أمثال 3
حكمة بسبب الاتكال على الله
أولًا. يا ابني، اسلك باستقامة مع الله
أ ) الآيات (1-4): اسلك باستقامة مع الله بتثمين كلمته.
1يَا ٱبْنِي، لَا تَنْسَ شَرِيعَتِي، بَلْ لِيَحْفَظْ قَلْبُكَ وَصَايَايَ. 2فَإِنَّهَا تَزِيدُكَ طُولَ أَيَّامٍ، وَسِنِي حَيَاةٍ وَسَلَامَةً. 3لَا تَدَعِ ٱلرَّحْمَةَ وَٱلْحَقَّ يَتْرُكَانِكَ. تَقَلَّدْهُمَا عَلَى عُنُقِكَ. اُكْتُبْهُمَا عَلَى لَوْحِ قَلْبِكَ، 4فَتَجِدَ نِعْمَةً وَفِطْنَةً صَالِحَةً فِي أَعْيُنِ ٱللهِ وَٱلنَّاسِ.
1. يَا ٱبْنِي، لَا تَنْسَ شَرِيعَتِي: تبدأ نصيحة سليمان كأب لابنه في هذا القسم بتحذيره من نسيان كلمة الرب (شريعتي). فلم يقصد سليمان بكلمة ’شريعتي‘ المراسيم الشخصية التي أصدرها كملك، لكن كلمة الله التي استوعبها وجعلها جزءًا شخصيًّا من نفسه.
2. لِيَحْفَظْ قَلْبُكَ وَصَايَايَ: إن القرار بعدم نسيان كلمة الله أكثر من تمرين للذاكرة. فهذا مرتبط أيضًا بحياة الطاعة ومراعاة وصايا الله. إن حفظ الإنسان كلمة الله وفشل في طاعتها، فيمكننا القول بحق أنه نسي أوامر الله.
نلاحظ أن هذه طاعة قلب. وليس هدفنا في الطاعة مجرد الامتثال الخارجي لإرادة الله، لكن أن يكون لدينا قلب يحبه ويطيعه.
“القلب هو أول ما يبتعد عن الله، وهو أول ما يرجع إليه.” بريدجز (Bridges)
3. فَإِنَّهَا تَزِيدُكَ طُولَ أَيَّامٍ، وَسِنِي حَيَاةٍ وَسَلَامَةً: توجد فائدة حقيقية من هذه الحياة والقلب اللذين يطيعان الله. فمن حيث المبدأ، تجلب طاعة الحياة والقلب طول العمر وسلامًا (تَزِيدُكَ طُولَ أَيَّامٍ، وَسِنِي حَيَاةٍ وَسَلَامَةً). وهذا مزيج مبارك؛ إذ يمكن أن يكون طول الأيام لعنة، لا بركة من دون سلام.
نحن نقول ’من حيث المبدأ،‘ لأن هذه هي الكيفية التي كُتب بها سفر الأمثال والطريقة التي ينبغي النظر بها إليه. فليس المبدأ في أمثال 3: 2 وعدًا مطلقًا. فهنالك أشخاص يطيعون حقًّا في كل من السلوك والقلب، لكن يموتون في سن صغيرة نسبيًّا. ويجد بعض الأشخاص الأتقياء صعوبة في العيش بسلام. ونحن نرى أن هذه مبادئ صحيحة، وليست وعودًا مطلقة.
4. لَا تَدَعِ ٱلرَّحْمَةَ وَٱلْحَقَّ يَتْرُكَانِكَ: طلب سليمان من ابنه في حكمته أن يحفظ محبة الله الوفية – الرحمة، وهي ترجمة للكلمة العبرية ’حِسِدْ‘ Hesed والحق بقوة ويُبقيهما قريبين جدًّا منه كما لو أنهما قلادة عنق (تَقَلَّدْهُمَا عَلَى عُنُقِكَ) كل الأوقات، وأن يكْتبهُمَا عَلَى لَوْحِ قَلْبِه.
لاحظ ماثيو بول (Matthew Poole) أنه يمكن أن تُفهم الرحمة والحق على أنهما كلٌّ من رحمة الله وحقه تجاهنا، والرحمة والحق اللذين ندين بهما للآخرين كواجب تجاههم.
“كثيرًا ما يرتبط الرحمة والحق معًا، كما هما في الله، كما نرى ذلك في مزمور 25: 10 ومزمور 57: 3، أو في البشر، كما نرى في أمثال 16: 6؛ 20: 28؛ هوشع 4: 1، وهنا.” بولي (Poole)
تَقَلَّدْهُمَا… اُكْتُبْهُمَا: “هذان تعبيران مذهلان للافتخار بهذه المبادئ، والتأمل فيها، و (7: 3) العمل بها.” كيدنر (Kidner) “يؤكد المعلم (سليمان) باستخدام تعبيري ’تَقَلَّدْهُمَا‘ و’اُكْتُبْهُمَا‘ أن التعاليم تصبح جزءًا من طبيعة التلميذ.” روس (Ross)
5. فَتَجِدَ نِعْمَةً: الحياة المطيعة المباركة جذابة كالمغناطيس. فهي تحظى بنعمة من الله وتجتذب رضا الناس.
“تدل الكلمة العبرية Hen المترجمة إلى نعمة، أو حظوة، أو رضا على الميل الإيجابي للسماء والأرض تجاه الابن بسبب جاذبيته. ولا يمكن للنعمة، شأنها شأن كلمة ’حِسِدْ‘ العبرية، أن تُفرض، بل تقدَّم طوعًا من جانب واحد للحفاظ على علاقة مثمَّنَة.” والتكي (Waltke)
“ويعني هذا أن كثيرين سيدركون كفاءة الفرد الحكيم وذكاءه.” جاريت (Garrett)
علّق ’تراب‘ على عبارة نعمة في أعين الناس: “كما فعل يوسف، وموسى، وداود. إذ كان رجلًا حسب قلب الله، وأرضى كلُّ ما فعله الناسَ. والله هو الذي يعطي الفضل. فهو يصوغ أفكار البشر ويميل قلوبهم، كما أقر بهذا عزرا كثيرا بشكر كبير. [عزرا 7: 27-28]”
ب) الآيات (5-6): اسلك باستقامة مع الله بالاتكال عليه.
5تَوَكَّلْ عَلَى ٱلرَّبِّ، وَعَلَى فَهْمِكَ لَا تَعْتَمِدْ. 6فِي كُلِّ طُرُقِكَ ٱعْرِفْهُ، وَهُوَ يُقَوِّمُ سُبُلَكَ.
1. تَوَكَّلْ عَلَى ٱلرَّبِّ: نصح سليمان ابنه بأن يحيا حياة اتكال على الرب. فقد وجد سليمان أن الرب جدير بالثقة والاتكال. وتميل طبيعتنا البشرية إلى أن نضع ثقتنا في شيء أو شخص، حتى في أنفسنا. لكن سليمان طلب منا أن نضع ثقتنا بوعي في إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب.
“تعني الكلمة المترجمة إلى ’يتكل‘ في الآية 5 أن ’ننطرح على وجوهنا عاجزين.‘ وهي تصوّر عبدًا منتظرًا أمر سيده في استعداد للطاعة، أو جنديًّا مهزومًا يستسلم لقائد الجيش المنتصر.” ويرزبي (Wiersbe)
“أن تتكل على الله يعني أن تحل نفسك من نفسك ومن أي مخلوق لكي تستند إلى الله، حتى إنك مستعد أن تغرق إذا خذلك.” تراب (Trapp)
2. بِكُلِّ قَلْبِكَ: إن كان الاتكال على الله حقيقيًّا، يتوجب أن يكون تامًّا. أمّا أن تعطي الله نصف ثقتك وتعطي نفسك نصف الثقة، فإن هذا عدم اتكال على الله أو الثقة به.. وينبغي أن نعطي الله ثقتنا الواعية.
“من لا يتكلون على الله وحده لا يتكلون عليه على الإطلاق. فالذي يضع قدمًا على صخرة، وأخرى على رمال متحركة لا بدّ أن يغرق ويهلك كما لو أنه وضع كلتا قدميه في الرمال المتحركة.” تراب (Trapp)
يزعج هذا الجانب بعضهم لأنهم يخشون أن جزءًا من قلبهم لا يثق بالله حقًّا. وقد نتعاطف مع قلقهم هذا عالمين، كأشخاص ناقصين، أن من المستحيل لنا أن نتكل على الرب بشكل كامل. ومن حيث المبدأ، فإننا نفهم أن نص أمثال 3: 5-6 لا يصف ثقة كاملة موضوعية بالله، بل قلبًا وحياة لا يرفضان الله بوعي أو يتحديانه بعدم إيمان.
وفي واقع الأمر، تشرح العبارات التالية ما قصده سليمان بقوله ’بكل قلبك‘
“ليست هذه الثقة مجرد موافقة على حُكم مستنير. إنها ثقة … بكل قلبك. إنها ثقة طفل، ثقة لا تتزعزع بحكمة أبينا السماوي، وأمانته، ومحبته التي تمت برهنتها.” بريدجز (Bridges)
- وَعَلَى فَهْمِكَ لَا تَعْتَمِدْ: تعني الثقة بالله بكل قلبنا أن نقرر التخلي عن فهمنا الخاص، فنختار بدلًا من ذلك أن نتكل عليه وعلى فهمه، وعلى نحو خاص، كما أعلن في كلمته.
لا تعتمد (لا تستند): “لا تعتمد وكأنك تستند إلى عكاز مكسور. تصوِّر هذه معنى الثقة أو الاتكال.” والتكي (Waltke)
“أنت مأمور بأن تعتمد على الله، لا على نفسك. فمن يتكل على قلبه شخص أحمق …. فقد كانت الكفاية الذاتية والاعتماد على الذات سبب دمار الجنس البشري منذ سقوط آدم. وتتمثل الخطية الكبرى للجنس البشري في السعي المستمر إلى العيش باستقلال عن الله. كلارك (Clarke)
4. فِي كُلِّ طُرُقِكَ ٱعْرِفْهُ: تعني الثقة بالله بكل القلب أن نكرمه ونعترف به في كل ما نفعله. إنه خيار ’دعوتنا‘ لله إلى دخول حياتنا اليومية وسلوكنا. إنها ممارسة حضور الله في الأمور العادية، وأحيانًا في الأمور الدنيوية التي تحدث كل يوم.
فِي كُلِّ طُرُقِكَ ٱعْرِفْهُ: “اطلب مشورة من فمه، وليكن مجده هدفك، واسعَ دائمًا إلى الإحساس بحضوره، وإلى نور وجهه.” تراب (Trapp)
5. وَهُوَ يُقَوِّمُ سُبُلَكَ: هذا هو المبدأ العظيم لاستجابة الله تجاه الذين يتكلون عليه بالطريقة الموصوفة في السطور السابقة. فعندما نعترف به في طرقنا، سيوجّه سبلنا في تحقيق إرادته، وفي ما هو صواب في عينيه، وفي ما هو مُرْضٍ لنا.
يخشى كثيرون أن يوجه الله طرقهم. فهم يفضّلون كثيرًا أن يوجّهوا أنفسهم! وهذا في الأساس القلب الذي لا يتكل على الله بكل كيانه. وأما القلب المستسلم، فيفرح بتوجيه الله وبطرقه.
إن أحد الأسئلة الأكثر شيوعًا بين المؤمنين هو: ’كيف أعرف إرادة الله؟‘ ومن حيث المبدأ، أعطى سليمان جوابًا رائعًا في أمثال 3: 5-6. فعندما:
ü نقرر أن نضع ثقتنا في الرب.
ü نقرر ألا نثق بفهمنا، بل أن نعطي انتباهًا وأولوية لكلمة الله المعلنة.
ü نقرر أن نعترف بالله ونكرمه في كل ما نفعله.
عندما نفعل هذه الأمور، يمكننا أن نثق بأن الله سيوجه سُبُلنا. ويمكننا المضي في سلام مؤمنين أن الله، من خلال كلمته، وقيادة الروح القدس، ومشورة الآخرين، والفطرة السليمة، والظروف، سيوجه سُبُلنا. وسنسير على طول طريق حياتنا لنرى أننا كنا على الطريق الذي قصده الله منذ البداية.
أعطى ج. كامبل مورجان (Campbell Morgan) شهادة حول حق أمثال 3: 5-6 “كان القدْر الذي وثقت به بالرب، واعترفتُ به، هو مقدار سلوكي في سُبُل الحياة الحقيقية.”
ج) الآيات (7-8): اسلك باستقامة مع الله بحياة التواضع والتوقير.
7لَا تَكُنْ حَكِيمًا فِي عَيْنَيْ نَفْسِكَ. ٱتَّقِ ٱلرَّبَّ وَٱبْعُدْ عَنِ ٱلشَّرِّ، 8فَيَكُونَ شِفَاءً لِسُرَّتِكَ، وَسَقَاءً لِعِظَامِكَ.
1. لَا تَكُنْ حَكِيمًا فِي عَيْنَيْ نَفْسِكَ: يمكننا أن نعد هذا تفسيرًا لمعنى اعتماد المرء على فهمه (أمثال 3: 5). وهو يعني أن نعُدّ حكمتنا أفضل وأعظم من حكمة الرب.
لَا تَكُنْ حَكِيمًا فِي عَيْنَيْ نَفْسِكَ: “لا تنتفخ بغرور حكمتك الباطل كما لو أن هذا كافٍ لتسيير كل أمورك من دون توجيه وعون من الله، أو من نصيحة الآخرين.” بولي (Poole)
2. ٱتَّقِ ٱلرَّبَّ وَٱبْعُدْ عَنِ ٱلشَّرِّ: هذه هي النتيجة الطبيعية للاتكال على الرب. وعندما نتكل عليه، نعرفه على نحو أفضل، ما يؤدي إلى توقير وخشوع طبيعيين (إلى مخافة الرب). وعندما نتكل عليه أو نثق به، ننجذب إليه ونبتعد أكثر عن الشر.
3. فَيَكُونَ شِفَاءً لِسُرَّتِكَ: لحياة الاستسلام لله فوائد حقيقية لصحة المرء. ويعطي هذا إحساسًا بالسلام والقوة لا يمكن أن يُتمتع به بعيدًا عن الثقة بالرب والاستسلام له.
لِسُرَّتِكَ: تشير السُرة عادة إلى الجسم كله باعتبارها النقطة المركزية للجسم.
د ) الآيات (9-10): اسلك باستفامة مع الرب في ما يتعلق بممتلكاتك.
9أَكْرِمِ ٱلرَّبَّ مِنْ مَالِكَ وَمِنْ كُلِّ بَاكُورَاتِ غَلَّتِكَ، 10فَتَمْتَلِئَ خَزَائِنُكَ شِبْعًا، وَتَفِيضَ مَعَاصِرُكَ مِسْطَارًا.
1. أَكْرِمِ ٱلرَّبَّ مِنْ مَالِكَ: هذه ثقة عملية تبيّن ثقة المرء بالرب بكل القلب (أمثال 3: 5). فعندما نثق به حقًّا، يمكننا أن نكرمه بكرم يدرك أنه المعيل الأعظم وأنه يمتلك موارد لا تنضب.
يلاحظ مفسرون كثيرون أن لكلمة ’أكرم‘ علاقة بالذبائح. “تشير كتب التفسير إلى أن هذا هو الموضع الوحيد الذي يشير سفر الأمثال فيه إلى العبادة الاحتفالية (الطقسية). ولا يهتم سفر الأمثال بالدين الاحتفالي هنا قدر اهتمامه بتشجيع القارئ على إظهار الشكر والامتنان تجاه الله والثقة به (بدلًا من إظهار الشكر والامتنان هذا على الثروة).” جاريت (Garrett)
“النصيحة الثالثة هي أن نرد لله بعضًا من عطاياه كذبيحة، تقديرًا لما قدّمه.” روس (Ross)
2. وَمِنْ كُلِّ بَاكُورَاتِ غَلَّتِكَ: وفق مبدأ ذبيحة الباكورات، ينبغي أن نعطي الله الأول والأفضل. فإذا أردنا أن نكرم الله، فلا يكون هذا بالأخير، أو البقايا، أو المخلّفات.
باكورة: “تأخذ تقدمة أفضل الأشياء المادية تسمية الذبيحة.” والتكي (Waltke)
يعني مبدأ الباكورة أيضًا أننا نعطي لله في توقُّع نشط للمزيد الذي سيقدمه. ونحن نكرمه بالشكر. “يمكنني أن أعطيك الأول والآخر والأفضل لأني أعرف أنك قادر على أن تعطي أكثر بكثير، وستفعل ذلك.”
“قدم يهود العهد القديم للرب أبكار قطعانهم (خروج 1:13-2)، وأبكار حقولهم (لاويين 9:23-14)، وكانوا بهذا يعترفون بصلاح الله وسيادته.” ويرزبي (Wiersbe)
3. فَتَمْتَلِئَ خَزَائِنُكَ شِبْعًا: هذا مبدأ رائع. الله سيد الموارد غير المحدودة وموزعها. وهو يعرف كيف يُنجِح الذين يكرمونه ويهتم بهم بالموارد التي أعطاها لهم.
- مسطار (خمر جديدة): “يقول فتزيموندز (Fitzsimmonds) إن الخمر الجديدة تمثل أول تقطير للعصير قبل أن تداس المعصرة. فكان قويًّا جدًّا.” والتكي (Waltke)
ثانيًا. يا ابني، اقبل دروس الحكمة الصعبة.
أ ) الآيات (11-12): قبول تأديب الرب بقلب سليم.
11يَا ٱبْنِي، لَا تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ ٱلرَّبِّ وَلَا تَكْرَهْ تَوْبِيخَهُ، 12لِأَنَّ ٱلَّذِي يُحِبُّهُ ٱلرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَكَأَبٍ بِٱبْنٍ يُسَرُّ بِهِ.
1. يَا ٱبْنِي، لَا تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ ٱلرَّبِّ: علّم سليمان ابنه، في تقديمه نصائح له، كيف ينظر إلى تقويم الرب أو تصحيحه أو تأديبه.
“تدل الكلمة العبرية Muscar المترجمة إلى ’تأديب‘ على التصحيح والإرشاد أيضًا. والتعليم ضروري بشكل جوهري لتوضيح الطريق الذي ينبغي للمرء أن يسير فيه. والتأديب (الانضباط) ضروري لجعل التعليم فعّالًا. وغالبًا ما يكون التقويم متطلّبًا لإخضاع العقل، والذي من دون ذلك لا يمكن اكتساب المعرفة” كلارك (Clarke)
“عندما تُنتهك تحذيرات الأب، يمكن للابن أن يتوقع من الرب أن يدعم هذه التحذيرات بضربة على القفا لمنع جعل هذا الخطأ عادة.” والتكي (Waltke)
قد نحتقر تأديب الرب “باحتسابه أنه غير ضروري، أو عديم الفائدة، أو أنه أمر مزعج.” بولي (Poole)
يقتبس كاتب الرسالة إلى العبرانيين هذا النص في تشجيعه للمؤمنين بالمسيح على احتمال أوقات التأديب والإحباط الذي يرافقها في الغالب، بمعرفة أن هذا التأديب علامة على البنوة.
2. وَلَا تَكْرَهْ تَوْبِيخَهُ: يحدث هذا عندما يجلب الله بعض الضيق أو البلاء أو يسمح بذلك في حياة المؤمن لأجل:
فضح خطية أو شر لم يُرَ من قبل.
إظهار طبيعة المشكلة والحاجة إلى معالجتها.
تثبيط التعلق السابق بالخطية أو الشر.
الإرشاد إلى رفض الخطية أو الشر، وإلى قبول ما هو أفضل لدى الله.
ü يمكن أن يأتي الإزعاج أو البلاء بطرق كثيرة. فقد يفعل الله هذا من خلال التبكيت الداخلي للروح القدس. وقد يأتي من خلال المنتقدين والخصوم، أو من خلال ظروف مريرة مخيبة للآمال. وبغضّ النظر عن كيفية مجيئها، لن تكون مريحة قبل أن يُسمح لله بأن يعمل خيرًا كثيرًا في حياة المؤمن.
ü “يتضمن التأديب في المقام الأول تعليمًا وتدريبًا، لا عقابًا على الإساءة. وهذا مشابه للتدريب العسكري. فرغم وجود تهديد بالعقاب، إلا أن التأديب الصارم ليس بالضرورة عقابًا على الجرائم والإساءات، غير أن المشقة والتصحيح متضمَّنان، وهما دائمًا يصعب قبولهما.” جاريت (Garrett)
ü “تأديب الرب هو مثل ذاك الذي يحدث في العائلة، لا في المدرسة، ناهيك عن السجن. فالرب يقوّم أبناءه ولا يعاملهم كمجرمين. قال فليتشر التقي: ’أنا أحب ضربات عصا الرب لأنها لطيفة جدًا. وأنا أستحق ضربات ثقيلة جدًّا.‘” بريدجز (Bridges)
3. لِأَنَّ ٱلَّذِي يُحِبُّهُ ٱلرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ: إذا نظرنا إلى الأمور بشكل صحيح، فإن تصحيح الرب لشعبه علامة رائعة على محبته. لكن في رغبتنا الغريزية في الراحة والهدوء، غالبًا ما نتمنّى ألّا يصححنا الله. لكن لأنه يحبنا ويُسَّر بنا، فإنه في حكمته يتعامل مع خطايانا وضعفاتنا وإخفاقاتنا.
من الطبيعي أن يقوم الأب المحب بتصحيح أبنائه بشكل ملائم. وأما ترْك الخطايا والإخفاقات من دون تقويم، فإن هذا ليس علامة على حبه لهم. بل إن هذا علامة على اللامبالاة والتجاهل الأناني الذي غالبًا ما يرافق هذه اللامبالاة.
“يوضح سي. أس. لويس هذه الحقيقة من خلال ملاحظته أن الرسام لا يبذل جهدًا كبيرًا في رسم صورة بغرض تسلية طفل، لكنه يبذل جهدًا لا نهاية له وهو يقوم بعمل فنّي عظيم يحبه.” والتكي (Waltke)
“يؤدبنا الرب أحيانًا لأننا تمردنا ونحتاج إلى توبة. وفي أحيان أخرى يؤدبنا لكي يمنعنا من ارتكاب الخطية، وليُعِدنا لبركة خاصة منه. ومهما كان التأديب أليمًا، فإنه لن يؤذينا، لأن الله يؤدبنا بمحبة دائمًا.” ويرزبي (Wiersbe)
ب) الآيات (13-18): المزايا الرائعة لتقويم الرب.
13طُوبَى لِلْإِنْسَانِ ٱلَّذِي يَجِدُ ٱلْحِكْمَةَ، وَلِلرَّجُلِ ٱلَّذِي يَنَالُ ٱلْفَهْمَ، 14لِأَنَّ تِجَارَتَهَا خَيْرٌ مِنْ تِجَارَةِ ٱلْفِضَّةِ، وَرِبْحَهَا خَيْرٌ مِنَ ٱلذَّهَبِ ٱلْخَالِصِ. 15هِيَ أَثْمَنُ مِنَ ٱلَّلآلِئِ، وَكُلُّ جَوَاهِرِكَ لَا تُسَاوِيهَا. 16فِي يَمِينِهَا طُولُ أَيَّامٍ، وَفِي يَسَارِهَا ٱلْغِنَى وَٱلْمَجْدُ. 17طُرُقُهَا طُرُقُ نِعَمٍ، وَكُلُّ مَسَالِكِهَا سَلَامٌ. 18هِيَ شَجَرَةُ حَيَاةٍ لِمُمْسِكِيهَا، وَٱلْمُتَمَسِّكُ بِهَا مَغْبُوطٌ.
1. طُوبَى لِلْإِنْسَانِ ٱلَّذِي يَجِدُ ٱلْحِكْمَةَ: رغب سليمان بقوة في أن يسعى ابنه (وكل الذين يقرؤون سفر الأمثال) وراء الحكمة. ففي مخافة الرب، ستقود الحكمة والفهم (وهما في الغالب نتيجتان لتقويم الله المُحب) البشر، رجالًا ونساءً، إلى حياة مطوَّبة (سعيدة) حقًّا.
طوبى: “تصف كلمة ’طوبى‘ هناء سماويًّا نابعًا من علاقة سليمة بالله. وهي تصوّر الحالة البشرية للرفاهة التي تأتي مع بركة الله أو تأتي كمكافأة إلهية على البر.” روس (Ross)
طوبى: “هل الحكمة مربّية حزينة كئيبة لا تسلّي أتباعها إلّا بالتنهدات والدموع؟ هل يعني هذا أنه لكي نحصل على أفراح الحياة التالية، يتوجب علينا أن نودّع مزايا هذه الحياة؟ هذه عقيدة العالم، وهذا افتراء من الكذاب الكبير.” بريدجز (Bridges)
2. لِأَنَّ تِجَارَتَهَا (عوائدها) خَيْرٌ مِنْ تِجَارَةِ (عوائد) ٱلْفِضَّةِ: الحكمة (ولا سيما تلك التي من تقويم الله) أفضل من الربح المادي. فهي تمنح معدنًا أخلاقيا وتدريبًا يجلب القناعة، والرضا، ونوعية حياة لا يستطيع المال أن يوفرها.
سعى سليمان إلى الحكمة، وتكَفَّل الله بالباقي (1 ملوك 3: 9).
3. وَكُلُّ جَوَاهِرِكَ لَا تُسَاوِيهَا (كل الأشياء التي تحلم بالحصول عليها لا ترقى إليها): الحكمة أعظم من كل أنواع الغنى – الفضة، أو الذهب الخالص، أو الياقوت. ويعني الحصول على الحكمة التي تأتي من تقويم الله المحب الحصول على شيء أفضل من كل غنى مادي.
بالميراث الذي تلقاه سليمان من أبيه، ومن خلال معاملاته التجارية الحاذقة، صار رجلًا ثريًّا بشكل خرافي (2 أخبار 9: 22). وبطريقة لا يعرفها إلا قليلون، عرف سليمان أن بركات العلاقة بالله، والمعدن الأخلاقي، أعظم من كل ما يمكن أن يرغب إنسان في امتلاكه ماديًّا.
4. فِي يَمِينِهَا طُولُ أَيَّامٍ: من حيث المبدأ، تجلب الحكمة فوائد كثيرة. فالأشخاص الحكماء يعمّرون أكثر، ويستمتعون بالذرية (ٱلْغِنَى)، والتقدير (ٱلْمَجْدُ)، ويعيشون حياة تتسم باللطف والسلام والسعادة (ٱلْمُتَمَسِّكُ بِهَا مَغْبُوطٌ).
تصوَّر الحكمة هنا كأميرة عظيمة كريمة توزع عطاياها على رعاياها.” بولي (Poole)
هِيَ شَجَرَةُ حَيَاةٍ لِمُمْسِكِيهَا: هذه إشارة واضحة جدًا إلى الشجرة التي زرعها وسمّاها الله في جنة عدن في البداية. ومن خلال تناول ثمر شجرة الحياة، يمكن إصلاح كل إهدارات الطبيعة باستمرار لتمنع الموت إلى الأبد.” كلارك (Clarke)
ثالثًا. يا ابني، ثمِّن حياة الحكمة قدام الله والناس
أ ) الآيات (19-20): الخالق الحكيم.
19ٱلرَّبُّ بِٱلْحِكْمَةِ أَسَّسَ ٱلْأَرْضَ. أَثْبَتَ ٱلسَّمَاوَاتِ بِٱلْفَهْمِ. 20بِعِلْمِهِ ٱنْشَقَّتِ ٱللُّجَجُ، وَتَقْطُرُ ٱلسَّحَابُ نَدًى.
1. ٱلرَّبُّ بِٱلْحِكْمَةِ أَسَّسَ ٱلْأَرْضَ: أظهر الله في عمل الخلق حكمة عظيمة. ويمكن أن يُرى هذا في كل من الميزات الكبيرة والتفاصيل الصغيرة للخليقة. ويحمل الكون من حولنا علامات مصمم لامع يُظهر تصميمه حكمة.
إعلان الله الذاتي من خلال خليقته موضوع مهم في رومية 1: 18-20، يصف النص ذنب الجنس البشري في تجاهل الإعلان الإلهي من خلال الخليقة ورفْضه.
“يُظهر هذا القسم أن الحكمة التي توجه الحياة هي نفسها التي خلقت الكون (انظر النقاش حول 8: 20-31). ويعني الاستسلام لحكمة الله أن تضع نفسك في انسجام مع الخليقة، العالم حولنا.” روس (Ross)
2. أَثْبَتَ ٱلسَّمَاوَاتِ بِٱلْفَهْمِ: تظهر حكمة الله الخلاقة في أصغر تفاصيل الخلية الواحدة، لكن أيضًا في عظمة امتداد السماوات. لقد خلق الله، في فهمه، كونًا يدعوه بعضهم “مضبوطًا تمامًا”. ويقول العلماء، بمن فيهم الفيزيائيون، إننا نعيش في عالم مضبوط تمامًا.
أَثْبَتَ ٱلسَّمَاوَاتِ: “أو ركَّبها، أو رتّبها. لقد طوّرها في ذلك الترتيب الذي نراه الآن.” بولي (Poole)
يمتلك الكون قوة جاذبية ملائمة تمامًا. فلو كانت أكبر مما هي عليه، لصارت النجوم أكثر حرارة، وستحترق بسرعة كبيرة، وبطريقة غير ثابتة بحيث لا تدعم الحياة. ولو كانت أصغر مما هي عليه، لظلّت النجوم باردة جدًّا، ولن يشتعل فيها الاندماج النووي أبدًا، ولن تكون هنالك حرارة أو ضوء.
سرعة الضوء في هذا الكون ملائمة تمامًا. فلو كانت أكبر، فسترسل النجوم ضوءًا كثيرًا زائدًا. ولو كانت أصغر، فلن ترسل ضوءًا كافيًا.
يمتلك الكون معدل مسافة ملائمًا تمامًا بين النجوم. فلو كانت المسافة أكبر، لكانت كثافة العناصر الثقيلة أضعف من أن تشكل الكواكب الصخرية. ولن تكون هنالك إلا كواكب غازية. ولو كانت أصغر، لكانت مدارات الكواكب غير مستقرة بسبب قوة جاذبية النجوم الأخرى.
- بِعِلْمِهِ ٱنْشَقَّتِ ٱللُّجَجُ: يُحتمل أن هذه إشارة إلى ما حدث في زمن الطوفان المذكور في أيام نوح (تكوين 7: 11). عرف الله أن دينونة كهذه ستكون ضرورية، وعرف كيف يُحْدِثها. ويُحتمل أن التغيرات البيئية الجذرية التي يوحي بها طوفان نوح أدت إلى تحريك النظام الهيدرولوجي الحديث (تَقْطُرُ ٱلسَّحَابُ نَدًى).
وَتَقْطُرُ ٱلسَّحَابُ نَدًى: تجلب الريح الغربية بعد غروب الشمس معها رطوبة كافية من البحر بحيث يسقط الندى أثناء الليل (ندى أو ’طَل‘ بالعبرية والعربية. انظر نشيد الأنشاد 5: 2). وفي صيف كنعان الخالي من الأمطار تقريبًا، كانت الأرض تعتمد على هذه الرطوبة من أجل الحياة. ولهذا كان الندى أكثر مدعاة للإعجاب لدى الشرقيين من الغربيين الذين لا يعتمدون على الندى بفضل وفرة الأمطار.” والتكي (Waltke)
ب) الآيات (21-22): الانتباه لحكمة الله.
21يَا ٱبْنِي، لَا تَبْرَحْ هَذِهِ مِنْ عَيْنَيْكَ. ٱحْفَظِ ٱلرَّأْيَ وَٱلتَّدْبِيرَ، 22فَيَكُونَا حَيَاةً لِنَفْسِكَ، وَنِعْمَةً لِعُنُقِكَ.
1. يَا ٱبْنِي، لَا تَبْرَحْ هَذِهِ مِنْ عَيْنَيْكَ: أخبر سليمان ابنه بأهمية الانتباه المستمر لحكمة الله وتدبيره (ٱحْفَظِ ٱلرَّأْيَ وَٱلتَّدْبِيرَ). ولا يتطلب هذا يقظة مدى الحياة فحسب، بل أيضًا قلبًا مستسلمًا بشكل ملائم يدرك أن حكمة الله وتدبيره (أو حُكمه) أعظم من حكمة الإنسان وتدبيره.
2. فَيَكُونَا حَيَاةً لِنَفْسِكَ: يجلب الانتباه المستمر لحكمة الله وتدبيره (حُكمه) فائدة حقيقية لحياة المرء.
ج) الآيات (23-26): الأمان في السلوك في حكمة الله.
23حِينَئِذٍ تَسْلُكُ فِي طَرِيقِكَ آمِنًا، وَلَا تَعْثُرُ رِجْلُكَ. 24إِذَا ٱضْطَجَعْتَ فَلَا تَخَافُ، بَلْ تَضْطَجِعُ وَيَلُذُّ نَوْمُكَ. 25لَا تَخْشَى مِنْ خَوْفٍ بَاغِتٍ، وَلَا مِنْ خَرَابِ ٱلْأَشْرَارِ إِذَا جَاءَ. 26لِأَنَّ ٱلرَّبَّ يَكُونُ مُعْتَمَدَكَ، وَيَصُونُ رِجْلَكَ مِنْ أَنْ تُؤْخَذَ.
1. حِينَئِذٍ تَسْلُكُ فِي طَرِيقِكَ آمِنًا: من حيث المبدأ، يرشد الله الذين يكرمون حكمته إلى سبل الأمان. ولا يوجد ما هو أكثر أمانًا من العيش في حكمة الله وإرادته.
2. لِأَنَّ ٱلرَّبَّ يَكُونُ مُعْتَمَدَكَ: يمكن لحياة الحكمة أن تتخلى عن الخوف (لَا تَخْشَى مِنْ خَوْفٍ). وفي إطلاق القلق والاضطراب، ستعرف بركة النوم. فعندما يكون الرب معتمدنا، لا يلزمنا أن نخاف (مِنْ خَوْفٍ بَاغِتٍ) أو من خَرَابِ ٱلْأَشْرَارِ.
وَيَلُذُّ نَوْمُكَ: ستكون خاليًا من الهموم والمخاوف التي غالبًا ما تشتت الانتباه، والتي تطارد الخطاة حتى في نومهم، لأنك ستكون رابط الجأش، وفكرك هادئًا من خلال الإحساس برضا الله وعنايته، وراحة ضمير نزيه.” بولي (Poole)
“غالبًا ما يكون نوم الأشرار مكدَّرًا من خلال أعمال ضمائرهم الشريرة. وقد كان هذا حال الملك رتشارد الثالث بعد قيامه بقتل ابني أخيه البريئين، حيث كانت تراوده كوابيس رهيبة.” تراب (Trapp)
“عندما كان بطرس في السجن مكبّلًا بالسلاسل بين جنديين عشية إعدامه المتوقع، عندما بدا أنه لم يكن هنالك بينه وبين الموت إلا خطوة واحدة. كان قادرًا على أن يضطجع وينام نومًا عميقًا بلا خوف.” بريدجز (Bridges)
د ) الآيات (27-30): بعض الدروس من حكمة الله.
27لَا تَمْنَعِ ٱلْخَيْرَ عَنْ أَهْلِهِ، حِينَ يَكُونُ فِي طَاقَةِ يَدِكَ أَنْ تَفْعَلَهُ. 28لَا تَقُلْ لِصَاحِبِكَ: «ٱذْهَبْ وَعُدْ فَأُعْطِيَكَ غَدًا» وَمَوْجُودٌ عِنْدَكَ. 29لَا تَخْتَرِعْ شَرًّا عَلَى صَاحِبِكَ، وَهُوَ سَاكِنٌ لَدَيْكَ آمِنًا. 30لَا تُخَاصِمْ إِنْسَانًا بِدُونِ سَبَبٍ، إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ صَنَعَ مَعَكَ شَرًّا.
1. لَا تَمْنَعِ ٱلْخَيْرَ عَنْ أَهْلِهِ (لمن يستحقه أو يحتاج إليه): يقدّم سليمان هنا بعض الأمثلة العملية للدروس التي تعلِّمها الحكمة. وبدأ بالمبدأ البسيط أنه ينبغي أن نفعل الخير عندما يكون بوسعنا أن نفعله.
“لا ترفض أن تقدم اللطف والكرم عندما يكون ذلك بمقدورك أن تفعله. فإذا كانت لديك الوسائل والإمكانات، وإذا كانت احتياجات صاحبك (قريبك، جارك) مُلِحّة، فلا تؤجله حتى الغد. فربما يأخذه أو يأخذك الموت قبل ذلك.” كلارك (Clarke)
لِأَهْلِهِ (لمستحقّيه): ربما يكونون عمّالًا استحقوا رواتبهم، أو فقراء يطلبون العون بحق، أو أشخاصًا يتوسلون العدل عند بوابة المدينة.” جاريت (Garrett)
لِأَهْلِهِ: يبرز النص العبري في 27أ (“من أصحابه) العدالة، لا مجرد عدم المراعاة أو تأخير.” كيدنر (Kidner)
2. لَا تَقُلْ لِصَاحِبِكَ: إن كان علينا أن نفعل خيرًا، يتوجب أن نفعل هذا فورًا بينما الفرصة سانحة. فإذا أجّلنا الأمر إلى الغد، فلن يتم هذا أبدًا. ومن المؤكد أنه لن يحدث بأسرع مما يمكن أو كما ينبغي.
3. لَا تَخْتَرِعْ شَرًّا عَلَى صَاحِبِكَ (قريبك، جارك): تعلِّمنا حكمة الله بأن أماننا وسلامنا مرتبطان بخير صاحبنا. ولهذا، وحرصًا على السلامة، لا يجب أن نخاصم صاحبنا أو قريبنا بلا داعٍ (إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ صَنَعَ مَعَكَ شَرًّا).
لَا تَخْتَرِعْ: “كلمة ’تخترع‘ ترجمة لفعل يعني ’يحرث‘ بشكل ملموس. وتعني بشكل مجازي وببعد أخلاقي ’يُعِد‘ [أي يخطط] لأعمال الخير أو الشر.” والتكي (Waltke)
“لا تكن ذا روح مخاصِمة أو ميّالة إلى النزاع. ولا تكن تحت تأثير شعور زائد بالحفاظ على الكرامة. فإذا كان لا بد أن تلجأ إلى السلطة القضائية لكي تُعيد من يسيء إليك إلى رُشده، تجنّبْ كل عداوة، ولا تفعل شيئًا بروح الانتقام.” كلارك (Clarke)
“يتوجب الحذر من الانخراط في مشاجرات (17: 14؛ 18: 6؛ 25: 8-9) بدلًا من السعي إلى السلام (رومية 12: 18). فإن روح النزاع عائق كبير أمام القداسة (عبرانيين 12: 14؛ كولوسي 3: 12-15). وهي غير متوافقة مع خدام الله (2 تيموثاوس 2: 24).” بريدجز (Bridges)
هـ) الآيات (31-35): منفعة المرء الذي يحب حكمة الله.
31لَا تَحْسِدِ ٱلظَّالِمَ وَلَا تَخْتَرْ شَيْئًا مِنْ طُرُقِهِ، 32لِأَنَّ ٱلْمُلْتَوِيَ رَجْسٌ عِنْدَ ٱلرَّبِّ، أَمَّا سِرُّهُ فَعِنْدَ ٱلْمُسْتَقِيمِينَ. 33لَعْنَةُ ٱلرَّبِّ فِي بَيْتِ ٱلشِّرِّيرِ، لَكِنَّهُ يُبَارِكُ مَسْكَنَ ٱلصِّدِّيقِينَ. 34كَمَا أَنَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِٱلْمُسْتَهْزِئِينَ، هَكَذَا يُعْطِي نِعْمَةً لِلْمُتَوَاضِعِينَ. 35ٱلْحُكَمَاءُ يَرِثُونَ مَجْدًا وَٱلْحَمْقَى يَحْمِلُونَ هَوَانًا.
1. لَا تَحْسِدِ ٱلظَّالِمَ: تعلِّمنا الحكمة أنه رغم أن طريق الأشرار قد تبدو جذابة وأحيانًا يُحسد عليها، إلا أنه لا ينبغي أن نختار أيًّا من طرقهم. ففي إكرامنا لله، وفي محبتنا للآخرين، وفي حكمة الحياة، لا ينبغي أن نضطهد الآخرين أو نقمعهم (كما قال يسوع في متى 10: 25: 28، وفي مقاطع أخرى).
2. لِأَنَّ ٱلْمُلْتَوِيَ رَجْسٌ عِنْدَ ٱلرَّبِّ: لا ينبغي أن نحسد الظالم أو أن نقتدي به، لأن الله يعرف كيف ومتى يدين مثل هؤلاء الأشرار. ويبارك الله بيوت الأبرار، لكنه يَسْتَهْزِئُ بِٱلْمُسْتَهْزِئِينَ. ولا ينبغي أن يدفعنا النجاح المؤقت للأشرار إلى حسدهم أو الاقتداء بهم.
- الملتوي: “يمقت الرب المكائد والدسائس. وأما الأشخاص الصريحون، والمستقيمون، والذين يعرفون فضيلة الانفتاح والبساطة، فإنه يميل أُذنه إليهم.” والتكي (Waltke)
3. كَمَا أَنَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِٱلْمُسْتَهْزِئِينَ، هَكَذَا يُعْطِي نِعْمَةً لِلْمُتَوَاضِعِينَ: يتكرر هذا المبدأ الرائع ثلاث مرات في الكتاب المقدس (أيضًا في يعقوب 4: 6 وفي 1 بطرس 5: 5). ويُظهر كيف أن الكبرياء تضع الله في مقاومة معنا. لكن التواضع يجتذب نعمة الله. ونحن نريد أن نكون متواضعين ونتلقى نعمة الله.
تحدّث سليمان عن الحكمة والتواضع باعتبارهما مرتبطين بشكل وثيق. فأولئك الذين هم حكماء بما يكفي لرؤية كما هو حقًّا، وأنفسهم كما هي حقًّا أشخاص يتحلون بالتواضع بشكل طبيعي وملائم.
تقتبس يعقوب 4: 6 و1 بطرس 5: 5 الترجمة السبعينية لهذه الآية، وهذه الترجمة تخفف الصياغة العبرية هنا. “تستخدم هذه الآية فكرة تجسيمية (تنسب صفات أو تصرفات بشرية إلى الله): “يستهزئ الله بالمستهزئين المتكبرين.” وتقدم الترجمة السبعونية صياغة مخففة: الرب يقاوم المتكبرين.” روس (Ross)
4. ٱلْحُكَمَاءُ يَرِثُونَ مَجْدًا: أيًّا كان التمجيد الذي يبدو أن الأشرار حصلوا عليه، إلا أنه مؤقت. إذ سيكون إرثهم الهوان والخزي، لكن الرب يُعِد مصيرًا مجيدًا لحكمائه المتواضعين.
يَرِثُونَ مَجْدًا: “إنهم لا يملكونه فحسب، بل يرثونه أيضًا. سيمتلكونه بصفته حقّهم الصحيح الكامل والدائم.” تراب (Trapp)
وبالمقابلة، فإن الحمقى الذين يحملون merim هوانًا عامًّا، أو يحصلون عليه (وَٱلْحَمْقَى يَحْمِلُونَ هَوَانًا) من خلال حالتهم غير القابلة للعلاج، لا يرثونه.” والتكي (Waltke)