أعمال الرسل – الإصحاح ٦
تعيين الشمامسة واعتقال استفانوس
أولاً. تعيين الشمامسة
أ ) الآية (١): نزاع حول توزيع المساعدات للأرامل
١وَفِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ إِذْ تَكَاثَرَ ٱلتَّلَامِيذُ، حَدَثَ تَذَمُّرٌ مِنَ ٱلْيُونَانِيِّينَ عَلَى ٱلْعِبْرَانِيِّينَ أَنَّ أَرَامِلَهُمْ كُنَّ يُغْفَلُ عَنْهُنَّ فِي ٱلْخِدْمَةِ ٱلْيَوْمِيَّةِ.
- حَدَثَ تَذَمُّرٌ مِنَ ٱلْيُونَانِيِّينَ عَلَى ٱلْعِبْرَانِيِّينَ: جاء هجوم الشيطان على الكنيسة عند هذه النقطة من سفر أعمال الرسل من عدة اتجاهات. استخدم أولاً اشكالاً متعددة من الاضطهاد المباشر والترهيب وها هو الآن يحاول إفسادها من الداخل. ولكن بائت كل محاولاته في تعطيل عمل الكنيسة بالفشل. ولكنه يأمل الآن أن يُقّسم الكنيسة ويتغلب عليها من خلال إثارت النزاعات بين أعضائها.
- نستطيع القول أن الأيام الخوالي قد ولت بالنسبة للمؤمنون الأوائل عندما نصل إلى الأصحاحات ٥ و ٦ من أعمال الرسل. فقد كان عليهم الآن أن يتعاملوا مع الفساد الداخلي والنزاعات والانقسام المحتملة. والطريقة التي سيتعاملون فيها مع كل تلك الأمور سيكون لها أكبر الأثر.
- تشير عبارة إِذْ تَكَاثَرَ ٱلتَّلَامِيذُ بأن عمل ملكوت الله من خلال المؤمنين الأوائل كان ناجحاً للغاية وأنهم تعاملوا مع المشاكل بشكل جيد.
- تذكرنا الإشارة ثانية إلى تكاثر التلاميذ بأن الكنيسة الأولى كانت منظمة. فقد عرفوا عدد الذين يخلصون وكانوا يجتمعون في أماكن وأوقات محددة كما وكانوا يجمعون المال والبضائع ويوزعونها على المحتاجين وكانوا يواجهون الخطايا ويتعاملون معها. يشير كل هذا إلى درجة معينة من التنظيم.
- مِنَ ٱلْيُونَانِيِّينَ عَلَى ٱلْعِبْرَانِيِّينَ: ٱلْعِبْرَانِيِّينَ هم اليهود الذين تبنوا الثقافة اليهودية وكان معظمهم من منطقة اليهودية. وٱلْيُونَانِيِّينَ هم اليهود الذين تبنوا الثقافة اليونانية وكان معظمهم من الشتات (من جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية).
- ويمكننا القول ببساطة أن ٱلْعِبْرَانِيِّينَ كانوا يعتبرون ٱلْيُونَانِيِّينَ غير روحانيين ومساومين مع الثقافة اليونانية واعتبر ٱلْيُونَانِيِّينَ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ بأنهم الأكثر تزمتاً من الفريسيين أنفسهم. كانت كل مجموعة تشك بالأخرى ولهذا حاول الشيطان الاستفادة من هذا الشك واستخدامه ضدهم.
- من المهم أن نتذكر أنه رغم استخدام اللقبين ٱلْيُونَانِيِّينَ وٱلْعِبْرَانِيِّينَ إلا أنهم كانوا مؤمنون أي أتباع ليسوع. وكانوا جميعاً من خلفية يهودية وأخذوا يسوع كمخلصهم الشخصي.
- فِي ٱلْخِدْمَةِ ٱلْيَوْمِيَّةِ: أخذت الكنيسة الأولى على عاتقها مساعدة الأرامل على محمل الجد لأنهم غالباً لا يملكون أية مصادر أخرى للدخل ولأنهم توقعوا منهم أن يخدموا الكنيسة بأمانة (تيموثاوس الأولى ٣:٥-١٦).
- نجد تلميح هنا عن ازدياد حجم النزاع بين القادة الدينيين وأتباع يسوع. فقد كان الاهتمام بالأرامل واليتامى جزء هام من الحياة اليهودية وكان من الطبيعي أن تنظم السلطات في الهيكل حملات لتوزيع المعونات على المحتاجين. ولكن يبدو أن الأرامل الذين آمنوا بيسوع لم ينالوا نفس الاهتمام من القادة اليهود وربما يكون السبب هو عدم قبولهم لحقيقة استمرار الرُسل في تعليم الناس عن يسوع عندما طلبوا منهم التوقف.
- أَنَّ أَرَامِلَهُمْ كُنَّ يُغْفَلُ عَنْهُنَّ فِي ٱلْخِدْمَةِ ٱلْيَوْمِيَّةِ: يبدو أن المؤمنين القادمين من الخلفية ٱلْيُونَانِيِّة تذمروا لِأنَّهُ كانَ يَتِمُّ تَجاهُلُ أرامِلِهُمْ فِي التَّوزِيعِ اليَومِيِّ بالمقارنة مع الأرامل اليهود.
- كتب ستوت (Stott): “لا يبدو أن التغافل كان متعمداً وربما كان السبب يعود على الأرجح لسوء الإدارة أو الإشراف.”
- وعلّقَ مكارثر (MacArthur): “من الوارد في كنيسة مثل هذا الحجم التغاضي عن احتياجات شخص ما عن طريق الخطأ.”
- يرغب الشيطان دائماً في استخدام خطأ غير مقصود لبدء النزاعات. كانت نية ٱلْعِبْرَانِيِّينَ صحيحة وكانت حقائق ٱلْيُونَانِيِّينَ صحيحة أيضاً. ولكنها كانت الظروف المثالية لحدوث انقسام في الكنيسة.
ب) الآيات (٢-٤): ترتيب الرُسل لترشيح الشمامسة
٢فَدَعَا ٱلِٱثْنَا عَشَرَ جُمْهُورَ ٱلتَّلَامِيذِ وَقَالُوا: «لَا يُرْضِي أَنْ نَتْرُكَ نَحْنُ كَلِمَةَ ٱللهِ وَنَخْدِمَ مَوَائِدَ. ٣فَٱنْتَخِبُوا أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ سَبْعَةَ رِجَالٍ مِنْكُمْ، مَشْهُودًا لَهُمْ وَمَمْلُوِّينَ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ وَحِكْمَةٍ، فَنُقِيمَهُمْ عَلَى هَذِهِ ٱلْحَاجَةِ. ٤وَأَمَّا نَحْنُ فَنُواظِبُ عَلَى ٱلصَّلَاةِ وَخِدْمَةِ ٱلْكَلِمَةِ».
- لَا يُرْضِي أَنْ نَتْرُكَ نَحْنُ كَلِمَةَ ٱللهِ وَنَخْدِمَ مَوَائِدَ: أوضح الرسل أن عليهم أن يبقوا مخلصين لدعوتهم الرئيسية وهي ٱلصَّلَاةِ وَخِدْمَةِ ٱلْكَلِمَةِ وأنه كان من الخطأ أن يقضوا أوقاتهم في إدارة احتياجات الأرامل.
- يعتقد البعض أن هذا كان دليلاً على تعالي ٱلِٱثْنَا عَشَرَ وأنهم اعتبروا أنفسهم في مكانة أعلى ليقوموا بمثل هذا العمل المتواضع. ولكن الأمر لم يكن كذلك على الإطلاق بل كانوا حكماء في تفويض هذه المسؤوليات للآخرين. فالله لم يدعو هؤلاء الرسل أن يكون كل شيء للكنيسة وحتماً سيهيء أشخاصاً للقيام بخدمات أخرى.
- لا يجوز للراعي أن يُشغل وقته بخدمات بسيطة كخدمة الموائد. ومع ذلك لا يجوز للراعي أن يتكبر على القيام بخدمة مثل هذه النوع.
- لا يتعلق الأمر بتقديم الطعام أو بتنظيف طاولات الطعام لهذه الأرامل بل بالتعامل اليومي مع التفاصيل المالية والعملية ذات الصلة برعاية الأرامل. “كان الصيارفة يستخدمون الموائد في ذلك الوقت لجمع المال أو لتغيير العملة. وهكذا تم انتخاب الشمامسة للإشراف على توزيع الأموال والاحتياجات على المحتاجين في الكنيسة.” أوجيلفي (Ogilvie)
- وَأَمَّا نَحْنُ فَنُواظِبُ عَلَى ٱلصَّلَاةِ وَخِدْمَةِ ٱلْكَلِمَةِ: حقيقة انشغال الرسل بٱلصَّلَاةِ وَخِدْمَةِ ٱلْكَلِمَةِ يُظهر كمية الجهد الذي كانوا يبذلونه في الصلاة وخدمة الكلمة ويظهر أيضاً مقدار الوقت الذي كانوا يستهلكونه في التحضير.
- تتطلب الخدمة الكثير من الجهد حتى بمعزل عن صداع التعامل مع الإداريات. قال شاب لدونالد جيري بارنهاوس (Donald Grey Barnhouse): “أنا مستعد للتنازل عن كل شيء لتعليم الكلمة مثلك.” نظر إليه بارنهاوس وقال: “هذا أمر جيد لأن هذا تماماً ما سيكلفك لتتمكن من تعليم الكلمة.”
- وَأَمَّا نَحْنُ فَنُواظِبُ عَلَى ٱلصَّلَاةِ: لم يصرفوا وقتهم فقط في خِدْمَةِ ٱلْكَلِمَةِ. “لا يجب على الرعاة أن يكتفوا في تعليم الكلمة بل عليهم القيام بأكثر من ذلك.” كالفن (Calvin)
- فَٱنْتَخِبُوا: دعا الرسل (ٱلِٱثْنَا عَشَرَ) المؤمنون (جُمْهُورَ ٱلتَّلَامِيذِ) وطلبوا التوصل إلى حل وفعلوا ذلك بالتواصل مع الآخرين وأخذ آرائهم. وربما طلبوا من الذين شعروا بالظلم أن يقترحوا رجالاً مشهوداً لهم للقيام بهذه الخدمة.
- يا لها من طريقة رائعة لحل المشكلة. فهم لم يتجاهلوا أصحاب الشكوى ولم ينقسموا إلى مجموعتين ولم يتخلوا عن الأشخاص المنزعجين ولم يشكلوا لجنة وصرفوا وقتاً طويلاً في مناقشة المشكلة.
- لا شك أن أحدهم اقترح أن يهتم الرسل أكثر في خدمة التوزيع اليومي لمساعدة الأرامل ولكن فوض الرُسل آخرين وطلبوا منهم القيام بهذه الخدمة. فتلبية الاحتياجات هي أعظم وسيلة لدعوة الآخرين للخدمة.
- مَشْهُودًا لَهُمْ وَمَمْلُوِّينَ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ وَحِكْمَةٍ: ركزت المؤهلات التي طلبها الرسل على الصفات الداخلية للرجال المنتخبة. وكان اهتمام الرسل الأول قلب الرجال أكثر من مظهرهم الخارجي.
- الفكرة من وراء الامتلاء مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ وَالحِكْمَةٍ هي أن على هؤلاء الرجال أن يملكون ذهناً روحياً وعملياً وهو مزيج يصعب العثور عليه.
- سَبْعَةَ رِجَالٍ: ربما اختاروا سَبْعَةَ ليتمكنوا من تسديد احتياجات الأرامل في كل يوم من الأسبوع.
- فَنُقِيمَهُمْ: كان القرار النهائي يقع على كاهل الرُسل. صحيح أنهم طلبوا من الكنيسة انتخاب الرجال (فَٱنْتَخِبُوا أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ سَبْعَةَ رِجَالٍ مِنْكُمْ) ولكن القرار حقاً كان معتمداً على الرُسل. لم تكن تلك انتخابات عامة رغم أن الرُسل طلبوا رأي الكنيسة وقدروه.
- فَنُقِيمَهُمْ عَلَى هَذِهِ ٱلْحَاجَةِ: كان عليهم أن يختاروا سبعة رجال لخدمة الموائد. كانت خدمة الموائد بسيطة للغاية ومع ذلك كان عليهم أن يتحلوا بالمؤهلات الروحية اللازمة وذلك لتفادي خطر الانقسام.
- وبالتالي كان على الرجال أن يتمتعوا بسمعة طيبة (مَشْهُودًا لَهُمْ) وأن يثق بهم شعب الكنيسة.
- كتب بويس (Boice): “لم يحاول الرُسل حماية مصالحهم ولم يحاولوا حتى حماية وجهة نظرهم بل أرادوا أن يحلوا المشكلة بكل بساطة.”
ج) الآيات (٥-٧): اختيار الشمامسة
٥فَحَسُنَ هَذَا ٱلْقَوْلُ أَمَامَ كُلِّ ٱلْجُمْهُورِ، فَٱخْتَارُوا ٱسْتِفَانُوسَ، رَجُلًا مَمْلُوًّا مِنَ ٱلْإِيمَانِ وَٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ، وَفِيلُبُّسَ وَبُرُوخُورُسَ وَنِيكَانُورَ وَتِيمُونَ وَبَرْمِينَاسَ وَنِيقُولَاوُسَ دَخِيلًا أَنْطَاكِيًّا. ٦الَّذِينَ أَقَامُوهُمْ أَمَامَ ٱلرُّسُلِ، فَصَلُّوا وَوَضَعُوا عَلَيْهِمِ ٱلْأَيَادِيَ. ٧وَكَانَتْ كَلِمَةُ ٱللهِ تَنْمُو، وَعَدَدُ ٱلتَّلَامِيذِ يَتَكَاثَرُ جِدًّا فِي أُورُشَلِيمَ، وَجُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ ٱلْكَهَنَةِ يُطِيعُونَ ٱلْإِيمَانَ.
- فَحَسُنَ هَذَا ٱلْقَوْلُ أَمَامَ كُلِّ ٱلْجُمْهُورِ: لا نستطيع القول أنه كان قراراً صائباً لأن الناس قبلته. ومع ذلك أكد الله على حكمة الرُسل من خلال موافقة الشعب. فالله هو من كان يقود الرُسل وليس الرأي العام. ولأنهم كانوا في إتفاق عام ووحدة وافقوا على كيفية قيادة الله للرُسل.
- ٱسْتِفَانُوسَ… وَفِيلُبُّسَ وَبُرُوخُورُسَ…: حمل الرجال السبعة اسماء يونانية للإشارة إلى أنهم كانوا يونانيين. وأظهر الشعب (والرُسل) حساسية مفرطة نحو اليونانيين الذين شعروا بالظلم عن طريق تعيينهم للاعتناء بخدمة التوزيع للأرامل.
- “أتصور أنه كان هناك عدد كبير من المؤمنين المتحدثين باللغة الآرامية في الكنيسة من المتحدثين باللغة اليونانية ولكن الكنيسة اتفقت أن يكون من يتكلمون باليونانية هم القادة.” بويس (Boice)
- الَّذِينَ أَقَامُوهُمْ أَمَامَ ٱلرُّسُلِ، فَصَلُّوا وَوَضَعُوا عَلَيْهِمِ ٱلْأَيَادِيَ: في هذه الحالة بالتحديد رشحت الكنيسة الرجال ووافق الرُسل عليهم بوضع الأيادي ولكن بعد الصلاة وطلب مشورة الله وموافقته.
- كان من المهم أن يضعوا عَلَيْهِمِ ٱلْأَيَادِيَ حتى وإن كانت خدمتهم تتعلق بتسديد الاحتياجات العملية للأرامل. فالخدمة العملية هي خدمة روحية. وقد تم استخدام نفس الكلمة اليونانية لتصف خدمة التَّوزِيعِ اليَومِيِّ (أعمال الرسل ١:٦) وَخِدْمَةِ ٱلْكَلِمَةِ (أعمال الرسل ٤:٦). والفكرة من وراء الكلمتين هي أن الخدمة هي الخدمة سواء كانت خدمة عملية أم خدمة روحية.
- يجب على المؤمنين أن يعتبروا هذا النوع من الخدمة البسيطة والعملية امتياز بدلاً من عبء غير روحي. أظهر يسوع بمعزل عن الصليب محبة غير عادية عن طريق غسل أرجل التلاميذ (يوحنا ١:١٣-٥).
- لا نرى في هذا الأصحاح أن هؤلاء الرجال دعو شمامسة ولكنهم على الأغلب كانوا أول من ملء هذا المنصب كما هو موصوف في تيموثاوس الأولى ٨:٣-١٣. تعني كلمة شماس بكل بساطة “الخادم” وكان هؤلاء الرجال خدام بالفعل وكان بإمكانهم أن يطالبوا بنفس الوعد الذي تحدث عنه بولس في تيموثاوس الأولى ١٣:٣ “فَالَّذِينَ يَخدِمُونَ خِدمَةً حَسَنَةً مِنْ هَذا النَّوعِ يَنالُونَ مَنزِلَةً حَسَنَةً، وَثِقَةً فِي إيمانِهِمْ بِالمَسِيحِ يَسُوعَ.”
- وَكَانَتْ كَلِمَةُ ٱللهِ تَنْمُو، وَعَدَدُ ٱلتَّلَامِيذِ يَتَكَاثَرُ جِدًّا فِي أُورُشَلِيمَ: تخيلوا ما كان سيحدث إن نجح الشيطان في تقسيم الكنيسة! لهذا علينا أن نقدر كل شخص ساهم في إنجاح هذا العمل.
- فعل اليونانيين الذين أتوا بشكوتهم الصواب: عبروا عن المشكلة وبدلاً من التذمر والشكوى وثقوا في حل الرُسل.\
- فعل العبرانيين الذين يشكلون الطرف الآخر من النزاع الصواب: فقد ميزوا أن لليونانيين احتياج مشروع ووثقوا في حل الرُسل.
- فعل الرجال السبعة الصواب: قبلوا الدعوة للقيام بخدمة متواضعة جداً كهذه.
- فعل الرُسل الصواب: تجاوبوا مع الاحتياج دون أن يؤثر ذلك على خدمتهم الرئيسية.
- وَكَانَتْ كَلِمَةُ ٱللهِ تَنْمُو: لأنه تم التعامل مع المشكلة بحكمة وبحساسية نحو الذين شعروا بالظلم وتم نزع فتيلة الانقسام المحتملة استمرت الكلمة في النمو وآمن جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ ٱلْكَهَنَةِ بيسوع.
- “اختارت الكنيسة شمامسة مَمْلُوِّينَ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ وحصلوا على كهنة متغيرين… اختار التلاميذ شمامسة مَمْلُوِّينَ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ وحصلوا على شهداء ومبشرين مَمْلُوِّينَ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ. “
- “تم اختيار الرجال لخدمة الموائد وللقيام بأمور عادية جداً ولكنهم قاموا بعمل أمور غير عادية وكانوا يصنعون آيات وعجائب بين الناس.”
- فشلت خطة الشيطان. حاول تقسيم الكنيسة ولكنه لم ينجح. وفشل أيضاً في خطته الثانية، فلم يتمكن من تشتيت الرُسل عن الخدمة التي عينها الله لهم وهي التركيز على خدمة الكلمة والصلاة.
ثانياً. شهادة استفانوس واعتقاله
أ ) الايات (٨-١٠): شهادة استفانوس
٨وَأَمَّا ٱسْتِفَانُوسُ فَإِذْ كَانَ مَمْلُوًّا إِيمَانًا وَقُوَّةً، كَانَ يَصْنَعُ عَجَائِبَ وَآيَاتٍ عَظِيمَةً فِي ٱلشَّعْبِ. ٩فَنَهَضَ قَوْمٌ مِنَ ٱلْمَجْمَعِ ٱلَّذِي يُقَالُ لَهُ مَجْمَعُ ٱللِّيبَرْتِينِيِّينَ وَٱلْقَيْرَوَانِيِّينَ وَٱلْإِسْكَنْدَرِيِّينَ، وَمِنَ ٱلَّذِينَ مِنْ كِيلِيكِيَّا وَأَسِيَّا، يُحَاوِرُونَ ٱسْتِفَانُوسَ. ١٠وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُقَاوِمُوا ٱلْحِكْمَةَ وَٱلرُّوحَ ٱلَّذِي كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهِ.
- وَأَمَّا ٱسْتِفَانُوسُ فَإِذْ كَانَ مَمْلُوًّا إِيمَانًا وَقُوَّةً، كَانَ يَصْنَعُ عَجَائِبَ وَآيَاتٍ عَظِيمَةً فِي ٱلشَّعْبِ: صنع الله عَجَائِبَ وَآيَاتٍ عَظِيمَةً من خلال الرُسل ولكنه استخدم أيضاً آخرين أمثال استفانوس وهو أحد الخدام الذين اختاروهم لخدمة الأرامل. استخدم الله استفانوس لأنه كان مَمْلُوًّا إِيمَانًا وَقُوَّةً.
- هناك نزاع بسيط حول ما إذا كان النص الأصلي يقول عن استفانوس أنه كان مَمْلُوًّا إِيمَانًا وَقُوَّةً أم مَمْلُوًّا نعمة وَقُوَّةً. فالمعنى واحد تقريباً لأن العيش بإيمان هو السير بنعمة الله.
- يُحَاوِرُونَ ٱسْتِفَانُوسَ: تحاور استفانوس مع اليهود من مَجْمَعُ ٱللِّيبَرْتِينِيِّينَ وبفضل الروح القدس أظهر حكمة أعظم من خصمه (وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُقَاوِمُوا ٱلْحِكْمَةَ وَٱلرُّوحَ ٱلَّذِي كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهِ).
- لا توجد أية إشارة أن استفانوس كان ذكياً أو مثقفاً أو محاوراً أفضل من هؤلاء اليهود. وعلينا أن نعزو الفضل في تغلبه على خصمه في هذا الحوار إلى ٱلرُّوحَ ٱلَّذِي كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهِ.
- ٱلَّذِينَ مِنْ كِيلِيكِيَّا: كتب لوفيت (Lovett): “يشير ذكر كِيلِيكِيَّا إلى المجمع الذي ربما كان ينتمي إليه بولس قبل إيمانه. فقد جاء بولس من طرسوس التي في كِيلِيكِيَّا.”
ب) الآيات (١١-١٤): دسَّ اليهود المنهزمين اتهامات كاذبة ضد استفانوس
١١حِينَئِذٍ دَسُّوا لِرِجَالٍ يَقُولُونَ: «إِنَّنَا سَمِعْنَاهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ تَجْدِيفٍ عَلَى مُوسَى وَعَلَى ٱللهِ». ١٢وَهَيَّجُوا ٱلشَّعْبَ وَٱلشُّيُوخَ وَٱلْكَتَبَةَ، فَقَامُوا وَخَطَفُوهُ وَأَتَوْا بِهِ إِلَى ٱلْمَجْمَعِ، ١٣وَأَقَامُوا شُهُودًا كَذَبَةً يَقُولُونَ: «هَذَا ٱلرَّجُلُ لَا يَفْتُرُ عَنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ كَلَامًا تَجْدِيفًا ضِدَّ هَذَا ٱلْمَوْضِعِ ٱلْمُقَدَّسِ وَٱلنَّامُوسِ، ١٤لِأَنَّنَا سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: إِنَّ يَسُوعَ ٱلنَّاصِرِيَّ هَذَا سَيَنْقُضُ هَذَا ٱلْمَوْضِعَ، وَيُغَيِّرُ ٱلْعَوَائِدَ ٱلَّتِي سَلَّمَنَا إِيَّاهَا مُوسَى».
- حِينَئِذٍ دَسُّوا لِرِجَالٍ يَقُولُونَ: استخدم خصوم استفانوس الأكاذيب والمؤامرة عندما لم يتمكنوا من هزيمته.
- من الطبيعي ألا يعرف لوقا ما هي الأكاذيب التي استخدموها ضد استفانوس. ولكنه ربما عرف بعض التفاصيل لاحقاً من رجل يُدعى شاول الطرسوسي (الذي أصبح بولس الرسول) الذي كان ضمن المشتكين. أو ربما أخبره الأشخاص الذين كانوا من منطقة كِيلِيكِيَّا.
- وَهَيَّجُوا ٱلشَّعْبَ: لم يتمكن المشتكون من فعل شيء لأتباع يسوع إلى أن أثاروا الرأي العام ضدهم. كان الاضطهاد ضد الرُسل في السابق محدوداً لأن الرأي العام كان في صفهم (أعمال ٤٧:٢، ٢٦:٥).
- يمكن التأثير على الرأي العام بسهولة. فالحشد الذي مدح يسوع (لوقا ٣٥:١٩-٤٠) سرعان ما طالب بصلبه (لوقا ١٨:٢٣-٢٣). والحشد الذي أحب الرُسل (أعمال الرسل ٤٧:٢، ٢٦:٥) سرعان ما صرخ ضد استيفانوس. لهذا علينا ألا نسمح للرأي العام بأن يشكل رؤيتنا أو يغير تركيز الكنيسة بل علينا الثبات على كلمة الله الأبدية.
- إِنَّنَا سَمِعْنَاهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ تَجْدِيفٍ عَلَى مُوسَى وَعَلَى ٱللهِ … هَذَا ٱلرَّجُلُ لَا يَفْتُرُ عَنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ كَلَامًا تَجْدِيفًا ضِدَّ هَذَا ٱلْمَوْضِعِ ٱلْمُقَدَّسِ وَٱلنَّامُوسِ … إِنَّ يَسُوعَ ٱلنَّاصِرِيَّ هَذَا سَيَنْقُضُ هَذَا ٱلْمَوْضِعَ، وَيُغَيِّرُ ٱلْعَوَائِدَ ٱلَّتِي سَلَّمَنَا إِيَّاهَا مُوسَى: وجهت كل هذه الاتهامات ضد استفانوس. ونجد بشكل ملحوظ أن العديد من هذه الاتهامات الكاذبة كانت موجهة ضد يسوع أيضاً (متى ٥٩:٢٦-٦١). من الجيد أن يتهم المرء بنفس الأشياء التي اُتُهِمَ بها يسوع.
- اتهموا استفانوس بهذه الأمور لأنه عَلَّمَ أن:
- يسوع أعظم من موسى (كَلَامِ تَجْدِيفٍ عَلَى مُوسَى).
- يسوع هو الله (كَلَامِ تَجْدِيفٍ ضِدَّ ٱللهِ).
- يسوع أعظم من الهيكل (كَلَامِ تَجْدِيفٍ ضِدَّ هَذَا ٱلْمَوْضِعِ ٱلْمُقَدَّسِ).
- يسوع مكمل للناموس (كَلَامِ تَجْدِيفٍ ضِدَّ ٱلنَّامُوسِ).
- يسوع أعظم من طقوسهم وعاداتهم الدينية (إِنَّ يَسُوعَ ٱلنَّاصِرِيَّ هَذَا سَيَنْقُضُ هَذَا ٱلْمَوْضِعَ، وَيُغَيِّرُ ٱلْعَوَائِدَ).
- لم يُعلِم استفانوس بالطبع بِكَلَامِ تَجْدِيفٍ عَلَى مُوسَى وَعَلَى ٱللهِ ولكنهم شوهوا تمجيده ليسوع. ولم يتكلم استفانوس ضِدَّ هَذَا ٱلْمَوْضِعِ ٱلْمُقَدَّسِ (الهيكل) ولكنه لم يعبد الهيكل كما كان يفعل اليهود في ذلك الوقت. تم تحريف كلام استيفانوس وهكذا قدموا اتهامات باطلة ضده.
- “عبر استفانوس عن فهمه الشديد لكلام يسوع في حديثه عن الهيكل وعن نقض للهيكل.” بروس (Bruce)
- لمح العديد من المفسرين أن فحوى رسالة استفانوس عن نقض يسوع للهيكل وعبادته كانت عقيدة حذر الرُسل من تعليمها للناس. ولكن ليس هناك أي مبرر لهذا التكهن. فالمجاهرة التي أظهرها الرسل ما هي إلا دليل على أنهم لم يساوموا بالحق خوفاً من إثارة الجدل أو لأنه كان يشكل خطراً على حياتهم.
- اتهموا استفانوس بهذه الأمور لأنه عَلَّمَ أن:
ج) الآية (١٥): تغير وجه استفانوس عندما اتهموه
١٥فَشَخَصَ إِلَيْهِ جَمِيعُ ٱلْجَالِسِينَ فِي ٱلْمَجْمَعِ، وَرَأَوْا وَجْهَهُ كَأَنَّهُ وَجْهُ مَلَاكٍ.
- فَشَخَصَ إِلَيْهِ جَمِيعُ ٱلْجَالِسِينَ فِي ٱلْمَجْمَعِ: وقف استيفانوس أمام أعلى محكمة موجودة في أورشليم وتم فحصه من قبل أنبل وأثقف وأقوى الرجال وتم اتهامه باطلاً ويبدو أنه فقد دعم الشعب.
- وَرَأَوْا وَجْهَهُ كَأَنَّهُ وَجْهُ مَلَاكٍ: لم يكن وجه استفانوس ناعم كالملائكة التي نراها مرسومة على اللوحات كما لم يعلو وجهه نظرات الغضب والدينونة بل عكس وجهه السلام الكامل والثقة لأنه كان يعرف إلهه جيداً ويثق به. عكس وجهه نفس المجد الذي صار لموسى عندما كان في محضر الله.
- كتب مارشل (Marshall): “كان هذا وصفاً لشخص قريب من الله ويعكس بعضٌ من مجده نتيجة التواجد في محضره (سفر الخروج ٢٩:٣٤).”
- كَأَنَّهُ وَجْهُ مَلَاكٍ: تعني أيضاً أن استفانوس كان يتمتع بسلام كامل. فلم يكن وجهه مليئاً بالخوف أو بالرعب لأنه كان متيقناً أن حياته كانت في يد الله وأن يسوع لن يتخلى عن أولاده أبداً.