سفر العدد – الإصحاح ٣١
الانتقام من مديان
أولًا. الأمر بالقضاء على المديانيين، وتنفيذه
أ ) الآيات (١-٢): الله يأمر شعب إسرائيل بالانتقام من المديانيين.
١وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: ٢«اِنْتَقِمْ نَقْمَةً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْمِدْيَانِيِّينَ، ثُمَّ تُضَمُّ إِلَى قَوْمِكَ».
١. اِنْتَقِمْ نَقْمَةً… مِنَ الْمِدْيَانِيِّينَ: كان المديانيون شعبًا من رَحّالة/البدو، وقد رُبِطوا بشعب موآب في سفر العدد ٢٥. أمر الله بالهجوم عليهم انتقامًا منهم بسبب الدور الذي لعبوه في إغواء بني إسرائيل بارتكاب الزنا وعبادة الأوثان.
• “كان المديانيون عبارة عن تحالف كبير من القبائل التي اقترنت بالعديد من الجماعات الأصغر… وكانوا يتجوَّلون عبر الأراضي القاحلة في سيناء، وصحراء النقب، وشرق الأردن. والمديانيون الذين كان ينبغي الانتقام منهم هنا هم المقترنون بموآب.” وينهام (Wenham)
• يجب التركيز هنا على حقيقة أن الربَّ هو الذي كَلَّمَ مُوسَى ليبادر بهذا الهجوم. فلم يكن الأمر متعلقًا بانتقام شخصي، أو بغزوٍ لبعض الأراضي، أو بشهوة إلى السلب والنهب. “فإن الرب هو الذي أعلن الحرب، وليس موسى. ولم ينظر موسى إلى الحرب على أنها مدفوعةٌ بغيرة تافهة، بل كانت هذه هي ’نقمة الرب‘ على شر المديانيين، الذين تسبَّبوا في إغواء بني إسرائيل بالعبادة الوثنية لبعل فغور.” ألن (Allen)
• بما أن الرب تحديدًا هو الذي أمر بذلك، كان هذا أيضًا بمثابة امتحانٍ لطاعة بني إسرائيل. “كان الجيل الثاني من إسرائيل، المتمركز الآن في عَرَبَاتِ مُوآبَ الَّتِي عَلَى أُرْدُنِّ أَرِيحَا، يواجه المعضلة الأخلاقية والروحية نفسها التي واجهها الجيل الأول في البرية. فهل سيكونون مخلِصين لعلاقة العهد الفريدة بينهم وبين يهوه الرب إلههم، أم إنهم سيستسلمون للإغراءات التي تُعرَض أمامهم؟” كول (Cole)
• “كان الموآبيون مذنبين أيضًا؛ لكن الله، بحسب مسرته، ومن باب لطفه من نحو لوط، شاء أن يستحييهم، أو بالأحرى أن يؤجِّل دينونتهم، لأن ذنبهم لم يكن إلى الآن قد اكتمل.” بوله (Poole)
٢. اِنْتَقِمْ نَقْمَةً: نشعر بالانزعاج كثيرًا من فكرة الانتقام، لأنها لا تبدو متماشيةً مع محبة الله. لكن الانتقام، في سياقه الصحيح، هو مسلكٌ حسنٌ يتبعه الله.
• في حين يصف الكتاب المقدس انتقام الله مرارًا بأنه أمرٌ إيجابيٌّ، يؤدِّي انتقام البشر إلى مزيدٍ من الشر. “إن توجيه الله لموسى بأن ’ينتقم‘ من المديانيين يعكس أحد جوانب الفعل العبري nqm، الذي قد يعني أيضًا ’تزكية العدالة.‘ فإن الله يوجِّه انتقامه إلى الفجار، وعبدة الأوثان، والظالمين، لكنه عادة ما يحدُّ هو نفسه من انتقامه بحسب رحمته الشديدة.” كول (Cole)
• في هذا الموقف، كان لشعب إسرائيل دورٌ فريدٌ من نوعه، حيث قُدِّمت إليهم دعوة خاصة بأن يكونوا أداة الله للانتقام من مختلف شعوب كنعان والمناطق المجاورة لها. وهذا أمرٌ يجب ألا يأخذه أي شخص على عاتقه اليوم بقرارٍ شخصيٍّ منه. كذلك، لا توجد جماعة اليوم (مثل كنيسة أو طائفة معيَّنة) تحمل لقب شعب الله، وتحظى بالمكانة الفريدة نفسها التي تمتعت بها إسرائيل القديمة في خطة الله.
• لم يصف الله الكنيسة بأنها أداة انتقام، لكنه عيَّن بعض الأدوات في المجتمع (مثل الحكومات) للانتقام من فاعلي الشر (رومية ١٣: ١-٤).
٣. ثُمَّ تُضَمُّ: مات موسى بالفعل بعد ذلك ببضعة أشهر. ومع أنه لم يمت بعد هذا الحدث مباشرة، فإنه كان ينبغي أن يؤدِّي هذه المهمة ليكون دوره بهذا قد اكتمل تمامًا.
ب) الآيات (٣-٥): موسى ينظم الجيش لمحاربة المديانيين.
٣فَكَلَّمَ مُوسَى الشَّعْبِ قَائِلًا: «جَرِّدُوا مِنْكُمْ رِجَالًا لِلْجُنْدِ، فَيَكُونُوا عَلَى مِدْيَانَ لِيَجْعَلُوا نَقْمَةَ الرَّبِّ عَلَى مِدْيَانَ. ٤أَلْفًا وَاحِدًا مِنْ كُلِّ سِبْطٍ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ تُرْسِلُونَ لِلْحَرْبِ». ٥فَاخْتِيرَ مِنْ أُلُوفِ إِسْرَائِيلَ أَلْفٌ مِنْ كُلِّ سِبْطٍ. اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مُجَرَّدُونَ لِلْحَرْبِ.
١. جَرِّدُوا مِنْكُمْ رِجَالًا لِلْجُنْدِ: أطاع موسى على الفور ما أمر الله إسرائيل بفعله.
• “كان ينبغي التعامل مع عبادة الأوثان المشينة بازدراءٍ، وإدانة جميع الذين يتمسكون بها. فقد حان الوقت الآن لشنِّ حرب إبادة. فطالما كانت هذه القبائل الرحالة تحتلُّ التلال والصحراء المجاورة، لن يكون الشعور بالأمان ممكنًا، سواء على المستوى الأخلاقي، أو الحياتي، أو على مستوى الممتلكات. وكان بلعام في وسط هؤلاء، يتآمر على إسرائيل. ونستطيع أن نفترض أن نشاطه المستمر ضد إسرائيل هو الذي عجَّل بهذا الصراع.” واتسون (Watson)
٢. أَلْفًا وَاحِدًا مِنْ كُلِّ سِبْطٍ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ تُرْسِلُونَ لِلْحَرْبِ: دعا الله شعب إسرائيل إلى القيام بهذا الأمر معًا كشعب، وليس فقط كبضعة أسباط فردية. فقد أراد الله منهم أن يفكِّروا ويسلكوا مثل شعب متحد، رغم الاختلافات الموجودة بين أسباطهم.
ج) الآيات (٦-١١): خوض المعركة، وهزيمة مديان، وأخذ الغنائم.
٦فَأَرْسَلَهُمْ مُوسَى أَلْفًا مِنْ كُلِّ سِبْطٍ إِلَى الْحَرْبِ، هُمْ وَفِينْحَاسَ بْنَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ إِلَى الْحَرْبِ، وَأَمْتِعَةُ الْقُدْسِ وَأَبْوَاقُ الْهُتَافِ فِي يَدِهِ. ٧فَتَجَنَّدُوا عَلَى مِدْيَانَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ وَقَتَلُوا كُلَّ ذَكَرٍ. ٨وَمُلُوكُ مِدْيَانَ قَتَلُوهُمْ فَوْقَ قَتْلاَهُمْ: أَوِيَ وَرَاقِمَ وَصُورَ وَحُورَ وَرَابعَ. خَمْسَةَ مُلُوكِ مِدْيَانَ. وَبَلْعَامَ بْنَ بَعُورَ قَتَلُوهُ بِالسَّيْفِ. ٩وَسَبَى بَنُو إِسْرَائِيلَ نِسَاءَ مِدْيَانَ وَأَطْفَالَهُمْ، وَنَهَبُوا جَمِيعَ بَهَائِمِهِمْ، وَجَمِيعَ مَوَاشِيهِمْ وَكُلَّ أَمْلاَكِهِمْ. ١٠وَأَحْرَقُوا جَمِيعَ مُدُنِهِمْ بِمَسَاكِنِهِمْ، وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ بِالنَّارِ. ١١وَأَخَذُوا كُلَّ الْغَنِيمَةِ وَكُلَّ النَّهْبِ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ.
١. فَأَرْسَلَهُمْ مُوسَى… إِلَى الْحَرْبِ، هُمْ وَفِينْحَاسَ بْنَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ إِلَى الْحَرْبِ، وَأَمْتِعَةُ الْقُدْسِ وَأَبْوَاقُ الْهُتَافِ فِي يَدِهِ: من الجدير بالملاحظة أن الكهنة ذهبوا مع الشعب إلى هذه الحرب، آخذين معهم أَمْتِعَةُ الْقُدْسِ. كان هذا أمرًا غير معتاد، ميَّز تلك الحرب على نحو فريد على أنها حربُ الله.
• “من كان قائد تلك الجيوش إذن؟ كان القائد بلا شك هو يشوع، مع أن هذا غير مذكورٍ هنا. وقد كانت هذه الحرب للرب؛ وبالتالي، فإن الرب وحده هو الذي كان ينبغي أن يتولَّى القيادة العليا، وهو الذي يجب أن يكون له كل المجد.” كلارك (Clarke)
• وَأَمْتِعَةُ الْقُدْسِ: “لم يستطع المفسِّرون تحديد ما إذا كانت هذه العبارة تعني ’مع تابوت العهد‘ (راجع يشوع ٦: ٦؛ ١صموئيل ٤)؛ أم ’مع أبواق الهتاف‘ (سفر العدد ١٠: ١-١٠؛ يشوع ٦)؛ أم ’مرتديًا الثياب الكهنوتية‘ (الكلمة العبرية Keli، التي تُرجِمت إلى أَمْتِعَةُ [آنية أو أوعية] جاءت أيضًا بمعنى ’ثوب‘ في تثنية ٢٢: ٥).” وينهام (Wenham)
٢. فَتَجَنَّدُوا عَلَى مِدْيَانَ: كما جرت العادة في ذلك الوقت، قُتِل جميع الذكور، وأُخِذت النساء والأطفال عبيدًا، كما أُخِذت كل الممتلكات الأخرى غنيمةً.
• كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ: تكرَّرت هذه العبارة ٤ مرات في هذا الإصحاح (في الآيات ٣١، ٤١، ٤٧ أيضًا). وهذا تأكيد قوي على أن هذه الحرب كانت للرب، وليس لشعب إسرائيل.
• وَقَتَلُوا كُلَّ ذَكَرٍ: “هذا التقرير بأنهم ’قتلوا كلَّ ذكر‘ لا يعني بالضرورة أنهم قتلوا كلَّ فرد، لكنه يشير إلى تحقيق هزيمة كاملة، مع التركيز على الذكور الذين قُتِلوا من جيش العدو. فلا بد أن بعضًا من الأعداء تمكَّنوا من الفرار. لكن التركيز في هذا التقرير انصبَّ على قتل الرجال فقط.” ألن (Allen)
٣. أَوِيَ وَرَاقِمَ وَصُورَ وَحُورَ وَرَابِعَ. خَمْسَةَ مُلُوكِ مِدْيَانَ: الاسم صُور يثير بعض الاهتمام؛ فهو والد كُزْبِي (سفر العدد ٢٥: ١٥)، تلك المرأة المديانية التي استدرجت رجلًا إسرائيليًا بكل وقاحة إلى ارتكاب الزنا وعبادة الأوثان عند خيمة الاجتماع نفسها، فقُتِلت بالرمح على يد فينحاس. وهذا يرجِّح أن كُزْبِي، التي كانت تتحدر من عائلة تتمتع بنفوذ كبير، كانت كاهنةً للبعل.
٤. وَبَلْعَامَ بْنَ بَعُورَ قَتَلُوهُ بِالسَّيْفِ: مات بلعام، الذي اقترح خطة إغواء شعب إسرائيل بارتكاب الزنا وعبادة الأوثان، والذي فعل كلَّ ذلك من أجل المال. فقد أدين بواسطة نقمة الله. ولم يَعُد المال الذي ربحه، مهما كان كثيرًا، يمثِّل له الآن أي فائدة.
• كانت هذه هي “ضَلَالَةِ بَلْعَامَ لِأَجْلِ أُجْرَةٍ” المذكورة في يهوذا ١: ١١. فقد كان بلعام في ضَلَالَةِ لأنه فعل الشر في حق الله من أجل المال. ولذلك، فعندما جاء انتقام الله على مديان، كلَّفته هذه الضلالة حياته.
• “يوحي ذكر اسم بلعام وسط قائمة أسماء ملوك مديان بأنه كان مستشار هؤلاء الملوك، أو مرشدهم الروحي. سعيه الدائم وراء الماء أهله للحصول على عمل جديد.” ألن (Allen)
• في سفر العدد ٢٣: ١٠، عبَّر بلعام عن أمنيته قائلًا: “لِتَمُتْ نَفْسِي مَوْتَ الْأَبْرَارِ، وَلْتَكُنْ آخِرَتِي كَآخِرَتِهِمْ!” لكن بلعام لم يكترث بأن يعيش حياة الأبرار، ولذلك مات موت الأشرار، برفقة الذين وقعوا معه تحت دينونة الله.
ثانيًا. تقسيم الغنيمة
أ ) الآيات (١٢-٢٠): غضب موسى بسبب استحياء شعب إسرائيل نساء مديان بعد الهجوم على مديان.
١٢وَأَتَوْا إِلَى مُوسَى وَأَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ وَإِلَى جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالسَّبْيِ وَالنَّهْبِ وَالْغَنِيمَةِ إِلَى الْمَحَلَّةِ إِلَى عَرَبَاتِ مُوآبَ الَّتِي عَلَى أُرْدُنِّ أَرِيحَا. ١٣فَخَرَجَ مُوسَى وَأَلِعَازَارُ الْكَاهِنُ وَكُلُّ رُؤَسَاءِ الْجَمَاعَةِ لاسْتِقْبَالِهِمْ إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ. ١٤فَسَخَطَ مُوسَى عَلَى وُكَلاَءِ الْجَيْشِ، رُؤَسَاءِ الأُلُوفِ وَرُؤَسَاءِ الْمِئَاتِ الْقَادِمِينَ مِنْ جُنْدِ الْحَرْبِ. ١٥وَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: «هَلْ أَبْقَيْتُمْ كُلَّ أُنْثَى حَيَّةً؟ ١٦إِنَّ هؤُلاَءِ كُنَّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، حَسَبَ كَلاَمِ بَلْعَامَ، سَبَبَ خِيَانَةٍ لِلرَّبِّ فِي أَمْرِ فَغُورَ، فَكَانَ الْوَبَأُ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. ١٧فَالآنَ اقْتُلُوا كُلَّ ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ. وَكُلَّ امْرَأَةٍ عَرَفَتْ رَجُلًا بِمُضَاجَعَةِ ذَكَرٍ اقْتُلُوهَا. ١٨لكِنْ جَمِيعُ الأَطْفَالِ مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي لَمْ يَعْرِفْنَ مُضَاجَعَةَ ذَكَرٍ أَبْقُوهُنَّ لَكُمْ حَيَّاتٍ. ١٩وَأَمَّا أَنْتُمْ فَانْزِلُوا خَارِجَ الْمَحَلَّةِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَتَطَهَّرُوا كُلُّ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا، وَكُلُّ مَنْ مَسَّ قَتِيلًا، فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَفِي السَّابعِ، أَنْتُمْ وَسَبْيُكُمْ. ٢٠وَكُلُّ ثَوْبٍ، وَكُلُّ مَتَاعٍ مِنْ جِلْدٍ، وَكُلُّ مَصْنُوعٍ مِنْ شَعْرِ مَعْزٍ، وَكُلُّ مَتَاعٍ مِنْ خَشَبٍ، تُطَهِّرُونَهُ».
١. هَلْ أَبْقَيْتُمْ كُلَّ أُنْثَى حَيَّةً: غضب موسى لأن بني إسرائيل لم يستطيعوا أن يدركوا الخطر الكبير الذي كانت هؤلاء النساء يشكِّلنه، وهو الخطر المتمثِّل في الزنا وعبادة الأوثان، وذلك لأن هؤلاء النساء دفعن رجال إسرائيل من قبل إلى ارتكاب هاتين الخطيتين عينهما.
• ينخدع شعب الله أحيانًا بأمورٍ كانت تشكل تهديدًا فيما مضى، لكنها لا تبدو خطرًا حاليًا. فقد ظن وُكَلَاءِ الْجَيْشِ الإسرائيلي أن هؤلاء النساء لا يشكِّلن تهديدًا، إلا أنهن كنَّ أكثر خطورة على إسرائيل من جيشٍ من المحاربين العتاة. فقد كان بإمكان شعب إسرائيل التغلُّب على محاربين أقوياء إذا كانوا أقوياء روحيًّا. لكن إذا استسلموا لارتكاب الزنا وعبادة الأوثان، فإنهم سيسقطون لا محالة.
• “سخط موسى على وكلاء الجيش، لا بسبب صرامة الدينونة التي أوقعوها على مديان، بل بسبب إخفاقهم في تنفيذ هذه الدينونة بالكامل.” مورجان (Morgan)
• إننا كثيرًا ما نرى أن أشياء مثل حكومة معادية، أو المذهب الإنساني العلماني، أو الهجوم الأكاديمي، أو ما إلى ذلك، تشكِّل خطرًا علينا، نحن شعب الله. لكن عندما يَقبَل شعب الله في وسطهم أمورًا يمكن أن تفتح الأبواب للزنا وعبادة الأوثان، فإن هذا يشكل خطرًا أكبر بكثير من الخطر الذي تشكِّله أيٌّ من تلك الأمور الأخرى.
٢. جَمِيعُ الْأَطْفَالِ مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي لَمْ يَعْرِفْنَ مُضَاجَعَةَ ذَكَرٍ أَبْقُوهُنَّ لَكُمْ حَيَّاتٍ: وبناءً على ذلك، فإن جميع النساء اللواتي عَرَفَتْ رَجُلًا بِمُضَاجَعَةِ ذَكَرٍ، كان ينبغي أن يُقتَلن. وأما اللواتي لم تكن لهن أية صلة بزنا المديانيين وعبادتهم للأوثان، فكان مسموحًا بإبقائهن على قيد الحياة.
• “فإن النساء اللواتي عرفن مضاجعة ذكور – سواء كان هؤلاء الذكور مديانيين أم رجالًا إسرائيليين خطاة – حُسِبن نجسات، لأنهن كن الأداة الرئيسية التي تسبَّبت في سقوط شعب إسرائيل في بعل فغور. وفقط النساء الصغيرات في العمر هن اللواتي يمكن أن يُسمَح ببقائهن على قيد الحياة، حتى يمكن لرجال إسرائيل أن يتخذوهن زوجات أو جواري، وذلك وفقًا لمبادئ الحرب المقدَّسة (تثنية ٢٠: ١٣-١٤؛ ٢١: ١٠-١٤). وبهذا، كان من الممكن جمعهن تحت مظلة العهد الذي تخضع له جماعة الإيمان.” كول (Cole)
• اللَّوَاتِي لَمْ يَعْرِفْنَ مُضَاجَعَةَ ذَكَرٍ: “بقدر ما يستطيعون تخمين ذلك بناءً على أعمارهن.” تراب (Trapp)
٣. كُلَّ ذَكَرٍ مِنَ الْأَطْفَالِ: كان ينبغي قتل هؤلاء أيضًا، وهو ما كان أمرًا قاسيًا، لكنه نُفِّذ بناءً على إدراك بأنه في تلك الثقافة القديمة، كان من شأن الصبيان أن يكبروا في العمر ليصيروا رجالًا يتولُّون مسؤولية الانتقام لمقتل آبائهم، وتخليد الثقافة المديانية، التي كانت واقعة تحت دينونة الله.
• كانت هذه دينونة صعبة وقاسية على المديانيين، لكنها لم تبدهم كشعب. فقد ظهروا كثيرًا فيما بعد بصفتهم أعداءً لإسرائيل (كما في سفر القضاة ٦).
• إن الله يملك الحق أن يدين ليس فقط الأفراد، بل المجتمعات أيضًا بمختلف أحجامها. ومثل هذه الدينونات تتعدَّى كونها مجرد معاقبةٍ للأفراد على ذنبهم الشخصي، بل إن الدينونة تقع على المجتمع ككلٍّ، بمن في ذلك الذين قد لا يكونون مذنبين بصفة شخصية أو فردية (مثل الأولاد أو الْأَطْفَالِ). وفي بعض الأحيان، يُوقِع الله هذه الدينونات بصورة مباشرة (كما حدث في طوفان سفر التكوين، أو كما حدث في سدوم وعمورة)؛ وفي أحيان أخرى، يرسل شعوبًا لتكون أدوات دينونته (كما أرسل الأشوريين على مملكة إسرائيل الشمالية، والبابليين على مملكة يهوذا الجنوبية). وعند الاستيلاء على أرض كنعان، استخدم الله شعبه (إسرائيل) على نحو فريد ليكون أداة دينونته.
• هذه الدينونة القاسية كثيرًا ما تزعجنا، لكنها كانت نابعةً من كلٍّ من حق الله في أن يدين (مزمور ٩: ٨؛ ٥٠: ٦)، ومن رحمته المتمثِّلة في إتاحته الكثير من الوقت للبشر كي يتوبوا (تكوين ١٥: ١٦). وبهذا، نعلم أن الله ديَّان (قاض) عادل (تكوين ١٨: ٢٥؛ مزمور ٧: ١١).
• “أستند في هذا التصرف ببساطة على المبدأ القائل إن الله، خالق الأرواح وحافظها، يملك الحق أن ينهي حياتها وقتما وكيفما شاء، وإن ديان كلِّ الأرض لا يمكن أن يصنع سوى العدل.” كلارك (Clarke)
• “إن الشعوب اليوم مهدَّدون بخطر الوقوع تحت دينونة الله. وهذا صحيحٌ سواء اعترفوا بذلك أم لا. وستأتي تلك الدينونة يومًا ما. وفي ذلك الوقت، لن يكون هناك أي بكاء أو نوح على النساء والأطفال الذين ماتوا في مديان القديمة قبل ذلك بثلاثة آلاف وخمسمئة سنة، لأنه في ذلك الوقت، ستفوق دينونة الله كلَّ ما كُتِب يومًا في أقسى وأصعب النصوص الكتابية.” ألن (Allen)
٤. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَانْزِلُوا خَارِجَ الْمَحَلَّةِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ: حقَّق جنود إسرائيل انتصارًا، وتمَّموا مشيئة الله بهجومهم على هؤلاء المديانيين وهزيمتهم. ومع ذلك، تطلَّب تتميمهم لمشيئة الله الكثير من الموت. ولذلك، أمر الله هؤلاء الجنود بالانتظار سَبْعَةَ أَيَّامٍ قبل العودة إلى محلة إسرائيل.
• “يخيِّم شبح الموت على كل حرب، مهما كانت نتائجها عظيمة من وجهة نظر الطرف المنتصر. وإن شرائع التطهير هذه ذكَّرت شعب إسرائيل بأن موت أي إنسان هو إخلالٌ كارثيٌّ بخليقة الله، حتى وإن كان الخالق نفسه، في بعض الحالات، هو الذي أمر بقتل هذا الشخص الخاطئ.” وينهام (Wenham)
٥. وَكُلُّ ثَوْبٍ، وَكُلُّ مَتَاعٍ مِنْ جِلْدٍ، وَكُلُّ مَصْنُوعٍ مِنْ شَعْرِ مَعْزٍ، وَكُلُّ مَتَاعٍ مِنْ خَشَبٍ، تُطَهِّرُونَهُ: كذلك، كان ينبغي تطهير كلِّ ما للمديانيين، والغنائم التي أُخِذت منهم، حتى يمكن استخدامها بعد ذلك. هكذا كان الحال أيضًا في بعض حروب الدينونة التي شنَّها شعب إسرائيل لاحقًا ضد الكنعانيين، حيث كان من الممكن قبول بعض الغنائم، على ألا تؤول إلى الأفراد (يشوع ٦: ١٨-١٩).
• يمكن تطبيق هذا المبدأ إلى حدٍّ ما على شعب الله اليوم. فعليهم أن يميِّزوا جيدًا تلك الجوانب من ثقافتهم التي يمكن “أخذها غنيمة،” و”تطهيرها،” ثم استخدامها فيما بينهم. كذلك، عليهم أن يميِّزوا تلك الجوانب من ثقافتهم التي يجب ألا يكون لها أي مكان على الإطلاق بين شعب الله، ولذلك يجب “تحريمها” (التخلص منها تمامًا).
ب) الآيات (٢١-٢٤): تطهير الغنيمة.
٢١وَقَالَ أَلِعَازَارُ الْكَاهِنُ لِرِجَالِ الْجُنْدِ الَّذِينَ ذَهَبُوا لِلْحَرْبِ: «هذِهِ فَرِيضَةُ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا الرَّبُّ مُوسَى: ٢٢اَلذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالنُّحَاسُ وَالْحَدِيدُ وَالْقَصْدِيرُ وَالرَّصَاصُ، ٢٣كُلُّ مَا يَدْخُلُ النَّارَ، تُجِيزُونَهُ فِي النَّارِ فَيَكُونُ طَاهِرًا، غَيْرَ أَنَّهُ يَتَطَهَّرُ بِمَاءِ النَّجَاسَةِ. وَأَمَّا كُلُّ مَا لاَ يَدْخُلُ النَّارَ فَتُجِيزُونَهُ فِي الْمَاءِ. ٢٤وَتَغْسِلُونَ ثِيَابَكُمْ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ فَتَكُونُونَ طَاهِرِينَ، وَبَعْدَ ذلِكَ تَدْخُلُونَ الْمَحَلَّةَ».
١. كُلُّ مَا يَدْخُلُ النَّارَ، تُجِيزُونَهُ فِي النَّارِ فَيَكُونُ طَاهِرًا: كان ينبغي تطهير كلِّ الغنائم المادية، إما بالنار، وإما بواسطة ماء النجاسة. وعندئذ فقط، تصير هذه الغنائم صالحةً للاستخدام بين شعب الله.
• “كان الهدف الأكبر من هذه الوصية هو تطهير تلك الأمتعة طقسيًّا. فقد استخدمها المديانيُّون من قبل، وبالتالي كان يَلزَم تطهيرها قبل أن يتمكَّن شعب إسرائيل من الاستفادة منها. إلا أن عمليات التطهير كان ينبغي أن تُحدَّد بحسب المواد المصنوعة منها تلك الأشياء؛ فكانت النار تُستخدَم لتطهير كلِّ ما يمكن أن يتحمل النار، والماء يُستخدَم لتطهير كل ما لا يمكنه تحمُّل النار.” ماير (Meyer)
٢. فِي النَّارِ… غَيْرَ أَنَّهُ يَتَطَهَّرُ بِمَاءِ النَّجَاسَةِ: الأشياء التي قد تتلف بإدخالها في النار يمكن تطهيرها بِمَاءِ النَّجَاسَةِ. ويبدو أن هذا هو الماء نفسه الذي وُضع فيه رماد البقرة الحمراء (سفر العدد ١٩).
• وهذا مثالٌ يعبِّر عن كيفية استخدام الله النَّارِ والْمَاءِ اليوم لتطهير شعبه. تشير النار إلى نيران الصعوبات والضيقات، ويشير الماء إلى مياه كلمة الله النقية.
• عندما يستخدم الله نار التطهير، نستطيع أن نقول مع أيوب: “إِذَا جَرَّبَنِي أَخْرُجُ كَالذَّهَبِ” (أيوب ٢٣: ١٠). فإن النار تنقِّي المعادن الثمينة لأنها تجعل الشوائب (الزغل) تطفو على السطح، حيث يمكن للممحِّص إزالتها. ويستطيع الممحِّص أن يعرف أن الذهب صار نقيًّا عندما يتمكن من رؤية انعكاس صورته في كتلة الذهب.
• عندما يشاء الله أن يغسلنا ويطهِّرنا، فإنه لا يستخدم فقط مياه المعمودية، بل يستخدم أيضًا خدمة كلمته، المشار إليها في أفسس ٥: ٢٦، “لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ.”
ج) الآيات (٢٥-٥٤): تقسيم الغنيمة على الجنود وعلى الشعب بوجه عام.
٢٥وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: ٢٦«أَحْصِ النَّهْبَ الْمَسْبِيَّ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ، أَنْتَ وَأَلِعَازَارُ الْكَاهِنُ وَرُؤُوسُ آبَاءِ الْجَمَاعَةِ. ٢٧وَنَصِّفِ النَّهْبَ بَيْنَ الَّذِينَ بَاشَرُوا الْقِتَالَ الْخَارِجِينَ إِلَى الْحَرْبِ، وَبَيْنَ كُلِّ الْجَمَاعَةِ. ٢٨وَارْفَعْ زَكَاةً لِلرَّبِّ. مِنْ رِجَالِ الْحَرْبِ الْخَارِجِينَ إِلَى الْقِتَالِ وَاحِدَةً. نَفْسًا مِنْ كُلِّ خَمْسِ مِئَةٍ مِنَ النَّاسِ وَالْبَقَرِ وَالْحَمِيرِ وَالْغَنَمِ. ٢٩مِنْ نِصْفِهِمْ تَأْخُذُونَهَا وَتُعْطُونَهَا لأَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ رَفِيعَةً لِلرَّبِّ. ٣٠وَمِنْ نِصْفِ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَأْخُذُ وَاحِدَةً مَأْخُوذَةً مِنْ كُلِّ خَمْسِينَ مِنَ النَّاسِ وَالْبَقَرِ وَالْحَمِيرِ وَالْغَنَمِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ، وَتُعْطِيهَا لِلاَّوِيِّينَ الْحَافِظِينَ شَعَائِرَ مَسْكَنِ الرَّبِّ». ٣١فَفَعَلَ مُوسَى وَأَلِعَازَارُ الْكَاهِنُ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى. ٣٢وَكَانَ النَّهْبُ فَضْلَةُ الْغَنِيمَةِ الَّتِي اغْتَنَمَهَا رِجَالُ الْجُنْدِ: مِنَ الْغَنَمِ سِتَّ مِئَةٍ وَخَمْسَةً وَسَبْعِينَ أَلْفًا، ٣٣وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ أَلْفًا، ٣٤وَمِنَ الْحَمِيرِ وَاحِدًا وَسِتِّينَ أَلْفًا، ٣٥وَمِنْ نُفُوسِ النَّاسِ مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي لَمْ يَعْرِفْنَ مُضَاجَعَةَ ذَكَرٍ، جَمِيعِ النُّفُوسِ اثْنَيْنِ وَثَلاَثِينَ أَلْفًا. ٣٦وَكَانَ النِّصْفُ نَصِيبُ الْخَارِجِينَ إِلَى الْحَرْبِ: عَدَدُ الْغَنَمِ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَسَبْعَةً وَثَلاَثِينَ أَلْفًا وَخَمْسَ مِئَةٍ. ٣٧وَكَانَتِ الزَّكَاةُ لِلرَّبِّ مِنَ الْغَنَمِ سِتَّ مِئَةٍ وَخَمْسَةً وَسَبْعِينَ، ٣٨وَالْبَقَرُ سِتَّةً وَثَلاَثِينَ أَلْفًا، وَزَكَاتُهَا لِلرَّبِّ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ، ٣٩وَالْحَمِيرُ ثَلاَثِينَ أَلْفًا وَخَمْسَ مِئَةٍ، وَزَكَاتُهَا لِلرَّبِّ وَاحِدًا وَسِتِّينَ، ٤٠وَنُفُوسُ النَّاسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَزَكَاتُهَا لِلرَّبِّ اثْنَيْنِ وَثَلاَثِينَ نَفْسًا. ٤١فَأَعْطَى مُوسَى الزَّكَاةَ رَفِيعَةَ الرَّبِّ لأَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى. ٤٢وَأَمَّا نِصْفُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي قَسَمَهُ مُوسَى مِنَ الرِّجَالِ الْمُتَجَنِّدِينَ: ٤٣فَكَانَ نِصْفُ الْجَمَاعَةِ مِنَ الْغَنَمِ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَسَبْعَةً وَثَلاَثِينَ أَلْفًا وَخَمْسَ مِئَةٍ، ٤٤وَمِنَ الْبَقَرِ سِتَّةً وَثَلاَثِينَ أَلْفًا، ٤٥وَمِنَ الْحَمِيرِ ثَلاَثِينَ أَلْفًا وَخَمْسَ مِئَةٍ، ٤٦وَمِنْ نُفُوسِ النَّاسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا. ٤٧فَأَخَذَ مُوسَى مِنْ نِصْفِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الْمَأْخُوذِ وَاحِدًا مِنْ كُلِّ خَمْسِينَ مِنَ النَّاسِ وَمِنَ الْبَهَائِمِ، وَأَعْطَاهَا لِلاَّوِيِّينَ الْحَافِظِينَ شَعَائِرَ مَسْكَنِ الرَّبِّ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى. ٤٨ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَى مُوسَى الْوُكَلاَءُ الَّذِينَ عَلَى أُلُوفِ الْجُنْدِ، رُؤَسَاءُ الأُلُوفِ وَرُؤَسَاءُ الْمِئَاتِ، ٤٩وَقَالُوا لِمُوسَى: «عَبِيدُكَ قَدْ أَخَذُوا عَدَدَ رِجَالِ الْحَرْبِ الَّذِينَ فِي أَيْدِينَا فَلَمْ يُفْقَدْ مِنَّا إِنْسَانٌ. ٥٠فَقَدْ قَدَّمْنَا قُرْبَانَ الرَّبِّ، كُلُّ وَاحِدٍ مَا وَجَدَهُ، أَمْتِعَةَ ذَهَبٍ: حُجُولًا وَأَسَاوِرَ وَخَوَاتِمَ وَأَقْرَاطًا وَقَلاَئِدَ، لِلتَّكْفِيرِ عَنْ أَنْفُسِنَا أَمَامَ الرَّبِّ». ٥١فَأَخَذَ مُوسَى وَأَلِعَازَارُ الْكَاهِنُ الذَّهَبَ مِنْهُمْ، كُلَّ أَمْتِعَةٍ مَصْنُوعَةٍ. ٥٢وَكَانَ كُلُّ ذَهَبِ الرَّفِيعَةِ الَّتِي رَفَعُوهَا لِلرَّبِّ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا وَسَبْعَ مِئَةٍ وَخَمْسِينَ شَاقِلًا مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الأُلُوفِ وَرُؤَسَاءِ الْمِئَاتِ. ٥٣أَمَّا رِجَالُ الْجُنْدِ فَاغْتَنَمُوا كُلُّ وَاحِدٍ لِنَفْسِهِ. ٥٤فَأَخَذَ مُوسَى وَأَلِعَازَارُ الْكَاهِنُ الذَّهَبَ مِنْ رُؤَسَاءِ الأُلُوفِ وَالْمِئَاتِ وَأَتَيَا بِهِ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ تَذْكَارًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَمَامَ الرَّبِّ.
١. وَنَصِّفِ النَّهْبَ بَيْنَ الَّذِينَ بَاشَرُوا الْقِتَالَ الْخَارِجِينَ إِلَى الْحَرْبِ، وَبَيْنَ كُلِّ الْجَمَاعَةِ: جرت العادة أن تكون الغنيمة من حقِّ الجنود وحدهم. لكن هنا، أمر الله بتقسيم الغَنِيمَة (النَّهْب) بين الجنود والجماعة، على أن يُعطَى للرب نصيب منها.
• “قُسِّمت الغنيمة بالمناصفة بين الشعب والجنود، ثم أُعطِيت نسبة واحد من كل خمسمئة (٠.٠٥) للرب، ونسبة واحد من كل خمسين (٢%) للاويين.” كلارك (Clarke)
٢. كَانَ نِصْفُ الْجَمَاعَةِ مِنَ الْغَنَمِ ثَلَاثَ مِئَةٍ وَسَبْعَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا وَخَمْسَ مِئَةٍ، وَمِنَ الْبَقَرِ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا: يبيِّن هذا الحصر للغنائم المأخوذة من هزيمة المديانيين أن كمية النهب كانت هائلةً بصورة ملحوظة. وهذه الأعداد ضخمة لدرجة أن بعض المفسِّرين تساءلوا عمَّا إذا كان هناك خطأ قد حدث في نسخ هذا النص. وسواء حدث ذلك أم لا، كانت هذه مكافأةً أو علاوةً كبيرة لشعب إسرائيل فيما كانوا يستعدون لدخول أرض كنعان.
• “نجد سردًا للغنيمة بأكملها في الآيات ٣٢-٣٥. كانت الأعداد هائلة، وكان النصر مذهلًا. ولم تكن هذه سوى البداية. فعلى الجانب الآخر من نهر الأردن، كانت بقية الأرض التي وعد بها الله الشعب في انتظارهم.” ألن (Allen)
• “يُفترَض أن بعض الأعداد في هذا الإصحاح هي على الأغلب غير دقيقة، وأن بعض الأخطاء ارتُكِبت في أثناء عملية الترجمة والنسخ. وهذا احتمال كبير، لكن ليس له تأثير فعلي على المعنى.” مورجان (Morgan)
٣. عَبِيدُكَ قَدْ أَخَذُوا عَدَدَ رِجَالِ الْحَرْبِ الَّذِينَ فِي أَيْدِينَا فَلَمْ يُفْقَدْ مِنَّا إِنْسَانٌ: أبلغ وكلاء جنود إسرائيل موسى وألعازار بهذا التقرير اللافت للنظر. فقد أخذوا ١٢٠٠٠ معهم إلى الحرب ضد المديانيين، ولَمْ يُفْقَدْ منهم إِنْسَانٌ.
• “هذه الإشارة العجيبة إلى عناية يهوه وحمايته كان من شأنها أن تمدَّ جيوش إسرائيل بالطمأنينة والثقة في معاركهم القادمة في أرض كنعان.” كول (Cole)
• “لا يوجد ما يدفعنا إلى الظن بأنَّ حماية الله لحياة كلِّ جندي من شعب إسرائيل في الحرب هو أمر تكرَّر مرة أخرى. فلا بد أن هذا حدث مرة واحدة فقط في تاريخ إسرائيل.” ألن (Allen)
٤. كُلُّ ذَهَبِ الرَّفِيعَةِ الَّتِي رَفَعُوهَا لِلرَّبِّ: كانت هذه هديةً خاصةً من وكلاء الجيش، وقد قدَّموها امتنانًا منهم على حماية الله اللافتة لجيش إسرائيل. وكانت هذه الهدية السخية للرب، واستُخدِمت كتَذْكَار، وفي خدمة المسكن أيضًا. وبهذا، أظهر الجيل الجديد من إسرائيل، الذي كان على وشك امتلاك أرض الموعد، سخاءه، على عكس جيل آبائهم الذين هلكوا في البرية.
• سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا وَسَبْعَ مِئَةٍ وَخَمْسِينَ شَاقِلًا: “القيمة الإجمالية للذهب الذي قدَّمه وكلاء جيش إسرائيل عن كتائبهم تجاوزت بكثير الحد الأدنى المطلوب، وهو نصف شاقل عن الفرد الواحد… فقد قدَّموا ضعف الحد الأدنى بنحو ٢.٨.” كول (Cole)
• لِلتَّكْفِيرِ عَنْ أَنْفُسِنَا أَمَامَ الرَّبِّ: “أي ليكرموا الله لأجل حفاظه على حياتهم. وقد بلغت قيمة الذهب الذي قدموه في هذه المناسبة ١٦,٧٥٠ شاقلًا.” كلارك (Clarke)
• وَنُفُوسُ النَّاسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَزَكَاتُهَا لِلرَّبِّ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ نَفْسًا: “فيما يتعلَّق بالغرض من توظيف النساء لخدمة الكهنة… من المحتمل أنهن كن يكلَّفن بمهام بسيطة لخدمة الرب، كما يفترض العديد من المفسِّرين (انظر خروج ٣٨: ٨).” ألن (Allen)