أمثال 13
قيمة التقويم (التأديب)
أمثال 13: 1
1اَلِٱبْنُ ٱلْحَكِيمُ يَقْبَلُ تَأْدِيبَ أَبِيهِ، وَٱلْمُسْتَهْزِئُ لَا يَسْمَعُ ٱنْتِهَارًا.
- اَلِٱبْنُ ٱلْحَكِيمُ يَقْبَلُ تَأْدِيبَ أَبِيهِ: لا تجعل حقيقة سليمان بتوجيه هذا المثل إلى ابنه أقل صدقًا أو صحة. فمن الحكمة أن يستمع الأطفال إلى إرشادات آبائهم وأمهاتهم.
- وَٱلْمُسْتَهْزِئُ لَا يَسْمَعُ ٱنْتِهَارًا: المستهزئ أحمق بما يكفي لرفض كل التوجيهات، ولهذا فإنه لا يتعلم أبدًا.
لَا يَسْمَعُ: “أو يسمع ويسخر، مثل أصهار لوط، وابنَي عالي، وابنَي صموئيل لاحقًا.” تراب (Trapp)
تَأْدِيبَ… ٱنْتِهَارًا: “يبيّن التغيير من كلمة إلى أخرى أقوى في السطر الثاني أن هذا الابن لا يتجاوب مع أي مستوى من التأديب.” روس (Ross)
أمثال 13: 2
2مِنْ ثَمَرَةِ فَمِهِ يَأْكُلُ ٱلْإِنْسَانُ خَيْرًا، وَمَرَامُ ٱلْغَادِرِينَ ظُلْمٌ.
- مِنْ ثَمَرَةِ فَمِهِ يَأْكُلُ ٱلْإِنْسَانُ خَيْرًا: يجلب الكلام الحكيم الحسن بركات متنوعة كثيرة، بما في ذلك الرخاء.
- وَمَرَامُ ٱلْغَادِرِينَ ظُلْمٌ (نفوس الغادرين تتغذى على العنف): قد يجد غير الأوفياء لله وحكمته أنفسهم مدعومين بالعنف أو من خلاله.
ظُلْمٌ: “سيُعاد عليهم العنف والضرر الذي تسبّبوا فيه في حياة آخرين بسبب كلامهم أو أعمالهم.” بولي (Poole)
أمثال 13: 3
3مَنْ يَحْفَظُ فَمَهُ يَحْفَظُ نَفْسَهُ. مَنْ يَشْحَرْ شَفَتَيْهِ فَلَهُ هَلَاكٌ.
- مَنْ يَحْفَظُ فَمَهُ يَحْفَظُ نَفْسَهُ: يمكن أن تحفظ الكلمات الحكيمة الصالحة الحياة. ويصح هذا على كل من لحظة الأزمة وعلى مدى العمر.
يَحْفَظُ (يحرس) نَفْسَهُ: “كما يحرس الحراس بوابات المدينة أثناء حصار، وضع الله حراسة مضاعفة من الشفتين والأسنان عند هذه البوابة. غير أنه ما لم يقم المرء نفسه بالسهر وحراسة الباب، سيضيع كل شيء.” تراب (Trapp)
المثل العربي القديم ملائم هنا: “لا تجعل لسانك يقطع حنجرتك.” روس (Ross)
- مَنْ يَشْحَرْ شَفَتَيْهِ (يفتحهما على مصراعيها) فَلَهُ هَلَاكٌ: التحدث كثيرًا مجلبة للمتاعب في العادة، ما يؤدي إلى الدمار. وأما الحكمة فستحرس الفم والكلمات التي يتكلم بها.
- “كم مرةٍ خسر الحمقى، والجامحون، والأشرار حياتهم بسبب الخيانة والتجديف اللذين تكلموا بهما! وإدارة اللسان موهبة نادرة، لكنها مفيدة.” كلارك (Clarke)
“كثيرًا ما لوحِظ أن الله أعطانا عينين اثنتين لكي نرى بهما الكثير، وأذنين اثنتين لكي نسمع بهما الكثير. لكنه أعطانا لسانًا واحدًا فقط، وهو مسيَّج وراء أسنان وشفتين، للإشارة إلى أنه رغم أننا نسمع ونرى كثيرًأ، إلا أنه لا ينبغي أن نتحدث كثيرًا.” كلارك (Clarke)
أمثال 13: 4
4نَفْسُ ٱلْكَسْلَانِ تَشْتَهِي وَلَا شَيْءَ لَهَا، وَنَفْسُ ٱلْمُجْتَهِدِينَ تَسْمَنُ.
- نَفْسُ ٱلْكَسْلَانِ تَشْتَهِي وَلَا شَيْءَ لَهَا: ليس الأمر أن الكسلان يفتقر إلى الرغبة. فهو يشتهي أشياء كثيرة، لكن ليس لديه شيء لأنه لا يستطيع أو لا يدفع نفسه إلى أن يعمل العمل المطلوب لتحويل رغباته إلى واقع.
“يتوق الكسلان إلى ثمر الاجتهاد من دون الاجتهاد الذي يكسب ذلك الثمر.” بريدجز (Bridges)
العاطفة (الرغبة) من دون جهد هي مثل راحيل – جميلة لكن عاقر.” تراب (Trapp)
- وَنَفْسُ ٱلْمُجْتَهِدِينَ تَسْمَنُ: كما في مواضع أخرى من سفر الأمثال، تُستخدم كلمة ‘نفس’ بمعنى ‘حياة،’ من دون إشارة كبيرة إلى الجانب غير المادي لكينونة الإنسان. غير أنه أمر صحيح أن الجد في الأمور الروحية يؤدي إلى غنى وبركة روحيين.
“كثيرًا ما نسمع أشخاصًا متدينين كثيرين يعبّرون عن رغبتهم في مزيد من الحياة الإلهية، ومع ذلك لا يحرزون تقدُّمًا نحو ذلك. فما السبب؟ السبب هو أنهم يرغبون، لكنهم لا يدفعون بأنفسهم إلى التمسك بالرب.” كلارك (Clarke)
أمثال 13: 5
5اَلصِّدِّيقُ يُبْغِضُ كَلَامَ كَذِبٍ، وَٱلشِّرِّيرُ يُخْزِي وَيُخْجِلُ.
- اَلصِّدِّيقُ يُبْغِضُ كَلَامَ كَذِبٍ: لا يحب الصّدّيق الحق ويتجنب الكذب فحسب، بل يبغض الكذب حقًّا. ولأنه تقي، فإن لديه محبة الحق الذي يحبه الله، وبُغض الشر الذي يبغضه الله.
- وَٱلشِّرِّيرُ يُخْزِي وَيُخْجِلُ: التضمين هنا هو أن الأشرار يحبّون الكذب، فيجعلهم هذا مقيتين مكروهين. ومن المؤكد أن هذا يجلب العار والخزي عليهم.
يُخْزِي وَيُخْجِلُ: “يجعل نفسه محتقرًا وبغيضًا لكل الذين يعرفونه. ونادرًا ما يوجَّه توبيخ أقوى لأشخاص – يتحملونه بنفاد صبر، ورغبة في انتقام قاس – يُدعون كاذبين.” بولي (Poole)
أمثال 13: 6
6اَلْبِرُّ يَحْفَظُ ٱلْكَامِلَ طَرِيقَهُ، وَٱلشَّرُّ يَقْلِبُ ٱلْخَاطِئَ.
- اَلْبِرُّ يَحْفَظُ ٱلْكَامِلَ طَرِيقَهُ: الحياة الكاملة، أي الخالية من اللوم – ومن المؤكد أنها خالية من الخطية – حياة بر ونزاهة بشكل عام. وهي تُكْرَم وتبارَك من الله. إنها كلٌّ من البر الخالي من اللوم الذي يحرس الإنسان وبر الله نفسه.
- وَٱلشَّرُّ يَقْلِبُ ٱلْخَاطِئَ: كما أن بر الإنسان الخالي من اللوم يحفظنه، فإن خطية الشرير (الخاطئ) تُسقطه. إذ يمكن للأعمال أن تعكس مصير أصحابها.
ٱلْخَاطِئَ (الشرير): “بالعبرية ‘رجل الخطية،’ أي الذي يسلم نفسه لمسارات الشر.” بولي (Poole)
أمثال 13: 7
7يُوجَدُ مَنْ يَتَغَانَى وَلَا شَيْءَ عِنْدَهُ، وَمَنْ يَتَفَاقَرُ وَعِنْدَهُ غِنًى جَزِيلٌ.
- يُوجَدُ مَنْ يَتَغَانَى وَلَا شَيْءَ عِنْدَهُ: قد تكون الأموال والثروات المادية قليلة الأهمية للسعادة في هذا العالم، وعلى نحو خاص في العالم الآتي. ويعمل المرء بجد ليصبح غنيًّا، لكنه يجد في نهاية الأمر أن كل ما لديه لا شيء. وقد كتب سليمان عن هذه المبادئ في سفر الجامعة.
يزخر عصرنا بأشخاص جعلوا أنفسهم أغنياء، غير أنهم لا يمتلكون شيئًا. جمعوا ثروة طائلة، غير أنها لا تملك القوة الشرائية للحصول على الأشياء الحقيقية للحياة. فلا يمكنها تأمين الصحة أو جلب السعادة. بل في الغالب تقضي على السعادة.” مورجان (Morgan)
- وَمَنْ يَتَفَاقَرُ وَعِنْدَهُ غِنًى جَزِيلٌ: هنالك أشخاص يتفاخرون على مستوى مادي عن طيب خاطر. وهم يفعلون هذا بدافع من الكرم تجاه الآخرين أو من منطلق أولويات روحية ثابتة. ويمتلك مثل هؤلاء الأشخاص غنى عظيمًا في هذه الحياة وفي الحياة الأخرى.
رأى مورجان (Morgan) مفتاح هذا المثل في استخدامه كلمة ‘نفس’ (‘يغني نفسه،’ و‘يُفقر نفسه،’ حسب الترجمة الإنجليزية). “أن يجعل المرء نفسه غنيًّا يعني أن يقضي على القدرة على الحياة. وأن يجعل نفسه فقيرًا بإغناء الآخرين، فإن هذه حياة حقيقية هادفة.”
إن أعظم مثال لشخص افتقر بينما كان لديه غنى عظيم هو يسوع المسيح. “فَإِنَّكُمْ تَعْرِفُونَ نِعْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، أَنَّهُ مِنْ أَجْلِكُمُ ٱفْتَقَرَ وَهُوَ غَنِيٌّ، لِكَيْ تَسْتَغْنُوا أَنْتُمْ بِفَقْرِهِ” (2 كورنثوس 8: 9).
أمثال 13: 8
8فِدْيَةُ نَفْسِ رَجُلٍ غِنَاهُ، أَمَّا ٱلْفَقِيرُ فَلَا يَسْمَعُ ٱنْتِهَارًا.
- فِدْيَةُ نَفْسِ رَجُلٍ غِنَاهُ: يمكن أن تقاس حياة المرء بطرق كثيرة، ومن بينها الغنى، رغم أنه ليس أفضل المقاييس. وفي وقت الأزمة، يمكن لغِنى الرجل أن يفدي حياته.
غِنَاه: “قد يساعد الغني رجلًا على الخروج من ورطة ثقيلة، أو الإطلاق من الأسر، أو في بدء مشروع حيوي يغيّر مسار حياته. “لا تَقْتُلْنَا لِأَنَّهُ يُوجَدُ لَنَا خَزَائِنُ فِي ٱلْحَقْلِ: قَمْحٌ وَشَعِيرٌ وَزَيْتٌ وَعَسَلٌ». فَٱمْتَنَعَ وَلَمْ يَقْتُلْهُمْ بَيْنَ إِخْوَتِهِمْ” (إرميا 41: 8).” تراب (Trapp)
فِدْيَةُ نَفْسِ رَجُلٍ: ‘لِأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ ٱلْإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ ٱلْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟’ (متى 16: 26). ‘بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَلٍ بِلَا عَيْبٍ وَلَا دَنَسٍ، دَمِ ٱلْمَسِيحِ’ (1 بطرس 1: 18). وعندما لم تكفِ كنوز الأرض لهذه الفدية، سكبت السماء غناها (1 بطرس 1: 19؛ عبرانيين 10: 5-8). بريدجز (Bridges)
- أَمَّا ٱلْفَقِيرُ فَلَا يَسْمَعُ ٱنْتِهَارًا: يأخذ معظم المفسرين هذا بمعنى إيجابي، فيقولون إن الفقير لن يجد نفسه أبدًا في نفس مشكلة الرجل الغني الذي يتوجب عليه أن يفدي حياته بغناه.
يشرح مورجان (Morgan) الفكرة بمعنى إيجابي. “يعني هذا إن كان للغنى ميزات، فإن للفقر ميزاته أيضًا. ربما يستطيع الغني أن يحافظ على حياته بغناه، لكن الفقير ينجو من الأخطار التي يتعرض لها الأغنياء.”
“غالبًا ما يواجه الأغنياء متاعب مع غِناهم. فكما واجهوا صعوبة في الحصول عليه، كذلك يواجهون متاعب في الحفاظ عليه. وفي البلدان الاستبدادية، غالبًا ما يُتّهم رجل غني بجريمة يعاقَب عليها بالإعدام. ولكي ينقذ حياته، فإنه مجبر على التخلي عن ثروته، رغم أنه بريء تمامًا. لكن الفقراء في تلك البلدان لا يواجهون مثل هذه المتاعب.” كلارك (Clarke)
إذا أُخِذ هذا بمعنى سلبي، يكون قد وضع سليمان في اعتباره أن فقر هؤلاء الأشخاص ناتج عن إخفاقاتهم الأخلاقية. ومن المؤكد أن هذه الحالة لا تنطبق على كل فقير بسبب عدم استعدادهم لسماع التوبيخ، لكن بعضهم كذلك. فرفْضُهم للحكمة يؤدي بهم إلى الفقر.
أمثال 13: 9
9نُورُ ٱلصِّدِّيقِينَ يُفَرِّحُ، وَسِرَاجُ ٱلْأَشْرَارِ يَنْطَفِئُ.
- نُورُ ٱلصِّدِّيقِينَ يُفَرِّحُ: البِرّ – أي أنّ كون المرء صِدّيقًا تقيًّا يعبّر عن بره في الحياة الواقعية – مرتبط بالنور والفرح. وهنالك شيء خطأ عندما يدّعي شخص أنه بار وهو نادرًا ما يُظهر دليلًا على النور والفرح.
- وَسِرَاجُ ٱلْأَشْرَارِ يَنْطَفِئُ (يُطفأ): البر مرتبط بالنور، لكن الأشرار مرتبطون بالظلمة. والظلمة المتصوَّرة هنا هي الظلمة التي تفرضها دينونة الله، حيث تُطفِئ سراج الأشرار.
“يقابل المثل بين غنى الصالحين الدائم وانقراض الأشرار، وبالتضمين انقراض غناهم أيضًا.” والتكي (Waltke)
أمثال 3: 10
10اَلْخِصَامُ إِنَّمَا يَصِيرُ بِٱلْكِبْرِيَاءِ، وَمَعَ ٱلْمُتَشَاوِرِينَ حِكْمَةٌ.
- اَلْخِصَامُ إِنَّمَا يَصِيرُ بِٱلْكِبْرِيَاءِ: دائمًا ما تولّد الكبرياء – التركيز المفرط على الذات واعتبارها – النزاع والخصام. وعندما يركز الناس على تمجيدهم، فإنهم يحاولون دائمًا أن يعززوا أنفسهم على حساب الآخرين.
لا شيء غير الخصام: “الكبرياء هي مثل حُمّى الكلاب، تعمل على الانقسام… ساقان متورمتان متباعدتان… تنفجر المثانة مع انطلاق ريح من أنبوب إلى الآخر من دون أن تنغلق. لكن إذا قمت بوخزها، فستتوزع إلى ألف جزء في غرفة صغيرة.” تراب (Trapp)
“ربما لا يوجد شجار بين الأفراد في الحياة الخاصة، أو حرب بين الشعوب، لا ينبع من الكبرياء والطموح. ولكي يقضي يسوع على روح الكبرياء هذه، أظهر أقصى درجات التواضع والإذلال بين الناس. وخلاص المسيح تحرير من الكبرياء. ونحن مخلَّصون بقدر ما نحن متواضعون.” كلارك (Clarke)
2. وَمَعَ ٱلْمُتَشَاوِرِينَ حِكْمَةٌ: إن الذين يسلكون في حكمة أشخاص يستمعون إلى مشورة الحكماء ويقبلونها.
أمثال 13: 11
11غِنَى ٱلْبُطْلِ يَقِلُّ، وَٱلْجَامِعُ بِيَدِهِ يَزْدَادُ.
- غِنَى ٱلْبُطْلِ يَقِلّ (يتبخّر): قد يكون هذا لأن بركة الله ليست على الغنى المكتسب عن طريق عدم الأمانة، أو لأن هذا الغنى لم يُكتسب بعادات الحياة السليمة التي تكتسب الغنى وتحتفظ بها.
يوحي تشبيه الحصول على المال من بخار بما يسميه بعضهم ‘المال السهل،’ والذي يمكن الحصول عليه عن طريق الاستبداد، والظلم، والابتزاز، والأكاذيب، والمكاسب، غير المتوقعة على حساب الآخرين.” والتكي (Waltke)
“نادرًا ما يكون الغنى الذي لا يُكتسب من اجتهاد نزيه وعمل شاق دائمًا. فسرعان ما تتبدد الثروات المكتسبة من خلال المضاربات، وضربات الحظ، وخدمة الكبرياء، والرفاهة. فهي لا تُكتسب في طريق العناية الإلهية، ولا تحظى بمباركة الله، ولهذا ليست دائمة.” كلارك (Clarke)
- وَٱلْجَامِعُ بِيَدِهِ يَزْدَادُ: يحدث هذا بمباركة الله على العمل المخْلص، وبممارسة عادات تكسب في العادة الغنى، وتحتفظ به، وتزيده.
أمثال 13: 12
12ٱلرَّجَاءُ ٱلْمُمَاطَلُ يُمْرِضُ ٱلْقَلْبَ، وَٱلشَّهْوَةُ ٱلْمُتَمَّمَةُ شَجَرَةُ حَيَاةٍ.
- ٱلرَّجَاءُ ٱلْمُمَاطَلُ يُمْرِضُ ٱلْقَلْبَ: يحفظ الرجاء القوي القلب وينعشه، لكن تأجيل (مماطلة) تحقيقه يمرض القلب.
“كم من مريض نرى في مستشفى الرجاء بلا تقدُّم، كما لو أنه عند بِرْكة بيت حسدا.” تراب (Trapp)
“يقول بلاوت (Plaut) إن الناس لا يستطيعون أن يحتملوا الإحباط فترة طويلة جدًّا. إذ يتوجب أن يكون لديهم تشجيع من أجل المواصلة. وربما يتعيّن على المؤمنين أن يجعلوا جزءًا من مهمتهم أن يساعدوا الآخرين على تحقيق آمالهم كلما أمكن ذلك.” روس (Ross)
- وَٱلشَّهْوَةُ ٱلْمُتَمَّمَةُ شَجَرَةُ حَيَاةٍ: عندما تتحقق رغبة الرجاء أخيرًا، فإن هذا يجلب حياة قوية بلا انقطاع. ويذكّرنا هذا المبدأ بأنه رغم أن تأجيل الرجاء يمكن أن يمرض القلب، إلا أنه يستحق تحمُّل الشعور بالمرض من أجل خير تحقيقه عندما يأتي.
أمثال 13: 13
13مَنِ ٱزْدَرَى بِٱلْكَلِمَةِ يُخْرِبُ نَفْسَهُ، وَمَنْ خَشِيَ ٱلْوَصِيَّةَ يُكَافَأُ.
- مَنِ ٱزْدَرَى بِٱلْكَلِمَةِ يُخْرِبُ نَفْسَهُ: يمكن أن يتحقق هذا الأمر من خلال دينونة إلهية مباشرة على الذين يرتكبون الخطية الرهيبة المتمثلة في ازدراء كلمة الله، أو من خلال النتائج الطبيعية لمثل هذه الحماقة.
- وَمَنْ خَشِيَ ٱلْوَصِيَّةَ يُكَافَأُ: سيكافأ الشخص الذي لا يفهم ويطيع كلمة الله بشكل لائق فحسب، بل يوقّرها أيضًا (وَمَنْ خَشِيَ ٱلْوَصِيَّةَ)، في كل من هذه الحياة والحياة الأخرى.
الكلمة والوصية: لاستخدام هذين التعبيرين دلالة دينية. فهما يشيران في أغلب الأحيان إلى كلمة الله. ويقول كيدنر (Kidner) إن استخدامهما “تذكير بأن الدين المعلن من الله مفترض في سفر الأمثال”. روس (Ross)
- خَشِيَ ٱلْوَصِيَّةَ: “مثل الملكة إليزابيث، التي عندما قُدِّم لها الكتاب المقدس وهي تركب بانتصار عبر شوارع لندن بعد تتويجها، تلقَّته بكلتا يديها، وقبّلته، وضمّته إلى صدرها قائلةً إنه كان مصدر بهجتها، وينبغي أن يكون قاعدة حُكمها.” تراب (Trapp)
أمثال 13: 14
14شَرِيعَةُ ٱلْحَكِيمِ يَنْبُوعُ حَيَاةٍ لِلْحَيَدَانِ عَنْ أَشْرَاكِ ٱلْمَوْتِ.
- شَرِيعَةُ ٱلْحَكِيمِ يَنْبُوعُ حَيَاةٍ: كلمة الله (شريعة الحكيم) مصدر دائم للحياة لكل الذين يقبلونها.
- لِلْحَيَدَانِ عَنْ أَشْرَاكِ ٱلْمَوْتِ: هذه إحدى الطرق التي تجعل كلمة الله مُحْيية. فمن شأن فهم كلمة الله وطاعتها أن يحفظ المرء من أشياء كثيرة فيها أشراك وهلاك، روحيًّا وماديًّا معًا.
أَشْرَاكِ ٱلْمَوْتِ: “يوحي هذا بأن الموت مثل صيّاد.” روس (Ross)
أَشْرَاكِ ٱلْمَوْتِ: لا يوجد إلا ينبوع واحد للحياة، لكن توجد أشراك كثيرة للموت (انظر 2 تيموثاوس 2: 24-26).” والتكي (Waltke)
أمثال 13: 15
15اَلْفِطْنَةُ ٱلْجَيِّدَةُ تَمْنَحُ نِعْمَةً، أَمَّا طَرِيقُ ٱلْغَادِرِينَ فَأَوْعَرُ.
- اَلْفِطْنَةُ ٱلْجَيِّدَةُ تَمْنَحُ نِعْمَةً: يحدث هذا من كلٍ من بركة الله وطريقة التعامل الناس وتفاعلهم فيما بينهم. فالأشخاص الأكثر فطنة وفهمًا يجدون ترحيبًا أكبر بين الآخرين بسبب تعاملهم مع الناس.
- أَمَّا طَرِيقُ ٱلْغَادِرِينَ فَأَوْعَرُ: سيجد الذين يرفضون الحكمة، ويعيشون حياة غير مخْلِصة لله والإنسان حياتهم صعبة. إذ سيجدون عوائق وصعوبات أكثر في سبيلهم، وسيتلقّون عونًا أقل في طريق حياتهم.
يذكّرنا هذا بمثل معاصر يفترض أنه منسوب إلى الممثل جون وين (John Wayne): “الحياة صعبة، لكنها تصبح أكثر صعوبة عندما تكون غبيًّا.”
أَمَّا طَرِيقُ ٱلْغَادِرِينَ فَأَوْعَرُ: “يحلمون بطريق وردي، لكنهم يجعلون حياتهم أكثر صعوبة عليهم …. قال أوغسطين: “قبل اهتدائي إلى الإيمان، كنت مقيّدًا لا بسلسلة من حديد، بل من عناد إرادتي.” برديجز (Bridges)
“لم يكن هنالك قول أكثر صحة من هذا. فمعظم الخطاة يعانون ألمًا أكثر وصعوبة في إيصال أنفسهم إلى الدينونة واللعنة من الأبرار الذين يحملون صلبانًا من المعاناة في الوصول إلى ملكوت الله.” كلارك (Clarke)
أمثال 13: 16
16كُلُّ ذَكِيٍّ يَعْمَلُ بِٱلْمَعْرِفَةِ، وَٱلْجَاهِلُ يَنْشُرُ حُمْقًا.
- كُلُّ ذَكِيٍّ يَعْمَلُ بِٱلْمَعْرِفَةِ: لا يمتلك الرجل الحكيم الحصيف (الذكي) معرفة فحسب، لكنه يتصرف بموجبها أيضًا. فعندما تكون الحكمة في قلبه كما في عقله، تكون في حياته.
- وَٱلْجَاهِلُ يَنْشُرُ حُمْقًا: حمق الأحمق واضح بحيث يراه العالم. فهو مفتوح أمام الله والعالم.
“ولأن الأحمق يفتقر إلى هذه الحكمة، فإنه ينشر حماقته. فهو يسكب غضبه، ويتباهى بغروره، ويكشف عن طيشه، ولا يمارس حسن التمييز.” بريدجز (Bridges)
أمثال 13: 17
17اَلرَّسُولُ ٱلشِّرِّيرُ يَقَعُ فِي ٱلشَّرِّ، وَٱلسَّفِيرُ ٱلْأَمِينُ شِفَاءٌ.
- اَلرَّسُولُ ٱلشِّرِّيرُ يَقَعُ فِي ٱلشَّرِّ: كثيرًا ما يقال إن الأشرار يقعون في متاعب (شر)، لكن هذا يصح بشكل أكبر على الرسول غير الأمين الذي تقع عليه مسؤولية توصيل الرسالة. وهذا تحذير للذين هم رسل الحق الإلهي، أو للذين يرغبون في أن يكونوا كذلك.
“الرسول هنا مثل شخص مكلّف بمسؤولية جسيمة. ويكافأ أولئك الموثوقون على نحو ملائم. لكن سيجد غير الموثوقين أنفسهم سريعًا في ضيق كبير.” جاريت (Garrett)
“كان لا بد أن يكون الساعي المحترف قديمًا شجاعًا وجسورًا. وكان يشمل تدريبه دراسة الإستراتيجيات والتكتيكات العسكرية. وكانوا يتمتعون بمكانة استثنائية تمنحهم معاملة مميزة. وأسماؤهم من بين المسؤولين القلائل التي وصلت إلينا من الأدبيات. وكانوا مفوضين بالتكلم نيابة عن موكلهم بلغة ‘أنا.’” والتكي (Waltke)
- وَٱلسَّفِيرُ ٱلْأَمِينُ شِفَاءٌ: السفير نوع آخر من الرسل. والذين يقومون بهذه المهمة بأمانة يجلبون الخير للآخرين ولأنفسهم.
أمثال 13: 18
18فَقْرٌ وَهَوَانٌ لِمَنْ يَرْفُضُ ٱلتَّأْدِيبَ، وَمَنْ يُلَاحِظ ٱلتَّوْبِيخَ يُكْرَمْ.
- فَقْرٌ وَهَوَانٌ لِمَنْ يَرْفُضُ ٱلتَّأْدِيبَ: نرتكب جميعًا أخطاء، لكن الشخص الذي لا يمكن تقويمه سيبقى في أخطائه، ولن يتعلم منها. وغالبًا ما يؤدي هذا إلى الفقر والهوان.
لاحظ والتكي (Waltke) أن سفر الأمثال يبيّن أن “هنالك أسبابًا كثيرة للفقر: الكسل (أمثال 10: 4-5؛ 12: 24؛ 13: 4؛ 15: 19؛ 9: 15؛ 20: 4، 13؛ 21: 25)، ومحبة اللذة والرفاهية (أمثال 21: 17؛ 28: 19)، والميل إلى الكلام بدلًا من الشروع في العمل (أمثال 14: 23)، والشر بشكل عام (أمثال 13: 25)، والخسّة (أمثال 11: 24). ويشير هذا المثل إلى مشكلة أكثر جوهرية، وهي رفض الاستماع إلى التوجيهات التي تصحح تلك الأخطاء، في عناد كعناد الفرس والبغل (مزمور 32: 9).”
“يجلب الفقر بسبب السقوط الأخلاقي الخزي. لكن الفقر مع الفضيلة (أمثال 17: 1؛ 19: 1)، كأنْ يكون فقرًا ناتجًا عن الظلم (أمثال 13: 23)، فليس مخزيًا.” والتكي (Waltke)
“يتخذ سفر الأمثال موقفًا متوازيًا. فهو لا ينزع الصفة الإنسانية عن الفقراء على أساس أنهم الملومون عن كل مشكلاتهم، ولا يعفي الفرد من المسؤولية الشخصية.” جاريت (Garrett)
- وَمَنْ يُلَاحِظ ٱلتَّوْبِيخَ يُكْرَمْ: لا يعطينا التوبيخ شعورًا جميلًا على الإطلاق. لكن عندما نضعه في اعتبارنا ونتعلّم منه، فلن تتكرر الأخطاء نفسها ثانية. وسيؤدي هذا إلى كرامة في هذه الحياة وتلك الأخرى.
يُلَاحِظ ٱلتَّوْبِيخَ: “إذا نظر إليه بجدية، وتَقَبَّلَهُ بلطف، وأصلح نفسه به، سيُكرَم ويُثرى… أو إذا لم يكسب غنى دائمًا، فإن من المؤكد أنه سيتمتع بكرامة من الله والناس.” بولي (Poole)
أمثال 13: 19
19اَلشَّهْوَةُ ٱلْحَاصِلَةُ تَلُذُّ ٱلنَّفْسَ، أَمَّا كَرَاهَةُ ٱلْجُهَّالِ فَهِيَ ٱلْحَيَدَانُ عَنِ ٱلشَّرِّ.
- اَلشَّهْوَةُ ٱلْحَاصِلَةُ تَلُذُّ ٱلنَّفْسَ: عندما تتحقق رغباتنا، وبشكل خاص عندما يحدث هذا من خلال العمل الجاد والتضحية، فإنها تلذ للنفس وتجلب رضا عظيمًا في الحياة.
- أَمَّا كَرَاهَةُ ٱلْجُهَّالِ فَهِيَ ٱلْحَيَدَانُ عَنِ ٱلشَّرِّ: الأحمق مغرم بشرّه حتى إنه يَعُد الحيدان عنه أمرًا بغيضًا (كراهة). ويدل هذا على أن الشر والحمق ليسا مشكلتين سطحيتين. فهما مرتبطان بعمق بكينونة المرء.
“لن يدفع الناس ثمن الحيدان عن الشر، ولهذا لا يذوقون حلاوة الرغبة المحقَّقة.” مورجان (Morgan)
“تعتمد حياة الشخص على إشباع نوازعه ودوافعه. وينتقل الأحمق من فشل إلى فشل، لكن الصالحين المُشبَعين ينتقلون من قوة إلى قوة.” والتكي (Waltke)
“تصنع القداسة سماء، وتصنع الخطية جحيمًا. فأي مكان ملائم منهما للفجار؟ فبُغض القداسة يعني أنك ملائم للجحيم.” برديجز (Bridges)
أمثال 13: 20
20الْمُسَايِرُ ٱلْحُكَمَاءَ يَصِيرُ حَكِيمًا، وَرَفِيقُ ٱلْجُهَّالِ يُضَرُّ.
- الْمُسَايِرُ ٱلْحُكَمَاءَ يَصِيرُ حَكِيمًا: تجلب الصحبة الصالحة خيرًا كثيرًا وحكمة للحياة. فعندما نقرر أن نربط أنفسنا بالحكماء، فسنكتسب حكمة.
- وَرَفِيقُ ٱلْجُهَّالِ يُضَرُّ (يدمَّر): من المسَلَّم به أن رفيق الحمقى (الجُهّال) أحمق، وسيبقى متجّذرًا في حماقته. ويبرهن اختياره لهم حماقته ويبيّن مصيره، الضرر والدمار.
اقتبس كيدنر (Kidner) ترجمة جون فوكس الترجمة اللاتينية لهذه العبارة: “ينتهي الأمر بمن يصاحب الحمقى إلى أن يكون أحمق.”
أمثال 13: 21
21اَلشَّرُّ يَتْبَعُ ٱلْخَاطِئِينَ، وَٱلصِّدِّيقُونَ يُجَازَوْنَ خَيْرًا.
- اَلشَّرُّ يَتْبَعُ ٱلْخَاطِئِينَ: يتبع الخطاة بطبيعتهم الشر. لكنه أمر صحيح أيضًا أن الشر يتبعهم. فقوة الشر والشرير تريد أن تُبقي الخطاة في قبضتها.
- وَٱلصِّدِّيقُونَ يُجَازَوْنَ خَيْرًا: إن مكافأة الأشرار هي أن يتبعهم الشر. لكن للصدّيقين مصيرًا أفضل. إذ سيُمنحون خيرًا عندما يحصدون ما زرعوه من خير (غلاطية 6: 7).
نتذكر هنا الوعد الذي قطعه يسوع: “ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ ٱمْرَأَةً أَوْ أَوْلَادًا أَوْ حُقُولًا، لِأَجْلِي وَلِأَجْلِ ٱلْإِنْجِيلِ، إِلَّا وَيَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ ٱلْآنَ فِي هَذَا ٱلزَّمَانِ، بُيُوتًا وَإِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ وَأُمَّهَاتٍ وَأَوْلَادًا وَحُقُولًا، مَعَ ٱضْطِهَادَاتٍ، وَفِي ٱلدَّهْرِ ٱلْآتِي ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ” (مرقس 10: 29-30).
“سيجازي الله الخير. وهو الآن صرّاف رواتب سخي. وكل المكافآت التي يصرفها وفيرة. ولم يشكُ قط أحد عانى من أجل الله من صفقة سيئة. فالله سيعوض خسارتك.” تراب (Trapp)
ونتذكر وعدًا آخر قطعه يسوع: “وَمَنْ سَقَى أَحَدَ هَؤُلَاءِ ٱلصِّغَارِ كَأْسَ مَاءٍ بَارِدٍ فَقَطْ بِٱسْمِ تِلْمِيذٍ، فَٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَا يُضِيعُ أَجْرَهُ” (متى 10: 42).
أمثال 13: 22
22اَلصَّالِحُ يُورِثُ بَنِي ٱلْبَنِينَ، وَثَرْوَةُ ٱلْخَاطِئِ تُذْخَرُ لِلصِّدِّيقِ.
- اَلصَّالِحُ يُورِثُ بَنِي ٱلْبَنِينَ: تكفي البركة على الرجل الصالح لأن يعطي، بعد موته، ميراثًا لبنيه وبني بنيه. ويبيّن هذا كرم الرجل الصالح.
وأهم من هذا هو أن الرجل الصالح ينقل إلى أبنائه وأحفاده ميراثًا أعظم من الغنى المادي. فهو يعطيهم شيئًا لا يستطيع المال أن يشتريه، عطية أب وجَدّ صالح، ومثالًا للصلاح، وكل ما يتضمن ذلك.
“وهو يقدّم صلوات كثيرة للسماء من أجله، ويُتذكر مثاله الصالح، وتُقتبس نصائحه من جيل إلى آخر.” كلارك (Clarke)
- وَثَرْوَةُ ٱلْخَاطِئِ تُذْخَرُ لِلصِّدِّيقِ: قد يكون لدى الخاطئ غنى، وربما يكون هذا محبطًا للصدّيقين. غير أنهم في ثقتهم بأحكام الله يعرفون أن كل الأشياء لهم، وأن الله يستطيع، لو أراد، أن ينقل ثروة الخاطى إلى الأبرار.
أمثال 13: 23
23فِي حَرْثِ ٱلْفُقَرَاءِ طَعَامٌ كَثِيرٌ، وَيُوجَدُ هَالِكٌ مِنْ عَدَمِ ٱلْحَقِّ.
- فِي حَرْثِ ٱلْفُقَرَاءِ طَعَامٌ كَثِيرٌ: يفهم معظم المفسرين هذا كمثل حول التعاطف مع الفقراء في السطرين الأول والثاني. وحسب هذا التفكير، فإن الأرض البور موجودة بسبب الافتقار إلى العدالة المذكورة في السطر الثاني.
“هذا إعلان لحقيقة ثابتة مفادها أن هنالك طعامًا في الأرض، لكن الناس محرومون منه بسبب الظلم.” مورجان (Morgan) “ووفقًا لهذا المثل، فإن افتقار الفقراء إلى الطعام الكادحين يعود إلى الاستبداد، لا إلى البيئة.” والتكي (Waltke)
نعم، يمكن أن يؤخذ السطر الأول من هذا المثل على أنه توبيخ للفقراء بسبب عدم عملهم أو مبادرتهم. وقد ينظر الحكيم إلى قطعة أرض بور، ويرى فيها طعامًا كثيرًا يمكن اكتسابه بالعمل الجاد. وربما لا يرى آخرون إلا العمل الشاقّ وتمزيقًا لحياة شخص كسول.
فهِم كلارك (Clarke) هذا المثل كتوبيخ للفقراء الكسالى: “كم فقرٍ ينشأ بين الفقراء عن افتقارهم إلى الإدارة. إذ ليس لديهم فهْم كبير لمبادئ الاقتصاد، إن كان لديهم أي فهم له. وليس لديهم بصيرة، فعندما يحصلون على شيء، فإنهم ينفقونه فورًا. وتتنوع حياتهم بين الوليمة والمجاعة.”
2. وَيُوجَدُ هَالِكٌ (تبديد) مِنْ عَدَمِ ٱلْحَقِّ: يتحدث السطر الثاني من هذا المثل بوضوح عن أشياء تبدَّد لغياب العدالة. وعندما يكافأ العمل الجاد بإنصاف، ويُسمح بمعاقبة الكسل بشكل طبيعي، سيكون هنالك تبديد أقل.
أمثال 13: 24
24مَنْ يَمْنَعُ عَصَاهُ يَمْقُتِ ٱبْنَهُ، وَمَنْ أَحَبَّهُ يَطْلُبُ لَهُ ٱلتَّأْدِيبَ.
- مَنْ يَمْنَعُ عَصَاهُ يَمْقُتِ ٱبْنَهُ: العصا صورة للتأديب (كما رأينا سابقًا في أمثال 10: 13). وهو يشمل التأديب الجسمي ولا يُقتصَر عليه. ربما يشعر من يرفض أن يؤدب طفله بأنه يفعل هذا رأفة به، لكنه على خطأ في ذلك. فالأذى المحتمل عظيم جدًّا بحيث يمكن أن يقال إن الأب يبغض أبنه.
يَمْقُتِ ٱبْنَهُ: “تعلُّقه العاطفي بابنه مضر له بقدر ما يمكن أن يضر ابنه بُغضه (لو كان يبغضه حقًّا) أو بغض رجل آخر له.” بولي (Poole)
“يبدو وكأنّ على المرء أن يكون حنونًا على الطفل بحيث لا يعاني من الريح التي تهب على وجهه، فيضع الوالد يده أمام فم ابنه ليغلقه حماية له، لكنه يفعل ذلك بقوة بحيث يخنق الطفل.” تراب (Trapp)
- وَمَنْ أَحَبَّهُ يَطْلُبُ لَهُ ٱلتَّأْدِيبَ: ينبع التأديب الصحيح للطفل من كلٍّ من الحكمة والمحبة. وينبغي أن يحدث مثل هذا التقويم فورًا، معززًا بهذا الصلة بين التقويم وخطأ الطفل.
“تحذّر أفسس 6: 4 من القسوة المفرطة أو غير الضرورية، لكن الالتزام بالتأديب يبقى. ويرفع سفر الأمثال نفسه مكانة الحنان، والبِناء، والمثال في هذه العلاقة. انظر مثلًا 4: 3، 4، 11.” كيدنر (Kidner)
“يرتكز هذا المثل على عدة افتراضات. أولًا، البيت هو الوحدة الاجتماعية الأساسية لنقل القيم (انظر خروج 20: 12). ثانيًا، لدى الوالدين قيم مطلقة، لا مجرد تقييمات. ثالثًا، الجهالة مرتبطة بقلب الولد (أمثال 22: 16؛ انظر تكوين 8: 21). رابعًا، يتطلب الأمر أكثر من مجرد كلمات لإزالة الحماقة.” والتكي (Waltke)
أمثال 13: 25
25اَلصِّدِّيقُ يَأْكُلُ لِشَبَعِ نَفْسِهِ، أَمَّا بَطْنُ ٱلْأَشْرَارِ فَيَحْتَاجُ.
- اَلصِّدِّيقُ يَأْكُلُ لِشَبَعِ نَفْسِهِ: كان هذا المبدأ موضع تقدير أكبر في الأزمنة القديمة، عندما كان الأثرياء نسبيًّا وحدهم قادرين على أن يأكلوا قدر ما يحلو لهم في وجباتهم. وغالبًا ما تكون بركة الله على الإنسان الصّدِّيق عظيمة حتى إنهم كانوا يمتلكون وفرة مادية تفيدهم.
يتحدث المثل أيضًا عن وجود نفس يمكن أن تُشبع. “رغباته كله معتدلة. وهو راضٍ عن ظروفه، ومسرور بالنصيب الذي رضي الله أن يرسله إليه.” كلارك (Clarke)
“رغم أن هذه الكلمة استُخدمت بشكل حرفي في الأمثال المأثورة القصيرة، إلا أنه يمكن استخدامها بشكل مجازي لإشباع الشهوة (الرغبة) الروحية.” والتكي (Waltke)
- أَمَّا بَطْنُ ٱلْأَشْرَارِ فَيَحْتَاجُ: ربما يعود هذا إلى دينونة الله على الأشرار، لكنه أمر صحيح أيضًا أن الحياة الشريرة والحمقاء تخلق ندرتها الخاصة.
“أُطعِم إيليا من الغربان أولًا، ومن أرملة فيما بعد، بينما عانى بلد إسرائيل الشريرة من الجوع.” بريدجز (Bridges)
“رغم أن الشرير يستخدم كل الوسائل المتاحة له لاكتساب الخير الدنيوي، غير متورع عن النهب والخطأ، إلا أنه كثيرًا ما يكون في احتياج، وهو غير راضٍ عن نصيبه. فالفكر القانع وليمة حقيقية، ولا يأكل الشرير في مثل هذه الولائم.” كلارك (Clarke)
كان هذا المبدأ صحيحًا على نحو خاص حسب شروط العهد القديم. “كانت وفرة الطعام تشير إلى علاقة المجتمع السليمة بالرب، بينما دلَّ عدم وجودها على فشل تلك العلاقة (انظر 10: 3؛ تثنية 28: 48، 57؛ إرميا 44: 18؛ حزقيال 4: 17.” والتكي (Waltke)