سفر العدد – الإصحاح ٢٩
ذبائح الأعياد الأخرى
أولًا. المزيد من التقدمات المتصلة بالأعياد
أ ) الآيات (١-٦): تقدمات عيد الأبواق.
١«وَفِي الشَّهْرِ السَّابعِ، فِي الأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ، يَكُونُ لَكُمْ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ. عَمَلًا مَا مِنَ الشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا. يَوْمَ هُتَافِ بُوق يَكُونُ لَكُمْ. ٢وَتَعْمَلُونَ مُحْرَقَةً لِرَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ: ثَوْرًا وَاحِدًا ابْنَ بَقَرٍ، وَكَبْشًا وَاحِدًا، وَسَبْعَةَ خِرَافٍ حَوْلِيَّةٍ صَحِيحَةٍ. ٣وَتَقْدِمَتَهُنَّ مِنْ دَقِيق مَلْتُوتٍ بِزَيْتٍ: ثَلاَثَةَ أَعْشَارٍ لِلثَّوْرِ، وَعُشْرَيْنِ لِلْكَبْشِ، ٤وَعُشْرًا وَاحِدًا لِكُلِّ خَرُوفٍ مِنَ السَّبْعَةِ الْخِرَافِ. ٥وَتَيْسًا وَاحِدًا مِنَ الْمَعْزِ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ لِلتَّكْفِيرِ عَنْكُمْ، ٦فَضْلًا عَنْ مُحْرَقَةِ الشَّهْرِ وَتَقْدِمَتِهَا وَالْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَتَقْدِمَتِهَا مَعَ سَكَائِبِهِنَّ كَعَادَتِهِنَّ رَائِحَةَ سَرُورٍ وَقُودًا لِلرَّبِّ.
١. يَوْمَ هُتَافِ بُوقٍ: كان عيد الأبواق هو العيد الثالث الذي يُعَد اجتماعًا مقدسًا للشعب (مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ)، والذي كان ينبغي ألا يعملوا فيه عَمَلًا مَّا مِنَ الشُّغْلِ.
• “بحسب التقليد اليهودي، أصبح هذا العيد فيما بعد يأتي في بداية السنة (’روش هاشناه‘ أو ’رأس السنة‘). والبوق الذي يجب النفخ فيه في هذا العيد هو بوق الهتاف، المصنوع من قرن الكباش، وليس البوقين من الفضة المذكورَين في العدد ١٠.” ألن (Allen)
٢. ثَوْرًا وَاحِدًا ابْنَ بَقَرٍ، وَكَبْشًا وَاحِدًا، وَسَبْعَةَ خِرَافٍ: شكَّلت هذه الحيوانات المُحْرَقَة التي كان ينبغي أن تقدَّم في عيد الأبواق، ومعها تَقْدِمَة بكميات مناسبة لكلِّ ذبيحة، بالإضافة إلى ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ من تَيْس وَاحِد مِنَ الْمَعْزِ.
٣. فَضْلًا عَنْ مُحْرَقَةِ الشَّهْرِ وَتَقْدِمَتِهَا وَالْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ: الذبائح الخاصة التي كان ينبغي أن تقدَّم في عيد الأبواق لم تكن تحلُّ محلَّ الذبائح اليومية أو الأسبوعية أو الشهرية المشار إليها سابقًا في سفر العدد ٢٨. فإن الالتزامات الخاصة لم تكن تحل محل الالتزامات المعتادة، بل كانت تضاف إليها.
ب) الآيات (٧-١١): تقدمات يوم الكفارة.
٧«وَفِي عَاشِرِ هذَا الشَّهْرِ السَّابعِ، يَكُونُ لَكُمْ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ، وَتُذَلِّلُونَ أَنْفُسَكُمْ. عَمَلًا مَا لاَ تَعْمَلُوا. ٨وَتُقَرِّبُونَ مُحْرَقَةً لِلرَّبِّ رَائِحَةَ سَرُورٍ: ثَوْرًا وَاحِدًا ابْنَ بَقَرٍ، وَكَبْشًا وَاحِدًا، وَسَبْعَةَ خِرَافٍ حَوْلِيَّةٍ. صَحِيحَةً تَكُونُ لَكُمْ. ٩وَتَقْدِمَتُهُنَّ مِنْ دَقِيق مَلْتُوتٍ بِزَيْتٍ: ثَلاَثَةُ أَعْشَارٍ لِلثَّوْرِ، وَعُشْرَانِ لِلْكَبْشِ الْوَاحِدِ، ١٠وَعُشْرٌ وَاحِدٌ لِكُلِّ خَرُوفٍ مِنَ السَّبْعَةِ الْخِرَافِ. ١١وَتَيْسًا وَاحِدًا مِنَ الْمَعْزِ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، فَضْلًا عَنْ ذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ لِلْكَفَّارَةِ وَالْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَتَقْدِمَتِهَا مَعَ سَكَائِبِهِنَّ.
١. وَفِي عَاشِرِ هَذَا الشَّهْرِ السَّابِعِ: ذُكِرت طقوس ذبائح يوم الكفارة في اللاويين ١٦. فقد كان على رئيس الكهنة أن يقدم ثورًا واحدًا، وكبشَين، وتيسَين من المعز. بالإضافة إلى ذلك، أمر الله هنا بتقديم ذبيحة إضافية مكوَّنة من ثَوْر وَاحِد ابْنَ بَقَرٍ، وَكَبْش وَاحِد، وَسَبْعَةَ خِرَافٍ، ومعها ما يناسبها من تَقْدِمَتِهَا، بالإضافة إلى تقديم تَيْس وَاحِد مِنَ الْمَعْزِ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. كل ذلك فَضْلًا عَنْ ذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ لِلْكَفَّارَةِ، والْمُحْرَقَةِ اليومية المعتادة، مع تَقْدِمَتِهَا مَعَ سَكَائِبِهِنَّ.
٢. وَتُذَلِّلُونَ أَنْفُسَكُم: لم يكن يوم الكفارة مناسبة سعيدة، لكنه كان يومًا مخصَّصًا للتفكير المتمعن في وطأة وثقل الخطية، وللتخلص منها على مستوى الشعب بأكمله، من خلال الذبائح المنصوص عليها.
• كان الهدف من أمر الله ’تُذَلِّلُونَ أَنْفُسَكُمْ‘ هو إظهار الاتضاع والتوبة اللائقَين بأناسٍ يحتاجون إلى الغفران. وكان هذا أيضًا بمثابة اتحادٍ بذبيحة الخطية. كان إذلال النفس يثير في الإسرائيلي تعاطفًا مع الذبيحة التي تتعرَّض للإذلال، تماما كما يتحد المؤمن بيسوع المسيح على الصليب. وعبر التاريخ وحتى يومنا هذا، اعتاد اليهود الذين يحتفلون بيوم الكفارة (يوم كيبور) أن يصوموا في ذلك اليوم بهدف إذلال أنفسهم.
• “الكلمة التي تُرجِمت إلى تُذَلِّلُونَ (ana) معناها ’تقمعون، أو تعذِّبون، أو تتضعون، أو تنكرون، أو تحرمون.‘ وهي تُستخدَم في بعض الأحيان في سياق الصوم (عزرا ٨: ٢١). وهذه الوسيلة لإنكار الذات صارت هي الوسيلة الرئيسية للمشاركة الفردية في يوم الكفارة خلال أواخر فترة ما بعد السبي، التي فيها أصبح هذا اليوم يُعرف باسم ’يوم الصوم.‘” كول (Cole)
• تُذَلِّلُونَ أَنْفُسَكُمْ: “وذلك من خلال الصوم، والامتناع عن كل الملذات، والندم والحزن المر على خطاياكم، وعلى دينونات الله إما التي تستحقونها، وإما التي أصابتكم بالفعل بسبب خطاياكم.” بوله (Poole)
ج) الآيات (١٢-٣٩): تقدمات عيد المظال.
١٢«وَفِي الْيَوْمِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ السَّابعِ، يَكُونُ لَكُمْ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ. عَمَلًا مَا مِنَ الشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا. وَتُعَيِّدُونَ عِيدًا لِلرَّبِّ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. ١٣وَتُقَرِّبُونَ مُحْرَقَةً، وَقُودَ رَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ: ثَلاَثَةَ عَشَرَ ثَوْرًا أَبْنَاءَ بَقَرٍ، وَكَبْشَيْنِ، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ خَرُوفًا حَوْلِيًّا. صَحِيحَةً تَكُونُ لَكُمْ. ١٤وَتَقْدِمَتُهُنَّ مِنْ دَقِيق مَلْتُوتٍ بِزَيْتٍ: ثَلاَثَةُ أَعْشَارٍ لِكُلِّ ثَوْرٍ مِنَ الثَّلاَثَةَ عَشَرَ ثَوْرًا، وَعُشْرَانِ لِكُلِّ كَبْشٍ مِنَ الْكَبْشَيْنِ، ١٥وَعُشْرٌ وَاحِدٌ لِكُلِّ خَرُوفٍ مِنَ الأَرْبَعَةَ عَشَرَ خَرُوفًا، ١٦وَتَيْسًا وَاحِدًا مِنَ الْمَعْزِ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، فَضْلًا عَنِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَتَقْدِمَتِهَا وَسَكِيبِهَا. ١٧«وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي: اثْنَيْ عَشَرَ ثَوْرًا أَبْنَاءَ بَقَرٍ، وَكَبْشَيْنِ، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ خَرُوفًا حَوْلِيًّا صَحِيحًا. ١٨وَتَقْدِمَتَهُنَّ وَسَكَائِبَهُنَّ لِلثِّيرَانِ وَالْكَبْشَيْنِ وَالْخِرَافِ حَسَبَ عَدَدِهِنَّ كَالْعَادَةِ. ١٩وَتَيْسًا وَاحِدًا مِنَ الْمَعْزِ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، فَضْلًا عَنِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَتَقْدِمَتِهَا مَعَ سَكَائِبِهِنَّ. ٢٠«وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ: أَحَدَ عَشَرَ ثَوْرًا، وَكَبْشَيْنِ، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ خَرُوفًا حَوْلِيًّا صَحِيحًا. ٢١وَتَقْدِمَتَهُنَّ وَسَكَائِبَهُنَّ لِلثِّيرَانِ وَالْكَبْشَيْنِ وَالْخِرَافِ حَسَبَ عَدَدِهِنَّ كَالْعَادَةِ. ٢٢وَتَيْسًا وَاحِدًا لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ، فَضْلًا عَنِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَتَقْدِمَتِهَا وَسَكِيبِهَا. ٢٣«وَفِي الْيَوْمِ الرَّابعِ: عَشَرَةَ ثِيرَانٍ، وَكَبْشَيْنِ، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ خَرُوفًا حَوْلِيًّا صَحِيحًا. ٢٤وَتَقْدِمَتَهُنَّ وَسَكَائِبَهُنَّ لِلثِّيرَانِ وَالْكَبْشَيْنِ وَالْخِرَافِ حَسَبَ عَدَدِهِنَّ كَالْعَادَةِ. ٢٥وَتَيْسًا وَاحِدًا مِنَ الْمَعْزِ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ، فَضْلًا عَنِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَتَقْدِمَتِهَا وَسَكِيبِهَا. ٢٦«وَفِي الْيَوْمِ الْخَامِسِ: تِسْعَةَ ثِيرَانٍ، وَكَبْشَيْنِ، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ خَرُوفًا حَوْلِيًّا صَحِيحًا. ٢٧وَتَقْدِمَتَهُنَّ وَسَكَائِبَهُنَّ لِلثِّيرَانِ وَالْكَبْشَيْنِ وَالْخِرَافِ حَسَبَ عَدَدِهِنَّ كَالْعَادَةِ. ٢٨وَتَيْسًا وَاحِدًا لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ، فَضْلًا عَنِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَتَقْدِمَتِهَا وَسَكِيبِهَا. ٢٩«وَفِي الْيَوْمِ السَّادِسِ: ثَمَانِيَةَ ثِيرَانٍ، وَكَبْشَيْنِ، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ خَرُوفًا حَوْلِيًّا صَحِيحًا. ٣٠وَتَقْدِمَتَهُنَّ وَسَكَائِبَهُنَّ لِلثِّيرَانِ وَالْكَبْشَيْنِ وَالْخِرَافِ حَسَبَ عَدَدِهِنَّ كَالْعَادَةِ. ٣١وَتَيْسًا وَاحِدًا لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ، فَضْلًا عَنِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَتَقْدِمَتِهَا وَسَكِيبِهَا. ٣٢«وَفِي الْيَوْمِ السَّابعِ: سَبْعَةَ ثِيرَانٍ، وَكَبْشَيْنِ، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ خَرُوفًا حَوْلِيًّا صَحِيحًا. ٣٣وَتَقْدِمَتَهُنَّ وَسَكَائِبَهُنَّ لِلثِّيرَانِ وَالْكَبْشَيْنِ وَالْخِرَافِ حَسَبَ عَدَدِهِنَّ كَعَادَتِهِنَّ. ٣٤وَتَيْسًا وَاحِدًا لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ، فَضْلًا عَنِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَتَقْدِمَتِهَا وَسَكِيبِهَا. ٣٥«فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ: يَكُونُ لَكُمُ اعْتِكَافٌ. عَمَلًا مَا مِنَ الشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا. ٣٦وَتُقَرِّبُونَ مُحْرَقَةً وَقُودًا رَائِحَةَ سَرُورٍ لِلرَّبِّ: ثَوْرًا وَاحِدًا، وَكَبْشًا وَاحِدًا، وَسَبْعَةَ خِرَافٍ حَوْلِيَّةٍ صَحِيحَةٍ. ٣٧وَتَقْدِمَتَهُنَّ وَسَكَائِبَهُنَّ لِلثَّوْرِ وَالْكَبْشِ وَالْخِرَافِ حَسَبَ عَدَدِهِنَّ كَالْعَادَةِ. ٣٨وَتَيْسًا وَاحِدًا لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ، فَضْلًا عَنِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَتَقْدِمَتِهَا وَسَكِيبِهَا. ٣٩هذِهِ تُقَرِّبُونَهَا لِلرَّبِّ فِي مَوَاسِمِكُمْ، فَضْلًا عَنْ نُذُورِكُمْ وَنَوَافِلِكُمْ مِنْ مُحْرَقَاتِكُمْ وَتَقْدِمَاتِكُمْ وَسَكَائِبِكُمْ وَذَبَائِحِ سَلاَمَتِكُمْ».
١. ثَلَاثَةَ عَشَرَ ثَوْرًا أَبْنَاءَ بَقَرٍ، وَكَبْشَيْنِ، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ خَرُوفًا: كانت هذه هي الذبائح المطلوبة في اليوم الأول من عيد المظال، بالإضافة إلى تَقْدِمَتُهُنَّ، وتَيْسًا وَاحِدًا مِنَ الْمَعْزِ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. وكل هذا فَضْلًا عَنِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَتَقْدِمَتِهَا وَسَكِيبِهَا.
• “ورد ذكر عيد المظال في العهد الجديد في يوحنا ٧: ٢، ٣٧. ففي اليوم الأخير، الذي هو أهم أيام هذا العيد، وقف يسوع في الهيكل في أورشليم، ودعا العطاش روحيًّا إلى المجيء إليه (يوحنا ٧: ٣٧-٣٨).” ألن (Allen)
٢. اثْنَيْ عَشَرَ ثَوْرًا أَبْنَاءَ بَقَرٍ، وَكَبْشَيْنِ، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ خَرُوفًا: كانت هذه هي الذبائح المطلوبة في اليوم الثاني من عيد المظال. حيث كان عدد الثيران المطلوبة أقل من اليوم السابق بثور واحد، في حين طُلِب العدد نفسه من الكباش والخراف، والتقدمات المناسبة لهم. ظل هذا العدد يتناقص بمقدار ثور واحد في كل يوم من أيام عيد المظال، حتى الْيَوْمِ السَّابِعِ، حيث كان ينبغي تقديم سَبْعَةَ ثِيرَانٍ. أما في اليوم الأخير من العيد، وهو الْيَوْمِ الثَّامِنِ، فكان ينبغي تقديم ثَوْرًا وَاحِدًا، وَكَبْشًا وَاحِدًا، وَسَبْعَةَ خِرَافٍ.
• “وبهذا، أمكن للروح القدس أن يعلِّمهم بأن واجبهم هو أن ينموا في النعمة، ويزدادوا في القداسة، بحيث تتناقص خطاياهم، فيتناقص معها كلَّ يوم أيضًا عدد ذبائحهم التي يكفَّر بها عن خطاياهم. أو ربما كان ذلك يشير إلى التناقص التدريجي في التقدمات المنصوص عليها في الشريعة، إلى أن تتلاشى تمامًا.” تراب (Trapp)
٣. وَسَكِيبِهَا: أمر الله بأن يضاف هذا السكيب إلى التقدمات بدايةً من اليوم الثاني، وأن يستمر ذلك حتى اليوم الثامن. وما من سبب واضح لعدم وجود السكيب في اليوم الأول (عدا السكيب اليومي الدائم).
٤. فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ: يَكُونُ لَكُمُ اعْتِكَافٌ: كان اليومان الأول والثامن من عيد المظال يومي اجتماع مقدَّس لشعب إسرائيل.
• فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ: “في القرن الأول الميلادي، كان الفريسيون يمارسون طقسًا يتمثَّل في حمل إبريق ذهبي كبير يحوي مياه الينابيع العذبة المأخوذة من بركة سلوام، والسير بها في موكب احتفالي في أنحاء المدينة، وصولًا إلى الهيكل، حيث كان هذا الماء يُسكَب كتقدمة سكيب لله فوق مذبح النحاس. وفي هذا الطقس، كان الماء، الذي كان رمزًا للحياة في كلِّ أنحاء العالم القديم، يُسكَب لله في شكرٍ على أمطار العام الماضي، وفي توقُّع لبركته المستقبلية على الشعب. وقد استخدم يسوع الرموز التي يعبِّر عنها هذا الطقس ليعلِّم درسًا رائعًا عن نفسه، وهو أنه المصدر الحقيقي للحياة المرموز إليها بالماء الحي.” كول (Cole)
• الْيَوْمِ الثَّامِنِ: “كان هذا هو اليوم الأخير العظيم من العيد، كما أُطلِق عليه في يوحنا ٧: ٣٧. ومع ذلك، كانت الذبائح التي تقدَّم فيه أقل من أيِّ يوم آخر، حيث أراد الله أن يعلِّمهم ألا يتكلوا على كثرة ذبائحهم، وألا يتوقعوا نوال غفران خطاياهم بفضلها هي، بل بالأحرى بفضل ذبيحة المسيح الواحدة والوحيدة.” بوله (Poole)
٥. هَذِهِ تُقَرِّبُونَهَا لِلرَّبِّ فِي مَوَاسِمِكُمْ: طالب الله بكلِّ هذا العدد من الحيوانات، وبكلِّ هذه الذبائح باهظة الثمن، لأن عيد المظال كان تذكارًا سعيدًا لأمانة الله من نحو شعب إسرائيل خلال رحلة الخروج. وكان تقديم هذا العدد الكبير من الحيوانات ذبيحةً بمثابة تعبيرٍ منهم عن غنى إمدادات الله لهم طوال السنوات التي قضوها في البرية.
ثانيًا. طاعة شعب إسرائيل
أ ) الآية (٤٠أ): موسى يكلِّم بني إسرائيل بكلام الرب.
٤٠فَكَلَّمَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ…
١. فَكَلَّمَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ: بما أن شعب إسرائيل كانوا الآن على مشارف أرض الموعد، كانوا بحاجة إذن إلى تذكيرٍ بالمكانة الأساسية التي تحتلُّها الذبيحة. فقد كان عليهم ألا يتجاهلوا الذبائح، أو يلغوها، لأنها تُعَد جزءًا من العهد الذي قطعه الله مع شعب إسرائيل عند جبل سيناء.
٢. كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ: هذه التقدمات المنصوص عليها ملأت كلَّ يوم، وكل أسبوع، وكل شهر، وكل سنة بالخضوع والتسليم والإكرام لله.
• “وبالتالي، كانت هذه الطقوس الدينية المهيبة تتخلَّل السنة بأكملها، وتشكِّل حياة الشعب. فإن بداية ونهاية كل يوم، وبداية كل أسبوع، وبداية كل شهر، وكذلك بداية ونهاية كل سنة كانت مختومةً بأمور مقدسة، وذلك حتى يَعلَم الشعب دائمًا أن العلاقة التي تربطهم بالله مبنية على أساس الذبيحة، وأنها تتجلَّى في العبادة.” مورجان (Morgan)
ب) الآية (٤٠ب): طاعة مكلفة.
… حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَهُ بِهِ الرَّبُّ مُوسَى.
١. حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ: كانت إطاعة شعب إسرائيل لما أمر به الله في سفر العدد ٢٨-٢٩ معناها أن يقدِّم الكهنة كلَّ سنة نيابةً عن الشعب ما لا يقل عن ١٠٨٦ خروفًا، و١١٣ ثورًا، و٣٢ كبشًا، وما يزيد على طن من الدقيق، ونحو ١٠٠٠ زجاجة من الزيت والخمر.
• من حيث العدد، كان الحيوان الأبرز الذي يُقدَّم ذبيحة هو الخروف. وهذه إشارة نبوية واضحة إلى يسوع، “حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ” (يوحنا ١: ٢٩).
• “كل الذبائح، سواء في الصباح أو المساء، أو في يوم السبت، أو في رأس الشهر، كانت تستمد معناها المطلق من موت المخلِّص. فدون موته، تصير هذه الذبائح مجرد قتلٍ لبعض الحيوانات، وحرقٍ لأجسادها، مع الطقوس الأخرى المصاحبة لذلك.” ألن (Allen)
٢. حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ: هذه الذبائح كلُّها لم تكن تشمل تلك التي يقدِّمها الأفراد أو العائلات. من الواضح إذن أن الكهنة واللاويين كانوا منشغلين بشدة بمهمة تقديم الذبائح، وكانت هذه المهمة تؤدَّى بتكلفة كبيرة عليهم.
• ثمة سجل يعود تاريخه إلى أيام يسوع، وورد فيه تقرير عن تقديم ٢٥٥,٦٠٠ خروف فصح ذبيحةً، في عيد فصح واحد، من أفراد وعائلات.
• من الجدير بالذكر أن لا شيء من تلك الذبائح كان كافيًا! فلم يكن بإمكان ذبيحة واحدة من مئات الآلاف من الذبائح التي قُدِّمت عبر القرون أن ترفع خطية الإنسان. فإن هذا لم يحدث إلا بتقديم ذبيحة كاملة، هي ذبيحة يسوع.