أعمال الرسل – الإصحاح ١٠
كَرْنِيلِيُوس وبطرس واهتداء الأمم
أولاً. رسالة الله لكرنيليوس بشأن بطرس
أ ) الآيات (١-٢): كرنيليوس الأممي الذي يخدم الله
١وَكَانَ فِي قَيْصَرِيَّةَ رَجُلٌ ٱسْمُهُ كَرْنِيلِيُوسُ، قَائِدُ مِئَةٍ مِنَ ٱلْكَتِيبَةِ ٱلَّتِي تُدْعَى ٱلْإِيطَالِيَّةَ. ٢وَهُوَ تَقِيٌّ وَخَائِفُ ٱللهِ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ، يَصْنَعُ حَسَنَاتٍ كَثِيرَةً لِلشَّعْبِ، وَيُصَلِّي إِلَى ٱللهِ فِي كُلِّ حِينٍ.
- وَكَانَ فِي قَيْصَرِيَّةَ رَجُلٌ: تقع مدينة قيصرية الرومانية على ضفاف البحر الأبيض المتوسط في اليهودية وكانت مقر الحاكم الروماني لمقاطعة اليهودية. اكتشف علماء الآثار حجراً من مبنى في القيصرية منقوش عليه اسم بيلاطس البنطي.
- كَرْنِيلِيُوسُ، قَائِدُ مِئَةٍ مِنَ ٱلْكَتِيبَةِ ٱلَّتِي تُدْعَى ٱلْإِيطَالِيَّةَ: كان كرنيليوس ضابطاً في الجيش الروماني وكان من الطبيعي أن يكره اليهودي المتعصب أمثاله.
- “كانت هناك ٣٢ مجموعة من هذه الكتائب الإيطالية تتمركز في مختلف المقاطعات وتشكلت من المتطوعين الإيطاليين الذين كانوا من أكثر القوات الرومانية ولاءً.” لينسكي (Lenski). ولأن كرنيليوس كان خادماً وفياً للرومان تحيز معظم اليهود الوطنيين ضده.
- وَهُوَ تَقِيٌّ وَخَائِفُ ٱللهِ: ومع هذا كان كرنيليوس تَقِيٌّ وَخَائِفُ ٱللهِ وَيُصَلِّي إِلَى ٱللهِ فِي كُلِّ حِينٍ ويَصْنَعُ حَسَنَاتٍ كَثِيرَةً للمحتاجين.
- “كمواطن روماني نموذجي لا بد وأنه كان على دراية بالآلهة الرومانية (كوكب المشتري، أوغسطس، المريخ، الزهرة… الخ.) ولكنه اكتشف زيفها عندما استنار بتعليم الديانة اليهودية وأصبح تقياً مؤمناً بالله الواحد.” هيوز (Hughes)
- دعا اليهود الأشخاص مثل كرنيليوس خائفين الله (خَائِفُ ٱللهِ). وكان هؤلاء من الأمم الذين أحبوا إله إسرائيل وكانوا متعاطفين مع الإيمان اليهودي وداعمين له. ولكنهم لم يصبحوا يهوداً بالكامل فيما يتعلق بنمط الحياة وفي الختان.
- احترم الشعب اليهودي وقدر الأمم الخائفين الله في ذلك الوقت ولكنهم لم يتمكنوا من مشاركة حياتهم ومنازلهم وطعامهم معهم لأنهم كانوا لا يزالون أمميين ولم يصبحوا يهوداً بالمعنى الكامل.
- وَيُصَلِّي إِلَى ٱللهِ فِي كُلِّ حِينٍ: من الواضح أن كرنيليوس كان يتمتع بعلاقة حقيقة مع الله بسبب الطريقة التي وصف فيها الكاتب حياته وقلبه. ومع ذلك لم يكن جزءاً من الحياة اليهودية العامة.
ب) الآيات (٣-٦): أرسل الله ملاكاً لكرنيليوس ليستدعي بطرس
٣فَرَأَى ظَاهِرًا فِي رُؤْيَا نَحْوَ ٱلسَّاعَةِ ٱلتَّاسِعَةِ مِنَ ٱلنَّهَارِ، مَلَاكًا مِنَ ٱللهِ دَاخِلًا إِلَيْهِ وَقَائِلًا لَهُ: «يَا كَرْنِيلِيُوسُ!». ٤فَلَمَّا شَخَصَ إِلَيْهِ وَدَخَلَهُ ٱلْخَوْفُ، قَالَ: «مَاذَا يَا سَيِّدُ؟».فَقَالَ لَهُ: «صَلَوَاتُكَ وَصَدَقَاتُكَ صَعِدَتْ تَذْكَارًا أَمَامَ ٱللهِ. ٥وَٱلْآنَ أَرْسِلْ إِلَى يَافَا رِجَالًا وَٱسْتَدْعِ سِمْعَانَ ٱلْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ. ٦إِنَّهُ نَازِلٌ عِنْدَ سِمْعَانَ رَجُلٍ دَبَّاغٍ بَيْتُهُ عِنْدَ ٱلْبَحْرِ. هُوَ يَقُولُ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ».
- فَرَأَى ظَاهِرًا فِي رُؤْيَا نَحْوَ ٱلسَّاعَةِ ٱلتَّاسِعَةِ مِنَ ٱلنَّهَارِ: لسنا نعلم إن كان كرنيليوس يصلي هنا، ولكننا نعلم أن ٱلسَّاعَةِ ٱلتَّاسِعَةِ (أي الثالثة ظهراً) كان الوقت المعهود للصلاة عند اليهود. ونعلم أن كرنيليوس أشار إلى هذه الحادثة في أعمال الرسل ٣٠:١٠ وقال “وَفِي ٱلسَّاعَةِ ٱلتَّاسِعَةِ كُنْتُ أُصَلِّي فِي بَيْتِي.”
- فَرَأَى ظَاهِرًا فِي رُؤْيَا … مَلَاكًا مِنَ ٱللهِ: لم تأتيه الرؤيا كحلم ولم تحدث فعلاً بل رأى الرُؤْيَا في مخيلته (كصورة في ذهنه). ولكنها بدت حقيقية للغاية لدرجة جعلته يقول: وَإِذَا رَجُلٌ قَدْ وَقَفَ أَمَامِي بِلِبَاسٍ لَامِعٍ (أعمال الرسل ٣٠:١٠).
- «يَا كَرْنِيلِيُوسُ!»: كان من المهم للغاية أن يتكلم الله مباشرة مع كرنيليوس لهذا دعاه باسمه. وكان من المهم أيضاً أن يتجاوب كرنيليوس بخشوع لائق مع هذه الرؤيا السماوية والمقدسة (وَدَخَلَهُ ٱلْخَوْفُ). وهذا يدل على أن كرنيليوس كان يتمتع بعلاقة حقيقية مع الله.
- وَٱسْتَدْعِ سِمْعَانَ ٱلْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ: لم يعرف كرنيليوس غالباً من هو بطرس، ولكنه عرف أن عليه أن يطيع أمر الله ويثق أنه تكلم أيضاً مع هذا المدعو بُطْرُسَ (هُوَ يَقُولُ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ).
- هُوَ يَقُولُ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ: أرسل الله ملاكاً في رؤيا إلى كرنيليوس ولكنه استخدم رجلاً ليكرز بالإنجيل له.
- “قد تساعد الملائكة في توصيل شخص بخادم ما ولكن لا يُسمح لها أن تفعل أكثر من ذلك.” لينسكي (Lenski)
ج) الآيات (٧-٨): أطاع كرنيليوس أمر الرب واستدعى بطرس
٧فَلَمَّا ٱنْطَلَقَ ٱلْمَلَاكُ ٱلَّذِي كَانَ يُكَلِّمُ كَرْنِيلِيُوسَ، نَادَى ٱثْنَيْنِ مِنْ خُدَّامِهِ، وَعَسْكَرِيًّا تَقِيًّا مِنَ ٱلَّذِينَ كَانُوا يُلَازِمُونَهُ، ٨وَأَخْبَرَهُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ وَأَرْسَلَهُمْ إِلَى يَافَا.
- نَادَى ٱثْنَيْنِ مِنْ خُدَّامِهِ، وَعَسْكَرِيًّا تَقِيًّا: يبدو أن إيمان كرنيليوس كان مُعدياً لأن خُدَّامِهِ ومن هم تحت أمره كانوا يكرمون إله إسرائيل أيضاً.
ثانياً. رؤيا بطرس: المُلَاءَةٍ عَظِيمَةٍ
أ ) الآيات (٩-١٠): بطرس على سطح بيت سمعان الدَبّاغ
٩ثُمَّ فِي ٱلْغَدِ فِيمَا هُمْ يُسَافِرُونَ وَيَقْتَرِبُونَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ، صَعِدَ بُطْرُسُ عَلَى ٱلسَّطْحِ لِيُصَلِّيَ نَحْوَ ٱلسَّاعَةِ ٱلسَّادِسَةِ. ١٠فَجَاعَ كَثِيرًا وَٱشْتَهَى أَنْ يَأْكُلَ. وَبَيْنَمَا هُمْ يُهَيِّئُونَ لَهُ، وَقَعَتْ عَلَيْهِ غَيْبَةٌ.
- فِيمَا هُمْ يُسَافِرُونَ وَيَقْتَرِبُونَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ، صَعِدَ بُطْرُسُ عَلَى ٱلسَّطْحِ لِيُصَلِّيَ: كما تكلم الله مع كرنيليوس وكما أرسل كرنيليوس خدامه لاستدعاء بطرس هكذا تكلم الله مع بطرس.
- هذا ما يفعله الله عادة: يتكلم مع عدة أشخاص حول مسألة ما وليس مع شخص واحد فقط، ثم يوفر التأكيدات وهكذا تَتَثَبَّتُ كُلُّ مَسألَةٍ بِشَهادَةِ شاهِدَيْنِ أوْ ثَلاثَةٍ.
- “لن يجتمع رجلين بينهما مسافة خمسين كيلومتراً إلا إن قام أحدهم بترتيب الأمر. وهذا ما فعله الله حينما أرسل ملاكاً إلى قيصرية لأن عيناه دائماً على أولاده وظهر في رؤيا مفرحة في مدينة يافا بينما كانت مشغولة بتجارتها وقيصرية مشغولة بمصالحها في النقل البحري ودون أن يعرف أحد ماذا كان يحدث. قام الله بجمع هذين الرجلين.” مورغان (Morgan)
- صَعِدَ بُطْرُسُ عَلَى ٱلسَّطْحِ لِيُصَلِّيَ: من الطبيعي أن يستخدم ٱلسَّطْحِ كالشرفة في تلك الثقافة. لهذا لم يكن غريباً صعود بُطْرُسُ عَلَى ٱلسَّطْحِ لِيُصَلِّيَ.
- فَجَاعَ كَثِيرًا: ويحدث هذا كثيراً أثناء الصلاة. الأمور الجسدية تشتتنا كلما حاولنا التواصل مع الله. ومع هذا استخدم الله التشتيتات للتحدث مع بطرس وراحَ فِي حالَةِ سُباتٍ (وَقَعَتْ عَلَيْهِ غَيْبَةٌ).
ب) الآيات (١١-١٦): رؤيا بطرس
١١فَرَأَى ٱلسَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَإِنَاءً نَازِلًا عَلَيْهِ مِثْلَ مُلَاءَةٍ عَظِيمَةٍ مَرْبُوطَةٍ بِأَرْبَعَةِ أَطْرَافٍ وَمُدَلَّاةٍ عَلَى ٱلْأَرْضِ. ١٢وَكَانَ فِيهَا كُلُّ دَوَابِّ ٱلْأَرْضِ وَٱلْوُحُوشِ وَٱلزَّحَّافَاتِ وَطُيُورِ ٱلسَّمَاءِ. ١٣وَصَارَ إِلَيْهِ صَوْتٌ: «قُمْ يَا بُطْرُسُ، ٱذْبَحْ وَكُلْ». ١٤فَقَالَ بُطْرُسُ: «كَلَّا يَا رَبُّ! لِأَنِّي لَمْ آكُلْ قَطُّ شَيْئًا دَنِسًا أَوْ نَجِسًا». ١٥فَصَارَ إِلَيْهِ أَيْضًا صَوْتٌ ثَانِيَةً: «مَا طَهَّرَهُ ٱللهُ لَا تُدَنِّسْهُ أَنْتَ!». ١٦وَكَانَ هَذَا عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ، ثُمَّ ٱرْتَفَعَ ٱلْإِنَاءُ أَيْضًا إِلَى ٱلسَّمَاءِ.
- كُلُّ دَوَابِّ ٱلْأَرْضِ وَٱلْوُحُوشِ وَٱلزَّحَّافَاتِ وَطُيُورِ ٱلسَّمَاءِ: رأى بطرس كُلُّ أنواعِ بَهائِمِ الأرْضِ وَزَواحِفِها وَطُيُورِ السَّماءِ (غير النجسة أي المذبوحة وفقاً للشريعة اليهودية والنجسة) على شَيء يُشبِهُ قِطعَةَ قُماشٍ كَبِيرَةً (مُلَاءَةٍ عَظِيمَةٍ مَرْبُوطَةٍ بِأَرْبَعَةِ أَطْرَافٍ). ثم أمره الصوت: قُمْ يَا بُطْرُسُ، ٱذْبَحْ وَكُلْ.
- فكر بطرس من دون شك، أن جوعه الشديد ورغبته في الأكل أثناء الصلاة ما هو إلا تشتيت للذهن. غير أن الله استخدم ذلك للتكلم إليه من خلال رؤيا تتعلق بالطعام. ربما ساعد شعوره بالجوع على لفت انتباهه!
- وَصَارَ إِلَيْهِ صَوْتٌ: لا نعلم بالضبط كيف بدى الأمر بالنسبة لبطرس. فنادراً ما يتكلم الله معنا بصوتٍ مسموع وغالباً يتكلم إلى إنساننا الباطني (نسمع صوت داخلي). يمكننا ’رؤية‘ الرؤيا ’بعيون أذهاننا‘ ويمكننا ’سماع‘ همس الله بداخلنا.
- “لا يحتاج الله إلى موجات صوتية للتحدث مع الإنسان فهو قادر على التكلم مع عقل الإنسان مباشرة حيث تفسَّرُ كل الموجات الصوتية.” لوفيت (Lovett)
- قُمْ يَا بُطْرُسُ، ٱذْبَحْ وَكُلْ: كان هذا الطلب يتعارض تماماً مع بطرس اليهودي المتعصب والملتزم بحفظ الناموس فهو لا يأكل سوى الأطعمة المذبوحة حسب الناموس (كوشر). وبالتالي كان هناك حتماً دَوَابِّ ٱلْأَرْضِ وَٱلْوُحُوشِ وَٱلزَّحَّافَاتِ وَطُيُورِ ٱلسَّمَاءِ نجسة وفقاً للشريعة اليهودية.
- كَلَّا يَا رَبُّ!: كان رد بطرس منافياً للعقل ولكنه طبيعي بالنسبة لنا كبشر. قال بطرس ’لا‘ لربَّه. يجب أن يكون الجواب الشرعي الوحيد لطلب من إلهنا هو: ’نعم.‘
- اعتاد بطرس على قول’لا‘ ليسوع ويا لها من عادة سيئة (متى ٢٢:١٦، يوحنا ١٣:٨). قارن تجاوب بطرس مع الله (كَلَّا يَا رَبُّ!) مع استجابة كرنيليوس مع الله (ما الأمرُ يا سَيِّد؟). يبدو أن كرنيليوس في ذلك اليوم كان أكثر تجاوباً مع الله من بطرس.
- اعتاد بطرس أن يضع حدوداً لقدرة الله والآن سيزعزع الله طريقة تفكيره. وهو الأمر الذي سيفعله الله معنا أيضًا. قال سبيرجن (Spurgeon): “اِنْفَتَحَ قليلاً يا أخي إن كنت متزمتاً. أصلي أن يشعل الله ناره بداخلك لتلتهم كل الخطوط الحمراء في حياتك! كما أصلي أن تصبح أقل تزمتاً إن كنت غير قادر على القيام بما هو صحيح بسبب تزمتك. لن يخلص كثيرون بينما تتعلم أنت كيف تصبح أكثر تزمتاً.”
- حصل بطرس على الخلاص وامتلأ من الروح القدس واستخدمه الله للقيام بخدمة رائعة ومع ذلك بطرس بقي بطرس. لم يستخدمه الله لأنه كان مثالياً بل لأنه كان يسير في الاتجاه الصحيح وكان متاحاً. كثيراً ما نقع في فخ التفكير أننا يجب أن نكون كاملين قبل أن يستخدمنا الله.
- فَصَارَ إِلَيْهِ أَيْضًا صَوْتٌ ثَانِيَةً: كان رد الله واضح للغاية: مَا طَهَّرَهُ ٱللهُ (أعلن أنه طاهر) لَا تُدَنِّسْهُ أَنْتَ (نجس أو غير مقدس أو غير مقبول لله).
- ثمة أشياء في العهد القديم مقدسة وأشياء نجسة. عندما يتلامس المُقدس مع النجس لا يمكن تقديسه ثانية إلا بطقوس التطهير. عندما يصبح الشيء مقدساً كان يُدعى “مكرساً” وعندما يصبح نجساً كان يدعى “دنساً.”
- اعتقد بطرس في هذه المرحلة أن الله كان يتكلم عن الطعام فقط ولكن أظهر الله له بعد فترة وجيزة أنه كان يشير لشيء آخر.
- وَكَانَ هَذَا عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ: كرر الله هذه الرؤيا ثلاث مرات بهدف التأكيد. كان على بطرس أن يعرف أهمية الأمر.
- “عندما تكررت الرؤيا ثلاث مرات أدرك بطرس أن الله يريد أن يُخبره شيئاً ولكنه لم يعرف ما هو بالضبط.” بويس (Boice)
ج) الآيات (١٧-٢٠): أعلن الله لبطرس عن قدوم الرجال من قِبَلِ كرنيليوس
١٧وَإِذْ كَانَ بُطْرُسُ يَرْتَابُ فِي نَفْسِهِ: مَاذَا عَسَى أَنْ تَكُونَ ٱلرُّؤْيَا ٱلَّتِي رَآهَا؟ إِذَا ٱلرِّجَالُ ٱلَّذِينَ أُرْسِلُوا مِنْ قِبَلِ كَرْنِيلِيُوسَ، وكَانُوا قَدْ سَأَلُوا عَنْ بَيْتِ سِمْعَانَ وَقَدْ وَقَفُوا عَلَى ٱلْبَابِ ١٨وَنَادَوْا يَسْتَخْبِرُونَ: «هَلْ سِمْعَانُ ٱلْمُلَقَّبُ بُطْرُسَ نَازِلٌ هُنَاكَ؟». ١٩وَبَيْنَمَا بُطْرُسُ مُتَفَكِّرٌ فِي ٱلرُّؤْيَا، قَالَ لَهُ ٱلرُّوحُ: «هُوَذَا ثَلَاثَةُ رِجَالٍ يَطْلُبُونَكَ. ٢٠لَكِنْ قُمْ وَٱنْزِلْ وَٱذْهَبْ مَعَهُمْ غَيْرَ مُرْتَابٍ فِي شَيْءٍ، لِأَنِّي أَنَا قَدْ أَرْسَلْتُهُمْ».
- وَإِذْ كَانَ بُطْرُسُ يَرْتَابُ فِي نَفْسِهِ: مَاذَا عَسَى أَنْ تَكُونَ ٱلرُّؤْيَا ٱلَّتِي رَآهَا؟: لم يفهم بطرس ما حدث عندما انتهت الرؤيا ولكنه فهم مع الوقت وفهم أكثر عندما تكلم الله من خلال الزوار الذي وقفوا عند بابه.
- قَالَ لَهُ ٱلرُّوحُ: رأينا في أعمال الرسل ١٣:١٠ و١٥:١٠ كيف كان الصوت يتكلم مع بطرس وتخبرنا الكلمة هنا أن ٱلرُّوحُ تكلم مع بطرس. تكلم الله مع بطرس مستخدماً الروح القدس.
- هُوَذَا ثَلَاثَةُ رِجَالٍ يَطْلُبُونَكَ… لَكِنْ قُمْ وَٱنْزِلْ وَٱذْهَبْ مَعَهُمْ غَيْرَ مُرْتَابٍ فِي شَيْءٍ، لِأَنِّي أَنَا قَدْ أَرْسَلْتُهُمْ: لم يخبر الله بطرس حتى هذه النقطة أن زواره كانوا من الأمم. فاليهودي المتعصب كبطرس لا يتعامل في العادة مع الأمم. وبسبب معرفة الله لهذا الأمر ومعرفته لمقاومة بطرس السابقة (كلا يا رب!) فاجأه الله عندما أخبره ببساطة أنهم من الأمم. كل ما يحتاجه بطرس هو معرفة أن الروح قال: لِأَنِّي أَنَا قَدْ أَرْسَلْتُهُمْ.”
د ) الآيات (٢١-٢٣): عاد بطرس إلى قيصرية مع المُرسلين لرؤية كرنيليوس
٢١فَنَزَلَ بُطْرُسُ إِلَى ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَيْهِ مِنْ قِبَلِ كَرْنِيلِيُوسَ، وَقَالَ: «هَا أَنَا ٱلَّذِي تَطْلُبُونَهُ. مَا هُوَ ٱلسَّبَبُ ٱلَّذِي حَضَرْتُمْ لِأَجْلِهِ؟». ٢٢فَقَالُوا: «إِنَّ كَرْنِيلِيُوسَ قَائِدَ مِئَةٍ، رَجُلًا بَارًّا وَخَائِفَ ٱللهِ وَمَشْهُودًا لَهُ مِنْ كُلِّ أُمَّةِ ٱلْيَهُودِ، أُوحِيَ إِلَيْهِ بِمَلَاكٍ مُقَدَّسٍ أَنْ يَسْتَدْعِيَكَ إِلَى بَيْتِهِ وَيَسْمَعَ مِنْكَ كَلَامًا». ٢٣فَدَعَاهُمْ إِلَى دَاخِلٍ وَأَضَافَهُمْ. ثُمَّ فِي ٱلْغَدِ خَرَجَ بُطْرُسُ مَعَهُمْ، وَأُنَاسٌ مِنَ ٱلْإِخْوَةِ ٱلَّذِينَ مِنْ يَافَا رَافَقُوهُ.
- فَنَزَلَ بُطْرُسُ إِلَى ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَيْهِ مِنْ قِبَلِ كَرْنِيلِيُوسَ: لا بد وأن بطرس تفاجأ عندما فتح الباب ورأى ٱثْنَيْنِ مِنْ الخدم وَعَسْكَرِي واقفون هناك (أعمال الرسل ٧:١٠). عَلِمَ بطرس في الحال أنهم ليسوا من اليهود وربما تساءل لماذا طلب الله منه أن يذهب معهم ولماذا أرسلهم الله.
- فكرة أن الله أرسل واستخدم أمميين كانت جديدة على بطرس. كان الله يوسع ويفتح عقل وقلب بطرس.
- أَنْ يَسْتَدْعِيَكَ إِلَى بَيْتِهِ وَيَسْمَعَ مِنْكَ كَلَامًا: قدم خُدام كرنيليوس دعوة لبطرس. وكانت الدعوة أن يذهب بطرس إلى بيت كرنيليوس لكي يَسْمَعَ مِنْكَ كَلَامًا. لم يتمكن بطرس بطبيعة الحال من رفض الدعوة – أم تظنه يقدر؟
- أراد أممي – بل أسوأ من أممي عادي، قائد في الجيش الروماني – أن يسمع رسالة الإنجيل من بطرس. لم يفعل بطرس شيئاً كهذا من قبل. فماذا سيكون رده يا تُرى؟
- فَدَعَاهُمْ إِلَى دَاخِلٍ وَأَضَافَهُمْ: نستطيع أن نرى التغيير في قلب بطرس لأنه دَعَاهُمْ إِلَى دَاخِلٍ وَأَضَافَهُمْ. تعني كلمة أَضَافَهُمْ حرفياً أنه دعاهم ليمضوا الليلة ضيوفاً بذلك البيت. ولم يستقبلهم ببرود بل رحب بهم وأكرمهم وأعطاهم غرفة للمبيت وهذا يخالف كل التقاليد اليهودية السائدة حينها.
- “من الطبيعي أن يتجاوب اليهودي مع موقف كهذا ويقول: ’سعدت بلقائكم ولكن علينا البقاء هنا في الشارع فلا يجوز لكم الدخول إلى بيتي.‘ أو قد يقول: ’يوجد فندق في آخر الشارع يمكنكم المبيت هناك.‘ كان مستحيلاً على اليهودي المتعصب أن يدعو أممي إلى بيته وأن يجلس معه على نفس الطاولة وأن يكون له أي شركة معه فهذا من المحرمات.” بويس (Boice)
- خالف بطرس كل العادات والتقاليد اليهودية عندما استضاف هؤلاء الأمميين ولكنه لم يخالف كلمة الله. ربما غمر الله قلب بطرس في هذه اللحظة بالذات وأعطاه فهماً أعمق لوصيته للشعب في العهد القديم عندما طلب منهم ألا يختلطوا مع جيرانهم الأوثان وأن يكونوا نوراً لجيرانهم الذين لا يعرفون الإله الحقيقي.
- “أَعتقد أَن الملائكة حرست البيت وحرست التلميذ الدباغ المحتقر والرسول العظيم والأمميين الثلاثة أثناء نومهم تلك الليلة.” مورغان (Morgan)
- ثُمَّ فِي ٱلْغَدِ خَرَجَ بُطْرُسُ مَعَهُمْ: مد بطرس يد المحبة لجيرانه الأمم مطيعاً بذلك أمر الله.
- وَأُنَاسٌ مِنَ ٱلْإِخْوَةِ ٱلَّذِينَ مِنْ يَافَا رَافَقُوهُ: كتب بويس (Boice): “أعتقد أن بطرس توقع ما سيحدث وتوقع سوء الظن والمعارضة التي ستنتج ولهذا قرر أن يأخذ معه بعض اليهود للتحقق من أمر الرب ومن النتائج.”
- “وصل إلى مدينة يافا قبل عدة قرون يهودي يحمل رسالة من إلهه للأمم. ولكن يونان النبي عصى الدعوة الإلهية واستقل السفينة وترك يافا.” غايبلين (Gaebelein)
- هرب يونان من دعوة الله معتقداً أنه يستطيع الهرب من وجهه ولم يقاسم الله بنفس المحبة نحو الخطاة. كان بطرس على استعداد لإعادة النظر في تقاليده وتحيزاته في ضوء كلمة الله وكان يملك نفس محبة الله نحو العالم الضال. البعض يشبهون بطرس والبعض الآخر يشبهون يونان.
ثالثاً. بطرس يقابل كرنيليوس
أ ) الآيات (٢٤-٢٦): بطرس في بيت كرنيليوس
٢٤وَفِي ٱلْغَدِ دَخَلُوا قَيْصَرِيَّةَ. وَأَمَّا كَرْنِيلِيُوسُ فَكَانَ يَنْتَظِرُهُمْ، وَقَدْ دَعَا أَنْسِبَاءَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ ٱلْأَقْرَبِينَ. ٢٥وَلَمَّا دَخَلَ بُطْرُسُ ٱسْتَقْبَلَهُ كَرْنِيلِيُوسُ وَسَجَدَ وَاقِعًا عَلَى قَدَمَيْهِ. ٢٦فَأَقَامَهُ بُطْرُسُ قَائِلًا: «قُمْ، أَنَا أَيْضًا إِنْسَانٌ».
- وَأَمَّا كَرْنِيلِيُوسُ فَكَانَ يَنْتَظِرُهُمْ: تمتع كرنيليوس بإيمان قوي بالله. انتظر لقاء بطرس عالماً أنه وصية الله ومتأكد أنه سيتمم خطته ومشيئته.
- أرسل كرنيليوس خُدام لاستدعاء رجل لم يلتقيه من قبل ومجهول بالنسبة له. كل ما عرفه عن هذا الرجل أنه كان يهودياً تقياً وأن التقاليد تمنع تعامله مع شخص وثني مثله. ومع هذا كان كَرْنِيلِيُوسُ يَنْتَظِرُهُمْ بإيمان.
- وَلَمَّا دَخَلَ بُطْرُسُ ٱسْتَقْبَلَهُ كَرْنِيلِيُوسُ وَسَجَدَ وَاقِعًا عَلَى قَدَمَيْهِ: لم يعرف كرنيليوس بطرس مطلقاً ولكنه عَلِمَ أنه رجل الله المميز لذا سَجَدَ وَاقِعًا عَلَى قَدَمَيْهِ. كانت ردة فعله مفهومة ولكنها خاطئة. صحح بطرس مفهوم كرنيليوس وقال له: «قُمْ، أَنَا أَيْضًا إِنْسَانٌ». إن كان لا ينبغي أن يعطي كرنيليوس مثل هذا التعظيم لبطرس فعلى بطرس ألا يقبل به أيضاً.
- نرى بشكل ملحوظ أن كل سجود قُدِم للإنسان أو للملائكة في الكتاب المقدس (كما في رؤيا يوحنا ١٠:١٩) كان مرفوضاً. ولكن قَبِلَ يسوع السجود (متى ٢:٨، ١٨:٩، ٣٣:١٤، ٢٥:١٥، ٩:٢٨). وهذا يثبت أن يسوع أكثر من مجرد إنسان عادي وأعظم من أي ملاك (لوقا ٨:٤).
- يوجد تمثال ضخم لبطرس في كاتدرائية القديس بطرس في روما يأتيه الناس ويقبلون قدمه. وهذا تصرف لا مبرر له وغير مناسب تجاه أي رجل أو ملاك. أكاد أتمنى لو يأتي بطرس ليصحح مثل هؤلاء الأشخاص.
- كَرَمَ كُلُّ واحِدٍ الآخر. كَرَمَ بطرس كرنيليوس بمجيئه من يافا وكَرَمَ كرنيليوس بطرس بالسجود له. فعلوا ما كتب عنه بولس لاحقاً: مُقَدِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي ٱلْكَرَامَةِ (رومية ١٠:١٢).
- “رفض بطرس أن يعامله كرنيليوس كإله ورفض أن يعامل كرنيليوس باحتقار.” ستوت (Stott)
ب) الآيات (٢٧-٢٩): شرح بطرس سبب مجيئه عندما دخل بيت كرنيليوس
٢٧ثُمَّ دَخَلَ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ مَعَهُ وَوَجَدَ كَثِيرِينَ مُجْتَمِعِينَ. ٢٨فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ كَيْفَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى رَجُلٍ يَهُودِيٍّ أَنْ يَلْتَصِقَ بِأَحَدٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ يَأْتِيَ إِلَيْهِ. وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَرَانِي ٱللهُ أَنْ لَا أَقُولَ عَنْ إِنْسَانٍ مَا إِنَّهُ دَنِسٌ أَوْ نَجِسٌ. ٢٩فَلِذَلِكَ جِئْتُ مِنْ دُونِ مُنَاقَضَةٍ إِذِ ٱسْتَدْعَيْتُمُونِي. فَأَسْتَخْبِرُكُمْ: لِأَيِّ سَبَبٍ ٱسْتَدْعَيْتُمُونِي؟».
- ثُمَّ دَخَلَ:هذا المقطع من أقصر وأهم المقاطع في هذا القسم. دخل بطرس بيت الأممي رغماً عن التقاليد والعادات اليهودية. أظهر بطرس بدخوله إلى بيت الأممي بأن قلبه وعقله قد تغيرا فعلاً وأنه قد تعلم الدرس من الرؤيا.
- “لا يتمحور الموضوع الرئيسي للأصحاح على اهتداء كرنيليوس بل على تغيير بطرس.” ستوت (Stott)
- فَقَالَ لَهُمْ: كان على بطرس أن يشرح كيف دخل شخص يهودي متعصب ومؤمن مثله إلى بيت رجل أممي. شرح أولاً الرسالة التي تلقاها في الرؤيا وكيف أدرك لاحقاً أن الله لم يكن يتكلم عن الطعام فيها (أَنْ لَا أَقُولَ عَنْ إِنْسَانٍ مَا إِنَّهُ دَنِسٌ أَوْ نَجِسٌ).
- يُظهر قول بطرس: “أَنْ لَا أَقُولَ عَنْ إِنْسَانٍ مَا إِنَّهُ دَنِسٌ أَوْ نَجِسٌ” أنه فهم أن الرؤيا لا تتحدث عن الطعام بل عن الإنسان. بيد أن المبدأ لا يزال يقتصر على الأغذية. نعلم أنه لا يوجد قيود على نوعية الطعام التي يجوز للمؤمن تناولها. كيف نأكل يؤثر فقط على صحتنا ولكنه لا يصحح علاقتنا مع الله ولا يجعلنا أكثر تقوى.
- تكلم يسوع عن هذا المبدأ من قبل: ألَمْ تَفهَمُوا إنَّهُ لا شَيءَ يَدخُلُ الإنسانَ مِنَ الخارِجِ يَقْدِرُ أنْ يُنَجِّسَهُ؟لِأنَّهُ لا يَدخُلُ إلَى قَلبِهِ، بَلْ إلَى مَعِدَتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ خارِجاً. فَبَيَّنَ يَسُوعُ بِهَذا الكَلامِ أنَّ جَمِيعَ الأطعِمَةِ طاهِرَةٌ (مرقس ١٨:٧-١٩).
- عَرِفَ بولس هذا المبدأ أيضاً: إِنِّي عَالِمٌ وَمُتَيَقِّنٌ فِي ٱلرَّبِّ يَسُوعَ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ نَجِسًا بِذَاتِهِ (رومية ١٤:١٤). ولهذا استنتج: فَلَا يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِي أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ … ٱلَّتِي هِيَ ظِلُّ ٱلْأُمُورِ ٱلْعَتِيدَةِ، وَأَمَّا ٱلْجَسَدُ فَلِلْمَسِيحِ (كولوسي ١٦:٢-١٧).
- ومع ذلك كانت الصلة بين الشخص النجس والطعام النجس مهمة. كان الطعام النَجس مرتبطاً إرتباطاً وثيقاً بالأشخاص النجُسَ. علّقَ بروس (Bruce): “بسبب عدم اهتمام الأمم بنوعية الطعام ونظافته وفقاً للشريعة اليهودية كانوا بالنسبة لليهودي المتزمت أنجاس ولا يجوز التعامل معهم اجتماعياً.”
- فَلِذَلِكَ جِئْتُ: ما حدث أكد الرؤيا. إن لم يتلقى بطرس هذه الرؤيا لما سافر مع هؤلاء الأمميين. كان على الله أن يُعد قلب بطرس برؤيا قبل أن يتمكن من الذهاب هناك.
ج) الآيات (٣٠-٣٣): كرنيليوس يشرح سبب اِسْتِدْعاءه لبطرس
٣٠فَقَالَ كَرْنِيلِيُوسُ: «مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ إِلَى هَذِهِ ٱلسَّاعَةِ كُنْتُ صَائِمًا. وَفِي ٱلسَّاعَةِ ٱلتَّاسِعَةِ كُنْتُ أُصَلِّي فِي بَيْتِي، وَإِذَا رَجُلٌ قَدْ وَقَفَ أَمَامِي بِلِبَاسٍ لَامِعٍ ٣١وَقَالَ: يَا كَرْنِيلِيُوسُ، سُمِعَتْ صَلَاتُكَ وَذُكِرَتْ صَدَقَاتُكَ أَمَامَ ٱللهِ. ٣٢فَأَرْسِلْ إِلَى يَافَا وَٱسْتَدْعِ سِمْعَانَ ٱلْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ. إِنَّهُ نَازِلٌ فِي بَيْتِ سِمْعَانَ رَجُلٍ دَبَّاغٍ عِنْدَ ٱلْبَحْرِ. فَهُوَ مَتَى جَاءَ يُكَلِّمُكَ. ٣٣فَأَرْسَلْتُ إِلَيْكَ حَالًا. وَأَنْتَ فَعَلْتَ حَسَنًا إِذْ جِئْتَ. وَٱلْآنَ نَحْنُ جَمِيعًا حَاضِرُونَ أَمَامَ ٱللهِ لِنَسْمَعَ جَمِيعَ مَا أَمَرَكَ بِهِ ٱللهُ».
- كُنْتُ أُصَلِّي فِي بَيْتِي: كان كرنيليوس يصلي رغبةً منه الاقتراب من الله بشكل عام وأن يرسل الله المسيا بشكل خاص. استجاب الله لهذه الطلبة من خلال الإنجيل الذي أحضره بطرس إليه.
- كُنْتُ صَائِمًا: كانت لجاجته في الصلاة واضحة. كان كرنيليوس يصرف الكثير من الوقت في الصلاة وصار الطعام غير مهم. ولأنه صلى بلجاجة كشف الله عن نفسه لكرنيليوس.
- سُمِعَتْ صَلَاتُكَ وَذُكِرَتْ صَدَقَاتُكَ أَمَامَ ٱللهِ: جدير بالذكر أن الله سمع صلاة كرنيليوس وتذكر كرمه مع الآخرين رغم أنه لم يكن مؤمناً ولم يختبر الولادة الثانية بعد.
- وَٱلْآنَ نَحْنُ جَمِيعًا حَاضِرُونَ أَمَامَ ٱللهِ لِنَسْمَعَ جَمِيعَ مَا أَمَرَكَ بِهِ ٱللهُ: كان بطرس يعيش حلم كل واعظ: كان جمهوره يقظاً ومُعَدٌّ جيداً من الروح القدس.
- تم الإعداد للعظة التي سيقدمها بطرس بشكل رائع. أعد الروح القدس بطرس وأعد الحاضرين في منزل كرنيليوس. تتضاعف البركة عندما نُعد أنفسنا لسماع كلمة الله.
- “أترغب بسماع عظة رائعة عند الذهاب إلى الكنيسة؟ إذاً عليك أن تأتي بقلبٍ مستعد. وأعلم أن على الواعظ أن يكون مستعداً أيضاً. وعندما يُعد الله المتكلم والجمهور تحدث عادة أمور عظيمة.” بويس (Boice)
د ) الآيات (٣٤-٤٣): عظة بطرس القصيرة للأمم في بيت كرنيليوس
٣٤فَفَتَحَ بُطْرُسُ فَاهُ وَقَالَ: «بِٱلْحَقِّ أَنَا أَجِدُ أَنَّ ٱللهَ لَا يَقْبَلُ ٱلْوُجُوهَ. ٣٥بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ، ٱلَّذِي يَتَّقِيهِ وَيَصْنَعُ ٱلْبِرَّ مَقْبُولٌ عِنْدَهُ. ٣٦ٱلْكَلِمَةُ ٱلَّتِي أَرْسَلَهَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ يُبَشِّرُ بِٱلسَّلَامِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. هَذَا هُوَ رَبُّ ٱلْكُلِّ. ٣٧أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٱلْأَمْرَ ٱلَّذِي صَارَ فِي كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ مُبْتَدِئًا مِنَ ٱلْجَلِيلِ، بَعْدَ ٱلْمَعْمُودِيَّةِ ٱلَّتِي كَرَزَ بِهَا يُوحَنَّا. ٣٨يَسُوعُ ٱلَّذِي مِنَ ٱلنَّاصِرَةِ كَيْفَ مَسَحَهُ ٱللهُ بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ وَٱلْقُوَّةِ، ٱلَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ ٱلْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ، لِأَنَّ ٱللهَ كَانَ مَعَهُ. ٣٩وَنَحْنُ شُهُودٌ بِكُلِّ مَا فَعَلَ فِي كُورَةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَفِي أُورُشَلِيمَ. ٱلَّذِي أَيْضًا قَتَلُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ. ٤٠هَذَا أَقَامَهُ ٱللهُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ، وَأَعْطَى أَنْ يَصِيرَ ظَاهِرًا، ٤١لَيْسَ لِجَمِيعِ ٱلشَّعْبِ، بَلْ لِشُهُودٍ سَبَقَ ٱللهُ فَٱنْتَخَبَهُمْ. لَنَا نَحْنُ ٱلَّذِينَ أَكَلْنَا وَشَرِبْنَا مَعَهُ بَعْدَ قِيَامَتِهِ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ. ٤٢وَأَوْصَانَا أَنْ نَكْرِزَ لِلشَّعْبِ، وَنَشْهَدَ بِأَنَّ هَذَا هُوَ ٱلْمُعَيَّنُ مِنَ ٱللهِ دَيَّانًا لِلْأَحْيَاءِ وَٱلْأَمْوَاتِ. ٤٣لَهُ يَشْهَدُ جَمِيعُ ٱلْأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِٱسْمِهِ غُفْرَانَ ٱلْخَطَايَا».
- بِٱلْحَقِّ أَنَا أَجِدُ أَنَّ ٱللهَ لَا يَقْبَلُ ٱلْوُجُوهَ (لَقَدْ فَهِمتُ الآنَ تَماماً أنَّ اللهَ لا يُمَيِّزُ بَينَ النّاسِ): هذا هو أساس فهم بطرس بوجوب وصول البشارة إلى الأمم أيضاً. هذا التصريح يتناقض تماماً مع الفكر اليهودي السائد في ذلك الوقت بأن الله يُمَيِّزُ بَينَ النّاسِ، وبين اليهود والأمم ويحب اليهود ويكره الأمم.
- كتب لويليام باركلي (William Barclay): “كان من الشائع أن يبدأ اليهودي يومه برفع صلاة شكر لله لأنه لم يكن عبداً أو أممياً أو امرأة. جزء أساسي في الديانة اليهودية زمن العهد الجديد كان القسم بعدم مساعدة أي أممي بأي حال من الأحوال حتى الأشياء البسيطة مثل اعطاء ارشادات للطريق. حتى أنهم رفضوا مساعدة امرأة أممية حامل لأن النتيجة ستكون جلب المزيد من الأمم إلى العالم.
- في حال تزوج يهودي من أممية يقيم المجتمع اليهودي جنازة لذلك اليهودي ويعتبرونه ميتاً. وإن دخل أحدهم بيت أممي يصبح نجساً أمام الله. نقرأ في الكتابات اليهودية القديمة عن امرأة أممية جاءت عند معلم يهودي معترفة بخطاياها وطالبة اعتناق الديانة اليهودية وقالت: “قربني يا معلم من الله.” ولكن رفض المعلم اليهودي طلبها ببساطة وأغلق الباب في وجهها.
- كان الأمم يعاملون اليهود بنفس السوء وكانوا يحتقرونهم ويعتبرونهم تقليديين وغريبي الأطوار ومتآمرين أشرار ويعبدون الخنازير. وكانوا يعتقدون أن سبب امتناع اليهود عن أكل لحم الخنزير هو لأنهم كانوا يعبدونها!
- تغير كل هذا مع انتشار الإنجيل. كانت المسيحية أول ديانة تتخطى القيود العرقية والثقافية والوطنية.
- عندما أظهر اليهود هذا النوع من التحيز لم يعكسوا قلب الله الواضح في العهد القديم. تكلم العهد القديم عن الله الذي لا يميز بين الناس، ونرى هذا في سفر التثنية ١٧:١٠ وأخبار الأيام الثانية ٧:١٩ “لِأنَّ إلَهَكَمْ هُوَ إلَهُ الآلِهَةِ وَرَبُّ الأرِبابِ. الإلَهُ المُنتَصِرُ الرَّهِيبُ، وَهُوَ لا يَتَحَيَّزُ وَلا يأخُذُ رِشْوَةً” (سفر التثنية ١٧:١٠).
- بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ، ٱلَّذِي يَتَّقِيهِ وَيَصْنَعُ ٱلْبِرَّ مَقْبُولٌ عِنْدَهُ: لم يعني بطرس ضمنياً أن أشخاص مثل كرنيليوس مقبولين عند الله ولا يحتاجون إلى الإيمان بل أن عليهم ألا يشعروا بأن الله غير قريب منهم بسبب خلفيتهم الوطنية.
- نفكر غالباً أن الله ينظر غلى لون البشرة، ولكنه في الواقع ينظر إلى القلب فقط. فالله لا يرى الوضع الاقتصادي أو الجنسية أو العرق بل يرى القلب فقط.
- هُوَ رَبُّ ٱلْكُلِّ: يا لها من عبارة قوية وتبين ألوهية يسوع. لا يستطيع بطرس أن يقول هذا إن لم يكن يسوع هو الله حقاً. ليس هذا فحسب بل هُوَ رَبُّ ٱلْكُلِّ أي أنه رب اليهود والأمم معاً.
- ٱلَّذِي أَيْضًا قَتَلُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ… هَذَا أَقَامَهُ ٱللهُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ: الجدير بالملاحظة أن عظة بطرس للأمم كانت نفسها لليهود. قدم بطرس شخص وعمل يسوع المسيح وركز على قيامة يسوع ومسؤوليتنا نحو الله.
- لم يغير بطرس عظته حسب الجمهور بل قدم عظة واحدة حث فيها الجميع على الإيمان بيسوع المسيح الحي.
- كانت عظة بطرس شرحاً رائعاً لشخص وعمل يسوع الناصري (على الأغلب اختصرها لوقا):
- اعتمد يسوع واتحد مع البشرية
- مُسِحَ يسوع بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ وَٱلْقُوَّةِ
- جال يسوع يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ ٱلْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ
- صنع يسوع هذا بقوة الله لِأَنَّ ٱللهَ كَانَ مَعَهُ
- فعل يسوع كل هذه الأمور أمام شهود العيان
- قَتَلُوا يسوع مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَة الصليب
- قام يسوع من الأموات لِشُهُودٍ كثيرين
- أوصى يسوع تلاميذه أن يكرزوا عنه وعما فعله
- عُينَّ يسوع مِنَ ٱللهِ دَيَّانًا لِلْأَحْيَاءِ وَٱلْأَمْوَاتِ
- تنبأ جَمِيعُ ٱلْأَنْبِيَاءِ عن يسوع
- نَحْنُ ٱلَّذِينَ أَكَلْنَا وَشَرِبْنَا مَعَهُ بَعْدَ قِيَامَتِهِ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ: علّقَ بويس (Boice): “شدد بطرس على حقيقة أنهم أكلوا وشربوا مع يسوع كي يثبت أن قيامة يسوع كانت حقيقية.”
- وَأَوْصَانَا أَنْ نَكْرِزَ لِلشَّعْبِ وَنَشْهَدَ بِأَنَّ هَذَا هُوَ ٱلْمُعَيَّنُ مِنَ ٱللهِ دَيَّانًا لِلْأَحْيَاءِ وَٱلْأَمْوَاتِ: علّقَ سبيرجن (Spurgeon) على هذه الآية وقال: “لم يسترسل الرسول طويلاً في عظته قبل أن يتكلم عن دينونة المسيح لكل الناس، وأعلن أن الله أوصاه أن يكرز بهذا وهذا ما فعله بالضبط.”
- كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِٱسْمِهِ غُفْرَانَ ٱلْخَطَايَا: انتهت العظة المختصرة بوعد الله بالخلاص المقدم للجميع. لاحظ بعناية الجملة: كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ! وهذا يعني اليهود والأمم، العبد والحر، الأبيض والأسود، الصالح والشرير، الغني والفقير – كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ.
هـ) الآيات (٤٤-٤٨): امتلأ الأمم الخائفين الله بالروح القدس واعتمدوا
٤٤فَبَيْنَمَا بُطْرُسُ يَتَكَلَّمُ بِهَذِهِ ٱلْأُمُورِ حَلَّ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ ٱلَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ ٱلْكَلِمَةَ. ٤٥فَٱنْدَهَشَ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ مِنْ أَهْلِ ٱلْخِتَانِ، كُلُّ مَنْ جَاءَ مَعَ بُطْرُسَ، لِأَنَّ مَوْهِبَةَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ قَدِ ٱنْسَكَبَتْ عَلَى ٱلْأُمَمِ أَيْضًا. ٤٦لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ وَيُعَظِّمُونَ ٱللهَ. حِينَئِذٍ أَجَابَ بُطْرُسُ: ٤٧«أَتُرَى يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَ ٱلْمَاءَ حَتَّى لَا يَعْتَمِدَ هَؤُلَاءِ ٱلَّذِينَ قَبِلُوا ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ كَمَا نَحْنُ أَيْضًا؟». ٤٨وَأَمَرَ أَنْ يَعْتَمِدُوا بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ. حِينَئِذٍ سَأَلُوهُ أَنْ يَمْكُثَ أَيَّامًا.
- فَبَيْنَمَا بُطْرُسُ يَتَكَلَّمُ بِهَذِهِ ٱلْأُمُورِ: نال هؤلاء الخلاص عندما تجاوبوا مع عظة بطرس بالإيمان وولدوا ولادة ثانية كلامه. “يا ليت روح الله يقاطعنا بنفس الطريقة.” سبيرجن (Spurgeon)
- قطع هؤلاء الأشخاص أثناء استماعهم لعظة بطرس صفقة سرية في قلوبهم مع الله بوضع إيمانهم بيسوع المسيح.
- لا يبدأ الخلاص برفع اليد أو التقدم للأمام في الإجتماعات الخلاصية بل من اللحظة التي يسلم فيها المرء قلبه لله ويثق بيسوع من كل قلبه.
- سمح بطرس بأن يقاطع الروح القدس عظته. كان الروح يعمل بقوة في الحاضرين ولم يعرقل بطرس عمله بل توقف عن الكلام ودعاهم للمعمودية.
- من المحتمل أن هؤلاء لم يكونوا أول المؤمنين الأمميين الذين وثقوا بيسوع المسيح وولدوا ثانية. ربما حصل الكثير من الأمم على الخلاص في الثماني سنوات منذ يوم الخمسين (أعمال الرسل ٢). أما هؤلاء الأمم فنالوا الخلاص باحتضانهم اليهودية والمسيحية. نال بعض الأمم الخلاص قبلاً ولكنهم نالوه كيهود وليس كأمميين.
- كان يستطيع الأممي قبل هذا أن يؤمن بيسوع كالمسيا وينال الغفران الذي فاز به يسوع على الصليب، ولكن كان عليه أن يصبح يهودياً أولاً وأن يستمر في حفظ الطقوس اليهودية. كانوا يرتدون أغطية معينة على رؤوسهم في الكنيسة ويأكلون الأطعمة المذبوحة حسب الشريعة ويزورون أورشليم في الأعياد ويحفظون العشرات من القوانين والطقوس اليهودية.
- حَلَّ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ ٱلَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ ٱلْكَلِمَةَ… كَانُوا يَسْمَعُونَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ وَيُعَظِّمُونَ ٱللهَ: امتلائهم من الروح القدس صاحبه ظهور المواهب الروحية. امتلئوا من الروح القدس بمعنيين: أولاً حل وسكن في كل مؤمن. ثانياً منحهم قوة خاصة من خلال مواهب وبركات الروح القدس.
- كان الهدف من التكلم بألسنة تعظيم الله وليس تعليم الناس. كان الجمهور هو الله وليس الإنسان وهذا يتفق مع المبدأ في كورنثوس الأولى ٢:١٤.
- كانت تلك حادثة فريدة من نوعها. لم يكن مألوفاً أن يحصل المؤمنون الجدد في سفر أعمال الرسل أو في تجربة المؤمنين لاحقاً على هذه المواهب الروحية. ولكن هذا كان ضرورياً للتأكيد على أنهم نالوا نفس الروح ونفس البركة التي حصل عليها الرسل الأوائل صباح يوم الخمسين (أعمال الرسل ٢).
- “أصبح الأمم الآن على نفس المستوى مع الرسل وليس مع اليهود (أو حتى السامريين) الذين آمنوا بيسوع فحسب.” بويس (Boice)
- فَٱنْدَهَشَ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ مِنْ أَهْلِ ٱلْخِتَانِ: اندهش الحاضرين من اليهود المؤمنون. ربما فهموا الآن أن الله يحب الأمم ولكنهم لم يتخيلوا قط أنه سيملئهم بالروح القدس بنفس الطريقة والدرجة كما فعل مع اليهود.
- وضح بطرس هذه النقطة عندما قال أنهم قَبِلُوا ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ كَمَا نَحْنُ أَيْضًا. لم يندهشوا من أن الله أحب الأمم وباركهم فقط بل لأنه أحب وبارك الأمم بنفس القدر الذي أحب فيه اليهود وباركهم وفعل ذلك بينما كانوا أمميين.
- َوَأَمَرَ أَنْ يَعْتَمِدُوا بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ: أظهرت المعمودية قبول المجتمع المسيحي لهم كأمميين آمنوا بيسوع المسيح.
- لم يكن دخول الأمم في الكنيسة خطة جديدة بل وعد الله بحدث هذا منذ فترة طويلة جداً. انتظر العهد القديم طويلاً لليوم الذي يشرق فيه النور على ظلمة الأمم: «قُومِي ٱسْتَنِيرِي لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ نُورُكِ، وَمَجْدُ ٱلرَّبِّ أَشْرَقَ عَلَيْكِ. لِأَنَّهُ هَا هِيَ ٱلظُّلْمَةُ تُغَطِّي ٱلْأَرْضَ وَٱلظَّلَامُ ٱلدَّامِسُ ٱلْأُمَمَ. أَمَّا عَلَيْكِ فَيُشْرِقُ ٱلرَّبُّ، وَمَجْدُهُ عَلَيْكِ يُرَى. فَتَسِيرُ ٱلْأُمَمُ فِي نُورِكِ، وَٱلْمُلُوكُ فِي ضِيَاءِ إِشْرَاقِكِ» (إشعياء ١:٦٠-٣).
- وعد الله بأن البركة التي ستأتي من خلال إبراهيم وذريته ستمتد لكل الأمم (تكوين ١:١٢-٤). ونرى هنا أعظم بركة يسوع يصل لكل الأمم.
- نتذكر وعد يسوع عن الخِرَاف الأخرى التي هي لَيْسَتْ مِنْ هَذِهِ ٱلْحَظِيرَةِ في إنجيل يوحنا ١٦:١٠، ونتذكر وعده في يوحنا ٣٢:١٢ وَأَنَا إِنِ ٱرْتَفَعْتُ عَنِ ٱلْأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ ٱلْجَمِيعَ.
- كان قائد المئة من كفرناحوم أول أممي تعامل يسوع معه أثناء خدمته الأرضية. عندما شفى يسوع خادم قائد المئة أعلن إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ ٱلْمَشَارِقِ وَٱلْمَغَارِبِ وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَاوَاتِ (متى ٥:٨-١٣).
- كان كرنيليوس رجلاً صالحاً بلا شك ومع ذلك كان يحتاج إلى يسوع. فحتى الأشخاص الطيبين والصالحين الذين يحترمون الله يحتاجون لقبول يسوع كرب ومخلص وأن يضعوا ثقتهم به وبما فعله من أجلهم.