سفر العدد – الإصحاح ٢٨
الذبائح المطلوبة لأيام وأعياد معيَّنة
أولًا. التقدمات المرتبطة بأيام معينة
أ ) الآيات (١-٢): مقدمة – التقدمات المطلوبة.
١وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: ٢«أَوْصِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: قُرْبَانِي، طَعَامِي مَعَ وَقَائِدِي رَائِحَةُ سَرُورِي، تَحْرِصُونَ أَنْ تُقَرِّبُوهُ لِي فِي وَقْتِهِ.
١. قُرْبَانِي، طَعَامِي مَعَ وَقَائِدِي: تلك الذبائح التي طلب الله من شعب إسرائيل أن يقدموها كانت له؛ ولذلك، كان ينبغي أن تُقدم بحسب تعليماته، دون أيِّ ارتجال من أيِّ نوعٍ.
• طوال هذه الإصحاحات، نرى أن عدد الحيوانات، والدقيق، والزيت، والخمر اللازمين لتنفيذ ما أمر به الله كان هائلًا ومذهلًا. وتسلِّم كلُّ هذه الذبائح بأن شعب إسرائيل لن يكونوا فقط في أرض كنعان، لكنهم سيزدهرون ويُبارَكون في الأرض، وسيكون لديهم من الازدهار الزراعي ما يؤهلهم لتقديم كلِّ تلك التقدمات.
• علَّق ماير (Meyer) على كلمة طَعَامِي قائلًا: “كثيرًا ما نقول عن أنفسنا إننا جوعى إلى الله. لكن هل ندرك بالقدر الكافي أن الله أيضًا جائع إلى محبتنا، وتكريسنا القلبي له، وشركتنا معه؟ فإذا كنا نحب يسوع حقًا، يجب أن نكون متلهفين على تقديم الطعام له من خلال صلواتنا، وأشواقنا، وأعمالنا. ويجب أيضًا أن نتوق بشدة إلى إشباع قلبه.”
٢. تَحْرِصُونَ أَنْ تُقَرِّبُوهُ لِي فِي وَقْتِهِ: يتناول الإصحاحان التاليان تفاصيل نظام الذبائح الذي أسَّسه الله كجزءٍ من العهد الذي قطعه مع شعب إسرائيل عند جبل سيناء. وتشمل هذه التقدمات والذبائح ما يلي:
• تقدمات الصباح والمساء.
• تقدمة يوم السبت.
• التقدمة الشهرية (أو تقدمة رأس الشهر).
• تقدمات عيد الفصح وعيد الفطير.
• تقدمات عيد الأسابيع (عيد الخمسين).
• تقدمات عيد الأبواق.
• تقدمات يوم الكفارة.
• تقدمات عيد المظال.
أوصى الله قبل ذلك بحفظ تلك الأعياد أو المناسبات، لكنه لم يقدِّم سوى القليل من التفاصيل بشأن التقدمات المحدَّدة التي يجب تقديمها في تلك المناسبات اليومية، والأسبوعية، والشهرية، والسنوية. كان شعب إسرائيل يحتاج إلى الله في أوقات خاصة من السنة، مثل بداية كل شهر، ونهاية كل أسبوع، وعدة مرات خلال اليوم الواحد، وكانت هذه التقدمات تعبيرًا عن هذا الاحتياج.
“وهكذا، كانت التقدمات تتراكم بعضها فوق البعض، بل وتتداخل معًا في بعض الأحيان، فيما يبدو لنا اليوم وكأنه خليط مربك ومنهك. لكن تلك التقدمات كانت بمثابة تذكِرة دائمة بهوية الشعب، وهوية إلههم، وشدة حاجتهم إلى التجاوب معه في امتنان شديد.” ألن (Allen)
يتضح من خلال عدد الذبائح المطلوبة مدى صعوبة وظيفة الكاهن، ومدى صعوبة الوفاء بكلِّ التقدمات التي أمر بها الله. فقد كان الأمر يتطلب تقديم ذبائح خاصة كلَّ يوم، وكلَّ أسبوع، وكلَّ شهر، وعدة مرات في السنة، وهو ما كان يفوق ما يستطيع أي فرد في إسرائيل أن يأتي به إلى مذبح الله. كذلك، كانت أعمال تقطيع الذبائح، وسفك الدماء، والجز، وتقطيع الأعضاء، والتنظيف، وتقديم الذبائح، وحرقها، تتطلب الكثير من الجهد. لا عجب إذن أن كهنوت يسوع كان مميَّزًا، لأنه يوصَف بأنه جلس بعدما أكمل عمله (عبرانيين ١٠: ١١-١٢).
ب) الآيات (٣-٨): تقدمة الصباح والمساء.
٣وَقُلْ لَهُمْ: هذَا هُوَ الْوَقُودُ الَّذِي تُقَرِّبُونَ لِلرَّبِّ: خَرُوفَانِ حَوْلِيَّانِ صَحِيحَانِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُحْرَقَةً دَائِمَةً. ٤الْخَرُوفُ الْوَاحِدُ تَعْمَلُهُ صَبَاحًا، وَالْخَرُوفُ الثَّانِي تَعْمَلُهُ بَيْنَ الْعَشَاءَيْنِ. ٥وَعُشْرَ الإِيفَةِ مِنْ دَقِيق مَلْتُوتٍ بِرُبْعِ الْهِينِ مِنْ زَيْتِ الرَّضِّ تَقْدِمَةً. ٦مُحْرَقَةٌ دَائِمَةٌ. هِيَ الْمَعْمُولَةُ فِي جَبَلِ سِينَاءَ. لِرَائِحَةِ سَرُورٍ، وَقُودًا لِلرَّبِّ. ٧وَسَكِيبُهَا رُبْعُ الْهِينِ لِلْخَرُوفِ الْوَاحِدِ. فِي الْقُدْسِ اسْكُبْ سَكِيبَ مُسْكِرٍ لِلرَّبِّ. ٨وَالْخَرُوفُ الثَّانِي تَعْمَلُهُ بَيْنَ الْعَشَاءَيْنِ كَتَقْدِمَةِ الصَّبَاحِ، وَكَسَكِيبِهِ تَعْمَلُهُ وَقُودَ رَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ.
١. لِكُلِّ يَوْمٍ مُحْرَقَةً دَائِمَةً: أُمِر شعب إسرائيل بأن يقربوا خَرُوفًا ذكرًا للرب كلَّ صباح وكلَّ مساء. وبهذا، كان كل يوم يبدأ وينتهي بإقرار الشعب بحاجتهم إلى الكفارة من خلال الذبيحة، وبتعبيرهم عن الخضوع والتكريس للرب.
• يسرد كول (Cole) خمسة جوانب من الدلالة اللاهوتية للمحرقة: “(١) إن المحرقة الكاملة هي وسيلة لتقديم الذبيحة المادية بكاملها للرب، بحيث يقدَّم المنظور إلى عالم غير المنظور، فيدخل الدخان الصادر منها، بصورة رمزيَّة، إلى أنف الله مثل رائحة عطرة تبعث فيه السرور؛ (٢) يجب أن يكون الحيوان صحيحًا وبلا عيب، لأن الله لا يطالب بأقلِّ من الطهارة المطلقة؛ (٣) لا شيء من الذبيحة يجب أن يرجع إلى مقدِّمها، وهو ما يدل على ملكية الله الكاملة لهذه الذبيحة؛ (٤) تقدَّم الذبائح في العلن، تعبيرًا عن إيمان وطاعة أولئك الذين كان ينبغي أن يكونوا طاهرين طقسيًّا قبل تقديم الذبيحة؛ (٥) كان الدم، وهو رمزٌ لحياة الذبيحة، يُسكب فوق المذبح كوسيلة للتعبير عن إرجاع الحياة إلى واهب الحياة.”
٢. دَقِيقٍ… زَيْتِ الرَّضِّ تَقْدِمَةً… وَسَكِيبُهَا: إلى جانب الخروفين اللذين كان ينبغي أن يقدَّما ذبيحة في الصباح والمساء، أُمِر شعب إسرائيل بأن يقرِّبوا تلك التقدمات الإضافية، كلَّ صباح وكلَّ مساء.
• في هذه الإصحاحات، أمر الله بتقريب تقدمات من دقيق، وزيت، وتقدمة سكيب في بعض الأحيان، في الأيام والأعياد. “لا يقل الدقيق أهمية عن الحيوان. والخمر لا يقل أهمية عن الزيت. ولن تكون الذبائح لائقة إذا لم يكن أي عنصر منها مقبولًا، أو إذا لم يقدَّم بالكميات أو النسب الصحيحة.” ألن (Allen)
٣. تَعْمَلُهُ صَبَاحًا… تَعْمَلُهُ بَيْنَ الْعَشَاءَيْنِ: من اللائق أن يبدأ شعب الله يومهم وينهونه بإعلان ثقتهم في كفارة الله، والتعبير عن تكريسهم له.
• كان كاتب المزمور مثالًا لنا في طلب الرب في الصباح:
“يَا رَبُّ، بِالْغَدَاةِ تَسْمَعُ صَوْتِي. بِالْغَدَاةِ أُوَجِّهُ صَلَاتِي نَحْوَكَ وَأَنْتَظِرُ” (مزمور ٥: ٣)
“أَمَّا أَنَا فَإِلَيْكَ يَا رَبُّ صَرَخْتُ، وَفِي الْغَدَاةِ صَلَاتِي تَتَقَدَّمُكَ” (مزمور ٨٨: ١٣)
• كذلك، كان مثالًا لنا في طلب الرب في المساء:
“إِذَا ذَكَرْتُكَ عَلَى فِرَاشِي، فِي السُّهْدِ أَلْهَجُ بِكَ” (مزمور ٦٣: ٦)
“لِتَسْتَقِمْ صَلَاتِي كَالْبَخُورِ قُدَّامَكَ. لِيَكُنْ رَفْعُ يَدَيَّ كَذَبِيحَةٍ مَسَائِيَّةٍ” (مزمور ١٤١: ٢)
• وكان مثالًا لنا أيضًا في طلب الرب كلَّ حين:
“مَسَاءً وَصَبَاحًا وَظُهْرًا أَشْكُو وَأَنُوحُ، فَيَسْمَعُ صَوْتِي” (مزمور ٥٥: ١٧)
• وقد مات يسوع، حمل الله، في وقت تقدمة المساء.
ج) الآيات (٩-١٠): تقدمة يوم السبت.
٩وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ خَرُوفَانِ حَوْلِيَّانِ صَحِيحَانِ، وَعُشْرَانِ مِنْ دَقِيق مَلْتُوتٍ بِزَيْتٍ تَقْدِمَةً مَعَ سَكِيبِهِ، ١٠مُحْرَقَةُ كُلِّ سَبْتٍ، فَضْلًا عَنِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَسَكِيبِهَا.
١. وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ خَرُوفَانِ: في يوم السبت، كان ينبغي تقديم خروفين ذبيحةً، واحد في الصباح والآخر في المساء.
٢. فَضْلًا عَنِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَسَكِيبِهَا: كانت تقدمة يوم السبت تقرَّب إلى جانب تقدمات الصباح والمساء اليومية.
د ) الآيات (١١-١٥): التقدمة الشهرية، أو تقدمة رأس الشهر.
١١«وَفِي رُؤُوسِ شُهُورِكُمْ تُقَرِّبُونَ مُحْرَقَةً لِلرَّبِّ: ثَوْرَيْنِ ابْنَيْ بَقَرٍ، وَكَبْشًا وَاحِدًا، وَسَبْعَةَ خِرَافٍ حَوْلِيَّةٍ صَحِيحَةٍ، ١٢وَثَلاَثَةَ أَعْشَارٍ مِنْ دَقِيق مَلْتُوتٍ بِزَيْتٍ تَقْدِمَةً لِكُلِّ ثَوْرٍ. وَعُشْرَيْنِ مِنْ دَقِيق مَلْتُوتٍ بِزَيْتٍ تَقْدِمَةً لِلْكَبْشِ الْوَاحِدِ. ١٣وَعُشْرًا وَاحِدًا مِنْ دَقِيق مَلْتُوتٍ بِزَيْتٍ تَقْدِمَةً لِكُلِّ خَرُوفٍ. مُحْرَقَةً رَائِحَةَ سَرُورٍ وَقُودًا لِلرَّبِّ. ١٤وَسَكَائِبُهُنَّ تَكُونُ نِصْفَ الْهِينِ لِلثَّوْرِ، وَثُلْثَ الْهِينِ لِلْكَبْشِ، وَرُبْعَ الْهِينِ لِلْخَرُوفِ مِنْ خَمْرٍ. هذِهِ مُحْرَقَةُ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ أَشْهُرِ السَّنَةِ. ١٥وَتَيْسًا وَاحِدًا مِنَ الْمَعْزِ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ لِلرَّبِّ. فَضْلًا عَنِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ يُقَرَّبُ مَعَ سَكِيبِهِ.
١. وَفِي رُؤُوسِ شُهُورِكُمْ تُقَرِّبُونَ مُحْرَقَةً لِلرَّبِّ: كانت الشهور تقسَّم في إسرائيل بناءً على دورة القمر. وفي بداية كلِّ شهر، كان على الشعب أن يقدِّموا مُحْرَقَةً كبيرة، تعبيرًا عن تكريسهم للرب.
• كانت ذبيحة رأس الشهر “فرصةً للعبادة العائلية (١صموئيل ٢٠: ٥-٦؛ ٢ملوك ٤: ٢٣)، ولإيقاف كلِّ عمليات البيع والشراء (عاموس ٨: ٥). ونظير أعياد العهد القديم الأخرى، كان رأس الشهر ظلًّا للعهد الجديد الذي دشَّنه المسيح (كولوسي ٢: ١٦-١٧؛ راجع إشعياء ٦٦: ٢٣).” وينهام (Wenham)
• يعرض ١صموئيل ٢٠: ٥-٦ مثالًا للكيفية التي كان من الممكن لهذه التقدمة أن تصير بها جزءًا من وليمة شهرية تُقام لرؤساء الشعب.
• “توحي مقاطع كتابية أخرى بأن أبواقًا ربما كانت تستخدَم بمناسبة حلول رأس الشهر، وبأن احتفالًا موسيقيًّا مطوَّلًا وموسعًا ربما كان يقام في الشهر السابع بصفة خاصة.” واتسون (Watson)
٢. ثَوْرَيْنِ ابْنَيْ بَقَرٍ، وَكَبْشًا وَاحِدًا، وَسَبْعَةَ خِرَافٍ: كانت هذه الذبائح الكثيرة مصحوبةً بتَقْدِمَةٍ وسَكِيبِ. وكان هذا طقسًا عظيمًا يميِّز بداية كل شهر. وفضلًا عن ذلك، كان تَيْسًا وَاحِدًا مِنَ الْمَعْزِ يقدَّم ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ.
• كان ينبغي تقديم تَيْسًا وَاحِدًا مِنَ الْمَعْزِ … لِلرَّبِّ، “وليس للقمر كما كان الأمم يفعلون.” بوله (Poole)
• “في وقت لاحق من تاريخ إسرائيل، أصبحت رؤوس الشهور على ما يبدو فرصًا للتجاوزات والسلوك باستباحة. وفي أسفار الأنبياء، قال الله لشعبه الخاطئ: ’رُؤُوسُ شُهُورِكُمْ وَأَعْيَادُكُمْ بَغَضَتْهَا نَفْسِي‘ (راجع إشعياء ١: ١٤).” ألن (Allen)
• يبيِّن إشعياء ١: ١٤ كيف فسدت هذه الأعياد: “رُؤُوسُ شُهُورِكُمْ وَأَعْيَادُكُمْ بَغَضَتْهَا نَفْسِي. صَارَتْ عَلَيَّ ثِقْلًا. مَلِلْتُ حَمْلَهَا.” فإن التزامنا بالأمور التي يوصي بها الله قد يتحول إلى طقوس فارغة ترهق الله بدلًا من أن تكرمه.
٣. كُلِّ شَهْرٍ مِنْ أَشْهُرِ السَّنَةِ: نلاحظ هنا تدرُّجًا في عدد الذبائح المطلوبة، من اليوم إلى الأسبوع إلى الشهر. وهذا صحيحٌ، ولا سيما عند الأخذ في الاعتبار أنه لم تكن أيُّ ذبيحة من الذبائح المنصوص عليها تلغي الذبيحة السابقة لها. ففي يوم السبت، كان ينبغي أيضًا تقديم الذبائح اليومية. وإذا جاء أول الشهر في يوم سبت، كان على الشعب أن يقدِّموا الذبائح الثلاث جميعها في ذلك اليوم (الذبائح اليومية، والأسبوعية، والشهرية).
• كان هذا إعلانًا مذهلًا للمبدأ الذي مفاده أنه بمرور الوقت، لا يتناقص احتياجنا، بل بالأحرى يزداد. فإن حاجتنا إلى اتباع نظام الذبائح الذي وضعه الله، والتجاوب معه، يصير أكبر وليس أقل. وحاجتنا إلى التسليم الكامل للرب، من خلال الذبيحة التي يطالب بها، يصير أكبر وليس أقل.
• “كان على العابدين ليس فقط أن يأتوا بعطاياهم، بل أن يأتوا بالعطايا المنصوص عليها، والتي بها يقرُّون بالضرورة الدائمة للتكفير عن خطاياهم. فإن نظرة عامة على تاريخ إسرائيل بأكمله تُظهِر أنه بمرور الوقت، كان عدد الذبائح يزداد، وكانت أهمية الطقوس الدينية تتزايد.” مورجان (Morgan)
ثانيًا. التقدمات المتعلقة بالأعياد
أ ) الآيات (١٦-٢٥): تقدمات عيد الفصح وعيد الفطير.
١٦«وَفِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ، فِي الْيَوْمِ الرَّابعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ فِصْحٌ لِلرَّبِّ. ١٧وَفِي الْيَوْمِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ هذَا الشَّهْرِ عِيدٌ. سَبْعَةَ أَيَّامٍ يُؤْكَلُ فَطِيرٌ. ١٨فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ. عَمَلًا مَا مِنَ الشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا. ١٩وَتُقَرِّبُونَ وَقُودًا مُحْرَقَةً لِلرَّبِّ: ثَوْرَيْنِ ابْنَيْ بَقَرٍ، وَكَبْشًا وَاحِدًا، وَسَبْعَةَ خِرَافٍ حَوْلِيَّةٍ. صَحِيحَةً تَكُونُ لَكُمْ. ٢٠وَتَقْدِمَتُهُنَّ مِنْ دَقِيق مَلْتُوتٍ بِزَيْتٍ: ثَلاَثَةَ أَعْشَارٍ تَعْمَلُونَ لِلثَّوْرِ، وَعُشْرَيْنِ لِلْكَبْشِ، ٢١وَعُشْرًا وَاحِدًا تَعْمَلُ لِكُلِّ خَرُوفٍ مِنَ السَّبْعَةِ الْخِرَافِ، ٢٢وَتَيْسًا وَاحِدًا ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ لِلتَّكْفِيرِ عَنْكُمْ. ٢٣فَضْلًا عَنْ مُحْرَقَةِ الصَّبَاحِ الَّتِي لِمُحْرَقَةٍ دَائِمَةٍ تَعْمَلُونَ هذِهِ. ٢٤هكَذَا تَعْمَلُونَ كُلَّ يَوْمٍ، سَبْعَةَ أَيَّامٍ طَعَامَ وَقُودِ رَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ، فَضْلًا عَنِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ يُعْمَلُ مَعَ سَكِيبِهِ. ٢٥وَفِي الْيَوْمِ السَّابعِ يَكُونُ لَكُمْ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ. عَمَلًا مَا مِنَ الشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا.
١. وَفِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ، فِي الْيَوْمِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ فِصْحٌ لِلرَّبِّ: في عيد الفصح، كان على كلِّ بيت في إسرائيل أن يقدِّم خروفًا، ويأكله أفراد العائلة معًا، تذكارًا لنجاتهم من أرض مصر.
• “إن عيد الفصح، الذي هو أول الأعياد الكبرى، والذي يُعَد فريضةً مقدَّسةً، لم يُذكَر سوى في هذا الجزء من سفر العدد. كان الاحتفال بهذا العيد احتفالًا عائليًّا في المقام الأول، وليس احتفالًا كهنوتيًّا. وكانت له دلالة عظيمة، مرموز لها بأكل الخروف مع أعشاب مُرّة.” واتسون (Watson).
٢. وَفِي الْيَوْمِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ عِيدٌ: في اليوم التالي للفصح، يبدأ عِيد الفَطِير. وكان على الشعب ألا يأكلوا أيَّ شيء به خمير لمدة سبعة أيام.
• “هذا الاحتفال المزدوج بعيد الفصح وعيد الفطير معًا يعكس كلا جانبي الأعياد السنوية، وهما حدث الخلاص الأعظم الذي صنعه الله بتحرير شعب إسرائيل من أرض مصر، وكذلك استمرار الله في حفظهم ومباركتهم من خلال حصاد الشعير في الربيع.” كول (Cole)
٣. ثَوْرَيْنِ ابْنَيْ بَقَرٍ، وَكَبْشًا وَاحِدًا، وَسَبْعَةَ خِرَافٍ: كان ينبغي تقديم هذه الحيوانات مُحْرَقَةً على مذبح الرب في خيمة الاجتماع، مع تَقْدِمَتُهُنَّ، وتَيْسًا وَاحِدًا ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، كلَّ يوم طوال الأيام السبعة لعيد الفطير، هذا كله بالإضافة إلى الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ… مَعَ سَكِيبِهِ.
٤. يَكُونُ لَكُمْ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ: تميَّزت هذه الأيام بكونها اجتماعًا مقدسًا لشعب إسرائيل. وخلال تلك الأيام، كان عليهم ألا يعملوا عَمَلًا مَّا مِنَ الشُّغْلِ.
ب) الآيات (٢٦-٣١): تقدمات يوم الباكورة (عيد الأسابيع أو عيد الخمسين).
٢٦«وَفِي يَوْمِ الْبَاكُورَةِ، حِينَ تُقَرِّبُونَ تَقْدِمَةً جَدِيدَةً لِلرَّبِّ فِي أَسَابِيعِكُمْ، يَكُونُ لَكُمْ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ. عَمَلًا مَا مِنَ الشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا. ٢٧وَتُقَرِّبُونَ مُحْرَقَةً لِرَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ: ثَوْرَيْنِ ابْنَيْ بَقَرٍ، وَكَبْشًا وَاحِدًا، وَسَبْعَةَ خِرَافٍ حَوْلِيَّةٍ. ٢٨وَتَقْدِمَتُهُنَّ مِنْ دَقِيق مَلْتُوتٍ بِزَيْتٍ: ثَلاَثَةَ أَعْشَارٍ لِكُلِّ ثَوْرٍ، وَعُشْرَيْنِ لِلْكَبْشِ الْوَاحِدِ، ٢٩وَعُشْرًا وَاحِدًا لِكُلِّ خَرُوفٍ مِنَ السَّبْعَةِ الْخِرَافِ. ٣٠وَتَيْسًا وَاحِدًا مِنَ الْمَعْزِ لِلتَّكْفِيرِ عَنْكُمْ، ٣١فَضْلًا عَنِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَتَقْدِمَتِهَا تَعْمَلُونَ. مَعَ سَكَائِبِهِنَّ صَحِيحَاتٍ تَكُونُ لَكُمْ.
١. يَكُونُ لَكُمْ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ: كان يَوْمِ الْبَاكُورَةِ (الذي يُعرَف أيضًا باسم عيد الأسابيع أو عيد الخمسين) هو أيضًا وقت اجتماع مقدَّس لشعب إسرائيل، وكان عليهم ألا يعملوا عَمَلًا مَّا مِنَ الشُّغْلِ.
• “كان يوم الباكورة (عيد الأسابيع) يسمَّى أيضًا يوم أَبْكَارِ حَصَادِ الْحِنْطَةِ (خروج ٣٤: ٢٢). وكان أبرز حدث في هذا العيد هو ترديد الكاهن رغيفي خبز من دقيق جديد، وتقديم خروفَين ذبيحة سلامة (لاويين ٢٣: ١٥-٢١).” كول (Cole)
٢. ثَوْرَيْنِ ابْنَيْ بَقَرٍ، وَكَبْشًا وَاحِدًا، وَسَبْعَةَ خِرَافٍ: كانت تقدمة دقيق تقرَّب في يَوْمِ الْبَاكُورَةِ للتعبير عن الشكر لأجل الحصاد. وبالإضافة إلى تلك التقدمة، كانت هذه الحيوانات تقدَّم مُحْرَقَةً، ومعها تَقْدِمَتُهُنَّ بالكمية المناسبة لكلِّ ذبيحة. وإلى جانب كل ذلك، كان على الشعب أيضًا أن يقدِّموا تَيْسًا وَاحِدًا مِنَ الْمَعْزِ لِلتَّكْفِيرِ عنهم.
• حتى في هذا العيد الذي كان محوره الشكر لأجل الحصاد، كان لا يزال على شعب إسرائيل أن يتذكَّروا تكريسهم الكامل لله عن طريق المحرقات، وحاجتهم إلى الكفارة عن طريق ذبائح الخطية. فإن الله يريد أن يعيش شعبه في حالة مستمرة من الاتكال على ذبيحته الكفارية، ومن التكريس الكامل له.
• صَحِيحَاتٍ تَكُونُ لَكُمْ: “علينا أن نفهم أن هذا لم يكن ينطبق فقط على الحيوانات، بل على الدقيق، والخمر، والزيت أيضًا. فقد كان ينبغي أن يكون كل شيء كاملًا ومثاليًّا، بغض النظر عن نوعه.” كلارك (Clarke)