغالبًا ما يتجذر الافتقار إلى الكرم في رفض الإقرار بأن الله هو المدبر النهائي، وأن كل عطية صالحة وكاملة تأتي منه (يعقوب ١: ١٧).
• “كانت تجمعات كهذه نموذجية (عادية) بالنسبة لعدد من الملوك في سفري أخبار الأيام، بمن فيهم داود (١ أخبار الأيام ١٣: ٢-٥؛ ١٥: ٣؛ ٢٨: ٨؛ ٢٩: ١ فصاعدًا)، وسليمان (٢ أخبار الأيام ١: ٣؛ ٥: ٦)، ويهوشافاط (٢ أخبار ٢٠: ٥، إلخ)، ولا سيما حزقيا (مثلًا ٢ أخبار الأيام ٢٩: ٢٣؛ ٢٩: ٢٨؛ ٣٠: ٢؛ ٣٠: ٢٥).” سيلمان (Selman)
٢. وَدَخَلُوا فِي عَهْدٍ أَنْ يَطْلُبُوا ٱلرَّبَّ إِلَهَ آبَائِهِمْ بِكُلِّ قُلُوبِهِمْ وَكُلِّ أَنْفُسِهِمْ: بعد تقديم الذبائح، صنعوا عهدًا بينهم وبين الله. فكان هذا على غرار العهد الذي قطعه شعب إسرائيل في الأصل مع الله في سيناء (خروج ٢٤: ٧-٨).
• كان هذا العهد مرتبطًا بشكل متعمد بالعهود السابقة (وَدَخَلُوا فِي عَهْدٍ أَنْ يَطْلُبُوا ٱلرَّبَّ إِلَهَ آبَائِهِمْ). فكان لسان حالهم هو: “يا رب، نريد أن نتمتع بنفس العلاقة التي ربطتك بآبائنا العظام. نريد أن نلتزم معك بنفس هذا النوع من العهد.”
• كان هذا العهد مسنودًا بالتهديد بالعقاب (حَتَّى إِنَّ كُلَّ مَنْ لَا يَطْلُبُ ٱلرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ يُقْتَلُ مِنَ ٱلصَّغِيرِ إِلَى ٱلْكَبِيرِ) وبحلف علني (وَحَلَفُوا لِلرَّبِّ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ). فجعل هذا المزيج من الحلف الجماعي العلني والتهديد بالعقاب المجتمع كله مسؤولًا عن الوفاء بالعهد الذي قطعوه. فكان هذا إظهارًا لحقيقة أنهم قطعوا عهدًا بكل قلوبهم ونفوسهم. فلم يكن عهدًا فاترًا أو غير حاسم بحيث لا يمكن تحميل أي شخص المسؤولية تجاهه.
• “لا تفكّر كثيرًا في الدخول في عهد مع الله وحِفْظه. لكن تذكَّرْ أن الرب يسوع دخل عنا في علاقة عهد بالآب، والآب بنا فيه. هذا هو العهد الجديد.” ماير (Meyer)
• “ينبغي أن يُقتل بموجب تلك الشرائع التي تأمر بقطع هؤلاء الأشخاص، وفي تنفيذ لتلك الشريعة (تثنية ١٧: ٢).” بوله (Poole)
٣. وَفَرِحَ كُلُّ يَهُوذَا مِنْ أَجْلِ ٱلْحَلْفِ: أصبحت جدية العهد مصدر فرح للشعب. إذ كان هنالك فرح مخلص وأصيل في الالتزام الكامل تجاه الله والمساءلة بشأن هذا الالتزام في المجتمع.
٤. وَطَلَبُوهُ بِكُلِّ رِضَاهُمْ فَوُجِدَ لَهُمْ، وَأَرَاحَهُمُ ٱلرَّبُّ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ: وعد الله على لسان النبي عزريا في ٢ أخبار الأيام ١٥: ٢ “ٱلرَّبُّ مَعَكُمْ مَا كُنْتُمْ مَعَهُ، وَإِنْ طَلَبْتُمُوهُ يُوجَدْ لَكُمْ.” فكان هذا تحقيقًا لذلك الوعد. فلم يجد الملك وحده الرب، بل وجدته معه الأمة عندما طلبته هكذا.
• طلبوه معًا عندما اجتمعوا (فَٱجْتَمَعُوا فِي أُورُشَلِيمَ).
• طلبوه من خلال الذبائح متّكلين على وعد الله بالكفارة بدم ضحية بريئة.
• طلبوه من خلال عهد قطعوه فاهمين أن الله سبق أن تعامل مع شعبه في الماضي (وَدَخَلُوا فِي عَهْدٍ أَنْ يَطْلُبُوا ٱلرَّبَّ إِلَهَ آبَائِهِمْ).
• طلبوه بكل كيانهم (بِكُلِّ قُلُوبِهِمْ وَكُلِّ أَنْفُسِهِمْ).
• طلبوه تحت المساءلة، معرّضين أنفسهم للعقاب في حالة ترْكهم للعهد.
• طلبوه علنًا (وَحَلَفُوا لِلرَّبِّ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ).
• طلبوه بفرح (وَفَرِحَ كُلُّ يَهُوذَا مِنْ أَجْلِ ٱلْحَلْفِ).
كانت مكافأتهم على طلبهم لله بهذه الطريقة هي أنهم وجدوه. وعندما وجدوه، أَرَاحَهُمُ ٱلرَّبُّ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ. يخشى بعضهم أن يطلبوا الرب باجتهاد. لأنهم إذا وجدوه حقًّا، سيكون عبئًا عليهم أكثر منه بركة. فأراد كاتب أخبار الأيام منّا أن نعرف أنه عندما نطلب الله بطريقة جذرية كهذه ونجده، فإن المكافأة هي الراحة مِنْ كُلِّ جِهَةٍ.
ج) الآيات (١٦-١٩): امتداد الإصلاح إلى بيت الملك نفسه.
١٦حَتَّى إِنَّ مَعْكَةَ أُمَّ آسَا الْمَلِكِ خَلَعَهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ مَلِكَةً لأَنَّهَا عَمِلَتْ لِسَارِيَةٍ تِمْثَالاً، وَقَطَعَ آسَا تِمْثَالَهَا وَدَقَّهُ وَأَحْرَقَهُ فِي وَادِي قَدْرُونَ. ١٧وَأَمَّا الْمُرْتَفَعَاتُ فَلَمْ تُنْزَعْ مِنْ إِسْرَائِيلَ. إِلاَّ أَنَّ قَلْبَ آسَا كَانَ كَامِلاً كُلَّ أَيَّامِهِ. ١٨وَأَدْخَلَ أَقْدَاسَ أَبِيهِ وَأَقْدَاسَهُ إِلَى بَيْتِ اللهِ مِنَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَالآنِيَةِ. ١٩وَلَمْ تَكُنْ حَرْبٌ إِلَى السَّنَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِمُلْكِ آسَا.
١. حَتَّى إِنَّ مَعْكَةَ أُمَّ آسَا ٱلْمَلِكِ خَلَعَهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ مَلِكَةً لِأَنَّهَا عَمِلَتْ لِسَارِيَةٍ تِمْثَالًا: يبيّن هذا مدى شمولية إصلاحات آسا، حيث كان قادرًا على التصرف باستقامة عندما كانت عائلته مخطئة، ولاسيّما جدته معكة. “توضع أمانة الرجل في امتحان مُنصف في دائرة عائلته.” ناب (Knapp).
• توضح ١ ملوك ١٥: ١٢-١٥ أن مَعْكَة كانت جدة الملك آسا. “على ما يبدو أن معكة كانت بنت أورئيئيل الجبعاوي (من جبعة) حسب ٢ أخبار الأيام ١٣: ٢، وثامار (٢ صموئيل ١٤: ٢٧)، وبالتالي كانت حفيدة أبشالوم الذي تمرد على أبيه داود.” باترسون وأوستل (Patterson and Austel)
• تمثال (فاحش) لسارية: “تقول الترجمة الإنجليزية إن التمثال كان فاحشًا. لكن الكلمة العبرية تحمل معنى ’مخيف‘ أو ’فظيع‘ أو ’بغيض.‘ ويعتقد بعض المفسرين أنه كان نوعًا من رمز قضيب متوافق مع عبادة الخصوبة لسارية.” ديلداي (Dilday)
• “وبشكل عام، فإن من الواضح أنه تمثال يشبه تمثال بريابوس، أو شيئًا من هذا القبيل، وأنه كان لمعكة اجتماع (عبادة) في الأيكة حيث كان التمثال منصوبًا. ولا شك أنه كان يُعبد بطقوس نجسة جدًّا. ولا أحتاج إلى أن أخبر القارئ المتعلم من هو بريابوس الروماني. وأما بالنسبة لمن لا يعرف، فلن يفيده أن يعرف.” كلارك (Clarke)
• “يتصور اليهود أن معكة تابت، وأن اسمها تغيّر إلى ميخايا بنت أوريئيل الجبعاوي (من جبعة). وقد تم هذا حتى لا يذكروا اسمها القديم لئلا يكون عارًا لها.” كلارك (Clarke)
٢. وَأَمَّا ٱلْمُرْتَفَعَاتُ فَلَمْ تُنْزَعْ مِنْ إِسْرَائِيلَ: تقول ١ ملوك ١٥: ١٤ إن المرتفعات لم تُزل في أيام آسا. وتربط ٢ أخبار ١٤: ٣ هذه المرتفعات بمذابح الآلهة الأجنبية أو الغريبة. ولهذا أزال آسا المرتفعات المرتبطة بالأوثان، لكن ليس تلك المخصصة للرب.
• “غير أن إضافة ’من إسرائيل‘ (انظر ١ ملوك ١٥: ١٤؛ ٢ أخبار الأيام ١٥: ٨) توحي بأن كاتب أخبار الأيام فرّق بين المرتفعات في يهوذا (٢ أخبار الأيام ١٤: ٣، ٥)، وتلك الموجودة في إسرائيل (٢ أخبار الأيام ١٥: ١٧).” سيلمان (Selman)
• “كانت عملية تطهير أكثر شمولًا – ’من الأرض كلها‘ – لأنها شملت مناطق استولى عليها آسا في جبال أفرايم أثناء السنوات الخمس من العداء التي سبقت ذلك مباشرة.” باين (Payne)
٣. إِلَّا أَنَّ قَلْبَ آسَا كَانَ كَامِلًا كُلَّ أَيَّامِهِ: ظهر قلب آسا المخْلِص في إصلاحاته الموجهة نحو عبادة الأوثان والانحرافات المرخَّصة من الدولة، وفي استرداده بعض الأواني الفضية والذهبية إلى الهيكل.
• لَمْ تَكُنْ حَرْبٌ إِلَى ٱلسَّنَةِ ٱلْخَامِسَةِ وَٱلثَّلَاثِينَ لِمُلْكِ آسَا: “لأنه رغم وجود مناوشات بين آسا وبعشا وشعبيهما كل حياتهما (١ ملوك ١٥: ١٦)، إلا أن هذه المناوشات لم تتطور إلى حرب مفتوحة حتى سنة آسا الخامسة والثلاثين، أي حتى انتهت.” بوله (Poole)