سفر العدد – الإصحاح ٨
إضاءة السُّرُج، وتطهير اللاويين للخدمة
أولًا. إضاءة السُّرُج
أ ) الآيات (١-٣): رفع السُّرُج على المنارة.
١وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: ٢«كَلِّمْ هَارُونَ وَقُلْ لَهُ: مَتَى رَفَعْتَ السُّرُجَ فَإِلَى قُدَّامِ الْمَنَارَةِ تُضِيءُ السُّرُجُ السَّبْعَةُ». ٣فَفَعَلَ هَارُونُ هكَذَا. إِلَى قُدَّامِ الْمَنَارَةِ رَفَعَ سُرُجَهَا كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.
١. مَتَى رَفَعْتَ السُّرُجَ: المنارة وُصِفت وصُنِعت في خروج ٢٥: ٣١-٤٠. لكن المنارة بمفردها لا تقدر أن تضيء، بل كان لا بد من رفع سُرُج عليها حتى تضيء. وبالتالي، لم يكن الغرض من المنارة هو أن تضيء، بل أن تجعل الضوء أكثر وضوحًا.
• كانت المَصابِيح (السُّرُجَ) توقَد باستخدام زيت زيتون من نوع خاص، وكان لا بد من تعبئتها بالزيت باستمرار لتضيء بصورة مستمرة. “لا فائدة من شمعدان أو سراج دون زيت. كذلك، لا فائدة من زيت لا يوقَد. وهكذا، فإن أيَّ كنيسة أو جماعة من المؤمنين، دون قوة وتأثير الروح القدس، يكون لها اسم أنها حية بينما هي فعليًّا ميتة.” كلارك (Clarke)
• يشير رؤيا ١: ٢٠ إلى الْمَنَايِرِ على أنها صورة للكنيسة، أي جماعة شعب الله تحت العهد الجديد. وبموجب هذا التشبيه، ندرك المبدأ القائل إن الكنيسة في حد ذاتها لا تضيء في العالم، لكنها بمثابة ’منصَّة‘ يُرى نور يسوع عليها.
٢. إِلَى قُدَّامِ الْمَنَارَةِ رَفَعَ سُرُجَهَا: كان الضوء المنبعث من المنارة في خيمة الاجتماع مركَّزًا كي يحقِّق أكبر قدر من الإنارة لبقية الخيمة، ولا سيما مائدة خبز الوجوه الواقعة أمام المنارة، ومذبح البخور الواقع يسار المنارة.
• “على هذا النحو، سيظل هناك دائمًا ضوء مسلَّط على الخبز. وبالتالي، فإن هذين الرمزين الدالَّين على الحياة سيعملان معًا للتعبير عن مراحم الرب الواهبة الحياة، ذلك الرب الذي يصب دائمًا كلَّ اهتمامه على شعبه.” ألن (Allen)
• “كان ضوء المنارة الذهبية يسقط طوال الوقت على تلك المائدة، وهذا يعبِّر عن المبادئ العظيمة المتعلقة بحياة الشركة مع الله، والتي تحقَّقت لنا في المسيح. فإن لدينا مائدة شركة مع الله، لكن حري بنا أن نتذكَّر أن الضوء يسطع عليها باستمرار. وبالتالي، لن يكون لنا الحق أن نشترك في تلك المائدة إلا إذا كنا نسكن في ذلك النور.” مورجان (Morgan)
ب) الآية (٤): مواصفات المنارة.
٤وَهذِهِ هِيَ صَنْعَةُ الْمَنَارَةِ: مَسْحُولَةٌ مِنْ ذَهَبٍ. حَتَّى سَاقُهَا وَزَهْرُهَا هِيَ مَسْحُولَةٌ. حَسَبَ الْمَنْظَرِ الَّذِي أَرَاهُ الرَّبُّ مُوسَى هكَذَا عَمِلَ الْمَنَارَةَ.
١. الْمَنَارَةِ مَسْحُولَةٌ مِنْ ذَهَبٍ: كانت المنارة مَسْحُولَةٌ (مَدقُوقة) من ذهب نقي. ولم تقدَّم أبعاد محدَّدة لها، لكنها على الأغلب كانت شبيهة بالشمعدان المعروف اليوم. فقد كانت تحتوي على ساق وسطية، ومن كل جانب منها تخرج ثلاثة شُعَب، ليصير مجموع أماكن السُرُج سبعة.
• كانت أغراض كثيرة داخل المسكن تُصنَع من الخشب، وتغطَّى بالذهب، مثل تابوت العهد، ومذبح البخور، ومائدة خبز الوجوه. أما المنارة، فكانت مختلفة، إذ كانت مصنوعة من ذهب مصمَت خالص.
• “فهي لم تكن مجوَّفة، بل كانت عبارة عن كتلة مصمتة وضخمة من الذهب، مصنوعة من قطعة ذهب واحدة، وليس من عدة قطع مركَّبة أو ملحومة معًا.” بوله (Poole)
• مَسْحُولَةٌ مِنْ ذَهَبٍ: علَّق جون تراب (John Trapp) على ترجمة الملك جيمس الإنجليزية لهذه العبارة قائلًا: “كان هذا ليبيِّن أنه على الخدام أن يبذلوا مجهود عقلي كبير لفهم النص الكتابي واستخراج معناه، تمامًا كما يضرب الطائر القوقعة بعنف شديد ليأكل ما بداخلها.”
٢. حَسَبَ الْمَنْظَرِ الَّذِي أَرَاهُ الرَّبُّ مُوسَى: هذا إقرار آخر بالفكرة المهمة التي مفادها أن الْمَسْكَن وكلَّ أمتعته أُقيم حَسَبَ الْمَنْظَرِ، أي على غرار الشكل الذي أُظهر لموسى عندما التقى بالرب على جبل سيناء (خروج ٢٥: ٩؛ ٢٥: ٤٠؛ ٢٦: ٣٠).
ثانيًا. تطهير وتقديس اللاويين
أ ) الآيات (٥-٧): التطهير والنضح (الرش).
٥وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: ٦«خُذِ اللاَّوِيِّينَ مِنْ بَيْنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَطَهِّرْهُمْ. ٧وَهكَذَا تَفْعَلُ لَهُمْ لِتَطْهِيرِهِمِ: انْضِحْ عَلَيْهِمْ مَاءَ الْخَطِيَّةِ، وَلْيُمِرُّوا مُوسَى عَلَى كُلِّ بَشَرِهِمْ، وَيَغْسِلُوا ثِيَابَهُمْ فَيَتَطَهَّرُوا.
١. خُذِ اللَّاوِيِّينَ مِنْ بَيْنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَطَهِّرْهُمْ: جاءت إجراءات تقديس الكهنة في اللاويين ٨-٩، ويقدِّم هذا النص إجراءات تقديس اللاويين. لم يكن اللاويون هم الذين يقدِّمون الذبائح لأجل التكفير، أو التقديس، أو الشركة مع الله (كما كان الكهنة يفعلون)؛ ومع ذلك، كانت خدمتهم لله تمثِّل أهمية وقيمة كبيرة. فقد كانت خدمتهم العملية تستلزم أيضًا تقديسًا وتكريسًا للرب.
• “كان اللاويون هم المعاونون للكهنة، واللغة التي تصف تكريسهم تختلف إلى حدٍّ ما عن تلك التي استُخدِمت للتعبير عن تكريس الكهنة. فقد كان الكهنة يقدَّسون، في حين كان اللاويون يُطهَّرون. كذلك، كان الكهنة يُمسَحون ويُغسَلون بالماء، في حين كان اللاويون يُرَشُّون بالماء. وكانت ثياب جديدة تُعطَى للكهنة، في حين كان اللاويون فقط يغسلون ثيابهم. وكان الدم يوضع على الكهنة، في حين كان الدم فقط يردَّد ترديدًا على اللاويين.” ألن (Allen)
٢. انْضِحْ عَلَيْهِمْ مَاءَ الْخَطِيَّةِ: هذا التطهير الطقسي كان رمزًا للتطهير من الخطية، وكان يشكِّل أيضًا جزءًا من إجراءات تقديس الكهنة (خروج ٢٩: ٤). كان مَاءَ الْخَطِيَّةِ [ماء التطهير] هو الماء الممزوج برماد البقرة الحمراء (سفر العدد ١٩: ١-٩).
• هذا التطهير بالماء هو أيضًا جزء من العهد الجديد، كما هو موضَّح في حزقيال ٣٦: ٢٥، “وَأَرُشُّ عَلَيْكُمْ مَاءً طَاهِرًا فَتُطَهَّرُونَ.”
٣. وَلْيُمِرُّوا مُوسَى عَلَى كُلِّ بَشَرِهِمْ: بشكل أساسي، كان حلق شَعر اللاويين كجزءٍ من تقديسهم رمزًا لتطهيرهم (كما كان شعر أجساد البرص الطاهرين يُحلَق، لاويين ١٤: ٩)، ولتقديسهم أيضًا (كما كان النذير يحلق شعره عند إتمام نذره، سفر العدد ٦: ٩، ١٨). فقد كان اللاويون أيضًا موهوبين إلى الله من بني إسرائيل، على أنهم ’أبكارهم،‘ إذ أخذ الله سبط لاوي بديلًا عن كلِّ بكر من الذكور في بني إسرائيل. وبما أن أجساد الأطفال حديثي الولادة تكون خالية نسبيًّا من الشعر، يتوافق ذلك إذن مع حلق أجساد اللاويين عند تقديسهم لله.
• “بما أن الرجال الساميين في العالم القديم كانوا يتميَّزون عمومًا بإطلاق لحاهم، وبكثافة شعر جسدهم، فلا بد أن حلق شعر أجساد أولئك الرجال (أي اللاويين) كان يُحسب بمثابة فعل تكريس ملحوظٍ لله.” ألن (Allen)
ب) الآيات (٨-١٥): تقديس اللاويين عن طريق الذبائح.
٨ثُمَّ يَأْخُذُوا ثَوْرًا ابْنَ بَقَرٍ وَتَقْدِمَتَهُ دَقِيقًا مَلْتُوتًا بِزَيْتٍ. وَثَوْرًا آخَرَ ابْنَ بَقَرٍ تَأْخُذُ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ. ٩فَتُقَدِّمُ اللاَّوِيِّينَ أَمَامَ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، وَتَجْمَعُ كُلَّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، ١٠وَتُقَدِّمُ اللاَّوِيِّينَ أَمَامَ الرَّبِّ، فَيَضَعُ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى اللاَّوِيِّينَ. ١١وَيُرَدِّدُ هَارُونُ اللاَّوِيِّينَ تَرْدِيدًا أَمَامَ الرَّبِّ مِنْ عِنْدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَيَكُونُونَ لِيَخْدِمُوا خِدْمَةَ الرَّبِّ. ١٢ثُمَّ يَضَعُ اللاَّوِيُّونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسَيِ الثَّوْرَيْنِ، فَتُقَرِّبُ الْوَاحِدَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، وَالآخَرَ مُحْرَقَةً لِلرَّبِّ، لِلتَّكْفِيرِ عَنِ اللاَّوِيِّينَ. ١٣فَتُوقِفُ اللاَّوِيِّينَ أَمَامَ هَارُونَ وَبَنِيهِ وَتُرَدِّدُهُمْ تَرْدِيدًا لِلرَّبِّ. ١٤وَتُفْرِزُ اللاَّوِيِّينَ مِنْ بَيْنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَيَكُونُ اللاَّوِيُّونَ لِي. ١٥وَبَعْدَ ذلِكَ يَأْتِي اللاَّوِيُّونَ لِيَخْدِمُوا خَيْمَةَ الاجْتِمَاعِ فَتُطَهِّرُهُمْ وَتُرَدِّدُهُمْ تَرْدِيدًا،
١. ثُمَّ يَأْخُذُوا ثَوْرًا ابْنَ بَقَرٍ وَتَقْدِمَتَهُ: في أثناء تقديم الثور ذبيحة، كان ممثِّلون من كُلَّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يضعون أيديهم على اللاويين، ليباركوهم ويصلُّوا لأجل تقديسهم أمام الرب. وبهذا يصير ظاهرًا للاويين، وللأمة بأسرها على حد سواء، أن هؤلاء اللاويين هم خدام للرب وللأمة أيضًا.
٢. تَرْدِيدًا أَمَامَ الرَّبِّ مِنْ عِنْدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: كانت تقدمة الترديد المعتادة تقدِّم شيئًا إلى الله (مثل قطعة لحم أو خبز) من خلال حركة معيَّنة معناها: “هذا لك يا الله.” لكن في هذا التكريس للاويين، أتى بَنو إِسْرَائِيلَ أمام الله، قائلين له ما معناه: “هؤلاء اللاويون هم لك يا رب.”
• “في حالة اللاويين، نستطيع أن نخمِّن أن هارون وبنيه كانوا يضعون أيديهم على أكتاف اللاويين، ثم يردِّدونهم (يحرِّكونهم) من جهة إلى الأخرى، بصورة رمزية، للتعبير عن حقيقة أنهم ذبيحة حية مقدَّمة للرب، وأنهم الآن صاروا ينتمون إلى الكهنة، لمعاونتهم في خدمتهم في خيمة الاجتماع.” ألن (Allen)
ج) الآيات (١٦-١٩): اللاويون يُحسَبون على أنهم أبكار بني إسرائيل الموهوبين إلى الله.
١٦لأَنَّهُمْ مَوْهُوبُونَ لِي هِبَةً مِنْ بَيْنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. بَدَلَ كُلِّ فَاتِحِ رَحِمٍ، بِكْرِ كُلّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدِ اتَّخَذْتُهُمْ لِي. ١٧لأَنَّ لِي كُلَّ بِكْرٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ النَّاسِ وَمِنَ الْبَهَائِمِ. يَوْمَ ضَرَبْتُ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ قَدَّسْتُهُمْ لِي. ١٨فَاتَّخَذْتُ اللاَّوِيِّينَ بَدَلَ كُلِّ بِكْرٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ. ١٩وَوَهَبْتُ اللاَّوِيِّينَ هِبَةً لِهَارُونَ وَبَنِيهِ مِنْ بَيْنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، لِيَخْدِمُوا خِدْمَةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، وَلِلتَّكْفِيرِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، لِكَيْ لاَ يَكُونَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَأٌ عِنْدَ اقْتِرَابِ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الْقُدْسِ.
١. بَدَلَ كُلِّ فَاتِحِ رَحِمٍ، بِكْرِ كُلٍّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدِ اتَّخَذْتُهُمْ لِي: هذه الفكرة ذُكِرت سابقًا في سفر العدد ٣: ٤٠-٥١. كان ’امتلاك‘ الله لسبط لاوي هو تعبير عن ربوبيته وسيادته على كل شعب إسرائيل.
• “صار اللاويون ملكًا للرب في مقابل عِتقه لأبكار بني إسرائيل في وقت الضربة العاشرة على مصر.” ألن (Allen)
• “وبهذا، يكفّر (kipper بحسب الأصل العبري) اللاويون عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ (الآية ١٩)، أي يسدِّدون ثمن الفدية عنهم (koper في الأصل العبري). لكن العهد القديم لم يؤيِّد قط تقديم الذبائح البشرية، ولهذا كان اللاويون بدورهم يضعون أيديهم على رأسي ثورين، ليكفِّر هذان الثوران عنهم.” وينهام (Wenham)
٢. وَوَهَبْتُ اللَّاوِيِّينَ هِبَةً لِهَارُونَ وَبَنِيهِ: أُفرِز اللاويون ليس فقط لمجد الله، بل لمعاونة الكهنة أيضًا (هَارُونَ وَبَنِيهِ)، ولفائدتهم.
• لِكَيْ لَا يَكُونَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَأٌ: “أضيف هذا الكلام كسببٍ لتعيين الله إياهم للخدمة داخل الْمَسْكَن أو حوله، وذلك حتى يحرسوه، لئلا يقترب أحد من الشعب منه، أو يعبثوا بالأشياء المقدسة، الأمر الذي إذا فعلوه، سوف يصابون دون شك بالوبأ.” بوله (Poole)
د ) الآيات (٢٠-٢٢): تنفيذ كلِّ ما أمر به الرب بشأن تطهير اللاويين، وتقديسهم، وخدمتهم.
٢٠فَفَعَلَ مُوسَى وَهَارُونُ وَكُلُّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِلاَّوِيِّينَ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى عَنِ اللاَّوِيِّينَ. هكَذَا فَعَلَ لَهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ. ٢١فَتَطَهَّرَ اللاَّوِيُّونَ وَغَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ، وَرَدَّدَهُمْ هَارُونُ تَرْدِيدًا أَمَامَ الرَّبِّ، وَكَفَّرَ عَنْهُمْ هَارُونُ لِتَطْهِيرِهِمْ. ٢٢وَبَعْدَ ذلِكَ أَتَى اللاَّوِيُّونَ لِيَخْدِمُوا خِدْمَتَهُمْ فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ أَمَامَ هَارُونَ وَأَمَامَ بَنِيهِ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى عَنِ اللاَّوِيِّينَ هكَذَا فَعَلُوا لَهُمْ.
١. حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَ الرَّبُّ: كانت هذه طاعة بسيطة ورائعة. فقد أوصى الله موسى وبني إسرائيل بإجراء طقوس التقديس هذه للاويين، وهكذا فعلوا، تمامًا مثلما أَمَرَ الرب.
• “إن طاعة موسى وشعب إسرائيل المطلَقة لأوامر الله فيما يتعلق بالطقوس والترتيب تتركنا في حالة غير مهيَّأة تمامًا للتذمُّر الذي أبدوه على محبة الله، وانتهاكاتهم الصارخة للإيمان، في أفعال التمرُّد التي تبدأ من الإصحاح ١١ من القصة.” ألن (Allen)
٢. وَبَعْدَ ذَلِكَ أَتَى اللَّاوِيُّونَ لِيَخْدِمُوا خِدْمَتَهُمْ: بعد الانتهاء من طقوس التقديس في خيمة الاجتماع، كان ينبغي لخدمة اللاويين الفعلية أن تبدأ. فلم تكن خدمة اللاويين قاصرةً على الطقوس والشعائر (وإن كانت لهذه الطقوس والشعائر مكانتها).
هـ) الآيات (٢٣-٢٦): مدة خدمة اللاويين.
٢٣وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: ٢٤«هذَا مَا لِلاَّوِيِّينَ: مِنِ ابْنِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا يَأْتُونَ لِيَتَجَنَّدُوا أَجْنَادًا فِي خِدْمَةِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. ٢٥وَمِنِ ابْنِ خَمْسِينَ سَنَةً يَرْجِعُونَ مِنْ جُنْدِ الْخِدْمَةِ وَلاَ يَخْدِمُونَ بَعْدُ. ٢٦يُوازِرُونَ إِخْوَتَهُمْ فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لِحَرَسِ حِرَاسَةٍ، لكِنْ خِدْمَةً لاَ يَخْدِمُونَ. هكَذَا تَعْمَلُ لِلاَّوِيِّينَ فِي حِرَاسَاتِهِمْ».
١. مِنِ ابْنِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا: كان ينبغي أن يبدأ وقت الخدمة الفعلي للاوي في سن الثلاثين، وأن يستمر حتى سن الخمسين، وذلك حسبما ورد في سفر العدد ٤: ٣، ٢٣، ٣٠. إلا أن تدريبهم الرسمي كان يبدأ في سن الخامسة والعشرين، وكانت مدة التدريب تبلغ خمس سنوات.
٢. وَمِنِ ابْنِ خَمْسِينَ سَنَةً يَرْجِعُونَ مِنْ جُنْدِ الْخِدْمَةِ: بما أن قدرًا كبيرًا من خدمة اللاويين كان يستلزم جهدًا بدنيًّا شاقًا، كان عليهم إذن أن يَرْجِعُوا (يتوقفوا) عن هذه الخدمة حين يبلغون الخمسين من عمرهم، وهو ما يتيح للشباب الأصغر عمرًا إمكانية تحمُّل هذا العبء. غير أنهم كانوا يستطيعون مواصلة القيام بأشياء أخرى بعد سن الخمسين (يُوازِرُونَ إِخْوَتَهُمْ فِي خَيْمَةِ الِاجْتِمَاعِ).
• “فإنهم لن يقوموا بعد بحلِّ خيمة الاجتماع وأمتعتها ونقلها، بل فقط كان بإمكانهم مواصلة الخدمة كحراس، يحافظون على قدسية المسكن المقدس.” كول (Cole)
• “كانت رحمة الله تمنع اللاوي من أداء الخدمة المطلوبة منه عندما يتجاوز مرحلة العنفوان الجسدي. فلم يكن من المفترض أن يكون هناك لاويون من كبار السن الضعفاء الذين يترنحون ويتعثرون داخل الموضع المقدس، حاملين عصيًّا أو أعمدة أثقل ممَّا في استطاعتهم أن يحملوا، أو يقومون بأعمال لم يعودوا قادرين على القيام بها.” ألن (Allen)
• الكلمتان ’يَتَجَنَّدُوا‘ (التي جاءت في سياق بدء الخدمة في الآية ٢٤)، و’جُنْدِ‘ (التي جاءت في سياق التوقف عن الخدمة في الآية ٢٥) هما كلمتان عسكريتان، تُستخدَمان لوصف الحروب. فإن الالتحاق بالخدمة – حتى وإن كانت خدمة عملية تؤدَّى بين شعب الله – يمكن أن يكون بمثابة حربٍ. كذلك، التوقف عن الخدمة يمكن أن يكون بمثابة حربٍ.
٣. هَكَذَا تَعْمَلُ لِلَّاوِيِّينَ فِي حِرَاسَاتِهِمْ: فعل موسى، وبنو إسرائيل، واللاويون جميعهم كما أمرهم الله. وأظهر اللاويون أنهم من ذلك النوع من البشر المستعد أن يرث أرض الموعد، أي إنهم أناس تطهَّروا، وتقدَّسوا، وابتدأوا يؤدُّون عملهم.