أعمال الرسل – الإصحاح ١١
الدفاع عن الخدمة بين الأمم
أولاً. جدل في أورشليم بشأن الخدمة بين الأمم
أ ) الآيات (١-٣): بطرس يسمع اعتراضات بشأن تعامله مع الأمم
١فَسَمِعَ ٱلرُّسُلُ وَٱلْإِخْوَةُ ٱلَّذِينَ كَانُوا فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ أَنَّ ٱلْأُمَمَ أَيْضًا قَبِلُوا كَلِمَةَ ٱللهِ. ٢وَلَمَّا صَعِدَ بُطْرُسُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، خَاصَمَهُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَهْلِ ٱلْخِتَانِ، ٣قَائِلِينَ: «إِنَّكَ دَخَلْتَ إِلَى رِجَالٍ ذَوِي غُلْفَةٍ وَأَكَلْتَ مَعَهُمْ».
- فَسَمِعَ ٱلرُّسُلُ وَٱلْإِخْوَةُ ٱلَّذِينَ كَانُوا فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ أَنَّ ٱلْأُمَمَ أَيْضًا قَبِلُوا كَلِمَةَ ٱللهِ: عظمة الخدمة بين الأمم في قيصرية لم تبقى سراً. لم تكن هناك أية نية في إخفاء الأمر حتى وإن كان هذا سيزعج الكثير من المؤمنين من أصل يهودي (مِنْ أَهْلِ ٱلْخِتَانِ).
- «إِنَّكَ دَخَلْتَ إِلَى رِجَالٍ ذَوِي غُلْفَةٍ وَأَكَلْتَ مَعَهُمْ»: كانت التُهم الموجهة ضد بطرس بسيطة: “يفترض أنك يهودي ملتزم يا بطرس فكيف تعاملت مع الأمم وأكلت معهم؟” شعر المؤمنون من أصل يهودي بالإهانة ولهذا خَاصَمَوا بطرس.
- وَأَكَلْتَ مَعَهُمْ: كان تناول طعام بين طرفين في ذلك الوقت علامة على العلاقة الوثيقة. لهذا اعتبر المؤمنون اليهود أن تصرف بطرس كان مساومة خطيرة.
- أظهرت ردة فعل المؤمنين اليهود مدى أهمية التغيير الذي بدأه الله في سفر أعمال الرسل الأصحاح ١٠. قال التغيير للأممي: “ليس عليك أن تصبح يهودياً أولاً وأن تضع نفسك تحت سلطة ناموس موسى لتأتي إلى يسوع بل عليك أن تتوب وتعتمد.” وقال التغيير لأتباع يسوع اليهود: “اقبلوا اخوتكم واخواتكم الأمم كجزء من عائلة الله فهم ليسوا أقل شأناً منكم بأي حال من الأحوال.”
- اعتراض أَهْلِ ٱلْخِتَانِ على النقطة الثانية وليس الأولى. اشتكوا عليه قائلين: إِنَّكَ دَخَلْتَ إِلَى رِجَالٍ ذَوِي غُلْفَةٍ وَأَكَلْتَ مَعَهُمْ! وهذا يُظهر أنهم كانوا منزعجين مما فعله بطرس أكثر مما كان يفعله الله بين الأمم.
- خَاصَمَهُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَهْلِ ٱلْخِتَانِ: عندما نرى ردة فعل المسيحيين اليهود في أورشليم نرى الحكمة في أخذ بطرس ستة شهود معه إلى قيصرية وأثناء لقاءه مع كرنيليوس (أعمال الرسل ٢٣:١٠ و١٢:١١).
ب) الآيات (٤-١٥): يبرر بطرس سبب خدمته بين الأمم
٤فَٱبْتَدَأَ بُطْرُسُ يَشْرَحُ لَهُمْ بِٱلتَّتَابُعِ قَائِلًا: ٥«أَنَا كُنْتُ فِي مَدِينَةِ يَافَا أُصَلِّي، فَرَأَيْتُ فِي غَيْبَةٍ رُؤْيَا: إِنَاءً نَازِلًا مِثْلَ مُلَاءَةٍ عَظِيمَةٍ مُدَلَّاةٍ بِأَرْبَعَةِ أَطْرَافٍ مِنَ ٱلسَّمَاءِ، فَأَتَى إِلَيَّ. ٦فَتَفَرَّسْتُ فِيهِ مُتَأَمِّلًا، فَرَأَيْتُ دَوَابَّ ٱلْأَرْضِ وَٱلْوُحُوشَ وَٱلزَّحَّافَاتِ وَطُيُورَ ٱلسَّمَاءِ. ٧وَسَمِعْتُ صَوْتًا قَائِلًا لِي: قُمْ يَا بُطْرُسُ، ٱذْبَحْ وَكُلْ. ٨فَقُلْتُ: كَلَّا يَا رَبُّ! لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فَمِي قَطُّ دَنِسٌ أَوْ نَجِسٌ. ٩فَأَجَابَنِي صَوْتٌ ثَانِيَةً مِنَ ٱلسَّمَاءِ: مَا طَهَّرَهُ ٱللهُ لَا تُنَجِّسْهُ أَنْتَ. ١٠وَكَانَ هَذَا عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ. ثُمَّ ٱنْتُشِلَ ٱلْجَمِيعُ إِلَى ٱلسَّمَاءِ أَيْضًا. ١١وَإِذَا ثَلَاثَةُ رِجَالٍ قَدْ وَقَفُوا لِلْوَقْتِ عِنْدَ ٱلْبَيْتِ ٱلَّذِي كُنْتُ فِيهِ، مُرْسَلِينَ إِلَيَّ مِنْ قَيْصَرِيَّةَ. ١٢فَقَالَ لِي ٱلرُّوحُ أَنْ أَذْهَبَ مَعَهُمْ غَيْرَ مُرْتَابٍ فِي شَيْءٍ. وَذَهَبَ مَعِي أَيْضًا هَؤُلَاءِ ٱلْإِخْوَةُ ٱلسِّتَّةُ. فَدَخَلْنَا بَيْتَ ٱلرَّجُلِ، ١٣فَأَخْبَرَنَا كَيْفَ رَأَى ٱلْمَلَاكَ فِي بَيْتِهِ قَائِمًا وَقَائِلًا لَهُ: أَرْسِلْ إِلَى يَافَا رِجَالًا، وَٱسْتَدْعِ سِمْعَانَ ٱلْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ، ١٤وَهُوَ يُكَلِّمُكَ كَلَامًا بِهِ تَخْلُصُ أَنْتَ وَكُلُّ بَيْتِكَ. ١٥فَلَمَّا ٱبْتَدَأْتُ أَتَكَلَّمُ، حَلَّ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ عَلَيْهِمْ كَمَا عَلَيْنَا أَيْضًا فِي ٱلْبَدَاءَةِ.
- فَٱبْتَدَأَ بُطْرُسُ يَشْرَحُ لَهُمْ بِٱلتَّتَابُعِ: من الواضح أن هذا السرد كان تلخيصاً لما حدث في
أعمال الرسل ٩:١٠-٤٣. وكأن الله يؤكد على أهمية هذه الأحداث بتكرار القصة.- “لم يتباهى بطرس بسلطانه كرسول بل ابتدأ بسرد الوقائع بكل تواضع. يوضح النص اليوناني هذا بشكل خاص ويشير إلى أن بطرس بدأ يشرح ما حدث منذ البداية وبالتفصيل – وهي كلمة قوية جداً.” بويس (Boice)
- مَا طَهَّرَهُ ٱللهُ لَا تُنَجِّسْهُ أَنْتَ: اعتقد بطرس في البداية أن الله كان يتكلم عن الطعام. ولكنه فهم لاحقاً أن رؤيا المُلَاءَة العَظِيمَة لم يكن لها أي علاقة بالطعام بل بالإنسان (أعمال الرسل ٢٨:١٠ وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَرَانِي ٱللهُ أَنْ لَا أَقُولَ عَنْ إِنْسَانٍ مَا إِنَّهُ دَنِسٌ أَوْ نَجِسٌ).
- تمثل المُلَاءَة الكنيسة وتحتوي على الطعام الحلال (اليهود) والطعام غير الحلال (الأمم) بدون أي تمييز أو فصل بينهم (أفسس ١١:٢-١٨).
- فَدَخَلْنَا بَيْتَ ٱلرَّجُلِ: اندهش المشتكين على بطرس من كلامه لأنه بدى اعترافاً بالذنب: اعترف بطرس بدخوله إلى بيت الأممي وهو أمر ممنوع حسب التقاليد والعادات اليهودية (ولكن ليس حسب شريعة موسى). ولكن قبل أن يقول أنه دخل بَيْتَ ٱلرَّجُلِ حرص على إضافة جملة: رَأَى ٱلْمَلَاكَ فِي بَيْتِهِ قَائِمًا (واقِفاً فِي بَيتِهِ). فإذا سمح الله بدخول الملاك إلى بيت كرنيليوس إذاً يجوز لبطرس أن يفعل نفس الأمر.
- حَلَّ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ عَلَيْهِمْ كَمَا عَلَيْنَا أَيْضًا فِي ٱلْبَدَاءَةِ: كان هذا استنتاجاً مهماً ويظهر موافقة الله على الخدمة بين الأمم. كانت نقطة بطرس لهؤلاء المسيحيين اليهود (أَهْلِ ٱلْخِتَانِ، أعمال الرسل ٢:١١) واضحة للغاية وتعني أنه لا يجوز رفض أمر قَبِلهُ الله.
ج) الآيات (١٦-١٨): فسر بطرس هذه الأحداث في ضوء كلام يسوع
١٦فَتَذَكَّرْتُ كَلَامَ ٱلرَّبِّ كَيْفَ قَالَ: إِنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِمَاءٍ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتُعَمَّدُونَ بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ. ١٧فَإِنْ كَانَ ٱللهُ قَدْ أَعْطَاهُمُ ٱلْمَوْهِبَةَ كَمَا لَنَا أَيْضًا بِٱلسَّوِيَّةِ مُؤْمِنِينَ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، فَمَنْ أَنَا؟ أَقَادِرٌ أَنْ أَمْنَعَ ٱللهَ؟». ١٨فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ سَكَتُوا، وَكَانُوا يُمَجِّدُونَ ٱللهَ قَائِلِينَ: «إِذًا أَعْطَى ٱللهُ ٱلْأُمَمَ أَيْضًا ٱلتَّوْبَةَ لِلْحَيَاةِ!».
- فَإِنْ كَانَ ٱللهُ قَدْ أَعْطَاهُمُ ٱلْمَوْهِبَةَ كَمَا لَنَا أَيْضًا بِٱلسَّوِيَّةِ مُؤْمِنِينَ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، فَمَنْ أَنَا؟ أَقَادِرٌ أَنْ أَمْنَعَ ٱللهَ؟: إن كانت مشيئة الله أن تصل رسالة الإنجيل للأمم فهل يستطيع بطرس مقاومة الله: فَمَنْ أَنَا؟ أَقَادِرٌ أَنْ أَمْنَعَ ٱللهَ؟ أدرك بطرس أهمية أن يشعر المرء بما على قلب الله وأي اِتِّجَاه يريد بدلاً من إقناعه بالذهاب في الإتجاه الذي يريده المرء.
- من المهم أيضاً الإشارة إلى رغبة هؤلاء المسيحيين بالتحقق من هذه الخدمة وأنها كانت تتفق مع الكتب المقدسة. كان لديهم كَلَامَ ٱلرَّبِّ يسوع المسجل في مرقس ٨:١ وكان لديهم وعود العهد القديم بأن الأمم ستأتي إلى الرب من خلال المسيا (في مقاطع مثل إشعياء ٦:٤٩).
- هناك الكثيرون اليوم ينظرون إلى بعض الخدمات ويقولون: “انظروا عمل الله.” ولكن نوع الخدمة لا يكفي للتحقق من صحتها. على الخدمة التي هي من الله أن تتماشى وتتفق مع كلمته. و هذا الأساس نجحت الخدمة بين الأمم بالاختبارين.
- فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ سَكَتُوا: كانت أول ردة فعل للمسيحيين اليهود في أورشليم الصمت الرهيب (من أَهْلِ ٱلْخِتَانِ، أعمال الرسل ٢:١١). ولكنهم بعد ذلك صاروا يُمَجِّدُونَ ٱللهَ لأنهم رأوا الآن عمل الله بين الأمم.
- يا له من نص قوي لأنه يُظهر كم كان قلب المؤمنين اليهود في أورشليم ليناً ومفتوحاً لقيادة الله وإرشاده. يا له من أمر رائع عندما يسمح شعب الله لكلمته وعمله أن يتغلب على تعصبهم وتقاليدهم.
- قبلت الكنيسة في أورشليم في البداية هؤلاء المؤمنين الأمم، ولكن سيمضي وقت طويل قبل الرد على كل اعتراضات أَهْلِ ٱلْخِتَانِ.
ثانياً. الكنيسة في أَنْطَاكِيَةَ
أ ) الآيات (١٩-٢١): نمو الكنيسة في أَنْطَاكِيَةَ برجوع الأمم إلى الرب
١٩أَمَّا ٱلَّذِينَ تَشَتَّتُوا مِنْ جَرَّاءِ ٱلضِّيقِ ٱلَّذِي حَصَلَ بِسَبَبِ ٱسْتِفَانُوسَ فَٱجْتَازُوا إِلَى فِينِيقِيَةَ وَقُبْرُسَ وَأَنْطَاكِيَةَ، وَهُمْ لَا يُكَلِّمُونَ أَحَدًا بِٱلْكَلِمَةِ إِلَّا ٱلْيَهُودَ فَقَطْ. ٢٠وَلَكِنْ كَانَ مِنْهُمْ قَوْمٌ، وَهُمْ رِجَالٌ قُبْرُسِيُّونَ وَقَيْرَوَانِيُّونَ، ٱلَّذِينَ لَمَّا دَخَلُوا أَنْطَاكِيَةَ كَانُوا يُخَاطِبُونَ ٱلْيُونَانِيِّينَ مُبَشِّرِينَ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ. ٢١وَكَانَتْ يَدُ ٱلرَّبِّ مَعَهُمْ، فَآمَنَ عَدَدٌ كَثِيرٌ وَرَجَعُوا إِلَى ٱلرَّبِّ.
- وَهُمْ لَا يُكَلِّمُونَ أَحَدًا بِٱلْكَلِمَةِ إِلَّا ٱلْيَهُودَ فَقَطْ: بشر المؤمنون الذين تشتتوا في كل أنحاء الإمبراطورية الرومانية اليهود فقط في البداية ولكنهم بدأوا بالتدريج يبشرون الأمم أيضاً.
- كَانَ مِنْهُمْ قَوْمٌ، وَهُمْ رِجَالٌ قُبْرُسِيُّونَ وَقَيْرَوَانِيُّونَ… كَانُوا يُخَاطِبُونَ ٱلْيُونَانِيِّينَ مُبَشِّرِينَ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ: كان كان هؤلاء التلاميذ المجهولين من قبرص وقيروان أبطال حقيقيون لأنهم بدأوا أول خدمة بين الأمم في أَنْطَاكِيَةَ (أطلق عليهم هنا اسم ٱلْيُونَانِيِّينَ).
- نرى في أنطاكية أول نموذج لبحث المؤمنين عن الأمم بهدف الكرازة وكانت النتائج رائعة (فَآمَنَ عَدَدٌ كَثِيرٌ وَرَجَعُوا إِلَى ٱلرَّبِّ).
- لَمَّا دَخَلُوا أَنْطَاكِيَةَ: أسس سلوقس الأول أنطاكية عام ٣٠٠ قبل الميلاد تقريباً وهي إحدى المدن التي ورثها عن الإسكندر الأكبر. قام سلوقس بتأسيس خمسة عشر مدينة تقريباً ودعاها كلها أنطاكية على اسم أبيه. كانت تسمى مدينة أنطاكية “أنطاكية سورية” أو “أنطاكية على النهر العاصي” وكان يسكنها في القرن الأول أكثر من نصف مليون شخص. أنطاكية اليوم هي مدينة في تركية يبلغ عدد سكانها حوالي ٣٥٠٠ نسمة.
- تبعد مدينة أَنْطَاكِيَةَ حوالي ٣٠٠ ميل (٤٨٠ كيلومتراً) شمال أورشليم وحوالي ٢٠ ميلاً (٣٢ كيلومتراً) من البحر الأبيض المتوسط. اعتبر الكثيرون أنطاكية سورية أكبر ثالث مدينة في الإمبراطورية الرومانية بعد روما والإسكندرية. اشتهرت أنطاكية بأعمالها التجارية وبتطورها وثقافتها. واشتهرت أيضًا بفجورها.
- “ما زاد من سوء سمعة المدينة المليئة بالحياة الشهوانية كان وجود معبد للإلهة دافني (Daphne) حيث يعبد كل من الآلهة أرتميس وأبولو. يبعد المعبد خمسة أميال عن المدينة وتمارس فيه عبادة عشتاروت (آلهة الحب والجمال) المليئة بالدعارة.” بروس (Bruce)
- “عندما أراد السناتور الروماني القديم جوفينال أن يصف انحطاط روما قال أن ’نهر العاصي تدفق إلى نهر التيبر‘ وغمر روما بالإثم.” لهيوز (Hughes)
- يمكننا القول أن أورشليم كانت تتمحور حول الدين وروما حول السلطة والإسكندرية حول الحكمة وأثينا حول الفلسفة. ويمكننا القول أيضاً أن أنطاكية كانت تتمحور حول التجارة والفجور.
- كان كرنيليوس إنسان تقي يخاف الله ويعيش حياة أخلاقية عالية عندما وصلته البشارة وآمن بيسوع. وفي المقابل عندما وصلت البشارة إلى أنطاكية وصلت إلى مدينة وثنية تماماً.
- وَكَانَتْ يَدُ ٱلرَّبِّ مَعَهُمْ: لأن يد الرب كانت معهم كانت الخدمة مباركة ومثمرة وآمَنَ عَدَدٌ كَثِيرٌ وَرَجَعُوا إِلَى ٱلرَّبِّ.
- لن تقود الخدمة الناس إلى الرب إلا عندما تكون يَدُ ٱلرَّبِّ مَعَهُمْ.
- تستطيع أن تقودهم ليصبحوا شخصية مميزة دون يَدُ ٱلرَّبِّ.
- تستطيع أن تقودهم لينضموا لنادٍ اجتماعي دون يَدُ ٱلرَّبِّ.
- تستطيع أن تقودهم إلى كنيسة أو إلى مؤسسة دون يَدُ ٱلرَّبِّ.
- ولكنك لا تستطيع أن تقود الناس إلى الرب دون يَدُ ٱلرَّبِّ.
- إن العبارة “آمَنَ عَدَدٌ كَثِيرٌ وَرَجَعُوا إِلَى ٱلرَّبِّ” ما هي إلا وصفاً رائعاً لعمل كلٍ من الإيمان والتوبة.
ب) الآيات (٢٢-٢٤): خدمة برنابا في أنطاكية
٢٢فَسُمِعَ ٱلْخَبَرُ عَنْهُمْ فِي آذَانِ ٱلْكَنِيسَةِ ٱلَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ، فَأَرْسَلُوا بَرْنَابَا لِكَيْ يَجْتَازَ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ. ٢٣ٱلَّذِي لَمَّا أَتَى وَرَأَى نِعْمَةَ ٱللهِ فَرِحَ، وَوَعَظَ ٱلْجَمِيعَ أَنْ يَثْبُتُوا فِي ٱلرَّبِّ بِعَزْمِ ٱلْقَلْبِ، ٢٤لِأَنَّهُ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَمُمْتَلِئًا مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ وَٱلْإِيمَانِ. فَٱنْضَمَّ إِلَى ٱلرَّبِّ جَمْعٌ غَفِيرٌ.
- فَأَرْسَلُوا بَرْنَابَا: أرسلت الكنيسة في أورشليم برنابا الذي كان رجلاً مقتدراً ومعروفاً بكرمه (أعمال الرسل ٣٦:٤-٣٧) وهو من قبل شاول الطرسوسي بعد إيمانه (أعمال الرسل ٢٦:٩-٢٨).
- “كانت الأخبار تصل دائماً إلى أورشليم وأعتقد هذا هو الحال دائماً. كلما انتهى أمر ما نجد شخص يركض للأشخاص المهمين ويقول: “أتعرفون الأخبار؟” بويس (Boice)
- لَمَّا أَتَى وَرَأَى نِعْمَةَ ٱللهِ فَرِحَ: فَرِحَ برنابا عندما أَتَى وَرَأَى نِعْمَةَ ٱللهِ في كنيسة أنطاكية. فقد كان هناك شيء مميز في عمل الله بين أفراد الكنيسة في أنطاكية وهذا جعل برنابا يرى نِعْمَةَ ٱللهِ.
- على الآخرين أن يروا نِعْمَةَ ٱللهِ في أي تجمع للمؤمنين. وينبغي ألا يظهر أي تركيز على الذات أو على قوانين وضعها الإنسان أو على أي إنجاز بشري بل أن تظهر نِعْمَةَ ٱللهِ المجيدة فقط. هذا أمر يجلب الفرح.
- وَوَعَظَ ٱلْجَمِيعَ أَنْ يَثْبُتُوا فِي ٱلرَّبِّ بِعَزْمِ ٱلْقَلْبِ (وَشَجَّعَهُمْ جَمِيعاً عَلَى أنْ يَظَلُّوا مُخلِصِينَ لِلرَّبِّ مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ): كان برنابا مُحقاً عندما صب كل اهتمامه على خدمته الرئيسة كقائد للكنيسة وركز على تشجيع شعب الكنيسة أنفسهم وكانت النتيجة: ٱنْضَمَّ إِلَى ٱلرَّبِّ جَمْعٌ غَفِيرٌ.
- هذه هي الطريقة لنمو الكنيسة التي تحدث عنها بولس في رسالته إلى أهل أفسس ١١:٤-١٦. على القادة في الكنيسة أن يكرسوا أنفسهم لبناء مؤمنين أقوياء وأصحاء وعندما يتم إعداد القديسين لعمل الخدمة سينضجون ويخدمون بأمانة وهذا بدوره سيؤدي إلى نمو الجسد.
ج) الآيات (٢٥-٢٦): خدمة برنابا وشاول في أنطاكية
٢٥ثُمَّ خَرَجَ بَرْنَابَا إِلَى طَرْسُوسَ لِيَطْلُبَ شَاوُلَ. وَلَمَّا وَجَدَهُ جَاءَ بِهِ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ. ٢٦فَحَدَثَ أَنَّهُمَا ٱجْتَمَعَا فِي ٱلْكَنِيسَةِ سَنَةً كَامِلَةً وَعَلَّمَا جَمْعًا غَفِيرًا. وَدُعِيَ ٱلتَّلَامِيذُ «مَسِيحِيِّينَ» فِي أَنْطَاكِيَةَ أَوَّلًا.
- خَرَجَ بَرْنَابَا إِلَى طَرْسُوسَ لِيَطْلُبَ شَاوُلَ: تذكر برنابا الأخ العزيز شاول وكيف أَرْسَلُوهُ إِلَى طَرْسُوسَ لحمايته (أعمال الرسل ٢٨:٩-٣٠). تَوَجَّهَ بَرنابا إلَى طَرسُوسَ بَحثاً عَنْ شاوُلَ.
- ليس من الصعب أن نتخيل كيف تذكر برنابا المُتعب والمشغول بالخدمة في أنطاكية شاول الطرسوسي.
- الترجمة الحرفية لجملة يَطْلُبَ شَاوُلَ: “أن يطارده.” كان على برنابا أن يبذل بعض الجهد ليجد شاول. أقترح مكارثر (MacArthur) أن الكلمة الأصلية تشير إلى “البحث الْمُضْنِي من طرف برنابا.” كان شاول مهماً للغاية بالنسبة لبرنابا بحيث جعلته يترك خدمته في أنطاكية لفترة ويبحث بجهد عنه.
- فَحَدَثَ أَنَّهُمَا ٱجْتَمَعَا فِي ٱلْكَنِيسَةِ سَنَةً كَامِلَةً وَعَلَّمَا جَمْعًا غَفِيرًا: اجتمع برنابا وشاول وعلما جَمْعًا غَفِيرًا وهذا شدد الكنيسة في أنطاكية.
- قضى شاول اثني عشر عاماً في طرسوس منذ آخر مرة التقينا به. لم تضيع هذه السنوات هباءً ولكنه قضاها في خدمة بسيطة والاستعداد لخدمة أكبر في المستقبل.
- أصبحت أنطاكية في خضم كل هذا مركزاً للتعليم القوي والكرازة. “كان في أنطاكية أعظم الخُدام. ففي القرن الأول، كان هناك برنابا وبولس وبطرس؛ وفي القرن الثاني إغناطيوس وثيوفيلوس؛ وفي القرن الثالث والرابع لوسيان وثيودور ويوحنا فم الذهب وثوردوريت.” هيوز (Hughes)
- وكانت أيضاً مقراً للكرازة العامية وغير الرسمية وهذا على الأغلب من أفضل الخدمات. تذكرنا الآية في أعمال الرسل ٢٠:١١ أنهم كَانُوا يُخَاطِبُونَ ٱلْيُونَانِيِّينَ مُبَشِّرِينَ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ. فالجمع بين التعليم والكرازة الرسمي والتعليم والكرازة غير الرسمي جعل مجتمع الكنيسة في أنطاكية مميزاً ومؤثراً.
- وَدُعِيَ ٱلتَّلَامِيذُ «مَسِيحِيِّينَ» فِي أَنْطَاكِيَةَ أَوَّلًا: ابتدأوا في تلك الفترة يطلقون على أتباع يسوع اسم «مَسِيحِيِّينَ». وكانت أنطاكية أول من دُعِيَ فيها التلاميذ هكذا.
- أطلق عليهم اسم: تَّلَامِيذِ (أعمال الرسل ١٥:١)
- أطلق عليهم اسم: قِدِّيسِين (أعمال الرسل ١٣:٩)
- أطلق عليهم اسم: مُؤْمِنُونَ (أعمال الرسل ١٤:٥)
- أطلق عليهم اسم: ٱلْإِخْوَةُ (أعمال الرسل ٣:٦)
- أطلق عليهم اسم: شُهُود (أعمال الرسل ٣٢:٥)
- أطلق عليهم اسم: أتباع ٱلطَّرِيقِ (أعمال الرسل ٢:٩)
- أطلق عليهم اسم: ٱلنَّاصِرِيِّينَ (أعمال الرسل ٥:٢٤)
- والآن سيُطلق عليهم اسم: مَسِيحِيِّينَ
- يعني الجزء الأخير في الكلمة مَسِيحِيِّينَ (ين) في اللغة اللاتينية، أنهم كانوا جزءً من شيء. كان المسيحيين جزءاً من المسيح. وكأننا نقول أنهم شعب المسيح أي الجماعة التي تتبع يسوع المسيح. يعتقد بويس (Boice) أن الفكرة من وراء الكلمة أنهم كانوا مُلكاً للمسيح.
- كان الجنود الذين يعملون تحت أمرة جنرالات معينة في الجيش الروماني يُعّرفون عن أنفسهم باسم قائدهم بإضافة حرف المُلكية في النهاية. فالجندي الذي يعمل تحت أمرة قيصر يسمي نفسه قيصري. وهكذا الجنود تحت أمرة يسوع يطلقون عليهم اسم مَسِيحِيِّينَ.
- ربما استخدم أهل أنطاكية مصطلح مَسِيحِيِّينَ أول مرة بهدف السخرية من أتباع يسوع. “كان أهل أنطاكية مشهورين بإطلاق الأسماء على الناس والسخرية منهم.” غايبلين (Gaebelein). وعندما أطلق أهل أنطاكية على أتباع يسوع اسم “شعب يسوع” قدّر المؤمنين هذا اللقب وتمسكوا به.
- “قال المبشر إيرونسايد (Ironside) كلما سافرت إلى الصين كانوا يطلقون علي اسم “ياسو يان” (Yasu-yan). لم يعرف معنى الكلمة في البداية وعندما سأل عرف أن ياسو تعني يسوع في اللغة الصينية ويان تعني الرجل وهكذا كان يُعرف باسم “رجل يسوع.” بويس (Boice)
- تعني جملة ’وَدُعِيَ ٱلتَّلَامِيذُ «مَسِيحِيِّينَ» فِي أَنْطَاكِيَةَ أَوَّلًا‘ أيضاً أن هذا كان اسمهم الأول ويعكس هويتهم. على المسيحيين اليوم أن يكونوا مستعدين لقبول لقب “شعب المسيح” وأن يكونوا جديرين بهذا الاسم. وقبل التمسك بأي تسمية أخرى مثل الروم الكاثوليك والبروتستانتية والخمسينية … الخ، علينا أن نطلق على أنفسنا اسم «مَسِيحِيِّينَ» أَوَّلًا.
- كتب مؤرخ الكنيسة الشهير يوسيفوس عن مؤمن يدعى سانكتوس من فرنسا تعرض للتعذيب من أجل إيمانه بيسوع: تمنى معذبيه أثناء تعذيبه أن يشتمهم أو أن يقول شيئاً شريراً. سألوه عن اسمه فكانت أجابته الوحيدة: “أنا مسيحي” ثم سألوه:”ما هي الأمة التي تنتمي إليها؟” أجاب: “أنا مسيحي” “في أي مدينة تعيش؟” “أنا مسيحي” فبدأوا يغضبون وسألوه: “هل أنت عبد أم حر؟” وكان رده الوحيد: “أنا مسيحي.” مهما كان السؤال كانت إجابته دائماً: “أنا مسيحي” وهذا جعل معذبيه أكثر تصميماً على كسره ولكنهم لم يستطيعوا ذلك ومات وهو يقول: “أنا مسيحي.” (يوسيفوس، تاريخ الكنيسة)
د ) الآيات (٢٧-٣٠): كلمة نبوة تُعلن عن قدوم مجاعة
٢٧وَفِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ ٱنْحَدَرَ أَنْبِيَاءُ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ. ٢٨وَقَامَ وَاحِدٌ مِنْهُمُ ٱسْمُهُ أَغَابُوسُ، وَأَشَارَ بِٱلرُّوحِ أَنَّ جُوعًا عَظِيمًا كَانَ عَتِيدًا أَنْ يَصِيرَ عَلَى جَمِيعِ ٱلْمَسْكُونَةِ، ٱلَّذِي صَارَ أَيْضًا فِي أَيَّامِ كُلُودِيُوسَ قَيْصَرَ. ٢٩فَحَتَمَ ٱلتَّلَامِيذُ حَسْبَمَا تَيَسَّرَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يُرْسِلَ كُلُّ وَاحِدٍ شَيْئًا، خِدْمَةً إِلَى ٱلْإِخْوَةِ ٱلسَّاكِنِينَ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ. ٣٠فَفَعَلُوا ذَلِكَ مُرْسِلِينَ إِلَى ٱلْمَشَايِخِ بِيَدِ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ.
- وَأَشَارَ بِٱلرُّوحِ أَنَّ جُوعًا عَظِيمًا كَانَ عَتِيدًا أَنْ يَصِيرَ عَلَى جَمِيعِ ٱلْمَسْكُونَةِ، ٱلَّذِي صَارَ أَيْضًا فِي أَيَّامِ كُلُودِيُوسَ قَيْصَرَ: لا نعرف بالضبط كيف أَشَارَ ٱلرُّوحِ لأَغَابُوسُ عن قدوم هذه المجاعة ولكن المسيحيين أخذوا الأمر بجدية واستعدوا جيداً لتسديد الاحتياج القادم.
- “نعلم من مصادر أخرى أن زمن كلوديوس قيصر تميز بسلسلة من المحاصيل السيئة ونقص في المؤن الغذائية في أجزاء مختلفة من الإمبراطورية: روما واليونان ومصر واليهودية أيضاً.” بروس (Bruce)
- ٱلتَّلَامِيذُ: يمكننا القول بأن هؤلاء كانوا تلاميذ حقيقيين لأنهم أعطوا بسخاء لتلبية الاحتياجات الموجودة. قَرَّر التلاميذ أن يُرسل كل واحد قدر ما يستطيع (فَحَتَمَ ٱلتَّلَامِيذُ حَسْبَمَا تَيَسَّرَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يُرْسِلَ كُلُّ وَاحِدٍ شَيْئًا).
- يعني هذا أن الذي كان يملك الكثير أعطى الكثير. كان العطاء نسبي ويعتمد على إمكانيات الشخص. ويعني أيضاً أنهم أعطوا حسب إيمانهم واثقين أن عطاياهم للخدمة كانت استثماراً جيداً في ملكوت الله وليس خسارة.
- نرى أيضاً تصميمهم على العطاء (فَحَتَمَ) إذا لم يصمم الشخص على العطاء فهو على الأغلب لن يعطي أبداً.
- فَفَعَلُوا ذَلِكَ مُرْسِلِينَ إِلَى ٱلْمَشَايِخِ بِيَدِ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ: الاحترام الكبير الذي كان لبرنابا وشاول كان واضحاً حيث أرسلوا كل التبرعات معهم.
- “كان هذا أول عمل خيري من نوعه في التاريخ. فلم أسمع عن أشخاص قاموا من قبل بجمع التبرعات وإرسالها لمساعدة الاآخرين. لا عجب أنهم دعو مسيحيين في أنطاكية أولاً.” بويس (Boice)