أخبار الأيام الثاني – الإصحاح ٢٦
حكم عُزّيّا
أولًا. سنوات البركة والقوة
أ ) الآيات (١-٥): نظرة عامة على حكم عُزّيّا.
١وَأَخَذَ كُلُّ شَعْبِ يَهُوذَا عُزِّيَّا وَهُوَ ابْنُ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً وَمَلَّكُوهُ عِوَضًا عَنْ أَبِيهِ أَمَصْيَا. ٢هُوَ بَنَى أَيْلَةَ وَرَدَّهَا لِيَهُوذَا بَعْدَ اضْطِجَاعِ الْمَلِكِ مَعَ آبَائِهِ. ٣كَانَ عُزِّيَّا ابْنَ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ يَكُلْيَا مِنْ أُورُشَلِيمَ. ٤وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ أَمَصْيَا أَبُوهُ. ٥وَكَانَ يَطْلُبُ اللهَ فِي أَيَّامِ زكَرِيَّا الْفَاهِمِ بِمَنَاظِرِ اللهِ. وَفِي أَيَّامِ طَلَبِهِ الرَّبَّ أَنْجَحَهُ اللهُ.
١. وَعَمِلَ ٱلْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ: اتّسم حكم عُزّيّا بشكل عام بالصلاح الذي عمله في عيني الرب. وقد كوفِئت تقواه بحكم طويل دام ٥٢ سنة.
• “وصل عُزّيّا إلى العرش في حقبة صعبة. “فبعد الأحداث المأساوية التي أنهت حكم الملك أمصيا، كانت أورشليم في حقبة صعبة من الفوضى. وقد دُمِّر جزء كبير من سورها الحامي، وأُفرِغ هيكلها وقصرها من كنوزهما، وأُخِذ بعض من سكانها إلى إسرائيل رهائن.” ديلداي (Dilday)
• يرى المفسّر ناب (Knapp) أن عُزّيّا صار ملكًا بطريقة غير عادية. “يبدو أنه جاء إلى العرش، لا بطريقة تَعاقُب الخلافة، بل باختيار مباشر من الشعب. وقد قضى الآراميون على الرؤساء نحو نهاية عهد جده يوآش (٢ أخبار الأيام ٢٤: ٢٣)، تاركين للشعب يدًا حُرّة.”
• وَأَخَذَ كُلُّ شَعْبِ يَهُوذَا عُزّيّا: لم تَضِع فكرة اختيار الملك بإرادة الشعب بشكل كامل قط في يهوذا.” سيلمان (Selman)
٢. وَفِي أَيَّامِ طَلَبِهِ ٱلرَّبَّ أَنْجَحَهُ ٱللهُ: تشير ٢ ملوك ١٥: ١-٤ إلى هذه النظرة المختلطة إلى حكم عُزّيّا، حيث تخبرنا أن عُزّيّا (يسمّى عزريا في ٢ ملوك) لم ينزع المرتفعات وأماكن الذبائح التقليدية للرب، والتي كانت أحيانًا بابًا لعبادة الأوثان.
• “إنه أفْضل لنا أن نفهم الاسمين كشكلين مختلفين نشآ من قابلية التبادل لجذرين عبريين وثيقي الصلة.” سيلمان (Selman)
ب) الآيات (٦-١٥): قوة حكم عُزّيّا وأمانته وصيته.
٦وَخَرَجَ وَحَارَبَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَهَدَمَ سُورَ جَتَّ وَسُورَ يَبْنَةَ وَسُورَ أَشْدُودَ، وَبَنَى مُدُنًا فِي أَرْضِ أَشْدُودَ وَالْفِلِسْطِينِيِّينَ. ٧وَسَاعَدَهُ اللهُ عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَعَلَى الْعَرَبِ السَّاكِنِينَ فِي جُورِ بَعْلَ وَالْمَعُونِيِّينَ. ٨وَأَعْطَى الْعَمُّونِيُّونَ عُزِّيَّا هَدَايَا، وَامْتَدَّ اسْمُهُ إِلَى مَدْخَلِ مِصْرَ لأَنَّهُ تَشَدَّدَ جِدًّا. ٩وَبَنَى عُزِّيَّا أَبْرَاجًا فِي أُورُشَلِيمَ عِنْدَ بَابِ الزَّاوِيَةِ وَعِنْدَ بَابِ الْوَادِي وَعِنْدَ الزَّاوِيَةِ وَحَصَّنَهَا. ١٠وَبَنَى أَبْرَاجًا فِي الْبَرِّيَّةِ، وَحَفَرَ آبَارًا كَثِيرَةً لأَنَّهُ كَانَ لَهُ مَاشِيَةٌ كَثِيرَةٌ فِي السَّاحِلِ وَالسَّهْلِ، وَفَلاَّحُونَ وَكَرَّامُونَ فِي الْجِبَالِ وَفِي الْكَرْمَلِ، لأَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الْفِلاَحَةَ. ١١وَكَانَ لِعُزِّيَّا جَيْشٌ مِنَ الْمُقَاتِلِينَ يَخْرُجُونَ لِلْحَرْبِ أَحْزَابًا حَسَبَ عَدَدِ إِحْصَائِهِمْ عَنْ يَدِ يَعِيئِيلَ الْكَاتِبِ وَمَعَسِيَا الْعَرِيفِ تَحْتَ يَدِ حَنَنْيَّا وَاحِدٍ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمَلِكِ. ١٢كُلُّ عَدَدِ رُؤُوسِ الآبَاءِ مِنْ جَبَابِرَةِ الْبَأْسِ أَلْفَانِ وَسِتُّ مِئَةٍ. ١٣وَتَحْتَ يَدِهِمْ جَيْشُ جُنُودٍ ثَلاَثُ مِئَةِ أَلْفٍ وَسَبْعَةُ آلاَفٍ وَخَمْسُ مِئَةٍ مِنَ الْمُقَاتِلِينَ بِقُوَّةٍ شَدِيدَةٍ لِمُسَاعَدَةِ الْمَلِكِ عَلَى الْعَدُوِّ. ١٤وَهَيَّأَ لَهُمْ عُزِّيَّا، لِكُلِّ الْجَيْشِ، أَتْرَاسًا وَرِمَاحًا وَخُوَذًا وَدُرُوعًا وَقِسِيًّا وَحِجَارَةَ مَقَالِيعَ. ١٥وَعَمِلَ فِي أُورُشَلِيمَ مَنْجَنِيقَاتٍ اخْتِرَاعَ مُخْتَرِعِينَ لِتَكُونَ عَلَى الأَبْرَاجِ وَعَلَى الزَّوَايَا، لِتُرْمَى بِهَا السِّهَامُ وَالْحِجَارَةُ الْعَظِيمَةُ. وَامْتَدَّ اسْمُهُ إِلَى بَعِيدٍ إِذْ عَجِبَتْ مُسَاعَدَتُهُ حَتَّى تَشَدَّدَ.
١. وَخَرَجَ وَحَارَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ: نشط عُزّيّا في مقاومة أعداء إسرائيل القدامى. وربما نشط الفلسطيون أيضًا ضد يهوذا في الماضي غير البعيد. ولعلهم كانوا من بين الذين جاءوا مع العرب وقاموا بمذبحة ضد كثيرين من عائلة داود الملكية (٢ أخبار الأيام ٢٢: ١).
• وَسَاعَدَهُ ٱللهُ عَلَى ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ: كانت لديه رغبة قوية في محاربة أعدائهم القدامى، فلا عجب أن الله أعانه على الفلسطيين.
• فقدَ الفلسطيون اثنتين من مدنهم الرئيسية، وهما جتّ وأشدود، إضافة إلى يبنة. وكانت الأخيرة تابعة ليهوذا تحت اسم يبئيل (يشوع ١٥: ١١)، وصارت تسمّى لاحقًا يمنيا، حيث أُعيد تشكيل السنهدريم وبعد دمار أورشليم في عام ٧٠ م.” سيلمان (Selman)
٢. وَأَعْطَى ٱلْعَمُّونِيُّونَ عُزّيّا هَدَايَا: كان هذا مثلًا آخر لقوة مملكة عُزّيّا. فقد انتزع الجزية من العمونيين. وهذه أشبه بضريبة يعترف بموجبها ٱلْعَمُّونِيُّونَ بمكانتهم الأدنى تحت سلطة يهوذا.
٣. وَٱمْتَدَّ ٱسْمُهُ… وَبَنَى عُزّيّا أَبْرَاجًا… وَحَفَرَ آبَارًا كَثِيرَةً… وَكَانَ لِعُزِّيَّا جَيْشٌ… وَعَمِلَ فِي أُورُشَلِيمَ مَنْجَنِيقَاتٍ: كان عُزّيّا ملكًا متميزًا. فقد أظهر اهتمامًا كبيرًا بتحسين مملكته. وبفضل إنجازاته الكثيرة، كان من المناسب أن يَذيع صيته بين الشعوب الأخرى (وَٱمْتَدَّ ٱسْمُهُ).
• “تم التحقق من صحة ’أبراج الصحراء‘ هذه التي بناها عُزّيّا (في جنوب يهوذا القاحل) من خلال اكتشاف برج من القرن الثامن في قمران.” باين (Payne)
• كانت الترميمات في أورشليم ضرورية بسبب الأضرار التي حلت بها في العهد السابق (لاحظ الإشارة المحددة إلى باب الزاوية في ٢ أخبار الأيام ٢٥: ٢٣)، أو بسبب زلزال (عاموس ١: ١؛ زكريا ١٤: ٥).” سيلمان (Selman)
• من الأوصاف الفريدة لعزّيّا هو أنه كَانَ يُحِبُّ الْفِلاَحَةَ. ويبيّن هذا أنه كان لديه فكر وقلب لما هو أكثر من التقنية والصيت. واهتم أيضًا بأمور عملية وأشياء مفيدة لأغلبية شعبه.
• ” اعتماد أية دولة في اقتصادها على الزراعة يعكس الكمال في أي ملك. فلتكن التجارة كما تريد، لكن لا يمكن أن يكون هنالك ازدهار وطني حقيقي إذا لم تزدهر الزراعة. كَانَ عُزّيّا يُحِبُّ ٱلْفِلَاحَةَ، وكان هو نفسه يُخدَم بها.” كلارك (Clarke)
٤. وَعَمِلَ فِي أُورُشَلِيمَ مَنْجَنِيقَاتٍ ٱخْتِرَاعَ مُخْتَرِعِينَ لِتَكُونَ عَلَى ٱلْأَبْرَاجِ وَعَلَى ٱلزَّوَايَا: هنالك خلاف حول ما إذا كانت هذه اختراعات دفاعية أم هجومية. فإن كانت تصف اختراع المنجنيق، فسيكون هذا أمرًا مذهلًا أن عُزّيّا ورجاله اخترعوا مثل هذه الأشياء قبل ما يزيد عن مئتي عام من وجود الأثرية عليها.
• “يرجح أن اختراعاته دفاعية أو شاشات واقية على أسوار المدينة ليتمكن الرماة وغيرهم من العمل بأمان نسبي.” سيلمان (Selman)
• غير أن كلارك (Clarke) يقتبس من ترجوم يشير إلى ٢ أخبار الأيام ٢٦: ١٥: “لقد صنع في أورشليم أسلحة بارعة وأبراجًا مجوّقة صغيرة للوقوف على الأبراج والحصون لرمي السهام وإلقاء الحجارة الكبيرة.”
• “هذا أول إعلام بسجل لأي نوع من المحركات الحربية للهجوم أو الدفاع عن الأماكن المحاصرة. وتأتي هذه الرواية قبل أي سجل مماثل لليونانيين أو الرومان. فكان اليهود وحدهم الذين اخترعوا مثل تلك الآلات. وقد حدث هذا الاختراع في عهد عُزّيّا، أي قبل الحقبة المسيحية بحوالي ٨٠٠ عام. فلا عجب أن صيته ذاع، وأطلق الرعب في قلوب أعدائه نتيجة لذلك.” كلارك (Clarke)
٥. عَجِبَتْ مُسَاعَدَتُهُ حَتَّى تَشَدَّدَ (ساعده الله بشكل عجيب إلى أن شدّد نفسه): في نهاية هذا القِسم الموسّع الذي يمتدح صلاح حكم عُزّيّا، نقرأ هذه الكلمة المشؤومة. ففي نقطة ما من نجاحه، بدأ يتحول عن عون الله وبدأ يتكل على قوّته الخاصة.
• “السبب الرئيسي في نجاح عُزّيّا هو عون الله. وهذه كلمة خاصّة في أخبار الأيام (انظر ١ أخبار الأيام ١٩: ١٢؛ ٢ أخبار الأيام ١١: ٤؛ ٢٥: ٨)، وهي تعادل من حيث المعنى في العهد الجديد عمل الروح القدس التمكيني (انظر رومية ٨: ٢٦؛ ٢ تيموثاوس ١٤: ١؛ ٢٢: ٢٦؛ ١ تسالونيكي ٢: ٢).” سيلمان (Selman)
ثانيًا. خطية عُزّيّا وعقابه
أ ) الآية (١٦): قلب عُزّيّا المتكبّر.
١٦وَلَمَّا تَشَدَّدَ ٱرْتَفَعَ قَلْبُهُ إِلَى ٱلْهَلَاكِ وَخَانَ ٱلرَّبَّ إِلَهَهُ، وَدَخَلَ هَيْكَلَ ٱلرَّبِّ لِيُوقِدَ عَلَى مَذْبَحِ ٱلْبَخُورِ.
١. وَلَمَّا تَشَدَّدَ ٱرْتَفَعَ قَلْبُهُ إِلَى ٱلْهَلَاكِ: عُزّيّا مثلٌ لرجل تعاملَ مع الشدائد بشكل أفضل من التعامل مع النجاح.
• “يشهد تاريخ البشر باستمرار على الأخطار المعقدة التي يخلقها الازدهار. ويتضرر أشخاص بالنجاح أكثر من الشدائد. إذ يضع الازدهار النفس في خطر الكبرياء وارتفاع القلب. قَبْلَ ٱلْكَسْرِ ٱلْكِبْرِيَاءُ، وَقَبْلَ ٱلسُّقُوطِ تَشَامُخُ ٱلرُّوحِ.” مورجان (Morgan)
• “لا يستطيع الله أن يعهد إلى بعضنا بالازدهار والنجاح، لأن طبيعتنا لا تستطيع أن تحتملهما. ويتوجب علينا أن نجر المجذاف بدلًا من أن ننشر الشراع، لأننا لا نملك ثِقلًا كافيًا للتوازن.” ماير (Meyer)
٢. وَدَخَلَ هَيْكَلَ ٱلرَّبِّ لِيُوقِدَ عَلَى مَذْبَحِ ٱلْبَخُورِ: انتهك عُزّيّا ما أصبح مبدأ عامًا في تعامل الله مع إسرائيل، وهو أنه لا ينبغي أن يكون أي ملك كاهنًا، ولا ينبغي أن يجمع رجل واحد مناصب النبي والكاهن والملِك – إلى أن يأتي المسيا المنتظر ويجمع هذه الوظائف الثلاث في نفسه.
• “عزيا خائن (٢ أخبار الأيام ٢٦: ١٦، ١٨). وهذا هو أهم تعبير عن الخطية في أخبار الأيام، ويمكن أن يؤدي هذا إلى سقوط سلالة ملكية (١ أخبار الأيام ١٣: ١٠)، أو سبي أُمة (١ أخبار الأيام ٥: ٢٥؛ ٩: ١؛ ٢ أخبار الأيام ٣٣: ١٩؛ ٣٦: ١٤). ولم يَظهر هذا التعبير منذ زمن رحبعام (٢ أخبار الأيام ١٢: ٢)، لكنه سيصبح الآن موضوعًا منتظمًا حتى نهاية السفر.” سيلمان (Selman)
• “تمثلت مشكلة عُزّيّا في أنه لم يكن راضيًا عن السلطة التي أعطاها الله له. فأراد إضافة وظائف كهنوتية إلى سلطته الملكية. ومع ذلك، ليس للقوة المطلقة مكان في ملكوت الله.” سيلمان (Selman)
ب) الآيات (١٧-٢١): مواجهة وعقاب ملائم.
١٧وَدَخَلَ وَرَاءَهُ عَزَرْيَا الْكَاهِنُ وَمَعَهُ ثَمَانُونَ مِنْ كَهَنَةِ الرَّبِّ بَنِي الْبَأْسِ. ١٨وَقَاوَمُوا عُزِّيَّا الْمَلِكَ وَقَالُوا لَهُ: «لَيْسَ لَكَ يَا عُزِّيَّا أَنْ تُوقِدَ لِلرَّبِّ، بَلْ لِلْكَهَنَةِ بَنِي هَارُونَ الْمُقَدَّسِينَ لِلإِيقَادِ. اُخْرُجْ مِنَ الْمَقْدِسِ لأَنَّكَ خُنْتَ وَلَيْسَ لَكَ مِنْ كَرَامَةٍ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ الإِلهِ». ١٩فَحَنِقَ عُزِّيَّا. وَكَانَ فِي يَدِهِ مِجْمَرَةٌ لِلإِيقَادِ. وَعِنْدَ حَنَقِهِ عَلَى الْكَهَنَةِ خَرَجَ بَرَصٌ فِي جَبْهَتِهِ أَمَامَ الْكَهَنَةِ فِي بَيْتِ الرَّبِّ بِجَانِبِ مَذْبَحِ الْبَخُورِ. ٢٠فَالْتَفَتَ نَحْوَهُ عَزَرْيَاهُو الْكَاهِنُ الرَّأْسُ وَكُلُّ الْكَهَنَةِ وَإِذَا هُوَ أَبْرَصُ فِي جَبْهَتِهِ، فَطَرَدُوهُ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى إِنَّهُ هُوَ نَفْسُهُ بَادَرَ إِلَى الْخُرُوجِ لأَنَّ الرَّبَّ ضَرَبَهُ. ٢١وَكَانَ عُزِّيَّا الْمَلِكُ أَبْرَصَ إِلَى يَوْمِ وَفَاتِهِ، وَأَقَامَ فِي بَيْتِ الْمَرَضِ أَبْرَصَ لأَنَّهُ قُطِعَ مِنْ بَيْتِ الرَّبِّ، وَكَانَ يُوثَامُ ابْنُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَلِكِ يَحْكُمُ عَلَى شَعْبِ الأَرْضِ.
١. وَدَخَلَ وَرَاءَهُ عَزَرْيَا ٱلْكَاهِنُ: تطلب الأمر شجاعة لمواجهة ملك، وريث للملك داود، وقائد جيوش يهوذا. لكن الكاهن عزريا عرف أن جريمة الملك عُزّيّا كانت كبيرة بحيث تبرّر هذه المواجهة.
٢. لَيْسَ لَكَ يَا عُزّيّا أَنْ تُوقِدَ لِلرَّبِّ، بَلْ لِلْكَهَنَةِ: طلب عزريا الكاهن من الملك أن يدرك هذا المبدأ الراسخ. فقد أعلن الله بوضوح أن نسل هارون وحدهم يستطيعون الاقتراب إليه ككهنة (باستثناء كهنوت ملكيصادق الذي ينتمي كهنوت يسوع إليه.)
٣. فَحَنِقَ عُزّيّا… خَرَجَ بَرَصٌ فِي جَبْهَتِهِ: عندما امتلأ رأس عُزّيّا بالكبرياء والحنق (الغضب الشديد)، بدأ البرص ينتشر على جبهته. ولا شك أنه قرأ هذه المشكلة على وجوه الكهنة المذعورين الذين رأوا البرص يظهر على وجهه.
• “وصل البرص إلى جبهته حتى لا يخفى خزيه رغم أنه كان موجودًا في بقية جسمه.” بوله (Poole)
• “رغم خطورة ما فعله عُزّيّا، إلا أن الله لم يتحرك ليتخذ إجراء إلى أن حنق عُزّيّا. وهي كلمة توكيدية ترد مرتين في الآية ١٩. فلا ينفجر غضب الله البار إلا عندما يحنق الإنسان المتمرد.” سيلمان (Selman)
٤. بَادَرَ إِلَى ٱلْخُرُوجِ لِأَنَّ ٱلرَّبَّ ضَرَبَهُ: لم يشأ عُزّيّا أن يتبع الأوامر والعادات الكتابية التي تمنعه من دخول الهيكل وتقديم البخور. ولم يسمع لتحذيرات الكهنة وتوبيخهم. لكنه سمع لدينونة الله عليه، فأسرع في نهاية الأمر إلى ترك المكان بسرعة (إِلَى ٱلْخُرُوجِ).
٥. وَكَانَ عُزّيّا ٱلْمَلِكُ أَبْرَصَ إِلَى يَوْمِ وَفَاتِهِ: دخل عُزّيّا الهيكل كملك متغطرس، وتركه أبرص ذليلًا. وبقي على هذه الحال إلى أن مات. فلم يذهب حتى إلى الساحات الخارجية للهيكل التي كانت مفتوحة ذات يوم للعابدين الآخرين، لِأَنَّهُ قُطِعَ مِنْ بَيْتِ ٱلرَّبِّ. فعندما تخطّى هذه الحدود، وجد حريته مقيدة أكثر من أي وقت مضى.
• “كانت هذه ضربة مخيفة من الله. كان الموت هو العقوبة الفعلية التي أمرت بها الشريعة على مثل هذه الجريمة (سفر العدد ١٨: ٧). وكان البرص في واقع الأمر موتًا حيًّا، وطويل الأمد، ومكثّفًا.” ناب (Knapp)
• لم يقنع بما قسمه الله، لكنه اغتصب مكان الكاهن ومنصبه. وهو الآن محروم من امتياز يتمتع به أدنى واحد في شعبه. فكانت هذه دينونة ملائمة للغاية.” بوله (Poole)
ج) الآيات (٢٢-٢٣): موت الملك عُزّيّا ودفْنه.
٢٢وَبَقِيَّةُ أُمُورِ عُزِّيَّا الأُولَى وَالأَخِيرَةُ كَتَبَهَا إِشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ النَّبِيُّ. ٢٣ثُمَّ اضْطَجَعَ عُزِّيَّا مَعَ آبَائِهِ وَدَفَنُوهُ مَعَ آبَائِهِ فِي حَقْلِ الْمِقْبَرَةِ الَّتِي لِلْمُلُوكِ، لأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّهُ أَبْرَصُ. وَمَلَكَ يُوثَامُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.
١. وَبَقِيَّةُ أُمُورِ عُزّيّا ٱلْأُولَى وَٱلْأَخِيرَةُ كَتَبَهَا إِشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ ٱلنَّبِيُّ: نلاحظ هنا الصلة بين إشعياء وعزيا في إشعياء ٦: ١ عندما ساهم موت الملك في دعوة النبي: فِي سَنَةِ وَفَاةِ عُزّيّا ٱلْمَلِكِ، رَأَيْتُ ٱلسَّيِّدَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيٍّ عَالٍ وَمُرْتَفِعٍ، وَأَذْيَالُهُ تَمْلَأُ ٱلْهَيْكَلَ (إشعياء ٦: ١).
• من المهم أن ننظر إلى عهد عُزّيّا ككل:
بدأ حكمه عندما كان في سن السادسة عشر فقط.
حكم مدة ٥٢ عامًا.
كان ملكًا صالحًا وقويًّا قاد يهوذا إلى انتصارات عسكرية كثيرة. وكان بَنّاءً نشطًا وذا رؤية.
رغم هذا كله، انتهى عُزّيّا نهاية مأساوية.
• ولهذا، عندما كتب إشعياء أنه دُعي ’فِي سَنَةِ وَفَاةِ عُزّيّا ٱلْمَلِكِ،‘ فإنه قال الكثير. فقد قصد أن يقول: “في السنة التي مات فيها ملك حكيم عظيم.” لكنه قصد أيضًا: “في السنة التي مات فيها ملك عظيم كانت نهايته مأساوية.” فكان لدى النبي سبب قوي للإحباط وخيبة الأمل عند موت ملك عظيم انتهى نهاية مأساوية. ورغم هذا كله، رأى النبي الرب الإله المتوج الذي هو أعظم من أي ملك بشري.
٢. لِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّهُ أَبْرَصُ: هذا تلخيص محزن إلى حد ما بالنسبة لملك عظيم من يهوذا. ومع ذلك، يُظهر هذا التكلفة الباهظة والمأساة الناتجة عن عدم الانتهاء بشكل حسن، وكيف أن الأخطاء والفضائح المتأخرة يمكن أن تلون سيرة حياته كلها ومهنته كملك.
• هذا هو العهد الملكي الأخير من ثلاثة عهود تنتهي بفترة من العصيان والكارثة. ويبدو أنه ليس هنالك ما يمنع يهوذا وملوكها من الانزلاق في الخطية والدينونة. فعبادتهم للأوثان، ورفْضهم للأنبياء، والعنف، والكبرياء أمور تكرر نفسها بانتظام مدمّر.” سيلمان (Selman)
• “رغم أن كبرياء عُزّيّا لم تتسبب في السبي، إلا أن هذا توضيح ممتاز لسبب حدوث السبي في نهاية الأمر. فمن تلك اللحظة فصاعدًا، بدأت نهاية يهوذا تلوح في الأفق على نحو أكيد.” سيلمان (Selman)
• يمكن التثبّت من الإشارة إلى مكان دفن منفصل من خلال نقش على العظم في العصر الحمشوني (نسبة إلى سلالة أقامها المكابيون). “أُحضرت عظام عُزّيّا، ملك يهوذا، إلى حيث لا تُنقل في المستقبل.” سيلمان (Selman)
• “عشت طويلًا بما يكفي لألاحظ أن أفدح الأخطاء التي يرتكبها أشخاص يجاهرون بإيمانهم المسيحي لا يرتكبها الشباب. والأمر الأكثر إيلامًا لي هو أن أتذكر أن أسوأ حالات الارتداد والفجور التي رأيتها في هذه الكنيسة كانت من كبار السن وأشخاص في منتصف العمر، وليس من الشباب. فالشباب، إذا كانوا متعلمين من الله، يعرفون بطريقة ما ضعفهم، ولهذا يستنجدون بالله. لكن ما يحدث غالبًا هو أن أشخاصًا أكثر خبرة يبدأون بالاعتقاد أن من غير المحتمل أن يقعوا في أخطاء الشباب وحماقاتهم. ولا يهمني عمر المرء – حتى لو مرت على رأسه سبعة قرون – إذا بدأ هذا الشخص يتكل على نفسه، فإنه سيكون أحمق، وسرعان ما سيسقط سقطة رهيبة.” سبيرجن (Spurgeon)