أخبار الأيام الثاني – الإصحاح ٢٥
حكم أمصيا
أولًا. انتصاره على أدوم
أ ) الآيات (١-٢): محدودية حكم أمصيا الصالح.
١مَلَكَ أَمَصْيَا وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَمَلَكَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ يَهُوعَدَّانُ مِنْ أُورُشَلِيمَ. ٢وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلكِنْ لَيْسَ بِقَلْبٍ كَامِل.
١. وَعَمِلَ ٱلْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ: واصل أمصيا، ابن المصلح العظيم يهوآش الحكم التقي الذي بدأه أبوه بشكل عام.
• “بدأ بداية حسنة بالتمسك بالشريعة عن كثب. ولو استمر كما بدأ، لكان هذا أفضل له ولمملكته.” ناب (Knapp)
٢. وَلَكِنْ لَيْسَ بِقَلْبٍ كَامِلٍ: بالمقارنة مع يوآش، استمر أمصيا سياساته بأمانة، غير أن بعض تلك السياسات سمحت بمجال للمساومات، مثل السماح بالاستمرار في تقديم الذبائح وقرابين البخور على المرتفعات (٢ ملوك ١٤: ١-٤). وبالمقارنة مع داود، أعظم ملك بشري على شعب الله، لم يَرْقَ أمصيا إلى مستواه (٢ ملوك ١٤: ١-٤).
• “الفكرة الجذرية وراء الكلمة العبرية المترجمة إلى ’كَامِلٍ‘ هنا هي السلامة الكلية أو التمام أو الاكتمال. ويتمثل النقص أو العيب في القلب في الاستسلام غير الكامل. إذ يُحتفَظ بحجرة في الهيكل لأغراض أنانية. ولا يخبرنا النص ماهية هذا العيب أو النقص في حالة أمصيا، لكن تظل الحقيقة أنه رغم اتجاه حياته العام… إلا أنه لم يضع قلبه على عمل مشيئة الله.” مورجان (Morgan)
ب) الآيات (٣-٤): مثل على طاعة أمصيا.
٣وَلَمَّا تَثَبَّتَتِ الْمَمْلَكَةُ عَلَيْهِ قَتَلَ عَبِيدَهُ الَّذِينَ قَتَلُوا الْمَلِكَ أَبَاهُ. ٤وَأَمَّا بَنُوهُمْ فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ، بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِفْرِ مُوسَى حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ قَائِلاً: «لاَ تَمُوتُ الآبَاءُ لأَجْلِ الْبَنِينَ، وَلاَ الْبَنُونَ يَمُوتُونَ لأَجْلِ الآبَاءِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ لأَجْلِ خَطِيَّتِهِ».
١. قَتَلَ عَبِيدَهُ ٱلَّذِينَ قَتَلُوا ٱلْمَلِكَ أَبَاهُ: كان هذا عدلًا وفي مصلحة أمصيا معًا. إذ كان من مصلحته أن يتخلص من أولئك الذين وجدوا اغتيال الملك طريقة معقولة لتغيير المملكة.
• وحقّق هذا أيضًا أمر الله بمعاقبة القتلة بالإعدام، وهو أمر رأيناه أولًا في تكوين ٩: ٥-٧.
٢. وَأَمَّا بَنُوهُمْ فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ، بَلْ (فعل) كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي ٱلشَّرِيعَةِ فِي سِفْرِ مُوسَى: كانت الممارسة المعتادة في العالم القديم هو إعدام الطرف المذنب مع عائلته. فعارض أمصيا تلك الممارسة التقليدية في أيامه، وأطاع كلمة الله بدلًا من ذلك (تثنية ٢٤: ١٦).
• “أظهر أمصيا هنا بعض الإيمان والشجاعة في إطاعته لوصية الله هذه، رغم أن هذا يمكن أن يكون خطرًا جدًّا عليه. إذ يرجّح أن يسعى أحد هؤلاء إلى الانتقام منه لأبيه المقتول.” بوله (Poole)
ج) الآيات (٥-٨): تحضيرات لمحاربة أدوم.
٥وَجَمَعَ أَمَصْيَا يَهُوذَا وَأَقَامَهُمْ حَسَبَ بُيُوتِ الآبَاءِ رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ وَرُؤَسَاءَ مِئَاتٍ فِي كُلِّ يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ، وَأَحْصَاهُمْ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَمَا فَوْقُ، فَوَجَدَهُمْ ثَلاَثَ مِئَةِ أَلْفِ مُخْتَارٍ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ حَامِلِ رُمْحٍ وَتُرْسٍ. ٦وَاسْتَأْجَرَ مِنْ إِسْرَائِيلَ مِئَةَ أَلْفِ جَبَّارِ بَأْسٍ بِمِئَةِ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ. ٧وَجَاءَ إِلَيْهِ رَجُلُ اللهِ قَائِلاً: «أَيُّهَا الْمَلِكُ، لاَ يَأْتِي مَعَكَ جَيْشُ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّ الرَّبَّ لَيْسَ مَعَ إِسْرَائِيلَ، مَعَ كُلِّ بَنِي أَفْرَايِمَ. ٨وَإِنْ ذَهَبْتَ أَنْتَ فَاعْمَلْ وَتَشَدَّدْ لِلْقِتَالِ، لأَنَّ اللهَ يُسْقِطُكَ أَمَامَ الْعَدُوِّ، لأَنَّ عِنْدَ اللهِ قُوَّةً لِلْمُسَاعَدَةِ وَلِلإِسْقَاطِ».
١. وَٱسْتَأْجَرَ مِنْ إِسْرَائِيلَ مِئَةَ أَلْفِ جَبَّارِ بَأْسٍ: قام أمصيا، في محاولة حشد يهدف إلى مهاجمة أدوم في نهاية الأمر، باستئجار قوات مرتزقة من مملكة إسرائيل الشمالية. إذ كانت هذه ممارسة شائعة في العالم القديم.
٢. أَيُّهَا ٱلْمَلِكُ، لَا يَأْتِي مَعَكَ جَيْشُ إِسْرَائِيلَ، لِأَنَّ ٱلرَّبَّ لَيْسَ مَعَ إِسْرَائِيلَ: حذّر هذا النبي المجهول الملك من استخدام القوات الإسرائيلية التي استأجرها. وحذّره أيضًا من أنه في حالة اصطحابها معه في المعركة، فسيسقطه الله أمام العدو.
• رغم أنه من المنطقي عسكريًا أن يستأجر أمصيا هذه القوات، إلا أن هذا لم يكن أمرًا منطقيًّا من ناحية روحية، حسب كلمة الله، لأن لدى الرب القوة للعون وللإسقاط. فالمحاربة إلى جانب الله تعني قبول عونه. وأما محاربته فتعني أن الله سيسقطك.
د ) الآية (٩): سؤال الملك وجواب النبي.
٩فَقَالَ أَمَصْيَا لِرَجُلِ اللهِ: «فَمَاذَا يُعْمَلُ لأَجْلِ الْمِئَةِ الْوَزْنَةِ الَّتِي أَعْطَيْتُهَا لِغُزَاةِ إِسْرَائِيلَ؟» فَقَالَ رَجُلُ اللهِ: «إِنَّ الرَّبَّ قَادِرٌ أَنْ يُعْطِيَكَ أَكْثَرَ مِنْ هذِهِ».
١. فَمَاذَا يُعْمَلُ لِأَجْلِ ٱلْمِئَةِ ٱلْوَزْنَةِ ٱلَّتِي أَعْطَيْتُهَا لِغُزَاةِ إِسْرَائِيلَ؟: سمع أمصيا رسالة الله على لسان النبي وفهِمها. غير أن سؤاله كان مألوفًا: ’كم ستكلّفني طاعتي؟‘ ليس هذا سؤالًا سيئًا بالضرورة إذا كنا مستعدين أن نقتنع بجواب الرب.
٢. إِنَّ ٱلرَّبَّ قَادِرٌ أَنْ يُعْطِيَكَ أَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ: رد النبي على أمصيا بحكمة. فمهما كانت تكاليف الطاعة، فإنها أرخص بكثير من العصيان.
• “لكنك تقول إنك دخلت في تحالف وثيق بالفعل لا يمكنك التراجع عنه. لقد استثمرت رأسمالك، وشرعت في الإنفاق الكبير. لكن مع ذلك، سيكون التخلي عن هذه التكاليف أفضل من التخلي عن الله.” ماير (Meyer)
هـ) الآيات (١٠-١٣): طاعة أمصيا وانتصاره على أدوم.
١٠فَأَفْرَزَ أَمَصْيَا الْغُزَاةَ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَيْهِ مِنْ أَفْرَايِمَ لِكَيْ يَنْطَلِقُوا إِلَى مَكَانِهِمْ، فَحَمِيَ غَضَبُهُمْ جِدًّا عَلَى يَهُوذَا وَرَجَعُوا إِلَى مَكَانِهِمْ بِحُمُوِّ الْغَضَبِ. ١١وَأَمَّا أَمَصْيَا فَتَشَدَّدَ وَاقْتَادَ شَعْبَهُ وَذَهَبَ إِلَى وَادِي الْمِلْحِ، وَضَرَبَ مِنْ بَنِي سِعِير عَشَرَةَ آلاَفٍ، ١٢وَعَشَرَةَ آلاَفٍ أَحْيَاءَ سَبَاهُمْ بَنُو يَهُوذَا وَأَتَوْا بِهِمْ إِلَى رَأْسِ سَالِعَ وَطَرَحُوهُمْ عَنْ رَأْسِ سَالِعَ فَتَكَسَّرُوا أَجْمَعُونَ. ١٣وَأَمَّا الرِّجَالُ الْغُزَاةُ الَّذِينَ أَرْجَعَهُمْ أَمَصْيَا عَنِ الذَّهَابِ مَعَهُ إِلَى الْقِتَالِ فَاقْتَحَمُوا مُدُنَ يَهُوذَا مِنَ السَّامِرَةِ إِلَى بَيْتِ حُورُونَ، وَضَرَبُوا مِنْهُمْ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَنَهَبُوا نَهْبًا كَثِيرًا.
١. فَأَفْرَزَ أَمَصْيَا ٱلْغُزَاةَ ٱلَّذِينَ جَاءُوا إِلَيْهِ مِنْ أَفْرَايِمَ لِكَيْ يَنْطَلِقُوا إِلَى مَكَانِهِمْ: سبق أن دفع لهم كما وعد، واثقًا بأن الله سيعوّضه أكثر. فأرسلهم إلى وطنهم بإيمان واثقًا بأن الرب سيحمي ويدبر الاحتياجات.
• أثار هذا غضبًا شديدًا لدى الجيش المطرود على يهوذا، لأنهم اعتمدوا على النهب المتوقع كدخل إضافي.
• “يُظهر غضب الإسرائيليين الشديد – وهي كلمة مكررة في النص العبري (غضبوا غضبًا) – سبب كون أن الرب لم يكن معهم.” سيلمان (Selman)
٢. وَأَمَّا أَمَصْيَا فَتَشَدَّدَ وَٱقْتَادَ شَعْبَهُ وَذَهَبَ إِلَى وَادِي ٱلْمِلْحِ، وَضَرَبَ مِنْ بَنِي سَاعِيرَ عَشَرَةَ آلَافٍ: عندما سار أمصيا في طاعة الرب، رأى الانتصار الذي وعد به الرب. فقد هُزم الأدوميون الذين على ما يبدو تمردوا على سلطة يهوذا.
• كان انتصارًا واضحًا بما يكفي، رغم أنه تحقّق من دون أي إقرار بعون الله، وبعنف مفرط.” سيلمان (Selman)
٣. وَأَمَّا ٱلرِّجَالُ ٱلْغُزَاةُ ٱلَّذِينَ أَرْجَعَهُمْ أَمَصْيَا … فَٱقْتَحَمُوا مُدُنَ يَهُوذَا مِنَ ٱلسَّامِرَةِ إِلَى بَيْتِ حُورُونَ، وَضَرَبُوا مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَنَهَبُوا نَهْبًا كَثِيرًا: يبيّن هذا شر الجنود الإسرائيليين المطرودين وولعهم بالنهب والسلب والغنائم. إذ أصرّوا على أن يثروا أنفسهم من خلال الغزو، علاوة على رواتبهم كجنود.
• “لأنهم أحسوا بالإهانة والرفض، وشعروا بخيبة الأمل لأنهم لم يحصلوا على الغنائم التي كانوا يتلهفون إلى الحصول عليها، وها هم يُصرَفون بأيدٍ فارغة. ويرجّح أن مئة وزنة أُعطيت لقادتهم فقط لتجنيد رجال من أجل هذه الخدمة، وهو مبلغ قليل ليوزع على هذا العدد الكبير.” بوله (Poole)
• “ارتكب جنود إسرائيل أعمال نهب في طريق عودتهم. فكان هذا نتيجة لحماقة أمصيا وخطيته المتمثلة في العرض الذي قدّمه للجنود الإسرائيليين. قد يُغفر لنا ونُنقَذ، لكن ستتبعنا عواقب بسبب أعمال غير مدروسة جيدًا. قد تُغفر الخطية، لكن نتائجها الثانوية تكون مريرة جدًا أحيانًا.” ماير (Meyer)
ثانيًا. خطية أمصيا ودينونة الله عليه
أ ) الآيات (١٤-١٦): عبادة أمصيا الغريبة للأوثان.
١٤ثُمَّ بَعْدَ مَجِيءِ أَمَصْيَا مِنْ ضَرْبِ الأَدُومِيِّينَ أَتَى بِآلِهَةِ بَنِي سَاعِيرَ وَأَقَامَهُمْ لَهُ آلِهَةً، وَسَجَدَ أَمَامَهُمْ وَأَوْقَدَ لَهُمْ. ١٥فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى أَمَصْيَا وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ نَبِيًّا فَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا طَلَبْتَ آلِهَةَ الشَّعْبِ الَّذِينَ لَمْ يُنْقِذُوا شَعْبَهُمْ مِنْ يَدِكَ؟» ١٦وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُهُ قَالَ لَهُ: «هَلْ جَعَلُوكَ مُشِيرًا لِلْمَلِكِ؟ كُفَّ! لِمَاذَا يَقْتُلُونَكَ؟» فَكَفَّ النَّبِيُّ وَقَالَ: «قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ اللهَ قَدْ قَضَى بِهَلاَكِكَ لأَنَّكَ عَمِلْتَ هذَا وَلَمْ تَسْمَعْ لِمَشُورَتِي».
١. أَتَى بِآلِهَةِ بَنِي سَاعِيرَ وَأَقَامَهُمْ لَهُ آلِهَةً، وَسَجَدَ أَمَامَهُمْ: يبيّن عمل أمصيا هذا مدى حماقة عبادة الأوثان. فلم تقوَ آلهة ساعير على الدفاع عن الأدوميين أو تقديم العون لهم. غير أنه عبدها. فأرسل الله نبيًّا ليوضح هذا الأمر للملك أمصيا.
• “يبدو أن إنجاز أمصيا أخرج أسوأ ما فيه. ففي حين أنه سبق له أن تجاوب مع الله نوعًا ما، فإنه يتحول الآن إلى عبادة الأوثان، والاضطهاد، والانتقام، والتعنُّت، والكبرياء، والارتداد.” سيلمان (Selman)
٢. هَلْ جَعَلُوكَ مُشِيرًا لِلْمَلِكِ؟ كُفَّ: أخرس الملك النبي بغطرسة، غير أن النبي نطق بكلمة دينونة أخيرة على أمصيا.
• كان هذا رفضًا لرحمة الله تجاه أمصيا. فقد أظهر الله لطفًا بإرسال نبي إليه ليقوّمه “بينما كان بإمكانه أن يرسله إلى الجحيم بصاعقة، كما يمكن أن يفعل أكثر رجل صبرًا على وجه الأرض لو كان في مكان الله وقوّته.” تراب (Trapp)
ب) الآيات (١٧-٢٠): ملك إسرائيل يحذّر ملك يهوذا.
١٧فَاسْتَشَارَ أَمَصْيَا مَلِكُ يَهُوذَا، وَأَرْسَلَ إِلَى يُوآشَ بْنِ يَهُوآحَازَ بْنِ يَاهُو مَلِكِ إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: «هَلُمَّ نَتَرَاءَ مُواجَهَةً». ١٨فَأَرْسَلَ يُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ إِلَى أَمَصْيَا مَلِكِ يَهُوذَا قَائِلاً: «الْعَوْسَجُ الَّذِي فِي لُبْنَانَ أَرْسَلَ إِلَى الأَرْزِ الَّذِي فِي لُبْنَانَ يَقُولُ: أَعْطِ ابْنَتَكَ لابْنِي امْرَأَةً. فَعَبَرَ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ كَانَ فِي لُبْنَانَ وَدَاسَ الْعَوْسَجَ. ١٩تَقُولُ: هأَنَذَا قَدْ ضَرَبْتُ أَدُومَ، فَرَفَّعَكَ قَلْبُكَ لِلتَّمَجُّدِ! فَالآنَ أَقِمْ فِي بَيْتِكَ. لِمَاذَا تَهْجُمُ عَلَى الشَّرِّ فَتَسْقُطَ أَنْتَ وَيَهُوذَا مَعَكَ؟». ٢٠فَلَمْ يَسْمَعْ أَمَصْيَا لأَنَّهُ كَانَ مِنْ قِبَلِ اللهِ أَنْ يُسَلِّمَهُمْ، لأَنَّهُمْ طَلَبُوا آلِهَةَ أَدُومَ.
١. هَلُمَّ نَتَرَاءَ مُواجَهَةً (في المعركة): تَكَبَّر أمصيا بعد انتصاره على أدوم، فقرر أن يعلن الحرب على مملكة إسرائيل الشمالية. ولا شك أن هذا جاء ردًّا على عمليات الهجوم والنهب والسلب الذي قام به المرتزقة الإسرائيليون المطرودون (٢ أخبار الأيام ٢٥: ٥-١٦).
• كان لديه سبب للاعتقاد بأنه سينتصر. فقد سبق أن حشد جيشًا قِوامه ٣٠٠.٠٠٠ جندي، وقتل ٢٠.٠٠٠ رجل في انتصاره على أدوم (٢ أخبار الأيام ٢٥: ١١-١٢). وبدا له أن ملك إسرائيل، يوآش (يهوآحاز) ضعيف، حيث لم يكن يملك إلا ٥٠ خيّالًا، و١٠ عربات، و١٠.٠٠٠ جندي من المشاة بعد هزيمته من الآراميين (٢ ملوك ١٣: ٧).
٢. ٱلْعَوْسَجُ ٱلَّذِي فِي لُبْنَانَ: كان رد ملك إسرائيل يوآش حكيمًا ودبلوماسيًّا معًا. فبهذه القصة وتطبيقها، نصح أمصيا بأن يفتخر بانتصاره على أدوم، لكن أن يلزم بيته بعد ذلك (فَالآنَ أَقِمْ فِي بَيْتِكَ).
• “تجاسر العوسج الذي ظن نفسه مساويًا للأرز، فاقترح حلف مصاهرة بينهما. وكان الفرق بينهما واضحًا عندما مرَّ حيوان بري وسحق العوسج تحت أقدامه. وبطبيعة الحال، فإن الوحش يعجز عن إيذاء الأرز.” ديلداي (Dilday)
٣. لِمَاذَا تَهْجُمُ عَلَى الشَّرِّ فَتَسْقُطَ أَنْتَ وَيَهُوذَا مَعَكَ؟: كان ينبغي لأمصيا أن يستمع إلى نصيحة يوآش، لكنه لم يفعل. فقد استفز معركة كان عليه أن يتجنّبها. ولم يضع في حسابه احتمال انتصار إسرائيل أو تأثير هزيمته في مملكة يهوذا بأكملها.
٤. لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ قِبَلِ ٱللهِ أَنْ يُسَلِّمَهُمْ، لِأَنَّهُمْ طَلَبُوا آلِهَةَ أَدُومَ: بسبب حماقة أمصيا المتمثلة في تبنّي عبادة الأوثان، سمح له الله بأن يدخل في حرب حمقاء مع إسرائيل. فقد قادته الأوثان الحمقاء إلى قرارت حمقاء. وسمح له إله السماء الحكيم بأن يختبر تأثير هذه القرارات.
• “لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ قِبَلِ ٱللهِ الذي سلّمه لضلاله، وشغفه ليهلكه.” بوله (Poole)
ج) الآيات (٢١-٢٤): هزيمة الملك أمصيا المتكبر أمام إسرائيل.
٢١وَصَعِدَ يُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ فَتَرَاءَيَا مُواجَهَةً، هُوَ وَأَمَصْيَا مَلِكُ يَهُوذَا، فِي بَيْتِ شَمْسٍ الَّتِي لِيَهُوذَا. ٢٢فَانْهَزَمَ يَهُوذَا أَمَامَ إِسْرَائِيلَ وَهَرَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ. ٢٣وَأَمَّا أَمَصْيَا مَلِكُ يَهُوذَا ابْنُ يُوآشَ بْنِ يَهُوآحَازَ فَأَمْسَكَهُ يُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ فِي بَيْتِ شَمْسٍ وَجَاءَ بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَهَدَمَ سُورَ أُورُشَلِيمَ مِنْ بَابِ أَفْرَايِمَ إِلَى بَابِ الزَّاوِيَةِ، أَرْبَعَ مِئَةِ ذِرَاعٍ. ٢٤وَأَخَذَ كُلَّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَكُلَّ الآنِيَةِ الْمَوْجُودَةِ فِي بَيْتِ اللهِ مَعَ عُوبِيدَ أَدُومَ وَخَزَائِنِ بَيْتِ الْمَلِكِ وَالرُّهَنَاءَ وَرَجَعَ إِلَى السَّامِرَةِ.
١. فَأَمْسَكَهُ يُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: بسبب هجوم أمصيا الأحمق على إسرائيل، خسر حريته، وصار لفترة سجينًا لدى ملكها.
• “يعني اسمه ’قوة ياه‘ أي قوة يهوه، لكننا نقرأ أنه ’تَشَدَّدَ‘ (٢ أخبار الأيام ٢٥: ١١)، أي أنه شدَّد نفسه. وهو بهذا يُكَذِّب معدنه الأخلاقي، في اكتفائه الذاتي، اسمه، وهو شيء ليس غير شائع في عصرنا.” ناب (Knapp)
٢. وَهَدَمَ سُورَ أُورُشَلِيمَ: بسبب هجوم أمصيا الأحمق على إسرائيل، رأى دفاعات يهوذا وهي تنهار. فلم يخسر أهل يهوذا المعركة في بيت شمس فحسب، لكنهم صاروا أيضًا في وضع أضعف لمواجهة هجمات في المستقبل.
٣. وَأَخَذَ كُلَّ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ: بسبب هجوم أمصيا الأحمق على إسرائيل، خسر كنز شعب الله. فلم تكن مجرد خسارة لثروته الشخصية (خَزَائِنِ بَيْتِ ٱلْمَلِكِ)، بل أيضًا كُلَّ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ من شعب الله. فلم يكن لدى أمصيا الحكمة ليرى أن هذه المعركة ستؤذي آخرين كما ستؤذيه.
• وامتد هذا إلى الرهائن الذين نُقِلوا من أورشليم إلى السامرة. كان القرار بمهاجمة إسرائيل قراره وحده، لكن المملكة كلها دفعت ثمنه. وهذا تحذير قوي لكل القادة، حيث ينبغي أن يضعوا في اعتبارهم كيف أن قراراتهم الحمقاء تؤثر في أشخاص آخرين كثيرين.
• “من المؤكد أن شجار أمصيا كان عادلًا، لكنه انتهى إلى هزيمة مؤكدة، لأنه تطرّف فيه حتى آذاه، فسقط وسقطت يهوذا معه، كما سبق أن قال يهوآش.” كلارك (Clarke)
د ) الآيات (٢٥-٢٨): قتْل أمصيا المكروه على أيدي رعاياه.
٢٥وَعَاشَ أَمَصْيَا بْنُ يُوآشَ مَلِكُ يَهُوذَا بَعْدَ مَوْتِ يُوآشَ بْنِ يَهُوآحَازَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً. ٢٦وَبَقِيَّةُ أُمُورِ أَمَصْيَا الأُولَى وَالأَخِيرَةِ، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ مُلُوكِ يَهُوذَا وَإِسْرَائِيلَ؟ ٢٧وَمِنْ حِينَ حَادَ أَمَصْيَا مِنْ وَرَاءِ الرَّبِّ فَتَنُوا عَلَيْهِ فِي أُورُشَلِيمَ، فَهَرَبَ إِلَى لَخِيشَ، فَأَرْسَلُوا وَرَاءَهُ إِلَى لَخِيشَ وَقَتَلُوهُ هُنَاكَ، ٢٨وَحَمَلُوهُ عَلَى الْخَيْلِ وَدَفَنُوهُ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ يَهُوذَا.
١. فَتَنُوا عَلَيْهِ فِي أُورُشَلِيمَ: قوّضت الخسارة المحرجة أمام إسرائيل دعم أمصيا بين قادة يهوذا.
• عاش خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً بعد موت يهوآش (الأمر الذي كان على الأرجح وراء إطلاق سراحه من السجن في إسرائيل)… “لكنها كانت حياة خالية من الحياة… إذ كان يعيش في ظل كراهية رعاياه واحتقارهم له.” تراب (Trapp)
• “في مرحلة مبكرة، تمّت ترقية ابنه عزيّا عندما بلغ من عمره ١٦ عامًا إلى رتبة حاكم شريك (وبدأ يحكم بالفعل في ٧٩٠ قبل الميلاد).” باين (Payne)
٢. فَهَرَبَ إِلَى لَخِيشَ… وَقَتَلُوهُ هُنَاكَ: حاول أمصيا الهروب من المتآمرين عليه، فلم يستطع. فاغتيل كما اغتيل أبوه من قبل (٢ ملوك ١٢: ٢٠-٢١).
• “كانت لخيش أول مدينة في مملكة إسرائيل تتبنّى عبادة الأوثان (هِيَ أَوَّلُ خَطِيَّةٍ لِٱبْنَةِ صِهْيَوْنَ، لِأَنَّهُ فِيكِ وُجِدَتْ ذُنُوبُ إِسْرَائِيلَ – ميخا ١: ١٣)، فكان طبيعيًّا لأمصيا، عابد الأوثان، أن يسعى إلى اللجوء هناك.” ناب (Knapp)
• “لا شك أنه صار مكروهًا جدًّا بعد أن خسر المعركة مع إسرائيل. وكان من عواقب ذلك هدم أورشليم، والاستيلاء على الكنوز الملكية، إضافة إلى عدة شرور أخرى. ومن المحتمل أن السنوات الخمس عشرة الأخيرة من حكمه اتّسمت بالمرارة الشديدة. ولهذا، عندما وجد أن هذه المدينة الملكية غير آمنة بالنسبة له، سعى إلى تأمين نفسه في لخيش، لكن كان هذا كله عبثًا، لأن قاتليه طاردوه إلى هناك. وهكذا، فإن الذي ترك الرب هُجِر من أصحابه، وهلك في إنكاره للواقع، ووصل إلى نهايته قبل الأوان.” كلارك (Clarke)