أمثال 31
حكمة الملك لموئيل
أولًا. حكمة من الملك لموئيل
أ ) الآية (1): حكمة الملك لموئيل – وأمه.
1كَلَامُ لَمُوئِيلَ مَلِكِ مَسَّا، عَلَّمَتْهُ إِيَّاهُ أُمُّهُ.
1. كَلَامُ لَمُوئِيلَ مَلِكِ مَسَّا: كما كان الحال مع أجور في أمثال 30، لا نعرف شيئًا عن الملك لموئيل. فهو غير مدوّن في قائمة ملوك إسرائيل أو يهوذا. ولهذا يرجّح أنه كان ملكًا وثنيًّا آمن بالرب (يهوه)، إله عهد إسرائيل. وتعلَّم الحكمة من خلال مخافة الرب.
يعني اسم لموئيل ‘يخص الله.’ ولم يكن لأي ملك في إسرائيل (أو يهوذا) هذا الاسم. ولهذ كان إمّا ملكًا أجنبيًّا أو اسمًا مستعارًا للكاتب. وغالبًا ما قال المفسرون الأكثر قدمًا، إضافة إلى أساطير يهودية، إن لموئيل الذي يعني ‘يخص الله’ هو سليمان نفسه وإن أمه التي تقدم له النصيحة هي بثشبع.
“تحدد الأسطورة اليهودية لموئيل على أنه سليمان، وأن النصائح المقدمة من أمه تعود إلى زمن عندما انغمس في السحر مع زوجته المصرية وأخَّرَ الذبائح الصباحية. لكن لا يوجد دليل على هذا.” روس (Ross)
“كانت هنالك تخمينات كثيرة حول هوية الملك لموئيل، لكن لا يوجد شيء مؤكد لكي يقال.” مورجان (Morgan)
“لا يوجد أي دليل أن موئيل أو لموئيل هو سليمان. إذ يبدو أن الإصحاح متأخر عن زمن سليمان، ولا تشكل الكلدانيات (الكلمات الكلدانية) في الافتتاحية أي برهان على ذلك. وإن لم يكن أجور كاتب هذا الإصحاح، يمكن أن يُعَد ملحقًا لسفر الأمثال. ومن المؤكد أن سليمان لم يكتبه.” كلارك (Clarke)
“غير أنه مع تغيير بسيط في علامات الترقيم، يمكن ترجمة 1أ إلى ‘كلام موئيل، ملك مسّا’ (كما هو في النص العربي)، بدلًا من كلام الملك لموئيل – إعلان (وحي).” ويذكر ماكين أن مسّا ربما كانت قبيلة عربية شمالية (تكوين 25: 14؛ 1 أخبار 1: 30)، وأن عدة آراميات (كلمات آرامية) تظهر في النص.” جاريت (Garrett)
2. وحْي (الكلام): فهم لموئيل، شأنه شأن سليمان (أمثال 2: 6) وأجور (أمثال 30: 1) أن كلماته كانت كلامًا، نبوة، أو إعلانًا، أو وحيًا من الله.
3. عَلَّمَتْهُ إِيَّاهُ أُمُّهُ: ربما كان لموئيل، شأنه شأن تيموثاوس (2 تيموثاوس 1: 5) أم يهودية علّمته مخافة الرب وحكمته.
ب) الآيات (2-3): تحذير ابن من خطر الزنا.
2مَاذَا يَا ٱبْنِي؟ ثُمَّ مَاذَا يَا ٱبْنَ رَحِمِي؟ ثُمَّ مَاذَا يَا ٱبْنَ نُذُورِي؟ 3لَا تُعْطِ حَيْلَكَ لِلنِّسَاءِ، وَلَا طُرُقَكَ لِمُهْلِكَاتِ ٱلْمُلُوكِ.
- مَاذَا يَا ٱبْنِي؟ ثُمَّ مَاذَا يَا ٱبْنَ رَحِمِي؟ ثُمَّ مَاذَا يَا ٱبْنَ نُذُورِي: تحدثت أم الملك لموئيل إليه بحنان كبير واصفةً صلتها به بثلاث طرق. فكان ببساطة ابنها، لكنه كان أيضًا ابن رحمها، وأخيرًا كان ابن نذورها ووعودها والتزاماتها.
“هنالك محيط من المحبة في قلب الوالد (الوالدة)، عُمْق لا يُسبر أغواره من الرغبة في رفاهة الطفل، في الأم بشكل خاص.” تراب (Trapp)
ابن نذوري: “يدعى الطفل المولود بعد نذر نذور من أجل النسل ابن نذور الشخص.” والتكي (Clarke)
“إنها تتتبّع صلته الوثيقة به من الحاضر إلى الوراء، إلى فترة حمْلها له في رحمها، وإلى وقت نذورها قبل الحمل. ويرجح أن اللقب الثالث (ابن نذوري) يشير إلى نذر قطعته بأن تكرس ابنها، إذا استجاب الله لطلبتها، ليحيا حسب حكمة الله (انظر 1 صموئيل 1: 11).” والتكي (Waltke)
2. لَا تُعْطِ حَيْلَكَ (قوّتك) لِلنِّسَاءِ: المعنى هنا هو أن الاهتمام الجنسي المفرط بالنساء يهدر قوة الرجل (حيلك). ويتحدث هذا عن هوس غير صحي بالعلاقات الرومانسية أو الجنس، وهو أمر له مكانته الملائمة في الحياة، لكن لا ينبغي أن يُجعل سببًا للحياة. فممارسة الفجور الجنسي والهوس الجنسي يُفقد الرجل قوته، بمعنى قوته الروحية، واحترامه لنفسه، ومثاله ومكانته في مجتمعه.
وبطبيعة الحال، يمكن أن يقال إنه في الزنا والهوى الجنسي تهدر المرأة أيضًا قوّتها. لكن أم الملك لموئيل كانت تتحدث إلى ابنها، لا إلى ابنتها. وينبغي لكل من الرجال والنساء أن يبقوا أوفياء لله في ما يخص الجنس والعلاقات الرومانسية، وإلا فسيهدرون قوّتهم.
“المغزى من الآية هو أنه بينما يسهُل على الملك أن يصرف وقته وطاقته في التمتع بالنساء، فإن هذا سيكون أمرًا غير حكيم.” روس (Ross)
3. وَلَا طُرُقَكَ لِمُهْلِكَاتِ ٱلْمُلُوكِ: يرتبط هذا بالسطر السابق. ويبدو أن أم لموئيل حذّرته وإيانا من الهوس الجنسي والرومانسي، لأنه أمر قوي لدرجة أنه يُهلك ملوكًا، حتى أعظم الملوك. فقد قُضي على سليمان عندما أعطى قوته للنساء (1 ملوك 11: 1-10). وعانى أبوه الملك داود بشكل مأساوي عندما أعطى قوته للنساء (2 صموئيل 11: 12).
“يُفسد الهوس الجنسي بمثل هؤلاء النساء سلطة الملك السيادية. فقد قسّى اشتهاء داود لبثشبع قلبه تجاه العدالة، فكلّف هذا أوريا حياته. وقسّت شريكات سليمان الكثيرات في الجنس قلبه تجاه الدين النقي غير المدنس، وصار غير قادر على الحب الحقيقي. وبعبارة أخرى، فإن للهوس الجنسي بالنساء تأثير الخمر.” والتكي (Waltke)
ج) الآيات (4-7): تحذير لابن من خطر الخمر.
4لَيْسَ لِلْمُلُوكِ يَا لَمُوئِيلُ، لَيْسَ لِلْمُلُوكِ أَنْ يَشْرَبُوا خَمْرًا، وَلَا لِلْعُظَمَاءِ ٱلْمُسْكِرُ. 5لِئَلَّا يَشْرَبُوا وَيَنْسَوْا ٱلْمَفْرُوضَ، وَيُغَيِّرُوا حُجَّةَ كُلِّ بَنِي ٱلْمَذَلَّةِ. 6أَعْطُوا مُسْكِرًا لِهَالِكٍ، وَخَمْرًا لِمُرِّي ٱلنَّفْسِ. 7يَشْرَبُ وَيَنْسَى فَقْرَهُ، وَلَا يَذْكُرُ تَعَبَهُ بَعْدُ.
1. لَيْسَ لِلْمُلُوكِ أَنْ يَشْرَبُوا خَمْرًا: ينبغي للملوك والقادة أن يتجنبوا الخمر (المُسْكِر). وتتكرر هذه الفكرة ثلاث مرات لغرض التوكيد. فرغم أن الكتاب المقدس يرى بركة محتملة في الخمر (مزمور 104: 15؛ أمثال 3: 10)، إلا أنها بركة تنطوي على خطر. ويتوجب النظر إليها بحذر. وينبغي لكثيرين (مثل الملوك والقادة) أن يتخلّوا عنها طوعًا.
“سنّ القرطاجيون قانونًا يمنع بموجبه أي قاضٍ من شرب الخمر. وسمح الفُرس لملوكهم أن يشربوا الخمر مرة واحدة فقط في السنة. ووضع سولون قانونًا في أثينا يعاقب سُكْر أي أمير بالموت. انظر جامعة 10: 16-17.” تراب (Trapp)
2. لِئَلَّا يَشْرَبُوا وَيَنْسَوْا ٱلْمَفْرُوضَ (القانون): مسؤوليات الملك كبيرة جدًّا لدرجة أن من الضروري جدًّا ألاّ يعاق في حُكمه أو قدراته بأية طريقة من الطرق. ولا يصح هذا المبدأ على الملوك فحسب، بل على القادة على اختلاف أنواعهم، بمن فيهم – وعلى نحو خاص – أولئك الذين يَعُدّون أنفسهم قادة بين شعب الله اليوم.
وَيُغَيِّرُوا حُجَّةَ كُلِّ بَنِي ٱلْمَذَلَّةِ: “هذا أمر يمكن أن يقوم به بسهولة أي قاضٍ مخمور، لأن السُّكْر يجرد المرء من استخدام عقله، وهو الشيء الوحيد الذي يستطيع به الإنسان التفريق بين الصواب والخطأ.” بولي (Poole)
3. أَعْطُوا مُسْكِرًا لِهَالِكٍ: فكّرت أم الملك لموئيل في شاربين للخمر أكثر ملاءمة من الملك. أولًا، فكّرت في مجرم مُدان يحتاج إلى تخدير لحواسه لتخفيف عذابه أثناء طريقه إلى الموت. ثانيًا، فكّرت في شخص مُرّ القلب يمكن أن يشرب لينسى فقره ولا يتذكر تعاسته فيما بعد. ولا يعني هذا أنه لا توجد عواقب لشرب الخمر في هاتين الحالتين، لكن العواقب لها تأثير ضئيل بالمفارنة مع الملك أو القائد.
“لقد رأينا بالفعل أن المشروبات الكحولية أُعطيت رحمةً بالمجرمين المُدانين من أجل تخفيف إحساسهم بالألم الذي كانوا يتعرضون له أثناء الموت. وقد عُرِض هذا على الرب يسوع، فرفضه.” كلارك (Clarke)
“لا توصي الملكة الأم ببرنامج مجاني للبيرة للفقراء، ولا تبرر استخدام الخمر كأفيون للجماهير. لكن وجهة نظرها هي أنه يتوجب على الملك أن يتجنب السُّكْر لكي يملك بشكل سليم.” جاريت (Garrett)
4. وَلَا يَذْكُرُ تَعَبَهُ (تعاسته) بَعْدُ: فهمت أم الملك لموئيل أن المشروبات القوية، والنبيذ، والمسكرات الأخرى تنقص من أداء المرء وتميُّزه. ولهذا السبب، ولأسباب أخرى، ينبغي لكثيرين، ولا سيما الذين في مواقع القيادة، أن يتجنبوا الكحول بشكل كلي.
“إن كان أحد شريرًا بما يكفي للاستنتاج من هذا المثل أنه سيكون قادرًا على نسيان فقره وتعاسته (تعبه) بتعاطي الخمر، فسرعان ما سيجد نفسه مخطئًا بشكل مؤسف. فإن كانت لديه تعاسة واحدة من قبل، ستكون لديه عشر “تعاسات” لاحقًا. وإن كان فقيرًا سابقًا، فسيكون أكثر فقرًا لاحقًا. فأولئك الذين يهرعون إلى الزجاجة من أجل التعزية، فكأنهم يهرعون إلى جهنم بحثًا عن السماء! فبدلًا من أن يساعدهم السُّكْر على نسيان فقرهم، فلن يؤدي بهم إلّا إلى إغراقهم بعمق أكبر في الوحل.” سبيرجن (Spurgeon)
د ) الآيات (8-9): الدفاع عن أولئك الذين بلا حماية.
8اِفْتَحْ فَمَكَ لِأَجْلِ ٱلْأَخْرَسِ فِي دَعْوَى كُلِّ يَتِيمٍ. 9اِفْتَحْ فَمَكَ. ٱقْضِ بِٱلْعَدْلِ وَحَامِ عَنِ ٱلْفَقِيرِ وَٱلْمِسْكِينِ.
1. اِفْتَحْ فَمَكَ لِأَجْلِ ٱلْأَخْرَسِ: الفكرة هنا هي أنه يوجد أشخاص لا يستطيعون أن يتحدثوا عن أنفسهم ليدافعوا عن حقوقهم في محكمة قانونية أو في ظروف أقل رسمية. والإنسان الحكيم التقي مستعد للتحدث نيابة عن الصامتين وتَبَنّي قضية غير القادرين على الدفاع عن أنفسهم (فِي دَعْوَى كُلِّ يَتِيمٍ، أو المعينين للموت، حسب الترجمة الإنجليزية).
تثير أمثال 31: 1-9 بصفتها وحدة واحدة سؤالًا مهمًّا. يعني كون المرء قائدًا مستوى معيّنًا من السلطة والقوة. فهل أنت مستعد لاستخدام هذه السلطة أو القوة في الانغماس في النساء والخمر (كما في أمثال 31: 3-7)، أم أنك ستستخدمها لتحمي وتفيد أولئك الذين تقودهم (كما في أمثال 31: 8-9)؟
2. اِفْتَحْ فَمَكَ. ٱقْضِ بِٱلْعَدْلِ: كان هذا أمرًا مهمًّا على نحو خاص لملك مثل لموئيل، لكنه ينطبق على الجميع. فإذا كانت لدينا الفرصة في تصويب خطأ ما، أو التأكد من معاقبة خطأ ما، ينبغي أن نرفع أصواتنا (اِفْتَحْ فَمَكَ. ٱقْضِ بِٱلْعَدْلِ). ينبغي أن نقيم دعوى المساكين والمحتاجين والذين يجدون صعوبة في الدفاع عن أنفسهم بشكل سليم.
“من الجدير بالذكر أن هذا هو اهتمامها السياسي الوحيد. فهي لا تقول شيئًا عن بناء الخزانة، أو إقامة نُصُب تذكارية لعهد الملك، أو تشكيل قوة عسكرية مهيمنة. فبالنسبة لها، فإن عرش الملك يقوم على البر حقًّا.” جاريت (Garrett)
ثانيًا. البحث عن المرأة ذات المعدن الأخلاقي والفضيلة
تبدأ كل آية من الآيات الثانية والعشرين (أمثال 31: 10-31) بحرف متتالٍ من الأبجدية العبرية. وقد استُخدِم هذا البناء الأكروستي في عدة مزامير (مثل المزامير 9-10، 25، 34، 37، 11، 112، 119، 145، إضافة إلى مراثي 4). وكان الغرض من هذا البناء تسهيل الحفظ والتعبير بمهارة شعرية. وهذه “أبجدية من التميز المتعلق بالزوجة.” كيدنر (Kidner)
“هذه الآية والآيات التالية أكروستية في بنائها، حيث تبدأ كل آية بحرف متتالٍ من الأبجدية العبرية: أمثال 10 – الألف، أمثال 31: 10 – الباء، أمثال 31: 11 – الجيم، وهكذا إلى نهاية الإصحاح حيث تبدأ آخر آية بحرف التاء (حسب الترتيب الأبجدي العبري).” كلارك (Clarke)
“جعل هذا الترتيب الحفظ أسهل، وربما ساعد في تنظيم الأفكار أيضًا. ويمكننا القول إن القصيدة ترتيب منظم من فضائل الزوجة الحكيمة – أبجديات الحكمة.” روس (Ross)
ويرغب كاتب هذه المادة التفسيرية لسفر الأمثال أن يشكر زوجته إنجاليل على تعاونها القيّم في هذا القسم من المادة التفسيرية.
أ ) الآية (10): البحث عن امرأة – زوجة فاضلة وإيجادها.
10اِمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ مَنْ يَجِدُهَا؟ لِأَنَّ ثَمَنَهَا يَفُوقُ ٱللَّآلِئَ.
1. اِمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ مَنْ يَجِدُهَا؟: في هذا القسم الأخير من أمثال 31، تتحدث أم لموئيل إليه حول صفات الزوجة الفاضلة. وتتحدث الآيات التالية عن معدنها الأخلاقي ونشاطها، معطيةً إياه فكرة عن المرأة المنشودة ليبحث عنها ويثمّنها. ويُفهم هذا النص تقليديًّا على أنه يخاطب النساء، لكن من الدقة أن نقول إنه موجه من امرأة إلى رجل لكي يعرف المعدن الأخلاقي المحتمل للمرأة الصالحة قبل الزواج، ويثمّنها ويمتدحها بمجرد الزواج منها. وهذا النص بشكل أساسي قائمة لرجل، وثانيًا قائمة مراجعة للمرأة.
ü يصف النص هذا نوع الزوجة التي ينبغي للرجل المؤمن بالمسيح أن يصلي من أجلها ويسعى وراءها.
ü يقدم هذا النص دليلًا، هدفًا للمرأة المؤمنة بالمسيح مبيّنًا نوع المعدن الأخلاقي الذي يمكن أن تتمتع به المرأة عندما تخاف الرب وتتبعه.
ü يذكّر هذا النص الرجل المؤمن بالمسيح بأنه يتوجب عليه أن يسلك في مخافة الرب وحكمته لكي يكون جديرًا بمثل هذه المرأة ومتوافقًا معها.
2. لِأَنَّ ثَمَنَهَا يَفُوقُ ٱللَّآلِئَ: تدعى امرأة فاضلة، لا لأن المتزوجات وحدهنّ يمكن لهنّ أن يمتلكن هذه الصفات، لكن لأن هذا إرشاد زوجيٌّ من أم لابنها. إذ يمكن أن تكون المرأة فاضلة عزباء أو متزوجة. وفي كلتا الحالتين يمكن أن تعبّر عن فضيلتها بطرق معينة، إما في عزوبتها أو كعائلة.
يدعو والتكي (Waltke) هذه المرأة ’الزوجة الباسلة.‘ وهو يلاحظ أن التعبير العبري Eseth hayil [امرأة فاضلة] يُترجم إلى ’زوجة ممتازة‘ في أمثال 12: 4. وتنطبق الكلمة على الرجال أيضًا، حيث تترجم إلى ’رجل جبابرة‘ أو ’رجال ذوي بأس‘ في 1 ملوك 24: 14، و’رجال أكفاء‘ في تكوين 47: 6، و’رجال مقتدرين‘ في خروج 18: 21.
“إنها امرأة فاضلة، امرأة ذات قوة ومقدرة Esheth chayil زوجة قوية أو فاضلة، ممتلئة بالطاقة الذهنية.” كلارك (Clarke)
“تمتلك المفردات والتعابير بشكل عام نبرة قصيدة غنائية عن بطل.” روس (Ross) ليس ما فعلته المرأة شيئًا وقع لها. بل هو انتصارها من خلال الحكمة. إنه مكافأتها التي حصلت عليها بالعمل الجاد. والتلميحات إلى المعارك والحياة العسكرية كثيرة بما فيها:
ü تعبير ‘امرأة الفاضلة’ المستخدم كصفة للزوجة هو نفس التعبير المستخدم لصفة الرجل ‘جبّار البأس’ في قضاة 6: 12.
ü كلمة ‘قوة’ في أمثال 17: 31 مستخدمة في أماكن أخرى للإشارة إلى انتصارات عظيمة بطولية (كما في خروج 15: 2 و1 صموئيل 2: 10).
ü ومرة أخرى فإن الكلمة في أمثال 31: 11 في الواقع مترجمة إلى نهب (كما في إشعياء 8: 1 و8: 3).
ü تعبير ‘فقتِ عليهنّ جميعًا’ في أمثال 31: 29 ‘تعبير يدل على الانتصار.’ روس (Ross)
ذُكرت صفات الزوجة الفاضلة هذه الموجودة في أمثال 31: 11-31 كثيرًا في أمثال أخرى. وبشكل عام، فإن لدى سفر الأمثال الكثير ليقوله عن الحكمة، وأخلاقيات العمل الدؤؤب، والممارسات التجارية الحكيمة، والكلام المشرّف، والرأفة بالفقراء، والنزاهة. وهنا تُشرح هذه الصفات في صلتها بالزوجة الفاضلة. وعندما يصل المرء إلى نهاية مجموعة الأمثال، يمكنه القول إن هذه المرأة قوية، وتكمن أعظم نقطة قوة لها في حكمتها المتجذرة في مخافة الرب.
3. لِأَنَّ ثَمَنَهَا يَفُوقُ ٱللَّآلِئَ (الياقوت): الأحجار الكريمة مثل الياقوت واللآلئ ثمينة ونادرة معًا. وبمعنى ما، فإن الملف الشخصي الكامل ‘للمرأة في أمثال 31’ هدف مثالي، تمامًا مثل وضع قائمة بعناصر المعدن الأخلاقي للرجل التقي الملائم للقيادة في كل من 1 تيموثاوس و1 تيطس. إذ سيكون أمرًا نادرًا أن تجد امرأة تتفوق في كل جانب من هذه القائمة. ولهذا لا ينبغي استخدامها للمقارنة أو للإدانة، سواء أكان للذات أم لامرأة أخرى. بل يفترض أن يعكس هذا المعدن الأخلاقي قيم المرأة وطموحها وهي تسلك في مخافة الرب وحكمته التقية.
اللآلئ: المعنى الدقيق للكلمة المترجمة إلى ‘لآلئ’ غير معروف. وقد ترجمت أيضًا إلى ‘ياقوت’ و‘مرجان.’ والإشارة هي إلى نوع من أنواع الحجارة الكريمة.” جاريت (Garrett)
4. لِأَنَّ ثَمَنَهَا يَفُوقُ ٱللَّآلِئَ (الياقوت): المرأة الموصوفة في بقية الإصحاح نادرة وثمينة، لكن قيمتها (ثمنها) أعظم مما تفعله كما هو مبيّن في الآيات التالية. ولا ينبغي تقليل قيمتها لتساوي أداء تلك الصفات. فهي فاضلة قبل أن تتصرف بأسلوب فاضل.
- لِأَنَّ ثَمَنَهَا يَفُوقُ ٱللَّآلِئَ (الياقوت): توصف الحكمة نفسها على أنها أثمن من اللآلئ (كما في أمثال 3: 15 و8: 11). وهذا أحد الأسباب التي تجعل بعضهم يعتقد أن هذا الوصف للمرأة الفاضلة في سفر الأمثال وصف شاعري للحكمة بصفتها امرأة (كما في أمثال 1: 20-33 و7: 4-5). “بما أن الموضوع يتعلق بشكل جوهري بالحكمة، فإن دروسها هي لكل من الرجال والنساء لتطويرهم. ويعلّمنا النص أن مخافة الرب تلهم الناس الأمانة في الوكالة على الوقت والوزنات التي أعطاها الله لهم. ويعلّمنا أيضًا أن الحكمة منتجة ومفيدة للآخرين، وأنها تتطلب اجتهادًا في مساعي الحياة، وأن الحكمة تُعَلَّم وتعاش في البيت.” روس (Ross)
ب) الآيات (11-12): علاقتها بزوجها.
11بِهَا يَثِقُ قَلْبُ زَوْجِهَا فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى غَنِيمَةٍ. 12تَصْنَعُ لَهُ خَيْرًا لَا شَرًّا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهَا.
1. بِهَا يَثِقُ قَلْبُ زَوْجِهَا: لا تتمتع الزوجة الفاضلة بثقة زوجها فحسب، بل تعطَى لها بأمان. فمعدنها الأخلاقي جدير بالثقة وممتلئ بالاستقامة. وهي تتكلم وتتصرف وتحيا بحكمة، ولهذا فإن بركة الله تحل على بيتها (فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى غَنِيمَةٍ). ولا يمكن الثقة بامرأة حمقاء، فهي تنتزع قدْرًا ما من البركة من البيت. وغالبًا ما يُلمَس هذا ماليًّا أو ماديًّا.
“لكن لا يكاد يوجد في كل هذا الرسم التصويري سمة أكثر جمالًا من هذه الجدارة المطلقة بالثقة. وهو يسعى إلى ثقتها ونصائحها، ولا يخشى على إفشاء أسراره. إذ يستطيع أن يثق بها بأمان.” ماير (Meyer)
“إنها واثقة بحبها واهتمامها وإخلاصها. وهو يجرؤ على أن يأتمنها على أسراره، ولا يشك في عفّتها وتكتُّمها، أو حرصها على الحفاظ على عائلته.” تراب (Trapp)
“خارج هذا النص وقضاة 20: 36، تدين كلمة الله أية ثقة بعيدًا عن الله/الرب. ومن شأن هذا الاستثناء الحالي أن يرفع الزوجة الباسلة (الفاضلة) التي تخاف الرب إلى أعلى مستوى من الكفاءة الروحية والمادية.” والتكي (Waltke)
“هبة الله العظمى هي شريك حياة تقي ودود يخاف الله ويحب بيته، ويمكن أن يحيا معه شريكه الآخر في ثقة كاملة.” بريدجز (Bridges)، نقلًا عن مارتن لوثر (Martin Luther) في وصفه لزوجته.
2. فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى غَنِيمَةٍ (لا ينقصه كسب): يعتقد بعضهم أن الزوجة عبء أو عائق أمام الكسب وحياة أفضل. لكن ليس هذا هكذا حسب خطة الله مع وجود امرأة فاضلة وتأثيرها. فهي تجلب كسبًا (غنيمة) لزوجها على مستويات كثيرة، وإلى حد كبير (فلا يحتاج).
غنيمة: “تعني عادة نهبًا. والفكرة هنا هي أن المكسب سيكون ثريًّا ووفيرًا مثل غنائم الحرب.” روس (Ross)
3. تَصْنَعُ لَهُ خَيْرًا لَا شَرًّا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهَ: شرحت أمثال سابقة التأثير السيّئ الذي تتركه الزوجة السيئة. والعكس صحيح. فالزوجة الفاضلة تصنع لزوجها خيرًا لا شرًّا، وهي تستمر في كونها بركة له طوال حياتها. والفكرة هنا هي أن صلاحها (خيرها) ومعدنها الأخلاقي يتعمق ويتعاظم مع مرور السنوات.
كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهَ: “خيرها غير نزوي، بل هو ثابت ودائم ما دامت مع زوجها على قيد الحياة.” كلارك (Clarke)
“إن تكريسها لزوجها ورفاهته أمر أصيل، لا زائف. إنه ثابت لا مزاجي، موثوق وغير متقلب.” والتكي (Waltke)
ج) الآيات (13-16): عملها وإبداعها.
13تَطْلُبُ صُوفًا وَكَتَّانًا وَتَشْتَغِلُ بِيَدَيْنِ رَاضِيَتَيْنِ. 14هِيَ كَسُفُنِ ٱلتَّاجِرِ. تَجْلِبُ طَعَامَهَا مِنْ بَعِيدٍ. 15وَتَقُومُ إِذِ ٱللَّيْلُ بَعْدُ وَتُعْطِي أَكْلًا لِأَهْلِ بَيْتِهَا وَفَرِيضَةً لِفَتَيَاتِهَا. 16تَتَأَمَّلُ حَقْلًا فَتَأْخُذُهُ، وَبِثَمَرِ يَدَيْهَا تَغْرِسُ كَرْمًا.
1. تَطْلُبُ صُوفًا وَكَتَّانًا: لم تصف أم الملك لموئيل، باستخدام صور شعرية رائعة، السيرة الذاتية لامرأة تقية، بل وصفت أمثلة واقعية لحياة انشغال المرأة الفاضلة، واجتهادها، وطبيعتها الخلاقة. إنها امرأة تحس بالتثقّل بإكمال كل من هذه المهمات في يوم أو أسبوع أو حتى في شهر. ويمكن لهذا أن ينهكها أو يثبّط عزيمتها. غير أن المعدن الأخلاقي الموصوف بشكل شعري يبيّن أسلوب حياة المرأة التقية.
لا تعني فورة النشاط الموصوف في هذه الآيات أنها تفعل كل هذه الآيات في يوم واحد أو حتى في أسبوع. لكن هذا يشير إلى مقدار العمل وعدد أنواع العمل أو الواجبات المتضمنة في إدارة بيت بشكل سليم وحكيم. ويمكن للنساء اليوم أن يأخذن تعزية وثقة في إدراك الله لمدى ضخامة عملهن.
2. تَطْلُبُ صُوفًا وَكَتَّانًا: تعرف المرأة الفاضلة كيف تسعى وتجد أشياء تمثل موارد ضرورية لعائلتها وبيتها.
3. وَتَشْتَغِلُ بِيَدَيْنِ رَاضِيَتَيْنِ: ليست المرأة الفاضلة متكبرة أو متغطرسة، ولا تعتقد أن العمل بيديها غير جدير بها. وهي تعمل بطرق بسيطة وعملية من أجل عائلتها وبيتها.
“في عصر سابق للثورة الصناعية بزمن طويل، كان على النساء أن يشتغلن على غزل الصوف ويصنعن ملابس في كل لحظة فراغ. وكان الإخلاص في هذا العمل علامة على الفضيلة الأنثوية.” جاريت (Garrett)
ومع ذلك، فإن ما يميّز هذه الزوجة الفاضلة هو أنها تعمل عن طيب خاطر. “وكل عملها وتعبها خدمة ممتلئة بالفرح. فإرادتها وقلبها منخرطان في هذا العمل.” كلارك (Clarke)
4. هِيَ كَسُفُنِ ٱلتَّاجِرِ. تَجْلِبُ طَعَامَهَا مِنْ بَعِيدٍ: توفّر المرأة الفاضلة الطعام لعائلتها وبيتها على نمط سفينة التاجر التي تعمل بانتظام واجتهاد. وإذا لزم الأمر، فإنها تستيقظ قبل بزوغ الشمس لتحضّر الطعام لأهل بيتها (وَتَقُومُ إِذِ ٱللَّيْلُ بَعْدُ وَتُعْطِي أَكْلًا لِأَهْلِ بَيْتِهَا).
“يوحي التشبيه بسفن التاجر أنها تجلب كمية وفيرة مستمرة.” روس (Ross)
5. وَفَرِيضَةً لِفَتَيَاتِهَا (نصيبًا لخادماتها): لم يكن أمرًا غير شائع أن تكون لعائلات كثيرة في أزمنة الكتاب المقدس خادمات أو عمال مأجورون. وتدير المرأة الفاضلة بحكمة عمل خادماتها وتهتم بهن مبيّنة رأفتها واهتمامها خارج أسرتها المباشرة.
“يوحي هذا أولًا بأنها تهتم بخادماتها، وثانيًا بأنها مجتهدة في الإشراف عليهن.” جاريت (Garrett)
6. تَتَأَمَّلُ حَقْلًا فَتَأْخُذُهُ (تشتريه): الزوجة الفاضلة بعيدة النظر، إضافة إلى إبداعها واجتهادها في العمل. فهي تفكر (تتأمل) وتستثمر أرباحها في تحسين أوضاع عائلتها ومستقبلها. وهي في هذه الحالة تَغْرِسُ كَرْمًا.
تصف إشعياء 5: 2 كل ما يتضمن في عملية غرس كرم في إسرائيل القديمة وجعْله مثمرًا. فكان هذا ينطوي على عمل كثير.
“لا تحد (المرأة الفاضلة) نفسها بضروريات الحياة. فهي قادرة على الحصول على بعض وسائل الراحة. وهي تغرس كرمًا لكي يكون لديها خمر للشراب والعلاج والذبيحة. ويتم الحصول على هذا أيضًا من عملها وتعبها.” كلارك (Clarke)
د ) الآيات (17-20): قوّتها ورأفتها.
17تُنَطِّقُ حَقَوَيْهَا بِٱلْقُوَّةِ وَتُشَدِّدُ ذِرَاعَيْهَا. 18تَشْعُرُ أَنَّ تِجَارَتَهَا جَيِّدَةٌ. سِرَاجُهَا لَا يَنْطَفِئُ فِي ٱللَّيْلِ. 19تَمُدُّ يَدَيْهَا إِلَى ٱلْمِغْزَلِ، وَتُمْسِكُ كَفَّاهَا بِٱلْفَلْكَةِ. 20تَبْسُطُ كَفَّيْهَا لِلْفَقِيرِ، وَتَمُدُّ يَدَيْهَا إِلَى ٱلْمِسْكِينِ.
1. تُنَطِّقُ حَقَوَيْهَا بِٱلْقُوَّةِ: المرأة الفاضلة معروفة بقوتها، وهي قوة في العمل (ذِرَاعَيْهَا). وهي تستخدم قوتها لغرض إنتاجي.
تعني فكرة منطقة الحقوين – أي وضع حزام للتقوية حول الخصر – “الاستعداد لنوع من العمل البطولي أو الصعب، مثل الجري الجاد (1 ملوك 18: 46؛ 2 ملوك 4: 29)، والهروب من مصر (خروج 12: 11)، أو العمل البدني (أمثال 31: 17).” والتكي (Waltke)
“إنها تهتم بصحّتها وقوّتها، لا من خلال العمل المفيد فحسب، بل من التمارين الصحية أيضًا. وهي تتجنب ما يمكن أن يضعف جسدها أو يوهن عقلها. فهي نشطة دائمًا ومستعدّة لكل ممارسة أو تمرين ضروري. وحقواها صَلبان وذراعاها قويتان.” كلارك (Clarke)
2. تَشْعُرُ أَنَّ تِجَارَتَهَا جَيِّدَةٌ: إنها حكيمة ومتمرسة بما يكفي للحصول على مواد وبضائع جيدة لبيتها. وتعلّمها حكمتها أن تشتري زيتًا لسراجها، فلا ينظفئ في الليل.
“تحرص على تصنيع أفضل السلع من نوعها، وتحدد سعرًا معقولًا لكي تضمن البيع الفوري لها. وتتمتع بضاعتها بسمعة طيبة. وهي تعلم أن بإمكانها البيع بقدر ما تستطيع. وتجد أنها ترضي زبائنها وتزيد أرباحها في الوقت نفسه.” كلارك (Clarke)
3. تَمُدُّ يَدَيْهَا إِلَى ٱلْمِغْزَلِ، وَتُمْسِكُ كَفَّاهَا بِٱلْفَلْكَةِ: تعرف الزوجة الفاضلة كيف تستخدم الأدوات والتقنيات المتاحة لإدارة البيت جيدًا. (المغزل عبارة عن عصا يلف حولها الصوف والكتّان.) وهي تعرف كيف تستخدم كلتا يديها جيدًا.
“المغزل عصا مستقيمة، والفلكة هو الجزء المستدير أو الدائري.” روس (Ross)
“المغزل والفلكة هما أقدم الأدوات المستخدمة في الغزل أو لصتع الخيوط. وقد حلّت محلهما عجلة الغزل في هذه البلدان، لكن ظلتا تُستخدمان بشكل كبير إلى أن حلت محلهما آلات الغزل بشكل عام.” كلارك (Clarke)
“تبيّن أمثلة سارة (تكوين 18: 6-8) ورفقة (تكوين 24: 18-20) وراحيل (تكوين 29: 9-10) أن النساء ذوات المكانة الاجتماعية العالية والغنى لم يكنّ يترفّعن عن العمل اليدوي، حتى الوضيع منه.” والتكي (Waltke)
4. تَبْسُطُ كَفَّيْهَا لِلْفَقِيرِ، وَتَمُدُّ يَدَيْهَا إِلَى ٱلْمِسْكِينِ: المرأة الفاضلة أكثر بكثير من أن تكون مجرد مدبرة أو ربة بيت ماهرة. فهي أيضًا امرأة شفوق رؤوف. فهي تهتم لأمر الفقراء والمحتاجين وتساعدهم. وهي تفعل أكثر من مجرد إلقاء المال عليهم. لكنها تقترب إليهم وتمد يديها من أجل المساكين المحتاجين.
لم يكن عملها الجاد من أجل احتياجاتها الخاصة واحتياجات أسرتها فحسب. إذ عملت أيضًا لمساعدة الفقراء المساكين. “هذه هي اليد التي كانت تعمل بجد في الآية السابقة بمهارة مكتسبة. فهي ليست يد امرأة كسول. وقد استغلت اجتهادها لأغراض خيرية. روس (Ross)
هـ) الآيات (21-23): بركة الله على المرأة الفاضلة.
21لَا تَخْشَى عَلَى بَيْتِهَا مِنَ ٱلثَّلْجِ، لِأَنَّ كُلَّ أَهْلِ بَيْتِهَا لَابِسُونَ حُلَلًا. 22تَعْمَلُ لِنَفْسِهَا مُوَشَّيَاتٍ. لِبْسُهَا بُوصٌ وَأُرْجُوانٌ. 23زَوْجُهَا مَعْرُوفٌ فِي ٱلْأَبْوَابِ حِينَ يَجْلِسُ بَيْنَ مَشَايخِ ٱلْأَرْضِ.
1. لَا تَخْشَى عَلَى بَيْتِهَا مِنَ ٱلثَّلْجِ: تتمتع الزوجة الفاضلة بالحكمة والاجتهاد والاستعداد لتجهيز البيت من أجل كل أنواع التحديات والمحن. وتدعو مخافتها للرب وحكمتها النابعة من هذه المخافة إلى بركة الله عليها، حتى إنها قادرة على أن تُلبس كل أهل بيتها من الأرجوان الدال على الهيبة.
“وفّرت ما يكفي لا من أجل ضرورياتهم والدفاع ضد البرد والمضايقات المحتملة الأخرى فحسب، وهو أمر مفترض هنا، بل أيضًا من أجل بهجتهم وزينتهم.” بولي (Poole)
2. لِأَنَّ كُلَّ أَهْلِ بَيْتِهَا لَابِسُونَ حُلَلًا… والأرجوان: يتساءل بعضهم لماذا ترتبط الملابس الأرجوانية بحقيقة عدم خشيتها من الثلج على أسرتها. قال بعضهم إن اللون الأرجواني للملابس يجعل العثور على أبنائها أمرًا سهلًا. لكن في ضوء تساقط الثلوج الخفيفة في هذا الجزء من العالم، فإن هذا غير مرجح. ومن الممكن أن الأرجوان هنا لا يصف لونًا، بل سماكة مضاعفة.
“تأتي كلمة ‘أرجوان’ في النص العبري في صيغة الجمع. وهذا أمر غير طبيعي بالنسبة للأرجوان بحيث يثير كل من الشكل والمعنى الشك. وتسمح الحروف الساكنة بقراءة ‘مضاعف،’ أي سماكة مضاعفة. وهذا هو ما تقوله الفلجاتا والترجمة السبعونية.” كيدنر (Kidner)
“لا يدل التعبير العبري shanim, from shanah المستخدم للإعادة على أن الملابس كانت مصبوغة باللون الأرجواني فحسب، بل أيضًا على فكرة المضاعفة، حيث إن الملابس نفسها كانت مضاعفة. وهو لا يتحدث عن المعطف العادي فقط، بل عن المعطف الكبير (أو العباء) الذي يغطي كل شيء. والمرجح أن المقصود بالملابس المضاعفة هي ذات الشقّين التي كانوا يعتادون ارتداءها.” كلارك (Clarke)
3. تَعْمَلُ لِنَفْسِهَا مُوَشَّيَاتٍ: مع بركة الله على المرأة الفاضلة على حكمتها واجتهادها، فإنها قادرة على صنع أشياء جيدة لنفسها، وهي تتمتع بعلامات شخصية من بركة الله المادية على حياتها (لِبْسُهَا بُوصٌ وَأُرْجُوانٌ).
أرجوان: كان إنتاج الصبغة الحمراء هذه أمرًا مكلفًا، لأنها كانت تأتي من صدفة بحرية قبالة الساحل الفينيقي، وبالتالي يدل هذا على الغنى والرفاهية.” والتكي (Waltke)
“البسوا حرير التفوى، وساتان القداسة الصقيل، وأرجوان التواضع. انظر 1 بطرس 3: 3-4.” تراب (Trapp)
4. زَوْجُهَا مَعْرُوفٌ فِي ٱلْأَبْوَابِ حِينَ يَجْلِسُ بَيْنَ مَشَايخِ ٱلْأَرْضِ: ترى الزوجة الفاضلة مثل هذه البركة على عائلتها وأهل بيتها، حيث إن زوجها يحظى بالتقدير والإكرام بَيْنَ مَشَايخِ ٱلْأَرْضِ. وكل هذا بركة تأتي للزوجة التي تسلك في الفضيلة والحكمة ومخافة الرب.
“إنها زوجة مُحِبة، وهي تشعر باحترام زوجها وكرامته. وهو يحظى بالاحترام، لا بسبب نظافته ولباسه فحسب، بل لأنه أيضًا زوج امرأة فاضلة تحظى باحترام الجميع. إذ تعطيه إدارتها لشؤون البيت وقت فراغ كاملًا لتكريس نفسه للمصالح المدنيى للمجتمع.” كلارك (Clarke)
و ) الآيات (24-25): الملابس التي تبيعها والتي لديها.
24تَصْنَعُ قُمْصَانًا وَتَبِيعُهَا، وَتَعْرِضُ مَنَاطِقَ عَلَى ٱلْكَنْعَانِيِّ. 25اَلْعِزُّ وَٱلْبَهَاءُ لِبَاسُهَا، وَتَضْحَكُ عَلَى ٱلزَّمَنِ ٱلْآتِي.
1. تَصْنَعُ قُمْصَانًا وَتَبِيعُهَا: تدفع حكمة المرأة الفاضلة واجتهادها إياها لا إلى توفير ضروريات الحياة لعائلتها فحسب، بل تنتج ما يكفي وبجودة عالية لتبيع تلك الضروريات للتجار. وهي تهتم بأسرتها بعمق، لكن فكرها ورؤيتها يتجاوزانها إلى العالم الخارجي حيث تصنع خيرًا لنفسها وعائلتها.
“لم يعتقد الشاعر (الشاعرة أم لموئيل) أنه أمر غريب أو غير لائق لامرأة أن تنخرط في تجارة شريفة. وفي واقع الأمر، كان نسج الكتّان تجارة شائعة للنساء في فلسطين منذ القديم.” روس (Ross)
2. اَلْعِزُّ وَٱلْبَهَاءُ لِبَاسُهَا: يبيّن استعدادها لتوزيع ملابس الكتان التي تصنعها وتبيعها أن أولويتها الأولى ليست في خزانة ملابسها أو ما ترتديه. فهي تهتم بعرض معدنها الأخلاقي أكثر من العرض الخارجي لملابسها. وعندما يتعلق الأمر بالمعدن الأخلاقي، فإنها أفضل من يرتدي، حيث اَلْعِزُّ وَٱلْبَهَاءُ لِبَاسُهَا، فتفرح لا في الزمن الحالي فحسب، بل أيضًا في الزمن الآتي.
“لا يمكن أن يكون هنالك مديح للمرأة أعلى من هذا. إذ تُنسب إليها مزايا الشباب والشيخوخة، (اَلْعِزُّ وَٱلْبَهَاءُ)، أمثال 20: 29.” والتكي (Waltke)
ز ) الآيات (26-27) حياتها الداخلية.
26تَفْتَحُ فَمَهَا بِٱلْحِكْمَةِ، وَفِي لِسَانِهَا سُنَّةُ ٱلْمَعْرُوفِ. 27تُرَاقِبُ طُرُقَ أَهْلِ بَيْتِهَا، وَلَا تَأْكُلُ خُبْزَ ٱلْكَسَلِ.
1. تَفْتَحُ فَمَهَا بِٱلْحِكْمَةِ: يستمر هنا وصف حياتها الداخلية الذي بدأ في الآية السابقة. فغالبًا ما توصف وتمتدح المرأة الفاضلة في سفر الأمثال. وهنا يقال إن كلامها الحكيم هو شريعة اللطف (سُنَّةُ ٱلْمَعْرُوفِ). ويتسم كلامها المتعمد (تَفْتَحُ فَمَهَا) وكلماتها العفوية (فِي لِسَانِهَا) بالحكمة واللطف.
“هي لا تصمت بسبب الكآبة، ولا تمتلئ بالكلام الباطل والوقح، كما تفعل نساء كثيرات، لكنها تتحدث بشكل مباشر وتقي حسب المقام.” بولي (Poole)
“يخبرنا تاتيانوس أنه في الكنيسة الأولى أنه كان هنالك فلاسفة بين المؤمنين بالمسيح من كل عمر وجنس. نعم، وبينما كانت العذارى والخادمات يجلسن ويشتغلن على الصوف، اعتدن التكلم بكلمة الرب.” تراب (Trapp)
وَفِي لِسَانِهَا سُنَّةُ ٱلْمَعْرُوفِ: “كان هذا هو الجانب الأكثر تميّزًا لهذه المرأة. هنالك نساء قليلات ممن يُدعون مدبرات غير متسلطات على أزواجهن، وطغاة على خادماتهن، ووقحات مع الجارات (الجيران). لكن هذه المرأة مع كل بروزها وتميُّزها كانت ذات روح وديعة وهادئة. امرأة مباركة!” كلارك (Clarke)
كان التعليم المُحِب Torat hesed على نحو خاص على لسانها Al lesanah انظر أمثال 21: 23. ويرجح أن هذا يدل على أن تعليمها مستمد من لطفها المحب.” والتكي (Waltke)
2. تُرَاقِبُ طُرُقَ أَهْلِ بَيْتِهَا: تلاحظ المرأة الفاضلة، بصفتها وصية أمينة على عائلتها، طرق أفراد العائلة. ويعني قرارها بمراقبة طرقهم أنها لَا تَأْكُلُ خُبْزَ ٱلْكَسَلِ.
“لديها مجداف في كل قارب، وعين على كل عمل. تتجسس وتتسلل إلى عربات الأطفال والخدم وتوجههم إلى الحديث الصارم عن التقوى. وهي تشرف على العائلة كلها أكثر مما لو كانت في برج مراقبة.” تراب (Trapp)
“ينص النص صراحة على أنها تتجنب الكسل. وأكل “خبز الكسل” تعبير اصطلاحي يدل على الانغماس في الكسل.” جاريت (Garrett)
ح) الآيات (28-29): المديح العلني لعائلتها.
28يَقُومُ أَوْلَادُهَا وَيُطَوِّبُونَهَا. زَوْجُهَا أَيْضًا فَيَمْدَحُهَا: 29″بَنَاتٌ كَثِيرَاتٌ عَمِلْنَ فَضْلًا، أَمَّا أَنْتِ فَفُقْتِ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا.”
1. يَقُومُ أَوْلَادُهَا وَيُطَوِّبُونَهَا: تنال امرأة بمثل هذا المعدن الأخلاقي بحق بركات ومديحًا من عائلتها. ولا يكتفي أبناؤها وزوجها برؤية طوباوية هذه المرأة التي تجلب البركة إلى بيتهم، بل يتحدثون عن هذا أيضًا. وليس هذا وصفًا للمرأة الفاضلة فحسب، بل هو تشجيع للأبناء والزوج على مباركة الأك والزوجة ذات المعدن الأخلاقي التفي.
“أبناؤها مربون (مؤدبون) جيدًا. فهم يقومون ويقدمون لها الاحترام.” كلارك (Clarke)
2. زَوْجُهَا أَيْضًا فَيَمْدَحُهَا. “بَنَاتٌ كَثِيرَاتٌ عَمِلْنَ فَضْلًا، أَمَّا أَنْتِ فَفُقْتِ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا”: هذه كلمات الزوج وهو يمتدح زوجته بكلمات تشجعها وتكافئها وتغذّيها. وبمعنى حرفي تمامًا، لا يمكن أن ينطبق هذا إلا على امرأة واحدة في أي مجتمع معين في أي وقت. ومع ذلك، فإننا نفهم المعنى هنا. إذ يمكن أن يكون لكل بيت زوجة يقال لها بحق: ‘فُقْتِ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا.’ ويمكن لكل زوج أن يشعر بحق: ‘لديّ أفضل زوجة،’ وأن يشعر الأبناء بحق: ‘لدينا أفضل أم.’
فكّر آدم كلارك (Adam Clarke) في تعليقات على هذه الآية ربما تفوقت على الجميع فعلًا – سوزانا ويسلي. “لكن بقدر ما يبرز المعدن الأخلاقي لهذه السيدة اليهودية في الوصف السابق، يمكنني القول إنني قابلت على الأقل نظيرها في ابنة القس الدكتور صموئيل آنسلي، زوجة صموئيل ويسلي، رئيس جامعة إبوورث في لينكولنشاير، وأم الأخوين الاستثنائيين جون وتشارلز ويسلي. وأنا مضطر إلى إضافة هذه الشهادة بعد أن تتبّعتها منذ ولادتها حتى وفاتها، من خلال العلاقات التي يمكن أن تتحملها امرأة على الأرض. فقد أعطت مسيحيّتها لفضائلها ونقاط تميّزها ارتفاعًا لم يكن للسيدة اليهودية أن تمتلكه. وفضلًا عن ذلك، كانت امرأة ذات تعليم عالٍ ومعلومات عظيمة، وذات عمق ذهني، ومدى فكري، وهي أمور يندر وجودها بين بنات حواء، وغالبًا ما لا توجد في أبناء آدم.”
ط) الآيات (30-31): ثناء المرأة الفاضلة ومكافأتها.
30اَلْحُسْنُ غِشٌّ وَٱلْجَمَالُ بَاطِلٌ، أَمَّا ٱلْمَرْأَةُ ٱلْمُتَّقِيَةُ ٱلرَّبَّ فَهِيَ تُمْدَحُ. 31أَعْطُوهَا مِنْ ثَمَرِ يَدَيْهَا، وَلْتَمْدَحْهَا أَعْمَالُهَا فِي الأَبْوَابِ.
1. اَلْحُسْنُ غِشٌّ وَٱلْجَمَالُ بَاطِلٌ: لاحظت أم الملك لموئيل الطبيعة العابرة للحسن الخارجي والطبيعة الخادعة للجمال الذي يتلاعب بالرجل. وبالمقابلة، فإن المرأة التي تخاف الرب تملك حُسنًا غير عابر وجمالًا أو سحرًا لا يخدع.
اَلْحُسْنُ غِشٌّ وَٱلْجَمَالُ بَاطِلٌ: “لأنه يعطي تمثيلًا خطأ للشخص، حيث يغطي في أحيان كثيرة نفسًا مشوهة وصفات شريرة بغيضة كثيرة.” بولي (Poole)
“ليس المظهر الجسمي مرفوضًا بالضرورة، لكنه ببساطة لن يدوم مثل تلك الصفات التي تنتجها مخافة الرب… وقد يصاب الشخص الساعي إلى الحسن والجمال بخيبة أمل كبيرة بحقيقة المعدن الأخلاقي للشخص الجميل.” روس (Ross)
“ليس الحُسن والجمال سيئين، لكنهما ببساطة ليسا سببين كافيين للزواج من فتاة. وينبغي للشاب أن يبحث أولًا عن المرة التي تخاف الرب. وعلى كل من يجد مثل هذه الزوجة أن يتأكد من أن عطاياها وإنجازاتها لن تمر من دون تقدير.” جاريت (Garrett)
2. أَمَّا ٱلْمَرْأَةُ ٱلْمُتَّقِيَةُ ٱلرَّبَّ فَهِيَ تُمْدَحُ: يبدأ سفر الأمثال بصلة قوية بين الحكمة ومخافة الرب (أمثال 1: 7). وهنا تنتهي المجموعة بوصف المرأة الفاضلة كممتلئة بالحكمة والجمال والحسن، وهي الأمور التي تميز المرأة التي تخاف الرب.
تبيّن مخافتها للرب أنه كانت لديها علاقة حقيقية به. فلم تكن مثل مارثا المنشغلة بالخدمة فقط، بل كانت أيضًا مثل مريم في سلوكها في خوف وتوقير تجاه الرب.
تملك المرأة التي تخاف الرب المعدن الأخلاقي للمرأة الفاضلة. وستختلف طريقة التعبير عن المعدن الأخلاقي وفق الزمان والثقافة. لكن المعدن الأخلاقي أمر شمولي. ويكرم الله الزوجة الفاضلة، امرأة الحكمة والاجتهاد، ويجعلها واحدة من أعظم البركات المعطاة للبشرية.
تعني مخافة الرب جزئيًّا، وفق التعريف، الحياة وفق الحكمة المعلنة في هذا السغر. وقد جسّدت أنشطة المرأة الفاضلة المفصّلة الدالّة على التضحية من أجل الآخرين مخافة الرب.” والتكي (Waltke)
“في نهاية القصيدة ونهاية السفر، فإن هذا يحدد العامل التنظيمي في عالم هذه المرأة الرائعة. فإن مخافتها للرب هي التي تمكنها من أن ترى أن العظمة تأتي إليها، لا من خلال العدوانية المتمخورة على الذات، ولا من خلال الجمال الخارجي، بل من خلال التكريس التقي والالتزام القلبي الكامل بقصد الله لها في الخليقة.” فيلبس (Philips)
3. أَعْطُوهَا مِنْ ثَمَرِ يَدَيْهَا: ستكافأ هذه المرأة الفاضلة من الله الذي تخشاه. وستكافأ على ما أنجزته من أجل عائلتها ونفسها عندما يتحدث الناس علانية عن تقواها وحكمتها (وَلْتَمْدَحْهَا أَعْمَالُهَا فِي ٱلْأَبْوَابِ). وليست هذه المكافأة بالنسبة للمرأة الحكيمة أو الرجل الحكيم الدافع الأساسي، بل هي النتيجة الملائمة للحياة التي عاشتها/عاشها في خوف الرب.
ثمر يديها: إنها أقل امرأة مما جعلتها الحكمة حقيقية. فالثروات التي تعرضها الحكمة (أمثال 8: 18) إلى البيت جاءت بالعمل الجاد كامراة صالحة (أمثال 31: 11).” جاريت (Garrett)
“إنه عدل وملائم تمامًا أن تتمتع بتلك المزايا والمدائح التي استحقتها أعمالها الممتازة. فإن صمَت الرجال، فإن الآثار الدائمة لحكمتها واجتهادها ستبوّق بصوت عالٍ في مديحها.” بولي (Poole)