أخبار الأيام الثاني – الإصحاح ١٩
توبيخ ياهو
أولًا. صلاح الله تجاه يهوشافاط
أ ) الآية (١): يهوشافاط يعود سالمًا من المعركة.
١وَرَجَعَ يَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا إِلَى بَيْتِهِ بِسَلَامٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ.
١. وَرَجَعَ يَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا إِلَى بَيْتِهِ بِسَلَامٍ: كانت هذه رحمة من الله. إذ كان يفترض أن يُقتل يهوشافاط الذي كان يرتدي ثيابه الملكية المميّزة، والذي كان مستهدَفًا للموت من الجيش الآرامي في المعركة. لكنه صرخ إلى الرب، فنجّاه، ورجع إِلَى بَيْتِهِ بِسَلَامٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ.
• “إنه لأمر ذو دِلالة أن يهوشافاط وصل إلى بيته في سلام. إذ يأتي هذا بالمقابلة مع مصير أخآب، ويشهد على نعمة الله المعطاة لشخص كاد أن يقضى عليه بسبب حماقته وعدم تمييزه.” سيلمان (Selman)
ب) الآيات (٢-٣): الرب يوبخ يهوشافاط من خلال النبي ياهو.
٢وَخَرَجَ لِلِقَائِهِ يَاهُو بْنُ حَنَانِي الرَّائِي وَقَالَ لِلْمَلِكِ يَهُوشَافَاطَ: «أَتُسَاعِدُ الشِّرِّيرَ وَتُحِبُّ مُبْغِضِي الرَّبِّ؟ فَلِذلِكَ الْغَضَبُ عَلَيْكَ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ. ٣غَيْرَ أَنَّهُ وُجِدَ فِيكَ أُمُورٌ صَالِحَةٌ لأَنَّكَ نَزَعْتَ السَّوَارِيَ مِنَ الأَرْضِ وَهَيَّأْتَ قَلْبَكَ لِطَلَبِ اللهِ».
١. يَاهُو بْنُ حَنَانِي ٱلرَّائِي: كان أبوه نبيًّا شجاعًا خاطب الملك آسا. وتنبّأ الابن ياهو أيضًا لبعشا، ملك إسرائيل (١ ملوك ١٦: ١، ٧).
٢. أَتُسَاعِدُ ٱلشِّرِّيرَ وَتُحِبُّ مُبْغِضِي ٱلرَّبِّ؟: فضح ياهو خطية المحبة الخطأ في يهوشافاط الذي جاهر بأنه يحب الرب، لكنه أظهر محبة لأولئك الذين يبغضون الرب. وما كان ينبغي له قط أن يدخل في أحلاف شخصية وعسكرية مع أخآب ومملكة إسرائيل.
• كان ينبغي له أن يقرأ ويضع في اعتباره مزمور ٩٧: ١٠: يَا مُحِبِّي ٱلرَّبِّ، أَبْغِضُوا ٱلشَّرَّ.
• “الحب والبغض في هذا السياق مصطلحان رسميان للأفعال في إطار عهد أو علاقة معاهدة، ولا تدل على مشاعر عاطفية. وكلمة العون أو المساعدة في أخبار الأيام تعبير قياسي عن الدعم الرسمي.” سيلمان (Selman)
٣. غَيْرَ أَنَّهُ وُجِدَ فِيكَ أُمُورٌ صَالِحَةٌ: لم يُرِد الله ليهوشافاط أن يُسحق تحت توبيخ النبي ياهو، ولهذا ضَمَّنَ كلمة تشجيع.
• نَزَعْتَ ٱلسَّوَارِيَ مِنَ ٱلْأَرْضِ: عرف الله أن يهوشافاط لم يكن يوافق على كل شر، ولهذا شجع الملك في النواحي التي أبغض فيها الشر ورفض المساومة.
• هَيَّأْتَ قَلْبَكَ لِطَلَبِ ٱللهِ: لم يطلب يهوشافاط الله فحسب، بل هيّأ قلبه لفعل ذلك أيضًا. ويبيّن هذا الأولوية التي أعطاها في طلب الرب.
• “يُنسَب عمل تهيئة القلب هنا أو توجيهه إلى يهوشافاط. ويُنسب في مواضع أخرى إلى الله (أمثال ١٦: ١؛ فيلبي ٢: ١٣). والعمل هو عمل الإنسان، غير أنه يقوم به بنعمة الله. فهو يمنعه، ويمكّنه، ويجعله يميل إلى فعله.” بوله (Poole)
ثانيًا. استجابة يهوشافاط
أ ) الآية (٤): يهوشافاط يعزز التقوى في مملكة يهوذا.
٤وَأَقَامَ يَهُوشَافَاطُ فِي أُورُشَلِيمَ، ثُمَّ رَجَعَ وَخَرَجَ أَيْضًا بَيْنَ ٱلشَّعْبِ مِنْ بِئْرِ سَبْعٍ إِلَى جَبَلِ أَفْرَايِمَ وَرَدَّهُمْ إِلَى ٱلرَّبِّ إِلَهِ آبَائِهِمْ.
١. وَأَقَامَ يَهُوشَافَاطُ فِي أُورُشَلِيمَ: يعني هذا أنه قيّد مغامراته في الخارج، فلم يعد يذهب إلى مملكة إسرائيل الشمالية، وصار قانعًا بالبقاء حيث ينبغي.
٢. وَرَدَّهُمْ إِلَى ٱلرَّبِّ إِلَهِ آبَائِهِمْ: توحي الصياغة بأن يهوشافاط فعل هذا شخصيًّا (ثُمَّ رَجَعَ وَخَرَجَ أَيْضًا). فكان هذا عملًا شخصيًّا رائعًا في تعزيز قضية التقوى.
• “ليس لهذه الحملات المتنقلة نظير حقيقي في العهد القديم والأنبياء. فرغم أسفارهم، إلا أنهم لم يشاركوا في التعليم النظامي لكلمة الله. ولعل أقرب شبه لهذا في العهد الجديد هو خدمة يسوع المتجولة.” سيلمان (Selman)
ب) الآيات (٥-١١): إصلاحات يهوشافاط القضائية.
٥وَأَقَامَ قُضَاةً فِي الأَرْضِ فِي كُلِّ مُدُنِ يَهُوذَا الْمُحَصَّنَةِ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ فَمَدِينَةٍ. ٦وَقَالَ لِلْقُضَاةِ: «انْظُرُوا مَا أَنْتُمْ فَاعِلُونَ، لأَنَّكُمْ لاَ تَقْضُونَ لِلإِنْسَانِ بَلْ لِلرَّبِّ، وَهُوَ مَعَكُمْ فِي أَمْرِ الْقَضَاءِ. ٧وَالآنَ لِتَكُنْ هَيْبَةُ الرَّبِّ عَلَيْكُمُ. احْذَرُوا وَافْعَلُوا. لأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ الرَّبِّ إِلهِنَا ظُلْمٌ وَلاَ مُحَابَاةٌ وَلاَ ارْتِشَاءٌ». ٨وَكَذَا فِي أُورُشَلِيمَ أَقَامَ يَهُوشَافَاطُ مِنَ اللاَّوِيِّينَ وَالْكَهَنَةِ وَمِنْ رُؤُوسِ آبَاءِ إِسْرَائِيلَ لِقَضَاءِ الرَّبِّ وَالدَّعَاوِي. وَرَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ. ٩وَأَمَرَهُمْ قَائِلاً: «هكَذَا تَفْعَلُونَ بِتَقْوَى الرَّبِّ بِأَمَانَةٍ وَقَلْبٍ كَامِل. ١٠وَفِي كُلِّ دَعْوَى تَأْتِي إِلَيْكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمُ السَّاكِنِينَ فِي مُدُنِهِمْ، بَيْنَ دَمٍ وَدَمٍ، بَيْنَ شَرِيعَةٍ وَوَصِيَّةٍ مِنْ جِهَةِ فَرَائِضَ أَوْ أَحْكَامٍ، حَذِّرُوهُمْ فَلاَ يَأْثَمُوا إِلَى الرَّبِّ فَيَكُونَ غَضَبٌ عَلَيْكُمْ وَعَلَى إِخْوَتِكُمْ. هكَذَا افْعَلُوا فَلاَ تَأْثَمُوا. ١١وَهُوَذَا أَمَرْيَا الْكَاهِنُ الرَّأْسُ عَلَيْكُمْ فِي كُلِّ أُمُورِ الرَّبِّ، وَزَبَدْيَا بْنُ يَشْمَعِئِيلَ الرَّئِيسُ عَلَى بَيْتِ يَهُوذَا فِي كُلِّ أُمُورِ الْمَلِكِ، وَالْعُرَفَاءُ اللاَّوِيُّونَ أَمَامَكُمْ. تَشَدَّدُوا وَافْعَلُوا، وَلِيَكُنِ الرَّبُّ مَعَ الصَّالِحِ».
١. ٱنْظُرُوا مَا أَنْتُمْ فَاعِلُونَ، لِأَنَّكُمْ لَا تَقْضُونَ لِلْإِنْسَانِ بَلْ لِلرَّبِّ، وَهُوَ مَعَكُمْ فِي أَمْرِ ٱلْقَضَاءِ: كانت هذه مسؤولية سامية وملائمة لقضاة يهوذا. ويمكننا أن نتفهّم اهتمام كاتب أخبار الأيام بتضمين هذه المادة غير المدوّنة في سفري الملوك الأول والثاني، مستخدمًا مثال يهوشافاط كتشجيع قادة المجتمع الجديد على إعادة البناء في أورشليم ويهوذا بعد السبي.
• “هذا تنبيه رسمي وضروري للغاية. إذ ينبغي أن يحس القضاة بأنهم في مكان الله، وأن عليهم أن يقضوا بين الشعب بصفتهم أشخاصًا سيحاسَبون على الأحكام التي سيصدرونها.” كلارك (Clarke)
٢. تَشَدَّدُوا وَٱفْعَلُوا، وَلْيَكُنِ ٱلرَّبُّ مَعَ ٱلصَّالِحِ: يتكرر الموضوع الرئيسي للطاعة والشجاعة مرة أخرى. إذ كانت مهمة القضاة أن يفعلوا بشجاعة ما هو صالح، وبعد ذلك يثقوا بأن الرب سيكون مع الصالح.
• لا يمكن لأمة أن تزدهر من دون قوانين صالحة صحية. وستكون أفضل القوانين بلا جدوى إذا لم تتم إدارتها بحكمة وضمير حي.” كلارك (Clarke)