أعمال الرسل – الإصحاح ٢٣
بولس تحت الحراسة المشددة من أورشليم إلى قيصرية
أولاً. دفاع بولس أمام السنهدريم
أ ) الآيات (١-٢): بولس يبدأ خطابه أمام ٱلْمَجْمَعِ
١فَتَفَرَّسَ بُولُسُ فِي ٱلْمَجْمَعِ وَقَالَ: «أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلْإِخْوَةُ، إِنِّي بِكُلِّ ضَمِيرٍ صَالِحٍ قَدْ عِشْتُ لِلهِ إِلَى هَذَا ٱلْيَوْمِ». ٢فَأَمَرَ حَنَانِيَّا رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ، ٱلْوَاقِفِينَ عِنْدَهُ أَنْ يَضْرِبُوهُ عَلَى فَمِهِ.
- فَتَفَرَّسَ بُولُسُ فِي ٱلْمَجْمَعِ: خسر بولس في اليوم السابق فرصته العظيمة لتبشير الحشد على جبل الهيكل بسبب أعمال الشغب. كانت أمام بولس فرصة ثمينة أخرى ليربح إسرائيل للمسيح وربما كانت هذه فرصة أفضل من الأولى. سيتحدث بولس مع ٱلْمَجْمَعِ عن يسوع مع هؤلاء الأشخاص المؤثرون.
- أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلْإِخْوَةُ: وفقاً لويليم باركلي (William Barclay) تُظهر هذه الكلمات أن بولس كان جريئاً في حديثه مع المجمع ووضع نفسه على قدم المساواة معهم. والمعتاد أن يبدأ المتكلم بالقول: “أيها القادة وشيوخ إسرائيل.”
- إِنِّي بِكُلِّ ضَمِيرٍ صَالِحٍ قَدْ عِشْتُ لِلهِ إِلَى هَذَا ٱلْيَوْمِ: ربما اعتقد بولس أن هذه كانت أبسط طريقة لبدء عظته. لا يعني بكلامه هذا أنه كان شخصاً كاملاً وبلا خطية وأن ضميره لم يبكته يوماً بل أنه كان يملك ضمير حساس عندما كان يخطئ وكان يصحح الأمور بسرعة.
- لم يؤمن بولس إطلاقاً بفكرة أن الضمير الصالح هو وسيلة للتبرير أمام الله. كتب بروس (Bruce): “استخدم بولس شهادة الضمير لأنه كان يقف أمام المحكمة العليا في إسرائيل إلا أنه كان يعلم أن ليس فيه أي شيء صالح واعتمد على تبريره في المحكمة السماوية. فالضمير النقي ليس له أساس ثابت عندما يقع تحت مجهر الله.”
- تصريح بولس في كورنثوس الأولى ٤:٤ له صلة وثيقة بالموضوع: فَضَمِيرِي مُرتاحٌ، وَلَكِنْ لَيسَ هَذا هُوَ ما يُبَرِّرَنِي، بَلِ الرَّبُّ هُوَ الَّذِي يَحكُمُ عَلَيَّ.
- فَأَمَرَ حَنَانِيَّا رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ، ٱلْوَاقِفِينَ عِنْدَهُ أَنْ يَضْرِبُوهُ عَلَى فَمِهِ: شعر رئيس الكهنة بالإهانة عندما قال بولس أن ضميره صالح. واعتقد أن شخص كهذا متهم بهذه الجرائم الخطيرة لا يمكنه أبداً الادعاء أن ضميره صالح.
- أو ربما شعر بتبكيت الضمير بسبب نزاهة دعوة بولس. فبولس كان رجلاً يتمتع بضمير صالح وكان هذا واضحاً في خطابه وفي ملامح وجهه.
- كتب هيوز (Hughes): “ما حدث لم يكن قانونياً بغض النظر عن الدافع. تنص الشريعة: كل من يضرب إسرائيلياً على وجهه يهين مجد الله ومن يضرب رجلاً يعتدي على القدوس.”
- لم يجلب حَنَانِيَّا كرئيس للكهنة شرفاً لمنصبه بهذا الوقت وكان معروفاً بطمعه. كتب المؤرخ اليهودي القديم يوسيفوس عن حنانيا الذي كان يسرق العشور التي كانت للكهنة.
- كتب بروس (Bruce): “لم يتردد في استخدام العنف والاغتيال لتعزيز مصالحه الشخصية.” قتل اليهود القوميون حنانيا بوحشية في وقت لاحق بسبب سياساته المؤيدة للدولة الرومانية.
ب) الآيات (٣-٥): رد بولس على اللكمة
٣حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ بُولُسُ: «سَيَضْرِبُكَ ٱللهُ أَيُّهَا ٱلْحَائِطُ ٱلْمُبَيَّضُ! أَفَأَنْتَ جَالِسٌ تَحْكُمُ عَلَيَّ حَسَبَ ٱلنَّامُوسِ، وَأَنْتَ تَأْمُرُ بِضَرْبِي مُخَالِفًا لِلنَّامُوسِ؟». ٤فَقَالَ ٱلْوَاقِفُونَ: «أَتَشْتِمُ رَئِيسَ كَهَنَةِ ٱللهِ؟» ٥فَقَالَ بُولُسُ: «لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُ أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ أَنَّهُ رَئِيسُ كَهَنَةٍ، لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: رَئِيسُ شَعْبِكَ لَا تَقُلْ فِيهِ سُوءًا».
- سَيَضْرِبُكَ ٱللهُ أَيُّهَا ٱلْحَائِطُ ٱلْمُبَيَّضُ: نتمنى أن نعرف كيف قال بولس هذه الكلمات. سيكون من المفيد أن نسمع نبرة صوت بولس لنعرف إن كان توبيخه مليئاً بالغضب أم هادئ ومحسوب؟
- وأياً كانت النبرة فإن التوبيخ كان دقيقاً ومبرراً تماماً. فالرجل الذي يأمر بأن يُضرب شخصٌ أعْزَل هو في الواقع مُرائي (ٱلْحَائِطُ ٱلْمُبَيَّضُ)؛ قشرة بيضاء من النقاء تغطي فساد واضح.
- أَفَأَنْتَ جَالِسٌ تَحْكُمُ عَلَيَّ حَسَبَ ٱلنَّامُوسِ، وَأَنْتَ تَأْمُرُ بِضَرْبِي مُخَالِفًا لِلنَّامُوسِ؟: كشف بولس عن رياء الرجل الذي أصدر الأمر.
- من المفترض أن يكون أعضاءِ المَجلِسِ نموذجاً لحفظ ناموس موسى. الأمر بأن يضرب بولس كان في الواقع يتناقض مع روح ونص الناموس. تقول الآية في سفر التثنية ١:٢٥-٢ “المُذْنِبُ يَستَحِقُّ الجَلدَ فقط ولم يتم إدانة بولس بأي شيء بعد.
- سَيَضْرِبُكَ ٱللهُ: كتب لونغينكر (Longenecker): “ومع ذلك كانت كلمات بولس نبوية دون أن يدرك ذلك. فقد عاش حنانيا في أيامه الأخيرة رغم الرشاوي والحيل كحيوان مطارد ومات على أيدي شعبه.”
- فَقَالَ ٱلْوَاقِفُونَ: «أَتَشْتِمُ رَئِيسَ كَهَنَةِ ٱللهِ؟»: عرف بولس على الفور أنه كان مخطئاً في انفجاره مهما كانت طريقته في التعبير. ووافق أنه كان مخطئاً أن ينطِقْ بِلَعنَةٍ عَلَى قائِدِ شَعبِكَ (سفر الخروج ٢٨:٢٢). ومع ذلك قدم بولس اعتذاره وقال: لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُ أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ أَنَّهُ رَئِيسُ كَهَنَةٍ.
- عدم معرفة بولس من هو رئيس الكهنة لم يكن بالأمر الغريب لأنه ترك المجمع وكل الدوائر العليا للسلطة اليهودية في أورشليم منذ أكثر من ٢٠ عام. ولكن يعتقد البعض أنه لم يكن يعرف لأن نظره كان سيئاً. هذا ما نستنتجه من غلاطية ١٤:٤-١٥ و١١:٦ومن كتابات الكنيسة الأولى.
- ويعتقد آخرون أن بولس قصد بهذا السخرية وكأنه يقول: “لا أعتقد أن أي شخص يتصرف على هذا النحو يمكن أن يكون رئيساً للكهنة.”
ج) الآية (٦): حيلة بولس الذكية
٦وَلَمَّا عَلِمَ بُولُسُ أَنَّ قِسْمًا مِنْهُمْ صَدُّوقِيُّونَ وَٱلْآخَرَ فَرِّيسِيُّونَ، صَرَخَ فِي ٱلْمَجْمَعِ: «أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلْإِخْوَةُ، أَنَا فَرِّيسِيٌّ ٱبْنُ فَرِّيسِيٍّ. عَلَى رَجَاءِ قِيَامَةِ ٱلْأَمْوَاتِ أَنَا أُحَاكَمُ».
- وَلَمَّا عَلِمَ بُولُسُ: يبدو أن بولس قرأ جمهوره جيداً وأدرك عدم تجاوبهم مع الإنجيل، فتصرفات رئيس الكهنة ومواقف الحاضرين كانت واضحة للغاية. لهذا تخلى بولس عن فكرة مشاركتهم بالخبر السار وركز على إثبات برائته والتحرر من المجمع الذي أراد قتله.
- قِسْمًا مِنْهُمْ صَدُّوقِيُّونَ وَٱلْآخَرَ فَرِّيسِيُّونَ: كانت خطة بولس أن يحدث إنقساماً في السنهدريم عن طريق كسب تعاطف الفَرِّيسِيُّونَ بدلاً من اتحادهم مع الصدوقيون ضده.
- أَنَا فَرِّيسِيٌّ ٱبْنُ فَرِّيسِيٍّ: أشار بولس إلى تراثه كفريسي لأنه كان يعرف جمهوره وأعلن أنه يُحاكم لأنه يؤمن برجاء القيامة (عَلَى رَجَاءِ قِيَامَةِ ٱلْأَمْوَاتِ أَنَا أُحَاكَمُ). وكان يعلم أن هذا الأمر كان موضع خلاف كبير بين الطرفين.
- كان هذا صحيحاً بصفة أساسية. فمحور رسالة الإنجيل التي كان يكرز بها بولس هو قيامة يسوع. أَنَا أُحَاكَمُ بسبب إيماني بقِيَامَةِ ٱلْأَمْوَاتِ.
د ) الآيات (٧-٩): انقسام المجمع
٧وَلَمَّا قَالَ هَذَا حَدَثَتْ مُنَازَعَةٌ بَيْنَ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ وَٱلصَّدُّوقِيِّينَ، وَٱنْشَقَّتِ ٱلْجَمَاعَةُ، ٨لِأَنَّ ٱلصَّدُّوقِيِّينَ يَقُولُونَ: إِنَّهُ لَيْسَ قِيَامَةٌ وَلَا مَلَاكٌ وَلَا رُوحٌ، وَأَمَّا ٱلْفَرِّيسِيُّونَ فَيُقِرُّونَ بِكُلِّ ذَلِكَ. ٩فَحَدَثَ صِيَاحٌ عَظِيمٌ، وَنَهَضَ كَتَبَةُ قِسْمِ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ وَطَفِقُوا يُخَاصِمُونَ قَائِلِينَ: «لَسْنَا نَجِدُ شَيْئًا رَدِيًّا فِي هَذَا ٱلْإِنْسَانِ! وَإِنْ كَانَ رُوحٌ أَوْ مَلَاكٌ قَدْ كَلَّمَهُ فَلَا نُحَارِبَنَّ ٱللهَ».
- وَلَمَّا قَالَ هَذَا حَدَثَتْ مُنَازَعَةٌ بَيْنَ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ وَٱلصَّدُّوقِيِّينَ، وَٱنْشَقَّتِ ٱلْجَمَاعَةُ: اختار بولس القضية الصحيحة. وبهذه الطريقة استطاع أن يربح دعم الفريسيين كحليف على الفور وسمح لهم بمجادلة الصدوقيين.
- كان ٱلصَّدُّوقِيِّينَ هم المتحررين اللاهوتيين في عصرهم وأنكروا الحياة بعد الموت ومفهوم القيامة. وكان وصف لوقا لهم دقيقاً للغاية عندما قال: ٱلصَّدُّوقِيِّينَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَيْسَ قِيَامَةٌ وَلَا مَلَاكٌ وَلَا رُوحٌ.
- كان من الأسهل الحصول على أرض مشتركة مع ٱلْفَرِّيسِيِّينَ لأنهم كانوا أكثر من يؤمنون بالكتب المقدسة في العالم اليهودي في ذلك الوقت. أخذوا الكتب المقدسة على محمل الجد رغم أنهم أخطأوا بإضافة تقاليد بشرية عليها.
- كان ٱلصَّدُّوقِيِّينَ وٱلْفَرِّيسِيِّينَ أعداء لدودين ولكنهم اتفقوا ضد يسوع وبولس (متى ١:١٦، يوحنا ٤٧:١١-٥٣). من الغريب أن نرى كيف يتفق الأعداء الذين ليس بينهم أي شيء مشترك لمعارضة الله أو خدمته.
- فَلَا نُحَارِبَنَّ ٱللهَ: أراد الفريسيون أخذ مشورة يتم قائدهم العظيم غَمَالَائِيلُ كما نقرأ في أعمال الرسل ٣٨:٥-٣٩.
هـ) الآية (١٠): الأمير الروماني ينقذ بولس
١٠وَلَمَّا حَدَثَتْ مُنَازَعَةٌ كَثِيرَةٌ ٱخْتَشَى ٱلْأَمِيرُ أَنْ يَفْسَخُوا بُولُسَ، فَأَمَرَ ٱلْعَسْكَرَ أَنْ يَنْزِلُوا وَيَخْتَطِفُوهُ مِنْ وَسْطِهِمْ وَيَأْتُوا بِهِ إِلَى ٱلْمُعَسْكَرِ.
- وَلَمَّا حَدَثَتْ مُنَازَعَةٌ كَثِيرَةٌ: تأكد الأمير الروماني أن هؤلاء اليهود كانوا يحبون المنازغات التي لا نهاية لها والعنيفة. هاجوا في السابق على كلمة “الأمم” والآن ها هم الرجال المحترمين في المجمع يتنازعون على كلمة “القيامة.”
- ٱخْتَشَى ٱلْأَمِيرُ أَنْ يَفْسَخُوا بُولُسَ، فَأَمَرَ ٱلْعَسْكَرَ أَنْ يَنْزِلُوا وَيَخْتَطِفُوهُ مِنْ وَسْطِهِمْ: أمَرَ القائد بِأنْ يَأتُوا وَيَأخُذُوا بولس لسلامته ووضعه في الحجز.
- حيلة بولس الذكية أنقذته من المجمع ولكنه لم يفرح بالنتائج. أتيحت له فرصة تبشير حشد كبير من اليهود على جبل الهيكل ولكنها آلت بالفشل. ثم أتيحت له فرصة أخرى لتبشير المجمع اليهودي المؤثر ولكن اللقاء انتهى أيضاً بمشاجرة.
- قال بولس لاحقاً أن خطته في إثارة الجدل حول القيامة لم تكن فعالة واعترف أن ما قام به لم يكن صائباً (أعمال الرسل ٢٠:٢٤-٢١).
و ) الآية (١١): يسوع يواجه بولس في الليل
١١وَفِي ٱللَّيْلَةِ ٱلتَّالِيَةِ وَقَفَ بِهِ ٱلرَّبُّ وَقَالَ: «ثِقْ يَا بُولُسُ! لِأَنَّكَ كَمَا شَهِدْتَ بِمَا لِي فِي أُورُشَلِيمَ، هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَشْهَدَ فِي رُومِيَةَ أَيْضًا».
- وَفِي ٱللَّيْلَةِ ٱلتَّالِيَةِ: لا بد وأنها كانت ليلة صعبة على بولس فقد كان قلبه يتوق لخلاص شعبه (رومية ١:٩-٤) وها هو يخسر فرصتين رائعتين فتحتا أمامه. لن يكون من المستغرب إذا ألقى بولس باللوم على نفسه لأنه خسر فرصته للبشارة أمام السنهدريم. ويمكننا القول أن ردة فعله على اللكمة التي أمر بها رئيس الكهنة أفسدت كل شيء.
- ربما عبر بولس عن حزنه بدموع على الفرص التي ضاعت منه وكيف قد يكون هو السبب. غالباً ما يشعر المرء في لحظات كهذه بعدم القيمة وبعدم الفائدة أمام الله. وربما اعتقد بولس أن هذه كانت نهاية خدمته.
- كتب مورغان (Morgan): “نتصرف بكل مجاهرة وشجاعة في النهار وحينما تخور قوانا في الليل يتغلغل الشعور بالوحدة والعدو لن يتوانى عن استغلال هذا الواقع.”
- حلت المخاوف على بولس في ظلمة تلك الليلة وبدأت ثقته تتزعزع وقلق بشأن ما سيفعله الله وإن كان سينجو وفجأة جاء يسوع ووَقَفَ بِهِ.
- وَقَفَ بِهِ ٱلرَّبُّ: كان ظهور يسوع في الجسد (ويبدو أن هذا ما حصل فعلاً) حدثاً فريداً من نوعه. ولكن قال يسوع أنه سيكون مع كل مؤمن كُلَّ ٱلْأَيَّامِ إِلَى ٱنْقِضَاءِ ٱلدَّهْرِ (متى ٢٠:٢٨).
- عرف يسوع ما كان يمر به بولس فهو لم يتخلى عنه لأنه كان يقبع في السجن. عندما كان جون بنيون (John Bunyan) مؤلف كتاب سياحة المسيحي في السجن زاره رجل وقال: “أرسلني الرب إليك يا صديقي وقد بحثت عنك في كل سجون انجلترا تقريباً.” أجابه جون: “لا أعتقد أن الرب قد أرسلك لأنه إن فعل لأتيت إلي مباشرة فهو يعلم أني هنا منذ سنوات.” الله يعرف ما هي حالتك اليوم وكيف تشعر حتى وإن تمكنت من إخفاء هذا عن الجميع… الله يعرف ما تمر به.
- كان بولس وحيداً ولكنه لم يكن وحيداً فيسوع يكفي حتى وإن تخلى عنه الجميع. من الأفضل له أن يكون في السجن مع الرب من أن يكون في السماء بدونه.
- تحرر بولس من السجن بأعجوبة من قبل ولكن الرب يلتقي به هذه المرة داخل السجن. كثيراً ما نصلي طالبين من يسوع أن يحررنا من ظروفنا في حين يريد أن يتعامل معنا وسط ظروفنا. ونعتقد أحياناً أننا متوكلين بالكامل على يسوع ولكننا في الواقع نطالب بالهروب. فالله يريد أن يلتقي بنا وسط الظروف التي نمر بها في الوقت الراهن.
- ثِقْ يَا بُولُسُ!: لم يكن يسوع مع بولس فحسب بل قدم له كلمات تعزية. تشير الكلمة ثِقْ أن تلك الليلة جلبت معها ظلمة عاطفية وربما روحية على بولس. كان يسوع هناك ليشجع خادمه الأمين بعد أن قدم حياته من أجل خاطر يسوع.
- لن يقول يسوع لبولس ثِقْ إن لم يكن بحاجة لسماع تلك الكلمة. عرف بولس أن حالته كانت سيئة ولكنه لم يعرف إلى أي مدى. لم يعرف بولس أن بعض اليهود كانوا سيجتمعون في اليوم التالي وسيضربون عن الطعام إلى أن يَقتُل. عرف يسوع هذا ولهذا قال: ثِقْ يَا بُولُسُ.
- قد تعتقد أن الأمور سيئة الآن ولكنك لا تعرف نصف الحقيقة ولكن يسوع يعرف ولا يزال يقول لك: ثِقْ… لماذا؟ ليس لأن الأمور على ما يرام ولكن لأن الله لا يزال يجلس على عرشه ولا يزال متمسكاً بوعده بأن كُلَّ ٱلْأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ ٱللهَ ٱلَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ (رومية ٨:٢٨).
- يستطيع أي شخص أن يثق عندما تكون الأمور رائعة ولكن لا يستطيع سوى المؤمن أن يثق عندما تكون الأمور سيئة للغاية لأنه يعرف أن الله عظيم ورائع مهما كانت الظروف.
- استخدمت كلمة ثِقْ في اللغة اليونانية القديمة خمس مرات في العهد الجديد وفي كل مرة خرجت من فم يسوع.
- قالها يسوع للمفلوج: «ثِقْ يا بُنَيَّ. مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ» (متى ٢:٩).
- قالها يسوع لنَازِفَةُ دَمٍ مُنْذُ ٱثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً: «ثِقِي يا ٱبْنَةُ، إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ» (متى ٢٢:٩).
- قالها يسوع لتلاميذه الخائفين وسط بحر الجليل: «تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لَا تَخَافُوا» (متى ٢٧:١٤).
- قالها يسوع لتلاميذه في الليلة قبل صلبه: «فِي ٱلْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ وَلَكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ ٱلْعَالَمَ» (يوحنا ٣٣:١٦).
- وهنا في أعمال الرسل ١١:٢٣ عندما قالها لبولس: «ثِقْ يَا بُولُسُ!».
- لِأَنَّكَ كَمَا شَهِدْتَ بِمَا لِي فِي أُورُشَلِيمَ، هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَشْهَدَ فِي رُومِيَةَ أَيْضًا: لم ينسى يسوع ما فعله بولس في أورشليم وأخبره أن هناك المزيد من الخدمة في روما.
- كان بولس محبطاً لعدم وجود ثمر في أورشليم ولكن الثمر لم يكن من مسؤوليته. كان بولس مسؤولاً عن تقديم كلمة الله وأن يشهد عن يسوع أما النتائج فهي من مسؤولية الله وحده. تعني الآية لِأَنَّكَ كَمَا شَهِدْتَ بِمَا لِي فِي أُورُشَلِيمَ أن يسوع أثنى على عمل بولس الرائع.
- قام بولس بخدمة رائعة دون شك ومع ذلك كان هناك المزيد ليقوم به: أَنْ يشْهَدَ فِي رُومِيَةَ أَيْضًا. أعظم كلمات يمكن أن يسمعها المؤمن الأمين من الله هي: “أمامك المزيد لتقوم به.” تجلب هذه الكلمات للمؤمن الكسول الحزن لقلبه أما بالنسبة للمؤمن الأمين فتجلب الفرح.
- يمكن لهذه الكلمات أن توجه لكل مؤمن: “أمامك المزيد لتفعله…” فهناك المزيد من الناس الذين يحتاجون لسماع رسالة الخلاص وهناك المزيد من الطرق لتمجيده وهناك المزيد من الناس يحتاجون أن تصلي معهم وهناك المزيد من الطرق البسيطة التي يمكنك من خلالها خدمة شعبه وهناك المزيد من الجياع يمكنك إطعامهم والمزيد من العراة يمكنك تغطيتهم والمزيد من القديسين التعابى الذين يحتاجون لتشجيعك.
- كتب سبيرجن (Spurgeon): “ثمة مرسوم إلهي عيَّن لك خدمة أعظم وأصعب من كل ما سبق. ثمّة مستقبلٌ في انتظاهرك وليس من قوة على الأرض أو تحتَ الأرض يمكنها أن تسلبه منك… لهذا ثق يا أخي وتشجع.”
- هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَشْهَدَ فِي رُومِيَةَ أَيْضًا: الوعد بمزيد من الخدمة يعني الوعد بمزيد من الرعاية والحماية. سيبقى بولس حياً إلى أن يصل إلى خط النهاية في السباق الذي عينه الله له.
- أراد بولس حقاً الذهاب إلى روما (أعمال الرسل ٢١:١٩ ورومية ٩:١-١٢). نعتقد أحياناً أن رغبتنا بحدوث شيء ما قد يعني أنه ليس حسب مشيئة الله ولكن الله غالباً ما يعطينا سؤل قلوبنا (مزمور ٤:٣٧).
- كان توقيت الوعد رائعاً للغاية. من الواضح أن بولس لن يخرج حياً من أورشليم وبالتأكيد لن يصل إلى روما. فالله لا يعرف ما نحتاج أن نسمعه فحسب بل يعرف أيضاً متى نحتاج إلى سماعه.
- واجه بولس أعدائه في اليوم التالي بابتسامة عالماً أنهم لن يغلبوه لأن الله وضع أمامه المزيد من الخدمة!
- كتب بروس (Bruce): “عَنَى هذا الضمان الكثير لبولس وسط كل التأخير والقلق الذي كان سيمر بهما في العامين المقبلين وأضاف هذا لرصيده قوة تحمل وهدوء وكرامة. تميز بولس خلال كل تلك الفترة بكونه سيد الظروف وليس ضحيتها.”
ثانياً. إنقاذ بولس من مكيدة القتلة
أ ) الآيات (١٢-١٥): أقسم أربعون رجلاً على وضع كمين وقتل بولس
١٢وَلَمَّا صَارَ ٱلنَّهَارُ صَنَعَ بَعْضُ ٱلْيَهُودِ ٱتِّفَاقًا، وَحَرَمُوا أَنْفُسَهُمْ قَائِلِينَ: إِنَّهُمْ لَا يَأْكُلُونَ وَلَا يَشْرَبُونَ حَتَّى يَقْتُلُوا بُولُسَ. ١٣وَكَانَ ٱلَّذِينَ صَنَعُوا هَذَا ٱلتَّحَالُفَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ. ١٤فَتَقَدَّمُوا إِلَى رُؤَسَاءِ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلشُّيُوخِ وَقَالُوا: «قَدْ حَرَمْنَا أَنْفُسَنَا حِرْمًا أَنْ لَا نَذُوقَ شَيْئًا حَتَّى نَقْتُلَ بُولُسَ. ١٥وَٱلْآنَ أَعْلِمُوا ٱلْأَمِيرَ أَنْتُمْ مَعَ ٱلْمَجْمَعِ لِكَيْ يُنْزِلَهُ إِلَيْكُمْ غَدًا، كَأَنَّكُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ تَفْحَصُوا بِأَكْثَرِ تَدْقِيقٍ عَمَّا لَهُ. وَنَحْنُ، قَبْلَ أَنْ يَقْتَرِبَ، مُسْتَعِدُّونَ لِقَتْلِهِ».
- قَائِلِينَ: إِنَّهُمْ لَا يَأْكُلُونَ وَلَا يَشْرَبُونَ حَتَّى يَقْتُلُوا بُولُسَ: كان في زمن بولس ويسوع مجموعة سرية من القتلة اليهود يقومون بعمليات اغتيال ضد الرومان ومؤيديهم. كانوا يطعنون الجنود الرومان بالخناجر أثناء سيرهم لسهولة إخفاءها. ويبدو أن هؤلاء القتلة كانوا يريدون استهداف بولس الآن.
- ألزَم هؤلاء أنفُسَنا بِقَسَمٍ أنْ لا يأكلوا أو يشربوا شَيئاً إلَى أنْ يموت بُولُسَ وكانوا جادين للغاية.
- لم يفتقر هؤلاء الرجال الالتزام أو الحماس ولكن حماسهم لم يكن وفقاً للمعرفة (رومية ٢:١٠). فالحماسة أو التفاني لا يعني أن الشخص يتمتع بعلاقة حية مع الله.
- وَٱلْآنَ أَعْلِمُوا ٱلْأَمِيرَ أَنْتُمْ مَعَ ٱلْمَجْمَعِ لِكَيْ يُنْزِلَهُ إِلَيْكُمْ غَدًا، كَأَنَّكُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ تَفْحَصُوا بِأَكْثَرِ تَدْقِيقٍ عَمَّا لَهُ: أراد القتلة أن يكذب رؤساء الكهنة والشيوخ على الأمير متظاهرين أنهم يريدون أن يدرسوا قضية بولس بأكثر دقة.
- كان كذبهم خطية وبدلاً من أن يكون هؤلاء الرجال ملتزمين بناموس الله كانوا فرحين بارتكاب الخطية ضده. كانوا متحمسين ولكنهم كانوا مستعدين أيضاً للكذب والخطية لتحقيق أهدافهم المفترض أنها أهداف روحية.
ب) الآيات (١٦-٢٢): سماع ابن أخت بولس عن المؤامرة وتحذيره للأمير
١٦وَلَكِنَّ ٱبْنَ أُخْتِ بُولُسَ سَمِعَ بِٱلْكَمِينِ، فَجَاءَ وَدَخَلَ ٱلْمُعَسْكَرَ وَأَخْبَرَ بُولُسَ. ١٧فَٱسْتَدْعَى بُولُسُ وَاحِدًا مِنْ قُوَّادِ ٱلْمِئَاتِ وَقَالَ: «ٱذْهَبْ بِهَذَا ٱلشَّابِّ إِلَى ٱلْأَمِيرِ، لِأَنَّ عِنْدَهُ شَيْئًا يُخْبِرُهُ بِهِ». ١٨فَأَخَذَهُ وَأَحْضَرَهُ إِلَى ٱلْأَمِيرِ وَقَالَ: «ٱسْتَدْعَانِي ٱلْأَسِيرُ بُولُسُ، وَطَلَبَ أَنْ أُحْضِرَ هَذَا ٱلشَّابَّ إِلَيْكَ، وَهُوَ عِنْدَهُ شَيْءٌ لِيَقُولَهُ لَكَ». ١٩فَأَخَذَ ٱلْأَمِيرُ بِيَدِهِ وَتَنَحَّى بِهِ مُنْفَرِدًا، وَٱسْتَخْبَرَهُ: «مَا هُوَ ٱلَّذِي عِنْدَكَ لِتُخْبِرَنِي بِهِ؟». ٢٠فَقَالَ: «إِنَّ ٱلْيَهُودَ تَعَاهَدُوا أَنْ يَطْلُبُوا مِنْكَ أَنْ تُنْزِلَ بُولُسَ غَدًا إِلَى ٱلْمَجْمَعِ، كَأَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَسْتَخْبِرُوا عَنْهُ بِأَكْثَرِ تَدْقِيقٍ. ٢١فَلَا تَنْقَدْ إِلَيْهِمْ، لِأَنَّ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا مِنْهُمْ كَامِنُونَ لَهُ، قَدْ حَرَمُوا أَنْفُسَهُمْ أَنْ لَا يَأْكُلُوا وَلَا يَشْرَبُوا حَتَّى يَقْتُلُوهُ. وَهُمُ ٱلْآنَ مُسْتَعِدُّونَ مُنْتَظِرُونَ ٱلْوَعْدَ مِنْكَ».٢٢فَأَطْلَقَ ٱلْأَمِيرُ ٱلشَّابَّ مُوصِيًا إِيَّاهُ أَنْ: «لَا تَقُلْ لِأَحَدٍ إِنَّكَ أَعْلَمْتَنِي بِهَذَا».
- وَلَكِنَّ ٱبْنَ أُخْتِ بُولُسَ سَمِعَ بِٱلْكَمِينِ: ما حدث ليس من قبيل الصدفة. كان على الله أن يحمي بولس لأن يسوع وعد بأنه سيذهب إلى روما ليشهد عنه (أعمال الرسل ١١:٢٣).
- ٱلْأَسِيرُ بُولُسُ: لم يرتكب بولس أي جريمة ومع ذلك كان أسيراً. ظن الأمير أنه كان ثائراً من نوع ما لهذا بقي بولس رهن الاعتقال حتى يتم الكشف عن وقائع القضية.
ج) الآيات (٢٣-٢٤): هرب بولس إلى قيصرية برفقة عسكرية كاملة ورسالة توصية إلى حاكم المقاطعة
٢٣ثُمَّ دَعَا ٱثْنَيْنِ مِنْ قُوَّادِ ٱلْمِئَاتِ وَقَالَ: «أَعِدَّا مِئَتَيْ عَسْكَرِيٍّ لِيَذْهَبُوا إِلَى قَيْصَرِيَّةَ، وَسَبْعِينَ فَارِسًا وَمِئَتَيْ رَامِحٍ، مِنَ ٱلسَّاعَةِ ٱلثَّالِثَةِ مِنَ ٱللَّيْلِ. ٢٤وَأَنْ يُقَدِّمَا دَوَابَّ لِيُرْكِبَا بُولُسَ وَيُوصِلَاهُ سَالِمًا إِلَى فِيلِكْسَ ٱلْوَالِي».
- أَعِدَّا مِئَتَيْ عَسْكَرِيٍّ لِيَذْهَبُوا إِلَى قَيْصَرِيَّةَ، وَسَبْعِينَ فَارِسًا وَمِئَتَيْ رَامِحٍ: كان سيرافق بولس خارج أورشليم ٤٧٠ جندياً مدرباً. وكأن الله يريد أن يبالغ في أمانته نحو بولس ليؤكد على وعد يسوع الصادق.
- وَأَنْ يُقَدِّمَا دَوَابَّ لِيُرْكِبَا بُولُسَ وَيُوصِلَاهُ سَالِمًا إِلَى فِيلِكْسَ ٱلْوَالِي: لم يهرب بولس من أورشليم على قيد الحياة فحسب بل خرج منها راكباً على حصان. كان هناك في الواقع أكثر من حصان متاح لبولس (وَبَعْضُ الدَّوَابِّ لِتَحْمِلَ بُولُسَ – الترجمة العربية المبسطة).
د ) الآيات (٢٥-٣٠): رسالة من لِيسِيَاسُ إلى فِيلِكْسَ
٢٥وَكَتَبَ رِسَالَةً حَاوِيَةً هَذِهِ ٱلصُّورَةَ: ٢٦«كُلُودِيُوسُ لِيسِيَاسُ، يُهْدِي سَلَامًا إِلَى ٱلْعَزِيزِ فِيلِكْسَ ٱلْوَالِي: ٢٧هَذَا ٱلرَّجُلُ لَمَّا أَمْسَكَهُ ٱلْيَهُودُ وَكَانُوا مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، أَقْبَلْتُ مَعَ ٱلْعَسْكَرِ وَأَنْقَذْتُهُ، إِذْ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ رُومَانِيٌّ. ٢٨وَكُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَعْلَمَ ٱلْعِلَّةَ ٱلَّتِي لِأَجْلِهَا كَانُوا يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ، فَأَنْزَلْتُهُ إِلَى مَجْمَعِهِمْ، ٢٩فَوَجَدْتُهُ مَشْكُوًّا عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ مَسَائِلِ نَامُوسِهِمْ. وَلَكِنَّ شَكْوَى تَسْتَحِقُّ ٱلْمَوْتَ أَوِ ٱلْقُيُودَ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ. ٣٠ثُمَّ لَمَّا أُعْلِمْتُ بِمَكِيدَةٍ عَتِيدَةٍ أَنْ تَصِيرَ عَلَى ٱلرَّجُلِ مِنَ ٱلْيَهُودِ، أَرْسَلْتُهُ لِلْوَقْتِ إِلَيْكَ، آمِرًا ٱلْمُشْتَكِينَ أَيْضًا أَنْ يَقُولُوا لَدَيْكَ مَا عَلَيْهِ. كُنْ مُعَافًى».
- وَأَنْقَذْتُهُ، إِذْ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ رُومَانِيٌّ: أشار لِيسِيَاسُ في رسالته أنه علم أن بولس كان رومانياً ولكنه لم ذكر أن بولس كان مربوطاً وجُلِدَ تقريباً.
- وَلَكِنَّ شَكْوَى تَسْتَحِقُّ ٱلْمَوْتَ أَوِ ٱلْقُيُودَ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ: كانت هذه الجملة أهم ما في الرسالة بالنسبة للكاتب لوقا. على الأرجح راجع المسؤولين الرومان سفر أعمال الرسل قبل المحاكمة أمام قيصر. أظهر لوقا أن مسؤولين آخرين حكموا على بولس بالبراءة.
- كتب بروس (Bruce): “أحد دوافع لوقا لكتابة هذا التاريخ المزدوج هو لإثبات عدم ووجود أساس للدعوة التي كانت ضد بولس وضد المؤمنين بشكل عام، وقد أكد العديد من القضاة المختصين وغير المتحيزين مراراً وتكراراً ببراءة الحركة المسيحية والمُرسلين فيما يتعلق بالقانون الروماني.”
هـ) الآيات (٣١-٣٣): وصول بولس إلى قيصرية
٣١فَٱلْعَسْكَرُ أَخَذُوا بُولُسَ كَمَا أُمِرُوا، وَذَهَبُوا بِهِ لَيْلًا إِلَى أَنْتِيبَاتْرِيسَ. ٣٢وَفِي ٱلْغَدِ تَرَكُوا ٱلْفُرْسَانَ يَذْهَبُونَ مَعَهُ وَرَجَعُوا إِلَى ٱلْمُعَسْكَرِ. ٣٣وَأُولَئِكَ لَمَّا دَخَلُوا قَيْصَرِيَّةَ وَدَفَعُوا ٱلرِّسَالَةَ إِلَى ٱلْوَالِي، أَحْضَرُوا بُولُسَ أَيْضًا إِلَيْهِ.
- أَخَذُوا بُولُسَ كَمَا أُمِرُوا، وَذَهَبُوا بِهِ لَيْلًا إِلَى أَنْتِيبَاتْرِيسَ: ذهب ٢٠٠ جندي مع بولس حتى حدود مدينة أَنْتِيبَاتْرِيسَ فقط التي تقع وسط الطريق بين أورشليم وقيصرية لأن الجزء الأكثر خطورة من الطريق كان حتى هذه النقطة.
- كتب باركلي (Barclay): “المسافة حتى أَنْتِيبَاتْرِيسَ (حوالي ٤٠ كيلومتر من أورشليم) كانت خطرة ومأهولة بالسكان اليهود أما باقي المسافة فكانت مفتوحة وكبيرة وغير مناسبة لأي كمين ومأهولة بالأمم.”
- أَحْضَرُوا بُولُسَ أَيْضًا إِلَيْهِ: نجح بولس في الخروج من أورشليم إلى قيصرية عن طريق الساحل. وهكذا فشلت مؤامرة القتلة.
- يتساءل البعض عما إذا كان الرجال الذين قدموا نذر الصيام ماتوا لأنهم فشلوا في مهمتهم لقتل بولس. لم يحدث هذا على الأغلب. سمح الحاخامات القدامى بكسر أربعة أنواع من النذور كتالي: “نذر التحريض ونذر المبالغة ونذر قطع عن طريق الخطأ ونذر لا يمكن الوفاء به بسبب القيود. كما وكانت هناك استثناءات في الحالات الطارئة” ( لونغينكر Longenecker).
و ) الآيات (٣٤-٣٥): أنتظار بولس لمحاكمته في قيصرية
٣٤فَلَمَّا قَرَأَ ٱلْوَالِي ٱلرِّسَالَةَ، وَسَأَلَ مِنْ أَيَّةِ وِلَايَةٍ هُوَ، وَوَجَدَ أَنَّهُ مِنْ كِيلِيكِيَّةَ، ٣٥قَالَ: «سَأَسْمَعُكَ مَتَى حَضَرَ ٱلْمُشْتَكُونَ عَلَيْكَ أَيْضًا». وَأَمَرَ أَنْ يُحْرَسَ فِي قَصْرِ هِيرُودُسَ.
- وَوَجَدَ أَنَّهُ مِنْ كِيلِيكِيَّةَ: ربما تمنى فِيلِكْسَ أن يكون بولس قد أتى من منطقة تتطلب أن يحكم في قضيته شخص آخر. ولكن قدوم بولس مِنْ كِيلِيكِيَّةَ يعني أن فيلكس هو المسؤول عن تولي القضية والحكم فيها.
- سَأَسْمَعُكَ مَتَى حَضَرَ ٱلْمُشْتَكُونَ عَلَيْكَ أَيْضًا: هذه فرصة بولس الأولى للتحدث مع شخص على هذا المستوى من السلطة (ٱلْوَالِي). كان هذا تحقيقاً لوعد الله عن بولس قبل نحو ٢٠ عاماً: “يَحْمِلَ ٱسْمِي أَمَامَ مُلُوكٍ” (أعمال الرسل ١٥:٩).
- وَأَمَرَ أَنْ يُحْرَسَ فِي قَصْرِ هِيرُودُسَ: كانت تلك بداية الفترة التي قضاها بولس في قيصرية. ثم انتقل إلى روما وبقي هناك سنتين على الأقل. إذا جمعنا المدتين وأضفنا إليهما مدة التنقلات والسفر نستطيع القول أن بولس سيقضي سنواته الخمسة المقبلة في الحبس الروماني. وكان هذا تناقضاً صارخاً مع سنواته السابقة التي قضاها في السفر الواسع والعفوي.
- عاش بولس عدة سنوات بحرية كاملة معتمداً على مواعيد الله. وكان عليه الآن أن يثق بمواعيد الله في السنوات التي سيتمتع بها بحرية أقل عالماً أن الله سوف يستخدمه بنفس القوة وقت الظروف الصعبة.
- احتاج بولس أن يستقبل المواعيد القديمة والجديدة من يسوع واحتاج أن يثق بها وأن يسمح بأن تُحدث فرقاً في طريقة تفكيره ومشاعره. وعلى كل مؤمن أن يحذو حذوه.