١ صموئيل ١٤
الانتصار على الفلسطيين
أولًا. يوناثان يغامر بإيمان.
أ ) الآيات (١-٣): اقتراح يوناثان.
١وَفِي ذَاتِ يَوْمٍ قَالَ يُونَاثَانُ بْنُ شَاوُلَ لِلْغُلَامِ حَامِلِ سِلَاحِهِ: «تَعَالَ نَعْبُرْ إِلَى حَفَظَةِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ ٱلَّذِينَ فِي ذَلِكَ ٱلْعَبْرِ». وَلَمْ يُخْبِرْ أَبَاهُ. ٢وَكَانَ شَاوُلُ مُقِيمًا فِي طَرَفِ جِبْعَةَ تَحْتَ ٱلرُّمَّانَةِ ٱلَّتِي فِي مِغْرُونَ، وَٱلشَّعْبُ ٱلَّذِي مَعَهُ نَحْوُ سِتِّ مِئَةِ رَجُلٍ. ٣وَأَخِيَّا بْنُ أَخِيطُوبَ، أَخِي إِيخَابُودَ بْنِ فِينَحَاسَ بْنِ عَالِي، كَاهِنُ ٱلرَّبِّ فِي شِيلُوهَ كَانَ لَابِسًا أَفُودًا. وَلَمْ يَعْلَمِ ٱلشَّعْبُ أَنَّ يُونَاثَانَ قَدْ ذَهَبَ.
١. وَفِي ذَاتِ يَوْمٍ: قي البداية، لم يكن هنالك شيء في ذلك اليوم ليشير إلى أنه سيكون رائعًا. لكن في هذا اليوم، سيحرز الله نصرًا عظيمًا من خلال ثقة يوناثان الجسور.
“يبحث الله دائمًا على نفوس مؤمنة مستعدة لتقبُّل قوّته ونعمته من ناحية، ونقْلها من ناحية أخرى. وهو يختار هذه النفوس لكي يعلن بوساطتها قوته الجبارة” ماير (Meyer)
٢. قَالَ يُونَاثَانُ بْنُ شَاوُلَ لِلْغُلَامِ حَامِلِ سِلَاحِهِ: كان لكل ’ضابط‘ في الجيش الإسرائيلي ’مساعد‘ يُعرف بأنه ’حامل سلاحه.‘ وهو يعاونه في المعركة وفي إدارة الجيش، ويحمل أيضًا ترسه وسلاحه. ولهذا كان يُطلق عليه لقب حامل سلاحه.
“كان لا بد أن يكون حملة السلاح في الأزمنة القديمة شجعانًا ومُوالين، لأن حياة أسيادهم كانت تتوقف عليهم في أحيان كثيرة.” يونغبلود (Youngblood)
٣. تَعَالَ نَعْبُرْ إِلَى حَفَظَةِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ: كان الإسرائيليون في صراع بدا فيه الانتصار مستحيلًا. إذ كان أعداؤهم يفوقون عددًا وعُدَّةً من حيث التقنية العسكرية. غير أن يوناثان كان جسورًا بما يكفي للذهاب إلى الحامية الفلسطية (حَفَظَةِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ) ليرى ما يمكن أن يفعله الرب.
لعلّ يوناثان فكّر في شمجر وكيف أن
٣١ وصفت انتصاره على ٦٠٠ رجل بعصا حادة (منساس البقر). وربما فكّر: “إن استطاع الله أن يفعل هذا من خلال شمجر، فإنه يستطيع أن يفعله من خلالي.”
شجّع يوناثان نفسه بوعود مثل لاويين ٢٦: ٨: “يَطْرُدُ خَمْسَةٌ مِنْكُمْ مِئَةً، وَمِئَةٌ مِنْكُمْ يَطْرُدُونَ رَبْوَةً، وَيَسْقُطُ أَعْدَاؤُكُمْ أَمَامَكُمْ بِٱلسَّيْفِ.”
٤. وَلَمْ يُخْبِرْ أَبَاهُ: ربما كان هذا سهوًا منه، أو شيئًا يسهُل شرحه، أو ربما تعمّد أن لا يخبر أباه لأن أباه كان سيرفض ذلك.
٥. وَكَانَ شَاوُلُ مُقِيمًا (جالسًا): كان موقفه متناقضًا كبيرًا مع ما فعله يوناثان. إذ كان الملك الجسور الشجاع جالسًا تحت شجرة رمّان، بينما ذهب ابنه بشجاعة إلى الحامية الفلسطية. وكان شاول والكاهن حامل الأفود يجلسان بينما وثق يوناثان بالرب.
٦. وَأَخِيَّا بْنُ أَخِيطُوبَ، أَخِي إِيخَابُودَ: ربما يبدو أن ذِكر إيخابود هنا غير ضروري تقريبًا. فلماذا نحتاج إلى أن نعرف أن الذي كان مع شاول ويلبس الأفود هو أخيطوب ابن أخي إيخابود. ربما يريدنا الله أن يُربط معنى اسم “إيخابود” بوضع شاول الروحي. لقد زال مجد شاول الملكي تقريبًا. ومن الملائم أن يُربط بأحد أقارب الرجل المسمّى ’زال المجد.‘
٧. وَلَمْ يَعْلَمِ ٱلشَّعْبُ أَنَّ يُونَاثَانَ قَدْ ذَهَبَ: يبيّن هذا أن يوناثان لم يذهب إلى الحامية الفلسطية (الفلسطينية) مدفوعًا برغبة في مجد شخصي. فلو كان هذا دافعه، لأخبر على الأقل بعض الأشخاص أنه ذاهب.
ب) الآيات (٤- ٥): يجد يوناثان موقعًا إستراتيجيًّا.
٤وَبَيْنَ ٱلْمَعَابِرِ ٱلَّتِي ٱلْتَمَسَ يُونَاثَانُ أَنْ يَعْبُرَهَا إِلَى حَفَظَةِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ سِنُّ صَخْرَةٍ مِنْ هَذِهِ ٱلْجِهَةِ وَسِنُّ صَخْرَةٍ مِنْ تِلْكَ ٱلْجِهَةِ، وَٱسْمُ ٱلْوَاحِدَةِ «بُوصَيْصُ» وَٱسْمُ ٱلْأُخْرَى «سَنَهُ». ٥وَٱلسِّنُّ ٱلْوَاحِدُ عَمُودٌ إِلَى ٱلشِّمَالِ مُقَابِلَ مِخْمَاسَ، وَٱلْآخَرُ إِلَى ٱلْجَنُوبِ مُقَابِلَ جِبْعَ.
١. وَبَيْنَ ٱلْمَعَابِرِ… سِنُّ صَخْرَةٍ مِنْ هَذِهِ ٱلْجِهَةِ وَسِنُّ صَخْرَةٍ مِنْ تِلْكَ ٱلْجِهَةِ: رأى يوناثان وهو في طريقه إلى الحامية الفلسطية موقعًا إسترتيجيًا، ممرًّا ضيقًا عبر صخور حادة على كلا الجانبين. ولا يستطيع كثيرون أن يقاتلوا بسهولة عددًا أكبر في مثل هذا المكان الإستراتيجي.
٢. ٱلْتَمَسَ يُونَاثَانُ أَنْ يَعْبُرَهَا إِلَى حَفَظَةِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ: لو لم يقرر يوناثان: “تَعَالَ نَعْبُرْ إِلَى حَفَظَةِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ ٱلَّذِينَ فِي ذَلِكَ ٱلْعَبْرِ” (١ صموئيل ١٤: ١)، لما وجد هذا المكان الإستراتيجي قط. لقد أرشد الله يوناثان لأنه وثق بالرب بجسارة، وتصرّف بموجب هذه الثقة الجسور.
ج) الآيات (٦-٧): اقتراح يوناثان الجريء.
٦فَقَالَ يُونَاثَانُ لِلْغُلَامِ حَامِلِ سِلَاحِهِ: «تَعَالَ نَعْبُرْ إِلَى صَفِّ هَؤُلَاءِ ٱلْغُلْفِ، لَعَلَّ ٱللهَ يَعْمَلُ مَعَنَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّبِّ مَانِعٌ عَنْ أَنْ يُخَلِّصَ بِٱلْكَثِيرِ أَوْ بِٱلْقَلِيلِ». ٧فَقَالَ لَهُ حَامِلُ سِلَاحِهِ: «ٱعْمَلْ كُلَّ مَا بِقَلْبِكَ. تَقَدَّمْ. هَأَنَذَا مَعَكَ حَسَبَ قَلْبِكَ.
١. لَعَلَّ ٱللهَ يَعْمَلُ مَعَنَا: لم تكن هذه بالنسبة ليوناثان رحلة استكشافية. فقد أراد أن يرى ما يمكن أن يفعله رجلان وثِقا به وانطلقا بجسارة.
عرف يوناثان أن الاحتياج كان عظيمًا. إذ كان العدو يفوقهما عددًا وعُدّة بشكل ساحق.
عرف يوناثان أن الله يريد أن يستخدم شخصًا ما. أراد الملك شاول أن يجلس تحت شجرة رمّان. فكان لا بد من القيام بشيء ما. وكان يوناثان مستعدًّا لأن يدع الرب يستخدمه.
عرف يوناثان أن الله يريد أن يعمل مع شخص. كان بإمكان يوناثان أن يصلي لكي يُنزل الله نارًا على الفلسطيين. لكنه عرف أن الله يستخدم العمل الجسور وروح القتال في شعبه. “ليس الأمر أن يوناثان يعمل مع بعض العون من الله، لكن الرب هو الذي يعمل عن طريق يوناثان.” بلايكي (Blaikie)
٢. لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّبِّ مَانِعٌ عَنْ أَنْ يُخَلِّصَ بِٱلْكَثِيرِ أَوْ بِٱلْقَلِيلِ: كانت هذه شجاعة حكيمة في الله. ربما آمن كثيرون في إسرائيل بهذا كحقيقة لاهوتية. لكن قليلين جدًا آمنوا بهذا بما يكفي للعمل بناء على هذه الحقيقة. وقد أظهر يوناثان إيمانه بأعماله.
لَيْسَ لِلرَّبِّ مَانِعٌ: إن الشيء الوحيد الذي يمنع الله أو يكبحه هو عدم إيماننا (متى ١٣: ٥٨). فلا تُكبَح قوة الله أبدًا، لكن عدم إيماننا يمكن أن يكبح إرادته. فقد يختار الله أن لا يعمل إلا عندما نشترك معه بثقتنا به. فكان لدى الله شريك واثق به في شخص يوناثان.
بِٱلْكَثِيرِ أَوْ بِٱلْقَلِيلِ: كانت الصعاب ضد إسرائيل بالفعل. لكن هل كان يهم إن كان مليون ضد واحد أو ألف ضد واحد؟ فالأعداد أو الصعاب لا تمنع الرب، لكن عدم الإيمان هو الذي يمنعه. لم يقرأ يوناثان قط العهد الجديد، لكنه حفظ رومية ٨: ٣١ عن ظهر قلب: “إن كان الله معنا، فمن علينا؟”
لم يكن ليوناثان ثقة كبيرة بنفسه، لكن كانت ثقته بالرب عظيمة. لم يكن لسان حاله: ’أنا أستطيع أن أحرز نصرًا عظيمًا بعون الرب،‘ بل كان ’يستطيع الرب أن يحرز نصرًا عظيمًا حتى من خلالي.‘
٣. تَقَدَّمْ. هَأَنَذَا مَعَكَ: ربما أثلجت صدر يوناثان كلمات حامل سلاحه كثيرًا. فعندما نتقدم بإيمان، فإن التشجيع يُحْدث فرقًا هائلًا للخير، بينما يمكن أن يُحْدث الإحباط فرقًا هائلًا في الشر.
أراد الله أن يستخدم يوناثان، لكنه لن يستخدمه وحده. فعندما يستخدم الرب رجلًا، فإنه دائمًا تقريبًا يدعو آخرين حوله إلى دعمه ومساعدته. وهم لا يقلّون أهمية عن الرجل الذي يستخدمه الرب في إنجاز عمله.
د ) الآيات (٨-١٠): يقترح يوناثان امتحانًا.
٨فَقَالَ يُونَاثَانُ: “هُوَذَا نَحْنُ نَعْبُرُ إِلَى ٱلْقَوْمِ وَنُظْهِرُ أَنْفُسَنَا لَهُمْ. ٩فَإِنْ قَالُوا لَنَا هَكَذَا: دُومُوا حَتَّى نَصِلَ إِلَيْكُمْ. نَقِفُ فِي مَكَانِنَا وَلَا نَصْعَدُ إِلَيْهِمْ. ١٠وَلَكِنْ إِنْ قَالُوا هَكَذَا: ٱصْعَدُوا إِلَيْنَا. نَصْعَدُ، لِأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ دَفَعَهُمْ لِيَدِنَا، وَهَذِهِ هِيَ ٱلْعَلَامَةُ لَنَا.”
١. (حسن جدًّا) فَقَالَ يُونَاثَانُ: يبيّن هذا أن يوناثان حصل على دعم حامل سلاحه كتثبيت.
٢. وَهَذِهِ هِيَ ٱلْعَلَامَةُ لَنَا: في خطوة الإيمان التي اتخذها يوناثان، أراد أن يعرف إن كان الله هو الذي يقود حقًّا. اقترح امتحانًا يرتكز على استجابة الحراس الفلسطيين.
أظهر يوناثان حكمة، لا عدم إيمان. فحتى هذه النقطة، لم يتصرف حسب كلمة مثبّتة محددة من الله. بل اتبع قلبه الجريء وانطباع قلبه. فكان متواضعًا بما يكفي لمعرفة أن قلبه ربما يكون مخطئًا في ذلك الوقت، ولهذا طلب إرشادًا من الله.
لم يكن هذا مماثلًا لوضع جدعون الجزّة (قضاة ٦: ٣٦-٤٠). إذ حصل جدعون على كلمة مثبّتة محددة من الله ليرشده، وشك في كلمة الله. لكن يوناثان لم يشك في كلمة الله، بل شكَّ في قلبه وفكره.
كان الإيمان هو الذي يحرك يوناثان. وإنه لأمر ذو دلالة أنه لم يطالب بأن يعرف خطة المعركة بأكملها من الله. فكان مستعدًّا لأن يتحرك خطوة فخطوة في كل مرة، تاركًا الله ينفّذ خطته. والإيمان هو الاستعداد لترك الله يعرّفنا بخطته كلها وأن نعرف دورنا خطوة فخطوة في كل مرة.
هـ) الآيات (١١-١٤): يوناثان وحامل سلاحه يهاجمان الفلسطيين.
١١فَأَظْهَرَا أَنْفُسَهُمَا لِصَفِّ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. فَقَالَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ: «هُوَذَا ٱلْعِبْرَانِيُّونَ خَارِجُونَ مِنَ ٱلثُّقُوبِ ٱلَّتِي ٱخْتَبَأُوا فِيهَا». ١٢فَأَجَابَ رِجَالُ ٱلصَّفِّ يُونَاثَانَ وَحَامِلَ سِلَاحِهِ وَقَالُوا: «ٱصْعَدَا إِلَيْنَا فَنُعَلِّمَكُمَا شَيْئًا». فَقَالَ يُونَاثَانُ لِحَامِلِ سِلَاحِهِ: «ٱصْعَدْ وَرَائِي لِأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ دَفَعَهُمْ لِيَدِ إِسْرَائِيلَ». ١٣فَصَعِدَ يُونَاثَانُ عَلَى يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَحَامِلُ سِلَاحِهِ وَرَاءَهُ. فَسَقَطُوا أَمَامَ يُونَاثَانَ، وَكَانَ حَامِلُ سِلَاحِهِ يُقَتِّلُ وَرَاءَهُ. ١٤وَكَانَتِ ٱلضَّرْبَةُ ٱلْأُولَى ٱلَّتِي ضَرَبَهَا يُونَاثَانُ وَحَامِلُ سِلَاحِهِ نَحْوَ عِشْرِينَ رَجُلًا فِي نَحْوِ نِصْفِ تَلَمِ فَدَّانِ أَرْضٍ.
١. هُوَذَا ٱلْعِبْرَانِيُّونَ خَارِجُونَ مِنَ ٱلثُّقُوبِ ٱلَّتِي ٱخْتَبَأُوا فِيهَا: في هذا الوقت من الأزمة، اختبأ الإسرائيليون أينما وجدوا مكانًا للاختباء (١ صموئيل ١٣: ٦). وكان من المعقول أن يظن الفلسطيون أن هذين عبرانيان يريدان الاستسلام لهم، لأنهم اعتقدوا أن هذا سيكون أفضل من الاختباء في حفرة.
٢. ٱصْعَدْ وَرَائِي لِأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ دَفَعَهُمْ لِيَدِ إِسْرَائِيلَ: في هذه اللحظة المثيرة، ثبّت الله ثقة يوناثان الجريئة بهذه العلامة، وعرف أن الله سيفعل شيئًا عظيمًا.
٣. فَصَعِدَ يُونَاثَانُ عَلَى يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَحَامِلُ سِلَاحِهِ وَرَاءَهُ: كان هذا تسلُّقًا صعبًا. فلم يكن يوناثان من النوع الذي يمكن أن يقول: “حسنًا. سيكون القيام بهذا جيدًا، لكن الصخور شديدة الانحدار، وهناك فلسطيون كثيرون فوق. فلنصلِّ بدلًا من ذلك.” إذا أردنا الانتصار فقط، أو إذا أردنا أن يستخدمنا الرب عندما يكون الأمر سهلًا فقط، فلن نرى انتصارًا كثيرًا، ولن نُستخدم كثيرًا.
٤. فَسَقَطُوا أَمَامَ يُونَاثَانَ: عرف يوناثان أن المعركة كانت معركة الرب، غير أنه عرف أن الرب سيستخدمه في القتال, فعندما رأى يوناثان علامة الله التثبيتية، لم يضع سيف جانبًا ويبدأ الصلاة لكي يضربهم الرب جميعًا. لقد صلّى وتأكد من أن سيفه كان حادًّا، واثقًا بأن الرب سيستخدمه في ضربهم.
و ) الآية (١٥): الله يهاجم الفلسطيين.
١٥وَكَانَ ٱرْتِعَادٌ فِي ٱلْمَحَلَّةِ، فِي ٱلْحَقْلِ، وَفِي جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ. ٱلصَّفُّ وَٱلْمُخَرِّبُونَ ٱرْتَعَدُوا هُمْ أَيْضًا، وَرَجَفَتِ ٱلْأَرْضُ فَكَانَ ٱرْتِعَادٌ عَظِيمٌ.
١. وَكَانَ ٱرْتِعَادٌ فِي ٱلْمَحَلَّةِ، فِي ٱلْحَقْلِ، وَفِي جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ: يبدو أن الفلسطيين كانوا تحت إرباك إلهي. إذ استيقظوا في ذلك الصباح وهم يفكرون: ’نحن نتعرض لهجوم من أعداء في وسطنا.‘ وسارعوا إلى الاعتقاد أن رفقاءهم الفلسطيين ربما كانوا الأعداء، فبدأوا يقاتلون بعضهم بعضًا.
لم يكن يهم إن كان الفلسطيون يفوقون الإسرائيليين عددًا وعُدّة (وبأسلحة أفضل). إذ كان الله قادرًا على جعل الفلسطيين يحاربون بعضهم بعضًا. فإن لم تكن لدى الإسرائيليين أية سيوف، فسيستخدم الرب سيوف الفلسطيين ضد أنفسهم.
٢. وَرَجَفَتِ ٱلْأَرْضُ فَكَانَ ٱرْتِعَادٌ عَظِيمٌ: استخدم يوناثان قلبه وسيفه، لكن الله فعل ما لم يكن يستطيع أن يفعله يوناثان – أن يرسل زلزالًا عظيمًا لإرهاب الفلسطيين. وغالبًا ما ننتظر أن يفعل الله ما يمكننا أن نفعله. لكن الله غالبًا ما يصنع معجزات، وهو وحده الذي يستطيع أن يفعل ذلك – إذا فعلنا ما يمكننا أن نفعله.
ز ) الآيات (١٦-١٩): وصول أخبار المعركة إلى شاول.
١٦فَنَظَرَ ٱلْمُرَاقِبُونَ لِشَاوُلَ فِي جِبْعَةِ بَنْيَامِينَ، وَإِذَا بِٱلْجُمْهُورِ قَدْ ذَابَ وَذَهَبُوا مُتَبَدِّدِينَ. ١٧فَقَالَ شَاوُلُ لِلشَّعْبِ ٱلَّذِي مَعَهُ: «عُدُّوا ٱلْآنَ وَٱنْظُرُوا مَنْ ذَهَبَ مِنْ عِنْدِنَا». فَعَدُّوا، وَهُوَذَا يُونَاثَانُ وَحَامِلُ سِلَاحِهِ لَيْسَا مَوْجُودَيْنِ. ١٨فَقَالَ شَاوُلُ لِأَخِيَّا: «قَدِّمْ تَابُوتَ ٱللهِ». لِأَنَّ تَابُوتَ ٱللهِ كَانَ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ مَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ. ١٩وَفِيمَا كَانَ شَاوُلُ يَتَكَلَّمُ بَعْدُ مَعَ ٱلْكَاهِنِ، تَزَايَدَ ٱلضَّجِيجُ ٱلَّذِي فِي مَحَلَّةِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَكَثُرَ. فَقَالَ شَاوُلُ لِلْكَاهِنِ: “كُفَّ يَدَكَ.”
١. وَإِذَا بِٱلْجُمْهُورِ قَدْ ذَابَ: بينما كان حرّاس إسرائيل يراقبون الجيش الفلسطي الضخم، بدأ الجيش في الذوبان وهم يتفرجون.
٢. عُدُّوا ٱلْآنَ وَٱنْظُرُوا مَنْ ذَهَبَ مِنْ عِنْدِنَا: كان هذا عديم الفائدة في تلك اللحظة. إذ كان على شاول أن يذهب ويقاتل الفلسطيين في هذه اللحظة الإستراتيجية. وبدلًا من ذلك، يرجّح أنه كان قلقًا حول من الذي يقود المعركة ومن الذي سيحصل على الفضل.
٣. قَدِّمْ تَابُوتَ ٱللهِ: كان هذا عديم الفائدة في هذه اللحظة أيضًا. يرجّح أن شاول كان يريد أن يبدو روحيًّا هنا، لكن لا يوجد ما يُطلَب الله من أجله. فهنالك وقت للتنحي والصلاة، ويوجد وقت ينبغي فيه أن تستل سيفك وتحارب. فلم يعلم شاول أي وقت هذا.
٤. وَفِيمَا كَانَ شَاوُلُ يَتَكَلَّمُ بَعْدُ مَعَ ٱلْكَاهِنِ، تَزَايَدَ ٱلضَّجِيجُ ٱلَّذِي فِي مَحَلَّةِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَكَثُرَ. فَقَالَ شَاوُلُ لِلْكَاهِنِ: “كُفَّ يَدَكَ.”: في نهاية الأمر، صار ضجيج الله وقتال يوناثان للفلسطيين عاليًا حتى إن شاول عرف أن عليه أن يقاتل. فقال للكاهن: ’كُفَّ يَدَكَ.‘ ويعني هذا أن عليه أن يتوقف عن السعي إلى جواب من الرب عن طريق الأوريم والتميم اللذين كانا في كيس في صُدرة الكاهن.
ح) الآيات (٢٠-٢٣): شاول يشترك في القتال، ويتمّ إحراز انتصار عظيم.
٢٠وَصَاحَ شَاوُلُ وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِي مَعَهُ وَجَاءُوا إِلَى ٱلْحَرْبِ، وَإِذَا بِسَيْفِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ. ٱضْطِرَابٌ عَظِيمٌ جِدًّا. ٢١وَٱلْعِبْرَانِيُّونَ ٱلَّذِينَ كَانُوا مَعَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ مُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ، ٱلَّذِينَ صَعِدُوا مَعَهُمْ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ مِنْ حَوَالَيْهِمْ، صَارُوا هُمْ أَيْضًا مَعَ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ مَعَ شَاوُلَ وَيُونَاثَانَ. ٢٢وَسَمِعَ جَمِيعُ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ ٱخْتَبَأُوا فِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ أَنَّ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ هَرَبُوا، فَشَدُّوا هُمْ أَيْضًا وَرَاءَهُمْ فِي ٱلْحَرْبِ. ٢٣فَخَلَّصَ ٱلرَّبُّ إِسْرَائِيلَ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ. وَعَبَرَتِ ٱلْحَرْبُ إِلَى بَيْتِ آوِنَ.
١. وَجَاءُوا إِلَى ٱلْحَرْبِ: كان شاول قائد إسرائيل، لكنه أخذ وقتًا طويلًا ليبدأ القيادة. وهو الآن يتبع الله ويوناثان في المعركة.
٢. وَٱلْعِبْرَانِيُّونَ ٱلَّذِينَ كَانُوا مَعَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ مُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ… صَارُوا هُمْ أَيْضًا مَعَ إِسْرَائِيلَ: يبدو أنه كان لدى كثيرين نفس شعور عدم الأمان الذي كان لدى شاول. ربما كان هؤلاء العبرانيون الذين كانوا عبيدًا للفلسطيين يبغضون أسيادهم، لكنهم خافوا أن يقفوا موقف الأحرار في الرب. فلم يخرجوا لعون إسرائيل إلا بعد أن حُسمت المعركة بانتصار إسرائيل.
٣. فَخَلَّصَ ٱلرَّبُّ إِسْرَائِيلَ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ: لقد استخدم الرب يوناثان حقًّا، لكنه لم يكن انتصار يوناثان، بل كان انتصار الرب. وكان الله ينتظر شخصًا كيوناثان الذي يتمتع بثقة جسور.
ثانيًا. قسَمُ شاول الأحمق وعواقبه
أ ) الآية (٢٤): شاول يُلزم جيش إسرائيل تحت قَسَم.
٢٤وَضَنُكَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ، لِأَنَّ شَاوُلَ حَلَّفَ ٱلشَّعْبَ قَائِلًا: «مَلْعُونٌ ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي يَأْكُلُ خُبْزًا إِلَى ٱلْمَسَاءِ حَتَّى أَنْتَقِمَ مِنْ أَعْدَائِي». فَلَمْ يَذُقْ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ خُبْزًا.
١. شَاوُلَ حَلَّفَ ٱلشَّعْبَ: كان يوناثان قد وجّه بثقته الجريئة ضربة إلى الفلسطيين. والآن، كانت مهمة جيش إسرائيل بقيادة شاول أن ينهي المهمة بضرب فلول الجيش الفلسطي. وفي يوم المعركة هذا، أعلن شاول لعنة: مَلْعُونٌ ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي يَأْكُلُ خُبْزًا إِلَى ٱلْمَسَاءِ حَتَّى أَنْتَقِمَ مِنْ أَعْدَائِي.
قد يبدو هذا على السطح روحيًّا للغاية. “دعنا نخصص هذا اليوم للصوم للرب. نحن نريد أن نقوم بعمل عظيم. ولهذا ينبغي أن نصوم اليوم. وسأعزز هذا بين الشعب كله بلعنة.”
٢. حَتَّى أَنْتَقِمَ مِنْ أَعْدَائِي: يبيّن هذا أن منظور شاول كان خطأ. لقد ألزم جيش إسرائيل بقسم لكي ينتقم من أعدائه. فإذا كان يَعُد المعركة معركته، كان عليه أن يصوم وحده. لقد أظهر شاول، حتى وهو يقوم بشيء روحي مثل الصوم، أن تركيزه منصب على نفسه، لا على الرب.
ومن خلال هذه اللعنة، أرجع اللعنة إلى نفسه. وفي ذلك اليوم لن يفكر أحد كثيرًا في يوناثان، لأن جوعهم سيذكّرهم دائمًا بلعنة شاول.
٣. مَلْعُونٌ ٱلرَّجُلُ: يبيّن هذا أن إحساس شاول بالسلطة كان خطأ. إذ لم تكن لديه السلطة لإعلان مثل هذه اللعنة، لأنه لم يكن القائد الروحي للأمة. فإن كان لا بد من إعلان مثل هذا الصوم، فإن لصموئيل السلطة الروحية لفعل هذا، لا شاول.
يبيّن هذا أيضًا أن العقوبة التي أعلنها شاول خطأ. ومن المؤكد أن من الصعب القول ’مَلْعُونٌ ٱلرَّجُلُ.‘ ولو أراد شاول أن يدعو الشعب إلى صوم تطوعي، فهذا أمر. كان بإمكانه أن يقول: ’أنا صائم اليوم للرب. فإذا أراد أحد أن ينضم إليّ، فإنه مرحَّب به.‘ لكن بدلًا من أن يقود الشعب بمثاله بدعوة جيش إسرائيل إلى اتِّباعه، وضع الشعب تحت قسم لا ضرورة له.
٤. وَضَنُكَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ: يبيّن هذا أن النتيجة بين جيش إسرائيل كانت خطأ. فمهما كان دافع صموئيل، فإنه كان أحمق. فبينما كان يفترض أن تكون الروح المعنوية للجيش عالية وحالته الجسدية قوية، كان الجيش محبطًا وضعيفًا.
لا يوجد خطأ في الصوم في حد ذاته. لكن لم يكن ذلك اليوم مناسبًا له. فكان يومًا ملائمًا لصوم شاول، لكن ليس يومًا للصوم للرب.
ب) الآيات (٢٥-٣٠): خالف يوناثان هذا القسم بغير عِلم، وأُعْلِم بإساءته.
٢٥وَجَاءَ كُلُّ ٱلشَّعْبِ إِلَى ٱلْوَعْرِ وَكَانَ عَسَلٌ عَلَى وَجْهِ ٱلْحَقْلِ. ٢٦وَلَمَّا دَخَلَ ٱلشَّعْبُ ٱلْوَعْرَ إِذَا بِٱلْعَسَلِ يَقْطُرُ وَلَمْ يَمُدَّ أَحَدٌ يَدَهُ إِلَى فِيهِ، لِأَنَّ ٱلشَّعْبَ خَافَ مِنَ ٱلْقَسَمِ. ٢٧وَأَمَّا يُونَاثَانُ فَلَمْ يَسْمَعْ عِنْدَمَا ٱسْتَحْلَفَ أَبُوهُ ٱلشَّعْبَ، فَمَدَّ طَرَفَ ٱلنُّشَّابَةِ ٱلَّتِي بِيَدِهِ وَغَمَسَهُ فِي قَطْرِ ٱلْعَسَلِ وَرَدَّ يَدَهُ إِلَى فِيهِ فَٱسْتَنَارَتْ عَيْنَاهُ. ٢٨فَأَجَابَ وَاحِدٌ مِنَ ٱلشَّعْبِ وَقَالَ: «قَدْ حَلَّفَ أَبُوكَ ٱلشَّعْبَ حَلْفًا قَائِلًا: مَلْعُونٌ ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي يَأْكُلُ خُبْزًا ٱلْيَوْمَ. فَأَعْيَا ٱلشَّعْبُ». ٢٩فَقَالَ يُونَاثَانُ: «قَدْ كَدَّرَ أَبِي ٱلْأَرْضَ. اُنْظُرُوا كَيْفَ ٱسْتَنَارَتْ عَيْنَايَ لِأَنِّي ذُقْتُ قَلِيلًا مِنْ هَذَا ٱلْعَسَلِ. ٣٠فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ لَوْ أَكَلَ ٱلْيَوْمَ ٱلشَّعْبُ مِنْ غَنِيمَةِ أَعْدَائِهِمِ ٱلَّتِي وَجَدُوا؟ أَمَا كَانَتِ ٱلْآنَ ضَرْبَةٌ أَعْظَمُ عَلَى ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ.
١. وَكَانَ عَسَلٌ عَلَى وَجْهِ ٱلْحَقْلِ: كان هذا تدبيرًا من الله. كان الجيش الإسرائيلي حريصًا على مطاردة الفلسطيين الفارّين. وكان الجنود الإسرائيليون منهكين وجائعين، واحتاجوا إلى طاقة للاستمرار في المطاردة وإنهاء المعركة. فقدّم الله عسلًا على وجه الحقول.
“إن عمليات تطهير جيوب العدو بعد الهزيمة أمر مهم للغاية إذا أردنا أن نجني أقصى فائدة من الانتصار. لكن مطاردة العدو تضمنت رحلة منهكة متواصلة فوق جبال شديدة الانحدار لساعات متتالية.” بولدوين (Baldwin)
٢. وَلَمْ يَمُدَّ أَحَدٌ يَدَهُ إِلَى فِيهِ، لِأَنَّ ٱلشَّعْبَ خَافَ مِنَ ٱلْقَسَمِ: رأى هؤلاء الجنود العسل وهو يقطر أمام عيونهم. غير أن قسم شاول منعهم من مد أياديهم إلى ما وضعه الله أمامهم مباشرة.
٣. وَأَمَّا يُونَاثَانُ فَلَمْ يَسْمَعْ عِنْدَمَا ٱسْتَحْلَفَ أَبُوهُ ٱلشَّعْبَ: ولهذا أكل يوناثان من العسل. وفورًا، انتعش هذا الجندي المتعب، فأشرق وجهه، ولمعت عيناه. لقد احتاج إلى الطاقة اللازمة للقتال. وها هي موجودة وفّرها الرب.
٤. قَدْ كَدَّرَ أَبِي ٱلْأَرْضَ: ربما لم يكن مفترَضًا أن يقول يوناثان هذا. فربما كان بكلامه هذا يقوّض سلطة أبيه أمام القوات. فإذا كان لديه شيء ليقوله، كان أفضل أن يقوله لأبيه مباشرة. ورغم هذا كله، كان يوناثان على حق.
لقد كدّر الملك شاول الأرض فعلًا بأمره الروحي الزائف بالصوم. وبسبب هذا الأمر، خارَ الرجال في يوم كان ينبغي أن يكونوا فيه أقوياء. لكنهم كانوا ضعفاء ومشتتي الانتباه، بينما تضاءل الانتصار.
ج) الآيات (٣١-٣٥): جنود إسرائيل يخطئون بسبب أمر شاول الأحمق.
٣١فَضَرَبُوا فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ مِنْ مِخْمَاسَ إِلَى أَيَّلُونَ. وَأَعْيَا ٱلشَّعْبُ جِدًّا. ٣٢وَثَارَ ٱلشَّعْبُ عَلَى ٱلْغَنِيمَةِ، فَأَخَذُوا غَنَمًا وَبَقَرًا وَعُجُولًا، وَذَبَحُوا عَلَى ٱلْأَرْضِ وَأَكَلَ ٱلشَّعْبُ عَلَى ٱلدَّمِ. ٣٣فَأَخْبَرُوا شَاوُلَ قَائِلِينَ: «هُوَذَا ٱلشَّعْبُ يُخْطِئُ إِلَى ٱلرَّبِّ بِأَكْلِهِ عَلَى ٱلدَّمِ». فَقَالَ: «قَدْ غَدَرْتُمْ. دَحْرِجُوا إِلَيَّ ٱلْآنَ حَجَرًا كَبِيرًا». ٣٤وَقَالَ شَاوُلُ: «تَفَرَّقُوا بَيْنَ ٱلشَّعْبِ وَقُولُوا لَهُمْ أَنْ يُقَدِّمُوا إِلَيَّ كُلُّ وَاحِدٍ ثَوْرَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ شَاتَهُ، وَٱذْبَحُوا هَهُنَا وَكُلُوا وَلَا تُخْطِئُوا إِلَى ٱلرَّبِّ بِأَكْلِكُمْ مَعَ ٱلدَّمِ». فَقَدَّمَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ كُلُّ وَاحِدٍ ثَوْرَهُ بِيَدِهِ فِي تِلْكَ ٱللَّيْلَةِ وَذَبَحُوا هُنَاكَ. ٣٥وَبَنَى شَاوُلُ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ. ٱلَّذِي شَرَعَ بِبُنْيَانِهِ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ.
١. وَثَارَ ٱلشَّعْبُ عَلَى ٱلْغَنِيمَةِ، وَأَكَلَ ٱلشَّعْبُ عَلَى ٱلدَّمِ: أمر الله إسرائيل على نحو محدد بأن يجففوا دم الحيوان قبل أكله (تثنية ١٢: ٢٣-٢٥). وفي يوم المعركة هذا، وبسبب أمر شاول الأحمق، جاع الشعب جدًّا لدرجة أنهم خالفوا هذه الوصية. فقد قادتهم طاعتهم لشاول إلى عصيان أمر الله المعلن بوضوح. فكانت هذه نتيجة الناموسية.
غالبًا ما نعتقد أن الشرائع الناموسية ستمنع الناس من الخطية. وفي واقع الأمر، فإن النقيض هو الصحيح. فالشرائع الناموسية تقود إلى الخطية، لأنها إما أن تستفز تمرُّدنا أو لأنها تؤدي إلى كبرياء ناموسية.
٢. غدرتم: لام شاول الشعب على ما كان في الواقع خطأه. إذ ما كان عليه أن يصدر هذا الأمر الأحمق. وقد استفز أمْره الشعب إلى الخطية.
٣. وَٱذْبَحُوا هَهُنَا وَكُلُوا وَلَا تُخْطِئُوا إِلَى ٱلرَّبِّ بِأَكْلِكُمْ مَعَ ٱلدَّمِ: أقام شاول صخرة لذبح الحيوانات بشكل ملائم. وبنى أيضًا مذبحًا للرب. وعلى الأقل، فعل شاول شيئًا صائبًا بعد أن فعل ما هو خطأ.
د ) الآيات (٣٦-٣٩): استجابة لصمت الله، يقسم شاول قسمًا أحمق آخر.
٣٦وَقَالَ شَاوُلُ: «لِنَنْزِلْ وَرَاءَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ لَيْلًا وَنَنْهَبْهُمْ إِلَى ضَوْءِ ٱلصَّبَاحِ وَلَا نُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا». فَقَالُوا: «ٱفْعَلْ كُلَّ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ». وَقَالَ ٱلْكَاهِنُ: «لِنَتَقَدَّمْ هُنَا إِلَى ٱللهِ». ٣٧فَسَأَلَ شَاوُلُ ٱللهَ: «أَأَنْحَدِرُ وَرَاءَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ؟ أَتَدْفَعُهُمْ لِيَدِ إِسْرَائِيلَ؟» فَلَمْ يُجِبْهُ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ. ٣٨فَقَالَ شَاوُلُ: «تَقَدَّمُوا إِلَى هُنَا يَا جَمِيعَ وُجُوهِ ٱلشَّعْبِ، وَٱعْلَمُوا وَٱنْظُرُوا بِمَاذَا كَانَتْ هَذِهِ ٱلْخَطِيَّةُ ٱلْيَوْمَ. ٣٩لِأَنَّهُ حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ مُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ، وَلَوْ كَانَتْ فِي يُونَاثَانَ ٱبْنِي فَإِنَّهُ يَمُوتُ مَوْتًا». وَلَمْ يَكُنْ مَنْ يُجِيبُهُ مِنْ كُلِّ ٱلشَّعْبِ.
١. فَسَأَلَ شَاوُلُ ٱللهَ: كان هذا أمرًا حسنًا. إذ كان على شاول أن يطلب مشورة الرب. ولا ينبغي التفكير أن كل ما فعله شاول كان خطأ أمام الرب.
٢. فَلَمْ يُجِبْهُ (الله) فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ: سأل شاول الرب من خلال الكاهن. ومن المرجح أن الكاهن استخدم الأوريم والتميم للاستفسار من الرب.
يُذكر استخدام أداتي الأوريم والتميم لتمييز إرادة الرب في عدة مواضع (خروج ٢٨: ٣٠؛ عدد ٢٧: ٢١؛ ١ صموئيل ٢٨: ٦؛ عزرا ٢: ٦٣؛ نحميا ٧: ٦٥). وربما يوجد تضمين باستخدامهما في مواضع سألت فيها إسرائيل الرب (قضاة ١: ١؛ قضاة ٢٠: ١٨، ٢٣).
تعني أوريم ’الأنوار‘ وتعني ’التميم‘ الكمالات. ولسنا متأكدين ما هما أو كيفية استخدامهما. ويُعتقد معظمهم أنهما زوجان من الحجارة، أحدهما فاتح اللون والآخر غامقه. وكان كل منهما يشير إلى ’نعم‘ أو ’لا‘ من الله. فكان رئيس الكهنة يطرح سؤالًا على الله، ثم يمد يده إلى الصدرة ويسحب الجواب إما ’نعم‘ أو ’لا.‘
وفي هذه المرّة، ربما بدأ الكاهن بالاستفسار من الرب بهذا السؤال: ’يا رب، هل تريد أن تكلّمنا اليوم؟‘ لأنه يقال لنا ’لَمْ يُجِبْهُ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ،‘ وظل يسحب الحجر الذي يشير إلى ’لا.‘
٣. حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ مُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ، وَلَوْ كَانَتْ فِي يُونَاثَانَ ٱبْنِي فَإِنَّهُ يَمُوتُ مَوْتًا: يبيّن هذا مدى ثقة شاول بأنه كان على حق. إذ كان على يقين حتى إنه أقسم قسمًا آخر.
وبطبيعة الحال، لو أن شاول عرف أن يوناثان هو الذي انتهك قَسَمه، لما قال هذا قط. لكنه أُمسِك به متلبّسًا في كونه ’على حق‘ حتى إنه أضاف هذا النذر الأحمق إلى أمره الأحمق السابق.
كان شاول ماهرًا في إطلاق نذور ووعود دينية، لكن هذا لم يعنِ الكثير، لأنه لم يكن لديه قلب ’ماهر‘ يطلب الرب. ولم يكن ماهرًا في حفظ الوعود والنذور التي كان يقدمها.
“يا لهذا الانحراف الغريب! هذا الرجل الذي كان متساهلًا جدًّا إلى درجة أنه عفا عن الملك أجاج (الإصحاح ١٥) قاسٍ إلى درجة أنه مستعد للقضاء على ابنه الجدير.” بول (Poole)
٤. وَلَمْ يَكُنْ مَنْ يُجِيبُهُ مِنْ كُلِّ ٱلشَّعْبِ: عرف الشعب أن يوناثان أكل من العسل. ولا بد أن الحكم الذي فرضه يوناثان على أي شخص أكل شيئًا في ذلك اليوم تَسَبّب في قشعريرة في ظهورهم. فكلهم كانوا يحبون يوناثان ويحترمونه، وعرفوا أن شاول كان مخطئًا.
هـ) الآيات (٤٠-٤٤): القُرعة تجرّم يوناثان.
٤٠فَقَالَ لِجَمِيعِ إِسْرَائِيلَ: «أَنْتُمْ تَكُونُونَ فِي جَانِبٍ وَأَنَا وَيُونَاثَانُ ٱبْنِي فِي جَانِبٍ». فَقَالَ ٱلشَّعْبُ لِشَاوُلَ: «ٱصْنَعْ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ». ٤١وَقَالَ شَاوُلُ لِلرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ: «هَبْ صِدْقًا». فَأُخِذَ يُونَاثَانُ وَشَاوُلُ، أَمَّا ٱلشَّعْبُ فَخَرَجُوا. ٤٢فَقَالَ شَاوُلُ: «أَلْقُوا بَيْنِي وَبَيْنَ يُونَاثَانَ ٱبْنِي. فَأُخِذَ يُونَاثَانُ». ٤٣فَقَالَ شَاوُلُ لِيُونَاثَانَ: «أَخْبِرْنِي مَاذَا فَعَلْتَ». فَأَخْبَرَهُ يُونَاثَانُ وَقَالَ: «ذُقْتُ ذَوْقًا بِطَرَفِ ٱلنُّشَّابَةِ ٱلَّتِي بِيَدِي قَلِيلَ عَسَلٍ. فَهَأَنَذَا أَمُوتُ». ٤٤فَقَالَ شَاوُلُ: «هَكَذَا يَفْعَلُ ٱللهُ وَهَكَذَا يَزِيدُ إِنَّكَ مَوْتًا تَمُوتُ يَا يُونَاثَان.”
١. فَأُخِذَ يُونَاثَانُ وَشَاوُلُ، أَمَّا ٱلشَّعْبُ فَخَرَجُوا (نجوا): أراد شاول أن يعرف هوية المسيء بإلقاء القرعة بإلقاء شيء ’منخفض‘ و’عالٍ‘ مثل النرد. فاستمرت العملية في تضييق المجموعة المختارة إلى أن وجدوا المذنب. فتمت القرعة بين مجموعتين، وهما الشعب من جهة وشاول وابنه يوناثان من جهة أخرى. ويمكنك أن تتخيّل صدمة شاول عندما أشارت القرعة إلى أنه وابنه يوناثان هما المجموعة المذنبة.
’هَبْ صِدْقًا‘ أو ’القرعة الكاملة‘ بالعبرية قريبة جدًا من كلمة ’التميم.‘ ويرجّح أنه استخدم الأوريم والتميم كطريقة لإلقاء القرعة.
٢. فَأُخِذَ يُونَاثَانُ: صُدم شاول. وأعلن حكمًا على من أكل في انتهاك لنذره القسري. وبدلًا من أن يعترف بأن أمره وحكم الموت كانا حماقة، قسّى حماقته معلنًا: هَكَذَا يَفْعَلُ ٱللهُ وَهَكَذَا يَزِيدُ إِنَّكَ مَوْتًا تَمُوتُ يَا يُونَاثَان.
كان شاول مستعدًّا لأن يقتل ابنه بدلًا من أن يعترف بتواضع أنه المخطئ. لقد بدأ كرجل متواضع (١ صموئيل ١٠: ٢١)، لكن كبرياءه تغلّبت على ما كان تواضعًا مثيرًا للإعجاب ذات يوم.
و ) الآيات (٤٥-٤٦): الشعب ينقذ يوناثان من الموت.
٤٥فَقَالَ ٱلشَّعْبُ لِشَاوُلَ: «أَيَمُوتُ يُونَاثَانُ ٱلَّذِي صَنَعَ هَذَا ٱلْخَلَاصَ ٱلْعَظِيمَ فِي إِسْرَائِيلَ؟ حَاشَا! حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ، لَا تَسْقُطُ شَعْرَةٌ مِنْ رَأْسِهِ إِلَى ٱلْأَرْضِ لِأَنَّهُ مَعَ ٱللهِ عَمِلَ هَذَا ٱلْيَوْمَ». فَٱفْتَدَى ٱلشَّعْبُ يُونَاثَانَ فَلَمْ يَمُتْ. ٤٦فَصَعِدَ شَاوُلُ مِنْ وَرَاءِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَذَهَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ إِلَى مَكَانِهِمْ.
١. حَاشَا! حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ، لَا تَسْقُطُ شَعْرَةٌ مِنْ رَأْسِهِ إِلَى ٱلْأَرْضِ لِأَنَّهُ مَعَ ٱللهِ عَمِلَ هَذَا ٱلْيَوْمَ: إنه لأمر مفرح أن الشعب تصدّوا لحماقة شاول. فلن يسمحوا بإعدام يوناثان. فقد عرفوا أن يوناثان عمل مع الرب في ذلك اليوم، لا ضدّه.
كانت هنالك ما لا يقل عن ثلاثة أسباب تشرح صواب العفو عن يوناثان رغم أنه انتهك القسم. أولًا، كان القسم مع العقوبة المفروضة على كاسره سيئًا. ولا ينبغي فرض قوانين حمقاء. ثانيًا، انتهك يوناثان القسم في جهل. وأخيرًا، كانت مصادقة الله واضحة من بركته العظيمة على يوناثان لِأَنَّهُ مَعَ ٱللهِ عَمِلَ هَذَا ٱلْيَوْمَ.
كان لإيمان يوناثان الجسور بالله علاقة بالنصر في ذلك اليوم أكثر من قَسَم شاول الأحمق.
٢. وَذَهَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ إِلَى مَكَانِهِمْ: التضمين في هذه العبارة أن الانتصار كان يمكن أن يكون أعظم لولا قسم شاول الأحمق.
ز ) الآيات (٤٧-٥٢): حروب شاول الكثيرة وعائلته.
٤٧وَأَخَذَ شَاوُلُ ٱلْمُلْكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَحَارَبَ جَمِيعَ أَعْدَائِهِ حَوَالَيْهِ: مُوآبَ وَبَنِي عَمُّونَ وَأَدُومَ وَمُلُوكَ صُوبَةَ وَٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَحَيْثُمَا تَوَجَّهَ غَلَبَ. ٤٨وَفَعَلَ بِبَأْسٍ وَضَرَبَ عَمَالِيقَ، وَأَنْقَذَ إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ نَاهِبِيهِ. ٤٩وكَانَ بَنُو شَاوُلَ: يُونَاثَانَ وَيَشْوِيَ وَمَلْكِيشُوعَ، وَٱسْمَا ٱبْنَتَيْهِ: ٱسْمُ ٱلْبِكْرِ مَيْرَبُ وَٱسْمُ ٱلصَّغِيرَةِ مِيكَالُ. ٥٠وَٱسْمُ ٱمْرَأَةِ شَاوُلَ أَخِينُوعَمُ بِنْتُ أَخِيمَعَصَ، وَٱسْمُ رَئِيسِ جَيْشِهِ أَبِينَيْرُ بْنُ نَيْرَ عَمِّ شَاوُلَ. ٥١وَقَيْسُ أَبُو شَاوُلَ وَنَيْرُ أَبُو أَبْنَيْرَ ٱبْنَا أَبِيئِيلَ. ٥٢وَكَانَتْ حَرْبٌ شَدِيدَةٌ عَلَى ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ كُلَّ أَيَّامِ شَاوُلَ. وَإِذَا رَأَى شَاوُلُ رَجُلًا جَبَّارًا أَوْ ذَا بَأْسٍ ضَمَّهُ إِلَى نَفْسِهِ.
١. وَأَخَذَ (سيطر) شَاوُلُ ٱلْمُلْكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ: يتعلق هذا النص الأخير في هذا الإصحاح بقوة شاول، حيث فرض سيادته على إسرائيل بقوته، وحارب معارك كثيرة ناجحة. وكانت لديه عائلة ضخمة متنفّذة. ونمت قوة جيش شاول (وَإِذَا رَأَى شَاوُلُ رَجُلًا جَبَّارًا أَوْ ذَا بَأْسٍ ضَمَّهُ إِلَى نَفْسِهِ). فكانت قوة شاول واسعة تغطي مجالات كثيرة.
“يُغفل ذِكر اسم أحد أبناء شاول، وهو إيشبوشث، لأن المقصود هنا ذِكر أبنائه الذين رافقوه في معاركه وسيُقتلون معه.” بوله (Poole)