أخبار الأيام الثاني – الإصحاح ٢٤
صعود يوآش وسقوطه
أولًا. يوآش يرمم الهيكل
أ ) الآيات (١-٣): حكم يوآش على مدى أربعين سنة.
١كَانَ يُوآشُ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ ظَبْيَةُ مِنْ بِئْرِ سَبْعٍ. ٢وَعَمِلَ يُوآشُ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنِ. ٣وَاتَّخَذَ يَهُويَادَاعُ لَهُ امْرَأَتَيْنِ فَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ.
١. وَمَلَكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ: كان هذا عهدًا طويلًا ومبارَكًا في الغالب. وقد قصّر يوآش (يدعى يهوآش في ٢ ملوك ١٢) في التكريس الكامل والتقوى، لكنه عزز بالفعل قضية الرب في مملكة يهوذا.
• “يبيّن عدد زوجاته وأبنائه أن الله عوّض عن السنين التي أكلها الجراد.” سيلمان (Selman)
٢. وَعَمِلَ يُوآشُ ٱلْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ يَهُويَادَاعَ ٱلْكَاهِنِ: يوحي هذا بأنه عندما مات يهوياداع، لم يعد يوآش يفعل ٱلْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ. وسيوثّق الإصحاح التالي تحوُّل يوآش إلى عبادة الأوثان. وستتبع الدينونة ذلك.
ب) الآيات (٤-٧): الحاجة إلى تجديد الهيكل والرغبة في ذلك.
٤وَحَدَثَ بَعْدَ ذلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِي قَلْبِ يُوآشَ أَنْ يُجَدِّدَ بَيْتَ الرَّبِّ. ٥فَجَمَعَ الْكَهَنَةَ وَاللاَّوِيِّينَ وَقَالَ لَهُمُ: «اخْرُجُوا إِلَى مُدُنِ يَهُوذَا وَاجْمَعُوا مِنْ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ فِضَّةً لأَجْلِ تَرْمِيمِ بَيْتِ إِلهِكُمْ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ، وَبَادِرُوا أَنْتُمْ إِلَى هذَا الأَمْرِ». فَلَمْ يُبَادِرِ اللاَّوِيُّونَ. ٦فَدَعَا الْمَلِكُ يَهُويَادَاعَ الرَّأْسَ وَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا لَمْ تَطْلُبْ مِنَ اللاَّوِيِّينَ أَنْ يَأْتُوا مِنْ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ بِجِزْيَةِ مُوسَى عَبْدِ الرَّبِّ وَجَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ لِخَيْمَةِ الشَّهَادَةِ؟ ٧لأَنَّ بَنِي عَثَلْيَا الْخَبِيثَةِ قَدْ هَدَمُوا بَيْتَ اللهِ، وَصَيَّرُوا كُلَّ أَقْدَاسِ بَيْتِ الرَّبِّ لِلْبَعْلِيمِ».
١. أَنَّهُ كَانَ فِي قَلْبِ يُوآشَ أَنْ يُجَدِّدَ بَيْتَ ٱلرَّبِّ: يشير هذا إلى اهتمام تقي من يوآش بحالة الهيكل. فقد عرف أن مملكة مزدهرة آمنة لا تهم كثيرًا إذا أُهملت أو احتُقرت أمور الله فيها.
• عرف أيضًا أن حالة الهيكل مقياس صحيح لقلب شعب الله وتعلُّقهم بأمور الله. لم يكن الهيكل هو الله، لكن إهماله أو احتقاره يعكس إهمالًا واحتقارًا لله.
٢. ٱخْرُجُوا إِلَى مُدُنِ يَهُوذَا وَٱجْمَعُوا مِنْ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ فِضَّةً لِأَجْلِ تَرْمِيمِ بَيْتِ إِلَهِكُمْ: لم يكن هنالك ما يكفي من المال في الخزنة الملكية للقيام بهذا المشروع، ولهذ أمر الملك اللاويين في مدن يهوذا الخارجية أن يجمعوا المال ويجلبوه من أجل المشروع في أورشليم.
٣. فَلَمْ يُبَادِرِ ٱللَّاوِيُّونَ: لسبب ما، لم يشارك ٱللَّاوِيُّون نفس الشغف الذي كان في قلب الملك تجاه حالة الهيكل. فربما شعروا بأن سكان البلدات الخارجية لن يتحمسوا لدعم هذا المشروع. غير أن يوآش حمّلهم المسؤولية وحرّك العمل.
• “لكن اللاويين لم يتحركوا فورًا بسبب الميل إلى الجمود الطبيعي (وما زال هذا ينطبق على العاملين المؤمنين بالمسيح)، وبسبب المطالب الكهنوتية التي يبدو أنها استنفدت الإيرادات العادية على العمليات الجارية ودعْمها.” باين (Payne)
٤. لِأَنَّ بَنِي عَثَلْيَا ٱلْخَبِيثَةِ قَدْ هَدَمُوا بَيْتَ ٱللهِ، وَصَيَّرُوا كُلَّ أَقْدَاسِ بَيْتِ ٱلرَّبِّ لِلْبَعْلِيمِ: يفسّر هذا لماذا كان الهيكل في مثل هذه الحالة المزرية التي لم تصل إلى هذا الحد عن طريق الاستخدام العادي، بل كانت هذه حملة متعمدة قامت بها عَثَلْيَا وبنوها ضد الهيكل وعبادة الإله الحقيقي.
ج) الآيات (٨-١٤): ترميم الهيكل واستئناف العبادة.
٨وَأَمَرَ الْمَلِكُ فَعَمِلُوا صُنْدُوقًا وَجَعَلُوهُ فِي بَابِ بَيْتِ الرَّبِّ خَارِجًا، ٩وَنَادَوْا فِي يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ بِأَنْ يَأْتُوا إِلَى الرَّبِّ بِجِزْيَةِ مُوسَى عَبْدِ الرَّبِّ الْمَفْرُوضَةِ عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي الْبَرِّيَّةِ. ١٠فَفَرِحَ كُلُّ الرُّؤَسَاءِ وَكُلُّ الشَّعْبِ وَأَدْخَلُوا وَأَلْقَوْا فِي الصُّنْدُوقِ حَتَّى امْتَلأَ. ١١وَحِينَمَا كَانَ يُؤْتَى بِالصُّنْدُوقِ إِلَى وَكَالَةِ الْمَلِكِ بِيَدِ اللاَّوِيِّينَ، عِنْدَمَا يَرَوْنَ أَنَّ الْفِضَّةَ قَدْ كَثُرَتْ، كَانَ يَأْتِي كَاتِبُ الْمَلِكِ وَوَكِيلُ الْكَاهِنِ الرَّأْسِ وَيُفْرِغَانِ الصُّنْدُوقَ، ثُمَّ يَحْمِلاَنِهِ وَيَرُدَّانِهِ إِلَى مَكَانِهِ. هكَذَا كَانُوا يَفْعَلُونَ يَوْمًا فَيَوْمًا، حَتَّى جَمَعُوا فِضَّةً بِكَثْرَةٍ. ١٢وَدَفَعَهَا الْمَلِكُ وَيَهُويَادَاعُ لِعَامِلِي شُغْلِ خِدْمَةِ بَيْتِ الرَّبِّ، وَكَانُوا يَسْتَأْجِرُونَ نَحَّاتِينَ وَنَجَّارِينَ لِتَجْدِيدِ بَيْتِ الرَّبِّ، وَلِلْعَامِلِينَ فِي الْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ أَيْضًا لِتَرْمِيمِ بَيْتِ الرَّبِّ. ١٣فَعَمِلَ عَامِلُو الشُّغْلِ وَنَجَحَ الْعَمَلُ بِأَيْدِيهِمْ، وَأَقَامُوا بَيْتَ اللهِ عَلَى رَسْمِهِ وَثَبَّتُوهُ. ١٤وَلَمَّا أَكْمَلُوا أَتَوْا إِلَى مَا بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ وَيَهُويَادَاعَ بِبَقِيَّةِ الْفِضَّةِ وَعَمِلُوهَا آنِيَةً لِبَيْتِ الرَّبِّ، آنِيَةَ خِدْمَةٍ وَإِصْعَادٍ وَصُحُونًا وَآنِيَةَ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ. وَكَانُوا يُصْعِدُونَ مُحْرَقَاتٍ فِي بَيْتِ الرَّبِّ دَائِمًا كُلَّ أَيَّامِ يَهُويَادَاعَ.
١. فَعَمِلُوا صُنْدُوقًا وَجَعَلُوهُ فِي بَابِ بَيْتِ ٱلرَّبِّ: قام الكهنة، بتوجيه من الملك يوآش، بإتاحة الفرصة للشعب للعطاء. إذ ينبغي أن تتاح الفرصة حتى للراغبين في العطاء.
• “وُضع صندوق التقدمات في موقع إستراتيجي، على الجانب الأيمن من المذبح، معطيًا بهذا مشروع الإصلاح أولوية عالية ومنظورية ملائمة.” – تعليق ديلداي (Dilday) على تفسيره لـ ٢ ملوك ١٢.
• تشير ٢ ملوك ١٢: ٦-١٣ إلى أن جزءًا من المشكلة تمثلت في الإدارة السيئة التبذيرية. ولهذ توصّل الملك إلى جوهر المشكلة. ومن خلال يهوياداع الكاهن، طبّق نظامًا حيث يوضع فيه المال جانبًا، وحِفْظه، ثم إنفاقه بحكمة لإصلاح الهيكل وتجديده.
٢. بِأَنْ يَأْتُوا إِلَى ٱلرَّبِّ بِجِزْيَةِ مُوسَى عَبْدِ ٱلرَّبِّ ٱلْمَفْرُوضَةِ عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ: يعيد هذا إلى الذهن التقدمة التي تلقّاها موسى لبناء خيمة الاجتماع في خروج ٣٥. إذ كانت هذه خطة موحى بها من الله لتلقّي القرابين الطوعية من شعب إسرائيل.
• “ارتكزت الضريبة نفسها على دفع نصف شاقل من أجل بناء الخيمة، رغم أنها جُدِّدت أيضًا على يد نحميا (نحميا ١٠: ٣٢).” سيلمان (Selman)
• من الممكن أن الله يجعل المال والمواد تظهر بمعجرة، غير أنه يختار دائمًا تقريبًا أن يتم عمله من خلال عطايا شعبه الطوعية. وهو يعمل هذا لأننا نحتاج إلى أن نكون شعبًا معطاء.
• يتردد صدى هذه الفكرة في ٢ كورنثوس ٩: ٧ “كُلُّ وَاحِدٍ كَمَا يَنْوِي بِقَلْبِهِ، لَيْسَ عَنْ حُزْنٍ أَوِ ٱضْطِرَارٍ. لِأَنَّ ٱلْمُعْطِيَ ٱلْمَسْرُورَ يُحِبُّهُ ٱللهُ.”
٣. هَكَذَا كَانُوا يَفْعَلُونَ يَوْمًا فَيَوْمًا، حَتَّى جَمَعُوا فِضَّةً بِكَثْرَةٍ: جُمع مال كثير من أجل العمل من خلال الإدارة الحذرة والدؤوب لهذه الهبات المقدمة بسخاء. فلا يهم الله أن يتبرع شعبه بسخاء فحسب، بل بإدارة وزناتهم وعطاياهم بجدية وعناية.
٤. فَعَمِلَ عَامِلُو ٱلشُّغْلِ وَنَجَحَ ٱلْعَمَلُ بِأَيْدِيهِمْ: كانت بركة الله على العمل واضحة، لكنه لم يكن ليقوم به نيابة عنهم. ولهذا استأجر الملك والكاهن بحكمة عمالًا مناسبين، ودفعوا لهم أجورهم مباشرة لئلا تضيع الأموال أو تُهدَر على الإدارة.
• “عندما تأكد الشعب من أن الأموال ستُستخدم فعلًا للغرض الذي قُدِّمت من أجله، تجاوبوا بكرم. واستمر يوشيا في تنظيم ترتيبات مماثلة (٢ ملوك ٢٢: ٣-٧).” وايزمان (Wiseman)
٥. أَتَوْا إِلَى مَا بَيْنَ يَدَيِ ٱلْمَلِكِ وَيَهُويَادَاعَ بِبَقِيَّةِ ٱلْفِضَّةِ: كان الشعب كرماء، وكانت الإدارة حكيمة ونزيهة جدًّا حتى أن الأموال الفائضة عن مشروع التجديد خُصّصت لتوفير أشياء جديدة لبيت الرب. فكان هذا دليلًا رائعًا على نعمة الله، وكرم الإنسان ووكالته الحكيمة.
• حلّت هذه “ما كان قد انتُزع، جزئيًّا من الناهبين العرب، وجزئيًّا من بني عثليا الدّنسين.” تراب (Trapp)
• كان العطاء السخي مفاجئًا نوعًا ما. “اعتقد أنه لن يكون مبلغًا كبيرًا بسبب الإثم والفساد العظيمين لسنوات كثيرة، غير أن هذا العطاء استمر بين سكان عموم البلاد، مع عدم استثناء اللاويين، كما يبيّن الجزء الأخير من هذه الآية.” بوله (Poole)
د ) الآيات (١٥-١٦): موت يهوياداع.
١٥وَشَاخَ يَهُويَادَاعُ وَشَبعَ مِنَ الأَيَّامِ وَمَاتَ. كَانَ ابْنَ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً عِنْدَ وَفَاتِهِ. ١٦فَدَفَنُوهُ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مَعَ الْمُلُوكِ لأَنَّهُ عَمِلَ خَيْرًا فِي إِسْرَائِيلَ وَمَعَ اللهِ وَبَيْتِهِ.
١. كَانَ ٱبْنَ مِئَةٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً عِنْدَ وَفَاتِهِ: كان عمر هذا الكاهن المؤثر طويلًا على نحو غير معتاد دليلًا على كلٍّ من بركة الله على حياته التقية، ورحمته تجاه الملك يوآش ويهوذا. وعندما لم يعد يوآش تحت تأثير يهوياداع، أخذ منعطفًا محددًا نحو الأسوأ. وقد أخَّر الله في رحمته هذا الأمر لأطول فترة ممكنة.
٢. فَدَفَنُوهُ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مَعَ ٱلْمُلُوكِ لِأَنَّهُ عَمِلَ خَيْرًا: يشار إلى مدى تأثيره من خلال المكان المبجّل الذي دُفن فيه. كان الخير الذي عمله يهوياداع موجهًا نحو الله بشكل خاص ونحو بيته (لأَنَّهُ عَمِلَ خَيْرًا فِي إِسْرَائِيلَ وَمَعَ اللهِ وَبَيْتِهِ).
• “انظروا تأثير رجل واحد. يستطيع رجل واحد أن يُضل دولة. ويستطيع رجل واحد أن يمنع الخطية. ويستطيع رجل واحد أن يكون رئيسًا لجماعة كبيرة تخدم الله وتكرم اسمه.” سبيرجن (Spurgeon)
ثانيًا. ارتداد يوآش
أ ) الآيات (١٧-١٩): تأثُّر يوآش بالشر.
١٧وَبَعْدَ مَوْتِ يَهُويَادَاعَ جَاءَ رُؤَسَاءُ يَهُوذَا وَسَجَدُوا لِلْمَلِكِ. حِينَئِذٍ سَمِعَ الْمَلِكُ لَهُمْ. ١٨وَتَرَكُوا بَيْتَ الرَّبِّ إِلهِ آبَائِهِمْ وَعَبَدُوا السَّوَارِيَ وَالأَصْنَامَ، فَكَانَ غَضَبٌ عَلَى يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ لأَجْلِ إِثْمِهِمْ هذَا. ١٩وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَ لإِرْجَاعِهِمْ إِلَى الرَّبِّ، وَأَشْهَدُوا عَلَيْهِمْ فَلَمْ يُصْغُوا.
١. وَبَعْدَ مَوْتِ يَهُويَادَاعَ جَاءَ رُؤَسَاءُ يَهُوذَا وَسَجَدُوا لِلْمَلِكِ. حِينَئِذٍ سَمِعَ ٱلْمَلِكُ لَهُمْ: يبدو أن يوآش في الأساس كان رجلًا ضعيفًا. وقد فعل الخير عندما كان تحت تأثير يهوياداع التقي، لكنه فعل الشر عندما وقع تحت تأثير رُؤَسَاءُ يَهُوذَا الذين قادوه إلى عبادة الأوثان.
• “بطريقة متملّقة ومتزلّفة، قدّم طفيليّو البلاط أنفسهم أمامه لإقناعه بأنه أثناء أيام يهوياداع كان ملكًا بلا مملكة، وسيدًا بلا سيادة، وخاضعًا لرعاياه.” تراب (Trapp)
• “ألا ترون هؤلاء السادة المحترمين يأتون وينحنون مئة مرة قبل أن يرفعوا رؤوسهم أمام الملك؟ لقد سجدوا له. ولم يفعل يهوياداع هذا كثيرًا، لكنه عامله باحترام ملائم له كملك، غير أنه كان يحدثه بصدق وإخلاص.” سبيرجن (Spurgeon)
• “لم يريدوا أن يحصروا أنفسهم في رحلات مزعجة غير ضرورية في مجيئهم إلى أورشليم للعبادة. بل أرادوا الحرية التي تمتع بها أسلافهم في عبادة الله في المرتفعات. وحالما حصلوا على تلك الحرية، عرفوا أنهم بعد ذلك يستطيعون أن يعبدوا الأصنام من دون مراقبة أو إزعاج. وكان هذا هو هدفهم.” بوله (Poole)
• “كان كل ما فعله يهوآش هو أنه أعطى قلبه ليهوياداع، لا للرب. إنه لأمر سهل جدًّا أن تكون متديّنًا خارجيًّا، بإعطاء قلبك لأمك، أو أبيك، أو عمك، أو خالك، أو عمتك، أو خالتك، أو لشخص صالح ما يساعدك في أن تفعل ما هو صالح ومستقيم، وأن تفعل هذا كله بدافع من محبتك له. وهذا في أحسن الأحوال دافع ثانوي جدًّا. يقول الرب: ’يا ابني، أعطِني قلبك.‘” سبيرجن (Spurgeon)
٢. وَتَرَكُوا بَيْتَ ٱلرَّبِّ إِلَهِ آبَائِهِمْ: لم يشعروا بالحرية لعبادة الأصنام إلا بعد أن أن هجروا بيت الله. وقد أظهر هذا كلًّا من ضحالة تكريسهم والتأثير الوقائي لحضورهم السابق.
• “ليتمعن تاركو الكنيسة في هذا الأمر طويلًا. دعهم يروا كم هم وطنيون صالحون.” تراب (Trapp)
٣. وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَ لِإِرْجَاعِهِمْ إِلَى ٱلرَّبِّ، وَأَشْهَدُوا عَلَيْهِمْ فَلَمْ يُصْغُوا: كانت هذه الخطية أعظم من خطيتي الضعف وعبادة الأوثان الأوليتين. إذ لم يشأ يوآش أن يستمع إلى أَنْبِيَاءَ الله أو التقويم الذي جاءوا به إليه.
ب) الآيات (٢٠-٢٢): رسالة زكريا إلى يوآش وموته.
٢٠وَلَبِسَ رُوحُ اللهِ زَكَرِيَّا بْنَ يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنَ فَوَقَفَ فَوْقَ الشَّعْبِ وَقَالَ لَهُمْ: «هكَذَا يَقُولُ اللهُ: لِمَاذَا تَتَعَدَّوْنَ وَصَايَا الرَّبِّ فَلاَ تُفْلِحُونَ؟ لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمُ الرَّبَّ قَدْ تَرَكَكُمْ». ٢١فَفَتَنُوا عَلَيْهِ وَرَجَمُوهُ بِحِجَارَةٍ بِأَمْرِ الْمَلِكِ فِي دَارِ بَيْتِ الرَّبِّ. ٢٢وَلَمْ يَذْكُرْ يُوآشُ الْمَلِكُ الْمَعْرُوفَ الَّذِي عَمِلَهُ يَهُويَادَاعُ أَبُوهُ مَعَهُ، بَلْ قَتَلَ ابْنَهُ. وَعِنْدَ مَوْتِهِ قَالَ: «الرَّبُّ يَنْظُرُ وَيُطَالِبُ».
١. وَلَبِسَ رُوحُ ٱللهِ زَكَرِيَّا بْنَ يَهُويَادَاعَ ٱلْكَاهِنَ فَوَقَفَ فَوْقَ ٱلشَّعْبِ: كان لهذا النبي، ابن الكاهن المؤثر يهوياداع، منصب قيادي ككاهن. ومن المحتمل أن عبارة ’فَوَقَفَ فَوْقَ ٱلشَّعْبِ‘ تشير إلى أنه كان كاهنًا قياديًّا ينطق بالبركة الكهنوتية على جماعة إسرائيل.
• إن وصف حلول روح الله على زكريا مهم. “ولهذا أعلن الله دينونة على فم كاهن متنبّئ، وهو زكريا بن يهوياداع الذي لبسه روح الرب. ويوجد مثلان آخران لهذا التعبير في العهد القديم (انظر قضاة ٦: ٣٤؛ ١ أخبار الأيام ١٢: ١٨).” سيلمان (Selman)
• “كما نرتدي عباءة أو ثوبًا، هكذا يفعل روح الرب، كما لو أنه – إذا جاز التعبير – يخفي نفسه في أولئك الذين يستسلمون له بحيث لا يكونون هم الذين يتكلمون ويتصرفون، بل يفعل الرب هذا داخلهم…. تذكَّر أن القماش أو الجِلد يجب أن يطوّع نفسه لحركات من يرتديه. ولا يجب أن نكون أقل مرونة وليونة لروح الرب.” ماير (Meyer)
٢. لِأَنَّكُمْ تَرَكْتُمُ ٱلرَّبَّ قَدْ تَرَكَكُمْ: يُضَمِّن كاتب أخبار الأيام هذا الجزء من الرواية، وهو جزء غير موجود في سفر الملوك الثاني، لأن هذا المبدأ كان وثيق الصلة بالمسبيين العائدين في أيام كتابة أخبار الأيام. فقد احتاجوا إلى تذكُّر مبدأ ’اِقْتَرِبُوا إِلَى اللهِ فَيَقْتَرِبَ إِلَيْكُمْ‘ (يعقوب ٤: ٨) وعكْسه.
٣. فَفَتَنُوا عَلَيْهِ وَرَجَمُوهُ بِحِجَارَةٍ: تآمر كل من القادة وعامّة الشعب على اغتيال زكريا. فلم يكتفوا برفض رسالته، بل أخرسوا هذا النبي الذي نطق بكلام التبكيت.
• “يا له من رجل بائس جدير بالازدراء، حيث لطّخ يديه بدم نبي الله، وابن الرجل الذي أنقذه من القتل ورفعه إلى العرش. فيا للأسف! يا للأسف!” كلارك (Clarke)
٤. «الرَّبُّ يَنْظُرُ وَيُطَالِبُ»: كانت كلمات زكريا عند موته توسُّلًا لله أن يجازي حسب عدالته. وهذه صلاة ملائمة للمضطهَدين، تاركين كل ثأر في يد الله.
• “لم يكن زكريا يسعى إلى انتقام شخصي، بل طلب من الله أن يعمل وفق مبادى عدالته المعلنة.” سيلمان (Selman)
• “وهكذا فعل الرب. ففي نهاية تلك السنة، هاجم الآراميون يهوذا، وأهلكوا كل رؤساء الشعب، وأرسلوا غنائمهم إلى دمشق. وأما بالنسبة ليوآش، قاتل النبي، وابن الرجل الذي أحسن إليه، فقد قُتل على يد عبيده. فكان هذا عرضًا بارزًا جدًّا للانتقام الإلهي.” كلارك (Clarke)
• هذه المأساة الشريرة بأكملها ممتلئة بالمفارقات:
لم يسمع الشعب لأمر الرب، لكنهم سمعوا للأمر الشرير الذي أصدره يهوآش الملك.
ردَّ يوآش لطف يهوياداع نحوه بقسوة تجاه ابنه زكريا.
قُتل زكريا في نفس المكان الذي مُسِح فيه أبوه يهوياداع يوآش ملكًا (٢ أخبار الأيام ٢٣: ١٠-١١).
ج) الآيات (٢٣-٢٤): الله يجلب دينونة على يهوذا ويهوآش من خلال الآراميين.
٢٣وَفِي مَدَارِ السَّنَةِ صَعِدَ عَلَيْهِ جَيْشُ أَرَامَ وَأَتَوْا إِلَى يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ وَأَهْلَكُوا كُلَّ رُؤَسَاءِ الشَّعْبِ مِنَ الشَّعْبِ، وَجَمِيعَ غَنِيمَتِهِمْ أَرْسَلُوهَا إِلَى مَلِكِ دِمَشْقَ. ٢٤لأَنَّ جَيْشَ أَرَامَ جَاءَ بِشِرْذِمَةٍ قَلِيلَةٍ، وَدَفَعَ الرَّبُّ لِيَدِهِمْ جَيْشًا كَثِيرًا جِدًّا لأَنَّهُمْ تَرَكُوا الرَّبَّ إِلهَ آبَائِهِمْ. فَأَجْرَوْا قَضَاءً عَلَى يُوآشَ.
١. صَعِدَ عَلَيْهِ جَيْشُ أَرَامَ وَأَتَوْا إِلَى يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ وَأَهْلَكُوا كُلَّ رُؤَسَاءِ ٱلشَّعْبِ: كان هؤلاء الرؤساء الذين أَهْلَكُوا وسُلِبوا هم نفس الرؤساء الذين شكلوا تأثيرًا شريرًا وغير حكيم في يوآش.
٢. لِأَنَّ جَيْشَ أَرَامَ جَاءَ بِشِرْذِمَةٍ قَلِيلَةٍ، وَدَفَعَ الرَّبُّ لِيَدِهِمْ جَيْشًا كَثِيرًا جِدًّا: وبموجب دينونة الله، تغلَّب جيش آرام الصغير على جيش يهوذا القوي الضخم.
• وعد الله شعبه، إذا أطاعوه، بأن يعطيهم نجاحًا يتجاوز أعدادهم (لاويين ٢٦: ٨)، وإذا عصوا، فسيتلقّون هزيمة نكراء (لاويين ٢٦: ١٧، ٣٧).
د ) الآيات (٢٥-٢٧): مقتل يوآش على أيدي عبيده.
٢٥وَعِنْدَ ذَهَابِهِمْ عَنْهُ، لأَنَّهُمْ تَرَكُوهُ بِأَمْرَاضٍ كَثِيرَةٍ، فَتَنَ عَلَيْهِ عَبِيدُهُ مِنْ أَجْلِ دِمَاءِ بَنِي يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنِ، وَقَتَلُوهُ عَلَى سَرِيرِهِ فَمَاتَ. فَدَفَنُوهُ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ، وَلَمْ يَدْفِنُوهُ فِي قُبُورِ الْمُلُوكِ. ٢٦وَهذَانِ هُمَا الْفَاتِنَانِ عَلَيْهِ: زَابَادُ بْنُ شِمْعَةَ الْعَمُّونِيَّةِ، وَيَهُوزَابَادُ بْنُ شِمْرِيتَ الْمُوآبِيَّةِ. ٢٧وَأَمَّا بَنُوهُ وَكَثْرَةُ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ وَمَرَمَّةُ بَيْتِ اللهِ، هَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي مِدْرَسِ سِفْرِ الْمُلُوكِ. وَمَلَكَ أَمَصْيَا ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.
١. فَتَنَ عَلَيْهِ عَبِيدُهُ: هذا أمر مذهل، وهو يبيّن أن بركة الله التي تمتَّع بها لفترة طويلة الملك الذي ابتدأ حسنًا ولم يكمل حسنًا قد اختفت.
• دُفِعوا إلى اغتيال يوآش مِنْ أَجْلِ دِمَاءِ بَنِي يَهُويَادَاعَ ٱلْكَاهِنِ. لكن ربما كانت وراء ذلك أيضًا حقيقة الهزيمة التي مُنِيَ بها يوآش على أيدي الآراميين. “يوحي اغتيال يوآش على أيدي مسؤوليه أو عبيده بأنه كان نتيجة للاستياء بعد الهزيمة على يد حزائيل.” وايزمان (Wiseman)
• “وهكذا يجلب العصيان مجازاته المُرّة. فدائمًا ما يحصد شعب الله، بطريقة ما، ما يزرعونه. وهكذا استحق يوآش بقوة هذه النهاية المخزية والمروّعة.” ناب (Knapp)
• “وهكذا انتهى عهد واعد في بدايته، لكنْ فاسق وقاسٍ ومدمّر في نهايته. ولم تكن عدالة الله ممدودة قط ضد ملك مرتد وشعب خائن أكثر مما كانت عليه في ذلك الوقت.” كلارك (Clarke)
• “ربما تشير النبوات المتعلقة بيوآش إلى مثل هذه التهديدات النبوية كما هي مذكورة في ٢ أخبار الأيام ٢٤: ١٩-٢٠.” باين (Payne)
٢. هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي مِدْرَسِ سِفْرِ ٱلْمُلُوكِ: لا يوجد أيّ ذِكر للتوبة من جانب يوآش. فلم يَعُد إلى وعده المبكر المشرق، ولم يحققه.
• “إن حقيقة عدم تكريمه بدفنه في مقبرة الملوك (على نقيض يهوياداع) أمر مهم في أخبار الأيام.” سيلمان (Selman)
• “نعم، هنالك أشخاص قلوبهم غير سليمة نحو الله، رغم أنهم متحمسون للغاية لعبادة الله الخارجية. فإنه أسهل أن نبني هيكلًا لله من أن نكون هيكلًا له. ومن الشائع أن يبدي أشخاص حماسة لترميم هيكل أكثر من حماستهم لإصلاح سلوكهم.” سبيرجن (Spurgeon)
• “كان هنالك عيب في مبادئ يوآش. وهذا ما أريد أن أحذّر كل أصدقائنا منه. وأنا أصلي ألا تقنع بممارسة التقوى من دون مبادئ التقوى. ولا يكفي أن تكون لديك عقيدة سليمة. إذ يتوجب أن يكون لديك قلب مجدَّد أيضًا. ولا يكفي أن تكون لديك طقوس مزخرفة. بل يتوجب أن تكون لديك حياة مقدسة. ولكي تكون مقدسًا، يتوجب أن تتجدد بالروح القدس. فإذا لم يحدث هذا التغيير فيك بالروح القدس، يا من تستسلم للخير بسهولة، فستستسلم للشر بنفس السهولة.” سبيرجن (Spurgeon)
• “تقدم دراسة قصة يوآش توضيحًا صارخًا لكيفية تأثُّر الرجل الضعيف. وهي تؤكد الحاجة إلى المعدن الأخلاقي القوي الذي لا يمكن أن يُخلق إلا بالتعامل المباشر مع الله.” مورجان (Morgan)
• “مهما كان تأثير رجل صالح، يبقى صحيحًا أنه إذا لم يكن لدى الرجل ما يعتمد عليه أكثر من ذلك، إذا فشل، فإن الانهيار يكاد يكون محتومًا. فكل الأساسات تفشل، باستثناء واحد.” مورجان (Morgan)