أعمال الرسل – الإصحاح ٨
فيلبس في مدينة السامرة
أولاً. شاول يضطهد الكنيسة
أ ) الآية (١): اضطهاد الكنيسة وتشتتها
١وَكَانَ شَاوُلُ رَاضِيًا بِقَتْلِهِ. وَحَدَثَ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ ٱضْطِهَادٌ عَظِيمٌ عَلَى ٱلْكَنِيسَةِ ٱلَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ، فَتَشَتَّتَ ٱلْجَمِيعُ فِي كُوَرِ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَٱلسَّامِرَةِ، مَا عَدَا ٱلرُّسُلَ.
- وَكَانَ شَاوُلُ رَاضِيًا بِقَتْلِهِ: تحدث بولس في رسالته إلى أهل فيلبي ٦:٣ عن حياته قبل الإيمان بيسوع وكيف دفعته غيرته لاضطهاد الكنيسة. إشراف شاول على عملية رجم استفانوس ما هي إلا مثل بسيط على اضطهاده.
- تصف الكلمة رَاضِيًا موقف شاول القلبي، والفكرة وراء الكلمة اليونانية suneudokeo تأتي بمعنى “الموافقة والرضى بسرور.” كان بعض المضطهدين للكنيسة مترددين أما بولس فلم يكن كذلك وكان يستمتع في الهجوم على المسيحيين.
- ندِمَ شاول الطرسوسي المعروف ببولس (وهو اسمه اليوناني) على اضطهاده للكنيسة، وكتب فيما بعد: “لِأَنِّي أَصْغَرُ ٱلرُّسُلِ، أَنَا ٱلَّذِي لَسْتُ أَهْلًا لِأَنْ أُدْعَى رَسُولًا، لِأَنِّي ٱضْطَهَدْتُ كَنِيسَةَ ٱللهِ” (كورنثوس الأولى ٩:١٥).
- تصف الآية في أعمال الرسل ١١:٢٦ ما ندم عليه بولس: ندم لأنه كُان يعاقبهم فِي المَجامِعِ أحياناً كثيرة ولأنه حاول إجبارهم عَلَى شَتمِ يَسُوعَ ولأنه كان ناقِماً عَلَيهِمْ إلَى حَدٍّ جعله يذهب إلَى مُدُنٍ أجنَبِيَّةٍ لاضطِهادِهِمْ. ربما لم ينعم بولس بنوم هانىء بسبب التفكير بكل الذين أجبرهم على التجديف.
- وَحَدَثَ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ ٱضْطِهَادٌ عَظِيمٌ عَلَى ٱلْكَنِيسَةِ: كان استشهاد استفانوس في الواقع مجرد البداية وسرعان ما فُتحت أبواب الاضطهاد على المؤمنين على مِصْرَاعَيها. كان شاول مجرد شخص فقط من بين العديد من الذين اضطهدوا المسيحيين المؤمنين.
- كان هذا أول اضطهاد تواجهه الكنيسة ككل. تعرض الرُسل للاعتقال والضرب والاضطهاد من قبل أما الآن فصار كل مؤمن مهدداً بالعنف وربما الموت دون استثناء.
- في يوم الأحد الموافق ٨ يناير ١٩٥٦ وعلى ضفاف نهرٍ في أعماق غابات الإكوادور قتل السكان الأصليين خمسة مبشرين جاؤوا لتبشيرهم بالمسيح. بدا موتهم بالنسبة للكثيرين مأساة لا معنى لها وكل ما ناله هؤلاء المبشرين أنهم خسروا وظائفهم وترملت زوجاتهم وتيتم أبناؤهم. ولكن الله فعل الكثير من خلالهم حتى في موتهم ولا زال صدى البركة يتردد من خلال أشخاص مثل اليزابيث اليوت التي كانت إحدى الأرامل.
- وبنفس الطريقة يبدو للوهلة الأولى أن موت استفانوس كان بلا معنى. فقد انتهت خدمته التي كانت مفعمة بالحيوية والمليئة بالسلطان والبلاغة بسرعة وبشكل مفاجئ. كما ويبدو أن خدمته انتهت بالفشل أيضاً فلم يؤمن أحد بيسوع على الفور وكل ما حدث بعد ذلك كان المزيد من الاضطهاد على الكنيسة. ولكن كما هو الحال دائماً أصبح دم الشهداء هو البذرة لنمو الكنيسة.
- فَتَشَتَّتَ ٱلْجَمِيعُ فِي كُوَرِ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَٱلسَّامِرَةِ: اضطر المسيحيون الآن بعمل ما كانوا يترددون القيام به من قبل وهو توصيل البشارة للمناطق المحيطة.
- تَشَتَّت: وفقاً لبويس (Boice): هناك كلمتين في اللغة اليونانية لكلمة تَشَتَّتَ. تحمل الأولى فكرة إختفاء الشيء مثل نثر الرماد في الهواء وتحمل الثانية فكرة نثر البذور وإلقائها في التراب بهدف الزراعة، وهي الفكرة المقصودة توصيلها هنا.
- طلب يسوع في أعمال الرسل ٨:١ من أتباعه بوضوح أن يخرجوا من أورشليم ويقدموا الخبر السار إلى اليهودية والسامرة وأقصى الأرض، ولكن أتباع يسوع لم ينفذوا وصيته حتى الآن.
- رأى بعضهم أن الخير الناتج عن هذا الاضطهاد يؤكد على أنه كان حسب مشيئة الله. قد يستخدم الله أحياناً الظروف الملحة لتوجيهنا نحو مشيئته. وعلينا أحياناً أن نخرج من مكان راحتنا قبل أن نفعل مشيئة الله.
ب) الآية (٢): دفن استفانوس
٢وَحَمَلَ رِجَالٌ أَتْقِيَاءُ ٱسْتِفَانُوسَ وَعَمِلُوا عَلَيْهِ مَنَاحَةً عَظِيمَةً.
- رِجَالٌ أَتْقِيَاءُ: يبدو أن موت استفانوس أرعب الكثير من اليهود. وربما أراد لوقا بهذه الكلمات أن يذكرنا بأنه ليس كل اليهود كانوا أعداءً للمسيحية.
- وَعَمِلُوا عَلَيْهِ مَنَاحَةً عَظِيمَةً: بما أن القانون اليهودي يُحظر من عمل مَنَاحَة على شخص نُفذَّ فيه حكم الموت إلا أن لوقا يشير هنا إلى أن هؤلاء الرجال الأتقياء عملوا مناحة عظيمة أمام الجميع.
ج ) الآيات (٤-٣): استمر شاول في اضطهاده للكنيسة
٣وَأَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ يَسْطُو عَلَى ٱلْكَنِيسَةِ، وَهُوَ يَدْخُلُ ٱلْبُيُوتَ وَيَجُرُّ رِجَالًا وَنِسَاءً وَيُسَلِّمُهُمْ إِلَى ٱلسِّجْنِ. ٤فَٱلَّذِينَ تَشَتَّتُوا جَالُوا مُبَشِّرِينَ بِٱلْكَلِمَةِ.
- فَكَانَ يَسْطُو عَلَى ٱلْكَنِيسَةِ: يشير هذا الاستخدام للكلمة اليونانية القديمة إلى جيش يدمر مدينة أو إلى حيوان مفترس يمزق فريسته. هاجم شاول المسيحيين بشراسة وشمل في هجومه النساء أيضاً.
- كتب ستوت (Stott): “لم يقتصر الأمر على قتل النساء فحسب ولكنه كان يحرص على موت ضحاياه” (أعمال الرسل ١:٩، ٤:٢٢، ١٠:٢٦).
- كتب بويس (Boice): “زمن الفعل سواء للكلمة “يسطو” أو “يدمر” هو الماضي غير التام أي أنه استمر وكرر عمليات السطو والتدمير على المؤمنين والكنائس.”
- فَٱلَّذِينَ تَشَتَّتُوا جَالُوا مُبَشِّرِينَ بِٱلْكَلِمَةِ: وفي النهاية تمجد الله لأن الاضطهاد ساهم في نشر رسالة الإنجيل إلى أقصى الأرض. لا ينبغي أن نعتقد أن من تركوا أورشليم كانوا وعاظاً مؤهلين بل كانوا في الواقع “مُرسلين بالصدفة” وهكذا جالوا مبشرين بالكلمة أينما ذهبوا.
- “الجملة ’مُبَشِّرِينَ بِٱلْكَلِمَةِ‘ مضللة بعض الشيء لأن التعبير اليوناني لا يشير إلى أكثر من مجرد مشاركة الأخبار السارة.” ستوت (Stott)
- يمكننا أن نكون مثل هؤلاء المسيحيين الأوائل ويمكننا مشاركة الأخبار السارة عما فعله يسوع في حياتنا. فالكثيرين لا يأتون إلى يسوع من خلال الوعاظ المحترفين أو المبشرين بل من خلال أشخاص عاديين مثلنا.
- كتب سبيرجن (Spurgeon): “سيسمح الله لكل كنيسة مملوءة بقوة روح الله بأن تمتد إلى خارج أسوارها بطريقة أو بأخرى. فالله لا يريد للكنيسة أن تبقى في قوقعة ولا أن تكون مثل المرهم المحفوظ في علبة. فالعطر الثمين للإنجيل يجب أن يُسكب ليعطر الجو بأكمله.”
ثانياً. فيلبس يبشر أهل السامرة
أ ) الآيات (٥-٨): فيلبس يأتي ببشارة الإنجيل إلى السامرة
٥فَٱنْحَدَرَ فِيلُبُّسُ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ ٱلسَّامِرَةِ وَكَانَ يَكْرِزُ لَهُمْ بِٱلْمَسِيحِ. ٦وَكَانَ ٱلْجُمُوعُ يُصْغُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِلَى مَا يَقُولُهُ فِيلُبُّسُ عِنْدَ ٱسْتِمَاعِهِمْ وَنَظَرِهِمُ ٱلْآيَاتِ ٱلَّتِي صَنَعَهَا، ٧لِأَنَّ كَثِيرِينَ مِنَ ٱلَّذِينَ بِهِمْ أَرْوَاحٌ نَجِسَةٌ كَانَتْ تَخْرُجُ صَارِخَةً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ. وَكَثِيرُونَ مِنَ ٱلْمَفْلُوجِينَ وَٱلْعُرْجِ شُفُوا. ٨فَكَانَ فَرَحٌ عَظِيمٌ فِي تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ.
- فِيلُبُّسُ: وكاستفانوس كان فيلبس واحداً من الرجال الذين اختاروهم لخدمة أسرة الكنيسة بطريقة عملية عندما نشأ النزاع المتعلق بالأرامل اليونانيات (أعمال الرسل ٥:٦) وكان واحداً من أولئك الذين أجبروا على الفرار بسبب الاضطهاد (أعمال الرسل ١:٨) وهكذا انتهى به الحال في السامرة.
- وَكَانَ يَكْرِزُ لَهُمْ بِٱلْمَسِيحِ: فتح الله الباب لأمم أخرى لسماع رسالة الخلاص بيسوع بعدما رفض اليهود الإنجيل ثانية مبتدئاً من السامرة.
- مَدِينَةٍ مِنَ ٱلسَّامِرَةِ: احتل الأشوريون هذه المنطقة التي تقع شمال إسرائيل قبل ٦٠٠ عام تقريباً من هذه الأحداث وتم ترحيل اليهود الأثرياء ومن كانوا من الطبقة الوسطى من المنطقة. ثم انتقل للعيش في تلك المنطقة مجموعة من الوثنيين جاؤوا من مدن بعيدة. حصل تزاوج بين هؤلاء الوثنيين وبين اليهود المتبقين في المنطقة وكانوا من أدنى الفئات في المجتمع اليهودي ومن هنا جاء السامريون.
- كان اليهود بصفة عامة في تلك الأيام يكرهون أهل السامرة وكانوا يعتبرونهم الهجين الذي أفسد عبادة الله الحقيقي. كتب لاسور (LaSor): “كان هناك تعصب عميق الجذور بين اليهود والسامريون وسرعان ما تحول إلى كراهية.”
- اعتقد يعقوب ويوحنا (مع التلاميذ الآخرين) في السابق أن السامريون لا يصلحون سوى لنار جهنم (لوقا ٥١:٩-٥٦).
- وضح الحوار الذي جرى بين يسوع والمرأة السامرية عند البئر (يوحنا ٤) وقصته عن كرم السامريين (لوقا ٢٥:١٠-٣٧) التوتر الطبيعي الذي كان سائداً بين اليهود والسامريين في ذلك الوقت.
- كان فيلبس يَكْرِزُ لَهُمْ بِٱلْمَسِيحِ رغم كل هذا لأن يسوع غير حياته ولم يعد هناك في قلبه أو عقله مكان لمثل هذا النوع من التعصب. لم يكن فيلبس عنصرياً تجاه السامريين.
- ٱسْتِمَاعِهِمْ وَنَظَرِهِمُ ٱلْآيَاتِ ٱلَّتِي صَنَعَهَا: قدم فيلبس الإنجيل مستخدماً آيات وعجائب لتوثيق رسالته. وكَانَ فَرَحٌ عَظِيمٌ فِي تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ عندما آمن الناس.
- أحد أسباب هذا الثمر كان لأن يسوع زرع البذرة في السامرة خلال خدمته على الأرض (يوحنا ١:٤-٢٦) وها هو فيلبس يجني الثمر الآن.
- جاء الفرح العظيم في تلك المدينة من الحزن والألم الشديد الذي تعرض له المؤمنون في أورشليم ومن ٱلْآيَاتِ التي صَنَعَهَا فيلبس، ولكنه جاء بصورة خاصة لأن فيلبس كَانَ يَكْرِزُ لَهُمْ بِٱلْمَسِيحِ.
- “أفرح كثيراً أيها الأحباء عندما أعلمكم بكل العقائد التي أجدها في كلمة الله ولكني أفضل أن أكرز لكم عن شخص المسيح، فالعقيدة هي مجرد الكرسي الذي يجلس عليه المسيح كالنبي ليعلمنا.” سبيرجن (Spurgeon)
ب) الآيات (٩-١٣): إيمان سيمون الساحر
٩وَكَانَ قَبْلًا فِي ٱلْمَدِينَةِ رَجُلٌ ٱسْمُهُ سِيمُونُ، يَسْتَعْمِلُ ٱلسِّحْرَ وَيُدْهِشُ شَعْبَ ٱلسَّامِرَةِ، قَائِلًا إِنَّهُ شَيْءٌ عَظِيمٌ! ١٠وَكَانَ ٱلْجَمِيعُ يَتْبَعُونَهُ مِنَ ٱلصَّغِيرِ إِلَى ٱلْكَبِيرِ قَائِلِينَ: «هَذَا هُوَ قُوَّةُ ٱللهِ ٱلْعَظِيمَةُ». ١١وَكَانُوا يَتْبَعُونَهُ لِكَوْنِهِمْ قَدِ ٱنْدَهَشُوا زَمَانًا طَوِيلًا بِسِحْرِهِ. ١٢وَلَكِنْ لَمَّا صَدَّقُوا فِيلُبُّسَ وَهُوَ يُبَشِّرُ بِٱلْأُمُورِ ٱلْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ ٱللهِ وَبِٱسْمِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٱعْتَمَدُوا رِجَالًا وَنِسَاءً. ١٣وَسِيمُونُ أَيْضًا نَفْسُهُ آمَنَ. وَلَمَّا ٱعْتَمَدَ كَانَ يُلَازِمُ فِيلُبُّسَ، وَإِذْ رَأَى آيَاتٍ وَقُوَّاتٍ عَظِيمَةً تُجْرَى ٱنْدَهَشَ.
- رَجُلٌ ٱسْمُهُ سِيمُونُ: تمتع سيمون بدرجة كبيرة من الشهرة المحلية، فقد تم تكريمه كشخص لا يملك قوة الله فحسب بل كان هو قُوَّةُ ٱللهِ ٱلْعَظِيمَةُ أيضاً.
- وَكَانَ قَبْلًا … يَسْتَعْمِلُ ٱلسِّحْرَ: ارتبط ٱلسِّحْرَ في الكتاب المقدس بالهرطقة والممارسات السحرية وغالباً ما كان يصحبه استخدام المخدرات التي تستولي على العقل وتغير المزاج. أياً كان مصدر قوته فهي قوة شيطانية وليست إلهية.
- حسب صياغة النص نستطيع القول أن سيمون كان من المجوس. كان في العالم القديم فئة من علماء الفلك يعرفون باسم المجوس (متى ١:٢) ولكن استخدم السحرة المحليين نفس اللقب لاصطياد الذين الأشخاص غير المثقفين والذين يؤمنون بالخرافات.
- كتب وليامز (Williams): “قال رامزي (Ramsay) أن المجوس (خاصة النوع المتدني الذي يؤمن بالخرافات التي كانت منتشرة في العالم القديم) كانوا يتمتعون بنفوذ كبير في ذلك العصر وكان على المسيحية أن تقضي عليهم وإلا لكانوا سيقضون هم عليها.”
- وَكَانُوا يَتْبَعُونَهُ لِكَوْنِهِمْ قَدِ ٱنْدَهَشُوا زَمَانًا طَوِيلًا بِسِحْرِهِ: افترض السامريون خطأً بأن القوة التي يملكها سيمون كانت من الله ولكن الأمر لم يكن كذلك.
- وَلَكِنْ لَمَّا صَدَّقُوا فِيلُبُّسَ وَهُوَ يُبَشِّرُ بِٱلْأُمُورِ ٱلْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ ٱللهِ وَبِٱسْمِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ: الذين ٱنْدَهَشُوا من سيمون ومن سِحْرِهِ قبلاً صَدَّقُوا الآن فِيلُبُّسَ وكلامه. قدم فيلبس لهم رسالة الخلاص وآمنوا.
- أعلنوا عن إيمانهم بالمعمودية. علّقَ وليامز (Williams): “لم يكن هناك أي نقص في إيمانهم لهذا عمدهم فيلبس لأنه لم يرى خللاً في إيمانهم.”
- وَإِذْ رَأَى آيَاتٍ وَقُوَّاتٍ عَظِيمَةً تُجْرَى ٱنْدَهَشَ: اقتنع سيمون من بشارة فيلبس ومن المعجزات فأعلن إيمانه واعتمد وصار يُلَازِمُ فِيلُبُّسَ. أصبح سيمون تابعاً لفيلبس ولخدمته.
- حتى هذه النقطة (أعمال الرسل ١٣:٨) لا نرى أي مؤشر يقول أن إيمان سيمون كان زائفاً أو غير صادق. ومع الوقت سيمتحن إيمانه عن طريق سلوكه وتجاوبه مع عمل الله.
ج ) الآيات (١٤-١٧): قَبِلَ أهل السامرة الروح القدس حينما وضع بطرس ويوحنا الأيادي عليهم
١٤وَلَمَّا سَمِعَ ٱلرُّسُلُ ٱلَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ أَنَّ ٱلسَّامِرَةَ قَدْ قَبِلَتْ كَلِمَةَ ٱللهِ، أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا، ١٥ٱللَّذَيْنِ لَمَّا نَزَلَا صَلَّيَا لِأَجْلِهِمْ لِكَيْ يَقْبَلُوا ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ، ١٦لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَلَّ بَعْدُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا مُعْتَمِدِينَ بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ. ١٧حِينَئِذٍ وَضَعَا ٱلْأَيَادِيَ عَلَيْهِمْ فَقَبِلُوا ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ.
- أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا: أعطى يسوع بطرس (والرُسل الآخرون) مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ ٱلسَّمَاوَاتِ (متى ١٩:١٦) لتحقيق هذا الغرض. رحبوا بدخول أهل السامرة رسمياً إلى ملكوت الله، هؤلاء الذين كانوا قبلاً مرفوضين من شعب الله.
- لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَلَّ بَعْدُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ: يبدو أن أهل السامرة المؤمنون لم يختبروا الامتلاء من الروح القدس إلى أن جاء الرسل وخدموا بينهم.
- وَضَعَا ٱلْأَيَادِيَ عَلَيْهِمْ: غالباً ما كان الامتلاء والتفويض من الروح القدس يحدث عند الصلاة ووضع الأيادي على الشخص (أعمال الرسل ١٧:٩، تيموثاوس الأولى ١٤:٤، تيموثاوس الثانية ٦:١). علينا أن نكون مستعدين دائماً لاستقبال أي بركة وعطية يمنحها الله لنا من خلال وضع الأيادي.
- فَقَبِلُوا ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ: لا نعرف بالضبط كيف كان قبولهم للروح القدس واضحاً، فربما ظهرت بعض المواهب الروحية (كورنثوس الأولى ٧:١٢-١٠).
- فَقَبِلُوا ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ: حقيقة أنهم قبلوا الروح القدس بعد حصولهم على الخلاص تسببت بالكثير من الجدل، وهناك بعض التفسيرات لذلك مثل:
- قال بعضهم أنهم لم يولدوا ثانية حقاً (لم يتجددوا) نتيجة سماعهم لعظة فيلبس ولكنهم آمنوا ووضعوا ثقتهم بيسوع حقاً عندما جاء بطرس ويوحنا وهكذا قبلوا عطية الروح القدس.
- وقال آخرون أنهم ولدوا ثانية بكل تأكيد ولكنهم قبلوا الروح القدس في اختبار لاحق وبطريقة ينبغي على المؤمنين اليوم أن يتعلموها.
- واعتقد بعضهم أنهم تجددوا تجاوباً مع عظة فيلبس بالفعل ولكن الله بطريقة ما فريدة من نوعها حجب عنهم عطية الروح القدس حتى مجيء بطرس ويوحنا وكان هدف الله من هذا ضمان استمرار العلاقة بين الكنيسة في أورشليم والكنيسة الجديدة في السامرة ولحمايتهم من الانقسام.
- ويعتقد بعضهم أنهم ولدوا ثانية بكل صدق وامتلئوا من الروح القدس عندما آمنوا ولكنهم نالوا المواهب الروحية عندما وضع بطرس ويوحنا الأيادي عليهم.
- يبدو أن الخيار الأخير هو الأفضل. مهما كان اختبار أهل السامرة يبدو أنه كان أكثر من مجرد قبول الروح القدس “الاعتيادي” عند الخلاص. علينا جميعاً أن نسعى دائماً وراء الحصول على هذا النوع من الامتلاء من الروح القدس.
د ) الآيات (١٨-١٩): طُلبة سيمون الأنانية
١٨وَلَمَّا رَأَى سِيمُونُ أَنَّهُ بِوَضْعِ أَيْدِي ٱلرُّسُلِ يُعْطَى ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ قَدَّمَ لَهُمَا دَرَاهِمَ ١٩قَائِلًا: «أَعْطِيَانِي أَنَا أَيْضًا هَذَا ٱلسُّلْطَانَ، حَتَّى أَيُّ مَنْ وَضَعْتُ عَلَيْهِ يَدَيَّ يَقْبَلُ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ».
- وَلَمَّا رَأَى سِيمُونُ أَنَّهُ بِوَضْعِ أَيْدِي ٱلرُّسُلِ يُعْطَى ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ: لاحظ سيمون أنه عندما كان بطرس ويوحنا يضعا أيديهما على أهل السامرة ويصليان معهم كان يحدث شيئاً ما، ويبدو أنه كان معجباً بهذا الشيء.
- قَدَّمَ لَهُمَا دَرَاهِمَ: اعتقد سيمون أن الروح القدس كان مجرد قوة يمكن شراؤها وبيعها وأراد أن يسيطر على عمل الروح واعتبره قوة يمكنه أن يستخدمها كيفما يشاء بدلاً من شخص يملك على حياته.
- “كلمة تشير إلى خطية شراء أو بيع المناصب أو الامتيازات في الكنيسة لأنها تنبع من نفس الروح الذي كان عند سِيمُون. للأسف لا زالت هذه الخطية تمارس اليوم ويعتقد الكثيرون أن البركة تتبع المال بدلاً من أن المال يتبع البركة. سيموني (Simony)
- حَتَّى أَيُّ مَنْ وَضَعْتُ عَلَيْهِ يَدَيَّ يَقْبَلُ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ: لم يرغب سيمون بالحصول على الروح القدس لنفسه بل أراد القدرة على إعطاء قوة الروح القدس للآخرين أينما يشاء وعلى هواه لأن هذا من شأنه أن يعطيه الكثير من السلطة الروحية.
- “كانت الخطية هي الرغبة في امتلاك القوة الروحية واستخدامها لأغراض شخصية.” مورغان (Morgan)
هـ) الآيات (٢٠-٢٣): رد بطرس على سيمون
٢٠فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «لِتَكُنْ فِضَّتُكَ مَعَكَ لِلْهَلَاكِ، لِأَنَّكَ ظَنَنْتَ أَنْ تَقْتَنِيَ مَوْهِبَةَ ٱللهِ بِدَرَاهِمَ! ٢١لَيْسَ لَكَ نَصِيبٌ وَلَا قُرْعَةٌ فِي هَذَا ٱلْأَمْرِ، لِأَنَّ قَلْبَكَ لَيْسَ مُسْتَقِيمًا أَمَامَ ٱللهِ. ٢٢فَتُبْ مِنْ شَرِّكَ هَذَا، وَٱطْلُبْ إِلَى ٱللهِ عَسَى أَنْ يُغْفَرَ لَكَ فِكْرُ قَلْبِكَ، ٢٣لِأَنِّي أَرَاكَ فِي مَرَارَةِ ٱلْمُرِّ وَرِبَاطِ ٱلظُّلْمِ».
- لِأَنَّكَ ظَنَنْتَ أَنْ تَقْتَنِيَ مَوْهِبَةَ ٱللهِ بِدَرَاهِمَ!: كان سيمون مخطئاً تماماً في طريقة تفكيره. فالله هو من يعطينا المواهب مجاناً وبالإيمان.
- وكما تقول الآية في سفر إشعياء ١:٥٥: «تَعالَوْا إلَى الماءِ يا كُلَّ العِطاشِ، وَيا مَنْ لا مالَ لَهُمْ، تَعالَوْا كُلُوا وَاشرَبُوا. تَعالَوْا اشتَرُوا نَبِيذاً وَحَلِيباً بِلا مالٍ وَلا ثَمَنٍ».
- ما نحصل عليه من الله سيؤثر على ما سنفعله بأموالنا. ولكننا لا نستطيع شراء المواهب الروحية بالمال.
- لِتَكُنْ فِضَّتُكَ مَعَكَ لِلْهَلَاكِ: كان سيمون مخطئاً للغاية واستحق هذا التوبيخ العنيف. ترجم فيليبس (Phillips) الآية لِتَكُنْ فِضَّتُكَ مَعَكَ لِلْهَلَاكِ كالتالي: “لتذهب إلى الجحيم أنت وأموالك.”
- لا بد وأن جسارة بطرس وتمييزه لقلب سيمون كان صعباً أو محرجاً بالنسبة للذين كانوا حاضرين حينها. أقلاء اليوم يوبخون مؤمناً حديثاً بهذه الطريقة. ومع ذلك كان بطرس مستعداً لقول الحق ولكن بمحبة حتى وإن كان ذلك صعباً على سيمون والحاضرين.
- لَيْسَ لَكَ نَصِيبٌ وَلَا قُرْعَةٌ فِي هَذَا ٱلْأَمْرِ، لِأَنَّ قَلْبَكَ لَيْسَ مُسْتَقِيمًا أَمَامَ ٱللهِ: توبيخ بطرس لسيمون لا يجيب بالضبط على سؤال مهم ومثير للاهتمام: هل كان سيمون مؤمناً حقيقياً؟
- قدم سيمون العديد من الأدلة على إيمانه (في الظاهر على الأقل):
- أَعْرَبَ سيمون عن إيمانه بعظة فيلبس (أعمال الرسل ١٣:٨)
- قَبِلَ فيلبس سيمون كتابع له (أعمال الرسل ١٣:٨)
- حَضَرَ سيمون الاجتماعات مع المؤمنين (أعمال الرسل ١٨:٨)
- وبناءً على كل هذا اعتبر فيلبس أن سيمون صار مؤمناً وتابعاً ليسوع وعلى هذا الأساس نال المعمودية (أعمال الرسل ١٣:٨). وكحالنا اليوم لم يتمكن فيلبس من رؤية قلب سيمون ويعرف يقيناً أنه كان مُخْلِصاً في إيمانه ولكنه أظهر ما يكفي من الأدلة ليجعل إعلان إيمانه موثوقاً به.
- يمكننا في النهاية أخذ جملة بطرس لَيْسَ لَكَ نَصِيبٌ وَلَا قُرْعَةٌ فِي هَذَا ٱلْأَمْرِ، لِأَنَّ قَلْبَكَ لَيْسَ مُسْتَقِيمًا أَمَامَ ٱللهِ كدليل على أن إيمان فيلبس لم يكن بتوبة حقيقية وبإيمانٍ صادق. كتب بويس (Boice): “على قصته أن تكون كتحذير لكل من يعتقد أنه لمجرد إعترافه بالإيمان أو قيامه ببعض الحركات المتوقعة من المؤمنين أن قلبه صار مستقيماً أمام الله… وهذا ليس صحيحاً.”
- “قد يقترب المرء جداً من الإيمان وقد يكون مقتنعاً عقلياً بسيادة يسوع بل وقد يقرر التمثل بقيم يسوع الأخلاقية ويصمم على تقليد يسوع لدرجة الكمال، ولكن كل هذه الأمور لن تجعل منه مؤمناً حقيقياً.” مورغان (Morgan)
- “من المثير للاهتمام أن الكلمات التي استخدمها بطرس، ’ليس لك نصيب وَلَا قِسْمَةٌ في هذه الخدمة‘ هي نفس الكلمات التي استخدمها يسوع عندما اعترض بطرس على غسل رجليه في العلية، قال يسوع: «إِنْ كُنْتُ لَا أَغْسِلُكَ فَلَيْسَ لَكَ مَعِي نَصِيبٌ» (يوحنا ٨:١٣) يا لها من كلمات قوية. فعلى الرغم من أن بطرس كان مؤمناً لكنه كان خارج مشيئة الله.” بويس (Boice)
- كان سيمون يسير في الاتجاه الخاطئ دون شك لذلك كان يحتاج لمثل هذا التوبيخ. ويمكننا القول أنه كان متجهاً نحو الجحيم من العبارة “لِتَكُنْ فِضَّتُكَ مَعَكَ لِلْهَلَاكِ.”
- قدم سيمون العديد من الأدلة على إيمانه (في الظاهر على الأقل):
- فِي مَرَارَةِ ٱلْمُرِّ وَرِبَاطِ ٱلظُّلْمِ: هذا وصف دقيق لما كان في قلب سيمون ومع ذلك لم يحاول بطرس أن يخرج شيطان المرارة أو الإثم منه بل دعاه للتوبة (فَتُبْ مِنْ شَرِّكَ هَذَا) وللصلاة (وَٱطْلُبْ إِلَى ٱللهِ) ولطلب البر (وعالج فِكْرُ قَلْبِكَ).
- ربما منع كبرياء سيمون من الإيمان الحقيقي بيسوع. فقَبْلَ مجيء فيلبس والإنجيل كان سيمون رجلاً تقياً محبوباً في المنطقة وكان محط أنظار الكثيرين لفترة طويلة (أعمال الرسل ١١:٨) حتى أن الناس قالوا عنه: “هَذَا هُوَ قُوَّةُ ٱللهِ ٱلْعَظِيمَةُ” (أعمال الرسل ١٠:٨). فالشخص المتكبر يستطيع أن يظهر بمظهر التقوى لأنه يتصرف بالطريقة “الصحيح” في نظر الآخرين ولكنه يفشل في أعماق قلبه بالخضوع ليسوع المسيح.
و ) الآيات (٢٤-٢٥): رد سيمون وملخص عن الخدمة في السامرة
٢٤فَأَجَابَ سِيمُونُ وَقَالَ: «ٱطْلُبَا أَنْتُمَا إِلَى ٱلرَّبِّ مِنْ أَجْلِي لِكَيْ لَا يَأْتِيَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْتُمَا». ٢٥ثُمَّ إِنَّهُمَا بَعْدَ مَا شَهِدَا وَتَكَلَّمَا بِكَلِمَةِ ٱلرَّبِّ، رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ وَبَشَّرَا قُرًى كَثِيرَةً لِلسَّامِرِيِّينَ.
- ٱطْلُبَا أَنْتُمَا إِلَى ٱلرَّبِّ مِنْ أَجْلِي لِكَيْ لَا يَأْتِيَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْتُمَا: وبدلاً من أن يكسر قلبه أمام الله، طلب سيمون من بطرس أن يصلي كي يتجنب عواقب خطيته. هذه الكلمات ما هي سوى دليل على أن سيمون شعر بتبكيت حقيقي من الروح القدس ولكنه لم يكن مستعداً بعد ليكسر قلبه بالكامل أمام الله. ولن يتمكن بطرس طبعاً من كسر قلب سيمون وجعله متواضعاً.
- بالرغم من سوء حالة سيمون ولكن لا زالت أمامه الفرصة ليتوب عَنْ شَرِّه ويصلي إلَى الرَّبِّ، لَعَلَّهُ يُسامِحُه عَلَى الفِكرَةِ الآثِمَةِ الَّتِي فِي قَلبِه (أعمال الرسل ٢٢:٨). فباب التوبة والتواضع القلبي كانا متاحين لسيمون إذا أراد ولكن لا يستطيع بطرس أن يفعل ذلك نيابة عنه.
- “تشير كلماته إلى أنه كان يرفض أن يفعل ما طُلب منه ويريد من بطرس أن يتحمل المسؤولية بدلاً عنه.” بويس (Boice)
- لا يمكن للراعي أن يؤمن بدلاً عنك ولا يمكنه أن يتوب بدلاً عنك فلديه من الخطايا الشخصية ما يكفي ليتوب عنها. يستطيع الراعي الصلاة من أجلك ولكن من الأفضل أن تصلي من أجل نفسك كما طلب بطرس من سيمون أن يفعل.
- لا نعرف ماذا حل بسيمون ولا نعرف ما إذا كان تبكيته في أعمال الرسل ٢٤:٨ صادقاً. تقول تقاليد الكنيسة أنه سقط في المزيد من الخطايا وأصبح معلماً كاذباً خطيراً بين المسيحيين الأوائل. ومن الوارد أيضاً أنه تاب وصحح قلبه مع الله.
- بَعْدَ مَا شَهِدَا وَتَكَلَّمَا بِكَلِمَةِ ٱلرَّبِّ، رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ: كانت خدمة بطرس ويوحنا في السامرة ناجحة ومثمرة ومع ذلك رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ بدلاً من مواصلة الخدمة خارج تلك المدينة.
ثالثاً. فِيلِبُّسُ يكرز للَّرَجُلُ الحَبَشيّ
أ ) الآيات (٢٦-٢٨): قاد الروح القدس فيلبس ليخدم مسؤول حكومي من الحبشة
٢٦ثُمَّ إِنَّ مَلَاكَ ٱلرَّبِّ كَلَّمَ فِيلُبُّسَ قَائِلًا: «قُمْ وَٱذْهَبْ نَحْوَ ٱلْجَنُوبِ، عَلَى ٱلطَّرِيقِ ٱلْمُنْحَدِرَةِ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى غَزَّةَ ٱلَّتِي هِيَ بَرِّيَّةٌ». ٢٧فَقَامَ وَذَهَبَ. وَإِذَا رَجُلٌ حَبَشِيٌّ خَصِيٌّ، وَزِيرٌ لِكَنْدَاكَةَ مَلِكَةِ ٱلْحَبَشَةِ، كَانَ عَلَى جَمِيعِ خَزَائِنِهَا. فَهَذَا كَانَ قَدْ جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيَسْجُدَ. ٢٨وَكَانَ رَاجِعًا وَجَالِسًا عَلَى مَرْكَبَتِهِ وَهُوَ يَقْرَأُ ٱلنَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ.
- قُمْ وَٱذْهَبْ نَحْوَ ٱلْجَنُوبِ: قد نتخيل اعتراض فيلبس على ترك النجاح الهائل في السامرة والخروج إلى صحراء جرداء ولكنه خضع بالكامل لخطة الله لأنه يعرف أنها الأفضل.
- “وقف فيلبس في الخطوط الأمامية ويبدو أنه كان من الصعب الاستغناء عنه بسهولة ولكن الله دعاه في هذه اللحظة بالذات كي يترك المكان.” بويس (Boice)
- إذا سمع أحدهم صوت يطلب منه ترك مثل هذه الخدمة المباركة المثمرة فعلى الأرجح سيعتقد أن الشيطان يتكلم معه وليس الرب وسيقول: “ليس الآن” أو “ليس لي” أو “ليس هناك.”
- هِيَ بَرِّيَّةٌ: ترك خدمة مثمرة للذهاب إلى البَرِّيَّة يعتبر حماقة من وجهة النظر البشرية ولكنها الحكمة بعينها إذا كان ذلك بتوجيه من الله. هل هناك ما هو أكثر جنوناً من أن يترك المرء خدمة مزدهرة ليذهب إلى البرية؟
- “كان هناك طريقان للذهاب من أورشليم إلى غزة ولكن أمر الروح فيلبس أن يأخذ الطريق التي نادراً ما كانت تُستخدم.” مكارثر (MacArthur)
- “إذا أعيق عمل المسيح فذلك لأن شخص كفيلبس لم يكن مستعداً للذهاب!” مورغان (Morgan)
- “رأيناه ومنذ يوم الخمسين يتحرك بين الجمع وبين الأفراد ويتعامل بشكل فردي ويقود ويوجه مؤمن من ناحية ويقود باحث عن الإيمان من ناحية أخرى.” بيرسون (Pierson). لم يكن فيلبس هو الوحيد المنساق بالروح بل كان الرجل الحبشي أيضاً كذلك رغم أنه لم يعرف.
- رَجُلٌ حَبَشِيٌّ خَصِيٌّ … قَدْ جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيَسْجُدَ: تقابل فيلبس على الطريق الصحراوي (البرية) مع رجل حبشي اعتنق اليهودية كان قادماً إلى أورشليم ويقرأ الكتب المقدسة!
- كانت ٱلْحَبَشَةِ (والتي كانت أكبر بكثير من الحبشة الآن) الأرض التي جاءت منها ملكة شيبا التي أعلنت إيمانها بإله إسرائيل عندما شاهدت مجد مملكة سليمان. ومن المحتمل أن البعض توارث الإيمان اليهودي عبر القرون مثل خادم الملكة هذا.
- “كان رجلاً نبيلاً يسعى وراء شيء نبيل.” هيوز (Hughes). لا يمكننا أن نجزم أن الحبشي وجد الله أثناء زيارته إلى إورشليم ولكنه بالتأكيد وجدت كلمة الله – وقراءة كلمة الله كان من شأنها أن تقوده إلى الله.
- وَزِيرٌ مَلِكَةِ ٱلْحَبَشَةِ… كَانَ عَلَى جَمِيعِ خَزَائِنِهَا: كان الحبشي رجلاً ناجحاً ولكن نجاحه لم يجيب عن كل تساؤلاته. كان يعلم حاجته لبعض الإجابات الروحية الحقيقية وكان يسعى بحثاً عن الله.
- كانت كَنْدَاكَةَ لقب للنساء من العائلة المالكة في الحبشة.
- وَهُوَ يَقْرَأُ ٱلنَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ: كان الحبشي متعطشاً جداً لكلمة الله. كان شراء أي مخطوطة باهظ جداً وهذا يظهر رغبته الحقيقية في قراءة ومعرفة كلمة الله.
ب) الآيات (٢٩-٣١): يطلب الحبشي من فيلبس أن يشرح له الكلمة
٢٩فَقَالَ ٱلرُّوحُ لِفِيلُبُّسَ: «تَقَدَّمْ وَرَافِقْ هَذِهِ ٱلْمَرْكَبَةَ». ٣٠فَبَادَرَ إِلَيْهِ فِيلُبُّسُ، وَسَمِعَهُ يَقْرَأُ ٱلنَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ، فَقَالَ: «أَلَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟». ٣١فَقَالَ: «كَيْفَ يُمْكِنُنِي إِنْ لَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ؟». وَطَلَبَ إِلَى فِيلُبُّسَ أَنْ يَصْعَدَ وَيَجْلِسَ مَعَهُ.
- فَقَالَ ٱلرُّوحُ لِفِيلُبُّسَ: ذهاب فيلبس إلى مركبة الحبشي ليتحدث معه كان حركة جريئة للغاية ولكن هذا كان يتماشى مع طلبة الروح القدس له.
- كان الرجل الحبشي غني وذو نفوذ ومن المشاهير نوعاً ما ومع ذلك عرف فيلبس حاجته إلى يسوع تماماً مثل أي شخص آخر. علينا ألا نخشى أن نشارك إيماننا بيسوع مع الأشخاص المهمين.
- غالباً ما نشعر بعدم الراحة من الحديث عن يسوع بكل مجاهرة لأن العالم سيخبرنا بوضوح بعدم رغبته بالسماع عنه ولا يتردد في فرض رسالته الخاصة علينا. علينا أن نكون جريئين في مشاركتنا عن يسوع للعالم تماماً كجرأة العالم في ارتكاب الخطية.
- وَسَمِعَهُ يَقْرَأُ: كان من الطبيعي أن يقرأ المرء بصوتٍ عالٍ في العالم القديم ولهذا عرف فيلبس ماذا كان الحبشي يقرأه.
- وَسَمِعَهُ يَقْرَأُ ٱلنَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ: عرف فيلبس في تلك اللحظة أن الله فتح له باب للمشاركة وقلب مستعد. كان ترتيب الله لهذا اللقاء بين فيلبس والحبشي واضحاً للغاية. يا له من مثال رائع عن الأبواب التي يفتحها الله أمام أولاده للكرازة. وجه الله فيلبس لأنه فتح أمامه الباب.
- أهم عمل علينا فعله في الكرازة هو الصلاة من أجل الأبواب المفتوحة وعلينا بعد الصلاة أن ننتبه للفرص التي يفتحها الله أمامنا.
- كان فيلبس مبشراً فعالاً لأنه كان يعرف كيف يتجاوب ويتحرك مع مشيئة الروح القدس وكان مُنْقَاداً حقاً بالروح وليس حسب نزواته ومشاعره.
- أَلَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟: كان أمر جيد بالنسبة للحبشي أن يقرأ الكتب ولكنه لن يستفيد كثيراً إن لم يفهم لهذا أعد الله شخص (فيلبس) ليفسر الكلمة.
- “كان سؤال فيلبس مناسباً وغير مسيء وعَرَضَ على المسؤول الحبشي بطريقة غير مباشرة أن يساعده على فهم الكلمة.” بويس (Boice)
- كَيْفَ يُمْكِنُنِي إِنْ لَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ؟: كان سؤاله مناسباً بالنسبة لشخص يريد أن يفهم الكتاب المقدس. يجب علينا ألا نشعر بالسوء إذا كنا بحاجة للتعلم قبل أن نتمكن من فهم أشياء كثيرة.
- من الرائع أن نتوصَّلَ إلى فهم الحقائق الكتابية بأنفسنا ولكن سمح الله أيضاً بأن يكون هناك دور وغاية للرعاة وسط الكنيسة.
- لكي نفهم كتبنا المقدسة بطريقة أفضل علينا أن نغوص فيها. فالفراشات التي تحوم حول الأزهار في الحديقة لا تنتفع شيئاً أما النحل الذي يغوص في أعماق الوردة فهو الذي يستفيد ويخرج بطعام حقيقي. هكذا هو حالنا إن استمرينا في الدوران حول كتبنا المقدسة، علينا أن نغطس فيها كي نستفيد.
ج ) الآيات (٣٢-٣٥): استخدم فيلبس النص من إشعياء ليبشر الحبشي عن يسوع
٣٢وَأَمَّا فَصْلُ ٱلْكِتَابِ ٱلَّذِي كَانَ يَقْرَأُهُ فَكَانَ هَذَا: «مِثْلَ شَاةٍ سِيقَ إِلَى ٱلذَّبْحِ، وَمِثْلَ خَرُوفٍ صَامِتٍ أَمَامَ ٱلَّذِي يَجُزُّهُ هَكَذَا لَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. ٣٣فِي تَوَاضُعِهِ ٱنْتُزِعَ قَضَاؤُهُ، وَجِيلُهُ مَنْ يُخْبِرُ بِهِ؟ لِأَنَّ حَيَاتَهُ تُنْتَزَعُ مِنَ ٱلْأَرْضِ». ٣٤فَأَجَابَ ٱلْخَصِيُّ فِيلُبُّسَ وَقَالَ: «أَطْلُبُ إِلَيْكَ: عَنْ مَنْ يَقُولُ ٱلنَّبِيُّ هَذَا؟ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ عَنْ وَاحِدٍ آخَرَ؟». ٣٥فَفَتَحَ فِيلُبُّسُ فَاهُ وٱبْتَدَأَ مِنْ هَذَا ٱلْكِتَابِ فَبَشِّرَهُ بِيَسُوعَ.
- مِثْلَ شَاةٍ سِيقَ إِلَى ٱلذَّبْحِ: يا له من تخطيط إلهي رائع، فقد كان الحبشي يقرأ النبوات المدهشة والمحددة في إشعياء ٥٣ والتي تصف عمل المسيا الكفاري على الصليب.
- أَطْلُبُ إِلَيْكَ: عَنْ مَنْ يَقُولُ ٱلنَّبِيُّ هَذَا؟ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ عَنْ وَاحِدٍ آخَرَ؟: كان لدى اليهود حينها عدة مفاهيم مختلفة حول هوية هذا الخادم المتألم المذكور في إشعياء ٧:٥٣-٨.
- اِعتَقَدَ البعض أن الخادم المتألم يشير إلى أمة إسرائيل نفسها لأنها عانت كثيراً جَرَّاء الحروب والسبي والاضطهاد.
- اِعتَقَدَ البعض أن الخادم المتألم هو إشعياء الذي كان يصف نفسه.
- اِعتَقَدَ البعض أن الخادم المتألم كان المسيا ولكنهم وجدوا صعوبة في تقبل ذلك ورفضوا تماماً فكرة المسيا المتألم.
- وٱبْتَدَأَ مِنْ هَذَا ٱلْكِتَابِ: لم يتكلم فيلبس عن إشعياء فقط ولكنه بدأ من هناك. بدأ من أرض مشتركة مع الرجل الحبشي وكان هذا مجرد تمهيد ليتكلم معه عن يسوع. كان من السهل أن يتكلم عن يسوع مبتدأً مِنْ هَذَا ٱلْكِتَابِ.
- لأن كل الكتاب المقدس يشير إلى شخص يسوع المسيح بطريقة أو بأخرى، نستطيع أن نبدأ من أي مقطع كتابي وسنجده يقودنا نحو يسوع.
- فَبَشِّرَهُ بِيَسُوعَ: احتوت كرازة فيلبس الفعالة على شرح من هو يسوع (مِثْلَ خَرُوفٍ) وماذا فعل من أجلنا (مِثْلَ شَاةٍ سِيقَ إِلَى ٱلذَّبْحِ). وجوهر الإنجيل هو أن نشرح من هو يسوع وماذا فعل من أجلنا.
- يركز العديد من الوعاظ اليوم على ما يجب أن نقدمه نحن لله ولكن الإنجيل يبدأ ويستند على ما فعل الله من أجلنا من خلال يسوع المسيح.
- كرز فيلبس بالمسيح في السامرة (أعمال ٥:٨) وبَشِّرَ بِيَسُوعَ الرجل الحبشي وهو نفس يسوع الذي بشر به في أورشليم، فلم يحتاج أن يغير كلامه عن يسوع أو رسالته لتتناسب مع كل جمهور مختلف.
د ) الآيات (٣٦-٣٨): إيمان الحبشي ومعموديته
٣٦وَفِيمَا هُمَا سَائِرَانِ فِي ٱلطَّرِيقِ أَقْبَلَا عَلَى مَاءٍ، فَقَالَ ٱلْخَصِيُّ: «هُوَذَا مَاءٌ. مَاذَا يَمْنَعُ أَنْ أَعْتَمِدَ؟». ٣٧فَقَالَ فِيلُبُّسُ: «إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ يَجُوزُ». فَأَجَابَ وَقَالَ: «أَنَا أُومِنُ أَنَّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ هُوَ ٱبْنُ ٱللهِ». ٣٨فَأَمَرَ أَنْ تَقِفَ ٱلْمَرْكَبَةُ، فَنَزَلَا كِلَاهُمَا إِلَى ٱلْمَاءِ، فِيلُبُّسُ وَٱلْخَصِيُّ، فَعَمَّدَهُ.
- فَقَالَ ٱلْخَصِيُّ: كان الحبشي مستعداً للتجاوب مع الإنجيل وكان هذا نتيجة عمل الروح القدس وليس مهارة فيلبس.
- هُوَذَا مَاءٌ. مَاذَا يَمْنَعُ أَنْ أَعْتَمِدَ؟: يُظهر هذا أن الحبشي آمن بالفعل وأراد أن يعلن إيمانه بالمعمودية. رأى الحق الإلهي وعرف أن هذا ما كان يبحث عنه.
- “ربما قدم فيلبس حينما انتهى من تفسيره للإنجيل دعوة للمعمودية كما فعل بطرس يوم الخمسين.” هيوز (Hughes)
- إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ يَجُوزُ: ألح فيلبس على أن يكون إيمان الحبشي مِنْ كُلِّ القلب قبل المعمودية. وهذا يصف باختصار كيف ينبغي أن نتجاوب مع الإنجيل: الإيمان من كل القلب (إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ).
- الشيطان نفسه يملك إيماناً عقلياً أما قلبه فيبغض الحق. يريد الله للحق أن يكون في قلوبنا وليس في عقولنا فقط. قد نعرف عقلياً أن يسوع مات من أجل خطايا العالم ولكن هل نعرف قلبياً أنه مات لتطهير خطايانا؟
- أَنَا أُومِنُ أَنَّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ هُوَ ٱبْنُ ٱللهِ: اِعتراف الإيمان هذا بكل فحواه هو أساس الإيمان لأي شخص يأتي إلى الله. ينبغي أن نؤمن بشخص يَسُوعَ وبعمله كالْمَسِيحَ وأنه ٱبْنُ سماوي إلهي وأنه هُوَ ٱبْنُ ٱللهِ الذي أرسله الآب ليتمم الخلاص لكل من يؤمن من كل قلبه.
- عندما قال الحبشي ” يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ” فهو بذلك يعترف بأن يسوع هو المسيا (ٱلْمَسِيحَ) وأنه آمن بعقله وبقلبه أن يسوع هو الخادم الذي حمل الخطية وتمم العمل تماماً كما وصفه إشعياء.
- فَنَزَلَا كِلَاهُمَا إِلَى ٱلْمَاءِ: من الواضح أن فيلبس غمر الحبشي بالماء، فلم يكن هذا رش بالماء بل تغطيس بالماء.
هـ) الآيات (٣٩-٤٠): رحيل فيلبس الغامض
٣٨فَأَمَرَ أَنْ تَقِفَ ٱلْمَرْكَبَةُ، فَنَزَلَا كِلَاهُمَا إِلَى ٱلْمَاءِ، فِيلُبُّسُ وَٱلْخَصِيُّ، فَعَمَّدَهُ. ٣٩وَلَمَّا صَعِدَا مِنَ ٱلْمَاءِ، خَطِفَ رُوحُ ٱلرَّبِّ فِيلُبُّسَ، فَلَمْ يُبْصِرْهُ ٱلْخَصِيُّ أَيْضًا، وَذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ فَرِحًا. ٤٠وَأَمَّا فِيلُبُّسُ فَوُجِدَ فِي أَشْدُودَ. وَبَيْنَمَا هُوَ مُجْتَازٌ، كَانَ يُبَشِّرُ جَمِيعَ ٱلْمُدُنِ حَتَّى جَاءَ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ.
- خَطِفَ رُوحُ ٱلرَّبِّ فِيلُبُّسَ، فَلَمْ يُبْصِرْهُ ٱلْخَصِيُّ أَيْضًا … وَأَمَّا فِيلُبُّسُ فَوُجِدَ فِي أَشْدُودَ: وفجأة نَقَلَ رُوحُ الرَّبِّ فِيلِبُّسُ بَعِيداً بعد خروجه مع الحبشي من الماء وبطريقة معجزية وُجِدَ في أَشْدُودَ (وهي إحدى المدن الفلسطينية الرئيسية القديمة وتقع شمال غزة).
- كان هذا حدثاً غريباً وربما غير مسبوق في الكتاب المقدس. ولكن حدث شيء شبيه عندما وصل قارب التلاميذ فجأة إلى غايته (يوحنا ١٥:٦-٢١) وسيحدث أمر شبيه مستقبلاً عندما ترفَعُ الكنيسة لِتلاقِيَ الرَّبَّ فِي الهَواءِ وقت الاختطاف (تسالونيكي الأولى ١٥:٤-١٨).
- وَذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ فَرِحًا: فرح الحبشي حتى بعد الاختفاء الغريب لفيلبس ويبدو أن إيمانه كان مؤسساً على الله وليس على فيلبس.
- ينسب المسيحيون الأقباط الذين يتعرضون للاضطهاد اليوم في مصر تراثهم الروحي إلى هذا الوزير الحبشي.
- وَبَيْنَمَا هُوَ مُجْتَازٌ، كَانَ يُبَشِّرُ جَمِيعَ ٱلْمُدُنِ حَتَّى جَاءَ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ: يدل هذا على أن فيلبس يخدم في السامرة فحسب بل في مدن أخرى للأمم أيضاً مثل قيصرية. هذه كانت بداية انتشار الإنجيل إلى أقصى الأرض كما أمر يسوع في أعمال الرسل ٨:١.
- فلا عجب أن فيلبس كان الوحيد في العهد الجديد الذي حاز على لقب “الْمُبَشِّر” (أعمال الرسل ٨:٢١). تخبرنا الآية في أعمال الرسل ٨:٢١ بأنه بقيَّ في قَيْصَرِيَّةَ واستمر في خدمته الكرازية هناك.