سفر العدد – الإصحاح ٣٣
ملخص رحلة الخروج، ولمحة عن دخول الأرض
أولًا. المقدمة: الخروج من أرض مصر
أ ) الآيات (١-٢): قصة رحلات شعب إسرائيل، التي كُتِبت حسب قول الرب.
١هذِهِ رِحْلاَتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ بِجُنُودِهِمْ عَنْ يَدِ مُوسَى وَهَارُونَ. ٢وَكَتَبَ مُوسَى مَخَارِجَهُمْ بِرِحْلاَتِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ. وَهذِهِ رِحْلاَتُهُمْ بِمَخَارِجِهِمْ:
١. هَذِهِ رِحْلَاتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ: يمثِّل الإصحاح ٣٣ سجلًا لافتًا للنظر لرحلة شعب إسرائيل من أرض مصر حتى أعتاب أرض الموعد. وذُكِر فيه اسم ٤٢ مكانًا، بدءًا من رعمسيس في مصر، ووصولًا إلى عربات موآب.
• بينما كان شعب إسرائيل يستعدُّون لعبور نهر الأردن، ودخول أرض كنعان، كان من الجيد أن يتذكَّر هذا الجيل الثاني من الشعب الخارج من أرض مصر أمانة الله طوال الأربعين سنة الماضية. كان تذكُّر صلاح الله في الماضي بمثابة استعدادٍ لتحديات المستقبل.
• “من رعمسيس، مكان المغادرة، وحتى آبَلِ شِطِّيمَ فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ، ذُكِرت اثنتان وأربعون محطة نزل فيها بنو إسرائيل. ورد ذكر نحو أربعة وعشرين مكانًا من هذه الأماكن إما في سفر الخروج، وإما في أجزاء أخرى من سفر العدد، وإما في سفر التثنية. وبالتالي، فإن ما يقرب من ١٨ مكانًا ذُكِروا هنا فقط، وليس في أي موضع آخر.” واتسون (Watson)
• يصف ألن (Allen) الصعوبة التي تشكِّلها القائمة التالية من المدن على الباحث الجغرافي، قائلًا: “لكن، يشكِّل هذا الإصحاح العديد من الصعوبات بمجرد النظر إلى الخريطة. فمعظم المواقع كانت آنذاك عبارة عن مخيمات صحراوية، وليس مدنًا يمكن أن تكون لها براهين أثرية باقية. كذلك، العديد من هذه الأماكن التي سُرِدت في هذه القائمة لم تُذكَر في أي موضع آخر من سفر الخروج أو سفر العدد (مثل معظم الأماكن المذكورة في الآيات ١٩-٢٩).”
٢. كَتَبَ مُوسَى مَخَارِجَهُمْ بِرِحْلَاتِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ: قام موسى بتجميع هذا السجل المكتوب على مدار الأربعين سنة من رحلة شعب إسرائيل في البرية، وقد فعل ذلك حسب قول الله.
• قام كلٌّ من وينهام (Wenham)، وكول (Cole) بتقسيم هذه القائمة إلى ست دورات، تتكوَّن كلُّ دورة منها من سبعة أماكن. وهذا التقسيم مقدَّم أدناه: “تبدو هذه القائمة كما لو كانت قائمة عادية من الأسماء غير المثيرة للاهتمام، إلا أنها في حقيقة الأمر تروي قصة شعب يقوده الله عن طريق التأديب.” مورجان (Morgan)
• “إن الأماكن المجهولة التي لا يتذكَّرها الناس إلا بهدف إدراجها في شجرة العائلة حظيت هنا بتقديرٍ لكونها أماكن تحقَّقت فيها مقاصد الله الأزلية. فمع أنه من المنظور البشري، ربما لم يحدث شيء يُحفَر في الذاكرة في مدينة دُفْقَةَ أو مدينة أَلُوشَ، ذُكِرت هاتان المدينتان لأن جيش إسرائيل، أي جيش الرب، سار فيهما وهو في طريقه إلى أرض الموعد.” وينهام (Wenham)
• يشير العديد من المفسِّرين إلى أن هذه القائمة قُدِّمت بالأسلوب الذي كان الملوك القدماء في الشرق الأدنى يسردون به قائمة غزواتهم وانتصاراتهم. فقد كان هذا هو موكب نصرة الرب، من مصر وحتى مشارف أرض كنعان.
ثانيًا. رحلة شعب إسرائيل من مصر إلى عربات موآب
أ ) الآيات (٣-١٠): المرحلة الأولى: من مصر إلى بحر سوف (خروج ١٢-١٦).
٣اِرْتَحَلُوا مِنْ رَعَمْسِيسَ فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ، فِي الْيَوْمِ الْخَامِسِ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الأَوَّلِ، فِي غَدِ الْفِصْحِ. خَرَجَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِيَدٍ رَفِيعَةٍ أَمَامَ أَعْيُنِ جَمِيعِ الْمِصْرِيِّينَ، ٤إِذْ كَانَ الْمِصْرِيُّونَ يَدْفِنُونَ الَّذِينَ ضَرَبَ مِنْهُمُ الرَّبُّ مِنْ كُلِّ بِكْرٍ، وَالرَّبُّ قَدْ صَنَعَ بِآلِهَتِهِمْ أَحْكَامًا. ٥فَارْتَحَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ رَعَمْسِيسَ وَنَزَلُوا فِي سُكُّوتَ. ٦ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ سُكُّوتَ وَنَزَلُوا فِي إِيثَامَ الَّتِي فِي طَرَفِ الْبَرِّيَّةِ. ٧ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ إِيثَامَ وَرَجَعُوا عَلَى فَمِ الْحِيرُوثِ الَّتِي قُبَالَةَ بَعْلَ صَفُونَ وَنَزَلُوا أَمَامَ مَجْدَل. ٨ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ أَمَامِ الْحِيرُوثِ وَعَبَرُوا فِي وَسَطِ الْبَحْرِ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، وَسَارُوا مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي بَرِّيَّةِ إِيثَامَ وَنَزَلُوا فِي مَارَّةَ. ٩ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ مَارَّةَ وَأَتَوْا إِلَى إِيلِيمَ. وَكَانَ فِي إِيلِيمَ اثْنَتَا عَشَرَةَ عَيْنَ مَاءٍ، وَسَبْعُونَ نَخْلَةً. فَنَزَلُوا هُنَاكَ. ١٠ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ إِيلِيمَ وَنَزَلُوا عَلَى بَحْرِ سُوفَ.
١. خَرَجَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِيَدٍ رَفِيعَةٍ أَمَامَ أَعْيُنِ جَمِيعِ الْمِصْرِيِّينَ: فمع أنهم ظلُّوا عبيدًا لمئات السنين، لكنهم لم يخرجوا من أرض مصر في خزيٍ وعارٍ، بل أعطاهم الله يدًا رفيعة (بسالة) للخروج مثل أناس غالبين، وليس مثل عبيد فارِّين.
٢. وَالرَّبُّ قَدْ صَنَعَ بِآلِهَتِهِمْ أَحْكَامًا: لم يختر الرب الضربات التي أوقعها على أرض مصر بشكل عشوائي، بل كان الهدف منها على وجه التحديد هو الحطُّ من كبرياء الشعب، وتوبيخهم على إيمانهم بالآلهة المصرية الغريبة والشيطانية.
٣. سُكُّوتَ… إِيثَامَ… فَمِ الْحِيرُوثِ… مَارَّةَ… إِيلِيمَ… بَحْرِ سُوفَ: هذه الأماكن الستة (التي لا تشمل رعمسيس، مكان الانطلاق) تمثِّل رحلة شعب إسرائيل في المرحلة الأولى من الخروج. ووفقًا لبعض المصادر (ألن، كلارك، تراب)، تحمل أسماء هذه الأماكن المعاني التالية:
• سُكُّوتَ: مظلات
• برية إِيثَامَ (المعنى غير معروف)
• فَمِ الْحِيرُوثِ: فم النار
• مَارَّةَ: ينبوع مر
• إِيلِيمَ: مكان أشجار
• بَحْرِ سُوفَ (البحر الأحمر): بحر القصب
كما هو الحال عند التعامل مع معاني الأسماء في الكتاب المقدس، يجب أن نحترس في الكثير من الأحيان من نسب قدرٍ مبالغ فيه من الأهمية الروحية إلى تفسيرات قد تكون تكهُّنية في بعض الأحيان. “السيد بروملي (Mr. Bromley)، في كتابه بعنوان ’الطريق إلى سبت الراحة،‘ يرى أن كلَّ اسم ومكان يصف الحالة الروحية التي تمرُّ بها الروح وهي في طريقها إلى ملكوت الله. لكن في مثل هذه الحالات، يعتمد الأمر على التخيُّل أكثر بكثير من اعتماده على رأي أو وجهة نظر.” كلارك (Clarke)
بَحْرِ سُوفَ (البحر الأحمر): “يجب ألا نفهم من ذلك أن البحر الأحمر يشير إلى بحرٍ مياهه، أو رماله، أو أي شيء آخر حوله أو في داخله هو أحمر اللون، لأنه لا يوجد شيء من هذا القبيل. وهو يسمَّى في اللغة العبرية yam suph (بحر سوف)، وهو الاسم الذي يشير إلى بحر كثير الأعشاب.” كلارك (Clarke)
٤. ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ مَارَّةَ وَأَتَوْا إِلَى إِيلِيمَ: في لمسةٍ رائعةٍ، لم يَذكُر الله خطية شعب إسرائيل العظيمة التي ارتكبوها في مَارَّةَ، بل فقط ذَكَر الينابيع المتجدِّدة الموجودة في إيليم (اثْنَتَا عَشَرَةَ عَيْنَ مَاءٍ، وَسَبْعُونَ نَخْلَةً).
• “في سرد موسى لأماكن توقُّف شعب إسرائيل، ذَكَر مَارَّةَ وإِيلِيمَ. ومن جهة الموقع الأول، لم يسهب موسى كثيرًا في الحديث عن تذمُّر الشعب بسبب ينبوع المياه المرة. أما في حالة إِيلِيمَ، فقد راقه أن يستفيض في وصف عيون المياه الاثني عشر، والسبعين نخلة التي نزلوا تحتها. فإن سنوات الترحال الشاقة والمنهِكة لم تمح ذكرى الانتعاش الذي أمدَّتهم به هذه السبعون نخلة.” ماير (Meyer)
• “لم يُذكَر شيء هنا عن تذمُّرهم، سواء في مَارَّةَ أو رَفِيدِيمَ. وهكذا يتعامل الله معنا نحن أيضًا. ’أَنَا أَنَا هُوَ الْمَاحِي ذُنُوبَكَ لِأَجْلِ نَفْسِي، وَخَطَايَاكَ لَا أَذْكُرُهَا.‘ فعندما يغفر الله ينسى خطايانا.” ماير (Meyer)
ب) الآيات (١١-١٧): المرحلة الثانية: من بَرِّيَّةِ سِينٍ إلى حَضَيْرُوتَ (خروج ١٦-١٩؛ سفر العدد ١٠-١١).
١١ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ بَحْرِ سُوفَ وَنَزَلُوا فِي بَرِّيَّةِ سِينٍ. ١٢ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ بَرِّيَّةِ سِينٍ وَنَزَلُوا فِي دُفْقَةَ. ١٣ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ دُفْقَةَ وَنَزَلُوا فِي أَلُوشَ. ١٤ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ أَلُوشَ وَنَزَلُوا فِي رَفِيدِيمَ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَاءٌ لِلشَّعْبِ لِيَشْرَبَ. ١٥ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ رَفِيدِيمَ وَنَزَلُوا فِي بَرِّيَّةِ سِينَاءَ. ١٦ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ بَرِّيَّةِ سِينَاءَ وَنَزَلُوا فِي قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ. ١٧ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ وَنَزَلُوا فِي حَضَيْرُوتَ.
١. وَنَزَلُوا فِي بَرِّيَّةِ سِينٍ: استغرق هذا الجزء من الرحلة نحو سنة، لكن لم يقض الشعب معظم هذا الوقت في الارتحال، بل في استلام الشريعة عند جبل سيناء.
٢. بَرِّيَّةِ سِينٍ… دُفْقَةَ… أَلُوشَ… رَفِيدِيمَ… بَرِّيَّةِ سِينَاءَ… قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ… حَضَيْرُوتَ: تشير هذه الأماكن السبعة إلى رحلة إسرائيل في المرحلة الثانية من الخروج. ووفقًا لبعض المصادر (ألن، كلارك، تراب)، تحمل أسماء هذه الأماكن المعاني التالية:
• بَرِّيَّةِ سِينٍ: (المعنى غير معروف)
• دُفْقَةَ: مضروب، مطروق
• أَلُوشَ: (المعنى غير معروف)
• رَفِيدِيمَ: الانتشار والامتداد
• بَرِّيَّةِ سِينَاءَ: (المعنى غير معروف)
• قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ: قبور الشهوة
• حَضَيْرُوتَ: مساكن أو مستوطنات
في هذه المرحلة، والمراحل التالية لها، توجد العديد من الأماكن التي لم تُذكَر من قبل في سفر الخروج، أو سفر اللاويين، أو سفر العدد. “يَذكُر سفر العدد ١٠: ٣٣– ١٣: ٢٥ فقط ثلاث محطات بين جَبَلِ الرَّبِّ وقادش في بَرِّيَّةِ فَارَانَ، وهي تَبْعِيرَةَ، وقَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ، وحَضَيْرُوتَ (سفر العدد ١١: ٣، ٣٤-٣٥)، في حين ذكر سفر العدد ٣٣: ١٦-٣٦ اثنتين وعشرين محطة بدءًا من برية سيناء ووصولًا إلى بَرِّيّةِ صِينٍ (وَهِيَ قَادَشُ).” وينهام (Wenham)
ج) الآيات (١٨-٢٤): المرحلة الثالثة: من رِثْمَةَ إلى حَرَادَةَ.
١٨ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ حَضَيْرُوتَ وَنَزَلُوا فِي رِثْمَةَ. ١٩ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ رِثْمَةَ وَنَزَلُوا فِي رِمُّونَ فَارِصَ. ٢٠ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ رِمُّونَ فَارِصَ وَنَزَلُوا فِي لِبْنَةَ. ٢١ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ لِبْنَةَ وَنَزَلُوا فِي رِسَّةَ. ٢٢ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ رِسَّةَ وَنَزَلُوا فِي قُهَيْلاَتَةَ. ٢٣ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ قُهَيْلاَتَةَ وَنَزَلُوا فِي جَبَلِ شَافَرَ. ٢٤ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ جَبَلِ شَافَرَ وَنَزَلُوا فِي حَرَادَةَ.
١. رِثْمَةَ… رِمُّونَ فَارِصَ… لِبْنَةَ… رِسَّةَ… قُهَيْلَاتَةَ… جَبَلِ شَافَرَ… حَرَادَةَ: هذه الأماكن السبعة تشير إلى رحلة إسرائيل في المرحلة الثالثة من الخروج. ووفقًا لبعض المصادر (ألن، كلارك، تراب)، تحمل أسماء هذه الأماكن المعاني التالية:
• رِثْمَةَ: ربط وتقييد
• رِمُّونَ فَارِصَ: رمانة الثغرة
• لِبْنَةَ: أبيض
• رِسَّةَ: (المعنى غير معروف)
• قُهَيْلَاتَةَ: اجتماع
• جَبَلِ شَافَرَ: جبل الجَمَال
• حَرَادَةَ: مخيف ومرعب
د ) الآيات (٢٥-٣١): المرحلة الرابعة: من مَقْهَيْلُوتَ إلى بَنِي يَعْقَانَ (تثنية ١٠).
٢٥ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ حَرَادَةَ وَنَزَلُوا فِي مَقْهَيْلُوتَ. ٢٦ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ مَقْهَيْلُوتَ وَنَزَلُوا فِي تَاحَتَ. ٢٧ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ تَاحَتَ وَنَزَلُوا فِي تَارَحَ. ٢٨ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ تَارَحَ وَنَزَلُوا فِي مِثْقَةَ. ٢٩ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ مِثْقَةَ وَنَزَلُوا فِي حَشْمُونَةَ. ٣٠ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ حَشْمُونَةَ وَنَزَلُوا فِي مُسِيرُوتَ. ٣١ثُمَّ ارْتحَلُوا مِن مُسِيرُوتَ وَنَزَلُوا فِي بَنِي يَعْقَانَ.
١. مَقْهَيْلُوتَ… تَاحَتَ… تَارَحَ… مِثْقَةَ… حَشْمُونَةَ… مُسِيرُوتَ… بَنِي يَعْقَانَ: تشير هذه الأماكن السبعة إلى رحلة إسرائيل في المرحلة الرابعة من الخروج. ووفقًا لبعض المصادر (ألن، كلارك، تراب)، تحمل أسماء هذه الأماكن المعاني التالية:
• مَقْهَيْلُوتَ: مكان الاجتماع
• تَاحَتَ: أدنى أو تحت
• تَارَحَ: (المعنى غير معروف)
• مِثْقَةَ: حلاوة
• حَشْمُونَةَ: سرعة أو رشاقة
• مُسِيرُوتَ: أربطة أو قيود
• بَنِي يَعْقَانَ: أبناء يعقان
هـ) الآيات (٣٢-٤١): المرحلة الخامسة: من حُورِ الْجِدْجَادِ إلى صَلْمُونَةَ (سفر العدد ٢٠-٢١).
٣٢ثُّمَ ارْتَحَلُوا مِنْ بَنِي يَعْقَانَ وَنَزَلُوا فِي حُورِ الْجِدْجَادِ. ٣٣ثمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ حُورِ الْجِدْجَادِ وَنَزَلُوا فِي يُطْبَاتَ. ٣٤ثمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ يُطْبَاتَ وَنَزَلُوا فِي عَبْرُونَةَ. ٣٥ثمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ عَبْرُونَةَ وَنَزَلُوا فِي عِصْيُونَ جَابَرَ. ٣٦ثمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ عِصْيُونَ جَابَرَ وَنَزَلُوا فِي برِّيّةِ صِينٍ وَهِيَ قَادَشُ. ٣٧ثمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ قَادَشَ وَنَزَلُوا فِي جَبَلِ هُورٍ فِي طَرَفِ أَرْضِ أَدُومَ. ٣٨فَصَعِدَ هَارُونُ الْكَاهِنُ إِلَى جَبَلِ هُورٍ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ، وَمَاتَ هُنَاكَ فِي السَّنَةِ الأَرْبَعِينَ لِخُرُوجِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، في الشَّهْرِ الخَامِسِ فِي الأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ. ٣٩وَكَانَ هَارُونُ ابْنَ مِئَةٍ وثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَاتَ فِي جَبَلِ هُورٍ. ٤٠وَسَمِعَ الْكَنْعَانِيُّ مَلِكُ عَرَادَ وَهُوَ سَاكِنٌ فِي الْجَنُوبِ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ بِمَجِيءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. ٤١ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ جَبَلِ هُورٍ وَنَزَلُوا فِي صَلْمُونَةَ.
١. حُورِ الْجِدْجَادِ… يُطْبَاتَ… عَبْرُونَةَ… عِصْيُونَ جَابَرَ… قَادَشُ… جَبَلِ هُورٍ… صَلْمُونَةَ: تشير هذه الأماكن السبعة إلى رحلة إسرائيل في المرحلة الخامسة من الخروج. ووفقًا لبعض المصادر (ألن، كلارك، تراب)، تحمل أسماء هذه الأماكن المعاني التالية:
• حُورِ الْجِدْجَادِ: كهف الجدجاد
• يُطْبَاتَ: طيِّب أو ممتع
• عَبْرُونَةَ: المناطق الواقعة وراء (عَبْرِ الأُرْدُنِّ)
• عِصْيُونَ جَابَرَ: أشجار ضخمة
• قَادَشُ: مكان مُقدس/مَقدِس
• جَبَلِ هُورٍ: (المعنى غير معروف)
• صَلْمُونَةَ: الشبه أو الصورة
٢. فَصَعِدَ هَارُونُ الْكَاهِنُ إِلَى جَبَلِ هُورٍ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ: أُولي النزول في جَبَلِ هُورٍ أهمية خاصة، إكرامًا لموت ودفن هارون، أخا موسى، وأول رئيس كهنة لإسرائيل.
و ) الآيات (٤٢-٤٩): المرحلة السادسة: من فُونُونَ إلى عَرَبَاتِ مُوآبَ (سفر العدد ٢١-٢٢).
٤٢ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ صَلْمُونَةَ وَنَزَلُوا فِي فُونُونَ. ٤٣ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ فُونُونَ وَنَزَلُوا فِي أُوبُوتَ. ٤٤ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ أُوبُوتَ وَنَزَلُوا فِي عَيِّي عَبَارِيمَ فِي تُخْمِ مُوآبَ. ٤٥ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ عَيِّيمَ وَنَزَلُوا فِي دِيبُونَ جَادَ. ٤٦ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ دِيبُونَ جَادَ وَنَزَلُوا فِي عَلْمُونَ دِبْلاَتَايِمَ. ٤٧ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ عَلْمُونَ دِبْلاَتَايِمَ وَنَزَلُوا فِي جِبَالِ عَبَارِيمَ أَمَامَ نَبُو. ٤٨ثُمَّ ارْتَحَلُوا مِنْ جِبَالِ عَبَارِيمَ وَنَزَلُوا فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ عَلَى أُرْدُنِّ أَرِيحَا. ٤٩نَزَلُوا عَلَى الأُرْدُنِّ مِنْ بَيْتِ يَشِيمُوتَ إِلَى آبَلَ شِطِّيمَ فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ.
١. فُونُونَ… أُوبُوتَ… عَيِّي عَبَارِيمَ… دِيبُونَ جَادَ… عَلْمُونَ دِبْلَاتَايِمَ… جِبَالِ عَبَارِيمَ: تشير هذه الأماكن الستة (حتى عَرَبَاتِ مُوآبَ) إلى رحلة شعب إسرائيل في المرحلة السادسة من الخروج. ووفقًا لبعض المصادر (ألن، كلارك، تراب)، تحمل أسماء هذه الأماكن المعاني التالية:
• فُونُونَ: (المعنى غير معروف)
• أُوبُوتَ: قِرَب الماء
• عَيِّي عَبَارِيمَ: أكوام (تلال) عباريم
• دِيبُونَ جَادَ: التي بناها جاد
• عَلْمُونَ دِبْلَاتَايِمَ: التين المخفي (على الأرجح)
• جِبَالِ عَبَارِيمَ: الجبال الواقعة وراء (عَبْرِ الأُرْدُنِّ)
٢. نَزَلُوا عَلَى الْأُرْدُنِّ مِنْ بَيْتِ يَشِيمُوتَ إِلَى آبَلِ شِطِّيمَ فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ: كان هذا هو موقع إسرائيل الحالي، على أعتاب أرض كنعان. وفي غضون بضعة أشهر، كانوا سوف يرتحلون من عَرَبَاتِ مُوآبَ، عابرين الأردن ليدخلوا أرض الموعد.
• “كانت خيام الآلاف من شعب إسرائيل ممتدَّة من بَيْتِ يَشِيمُوتَ… إلى آبَلِ شِطِّيمَ… في عَرَبَاتِ مُوآب. وكانت المسافة بين هذين الموقعين، من الشمال إلى الجنوب، تزيد على خمسة أميال، وهي مسافة ملائمة لنزول الآلاف من أعضاء أسباط إسرائيل فيها.” ألن (Allen)
ثالثًا. التطلع إلى الأمام: دخول أرض كنعان
أ ) الآيات (٥٠-٥٣): الأمر بهزيمة سكان كنعان.
٥٠وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ عَلَى أُرْدُنِّ أَرِيحَا قَائِلًا: ٥١«كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: إِنَّكُمْ عَابِرُونَ الأُرْدُنَّ إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ، ٥٢فَتَطْرُدُونَ كُلَّ سُكَّانِ الأَرْضِ مِنْ أَمَامِكُمْ، وَتَمْحُونَ جَمِيعَ تَصَاوِيرِهِمْ، وَتُبِيدُونَ كُلَّ أَصْنَامِهِمِ الْمَسْبُوكَةِ وَتُخْرِبُونَ جَمِيعَ مُرْتَفَعَاتِهِمْ. ٥٣تَمْلِكُونَ الأَرْضَ وَتَسْكُنُونَ فِيهَا لأَنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمُ الأَرْضَ لِكَيْ تَمْلِكُوهَا.
١. فَتَطْرُدُونَ كُلَّ سُكَّانِ الْأَرْضِ مِنْ أَمَامِكُمْ: كلَّف الله شعب إسرائيل بدور فريد من نوعه يتعلق بشعوب كنعان. فقد استخدمهم الله كأداة فريدة من نوعها لإيقاع الدينونة على الكنعانيين.
• هذه الدعوة تخص المستقبل، أي إنها تتطلع إلى المرحلة السابعة من رحلة بني إسرائيل من أرض مصر. فبقيادة يشوع، سيغزو شعب إسرائيل أرض كنعان، ويطْرُدُونَ الكنعانيين.
٢. فَتَطْرُدُونَ كُلَّ سُكَّانِ الْأَرْضِ مِنْ أَمَامِكُمْ، وَتَمْحُونَ جَمِيعَ تَصَاوِيرِهِمْ، وَتُبِيدُونَ كُلَّ أَصْنَامِهِمِ الْمَسْبُوكَةِ وَتُخْرِبُونَ جَمِيعَ مُرْتَفَعَاتِهِمْ: هذه اللغة الحادة والقوية، المعبَّر عنها بأربعة أفعال عبرية مختلفة (تُرجِمت إلى تَطْرُدُونَ، تَمْحُونَ، تُبِيدُونَ، وَتُخْرِبُونَ)، توضح جيدًا رغبة الله في عدم ترك أيِّ شيء من الثقافة الكنعانية ليكون مصدر غواية للشعب بعبادة الأوثان والزنا.
• كان على شعب إسرائيل ألا يتساهلوا مع أيِّ وجودٍ في وسطهم لعبادة الأوثان الفاسدة، أو لزنا الكنعانيين، وهي الانحرافات التي اشتملت أيضًا على تقديم ذبائح بشرية. “كان ينبغي ألا يُفسَح أيُّ مجال لشفقة زائفة، أو لأنانية يمكن أن تدفع الشعب إلى أن يخلفوا وراءهم أيَّة تأثيرات قد تفسدهم. لذلك، فإن الأمر القاطع بطرد كلِّ شيء كان مبنيًّا على اهتمام الله البالغ والرحيم بمصلحة شعبه المختار، واهتمامه أيضًا، من خلال هذا الشعب، بمصلحة الجنس [البشري] بأكمله.” مورجان (Morgan)
• “هل سنسمح لهذه الأفاعي بأن تظلَّ قابعةً في أحضاننا إلى أن تبتلع قلوبنا تمامًا؟” تراب (Trapp)
• “إن التعدُّدية التي تتخذ صورة التعايُش السلمي مع عبادة الأوثان ستكون مستحيلة، سواء لخير الشعب، أو لقدسيَّة الأرض التي وهبها يهوه لشعبه.” كول (Cole)
• وَتُخْرِبُونَ جَمِيعَ مُرْتَفَعَاتِهِمْ: “نعرف من خلال سفر القضاة، والتاريخ اللاحق له أيضًا، أن هذه الوصية، ولا سيما تلك التي تتعلَّق بهدم المرتفعات، أصبحت فعليًّا مجرد حبرٍ على ورق.” واتسون (Watson)
ب) الآية (٥٤): الأمر بامتلاك أرض كنعان.
٥٤وَتَقْتَسِمُونَ الأَرْضَ بِالْقُرْعَةِ حَسَبَ عَشَائِرِكُمْ. اَلْكَثِيرُ تُكَثِّرُونَ لَهُ نَصِيبَهُ وَالْقَلِيلُ تُقَلِّلُونَ لَهُ نَصِيبَهُ. حَيْثُ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ فَهُنَاكَ يَكُونُ لَهُ. حَسَبَ أَسْبَاطِ آبَائِكُمْ تَقْتَسِمُونَ.
١. وَتَقْتَسِمُونَ الْأَرْضَ بِالْقُرْعَةِ حَسَبَ عَشَائِرِكُمْ: لم يقتصر قصد الله على أن يوقِع الدينونة على ثقافة الكنعانيين الفاسدة، بل أيضًا أن يُعطي الأرض مُلكًا لشعب إسرائيل.
٢. اَلْكَثِيرُ تُكَثِّرُونَ لَهُ نَصِيبَهُ وَالْقَلِيلُ تُقَلِّلُونَ لَهُ نَصِيبَهُ: أمر الله بأن توزَّع الأرض بالعدل، بحسب حجم كلِّ سبط في العموم.
ج) الآيات (٥٥-٥٦): تحذير إسرائيل من عواقب عدم طرد الكنعانيين وتأثيراتهم.
٥٥وَإِنْ لَمْ تَطْرُدُوا سُكَّانَ الأَرْضِ مِنْ أَمَامِكُمْ يَكُونُ الَّذِينَ تَسْتَبْقُونَ مِنْهُمْ أَشْوَاكًا فِي أَعْيُنِكُمْ، وَمَنَاخِسَ فِي جَوَانِبِكُمْ، وَيُضَايِقُونَكُمْ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنْتُمْ سَاكِنُونَ فِيهَا. ٥٦فَيَكُونُ أَنِّي أَفْعَلُ بِكُمْ كَمَا هَمَمْتُ أَنْ أَفْعَلَ بِهِمْ.
١. وَإِنْ لَمْ تَطْرُدُوا سُكَّانَ الْأَرْضِ مِنْ أَمَامِكُمْ يَكُونُ الَّذِينَ تَسْتَبْقُونَ مِنْهُمْ أَشْوَاكًا فِي أَعْيُنِكُمْ، وَمَنَاخِسَ فِي جَوَانِبِكُمْ: إذا لم يطرد شعب إسرائيل الكنعانيين من الأرض، سيظل بإمكانهم أن يحتلُّوا أرض الموعد، لكن عبادة الأوثان وزنا الكنعانيين سيجدان لهما مكانًا بين شعب إسرائيل، وسيكونان مصدرًا للمتاعب والإزعاج المستمر.
• “للأسف، كان وصف هذه المشكلة تنبؤًا عمَّا حدث بالفعل. فإن الكنعانيين المتبقِّين في الأرض سيكونون أشواكًا في أعينهم، وَمَنَاخِسَ في جوانبهم (وهي التشبيهات نفسها التي استخدمها يشوع في خطابه الوداعي؛ انظر يشوع ٢٣: ١٣).” ألن (Allen)
٢. فَيَكُونُ أَنِّي أَفْعَلُ بِكُمْ كَمَا هَمَمْتُ أَنْ أَفْعَلَ بِهِمْ: تحقَّق هذا التحذير في النهاية في تاريخ إسرائيل. فمع أنهم امتلكوا الأرض، لكنهم لم يطردوا الكنعانيين بالكامل، أو يبيدوا تأثيراتهم. وبسبب اتباع الشعب عبادة الأوثان وزنا الكنعانيين، طردهم الله في النهاية من هذه الأرض، وأرسلهم إلى السبي.
• ومن هنا نتعلَّم المبدأ الروحي الثابت التالي، وهو أنه لا جدوى من أن تكون الكنيسة ناجحةً في أعين البشر. فقد نجح شعب إسرائيل عندما امتلكوا الأرض، وأصبحوا دولة شرعية، بعدما كانوا شعبًا مستعبَدًا؛ لكنهم سمحوا للممارسات والسلوكيات الكنعانية الفاسدة بأن تمدَّ جذورها في وسطهم، وفي النهاية طُرِدوا من الأرض. ومن ناحية روحية، إذا حدث هذا الشيء نفسه بين شعب الله اليوم، يجب أن يتوقَّعوا أن يُطرَدوا في النهاية من مكان نجاحهم أو مكان تأثيرهم الظاهري.