١ صموئيل ٩
الله يقود صموئيل إلى شاول
أولًا. شاول يبحث عن حمير أبيه.
أ ) الآيات (١-٢): قيس، أبو شاول، وابنه شاول.
١كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنْيَامِينَ ٱسْمُهُ قَيْسُ بْنُ أَبِيئِيلَ بْنِ صَرُورَ بْنِ بَكُورَةَ بْنِ أَفِيحَ، ٱبْنُ رَجُلٍ بَنْيَامِينِيٍّ جَبَّارَ بَأْسٍ. ٢وَكَانَ لَهُ ٱبْنٌ ٱسْمُهُ شَاوُلُ، شَابٌّ وَحَسَنٌ، وَلَمْ يَكُنْ رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَحْسَنَ مِنْهُ. مِنْ كَتِفِهِ فَمَا فَوْقُ كَانَ أَطْوَلَ مِنْ كُلِّ ٱلشَّعْبِ.
١. جَبَّارَ بَأْسٍ: كان قيس، أبو شاول، رجلًا ثريًّا متنفّذًا في إسرائيل. فجاء شاول من عائلة ذات مكانة وهيبة، متمتّعًا بالثروة والنفوذ.
٢. شَابٌّ وَحَسَنٌ (وسيم): اشتُهِر شاول بعائلته ومظهره. وكان طويلًا، بل أطول من أي شخص في إسرائيل. وكان وسيمًا، بل لم يكن من هو أوسم منه في الشعب. بدا أنّ لشاول مظهر الملك العظيم. فإن كان هنالك رجل يمكن أن يصبح ملكًا على إسرائيل بناءً على صورته ومظهره، فإن شاول هو الرجل. فقد صُبَّ شاول في القالب المثالي المطلوب.
يعني الاسم ’شاول‘ ’سئِل من الله.‘ فقد طلبتْ (سألتْ) إسرائيل ملكًا من الله. فكان شاول هو الذي ’سُئل من الله.‘
٣. مِنْ كَتِفِهِ فَمَا فَوْقُ كَانَ أَطْوَلَ مِنْ كُلِّ ٱلشَّعْبِ: لا يعني هذا أن عنقه ورأسه كانا كبيرين للغاية. لكنه يعني ببساطة أن رأسه وكتفيه أطول من أي شخص في إسرائيل.
ما لم يَرِد في هاتين الآيتين هو الله. نعرف من هاتين الآيتين أنه جاء من عائلة غنية وأنه حسن المظهر، لكن لا يقال شيء عن علاقته بالرب. ولا يقال شيء لأنه لم يكن هنالك شيء ليقال.
عكَسَ شاول الحالة الروحية لأمة إسرائيل كلها. ربما كانت هنالك صورة روحية، لكن القلب كان بعيدًا عن المكان الذي أراده الله.
ب) الآيات (٣-١٤): بحثُ شاول مع خادمه عن حمير أبيه، ولقاؤه مع صموئيل النبي.
٣فَضَلَّتْ أُتُنُ قَيْسَ أَبِي شَاوُلَ. فَقَالَ قَيْسُ لِشَاوُلَ ٱبْنِهِ: «خُذْ مَعَكَ وَاحِدًا مِنَ ٱلْغِلْمَانِ وَقُمِ ٱذْهَبْ فَتِّشْ عَلَى ٱلْأُتُنِ». ٤فَعَبَرَ فِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ، ثُمَّ عَبَرَ فِي أَرْضِ شَلِيشَةَ فَلَمْ يَجِدْهَا. ثُمَّ عَبَرَا فِي أَرْضِ شَعَلِيمَ فَلَمْ تُوجَدْ. ثُمَّ عَبَرَا فِي أَرْضِ بَنْيَامِينَ فَلَمْ يَجِدَاهَا. ٥وَلَمَّا دَخَلَا أَرْضَ صُوفٍ قَالَ شَاوُلُ لِغُلَامِهِ ٱلَّذِي مَعَهُ: «تَعَالَ نَرْجِعْ لِئَّلَا يَتْرُكَ أَبِي ٱلْأُتُنَ وَيَهْتَمَّ بِنَا». ٦فَقَالَ لَهُ: «هُوَذَا رَجُلُ ٱللهِ فِي هَذِهِ ٱلْمَدِينَةِ، وَٱلرَّجُلُ مُكَرَّمٌ، كُلُّ مَا يَقُولُهُ يَصِيرُ. لِنَذْهَبِ ٱلْآنَ إِلَى هُنَاكَ لَعَلَّهُ يُخْبِرُنَا عَنْ طَرِيقِنَا ٱلَّتِي نَسْلُكُ فِيهَا». ٧فَقَالَ شَاوُلُ لِلْغُلَامِ: «هُوَذَا نَذْهَبُ، فَمَاذَا نُقَدِّمُ لِلرَّجُلِ؟ لِأَنَّ ٱلْخُبْزَ قَدْ نَفَدَ مِنْ أَوْعِيَتِنَا وَلَيْسَ مِنْ هَدِيَّةٍ نُقَدِّمُهَا لِرَجُلِ ٱللهِ. مَاذَا مَعَنَا؟» ٨فَعَادَ ٱلْغُلَامُ وَأَجَابَ شَاوُلَ وَقَالَ: «هُوَذَا يُوجَدُ بِيَدِي رُبْعُ شَاقِلِ فِضَّةٍ فَأُعْطِيهِ لِرَجُلِ ٱللهِ فَيُخْبِرُنَا عَنْ طَرِيقِنَا». ٩سَابِقًا فِي إِسْرَائِيلَ هَكَذَا كَانَ يَقُولُ ٱلرَّجُلُ عِنْدَ ذَهَابِهِ لِيَسْأَلَ ٱللهَ: «هَلُمَّ نَذْهَبْ إِلَى ٱلرَّائِي». لِأَنَّ ٱلنَّبِيَّ ٱلْيَوْمَ كَانَ يُدْعَى سَابِقًا ٱلرَّائِيَ. ١٠فَقَالَ شَاوُلُ لِغُلَامِهِ: «كَلَامُكَ حَسَنٌ. هَلُمَّ نَذْهَبْ». فَذَهَبَا إِلَى ٱلْمَدِينَةِ ٱلَّتِي فِيهَا رَجُلُ ٱللهِ. ١١وَفِيمَا هُمَا صَاعِدَانِ فِي مَطْلَعِ ٱلْمَدِينَةِ صَادَفَا فَتَيَاتٍ خَارِجَاتٍ لِٱسْتِقَاءِ ٱلْمَاءِ. فَقَالَا لَهُنَّ: «أَهُنَا ٱلرَّائِي؟» ١٢فَأَجَبْنَهُمَا وَقُلْنَ: «نَعَمْ. هُوَذَا هُوَ أَمَامَكُمَا. أَسْرِعَا ٱلْآنَ، لِأَنَّهُ جَاءَ ٱلْيَوْمَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لِأَنَّهُ ٱلْيَوْمَ ذَبِيحَةٌ لِلشَّعْبِ عَلَى ٱلْمُرْتَفَعَةِ. ١٣عِنْدَ دُخُولِكُمَا ٱلْمَدِينَةَ لِلْوَقْتِ تَجِدَانِهِ قَبْلَ صُعُودِهِ إِلَى ٱلْمُرْتَفَعَةِ لِيَأْكُلَ، لِأَنَّ ٱلشَّعْبَ لَا يَأْكُلُ حَتَّى يَأْتِيَ لِأَنَّهُ يُبَارِكُ ٱلذَّبِيحَةَ. بَعْدَ ذَلِكَ يَأْكُلُ ٱلْمَدْعُوُّونَ. فَٱلْآنَ ٱصْعَدَا لِأَنَّكُمَا فِي مِثْلِ ٱلْيَوْمِ تَجِدَانِهِ». ١٤فَصَعِدَا إِلَى ٱلْمَدِينَةِ. وَفِيمَا هُمَا آتِيَانِ فِي وَسَطِ ٱلْمَدِينَةِ إِذَا بِصَمُوئِيلَ خَارِجٌ لِلِقَائِهِمَا لِيَصْعَدَ إِلَى ٱلْمُرْتَفَعَةِ.
١. فَضَلَّتْ أُتُنُ قَيْسَ أَبِي شَاوُلَ: سيقاد أول ملك على إسرائيل إلى العرش من ثلاثة حمير ضائعة. وليست لدينا أية فكرة عن كيفية استخدام الله لظروف الحياة التي تبدو عادية ومزعجة.
هنالك خطآن يرتكبهما الناس حول إرشاد الله من خلال الظروف. الأول هو الاعتقاد أن كل حدث في الحياة ممتلئ بالمعنى والقصد من الله. وهذا خطأ، لأنه رغم أنه لا يحدث شيء صدفة، إلا أنه لا يحدث كل شيء لغرض عظيم. والخطأ الثاني هو أن نتجاهل تحرُّك الله في حياتنا من خلال الظروف. أراد الله أن يستخدم هذا الموقف لإرشاد شاول. وغالبًا ما يستخدم الله ظروفًا في حياتنا بنفس الطريقة. وينبغي أن نثق بصلاح الله وقدرته على جعل كل الأمور تعمل معًا للخير (رومية ٨: ٢٨).
٢. فَلَمْ يَجِدْهَا… فَلَمْ تُوجَدْ… فَلَمْ يَجِدَاهَا: لقد أحبط هذا الأمر شاول. غير أن الله كان ينفّذ خطته من خلال الحمير المفقودة بطريقة لم يتخيّلها حتى شاول.
ربما ذهبت هذه الحمير إلى أي مكان، لكنها ذهبت إلى المكان الذي أراد الله أن تكون فيه. وغالبًا ما نتحدث عن ’حيوانات غبية،‘ لكن هذه الحمير كانت ذكية بما تكفي للخضوع لله.
٣. هُوَذَا رَجُلُ ٱللهِ فِي هَذِهِ ٱلْمَدِينَةِ، وَٱلرَّجُلُ مُكَرَّمٌ، كُلُّ مَا يَقُولُهُ يَصِيرُ. لِنَذْهَبِ ٱلْآنَ إِلَى هُنَاكَ لَعَلَّهُ يُخْبِرُنَا عَنْ طَرِيقِنَا ٱلَّتِي نَسْلُكُ فِيهَا: يبيّن اقتراح خادم شاول شيئًا عن هذين الرجلين، وهو أنهما لا يتمتعان بطبيعة روحية قوية. ويبدو أنهما لا يفكران في المجيء إلى النبي صموئيل من أجل إرشاد روحي حقيقي. لكنهما فكّرا هكذا: “اسمع! ربما يساعدنا في العثور على الحمير المفقودة.”
ومع ذلك، فإن هذه الكلمات تمتدح صموئيل كثيرًا. فقد كان ذائع الصيت – رَجُلُ ٱللهِ …وَٱلرَّجُلُ مُكَرَّمٌ، كُلُّ مَا يَقُولُهُ يَصِيرُ. وينبغي أن يتمتع كل مؤمن بمثل هذه السمعة.
٤. وَلَيْسَ مِنْ هَدِيَّةٍ نُقَدِّمُهَا لِرَجُلِ ٱللهِ: لم يُرِد شاول أن يأتي إلى صموئيل خالي اليدين احترامًا له. لكن من الخطأ أن نعتقد أن صموئيل كان يفرض رسومًا على ’خدماته النبوية.‘ إذ كان صموئيل نبيًّا عظيمًا للإله الحي، ولم يكن عرّافًا.
“تَرِد كلمة ’الرائي‘ لأول مرة في الكتاب المقدس هنا. وهي تعني أنه الشخص الذي ’يرى،‘ ولاسيما مشاهد خارقة للطبيعة. وكان النبي والرائي نفس الشيء في معظم الحالات، باستثناء وجود فرق واحد. كان الرائي نبيًّا دائمًا، لكن النبي لم يكن رائيًا دائمًا.” كلارك (Clarke)
“لدى استشارة نبي، كان من الكياسة العامة إحضار هدية (عاموس ٧: ١٢)، سواء أكانت متواضعة (١ ملوك ١٤: ٣) أم سخية (٢ ملوك ٨: ٨-٩).” يونغبلود (Youngblood)
٦. أَسْرِعَا ٱلْآنَ، لِأَنَّهُ جَاءَ ٱلْيَوْمَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ: ’صدف‘ أن جاء شاول وخادمه جاءا بحثًا عن حميرهما في نفس اليوم الذي كان فيه صموئيل في المدينة. فالله يرشد من خلال هذه الظروف.
تقول الأساطير اليهودية إن شاول كان وسيمًا إلى درجة أن الشابّات أردن التحدث إليه.
ثانيًا. صموئيل وشاول يلتقيان.
أ ) الآيات (١٥-١٧): الله يخبر صموئيل أن شاول هو الرجل الذي سيصبح الملك.
١٥وَٱلرَّبُّ كَشَفَ أُذُنَ صَمُوئِيلَ قَبْلَ مَجِيءِ شَاوُلَ بِيَوْمٍ قَائِلًا: ١٦”غَدًا فِي مِثْلِ ٱلْآنَ أُرْسِلُ إِلَيْكَ رَجُلًا مِنْ أَرْضِ بَنْيَامِينَ، فَٱمْسَحْهُ رَئِيسًا لِشَعْبِي إِسْرَائِيلَ، فَيُخَلِّصَ شَعْبِي مِنْ يَدِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ، لِأَنِّي نَظَرْتُ إِلَى شَعْبِي لِأَنَّ صُرَاخَهُمْ قَدْ جَاءَ إِلَيَّ”. ١٧فَلَمَّا رَأَى صَمُوئِيلُ شَاوُلَ أَجَابَهُ ٱلرَّبُّ: “هُوَذَا ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي كَلَّمْتُكَ عَنْهُ. هَذَا يَضْبِطُ شَعْبِي.”
١. وَٱلرَّبُّ كَشَفَ أُذُنَ صَمُوئِيلَ قَبْلَ مَجِيءِ شَاوُلَ بِيَوْمٍ: لم تكن لدى شاول علاقة بالرب، ولهذا تكلم الله إليه من خلال الحمير المفقودة. لكن صموئيل عرف الرب وأحبه، ولهذا كَشَفَ أُذُنَه.
وَٱلرَّبُّ كَشَفَ أُذُنَ صَمُوئِيلَ: الصياغة العبرية الأصلية، كما هي في الترجمة العربية، هي ’كَشَفَ أُذُنَه،‘ وهي ترِد في راعوث ٤: ٤. “والعبارة مأخوذة من دفع غطاء الرأس جانبًا من أجل الهمس. ولهذا، فإن العبارة تعني أن الرب أخبر صموئيل سرًّا.” سميث (Smith)، تفسير المنبر ولا يعني هذا بالضرورة أن صموئيل سمع صوتًا مسموعًا من الله.
٢. غَدًا فِي مِثْلِ ٱلْآنَ: أعطى الله صموئيل إرشادًا محددًا حول أحداث مستقبلة. وتلقّى صموئيل هذا الإرشاد بحكمة وبحثَ عن تحقيق هذه الكلمات ليثَبّت اختيار الله لملك. لكن صموئيل رفض بحكمة أيضًا أن يتلاعب بالظروف من أجل أن ’يجعل‘ ما قاله الله يحدث. فقد شعر صموئيل بأنه إذا كانت هذه كلمة الله، فإنه قادر على تحقيقها.
٣. أُرْسِلُ إِلَيْكَ: رغم أن إسرائيل رفضت الله ملكًا عليها (١ صموئيل ٨: ٧)، ما زال الله متحكمًا في الأمور. فلم ينزل عن العرش لمجرد أن إسرائيل طلبت منه ذلك. إذ سيعطيهم ملكًا بالفعل، لكنه أرسل ملكًا معيبًا إلى إسرائيل المعيبة.
٤. فَيُخَلِّصَ شَعْبِي مِنْ يَدِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ: رغم مشكلات كثيرة في عهد شاول، لا ينبغي أحد أن يقول إن عهده الملكي كان كارثة كاملة. إذ قاد شاول إسرائيل إلى انتصارات عسكرية كثيرة، وإلى استقلال أكبر عن الفلسطيين.
٥. فَلَمَّا رَأَى صَمُوئِيلُ شَاوُلَ أَجَابَهُ ٱلرَّبُّ: في اليوم التالي من إخبار الله لصموئيل عن الملك الجديد، حدّد الله لصموئيل هذا الرجل على نحو خاص. فعندما يتكلم الله في يوم، فإنه يثبّت كلامه في يوم آخر.
ب) الآيات (١٨-٢١): صموئيل وشاول يلتقيان.
١٨فَتَقَدَّمَ شَاوُلُ إِلَى صَمُوئِيلَ فِي وَسَطِ ٱلْبَابِ وَقَالَ: «أَطْلُبُ إِلَيْكَ: أَخْبِرْنِي أَيْنَ بَيْتُ ٱلرَّائِي؟» ١٩فَأَجَابَ صَمُوئِيلُ شَاوُلَ وَقَالَ: «أَنَا ٱلرَّائِي. اِصْعَدَا أَمَامِي إِلَى ٱلْمُرْتَفَعَةِ فَتَأْكُلَا مَعِيَ ٱلْيَوْمَ، ثُمَّ أُطْلِقَكَ صَبَاحًا وَأُخْبِرَكَ بِكُلِّ مَا فِي قَلْبِكَ. ٢٠وَأَمَّا ٱلْأُتُنُ ٱلضَّالَّةُ لَكَ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا تَضَعْ قَلْبَكَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا قَدْ وُجِدَتْ. وَلِمَنْ كُلُّ شَهِيِّ إِسْرَائِيلَ؟ أَلَيْسَ لَكَ وَلِكُلِّ بَيْتِ أَبِيكَ؟» ٢١فَأَجَابَ شَاوُلُ وَقَالَ: «أَمَا أَنَا بَنْيَامِينِيٌّ مِنْ أَصْغَرِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ، وَعَشِيرَتِي أَصْغَرُ كُلِّ عَشَائِرِ أَسْبَاطِ بَنْيَامِينَ؟ فَلِمَاذَا تُكَلِّمُنِي بِمِثْلِ هَذَا ٱلْكَلَامِ؟
١. فَتَأْكُلَا مَعِيَ ٱلْيَوْمَ: لا بد أن شاول ذُهل. كان يبحث عن نبي مرموق. وكان أول رجل سأله عن النبي هو النبي نفسه. فدعاه رجل الله إلى العشاء. وأخيرًا سمع كلمات يخشى كثيرون سماعها: ثُمَّ أُطْلِقَكَ صَبَاحًا وَأُخْبِرَكَ بِكُلِّ مَا فِي قَلْبِكَ.
٢. ٱلْأُتُنُ ٱلضَّالَّةُ لَكَ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ: بهذا أثبت صموئيل لشاول أنه كان نبيًّا حقيقيًّا من الله. فقد أراه أشياء يرجح أنه ما كان بوسعه أن يعرفها إلا بكشف خارق للطبيعة.
٣. وَلِمَنْ كُلُّ شَهِيِّ إِسْرَائِيلَ؟ أَلَيْسَ لَكَ: ألْمح صموئيل بهذه الكلمات إلى مصير شاول. أرادت كل إسرائيل ملكًا، وسيصبح هو تحقيق رغبتها.
٤. فَلِمَاذَا تُكَلِّمُنِي بِمِثْلِ هَذَا ٱلْكَلَامِ: كانت هذه استجابة متواضعة أصيلة من شاول، مع أنها لم تكن صادقة تمامًا. لم يستطع شاول أن يعرف سبب قول النبي إن الله يريده ملكًا.
يدل تصريح شاول “أَمَا أَنَا بَنْيَامِينِيٌّ مِنْ أَصْغَرِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ، وَعَشِيرَتِي أَصْغَرُ كُلِّ عَشَائِرِ أَسْبَاطِ بَنْيَامِينَ؟” على تواضعه أكثر من صدقه. إذ كان أبوه من عائلة مرموقة، وكانت عشيرته مميّزة. (١ صموئيل ٩: ١)
“كلام شاول متواضع للغاية. هو الآن يتواضع بشكل ملائم، لكن من يستطيع أن يتحمل الارتفاع والرخاء؟” كلارك (Clarke)
ج) الآيات (٢٢-٢٤): يحرص صموئيل على إكرام شاول في الاحتفال.
٢٢فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ شَاوُلَ وَغُلَامَهُ وَأَدْخَلَهُمَا إِلَى ٱلْمَنْسَكِ وَأَعْطَاهُمَا مَكَانًا فِي رَأْسِ ٱلْمَدْعُوِّينَ، وَهُمْ نَحْوُ ثَلَاثِينَ رَجُلًا. ٢٣وَقَالَ صَمُوئِيلُ لِلطَّبَّاخِ: «هَاتِ ٱلنَّصِيبَ ٱلَّذِي أَعْطَيْتُكَ إِيَّاهُ، ٱلَّذِي قُلْتُ لَكَ عَنْهُ ضَعْهُ عِنْدَكَ». ٢٤فَرَفَعَ ٱلطَّبَّاخُ ٱلسَّاقَ مَعَ مَا عَلَيْهَا وَجَعَلَهَا أَمَامَ شَاوُلَ. فَقَالَ: «هُوَذَا مَا أُبْقِيَ. ضَعْهُ أَمَامَكَ وَكُلْ. لِأَنَّهُ إِلَى هَذَا ٱلْمِيعَادِ مَحْفُوظٌ لَكَ مِنْ حِينٍ قُلْتُ دَعَوْتُ ٱلشَّعْبَ». فَأَكَلَ شَاوُلُ مَعَ صَمُوئِيلَ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ.
١. وَأَعْطَاهُمَا مَكَانًا فِي رَأْسِ ٱلْمَدْعُوِّينَ: في تلك الثقافة، كان لترتيب جلوس المدعوين إلى العشاء بروتوكول خاص. فكان مقعد الشرف إلى جانب معين من المُضيف. فكان شرفًا عظيمًا أن يجلس شاول بجانب النبي صموئيل.
٢. مَحْفُوظٌ لَكَ: أُعطي شاول النصيب المميز. وفي تلك الثقافة، كان لكل وجبة حصة خاصة تُعطى للشخص الذي يريد المضيف أن يكرمه. وقد أُكرِم شاول على نحو خاص في هذه الوجبة.
ربما نتكهن أن صموئيل كان مهتمًّا برؤية كيفية رد فعل شاول عند تكريمه. إذ يبيّن هذا في الغالب حقيقتنا. فإذا قبلنا التكريم بتواضع من دون التعلق به كثيرًا، أو بافتخار، فإن هذا يعكس شيئًا عنّا. وإذا أظهرنا تواضعًا زائفًا أو قلبًا متكبّرًا بالطريقة التي نتلقى بها التكريم، فإن هذا يُظهر شيئًا سيئًا في معدننا الأخلاقي.
د ) الآيات (٢٥-٢٧): صموئيل وشاول يتحدثان معًا طوال الليل.
٢٥وَلَمَّا نَزَلُوا مِنَ ٱلْمُرْتَفَعَةِ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ تَكَلَّمَ مَعَ شَاوُلَ عَلَى ٱلسَّطْحِ. ٢٦وَبَكَّرُوا. وَكَانَ عِنْدَ طُلُوعِ ٱلْفَجْرِ أَنَّ صَمُوئِيلَ دَعَا شَاوُلَ عَنِ ٱلسَّطْحِ قَائِلًا: «قُمْ فَأَصْرِفَكَ». فَقَامَ شَاوُلُ وَخَرَجَا كِلَاهُمَا، هُوَ وَصَمُوئِيلُ إِلَى خَارِجٍ. ٢٧وَفِيمَا هُمَا نَازِلَانِ بِطَرَفِ ٱلْمَدِينَةِ قَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: «قُلْ لِلْغُلَامِ أَنْ يَعْبُرَ قُدَّامَنَا». فَعَبَرَ. “وَأَمَّا أَنْتَ فَقِفِ ٱلْآنَ فَأُسْمِعَكَ كَلَامَ ٱللهِ.”
١. تَكَلَّمَ مَعَ شَاوُلَ عَلَى ٱلسَّطْحِ: لا شك أن صموئيل أخبر شاول كل شيء عن رغبة إسرائيل في وجود ملك عليها، وكيف أن عليه أن يكون صالحًا.
يمكننا أن نتخيل صموئيل وهو يقول: “اسمع، يا شاول. لديك أشياء كثيرة تميّزك. فأنت رجل وسيم ومتواضع، وستحصل على دعم الشعب. لكن إذا لم تعطِ قلبك لخدمة الله وتخضع له بصفته ملكًا عليك، لن تكون أبدًا ملائمًا كملك على الشعب.
حكمت الملكة فكتوريا بريطانيا العظمى مدة ٦٤ سنة. وعندما كانت في الحادية عشرة من عمرها، عرضت عليها مربّيتها قائمة بملوك وملكات على إنجلترا، إضافة إلى اسمها في أسفل القائمة. وعندما فهمت ما عنى ذلك، انفجرت باكية. ثم تمالكت نفسها وقالت: ’سأكون صالحة.‘ وهنا أعطى صموئيل شاول الفرصة ليقول: ’سأكون صالحًا.‘
٢. فَأُسْمِعَكَ كَلَامَ ٱللهِ: قدّم صموئيل بشكل مثير المسحة الرسمية لشاول كملك.