١ صموئيل ٢
صلاة حنة، وابنا عالي الشريران
أولًا. صلاة حنة
أ ) الآيات (١-٢): شكر وتسبيح.
١فَصَلَّتْ حَنَّةُ وَقَالَتْ: “فَرِحَ قَلْبِي بِٱلرَّبِّ. ٱرْتَفَعَ قَرْنِي بِٱلرَّبِّ. ٱتَّسَعَ فَمِي عَلَى أَعْدَائِي، لِأَنِّي قَدِ ٱبْتَهَجْتُ بِخَلَاصِكَ. ٢لَيْسَ قُدُّوسٌ مِثْلَ ٱلرَّبِّ، لِأَنَّهُ لَيْسَ غَيْرَكَ، وَلَيْسَ صَخْرَةٌ مِثْلَ إِلَهِنَا.”
- فَصَلَّتْ حَنَّةُ وَقَالَتْ: انتهت ١ صموئيل ١: ٢٨ بالقول: ’وسجد (سجدوا) هناك للرب.‘ وتسجل هذه الترنيمة ترنيمة عبادة حنة المقدمة في نفس اليوم الذي تركت فيه ابنها الصغير، ابنها الوحيد في خيمة الاجتماع، والذي لن يعود ليسكن في بيتها مرة أخرى.
- فَرِحَ قَلْبِي بِٱلرَّبِّ: أظهرت حنة تكريسًا ومحبة عميقين لله الذي يمكن أن يذلنا (أو يدفعنا دفعًا إلى الاجتماع). ففي ذلك اليوم الذي قدمت فيه أعظم تضحية في حياتها، ابتهجت بالرب.لكن لاحظ أنها ابتهجت بالرب. لم يكن بوسعها أن تبتهج بترك ابنها، بل كان بمقدورها أن تبتهج بالرب. وفي أكثر المواقف بؤسًا، عندما لا يوجد لدينا ما نبتهج فيه، يمكننا أن نبتهج بالرب.
- ٱرْتَفَعَ قَرْنِي بِٱلرَّبِّ: غالبًا ما يُستخدم تعبير ’قرن‘ كصورة للقرن في الكتاب المقدس (مزمور ٧٥: ٤-٥؛ ٩٢: ١٠). وسبب هذا هو أن الحديث عن قوة الثور، أو أي حيوان شبيه به، من خلال الإشارة إلى قرنه. وتحدثت حنة عن تعظيم القوة والقدرة بالرب.”رأينا أن القرن يدل على القوة والقدرة والهيمنة. وهو تعبير يُستخدم في الكتاب المقدس، وقد كان يُستخدم بين الوثنيين أيضًا.” كلارك (Clarke)
- ٱتَّسَعَ فَمِي عَلَى أَعْدَائِي (أبتسم في وجه أعدائي): كان لدى حنة إحساس قوي بالحاجة إلى الدفاع عن نفسها في وجه ضرّتها، زوجة ألقانة الأخرى، فننّة. فقد كانت فننّة تذل حنة (١ صموئيل ١: ٦-٧)، لكن حنة ابتهجت لأن الرب رفعها.
- لَيْسَ قُدُّوسٌ مِثْلَ ٱلرَّبِّ: يُظهر هذا شكلًا كلاسيكيًّا من الشعر العبري، وهو التوازي المتكرر. فالقول إن الرب قُدُّوس يعني أنه منفصل تمامًا، وأنه فريد، وليس مثل أي شخص آخر. وعندما تابعت حنة في الآية نفسها قائلةً، ’لِأَنَّهُ لَيْسَ غَيْرَكَ،‘ فإنها قالت نفس الشيء عندما هتفت، ’لَيْسَ قُدُّوسٌ مِثْلَ ٱلرَّبِّ.‘ فكانت تكرر نفس الفكرة، لكن بكلمات مختلفة. وعندما قالت، ’وليسَ صخرةٌ مثلَ إلهِنا،‘ فإنها كررت الفكرة نفسها، لكن بكلمات مختلفة.
وفي هذا، فإن الشعر العبري لا يستخدم تماثل القافية بقدر ما يستخدم تناغم الأفكار. فالأفكار في الأسطر الثلاثة في ١ صموئيل ٢: ٢ كلها متناغمة معًا، لكنها تستخدم كلمات مختلفة متشابهة الأصوات.
ب) الآية (٣): تحذير إلى المتغطرسين والمتكبرين.
٣لَا تُكَثِّرُوا ٱلْكَلَامَ ٱلْعَالِيَ ٱلْمُسْتَعْلِيَ، وَلْتَبْرَحْ وَقَاحَةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ. لِأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلَهٌ عَلِيمٌ، وَبِهِ تُوزَنُ ٱلْأَعْمَالُ.
- لَا تُكَثِّرُوا ٱلْكَلَامَ ٱلْعَالِيَ ٱلْمُسْتَعْلِيَ: من المؤكد أنه خطرت ببال حنة ضرّتها فننّة التي رأت أنها كانت تمثل المستعلين، أي المتكبرين والمتغطرسين في العالم. وطلبت حنة بحكمة من المستعلين أن يتوقفوا عن استعلائهم الخارج من أفواههم. ويمكن أن يعبَّر عن الاستعلاء والغطرسة والتكبّر بطرق كثيرة، لكن يعبَّر عنها في الغالب في كلماتنا. وسيكون أفضل لو أن المتكبرين لا يُكْثرون مثل هذا الكلام.
- لِأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلَهٌ عَلِيمٌ: وبطبيعة الحال، فإن هذا أفضل سبب للتخلي عن الاستعلاء. فنحن بالنسبة لله، لا نعرف شيئًا. فهو يعرفنا، وهو يزن أعمالنا.
ج) الآيات (٤-٨أ): تمجيد حنة لله الذي يضع الأقوياء ويرفع الضعفاء.
٤قِسِيُّ ٱلْجَبَابِرَةِ تحَطَّمَتْ، وَٱلضُّعَفَاءُ تَمَنْطَقُوا بِٱلْبَأْسِ. ٥ٱلشَّبَاعَى آجَرُوا أَنْفُسَهُمْ بِٱلْخُبْزِ، وَٱلْجِيَاعُ كَفُّوا. حَتَّى أَنَّ ٱلْعَاقِرَ وَلَدَتْ سَبْعَةً، وَكَثِيرَةَ ٱلْبَنِينَ ذَبُلَتْ. ٦ٱلرَّبُّ يُمِيتُ وَيُحْيِي. يُهْبِطُ إِلَى ٱلْهَاوِيَةِ وَيُصْعِدُ. ٧ٱلرَّبُّ يُفْقِرُ وَيُغْنِي. يَضَعُ وَيَرْفَعُ. ٨يُقِيمُ ٱلْمِسْكِينَ مِنَ ٱلتُّرَابِ. يَرْفَعُ ٱلْفَقِيرَ مِنَ ٱلْمَزْبَلَةِ لِلْجُلُوسِ مَعَ ٱلشُّرَفَاءِ وَيُمَلِّكُهُمْ كُرْسِيَّ ٱلْمَجْدِ.
- قِسِيُّ ٱلْجَبَابِرَةِ تحَطَّمَتْ: ينبغي أن نتواضع أمام الله لأنه يعرف كيف يضع الأقوياء. فها قد صار الشباعى يتوسلون الخبز (آجَرُوا أَنْفُسَهُمْ بِٱلْخُبْزِ)، وصارت المرأة الوَلُود ضعيفة (وَكَثِيرَةَ ٱلْبَنِينَ ذَبُلَتْ). فإن كنا أقوياء مرتفعين الآن، ينبغي أن نكون متواضعين، لأن الرب يستطيع أن يغيّر أحوالنا بسرعة.
- وَٱلضُّعَفَاءُ تَمَنْطَقُوا بِٱلْبَأْسِ… وَٱلْجِيَاعُ كَفُّوا… حَتَّى أَنَّ ٱلْعَاقِرَ وَلَدَتْ سَبْعَةً: ينبغي أن نتواضع أمام الرب، لأنه يعرف كيف يرفع الضعفاء. فإن كنا ضعفاء، أو في منزلة متدنية، ينبغي أن ننتظر بتواضع أمام الله وندعه يرفعنا (لوقا ١٤: ٧-١١).
- ٱلرَّبُّ يُفْقِرُ وَيُغْنِي. يَضَعُ وَيَرْفَعُ: عرفت حنة أنها كانت عاقرًا لأن الرب أغلق رحمها (١صموئيل ١: ٦)، وعرفت أن الله وضعها، وها هو يرفعها. وقد رأت يد الله في كل هذا.
د ) الآيات (٨ب-١٠): ثقة حنة بالمستقبل هي ثقة بالرب.
٨ب لأَنَّ لِلرَّبِّ أَعْمِدَةَ ٱلْأَرْضِ، وَقَدْ وَضَعَ عَلَيْهَا ٱلْمَسْكُونَةَ. ٩أَرْجُلَ أَتْقِيَائِهِ يَحْرُسُ، وَٱلْأَشْرَارُ فِي ٱلظَّلَامِ يَصْمُتُونَ. لِأَنَّهُ لَيْسَ بِٱلْقُوَّةِ يَغْلِبُ إِنْسَانٌ. ١٠مُخَاصِمُو ٱلرَّبِّ يَنْكَسِرُونَ. مِنَ ٱلسَّمَاءِ يُرْعِدُ عَلَيْهِمْ. ٱلرَّبُّ يَدِينُ أَقَاصِيَ ٱلْأَرْضِ، وَيُعْطِي عِزًّا لِمَلِكِهِ، وَيَرْفَعُ قَرْنَ مَسِيحِهِ.
- أَنَّ لِلرَّبِّ أَعْمِدَةَ ٱلْأَرْضِ: كانت حنة واثقة بقدرة الله على إذلال الأقوياء ورفْع الضعفاء، لأنه مسيطر على الأمور. ولو لم يكن الله متحكمًا في الأمور، ربما أمكن للأقوياء أن يفعلوا ما يحلو لهم، ولن يكون بمقدور الله أن يوقفهم. لكن حنة عرفت أن أساس الأرض نفسها (أَعْمِدَةَ ٱلْأَرْضِ) يخص الرب.
- لِأَنَّهُ لَيْسَ بِٱلْقُوَّةِ يَغْلِبُ إِنْسَانٌ. مُخَاصِمُو ٱلرَّبِّ يَنْكَسِرُونَ: يستخدم الله قوته لتصويب الأمور. فليس كافيًا أن نعرف أن الله يمتلك القوة. إذ يتوجب أن نعرف أنه سيستخدمها لمجده وللبر.
- وَيُعْطِي عِزًّا لِمَلِكِهِ، وَيَرْفَعُ قَرْنَ مَسِيحِهِ: في ذلك الوقت، لم يكن لإسرائيل ملك، ولم يبدُ أنها تريد ملكًا. ولهذا، عندما تحدثت حنة عن ’مَلِكِهِ،‘ فإنها كانت تتطلع إلى المسيّا الذي سيصوّب الأمور كلها. فهو مسيحه.
هذا هو أول وضع في الكتاب المقدس حيث يشار فيه إلى يسوع على أنه المسيّا. “طبّقت حنة عليه أولًا لقب المسيّا الرائع، أي الممسوح. وطُبِّق هذا اللقب على داود، وإشعياء، ودانيال، والأنبياء المتلاحقين في العهد القديم، وعلى الرسل وكُتّاب الوحي في العهد الجديد.” كلارك (Clarke)، نقلًا عن هيلز (Hales)
اقتبس زكريا، أبو يوحنا المعمدان، كلمات حنة في لوقا ١: ٦٩ عندما دعا يسوع بروح النبوة “قرن خلاص” مقتبسًا ١ صموئيل ٢: ١٠. كما اقتبست مريم أم يسوع ترنيمة حنة (لوقا ١: ٤٦-٥٥).
هـ) الآية (١١): صموئيل يخدم الرب.
١١وَذَهَبَ أَلْقَانَةُ إِلَى ٱلرَّامَةِ إِلَى بَيْتِهِ، وَكَانَ ٱلصَّبِيُّ يَخْدِمُ ٱلرَّبَّ أَمَامَ عَالِي ٱلْكَاهِنِ.
- وَذَهَبَ أَلْقَانَةُ: لقد فعلاها! كان هذا صعبًا عليهما أن يتركا ابنهما الصغير خلفهما، لكنهما فعلا ذلك، لأنهما وعدا الرب بأن يفعلا هذا.
- وكَانَ ٱلصَّبِيُّ يَخْدِمُ ٱلرَّبَّ أَمَامَ عَالِي ٱلْكَاهِنِ: رغم صغر صموئيل، كانت لديه خدمة للرب. ويمكن لشبابنا الصغار أن يسبّحوا الرب ويرضوه. وغالبًا ما يحدث اختراق في مسيرتهم مع الرب عندما يختبرونه في العبادة.
تقدّم إحدى الترجمات التفسيرية للكتاب المقدس ترجمة جيدة لهذه العبارة: ’وصار الصبيّ مساعدًا للرب.‘ وهنالك طرق يمكن أن يخدم حتى الأطفال الله بها.
ثانيًا. وَلَدَا عالي الشِريران
أ ) الآية (١٢): المعدن الأخلاقي الشرير لابنَي عالي.
١٢وَكَانَ بَنُو عَالِي بَنِي بَلِيَّعَالَ، لَمْ يَعْرِفُوا ٱلرَّبَّ.
- وَكَانَ بَنُو عَالِي بَنِي بَلِيَّعَالَ: تدل هذه العبارة على أن ابنَي عالي كانا فاسدين وشريرين. ويشار إليهما إلى أنهما من أبناء بليعال، وهو إله وثني، ولا علاقة لهما بإله إسرائيل. وكانت هذه مشكلة كبيرة، لأن ابنَي عالي سيخلفانه في رئاسة الكهنوت. وكانا بالفعل في الكهنوت.
- لَمْ يَعْرِفُوا ٱلرَّبَّ: رغم أن أبيهما كان يعرف الرب، إلا أن معرفته بالرب لم تنتقل إليهما جينيًّا. إذ كان عليهما أن يعرفا الرب بنفسيهما.
ب) الآيات (١٣-١٧): خطيتهما الأولى: السرقة مما كان يقدَّم للرب.
١٣وَلَا حَقَّ ٱلْكَهَنَةِ مِنَ ٱلشَّعْبِ. كُلَّمَا ذَبَحَ رَجُلٌ ذَبِيحَةً يَجِيءُ غُلَامُ ٱلْكَاهِنِ عِنْدَ طَبْخِ ٱللَّحْمِ، وَمِنْشَالٌ ذُو ثَلَاثَةِ أَسْنَانٍ بِيَدِهِ، ١٤فَيَضْرِبُ فِي ٱلْمِرْحَضَةِ أَوِ ٱلْمِرْجَلِ أَوِ ٱلْمِقْلَى أَوِ ٱلْقِدْرِ. كُلُّ مَا يَصْعَدُ بِهِ ٱلْمِنْشَلُ يَأْخُذُهُ ٱلْكَاهِنُ لِنَفْسِهِ. هَكَذَا كَانُوا يَفْعَلُونَ بِجَمِيعِ إِسْرَائِيلَ ٱلْآتِينَ إِلَى هُنَاكَ فِي شِيلُوهَ. ١٥كَذَلِكَ قَبْلَ مَا يُحْرِقُونَ ٱلشَّحْمَ يَأْتِي غُلَامُ ٱلْكَاهِنِ وَيَقُولُ لِلرَّجُلِ ٱلذَّابِحِ: «أَعْطِ لَحْمًا لِيُشْوَى لِلْكَاهِنِ، فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْكَ لَحْمًا مَطْبُوخًا بَلْ نَيْئًا». ١٦فَيَقُولُ لَهُ ٱلرَّجُلُ: «لِيُحْرِقُوا أَوَّلًا ٱلشَّحْمَ، ثُمَّ خُذْ مَا تَشْتَهِيهِ نَفْسُكَ». فَيَقُولُ لَهُ: «لَا، بَلِ ٱلْآنَ تُعْطِي وَإِلَّا فَآخُذُ غَصْبًا». ١٧فَكَانَتْ خَطِيَّةُ ٱلْغِلْمَانِ عَظِيمَةً جِدًّا أَمَامَ ٱلرَّبِّ، لِأَنَّ ٱلنَّاسَ ٱسْتَهَانُوا بِتَقْدِمَةِ ٱلرَّبِّ.
- وَلَا حَقَّ ٱلْكَهَنَةِ مِنَ ٱلشَّعْبِ (وَلَا يَحْتَرِمِانِ مَسؤولِيَاتِ الكهنةِ تُجَاهَ النَّاسِ): مع إحضار ذبائح كثيرة إلى خيمة الاجتماع، كان يُعطى جزء منها للرب، وجزء للكهنة، وكان مقدّم الذبيحة يحتفظ بجزء له. وحسب نصوص أخرى في العهد القديم، كان الكهنة يحصلون على الصدر والكتف. لكن الآن، وبعد حوالي ٤٠٠ عام من إعطاء شريعة موسى، تغيّرت العادة الكهنوتية. فلم يأخذوا النصيب المنصوص عليه، الصدر والكتف، بل أخذوا كل ما يُخرجه المِنشل من القِدْر.
- قَبْلَ مَا يُحْرِقُونَ ٱلشَّحْمَ: كان ينبغي أن يعطى نصيب الله أولًا دائمًا. ولهذا، كان من الخطأ أن يأخذ الكاهن نصيبه قبل حرق الشحم.
- كان يُعتقد أن الشحم أفخم جزء من الحيوان، ولهذا كان يُعطى لله. فكانت الفكرة هي أنه ينبغي أن يحصل الله على الأفضل، وأن يحصل على نصيبه أولًا. لكن ابنَي عالي في كبريائهما أخذا نصيبهما قبل حرق الشحم.
- لَا يَأْخُذُ مِنْكَ لَحْمًا مَطْبُوخًا بَلْ نَيْئًا: لماذا أراد ابنا عالي لحمًا نيئًا؟ ربما أرادا أن يحضّراه بأية طريقة يحلو لهما، أو على الأرجح، لأنه كان يَسهُل بيع اللحم النيّئ والاحتفاظ بالمال في جيبيهما.
- لَا، بَلِ ٱلْآنَ تُعْطِي وَإِلَّا فَآخُذُ غَصْبًا: كان جشع ابنَي عالي كبيرًا حتى إنهما لم يترددا في استخدام العنف والتهديد بالعنف للحصول على ما يريدانه.
- لِأَنَّ ٱلنَّاسَ ٱسْتَهَانُوا (كرهوا) بِتَقْدِمَةِ ٱلرَّبِّ: كانت بشاعة خطية ابنَي عالي لأنهما، من خلال جشعهما وترهيبهما للعابدين، جعلا الناس يبغضون المجيء لتقديم قرابين للرب (لِأَنَّ ٱلنَّاسَ ٱسْتَهَانُوا (كرهوا) بِتَقْدِمَةِ ٱلرَّبِّ). كان ما فعلاه بنفسيهما سيئًا بما يكفي، لكن خطيئتهما الكبرى هي أنهما آذيا أشخاصًا آخرين.
ج) الآيات (١٨-٢١): طهارة خدمة صموئيل بالمقابل مع معدن ابنَي عالي الشرير.
١٨وَكَانَ صَمُوئِيلُ يَخْدِمُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَهُوَ صَبِيٌّ مُتَمَنْطِقٌ بِأَفُودٍ مِنْ كَتَّانٍ. ١٩وَعَمِلَتْ لَهُ أُمُّهُ جُبَّةً صَغِيرَةً وَأَصْعَدَتْهَا لَهُ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ عِنْدَ صُعُودِهَا مَعَ رَجُلِهَا لِذَبْحِ ٱلذَّبِيحَةِ ٱلسَّنَوِيَّةِ. ٢٠وَبَارَكَ عَالِي أَلْقَانَةَ وَٱمْرَأَتَهُ وَقَالَ: “يَجْعَلْ لَكَ ٱلرَّبُّ نَسْلًا مِنْ هَذِهِ ٱلْمَرْأَةِ بَدَلَ ٱلْعَارِيَّةِ ٱلَّتِي أَعَارَتْ لِلرَّبِّ”. وَذَهَبَا إِلَى مَكَانِهِمَا. ٢١وَلَمَّا ٱفْتَقَدَ ٱلرَّبُّ حَنَّةَ حَبِلَتْ وَوَلَدَتْ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَبِنْتَيْنِ. وَكَبُرَ ٱلصَّبِيُّ صَمُوئِيلُ عِنْدَ ٱلرَّبِّ.
- وَكَانَ (وأَمّا) صَمُوئِيلُ: رغم سوء أخلاق ابنَي عالي، يمكننا القول إن السبب الذي جعل الله يقيم صموئيل هو فساد هذين الكاهنين. فقد عرف الله مدى شرّهما، ولهذا قاد سلسلة كاملة من الأحداث أدّت إلى تولّي صموئيل الخدمة في خيمة الاجتماع. فإذا لم يكن ابنا عالي غير جديرين بأن يكونا خليفتين، فسيقيم الله شخصًا آخر. وفي نهاية المطاف، فإن الخدام الفاسدين لا يوقفون عمل الله ولا يعوقونه. ربما يبدو الأمر هكذا، لكن إذا ظهر أشخاص مثل ابنَي عالي، فسيقيم الرب شخصًا مثل صموئيل. فلا يتوقف عمل الله إذا صار خدام الرب فاسدين.
- مُتَمَنْطِقٌ بِأَفُودٍ مِنْ كَتَّانٍ: ميَّز صموئيل نفسه في خدمته للرب حتى عندما كان طفلًا. فكانت خدمته استثنائية حتى إنه تلقّى أفودًا من الكتان، وهو ثوب كهنوتي (خروج ٣٩: ٢٧-٢٩). ماذا كان يفعل صموئيل؟ “كان يقوم بمهمات بسيطة، مثل تشغيل المصابيح، وترتيب الملابس، وتعلُّم الموسيقى، وما إلى ذلك.” تراب (Trapp)
- ٣وَهُوَ صَبِيٌّ: مع أن صموئيل كان صغيرًا، إلا أنه خدم الرب بشكل أفضل وأعظم من ابنَي عالي. فليس ما يضعه الإنسان في اعتباره في خدمة الله في الغالب هو ما يضعه الله في اعتباره.
- وَعَمِلَتْ لَهُ أُمُّهُ جُبَّةً صَغِيرَةً: لا يمكن أن يذكر هذا التفصيل إلا شخص كان موجودًا. ورغم أن حنة أعطت ابنها للرب، إلا أنها لم تنسَه أو تتوقف عن محبته.
- ٱفْتَقَدَ ٱلرَّبُّ حَنَّةَ: من المؤكد أنه فعل ذلك. إذ رُزِقت بثلاثة أولاد وبنتين. فالله لا يبقى مديونًا لأحد. فلم يكن بمقدور حنة أن تقول للرب: “لقد أعطيتُك ابني. فماذا أعطيتَني في المقابل؟” فقد أعطاها الله أكثر بكثير في المقابل.
د ) الآية (٢٢): الإساءة الثانية لابنَي عالي: الانحلال الجنسي.
٢٢وَشَاخَ عَالِي جِدًّا، وَسَمِعَ بِكُلِّ مَا عَمِلَهُ بَنُوهُ بِجَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَبِأَنَّهُمْ كَانُوا يُضَاجِعُونَ ٱلنِّسَاءَ ٱلْمُجْتَمِعَاتِ فِي بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ.
- وَشَاخَ عَالِي جِدًّا: لا يركّز هذا النص على ابنَي عالي بقدر ما يركّز على عالي نفسه. إذ كان طاعنًا في السن، ولم يكن في حالة تسمح له بقيادة إسرائيل كرئيس كهنة. وقد سمع بكل ما كان يفعله ابناه، لكنه اكتفى بتوبيخهم.
- وَبِأَنَّهُمْ كَانُوا يُضَاجِعُونَ ٱلنِّسَاءَ ٱلْمُجْتَمِعَاتِ فِي بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ: كان ابنا عالي يمارسان الانحلال الأخلاقي الجنسي مع النساء اللاتي كنّ يأتين إلى خيمة الاجتماع للعبادة. فكانت هذه نسخة قديمة من الفضائح الجنسية الحديثة بين الرعاة أو الوعّاظ.
من المحتمل أن النساء اللواتي اجتمعن في باب خيمة الاجتماع كن بطريقة ما عاملات في بيت الرب. إذ تذكر خروج ٣٨: ٨ نساء خادمات اجتمعن عند خيمة الاجتماع.
هـ) الآيات (٢٣-٢٦): توبيخ عالي الباطل غير الفعّال لابنيه.
٢٣فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تَعْمَلُونَ مِثْلَ هَذِهِ ٱلْأُمُورِ؟ لِأَنِّي أَسْمَعُ بِأُمُورِكُمُ ٱلْخَبِيثَةِ مِنْ جَمِيعِ هَذَا ٱلشَّعْبِ. ٢٤لَا يَا بَنِيَّ، لِأَنَّهُ لَيْسَ حَسَنًا ٱلْخَبَرُ ٱلَّذِي أَسْمَعُ. تَجْعَلُونَ شَعْبَ ٱلرَّبِّ يَتَعَدُّونَ. ٢٥إِذَا أَخْطَأَ إِنْسَانٌ إِلَى إِنْسَانٍ يَدِينُهُ ٱللهُ. فَإِنْ أَخْطَأَ إِنْسَانٌ إِلَى ٱلرَّبِّ فَمَنْ يُصَلِّي مِنْ أَجْلِهِ؟» وَلَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِ أَبِيهِمْ لِأَنَّ ٱلرَّبَّ شَاءَ أَنْ يُمِيتَهُمْ. ٢٦وَأَمَّا ٱلصَّبِيُّ صَمُوئِيلُ فَتَزَايَدَ نُمُوًّا وَصَلَاحًا لَدَى ٱلرَّبِّ وَٱلنَّاسِ أَيْضًا.
- لِمَاذَا تَعْمَلُونَ مِثْلَ هَذِهِ ٱلْأُمُورِ؟: هذا سؤال مفهوم، لكن لا داعي له. فليس السبب مهمًّا، لأنه لا يمكن أن يكون سبب وجيه لذلك. فلا يستطيعون تبرير خطاياهم، بل كان عليهم أن يكونوا مسؤولين عنها. فعل عالي أسوأ شيء يمكن أن يفعله أب في محاولة تقويم أبنائه، وهو الاكتفاء بالكلام. فكل ما فعله هو التذمر من الخطأ الذي فعلوه، لكنه لم يتخذ الإجراءات اللازمة لإصلاح المشكلة. إنه أفضل للآباء والأمهات أن يقللوا الصياح وإلقاء المحاضرات، وأن يتخذوا إجراءات معقولة في الوقت المناسب، حتى يرى أبناؤهم عواقب عصيانهم. كتب جون تراب (John Trapp) في القرن السابع عشر ناصحًا عالي بما ينبغي أن يقوله لأبنائه: “اقتربوا مني، يا بني الساحرة، يا نسل الزواني. أنتم النسل المنحط لبليعال، ولستم أبنائي، يا أبناء الحجيم الذي لا قرار له… إن ما أسمعه عنكم كريه ونتن الرائحة. ويل لي إذ طال بي العمر لأرى هذا. كان أفضل لي أن أموت منذ فترة طويلة. ليتني دُفنت لئلا أرى هذه النتانة فوق الأرض.”
- تَجْعَلُونَ شَعْبَ ٱلرَّبِّ يَتَعَدُّونَ: كانت هذه خطية أعظم لابنَي عالي. إذ كان أمرًا سيئًا بما يكفي أن يسرقا وينغمسا في ملذاتهما. لكنهما أيضًا بتصرفاتهما المنحرفة جعلا الناس يكرهون عبادة الله وتقديم القرابين في خيمة الاجتماع (١ صموئيل ٢: ١٧)، وقادا النساء العابدات إلى الانحلال الجنسي.
- إِذَا أَخْطَأَ إِنْسَانٌ إِلَى إِنْسَانٍ يَدِينُهُ ٱللهُ. فَإِنْ أَخْطَأَ إِنْسَانٌ إِلَى ٱلرَّبِّ فَمَنْ يُصَلِّي مِنْ أَجْلِهِ؟: لحسن الحظ، فإن ١ يوحنا ٢: ١ تجيب على هذا السؤال الذي طرحه عالي: ’وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ ٱلْآبِ، يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ ٱلْبَارُّ. وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا.‘ نشكر الله على أنه يوجد شخص يتشفع فينا عندما نخطئ إلى الرب.
- وَلَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِ أَبِيهِمْ لِأَنَّ ٱلرَّبَّ شَاءَ أَنْ يُمِيتَهُمْ: قد تبدو هذه العبارة اللافتة للنظر غير منصفة لبعضهم. فهم يتصورون أن ابنَي عالي كانا يريدان التوبة طاعة لأبيهما لكن الرب منعهما من ذلك. لكن هذا غير صحيح على الإطلاق. فقد دان الله ابنَي عالي هكذا: أعطاهما الله بالضبط ما كانا يريدانه، ولم يريدا أن يتوبا، ولم يحرّك الله قلبيهما للتوبة. رأى الله أنهما كانا رجلين فاسدين، فأراد أن يدينهما. لِأَنَّ ٱلرَّبَّ شَاءَ أَنْ يُمِيتَهُمْ وعنى هذا أن الله أراد تنفيذ عدالته فيهما.
- وَأَمَّا ٱلصَّبِيُّ صَمُوئِيلُ فَتَزَايَدَ نُمُوًّا وَصَلَاحًا لَدَى ٱلرَّبِّ وَٱلنَّاسِ أَيْضًا: يا لَهذه المقابلة مع شرّ ابنَي عالي! يبيّن هذا أنه رغم أن عالي كان بعيدًا جدًّا عن أن يكون أبًا مثاليًّا، إلا أنه لم يكن أبًا سيئًا مزمنًا، لأنه ربّى صموئيل لينشأ كرجل تقي.
ثالثًا. إعلان دينونة الله على بيت عالي
أ ) الآيات (٢٧-٣٣): رجل مجهول يعلن دينونة الله على عالي: ستُقطع عائلته من رئاسة الكهنوت.
٢٧وَجَاءَ رَجُلُ ٱللهِ إِلَى عَالِي وَقَالَ لَهُ: «هَكَذَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ: هَلْ تَجَلَّيْتُ لِبَيْتِ أَبِيكَ وَهُمْ فِي مِصْرَ فِي بَيْتِ فِرْعَوْنَ، ٢٨وَٱنْتَخَبْتُهُ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ لِي كَاهِنًا لِيَصْعَدَ عَلَى مَذْبَحِي وَيُوقِدَ بَخُورًا وَيَلْبَسَ أَفُودًا أَمَامِي، وَدَفَعْتُ لِبَيْتِ أَبِيكَ جَمِيعَ وَقَائِدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ ٢٩فَلِمَاذَا تَدُوسُونَ ذَبِيحَتِي وَتَقْدِمَتِي ٱلَّتِي أَمَرْتُ بِهَا فِي ٱلْمَسْكَنِ، وَتُكْرِمُ بَنِيكَ عَلَيَّ لِكَيْ تُسَمِّنُوا أَنْفُسَكُمْ بِأَوَائِلِ كُلِّ تَقْدِمَاتِ إِسْرَائِيلَ شَعْبِي؟ ٣٠لِذَلِكَ يَقُولُ ٱلرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: إِنِّي قُلْتُ إِنَّ بَيْتَكَ وَبَيْتَ أَبِيكَ يَسِيرُونَ أَمَامِي إِلَى ٱلْأَبَدِ. وَٱلْآنَ يَقُولُ ٱلرَّبُّ: حَاشَا لِي! فَإِنِّي أُكْرِمُ ٱلَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي، وَٱلَّذِينَ يَحْتَقِرُونَنِي يَصْغُرُونَ. ٣١هُوَذَا تَأْتِي أَيَّامٌ أَقْطَعُ فِيهَا ذِرَاعَكَ وَذِرَاعَ بَيْتِ أَبِيكَ حَتَّى لَا يَكُونَ شَيْخٌ فِي بَيْتِكَ. ٣٢وَتَرَى ضِيقَ ٱلْمَسْكَنِ فِي كُلِّ مَا يُحْسَنُ بِهِ إِلَى إِسْرَائِيلَ، وَلَا يَكُونُ شَيْخٌ فِي بَيْتِكَ كُلَّ ٱلْأَيَّامِ. ٣٣وَرَجُلٌ لَكَ لَا أَقْطَعُهُ مِنْ أَمَامِ مَذْبَحِي يَكُونُ لِإِكْلَالِ عَيْنَيْكَ وَتَذْوِيبِ نَفْسِكَ. وَجَمِيعُ ذُرِّيَّةِ بَيْتِكَ يَمُوتُونَ شُبَّانًا.
- جَاءَ رَجُلُ ٱللهِ: لا نعرف هوية الرجل هذا. وهو من الشخصيات المجهولة الرائعة في الكتاب المقدس. ولا يهم من كان. إذ كان رجلًا أقامه الله ليكلّم عالي وكل عائلته في ذلك الوقت المهم.
- هَلْ (أَمَا) تَجَلَّيْتُ (أعلنتُ نفسي) لِبَيْتِ أَبِيكَ؟: الأب المشار إليه هنا هو هارون الذي كان أول رئيس كهنة. وبما أن رئاسة الكهنوت كانت أمرًا وراثيًّا، كان عالي من نسل هارون الذي أعلن نفسه له. تمثل ١ صموئيل ٢: ٢٨ ملخّصًا رائعًا لبعض واجبات الكهنوت في إسرائيل:
- لِي كَاهِنًا: أولًا، وقبل كل شيء، كانت وظيفة رئيس الكهنة أن يخدم الرب. فقبل أن يخدم الشعب، كان خادمًا للرب. فلم يكن خادم الشعب في المقام الأول، بل خادم الرب.
- لِيَصْعَدَ عَلَى مَذْبَحِي: كان الكاهن يجلب الذبائح للكفارة والعبادة.
- وَيُوقِدَ (يُحرق) بَخُورًا: كان حرق البخور صورة رائعة للصلاة، لأن دخان البخور مع رائحته يصعد إلى السماء. وكان على الكاهن أن يقود الأمة في الصلاة وأن يصلي من أجلها.
- وَيَلْبَسَ أَفُودًا أَمَامِي: كان الكاهن يرتدي ثيابًا خاصة للمجد والجمال ( خروج ٢٨: ٢). إذ كان عليه أن يمثل عظمة الله وكرامته ومجده للشعب.
- جَمِيعَ وَقَائِدِ (قرابين، تقدمات) بَنِي إِسْرَائِيلَ: كان الكاهن مسؤولًا عن تلقّي قرابين الله من شعب إسرائيل ويستفيد منها استفادة جيدة.
- فَلِمَاذَا تَدُوسُونَ (تركلون) ذَبِيحَتِي: كان سهلًا أن يقول عالي لله: “لستُ من يفعل هذا، بل ابناي!” لكن كانت لدى عالي مسؤولية مزدوجة على ابنيه. فكان ابناه ’يعملان‘ تحت رئاسته ككاهنين، وكان ’رئيسًا‘ سيئًا.
- وَتُكْرِمُ بَنِيكَ عَلَيَّ: بما أن عالي لم يقوّم ابنيه كما ينبغي، فقد فضّلهما على الله. ولو كانت لدى عالي مخافة أكبر تجاه الرب، وخوفًا أقل من ابنيه، لقام بتقويمهما كما ينبغي. كان إيريك ليدل واحدًا من أعظم الرياضيين في بريطانيا. وفي وقت لاحق ضحّى بحياته من أجل يسوع في ميدان الإرساليات. وفي عام ١٩٢٤، كان يفترض فيه أن يمثل بريطانيا كعَدّاء في الألعاب الرياضية الأولمبية. وعندما وجد أن التصفيات التمهيدية – والتي كان ذروتها سباق المئة متر – ستقام يوم أحد، رفض بهدوء وحزم أن يشترك فيه. وجاء يوم سباق الأربعمئة متر. وعندما دخل ليدل ليقف على خطوط الانطلاق، دسّ رجل مجهول في يده ورقة كُتبت عليها كلمات ١ صموئيل ٢: ٣٠: ’أُكْرِمُ ٱلَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي.‘ وفي ذلك الوقت، سجّل ليدل رقمًا قياسيًّا عالميًا جديدًا في مجال سباق الأربعمئة متر.
- أَقْطَعُ ذِرَاعَكَ: ليست هذه إشارة حرفية. لكن بما أن الذراع كانت صورة للقوة والجبروت في التفكير العبري (مزمور١٠: ١٥؛ ٧٧: ١٥؛ ٨ ٩: ١٠)، يدل هذا على أن بيت عالي سيُترك بلا حوْل ولا قوة.
- لِذَلِكَ يَقُولُ ٱلرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: إِنِّي قُلْتُ إِنَّ بَيْتَكَ وَبَيْتَ أَبِيكَ يَسِيرُونَ أَمَامِي إِلَى ٱلْأَبَدِ. وَٱلْآنَ يَقُولُ ٱلرَّبُّ: وعد الرب بأن النسل الكهنوتي لن يبقى مع عالي ونسله، لكنه سينتقل إلى خط آخر من نسل هارون. وقد تحقق هذا بعد سنوات كثيرة في أيام سليمان، حيث تمت إطاحة أبياثار (من نسل عالي) كرئيس كهنة ليحل محله صادوق (الذي انتمى إلى عائلة أخرى). تقول ١ ملوك ٢: ٢٧: “وَطَرَدَ سُلَيْمَانُ أَبِيَاثَارَ عَنْ أَنْ يَكُونَ كَاهِنًا لِلرَّبِّ، لِإِتْمَامِ كَلَامِ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَلَى بَيْتِ عَالِي فِي شِيلُوهَ.” “لِذَلِكَ يَقُولُ ٱلرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: إِنِّي قُلْتُ إِنَّ بَيْتَكَ وَبَيْتَ أَبِيكَ يَسِيرُونَ أَمَامِي إِلَى ٱلْأَبَدِ.” وَٱلْآنَ يَقُولُ ٱلرَّبُّ: كان هذا وعدًا قُطع لهارون في نصوص مثل روج ٢٩: ٩. فلم يُنزع الكهنوت من هارون، بل من نسل عالي.
- وَلَا يَكُونُ شَيْخٌ فِي بَيْتِكَ كُلَّ ٱلْأَيَّامِ. وَجَمِيعُ ذُرِّيَّةِ بَيْتِكَ يَمُوتُونَ شُبَّانًا: تكررت هذه الفكرة مرتين ضِمن آيات قليلة. إذ أراد الله أن يؤكد أنه لن يبارك عالي بعمر طويل.
لِإِكْلَالِ عَيْنَيْكَ وَتَذْوِيبِ نَفْسِكَ: لن يتمتع نسل عالي الذين سيعيشون عمرًا أطول بحياة مباركة. إذ ستكون عاقبتهم مؤلمة.
ب) الآيات (٣٤-٣٦): العلامة والوعد: سيموت كلا الابنين في اليوم نفسه.
٣٤وَهَذِهِ لَكَ عَلَامَةٌ تَأْتِي عَلَى ٱبْنَيْكَ حُفْنِي وَفِينَحَاسَ: فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ يَمُوتَانِ كِلَاهُمَا. ٣٥وَأُقِيمُ لِنَفْسِي كَاهِنًا أَمِينًا يَعْمَلُ حَسَبَ مَا بِقَلْبِي وَنَفْسِي، وَأَبْنِي لَهُ بَيْتًا أَمِينًا فَيَسِيرُ أَمَامَ مَسِيحِي كُلَّ ٱلْأَيَّامِ. ٣٦وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَبْقَى فِي بَيْتِكَ يَأْتِي لِيَسْجُدَ لَهُ لِأَجْلِ قِطْعَةِ فِضَّةٍ وَرَغِيفِ خُبْزٍ، وَيَقُولُ: ضُمَّنِي إِلَى إِحْدَى وَظَائِفِ ٱلْكَهَنُوتِ لِآكُلَ كِسْرَةَ خُبْزٍ.
- وَهَذِهِ لَكَ عَلَامَةٌ: بما أن تحقيق النبوة سيستغرق سنوات كثيرة (حتى في أيام سليمان)، أعطى الله علامة فورية لكي يبيّن صِدقه. إذ سيموت ابنا عالي في يوم واحد. وسيرى عالي هذا، وسيعرف أن دينونة الله جاءت على بيته.
- وَأُقِيمُ لِنَفْسِي كَاهِنًا أَمِينًا: من هو الكاهن الأمين المشار إليه هنا؟ سيكون كاهنًا عظيمًا لأنه سيفعل ’حَسَبَ مَا بِقَلْبِي وَنَفْسِي.‘ وسيكون كاهنًا مبارَكًا لأن الله قال عنه:
- وَأَبْنِي لَهُ بَيْتًا أَمِينًا فَيَسِيرُ أَمَامَ مَسِيحِي كُلَّ ٱلْأَيَّامِ.
- تحَقق هذا الوعد جزئيًّا في صموئيل لأنه خدم ككاهن أمين فعلًا وحلّ فعليًّا محل ابنَي عالي الفاجرين.
- تحَقق هذا الوعد جزئيًّا في صادوق في أيام سليمان، لأنه حل محل نسل عائلة عالي في الكهنوت.
- تحَقق هذا الوعد بشكل نهائي في يسوع المسيح لأنه كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق (عبرانيين ٧: ١٢-١٧).
- وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَبْقَى فِي بَيْتِكَ يَأْتِي لِيَسْجُدَ لَهُ لِأَجْلِ قِطْعَةِ فِضَّةٍ: هذه دينونة ملائمة، لأن قدْرًا كبيرًا من خطية ابنًي عالي كان الجشع والسرقة من شعب الله. وبدلًا من تلقّي الحصص الكهنوتية التي كانت تحق لهم، ستلجأ عائلة عالي إلى التسوّل.