سفر العدد – الإصحاح ٢
محلة إسرائيل
أولًا. ترتيب أسباط إسرائيل حول خيمة الاجتماع
أ ) الآيات (١-٢): الأمر بترتيب الأسباط حول خيمة الاجتماع.
١وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ قَائِلًا: ٢«يَنْزِلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ كُلٌّ عِنْدَ رَايَتِهِ بِأَعْلاَمٍ لِبُيُوتِ آبَائِهِمْ. قُبَالَةَ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ حَوْلَهَا يَنْزِلُونَ.
١. يَنْزِلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ كُلٌّ عِنْدَ رَايَتِهِ: كان بنو إسرائيل قد أمضوا في رحلة الخروج هذه ما يزيد على العام، وكانوا يجتمعون معًا بأيِّ طريقة تحلو لهم. لكن الآن، إذ صاروا مستعدين لدخول أرض الموعد، كان عليهم أن يتخذوا الخطوة التالية في نوع من التنظيم، أي كان عليهم أن ينظموا أنفسهم.
• وصف بلعام جمال وترتيب محلة إسرائيل في سفر العدد ٢٤: ٥-٦، قائلًا: “مَا أَحْسَنَ خِيَامَكَ يَا يَعْقُوبُ، مَسَاكِنَكَ يَا إِسْرَائِيلُ! كَأَوْدِيَةٍ مُمْتَدَّةٍ. كَجَنَّاتٍ عَلَى نَهْرٍ، كَشَجَرَاتِ عُودٍ غَرَسَهَا الرَّبُّ. كَأَرْزَاتٍ عَلَى مِيَاهٍ.”
• “من ناحيةٍ، يبدو الترتيب الظاهر في الإصحاحات الأولى من سفر العدد شبيهًا بالترتيب الذي نراه في سفر التكوين الإصحاح الأول. فكما خلق الله السماوات والأرض وكلَّ ما فيها في ترتيب، وجمال، وقصد، وروعة، هكذا يتعامل مع شعبه، في ترتيب، وجمال، وقصد، وروعة.” ألن (Allen)
• “وفقًا لمخطوطات الحرب التي عُثِر عليها في كهوف قمران، كان على كلِّ فرقة في تلك القبيلة القديمة أن تحمل راية مميَّزة.” كول (Cole)
٢. قُبَالَةَ خَيْمَةِ الِاجْتِمَاعِ حَوْلَهَا يَنْزِلُونَ: كانت خيمة الاجتماع نفسها في مركز هذا الترتيب. كان على الأسباط أن يرتِّبوا أنفسهم في شكل مربع: شرق، وجنوب، وغرب، وشمال خيمة الاجتماع. وبما أن خيمة الاجتماع كانت ترمز إلى حضور الله في وسط شعبه، فإن هذا معناه أن كلَّ ترتيب في شعب إسرائيل كان يبدأ متمركزًا حول الله ذاته.
• “اعتمد جيش مصر في عهد رمسيس الثاني (في القرن الثالث عشر ق.م.) هذا التشكيل داخل معسكره. فقد كانوا يعسكرون في شكل مربع، والخيمة الملكية في الوسط. وبالمثل، سكن ملك إسرائيل في وسط جيوشه داخل خيمة الاجتماع.” وينهام (Wenham)
• “يشدِّد ترتيب كلمات الآية ٢ في الأصل العبري على دور الفرد داخل الجماعة، إذ كان على كلِّ واحد أن يعرف موقعه بالتحديد داخل المحلة. وفيما يلي ترجمة أكثر حرفية للآية، تستند إلى ترتيب الكلمات في الأصل العبري: ’كلٌّ [كل واحد] عند رايته، بأعلامٍ لبيوت آبائهم، ينزل بنو إسرائيل، في دائرة، قبالة خيمة الاجتماع، ينزلون.‘ وتكرار الفعل ’ينزل‘ أو ’ينزلون‘ هو للتشديد والتوكيد. تتضح هنا إذن أهمية الفرد في إسرائيل، وأهمية عائلته.” ألن (Allen)
• قُبَالَةَ (على مسافةٍ ما): “من ناحيةٍ، كان هذا بدافع إظهار الاحترام الله، ولعبادته، وللموضع المخصَّص لهذه العبادة؛ ومن ناحية أخرى، كان هذا توخِّيًا للحذر، لئلا يغويهم قربهم من الخيمة بأن يقتربوا إليها أكثر من اللازم.” بوله (Poole)
ب) الآيات (٣-٩): الأسباط النازلة إلى شرق خيمة الاجتماع.
٣فَالنَّازِلُونَ إِلَى الشَّرْقِ، نَحْوَ الشُّرُوقِ، رَايَةُ مَحَلَّةِ يَهُوذَا حَسَبَ أَجْنَادِهِمْ، وَالرَّئِيسُ لِبَنِي يَهُوذَا نَحْشُونُ بْنُ عَمِّينَادَابَ، ٤وَجُنْدُهُ الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ وَسَبْعُونَ أَلْفًا وَسِتُّ مِئَةٍ. ٥وَالنَّازِلُونَ مَعَهُ سِبْطُ يَسَّاكَرَ، وَالرَّئِيسُ لِبَنِي يَسَّاكَرَ نَثَنَائِيلُ بْنُ صُوغَرَ، ٦وَجُنْدُهُ الْمَعْدُودُونَ مِنْهُ أَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ أَلْفًا وَأَرْبَعُ مِئَةٍ. ٧وَسِبْطُ زَبُولُونَ، وَالرَّئِيسُ لِبَنِي زَبُولُونَ أَلِيآبُ بْنُ حِيلُونَ، ٨وَجُنْدُهُ الْمَعْدُودُونَ مِنْهُ سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ أَلْفًا وَأَرْبَعُ مِئَةٍ. ٩جَمِيعُ الْمَعْدُودِينَ لِمَحَلَّةِ يَهُوذَا مِئَةُ أَلْفٍ وَسِتَّةٌ وَثَمَانُونَ أَلْفًا وَأَرْبَعُ مِئَةٍ بِأَجْنَادِهِمْ. يَرْتَحِلُونَ أَوَّلًا.
١. إِلَى الشَّرْقِ، نَحْوَ الشُّرُوقِ: بدأ الله من الشَّرْقِ عند ترتيب الأسباط. في عالمنا الغربي اليوم، عادةً ما نحدِّد اتجاهات الأشياء بحسب اتجاه الشمال. أما في الشرق الأدنى القديم، فكانت الأشياء ترتَّب باتجاه الشرق، نَحْوَ الشُّرُوقِ.
• “كان إنزال الأسباط باتجاه الشرق أمرًا بالغ الأهمية في الفكر الإسرائيلي. فقد كان الشرق هو موضع شروق الشمس، التي تمثِّل مصدر الأمل والقوت. وكان البحر باتجاه الغرب. وبالتالي، كانت الوضعية المعتادة لشعب إسرائيل هي أن تكون ظهورهم إلى البحر وإلى غروب الشمس.” ألن (Allen)
• “كانت الجبهة الأمامية باتجاه الشرق، واحتلَّ سبط يهوذا الصدارة.” واتسون (Watson)
• “نزل يهوذا في المقدِّمة. فقد كان يليق بالأسد أن يقود المسيرة… وقد برهن هذا الترتيب على الرئاسة التي لن تزول من هذا السبط إلى أن يأتي شِيلُون. وهنا أيضًا، كان سبط يهوذا رمزًا للمسيح، الذي هو ’رَئِيسُ جُنْدِ الرَّبِّ‘ (يشوع ٥: ١٤)، و’رَئِيسَ خَلَاصِنا‘ (عبرانيين ٢: ١٠)، والذي يتقدَّم جيوشه السمائية.” تراب (Trapp)
٢. فَالنَّازِلُونَ إِلَى الشَّرْقِ، نَحْوَ الشُّرُوقِ، رَايَةُ مَحَلَّةِ يَهُوذَا حَسَبَ أَجْنَادِهِمْ: كان سبط يهوذا هو الأول والأقرب إلى خيمة الاجتماع نفسها. ثم تلاه سبطا يساكر وزبولون في الترتيب. وكان على هذين السبطين أن يرتِّبا نزولهما بحسب رَايَةُ يهوذا، التي يُعتقَد في بعض الأحيان أنها كانت تحمل صورة أسد.
• ذكرت مصادر مختلفة احتمالات عديدة لرموز وأشكال هذه الرايات. أقرَّ كلٌّ من كيل (Keil) وديليتش (Delitzch) بأن “لا ناموس موسى، ولا العهد القديم بوجه عام، قدَّما لنا أيَّ تلميحات بخصوص شكل أو طبيعة تلك الرايات.” وذكرا أن تقليد مُعلِّمي اليهود وصف الصور الموجودة على كل راية، فقالا: “بحسب تقليد معلِّمي اليهود، كانت راية محلة يهوذا تحمل صورة أسد، وراية محلة رأوبين تحمل صورة شبه إنسان أو رأس إنسان، وراية محلة أفرايم تحمل صورة ثور، وراية محلة دان تحمل صورة نسر.” لكنهما لم يذكرا تحديدًا اسم أيِّ معلم يهودي قديم، بل فقط استشهدا بالمفسِّر الكاثوليكي الروماني جيروم دي برادو (Jerome de Prado)، الذي عاش في القرن السادس عشر الميلادي.
• آدم كلارك (Adam Clarke)، نقلًا عن يوهان جاكوب شيوتزر Johann Jacob Scheuchzer (وهو طبيب سويسري ومفسِّر للكتاب المقدس، ١٦٧٢-١٧٣٣)، قال إن علماء التلمود نسبوا صور أسد، وإنسان، وعجل، ونسر إلى رايات الأسباط الأربعة. لكن لم يمدُّنا كلارك بأيِّ توثيق أو مصدر لهذه المعلومة.
• قدَّم لويس جينزبيرغ (Louis Ginzberg)، في كتابه بعنوان Legends of the Jews (أساطير اليهود)، قائمة دون اِقتباس، قائلًا: “حَمَلَت راية سبط يهوذا صورة أسد في الجزء العلوي منها، لأن يعقوب وصف الأب الأكبر لهذا السبط بأنه ’جَرْوُ أَسَدٍ.‘ وحملت راية سبط رأوبين، في الجزء العلوي منها، صورة إنسان، وهذا يتوافق مع اللفاح الذي عثر عليه رأوبين، الأب الأكبر لهذا السبط، حيث إن هذا النبات كان يشبه تمثالًا في هيئة جسم إنسان… ورُسِمت صورة سمكة على راية سبط أفرايم، لأن يعقوب بارك الأب الأكبر لهذا السبط بأن يثمر ويكثر مثل سمكة… أما راية دان، فكانت تحمل صورة حيَّة، حيث كانت بركة يعقوب لسبط دان هي أن ’يَكُونُ دَانُ حَيَّةً عَلَى الطَّرِيقِ.‘” كذلك، قدَّم جينزبيرغ قائمة أخرى (دون توثيقٍ للمرجع) للشكل أو الصورة التي تمثِّل كلَّ سبط.
• المؤلَّف البرتغالي بعنوان Thesouro de Nobreza (موسوعة النبلاء)، الذي صدر عام ١٦٧٥، عرض الشعارات الخاصة بأسلحة العديد من عائلات النبلاء، سواء في عهده، أو على مدار التاريخ أيضًا. وكان عنوان الفصل الأول من هذا الكتاب هو: “أسلحة أسباط إسرائيل،” وفيه عرض شعارًا تخيُّليًّا لكلِّ سبط من أسباط إسرائيل الاثني عشر. وفي جزء لاحق من هذا الكتاب، عرض الشعارات التخيُّلية لكلٍّ من يشوع، وداود، والإسكندر الأكبر، ويوليوس قيصر، والملك آرثر، وكثيرين غيرهم أيضًا.
• “افترض التقليد اليهودي أن رايات الأسباط كانت مطابقةً في اللون للاثني عشر حجرًا المرصَّعين في صدرة رئيس الكهنة (خروج ٢٨: ١٥-٢١). كذلك، يرى هذا التقليد أن رايات الأسباط الثلاثة التي كانت تحت قيادة يهوذا كانت تحمل صورة أسد لسبط يهوذا، وصورة إنسان لسبط رأوبين، وصورة ثور لسبط أفرايم. أما راية دان، فكانت تحمل صورة نسر (انظر الحيوانات الأربعة التي يصفها حزقيال ١: ١٠؛ راجع رؤيا ٤: ٧). لكن هذه التقاليد تعود إلى تاريخ حديث، ويصعب العثور على تأييد تاريخيٍّ لها، لأن التوراة لم تصف طبيعة أو أشكال الرايات الواردة في سفر العدد ٢.” ألن (Allen)
• كتب مورجان (Morgan)، دون توثيقٍ لمصدره: “من الشرق، أي أمام المدخل، كان السبط الذي يحمل الراية هو سبط يهوذا، وكان يحمل صورة أسدٍ ذهبيٍّ إزاء خلفية قرمزية اللون… ومن الغرب، كانت راية سبط أفرايم تحمل صورة ثور أسود إزاء خلفية ذهبية اللون… ومن الجنوب، كان سبط رأوبين يحمل راية عليها صورة إنسان إزاء خلفية ذهبية اللون… ومن الشمال، كان السبط الذي يحمل الراية هو سبط دان، وكان شعاره نسرًا ذهبيًّا إزاء خلفية زرقاء اللون.”
• باختصار، لسنا نملك دليلًا كتابيًّا قاطعًا على الشكل الذي حملته راية سبط يهوذا أو أيٍّ من الأسباط الأخرى، رغم افتراض البعض العديد من الأشكال.
السبط كيّل
(Keil) كلارك
(Clarke) موسوعة النبلاء
(Th. of Nobility) جينزبيرغ ١ (Ginzberg ١) جينزبيرغ ٢ (Ginzberg ٢)
رأوبين إنسان نهر/إنسان نبتة اليَبْروح
(جنس نبات من الفصيلة الباذنجانية) إنسان نبتة اليَبْروح
شمعون سيف مدينة مدينة
يهوذا أسد أسد أسد أسد أسد
يساكر حمار شمس/قمر/حمار شمس وقمر
زبولون سفينة سفينة سفينة
دان نسر حية/نسر حية حية حية
نفتالي أيِّل
(حِمارُ الوَحْش/ وعل) أيِّل أيِّل
جاد أسد جنود
أشير قَمْحَة شجرة زيتون شجرة زيتون
أفرايم عِجل وحيد القرن ثور سمكة ثور
منسَّى ثور وحيد القرن وحيد القرن
بنيامين ذئب ذئب ذئب
٣. وَالرَّئِيسُ لِبَنِي يَهُوذَا نَحْشُونُ بْنُ عَمِّينَادَابَ: عيَّن الله رئيسًا بدعوة محدَّدة (نَحْشُونُ) ليقود سبط يهوذا والسبطين التابعين له. يستلزم الترتيب الذي دعا الله إسرائيل إلى اتباعه: قيادة مؤلفة من قادة معيَّنين من الله وموقَّرين من الشعب.
• “دون هذا النمط، وهذا الترتيب، كان العبرانيون سيظلُّون مجرد جماعة من الغوغاء، أي حشدًا كبيرًا، وفوضويًّا، وغير منضبط، محكومًا عليه بالتعرُّض للكوارث. لكن بوجود هذا النمط، مع ما صاحبه على الأرجح من انضباط وتكريس، أتيحت الفرصة لهذا الشعب ليحقِّقوا انتصارات كبرى.” ألن (Allen)
٤. مِئَةُ أَلْفٍ وَسِتَّةٌ وَثَمَانُونَ أَلْفًا وَأَرْبَعُ مِئَةٍ: كان إجمالي عدد الجنود الخارجين للحرب بين الأسباط النازلة إلى الشرق هو ١٨٦,٤٠٠.
٥. يَرْتَحِلُونَ أَوَّلًا: كان هناك ترتيب لنزول الأسباط، ولارتحالها أيضًا. فقد كان عليهم أن يتحرَّكوا مثل جيش منظَّم، وليس مثل جماعة عشوائية من الغوغاء.
• “هذا الإصحاح بأكمله مليء بالأمور المثيرة للاهتمام، لأنه يكشف عن النظام الذي تتَّسم به الترتيبات الإلهية. فلم يكن جيش الله هذا جماعةً من الغوغاء الذين يفتقرون إلى الترتيب، بل بالأحرى كانوا جماعة منضبطة.” مورجان (Morgan)
ج) الآيات (١٠-١٦): الأسباط النازلة إلى جنوب خيمة الاجتماع.
١٠رَايَةُ مَحَلَّةِ رَأُوبَيْنَ إِلَى التَّيْمَنِ حَسَبَ أَجْنَادِهِمْ، وَالرَّئِيسُ لِبَنِي رَأُوبَيْنَ أَلِيصُورُ بْنُ شَدَيْئُورَ، ١١وَجُنْدُهُ الْمَعْدُودُونَ مِنْهُ سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا وَخَمْسُ مِئَةٍ. ١٢وَالنَّازِلُونَ مَعَهُ سِبْطُ شِمْعُونَ، وَالرَّئِيسُ لِبَنِي شِمْعُونَ شَلُومِيئِيلُ بْنُ صُورِيشَدَّاي، ١٣وَجُنْدُهُ الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ وَخَمْسُونَ أَلْفًا وَثَلاَثُ مِئَةٍ. ١٤وَسِبْطُ جَادَ، وَالرَّئِيسُ لِبَنِي جَادٍ أَلِيَاسَافُ بْنُ رَعُوئِيلَ، ١٥وَجُنْدُهُ الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا وَسِتُّ مِئَةٍ وَخَمْسُونَ. ١٦جَمِيعُ الْمَعْدُودِينَ لِمَحَلَّةِ رَأُوبَيْنَ مِئَةُ أَلْفٍ وَوَاحِدٌ وَخَمْسُونَ أَلْفًا وَأَرْبَعُ مِئَةٍ وَخَمْسُونَ بِأَجْنَادِهِمْ، وَيَرْتَحِلُونَ ثَانِيَةً.
١. رَايَةُ مَحَلَّةِ رَأُوبَيْنَ إِلَى التَّيْمَنِ حَسَبَ أَجْنَادِهِمْ: كان سبط رَأُوبَيْنَ هو الأول والأقرب إلى خيمة الاجتماع من جهة الجنوب (التَّيْمَنِ). يليه سبطا شمعون وجاد في الترتيب. وقد رتَّبت هذه الأسباط نفسها تحت رَايَةُ رأوبين، التي يُعتَقَد في بعض الأحيان أنها كانت تحمل صورة إنسان.
٢. مِئَةُ أَلْفٍ وَوَاحِدٌ وَخَمْسُونَ أَلْفًا وَأَرْبَعُ مِئَةٍ وَخَمْسُونَ: كان إجمالي عدد الجنود الخارجين للحرب من بين الأسباط النازلة إلى الجنوب هو ١٥١,٤٥٠.
د ) الآية (١٧): السبط النازل في الوسط مع خيمة الاجتماع: سبط لاوي.
١٧ثُمَّ تَرْتَحِلُ خَيْمَةُ الاجْتِمَاعِ. مَحَلَّةُ اللاَّوِيِّينَ فِي وَسَطِ الْمَحَلاَّتِ. كَمَا يَنْزِلُونَ كَذلِكَ يَرْتَحِلُونَ. كُلٌّ فِي مَوْضِعِهِ بِرَايَاتِهِمْ.
١. مَحَلَّةُ اللَّاوِيِّينَ فِي وَسَطِ الْمَحَلَّاتِ (المُخَيَّمَات): كان السبط الكهنوتي نازلًا في وَسَطِ الْمَحَلَّاتِ، أي في الموضع الأقرب إلى خيمة الاجتماع، محاطًا بالأسباط الأخرى.
• “نجد هنا نوعًا من الاستعلان التدريجي لحضور الله في وسط الشعب. فقد استُعلِن الله أولًا على جبل سيناء، ثم انتقل إلى خيمة الاجتماع دون محلةٍ (مُخيم)، ثم سكن في خيمة الاجتماع في وسط المحلة. ويومًا ما، أعلن الله عن ذاته من خلال تجسُّده في وسط شعبه (يوحنا ١: ١-١٨)؛ وأخيرًا، في يوم آتٍ، سيكون التحقُّق التام لحضور شخص الله وسكناه في وسط شعبه في أورشليم الجديدة (رؤيا ٢١: ١-٤).” ألن (Allen)
٢. كَذَلِكَ يَرْتَحِلُونَ. كُلٌّ فِي مَوْضِعِهِ بِرَايَاتِهِمْ: يبدو أن هذا الترتيب لم يكن هو النمط الذي كان على بني إسرائيل اتباعه فقط في نزولهم، بل في مسيرهم وارتحالهم أيضًا. فإن امتلاك أرض كنعان لم يكن ليتحقق على يد جماعة من الغوغاء، بل على يد جماعة منظَّمة.
هـ) الآيات (١٨-٢٤): الأسباط النازلة إلى غرب خيمة الاجتماع.
١٨رَايَةُ مَحَلَّةِ أَفْرَايِمَ حَسَبَ أَجْنَادِهِمْ إِلَى الْغَرْبِ، وَالرَّئِيسُ لِبَنِي أَفْرَايِمَ أَلِيشَمَعُ بْنُ عَمِّيهُودَ، ١٩وَجُنْدُهُ الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ أَلْفًا وَخَمْسُ مِئَةٍ. ٢٠وَمَعَهُ سِبْطُ مَنَسَّى، وَالرَّئِيسُ لِبَنِي مَنَسَّى جَمْلِيئِيلُ بْنُ فَدَهْصُورَ، ٢١وَجُنْدُهُ الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمُ اثْنَانِ وَثَلاَثُونَ أَلْفًا وَمِئَتَانِ. ٢٢وَسِبْطُ بَنْيَامِينَ، وَالرَّئِيسُ لِبَنِي بَنْيَامِينَ أَبِيدَنُ بْنُ جِدْعُونِي، ٢٣وَجُنْدُهُ الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ خَمْسَةٌ وَثَلاَثُونَ أَلْفًا وَأَرْبَعُ مِئَةٍ. ٢٤جَمِيعُ الْمَعْدُودِينَ لِمَحَلَّةِ أَفْرَايِمَ مِئَةُ أَلْفٍ وَثَمَانِيَةُ آلاَفٍ وَمِئَةٌ بِأَجْنَادِهِمْ، وَيَرْتَحِلُونَ ثَالِثَةً.
١. رَايَةُ مَحَلَّةِ أَفْرَايِمَ حَسَبَ أَجْنَادِهِمْ إِلَى الْغَرْبِ: كان سبط أفرايم هو الأول والأقرب إلى خيمة الاجتماع من جهة الْغَرْبِ، يليه في الترتيب سبط منسَّى وسبط بنيامين. وقد رتَّبت هذه الأسباط نفسها تحت رَايَةُ أفرايم، التي يُعتَقَد في بعض الأحيان أنها كانت تحمل صورة عِجل.
٢. مِئَةُ أَلْفٍ وَثَمَانِيَةُ آلَافٍ وَمِئَةٌ بِأَجْنَادِهِمْ، وَيَرْتَحِلُونَ ثَالِثَةً: كان إجمالي عدد الجنود الخارجين للحرب بين الأسباط النازلة إلى الغرب هو ١٠٨,١٠٠.
و ) الآيات (٢٥-٣١): الأسباط النازلة إلى شمال خيمة الاجتماع.
٢٥«رَايَةُ مَحَلَّةِ دَانَ إِلَى الشِّمَالِ حَسَبَ أَجْنَادِهِمْ، وَالرَّئِيسُ لِبَنِي دَانَ أَخِيعَزَرُ بْنُ عَمِّيشَدَّاي، ٢٦وَجُنْدُهُ الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمُ اثْنَانِ وَسِتُّونَ أَلْفًا وَسَبْعُ مِئَةٍ. ٢٧وَالنَّازِلُونَ مَعَهُ سِبْطُ أَشِيرَ، وَالرَّئِيسُ لِبَنِي أَشِيرَ فَجْعِيئِيلُ بْنُ عُكْرَنَ، ٢٨وَجُنْدُهُ الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا وَخَمْسُ مِئَةٍ. ٢٩وَسِبْطُ نَفْتَالِي، وَالرَّئِيسُ لِبَنِي نَفْتَالِي أَخِيرَعُ بْنُ عِينَنَ، ٣٠وَجُنْدُهُ الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ ثَلاَثَةٌ وَخَمْسُونَ أَلْفًا وَأَرْبَعُ مِئَةٍ. ٣١جَمِيعُ الْمَعْدُودِينَ لِمَحَلَّةِ دَانٍ مِئَةُ أَلْفٍ وَسَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ أَلْفًا وَسِتُّ مِئَةٍ. يَرْتَحِلُونَ أَخِيرًا بِرَايَاتِهِمْ».
١. رَايَةُ مَحَلَّةِ دَانَ إِلَى الشِّمَالِ حَسَبَ أَجْنَادِهِمْ: كان سبط دَان هو الأول والأقرب إلى خيمة الاجتماع من جهة الشمال، يليه في الترتيب سبط أشير وسبط نفتالي. وقد رتَّبت هذه الأسباط نفسها تحت رَايَةُ دَان، التي يُعتَقَد في بعض الأحيان أنها كانت تحمل صورة نسر.
٢. جَمِيعُ الْمَعْدُودِينَ لِمَحَلَّةِ دَانَ مِئَةُ أَلْفٍ وَسَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ أَلْفًا وَسِتُّ مِئَةٍ: كان إجمالي عدد الجنود الخارجين للحرب بين الأسباط النازلة إلى الشمال هو ١٥٧,٦٠٠.
ز ) الآيات (٣٢-٣٤) ملخص: ترتيب شعب إسرائيل حول خيمة الاجتماع.
٣٢هؤُلاَءِ هُمُ الْمَعْدُودُونَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَسَبَ بُيُوتِ آبَائِهِمْ. جَمِيعُ الْمَعْدُودِينَ مِنَ الْمَحَلاَّتِ بِأَجْنَادِهِمْ سِتُّ مِئَةِ أَلْفٍ وَثَلاَثَةُ آلاَفٍ وَخَمْسُ مِئَةٍ وَخَمْسُونَ. ٣٣وَأَمَّا اللاَّوِيُّونَ فَلَمْ يُعَدُّوا بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى. ٣٤فَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ مُوسَى. هكَذَا نَزَلُوا بِرَايَاتِهِمْ، وَهكَذَا ارْتَحَلُوا. كُلٌّ حَسَبَ عَشَائِرِهِ مَعَ بَيْتِ آبَائِهِ.
١. هَؤُلَاءِ هُمُ الْمَعْدُودُونَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَسَبَ بُيُوتِ آبَائِهِمْ: رُتِّب جميع الجنود الخارجين للحرب، البالغ عددهم ٦٠٣,٥٥٠، حول خيمة الاجتماع. وكان هذا هو عدد الرجال المتاحين للتجنُّد من بين كلِّ أسباط إسرائيل، عدا سبط لاوي.
٢. هَكَذَا نَزَلُوا بِرَايَاتِهِمْ: رُتِّبت كل مجموعة من الأسباط بِرَايَاتِهِمْ، كما ارْتَحَلُوا وساروا بحسب هذا الترتيب نفسه.
• “عند زحف الأسباط إلى الأمام من جبل سيناء، كانوا يتبعون بكلِّ إخلاص وأمانة التعليمات الخاصة بترتيب النزول، ونصب خيمة الاجتماع، وحلِّها، والارتحال أيضًا عبر البرية.” كول (Cole)
• “تشير هذه الآية أيضًا إلى وجود ترتيب جيد وملحوظ في حياة شعب إسرائيل، وهو ما يُعَد إنجازًا عظيمًا بالنسبة لشعب بهذا العدد الضخم، كانوا مستعبَدين مؤخرًا، وكانوا قبل ذلك بقليلٍ مجرد مجموعة من الغوغاء في حالةٍ من الفوضى. لذا، يشيد هذا النص بالقيادة التنظيمية التي مارسها موسى، نبي الله المتردد، والجهد الذي بذله الاثنا عشر رجلًا الذين كانوا يقودون كلَّ سبط من الأسباط.” ألن (Allen)
ثانيًا. ملاحظات
١. الله إله ترتيب. ففي ذلك المكان، وقبل امتلاك بني إسرائيل أرض الموعد، طالبهم الله بأن ينظموا أنفسهم. ولم يكن هذا فقط نافعًا لهم، لكنه كان ببساطة تمثُّلًا بالله، الذي هو إله ترتيب.
• توجد حدود لما يمكن أن نكون عليه أو نفعله لأجل الرب دون ترتيب. لا يعني ذلك أن الترتيب شرط أساسي لإحراز تقدُّم في الحياة المسيحية، بل إنه هو التقدم ذاته في الحياة المسيحية، المتمثِّل في أن نصير أكثر تشبُّهًا بالرب.
• لا يتحقق شيء في ملكوت الله دون ترتيب. ففي حين قد يبدو في بعض الأحيان أن الأحداث تتطوَّر بشكل عشوائي أو فوضوي، لكن هذا فقط ما يبدو عليه الأمر بحسب الظاهر. فوراء الكواليس، يتحرك الله دائمًا في ترتيب، حتى إن عجزنا في أحيان كثيرة عن إدراك ذلك.
٢. إن الله يرتِّب الأمور بحسب حكمته هو، وليس حكمتنا نحن. ففي ترتيبه للأسباط، لم يضع أكبر الأسباط عددًا في الموضع الأقرب إلى خيمة الاجتماع (كما لو أن الأكبر عددًا هو الأفضل دائمًا)، بدليل أن سبط أفرايم، وهو السبط الأقرب إلى خيمة الاجتماع من جهة الغرب، كان ثالث أصغر الأسباط في إسرائيل. كذلك، لم يضع الرب كل الأسباط كبيرة العدد في المحيط الخارجي للمحلة بهدف تحقيق أكبر حماية للشعب (فقد كان سبط بنيامين، ثاني أصغر الأسباط، نازلًا في المحيط الخارجي للمحلة). فإن الله يعمل دائمًا بترتيب، لكن أسباب هذا الترتيب قد لا تبدو دائمًا مفهومة لنا.
• عادة ما تكون مقاومتنا لترتيب الله هي نتاج أنانية بحتة، وذلك لأننا نريد أن نفعل كل شيء بطريقتنا، وليس بطريقة الله. فقد عاش بنو إسرائيل لمئات السنوات عبيدًا في أرض مصر. ولا يحتاج العبيد أن يقلقوا كثيرًا حيال الترتيب. فإنهم يتلقُّون الأوامر بشأن ما ينبغي فعله، وفي المعتاد لا يستثمرون ذواتهم للنجاح في عملهم. في المقابل، على الأحرار أن يتعلَّموا مبادئ التنظيم، ويخضعوا لها.
٣. تمَّ تحديد مكان كلِّ شيء بِالنّسْبَةِ إلى حضور الله، أي خيمة الاجتماع. كان بإمكان الله أن يحدِّد موقع سبط يهوذا بِالنّسْبَةِ إلى سبط دان، لكنه لم يفعل ذلك. فقد كان الله نفسه هو دائمًا نقطة المرجعية.
• يجب ألا نستهين بالمتاعب التي يواجهها الناس في مسيرهم مع الله بسبب قياس أنفسهم على الآخرين، وليس على الله. فينبغي أن يكون الله، وليس الآخرون، هو محور تركيزنا.
٤. نزل أسباط إسرائيل حول أربع رايات، كان يُعتَقَد في بعض الأحيان أنها تحمل صورة أَسَد (راية يهوذا)، وإِنْسَان (راية رأوبين)، وعِجْل (راية أفرايم)، ونَسْر (راية دان). وإذا كانت الرايات قد حملت هذه الصور بالفعل، فإننا نجد في ذلك تطابقًا لافتًا للنظر بينها وبين الحيوانات الأربعة التي أحاطت بعرش الله في سفر الرؤيا.
• “الْحَيَوَانُ الْأَوَّلُ شِبْهُ أَسَدٍ، وَالْحَيَوَانُ الثَّانِي شِبْهُ عِجْلٍ، وَالْحَيَوَانُ الثَّالِثُ لَهُ وَجْهٌ مِثْلُ وَجْهِ إِنْسَانٍ، وَالْحَيَوَانُ الرَّابِعُ شِبْهُ نَسْرٍ طَائِرٍ.” (رؤيا ٤: ٧)
• لم يكن ترتيب الله عشوائيًّا البتة، أو نتاج نزوة، بل إن هذا الترتيب هو على غرار النموذج السماوي. لذلك، علينا أن نقبل دائمًا ترتيب الله، حتى وإن كنا لا نفهمه.