أخبار الأيام الثاني – الإصحاح ٦
صلاة سليمان في تدشين (تكريس) الهيكل
أولًا. سليمان يبارك الله
أ ) الآيات (١-٢): الإقرار بوجود الله في السحابة.
١حِينَئِذٍ قَالَ سُلَيْمَانُ: «قَالَ الرَّبُّ إِنَّهُ يَسْكُنُ فِي الضَّبَابِ. ٢وَأَنَا بَنَيْتُ لَكَ بَيْتَ سُكْنَى مَكَانًا لِسُكْنَاكَ إِلَى الأَبَدِ».
١. حِينَئِذٍ قَالَ سُلَيْمَانُ: «قَالَ الرَّبُّ إِنَّهُ يَسْكُنُ فِي الضَّبَابِ»: إن ارتباط مجد الله بحضوره ارتباط قديم.
٢. وَأَنَا بَنَيْتُ لَكَ بَيْتَ سُكْنَى مَكَانًا لِسُكْنَاكَ إِلَى ٱلْأَبَدِ: شعر سليمان بأن وجود السحابة عنت أن الله سكن الهيكل بطريقة خاصة. وطالما لم ينزلق هذا إلى سوء فهم خرافي، كان أمرًا جيدًا أن ندرك أن الهيكل كان مكانًا خاصًّا يأتي فيه المرء ليلتقي الله.
• “رغم أن يسوع هو الله المتجسد، إلا أن الهيكل كان علامة على أن الله في كينونته كان ملتزمًا بالسكنى بين شعبه.” سيلمان (Selman)
ب) الآيات (٣-٩): سليمان يبارك الشعب ويبارك الله.
٣وَحَوَّلَ الْمَلِكُ وَجْهَهُ وَبَارَكَ كُلَّ جُمْهُورِ إِسْرَائِيلَ، وَكُلَّ جُمْهُورِ إِسْرَائِيلَ وَاقِفٌ. ٤وَقَالَ: «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي كَلَّمَ بِفَمِهِ دَاوُدَ أَبِي وَأَكْمَلَ بِيَدَيْهِ قَائِلاً: ٥مُنْذُ يَوْمَ أَخْرَجْتُ شَعْبِي مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لَمْ أَخْتَرْ مَدِينَةً مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ لِبِنَاءِ بَيْتٍ لِيَكُونَ اسْمِي هُنَاكَ، وَلاَ اخْتَرْتُ رَجُلاً يَكُونُ رَئِيسًا لِشَعْبِي إِسْرَائِيلَ. ٦بَلِ اخْتَرْتُ أُورُشَلِيمَ لِيَكُونَ اسْمِي فِيهَا، وَاخْتَرْتُ دَاوُدَ لِيَكُونَ عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. ٧وَكَانَ فِي قَلْبِ دَاوُدَ أَبِي أَنْ يَبْنِيَ بَيْتًا لاسْمِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ، ٨فَقَالَ الرَّبُّ لِدَاوُدَ أَبِي: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ فِي قَلْبِكَ أَنْ تَبْنِيَ بَيْتًا لاسْمِي، قَدْ أَحْسَنْتَ بِكَوْنِ ذلِكَ فِي قَلْبِكَ. ٩إِلاَّ أَنَّكَ أَنْتَ لاَ تَبْنِي الْبَيْتَ، بَلِ ابْنُكَ الْخَارِجُ مِنْ صُلْبِكَ هُوَ يَبْنِي الْبَيْتَ لاسْمِي.
١. ٱلَّذِي كَلَّمَ بِفَمِهِ دَاوُدَ أَبِي وَأَكْمَلَ بِيَدَيْهِ: أدرك سليمان أن الهيكل كان تحقيقًا لخطة الله، لا خطة داود أو خطة سليمان. فكان داود وسليمان مجرد أداتين، لكن العمل كان عمل الله.
• “يعني ذِكر يدي الله (وَأَكْمَلَ بِيَدَيْهِ) أن أعمال الله ثبّتت كلامه – كما لو أن يدي الله غير المنظورتين كانتا نشطتين في كل الأيادي البشرية التي أسهمت في عمل البناء (انظر ١ أخبار الأيام ٢٩: ١٦).” سيلمان (Selman)
٢. مِنْ أَرْضِ مِصْرَ: يلح سليمان على ذكرى الخروج. فرغم أن الخروج حدث قبل حوالي ٥٠٠ سنة، إلا أنه ما زال مهمًّا وحقيقيًّا لشعب إسرائيل مثل اليوم الذي حدث فيه.
٣. إِلَّا أَنَّكَ أَنْتَ لَا تَبْنِي ٱلْبَيْتَ: رغم أن سليمان، لا داود، هو الذي بنى الهيكل، إلا أننا نتذكر التحضيرات الهائلة التي قام بها داود للهيكل. فقد أعد بكل طريقة ممكنة للتحضير لبناء الهيكل، وفعل كل شيء تقريبًا ما عدا البناء الفعلي للهيكل. وكان سعيدًا بأن يُنسب فضل بناء الهيكل وشرفه إلى ابنه سليمان.
• “سيثبّت هذا أن عدم أهلية داود في بناء الهيكل لم يكن بسبب الخطية، لكن لأنه يتوجب النظر إلى تصور راحة الله كمرحلة فريدة ونهائية في بناء الهيكل.” سيلمان (Selman)
ج) الآيات (١٠-١١): سليمان يقدّم الهيكل المكتمل لله.
١٠وَأَقَامَ الرَّبُّ كَلاَمَهُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ، وَقَدْ قُمْتُ أَنَا مَكَانَ دَاوُدَ أَبِي، وَجَلَسْتُ عَلَى كُرْسِيِّ إِسْرَائِيلَ كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ، وَبَنَيْتُ الْبَيْتَ لاسْمِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ. ١١وَوَضَعْتُ هُنَاكَ التَّابُوتَ الَّذِي فِيهِ عَهْدُ الرَّبِّ الَّذِي قَطَعَهُ مَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ».
١. وَقَدْ قُمْتُ أَنَا مَكَانَ دَاوُدَ أَبِي، وَجَلَسْتُ عَلَى كُرْسِيِّ إِسْرَائِيلَ كَمَا تَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ: أدرك سليمان أن خلافته لأبيه داود على العرش أمر ذو دِلالة. إذ كان أول ملك في إسرائيل ورث المُلك عن أبيه.
٢. وَوَضَعْتُ هُنَاكَ ٱلتَّابُوتَ ٱلَّذِي فِيهِ عَهْدُ ٱلرَّبِّ: كان المجد الرئيسي للهيكل هو أنه كان مكان راحة لتابوت العهد وتمثيل لحضور الله مع شعب عهده.
ثانيًا. صلاة سليمان
أ ) الآيات (١٢-١٤): التواضع والتسبيح أمام الرب.
١٢وَوَقَفَ أَمَامَ مَذْبَحِ الرَّبِّ تُجَاهَ كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ وَبَسَطَ يَدَيْهِ. ١٣لأَنَّ سُلَيْمَانَ صَنَعَ مِنْبَرًا مِنْ نُحَاسٍ وَجَعَلَهُ فِي وَسَطِ الدَّارِ، طُولُهُ خَمْسُ أَذْرُعٍ وَعَرْضُهُ خَمْسُ أَذْرُعٍ وَارْتِفَاعُهُ ثَلاَثُ أَذْرُعٍ، وَوَقَفَ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ تُجَاهَ كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ وَبَسَطَ يَدَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ، ١٤وَقَالَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، لاَ إِلهَ مِثْلُكَ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، حَافِظُ الْعَهْدِ وَالرَّحْمَةِ لِعَبِيدِكَ السَّائِرِينَ أَمَامَكَ بِكُلِّ قُلُوبِهِمُ.
١. وَوَقَفَ أَمَامَ مَذْبَحِ ٱلرَّبِّ: لم يدشّنْ (يكرّس) سليمان الهيكل وهو داخله. إذ سيكون هذا غير ملائم له أن يفعله، كونه ملكًا لا كاهنًا. إذ كان القدس وقدس الأقداس مخصصين لنسل رئيس الكهنة فقط.
٢. وَبَسَطَ يَدَيْهِ: كانت هذه هي الوضعية الجسمية الأكثر شيوعًا للصلاة في العهد القديم. وفي عصرنا الحاضر، يغلق كثيرون عيونهم ويحنون رؤوسهم ويطوون أيديهم أثناء الصلاة. لكن التقليد في العهد القديم هو أن يمد المرء يده نحو السماء في بادرة استسلام وانفتاح واستقبال جاهز.
• “من الجدير بالملاحظة أن هذه الصلاة كاملة وشاملة، كما لو أنها يفترض أن تكون ملخّصًا لجميع الصلوات المستقبلية المقدمة في الهيكل.” سبيرجن (Spurgeon)
• “وفضلًا عن ذلك، يُذهل المرء لحقيقة أن لغة الصلاة بعيدة كل البعد عن كونها جديدة، وأنها ممتلئة باقتباسات من أسفار موسى الخمسة، وفي بعض الحالات كان الاقتباس كلمة فكلمة، بينما يمكن العثور على معنى الكل في نصوص لا تُنسى من سفري اللاويين والتثنية.” سبيرجن (Spurgeon)
٣. لَا إِلَهَ مِثْلُكَ فِي ٱلسَّمَاءِ وَٱلْأَرْضِ: أقر سليمان بأن الله فريد تمامًا. فلا يمكن أن تقارَن به آلهة الأمم المزعومة بأيّة طريقة من الطرق.
ب) الآيات (١٥-١٧): أقرّ داود بأن الله هو صانع الوعود وحافظها.
١٥الَّذِي قَدْ حَفِظْتَ لِعَبْدِكَ دَاوُدَ أَبِي مَا كَلَّمْتَهُ بِهِ، فَتَكَلَّمْتَ بِفَمِكَ وأَكْمَلْتَ بِيَدِكَ كَهذَا الْيَوْمِ. ١٦وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، احْفَظْ لِعَبْدِكَ دَاوُدَ أَبِي مَا كَلَّمْتَهُ بِهِ قَائِلاً: لاَ يُعْدَمُ لَكَ أَمَامِي رَجُلٌ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ إِسْرَائِيلَ، إِنْ يَكُنْ بَنُوكَ طُرُقَهُمْ يَحْفَظُونَ حَتَّى يَسِيرُوا فِي شَرِيعَتِي كَمَا سِرْتَ أَنْتَ أَمَامِي. ١٧وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، فَلْيَتَحَقَّقْ كَلاَمُكَ الَّذِي كَلَّمْتَ بِهِ عَبْدَكَ دَاوُدَ.
١. حَفِظْتَ مَا كَلَّمْتَ: شكر سليمان الله وسبّحه أولًا على إيفائه بوعوده في الماضي.
٢. وَٱلْآنَ أَيُّهَا ٱلرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ، فَلْيَتَحَقَّقْ كَلَامُكَ ٱلَّذِي كَلَّمْتَ بِهِ عَبْدَكَ دَاوُدَ: ناشد سليمان الله أن يحفظ وعوده التي قطعها. وهذا هو السر العظيم وراء قوة الصلاة – أن نتمسك بوعد الله بالإيمان، ثم ندعوه بثقة ووقار إلى تحقيق وعوده.
• “لقد أرسل الله وعوده عمدًا لكي تُستخدم. إذا حصلتُ على شيك من بنك إنجلترا، فسأصرفه وأستخدم النقود. فحاول يا صديقي أن تستخدم وعود الله. ولا شيء يرضي الله أكثر من أن يرى وعوده متداولة. فهو يحب أن يرى أبناءه يرفعون وعوده له قائلين: ’يا رب، افعل كما قلتَ.‘ واسمحوا لي أن أقول لكم إن استخدامنا وعود الله أمرٌ يمجده.” سبيرجن (Spurgeon)
• يعبّر هذا النوع من الصلاة عن التمسك بوعد الله. لكن الحصول على وعود الله لا يعني ضمان تحقيقها. فمن خلال مثل هذه الصلوات الممتلئة بالإيمان، يقدم الله الوعود، وعلينا أن نعلن امتلاكنا لها. فإن لم نخصِّصها لأنفسنا بالإيمان، يبقى وعد الله غير مطالب به.
ج) الآيات (١٨-٢١): سليمان يطلب من الله أن يسكن في هذا المكان ويكرم الذين يطلبونه فيه.
١٨لأَنَّهُ هَلْ يَسْكُنُ اللهُ حَقًّا مَعَ الإِنْسَانِ عَلَى الأَرْضِ؟ هُوَذَا السَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ السَّمَاوَاتِ لاَ تَسَعُكَ، فَكَمْ بِالأَقَلِّ هذَا الْبَيْتُ الَّذِي بَنَيْتُ! ١٩فَالْتَفِتْ إِلَى صَلاَةِ عَبْدِكَ وَإِلَى تَضَرُّعِهِ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهِي، وَاسْمَعِ الصُّرَاخَ وَالصَّلاَةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا عَبْدُكَ أَمَامَكَ. ٢٠لِتَكُونَ عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَيْنِ عَلَى هذَا الْبَيْتِ نَهَارًا وَلَيْلاً عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قُلْتَ إِنَّكَ تَضَعُ اسْمَكَ فِيهِ، لِتَسْمَعَ الصَّلاَةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا عَبْدُكَ فِي هذَا الْمَوْضِعِ. ٢١وَاسْمَعْ تَضَرُّعَاتِ عَبْدِكَ وَشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ فِي هذَا الْمَوْضِعِ، وَاسْمَعْ أَنْتَ مِنْ مَوْضِعِ سُكْنَاكَ مِنَ السَّمَاءِ، وَإِذَا سَمِعْتَ فَاغْفِرْ.
١. فَكَمْ بِٱلْأَقَلِّ هَذَا ٱلْبَيْتُ ٱلَّذِي بَنَيْتُ: نحن سعداء لكلام سليمان هذا. فمن خلال تصريحات سابقة له مثل عبارته في ٢ أخبار الأيام ٦: ١-٢ ربما ظننّا أنه انساق وراء فكرة خرافية مفادها أن الله قد سكن فعلًا في الهيكل مستثنيًا وجوده في أي مكان آخر. وكان من المهم أن ندرك أن الله، رغم حضوره الخاص في الهيكل، لم يقيّد حضوره بهذا البيت.
٢. وَٱسْمَعْ تَضَرُّعَاتِ عَبْدِكَ وَشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ: طلب سليمان من الله أن يميل أذنه عندما يصلّي الملك والشعب في الهيكل. ولهذا السبب، ما زال يهود ملتزمون كثيرون يصلون ووجوههم متجهة نحو موقع الهيكل في أورشليم.
٣. وَإِذَا سَمِعْتَ فَٱغْفِرْ: عرف سليمان أن أهم شيء يحتاج إليه شعب إسرائيل هو الغفران. فكان الغفران أعظم استجابة للصلاة يمكن أن يتوقعها الشعب من الله.
د ) الآيات (٢٢-٢٣): اسمع عندما يحلف شعبك في الهيكل.
٢٢إِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ إِلَى صَاحِبِهِ وَوُضِعَ عَلَيْهِ حَلْفٌ لِيُحَلِّفَهُ، وَجَاءَ الْحَلْفُ أَمَامَ مَذْبَحِكَ فِي هذَا الْبَيْتِ، ٢٣فَاسْمَعْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ وَاعْمَلْ، وَاقْضِ بَيْنَ عَبِيدِكَ إِذْ تُعَاقِبُ الْمُذْنِبَ فَتَجْعَلُ طَرِيقَهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَتُبَرِّرُ الْبَارَّ إِذْ تُعْطِيهِ حَسَبَ بِرِّهِ.
١. وَجَاءَ ٱلْحَلْفُ أَمَامَ مَذْبَحِكَ فِي هَذَا ٱلْبَيْتِ: استُخدم أرض الهيكل كمكان للتثبُّت من الحلف وترخيصه. فعندما يصل الخلاف إلى مسألة كلمة شخص ضد آخر، طلب سليمان أن يكون الهيكل المكان المناسب ليحلف فيه.
٢. فَٱسْمَعْ أَنْتَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَٱعْمَلْ، وَٱقْضِ بَيْنَ عَبِيدِكَ: طلب سليمان من الله القادر على رؤية ما لا يستطيع الإنسان أن يراه (فهو يعرف قلب الإنسان غير المنظور) أن يحكم من السماء على كل حلف في الهيكل.
• لم يستطع المفسر العظيم البيوريتاني جون تراب (John Trapp) أن يقاوم إيراد حادثة حققت هذا المبدأ في أيامه: “وقفت آن أڤريس وأقسمت يمينًا كاذبًا في ١١ فبراير ١٥٧٥ أمام متجر في وود ستريت في لندن، متضرعةً إلى الله أن تسقط في مكانها إن لم تكن قد دفعت ثمن البضاعة التي أخذتها. وبالفعل، سقطت أرضًا عاجزة عن الكلام، وماتت بطريقة شنيعة.”
هـ) الآيات (٢٤-٢٥): اسمع عندما يُهزَم شعبك.
٢٤وَإِنِ انْكَسَرَ شَعْبُكَ إِسْرَائِيلُ أَمَامَ الْعَدُوِّ لِكَوْنِهِمْ أَخْطَأُوا إِلَيْكَ، ثُمَّ رَجَعُوا وَاعْتَرَفُوا بِاسْمِكَ وَصَلَّوْا وَتَضَرَّعُوا أَمَامَكَ نَحْوَ هذَا الْبَيْتِ، ٢٥فَاسْمَعْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ وَاغْفِرْ خَطِيَّةَ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ، وَأَرْجِعْهُمْ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتَهَا لَهُمْ وَلآبَائِهِمْ.
١. وَإِنِ ٱنْكَسَرَ شَعْبُكَ إِسْرَائِيلُ أَمَامَ ٱلْعَدُوِّ: ذاقت إسرائيل هزائم كثيرة على مدى تاريخها، ولم يكن بيدها إلا الصراخ إلى الله. وكانت أسوأ هزيمة يتعرضون لها عندما كان سببها خطية ارتكبوها ضد الرب نفسه.
٢. ثُمَّ رَجَعُوا وَٱعْتَرَفُوا بِٱسْمِكَ وَصَلَّوْا وَتَضَرَّعُوا أَمَامَكَ نَحْوَ هَذَا ٱلْبَيْتِ، فَٱسْمَعْ أَنْتَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ: طلب سليمان من الله أن يسمع صلوات شعبه المهزوم عندما يتواضعون ويتوبون. واستجاب الله لصلاة سليمان، وكان يغفر لشعبه المهزوم ويستردهم عندما يأتون إليه في توبة وتواضع.
و ) الآيات (٢٦-٣١): اسمع في أوقات الوبأ والمجاعة.
٢٦«إِذَا أُغْلِقَتِ السَّمَاءُ وَلَمْ يَكُنْ مَطَرٌ لِكَوْنِهِمْ أَخْطَأُوا إِلَيْكَ، ثُمَّ صَلَّوْا فِي هذَا الْمَكَانِ وَاعْتَرَفُوا بِاسْمِكَ وَرَجَعُوا عَنْ خَطِيَّتِهِمْ لأَنَّكَ ضَايَقْتَهُمْ، ٢٧فَاسْمَعْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ وَاغْفِرْ خَطِيَّةَ عَبِيدِكَ وَشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ، فَتُعَلِّمَهُمُ الطَّرِيقَ الصَّالِحَ الَّذِي يَسْلُكُونَ فِيهِ، وَأَعْطِ مَطَرًا عَلَى أَرْضِكَ الَّتِي أَعْطَيْتَهَا لِشَعْبِكَ مِيرَاثًا. ٢٨إِذَا صَارَ فِي الأَرْضِ جُوعٌ، إِذَا صَارَ وَبَأٌ أَوْ لَفْحٌ أَوْ يَرَقَانٌ أَوْ جَرَادٌ أَوْ جَرْدَمٌ، أَوْ إِذَا حَاصَرَهُمْ أَعْدَاؤُهُمْ فِي أَرْضِ مُدُنِهِمْ، فِي كُلِّ ضَرْبَةٍ وَكُلِّ مَرَضٍ، ٢٩فَكُلُّ صَلاَةٍ وَكُلُّ تَضَرُّعٍ تَكُونُ مِنْ أَيِّ إِنْسَانٍ كَانَ، أَوْ مِنْ كُلِّ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ كُلُّ وَاحِدٍ ضَرْبَتَهُ وَوَجَعَهُ، فَيَبْسُطُ يَدَيْهِ نَحْوَ هذَا الْبَيْتِ، ٣٠فَاسْمَعْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ مَكَانِ سُكْنَاكَ، وَاغْفِرْ وَأَعْطِ كُلَّ إِنْسَانٍ حَسَبَ كُلِّ طُرُقِهِ كَمَا تَعْرِفُ قَلْبَهُ. لأَنَّكَ أَنْتَ وَحْدَكَ تَعْرِفُ قُلُوبَ بَنِي الْبَشَرِ. ٣١لِكَيْ يَخَافُوكَ وَيَسِيرُوا فِي طُرُقِكَ كُلَّ الأَيَّامِ الَّتِي يَحْيَوْنَ فِيهَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتَ لآبَائِنَا.
١. إِذَا أُغْلِقَتِ ٱلسَّمَاءُ وَلَمْ يَكُنْ مَطَرٌ: كان الجفاف تهديدًا مستمرًا لاقتصاد إسرائيل القائم على الزراعة. فإذا لم يكن مطر، فلن يكون هنالك طعام أيضًا.
٢. ثُمَّ صَلَّوْا فِي هَذَا ٱلْمَكَانِ وَٱعْتَرَفُوا بِٱسْمِكَ وَرَجَعُوا عَنْ خَطِيَّتِهِمْ لِأَنَّكَ ضَايَقْتَهُمْ، فَٱسْمَعْ أَنْتَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ: لم يأخذ سليمان غفران الله واستماعه لشعبه التائب كأمر مفروغ منه. إذ تأتي استجابة الله لتوبتنا من نعمته، لا من كونه إلهًا عادلًا.
• “لذلك، لا عجب أنه عندما كرس سليمان للرب الهيكل الذي بناه، كان أعظم التماس له هو أن يستمع الله إلى كل صلاة ينبغي أن تقال في ذلك المكان أو اتجاهه. وتمنّى أن يكون الهيكل لإسرائيل نصبًا تذكاريًّا على أن الله يسمع الصلاة دائمًا.” سبيرجن (Spurgeon)
ز ) الآيات (٣٢-٣٣): اسمع عندما يصلي إليك الأجنبي.
٣٢وَكَذلِكَ الأَجْنَبِيُّ الَّذِي لَيْسَ هُوَ مِنْ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ، وَقَدْ جَاءَ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ مِنْ أَجْلِ اسْمِكَ الْعَظِيمِ وَيَدِكَ الْقَوِيَّةِ وَذِرَاعِكَ الْمَمْدُودَةِ، فَمَتَى جَاءُوا وَصَلَّوْا فِي هذَا الْبَيْتِ، ٣٣فَاسْمَعْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ مَكَانِ سُكْنَاكَ وَافْعَلْ حَسَبَ كُلِّ مَا يَدْعُوكَ بِهِ الأَجْنَبِيُّ، لِكَيْ يَعْلَمَ كُلُّ شُعُوبِ الأَرْضِ اسْمَكَ فَيَخَافُوكَ كَشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ، وَلِكَيْ يَعْلَمُوا أَنَّ اسْمَكَ قَدْ دُعِيَ عَلَى هذَا الْبَيْتِ الَّذِي بَنَيْتُ.
١. وَكَذَلِكَ ٱلْأَجْنَبِيُّ: كان الهيكل موجودًا في إسرائيل، لكن كان القصد منه دائمًا هو أن يكون بيتًا للصلاة لكل الشعوب (إشعياء ٥٦: ٧). وأراد الله أن تكون الدار الخارجية مكانًا للأمم ليصلوا فيه.
• لقد أغضب انتهاك هذا المبدأ يسوع. فعندما جاء إلى الهيكل، ووجد كيف تحولت الدار الخارجية – المكان الوحيد الذي يمكن أن تأتي فيه الأمم للصلاة – إلى سوق تجارية بدلًا من بيت للصلاة، طرد الصيارفة والتجار (متى ٢١: ١٣).
٢. فَٱسْمَعْ أَنْتَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَكَانِ سُكْنَاكَ وَٱفْعَلْ حَسَبَ كُلِّ مَا يَدْعُوكَ بِهِ ٱلْأَجْنَبِيُّ، لِكَيْ يَعْلَمَ كُلُّ شُعُوبِ ٱلْأَرْضِ ٱسْمَكَ فَيَخَافُوكَ: طلب سليمان من الله أن يسمع صلاة الأجنبي بدافع تبشيري. إذ كان يعلم أنه عندما يستجيب الله لصلوات الغريب أو الأجنبي، فإنه يجذب أممًا أخرى إلى إله كل الأمم.
• “إن ما هو ملحوظ بشكل خاص هنا أن الأجانب يمكنهم أن يعرفوا الله ويخافونه ’كَشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ.‘ ونادرًا ما يتم التعبير عن هذا الرجاء في المساواة في العبادة في العهد القديم (مثلًا، تكوين ١٢: ٣؛ إشعياء ١٩: ٢٤-٢٥؛ زكريا ٨: ٢٠-٢٢). وقد وجد حتى أقرب تلاميذ يسوع صعوبة في تطبيق هذا المبدأ (أعمال الرسل ١٠: ١-١١: ٢٨).” سيلمان (Selman)
ح) الآيات (٣٤-٣٩): اسمع عندما تخرج إسرائيل إلى المعركة وتصلي من السبي.
٣٤«إِذَا خَرَجَ شَعْبُكَ لِمُحَارَبَةِ أَعْدَائِهِ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي تُرْسِلُهُمْ فِيهِ وَصَلَّوْا إِلَيْكَ نَحْوَ هذِهِ الْمَدِينَةِ الَّتِي اخْتَرْتَهَا، وَالْبَيْتِ الَّذِي بَنَيْتُ لاسْمِكَ، ٣٥فَاسْمَعْ مِنَ السَّمَاءِ صَلاَتَهُمْ وَتَضَرُّعَهُمْ وَاقْضِ قَضَاءَهُمْ. ٣٦إِذَا أَخْطَأُوا إِلَيْكَ، لأَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانٌ لاَ يُخْطِئُ، وَغَضِبْتَ عَلَيْهِمْ وَدَفَعْتَهُمْ أَمَامَ الْعَدُوِّ وَسَبَاهُمْ، سَابُوهُمْ إِلَى أَرْضٍ بَعِيدَةٍ أَوْ قَرِيبَةٍ، ٣٧فَإِذَا رَدُّوا إِلَى قُلُوبِهِمْ فِي الأَرْضِ الَّتِي يُسْبَوْنَ إِلَيْهَا، وَرَجَعُوا وَتَضَرَّعُوا إِلَيْكَ فِي أَرْضِ سَبْيِهِمْ قَائِلِينَ: قَدْ أَخْطَأْنَا وَعَوَّجْنَا وَأَذْنَبْنَا، ٣٨وَرَجَعُوا إِلَيْكَ مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ وَمِنْ كُلِّ أَنْفُسِهِمْ فِي أَرْضِ سَبْيِهِمِ الَّتِي سَبَوْهُمْ إِلَيْهَا، وَصَلَّوْا نَحْوَ أَرْضِهِمِ الَّتِي أَعْطَيْتَهَا لآبَائِهِمْ، وَالْمَدِينَةِ الَّتِي اخْتَرْتَ، وَالْبَيْتِ الَّذِي بَنَيْتُ لاسْمِكَ، ٣٩فَاسْمَعْ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَكَانِ سُكْنَاكَ صَلاَتَهُمْ وَتَضَرُّعَاتِهِمْ، وَاقْضِ قَضَاءَهُمْ، وَاغْفِرْ لِشَعْبِكَ مَا أَخْطَأُوا بِهِ إِلَيْكَ.
١. إِذَا خَرَجَ شَعْبُكَ لِمُحَارَبَةِ أَعْدَائِهِ فِي ٱلطَّرِيقِ ٱلَّذِي تُرْسِلُهُمْ فِيهِ: صلى سليمان أن يستجيب الله لصلوات من أجل النصرة التي يرفعها الشعب في البلاد الأجنبية وهم ناظرون نحو الهيكل، بشرط أن تكون الحرب بأمر من الرب. لم تكن هذه طلبة مفتوحة (مثل شيك على بياض) للبركة في كل حرب.
٢. إِذَا أَخْطَأُوا إِلَيْكَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانٌ لَا يُخْطِئُ: هذا بيان مقتضب من العهد القديم للمبدأ الأكثر وضوحًا في رومية ٣: ٢٣ إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ.
• “تعبّر هذه العبارة عن حقيقة أن الخطية تتخلّل كل مكان، وأنها مهيمنة. وهي من أوضح العبارات الكتابية حول شمولية الخطية (لِأَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانٌ لَا يُخْطِئُ – ٢ أخبار الأيام ٦: ٣٦). ولا توجد إشارة أعظم من هذا إلى الحاجة إلى تقديم الكفارة والغفران.” سيلمان (Selman)
٣. فَإِذَا رَدُّوا إِلَى قُلُوبِهِمْ فِي ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي يُسْبَوْنَ إِلَيْهَا: طلب سليمان من الله أيضًا أن يسمع صلاة المسبيين في أرض غريبة. وفي هذا إقرار بأن إله الهيكل يستطيع أن يستجيب للصلوات التي تُرفع بعيدًا عن الهيكل.
ط) الآيات (٤٠-٤٢): خاتمة الصلاة.
٤٠الآنَ يَا إِلهِي لِتَكُنْ عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَيْنِ، وَأُذُنَاكَ مُصْغِيَتَيْنِ لِصَلاَةِ هذَا الْمَكَانِ. ٤١وَالآنَ قُمْ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ إِلَى رَاحَتِكَ أَنْتَ وَتَابُوتُ عِزِّكَ. كَهَنَتُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ يَلْبِسُونَ الْخَلاَصَ، وَأَتْقِيَاؤُكَ يَبْتَهِجُونَ بِالْخَيْرِ. ٤٢أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ، لاَ تَرُدَّ وَجْهَ مَسِيحِكَ. اذْكُرْ مَرَاحِمَ دَاوُدَ عَبْدِكَ».
١. وَٱلْآنَ قُمْ أَيُّهَا ٱلرَّبُّ ٱلْإِلَهُ إِلَى رَاحَتِكَ أَنْتَ وَتَابُوتُ عِزِّكَ: تضع خاتمة الصلاة هذه في اعتبارها سفر العدد ١٠: ٣٥-٣٦ عندما كانت إسرائيل تنقل تابوت العهد، وخيمة الاجتماع، ومعسكر إسرائيل بأكمله من مكان إلى آخر عبر البرية أثناء الخروج. واستخدم سليمان صياغة هذا النص ليؤكد أن تابوت العهد الذي يرمز إلى حضور الله لن يتجول بعيدًا بعد الآن بعد أن وصل إلى مكان راحته الأخير.
٢. لَا تَرُدَّ وَجْهَ مَسِيحِكَ: من المرجح أن سليمان قصد نفسه بهذا، لأنه كان ملك إسرائيل الممسوح. ومع ذلك، فإن هذا يذكرنا بمبدأ الصلاة باسم يسوع، ذاك الممسوح الأسمى.
• “في هذه الصلاة، ’لَا تَرُدَّ وَجْهَ مَسِيحِكَ،‘ أشار الملك إلى نفسه، رغم أن الاستخدام اللاحق لهذا التعبير سيعبّر عن رجاء إسرائيل في المسيّا الآتي.” باين (Payne)