سفر التثنية – الإصحاح ١٢
العبادة التي يأمر بها الله
أولًا. مكان العبادة
أ ) الآيات (١-٤): الأمر بهدم أماكن العبادة الكنعانية.
١«هذِهِ هِيَ الْفَرَائِضُ وَالأَحْكَامُ الَّتِي تَحْفَظُونَ لِتَعْمَلُوهَا فِي الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُ آبَائِكَ لِتَمْتَلِكَهَا؛ كُلَّ الأَيَّامِ الَّتِي تَحْيَوْنَ عَلَى الأَرْضِ: ٢تُخْرِبُونَ جَمِيعَ الأَمَاكِنِ حَيْثُ عَبَدَتِ الأُمَمُ الَّتِي تَرِثُونَهَا آلِهَتَهَا عَلَى الْجِبَالِ الشَّامِخَةِ، وَعَلَى التِّلاَلِ، وَتَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ. ٣وَتَهْدِمُونَ مَذَابِحَهُمْ، وَتُكَسِّرُونَ أَنْصَابَهُمْ، وَتُحْرِقُونَ سَوَارِيَهُمْ بِالنَّارِ، وَتُقَطِّعُونَ تَمَاثِيلَ آلِهَتِهِمْ، وَتَمْحُونَ اسْمَهُمْ مِنْ ذلِكَ الْمَكَانِ. ٤لاَ تَفْعَلُوا هكَذَا لِلرَّبِّ إِلهِكُمْ.
١. تُخْرِبُونَ جَمِيعَ الأَمَاكِنِ: قبل أن يتمكن أي شخص من عبادة الله، فلا بد أن يدرك أن هناك بعض الأماكن التي لن يعود يعبد فيها. فلابد أن يكون هناك تدمير للأماكن التي يعبد فيها الأشرار.
• إن ما كان يفعله الناس في العالم القديم – حيث كان هناك نقص دائم في المباني – هو أن يأخذ المرء مبنى جميل مثل المعبد الذي كان يستخدم سابقًا لعبادة إله سابق، ويجعله ببساطة مكانًا لعبادة إلهه. ولم يكن الرب الإله يريد شيئًا من ذلك أن يحدث في عبادته، لذلك أمر بتدمير كل دور العبادة الوثنية تمامًا، لاَ تَفْعَلُوا هكَذَا لِلرَّبِّ إِلهِكُمْ.
• وفي هذا المعنى يكمن ما يفسد عبادة الكثيرين. فليس الأمر أنهم يعبدون قليلًا أو يعبدونه كثيرًا جدًا. لكنهم يعبدون الرب مع الأشياء التي في العالم. والله لا يريد مثل هذه العبادة. إنها رجس بالنسبة له.
• ويمكن للكثيرين أن يبدأوا حقًا عبادة الله بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ (يوحنا ٤: ٢٤)، فقط إذا “خْرِبُوا” أماكن عبادتهم الوثنية القائمة في قلوبهم. وذلك لأنهم ما داموا يعطون قلوبهم لأشياء أخرى كثيرة، فليس هناك سوى القليل ليقدموه للرب.
٢. عَلَى الْجِبَالِ الشَّامِخَةِ، وَعَلَى التِّلاَلِ، وَتَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ: بما أن الكثير من عبادة الكنعانيين الوثنية كانت عبادة جنسية للخصوبة والطبيعة، فكانت مزاراتهم ومعابدهم في كثير من الأحيان في أماكن خارجية جميلة. ولم يرد الله أن تتبنى إسرائيل هذا النهج في عَبَادة الْمَخْلُوقَ دُونَ الْخَالِقِ (رومية ١: ٢٥).
ب) الآيات (٥-٩): الوصية بالعبادة في المكان الذي عينه الله.
٥بَلِ الْمَكَانُ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِكُمْ لِيَضَعَ اسْمَهُ فِيهِ، سُكْنَاهُ تَطْلُبُونَ وَإِلَى هُنَاكَ تَأْتُونَ، ٦وَتُقَدِّمُونَ إِلَى هُنَاكَ: مُحْرَقَاتِكُمْ وَذَبَائِحَكُمْ وَعُشُورَكُمْ وَرَفَائِعَ أَيْدِيكُمْ وَنُذُورَكُمْ وَنَوَافِلَكُمْ وَأَبْكَارَ بَقَرِكُمْ وَغَنَمِكُمْ، ٧وَتَأْكُلُونَ هُنَاكَ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكُمْ، وَتَفْرَحُونَ بِكُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِلَيْهِ أَيْدِيكُمْ أَنْتُمْ وَبُيُوتُكُمْ كَمَا بَارَكَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ. ٨«لاَ تَعْمَلُوا حَسَبَ كُلِّ مَا نَحْنُ عَامِلُونَ هُنَا الْيَوْمَ، أَيْ كُلُّ إِنْسَانٍ مَهْمَا صَلَحَ فِي عَيْنَيْهِ. ٩لأَنَّكُمْ لَمْ تَدْخُلُوا حَتَّى الآنَ إِلَى الْمَقَرِّ وَالنَّصِيبِ اللَّذَيْنِ يُعْطِيكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ.
١. وَإِلَى هُنَاكَ تَأْتُونَ: لم تكن العبادة متروكة لرأي أو نزوة الفرد الإسرائيلي. لقد كان عليهم أن يعبدوا الله في مكانه الذي حدده هو، وبين عابدي الله الآخرين. إن العبادة ليست “فعل ما يحلو لك” ولا هي نشاط يعتمد عليك وحدك.
٢. سُكْنَاهُ تَطْلُبُونَ: قد لا يكون من السهل أن تجد المكان الذي يريدك الله أن تعبده فيه، ولكن هذا المكان موجود هناك. فهناك مكان يريدك الرب أن تعبده فيه. فالله لا يدعوك لتتبعه منفردًا منعزلًا.
٣. وَتُقَدِّمُونَ إِلَى هُنَاكَ: مُحْرَقَاتِكُمْ وَذَبَائِحَكُمْ: إن مكان العبادة كان يجب أن يكون هو مكان الكفارة ومكان الاعتراف (الذي يتم عندما توضع الأيدي على رأس الذبيحة) وهو مكان التطهير.
٤. وَتُقَدِّمُونَ إِلَى هُنَاكَ… عُشُورَكُمْ: كان مكان العبادة هو مكان العطاء. وبالطبع، كانت هناك أماكن أخرى يستطيع فيها الإسرائيلي أن يعطي ويكون سخيًا في عطائه، لكن العطاء كان يجب أن يبدأ من مكان العبادة الذي عينه الله.
• يعتقد البعض نظرًا لأن تثنية ١٢: ٦ يذكر كلمة “عُشُورَكُمْ” هنا، فإن هذا هو عُشر إضافي أُمر به إسرائيل، بالإضافة إلى العُشر الذي أُمر به في سفر العدد ١٨. حتى أن البعض يُسمي هذا “عُشر العيد.” ولكن بحسب السياق، فإن هذا المقطع يتحدث فقط عن مكان تقديم العشور، ولا يأمر بإحضار عُشر إضافي.
٥. وَتَأْكُلُونَ هُنَاكَ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكُمْ: يجب أن يكون مكان العبادة هو مكان الشركة المبهجة مع الله والآخرين.
٦. لاَ تَعْمَلُوا حَسَبَ كُلِّ مَا نَحْنُ عَامِلُونَ هُنَا الْيَوْمَ، أَيْ كُلُّ إِنْسَانٍ مَهْمَا صَلَحَ فِي عَيْنَيْهِ: قبل عبور إسرائيل نهر الأردن، أي أثناء تجوالهم في البرية، كان كل إسرائيلي يمارس عبادته كما يشاء. لكن الله لم يكن مسرورًا بهذا حقًا؛ ولم تكن العبادة مسألة متروكة لكل فرد ليفعل حسبما يرضيه. إن العبادة الحقيقية تهتم بما يرضي الله.
• هناك الكثير مما يُسمى “عبادة” في كنيسة اليوم ليس في الواقع عبادة. إنها تركيز على الذات، وتركيز على الشخص، وتركيز على الخبرة الشخصية بدلًا من التركيز على الله. كثير من العبادة اليوم يتم قياسها وتقيمها بحسب ما أشعر به بدلًا من قياسها بحجم ما كرمنا الله وعبدناه.
• “يجب أن يكون التسبيح جماعيًا، ولا ينبغي أبدًا أن يكون هدفه إرضاء الجماعة، وأن يقولوا: ’ما أروع الترنيم! هذا المكان معروف جدًا بعروضه الموسيقية!‘ هو أمر سيئ. فعلى تسبيحنا أن يُسر الله – يميزه القلب وليس الكثير من المهارة، الشغف والعاطفة الروحية أكثر من الموسيقى.” سبيرجن (Spurgeon)
ج) الآيات (١٠-١٤): فرح العبادة الحقيقية في المكان الذي عينه الله.
١٠فَمَتَى عَبَرْتُمُ الأُرْدُنَّ وَسَكَنْتُمُ الأَرْضَ الَّتِي يَقْسِمُهَا لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ، وَأَرَاحَكُمْ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِكُمُ الَّذِينَ حَوَالَيْكُمْ وَسَكَنْتُمْ آمِنِينَ، ١١فَالْمَكَانُ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ لِيُحِلَّ اسْمَهُ فِيهِ، تَحْمِلُونَ إِلَيْهِ كُلَّ مَا أَنَا أُوصِيكُمْ بِهِ: مُحْرَقَاتِكُمْ وَذَبَائِحَكُمْ وَعُشُورَكُمْ وَرَفَائِعَ أَيْدِيكُمْ وَكُلَّ خِيَارِ نُذُورِكُمُ الَّتِي تَنْذُرُونَهَا لِلرَّبِّ. ١٢وَتَفْرَحُونَ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكُمْ أَنْتُمْ وَبَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَعَبِيدُكُمْ وَإِمَاؤُكُمْ، وَاللاَّوِيُّ الَّذِي فِي أَبْوَابِكُمْ لأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قِسْمٌ وَلاَ نَصِيبٌ مَعَكُمْ. ١٣«اِحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تُصْعِدَ مُحْرَقَاتِكَ فِي كُلِّ مَكَانٍ تَرَاهُ. ١٤بَلْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ فِي أَحَدِ أَسْبَاطِكَ. هُنَاكَ تُصْعِدُ مُحْرَقَاتِكَ، وَهُنَاكَ تَعْمَلُ كُلَّ مَا أَنَا أُوصِيكَ بِهِ.
١. فَالْمَكَانُ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ… الْمَكَانُ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ: إن المكان المحدد مهم للعبادة. الرجل الذي يقول لنفسه: ’أستطيع أن أعبد الله أيضًا في ملعب الجولف‘ هو رجل يفعل كل ما هو صحيح في عينيه. فلا بأس بالنسبة له أن يعبد الله في ملعب الجولف؛ ولكن يجب أن يكون هناك أيضًا مكان محدد يأتي فيه للعبادة مع شعب الله.
• وهذا يتعارض مع الاتجاه السائد في عصرنا الحالي. تشير الدراسات إلى أن ٧٠% من جيل طفرة المواليد (المولدين بعد الحرب العالمية الثانية) يقولون إن عليك حضور طقوس العبادة ليس التزامًا أو واجبًا، ولكن فقط إذا كان ذلك “يشبع احتياجاتك.” وتقول نسبة ٨٠% أنه يمكنك أن تكون مؤمنًا صالحًا دون حضور الكنيسة.
٢. وَتَفْرَحُونَ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكُمْ: يجب أن تكون العبادة في المكان المعين من الله وأن تتميز بالفرح. إنه لأمر جيد أن نأتي ونكرم إلهنا ويجب أيضًا أن يتم ذلك بسرور وفرح.
• “يجب أن تتم كل الواجبات المسيحية بفرح؛ وعلى وجه الخصوص تسبيح الرب. لقد حضرت وسط تجمعات كنسية حيث كان اللحن حزينًا إلى أقصى درجة؛ حيث كان الوقت بطيئًا بشكل مريع حتى أن المرء يتساءل ما إذا كانوا سيتمكنون من غناء مزمور ١١٩؛ أو ربما بتعبير ’وات‘ (Watt) نقول ما إذا كانت الأبدية ستكون قصيرة جدًا بالنسبة لهم. وبشكل عام، بدت أرواح الناس كئيبة جدًا، وثقيلة جدًا، وميتة جدًا، لدرجة أننا ربما افترضنا أنهم قد اجتمعوا لإعداد أذهانهم للموت بدلًا من أن يباركوا الله المملوء بالنعمة دائمًا.” (تشارلز سبيرجن، سبحي إلهك يا صهيون) (Charles Spurgeon)
• “لا ينبغي لنا أن نعبد الله بفتور؛ كما لو إنه واجبنا الآن أن نبارك الله، بينما نحن نشعر أنه عمل متعب، ونود لو أن ننتهي منه بأسرع ما يمكننا، وكلما كان ذلك أسرع كلما كان أفضل. كلا، ولا؛ “كُلُّ مَا فِي بَاطِنِي لِيُبَارِكِ اسْمَهُ الْقُدُّوسَ.” “هلم يا قلبي، لتستيقظ ولتستدعي كل ما فيك من قوة! فالعبادة الميكانيكية الروتينية سهلة، لكنها بلا قيمة. هلم لتوقظ نفسك يا أخي! لتنهضي نفسك يا نفسي!” سبيرجن (Spurgeon)
٣. وَتَفْرَحُونَ: التركيز على صيغة الفعل توضح أن الابتهاج موصى به. إنه أمر موصى به أيضًا في العهد الجديد؛ افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ (١ تسالونيكي ٥: ١٦)؛ اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا! (فيلبي ٤: ٤). إذا كنت لا تستطيع أن تفرح بسبب شعورك بالفرح، فافرح لأنك قد أُوصيت بأن تفرح.
• “ليس هناك واجب واحد أكثر إلحاحًا في كلا العهدين من هذا الفرح في الرب دائمًا، ولكن بشكل خاص في أوقات عبادته الفعلية.” تراب (Trapp)
ثانيًا. ممارسة العبادة
أ ) الآيات (١٥-٢٨): الأمور المسموح بها والمحظورة فيما يتعلق بذبح الحيوانات وتقديمها كذبيحة، واحترام قدسية الدم.
١٥وَلكِنْ مِنْ كُلِّ مَا تَشْتَهِي نَفْسُكَ تَذْبَحُ وَتَأْكُلُ لَحْمًا فِي جَمِيعِ أَبْوَابِكَ، حَسَبَ بَرَكَةِ الرَّبِّ إِلهِكَ الَّتِي أَعْطَاكَ. النَّجِسُ وَالطَّاهِرُ يَأْكُلاَنِهِ كَالظَّبْيِ وَالإِيَّلِ. ١٦ وَأَمَّا الدَّمُ فَلاَ تَأْكُلْهُ. عَلَى الأَرْضِ تَسْفِكُهُ كَالْمَاءِ. ١٧لاَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْكُلَ فِي أَبْوَابِكَ عُشْرَ حِنْطَتِكَ وَخَمْرِكَ وَزَيْتِكَ، وَلاَ أَبْكَارَ بَقَرِكَ وَغَنَمِكَ، وَلاَ شَيْئًا مِنْ نُذُورِكَ الَّتِي تَنْذُرُ، وَنَوَافِلِكَ وَرَفَائِعِ يَدِكَ. ١٨بَلْ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ تَأْكُلُهَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكَ، أَنْتَ وَابْنُكَ وَابْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَاللاَّوِيُّ الَّذِي فِي أَبْوَابِكَ، وَتَفْرَحُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ بِكُلِّ مَا امْتَدَّتْ إِلَيْهِ يَدُكَ. ١٩اِحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَتْرُكَ اللاَّوِيَّ، كُلَّ أَيَّامِكَ عَلَى أَرْضِكَ. ٢٠«إِذَا وَسَّعَ الرَّبُّ إِلهُكَ تُخُومَكَ كَمَا كَلَّمَكَ وَقُلْتَ: آكُلُ لَحْمًا، لأَنَّ نَفْسَكَ تَشْتَهِي أَنْ تَأْكُلَ لَحْمًا. فَمِنْ كُلِّ مَا تَشْتَهِي نَفْسُكَ تَأْكُلُ لَحْمًا. ٢١إِذَا كَانَ الْمَكَانُ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكَ لِيَضَعَ اسْمَهُ فِيهِ بَعِيدًا عَنْكَ، فَاذْبَحْ مِنْ بَقَرِكَ وَغَنَمِكَ الَّتِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ كَمَا أَوْصَيْتُكَ، وَكُلْ فِي أَبْوَابِكَ مِنْ كُلِّ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ. ٢٢كَمَا يُؤْكَلُ الظَّبْيُ وَالإِيَّلُ هكَذَا تَأْكُلُهُ. النَّجِسُ وَالطَّاهِرُ يَأْكُلاَنِهِ سَوَاءً. ٢٣لكِنِ احْتَرِزْ أَنْ لاَ تَأْكُلَ الدَّمَ، لأَنَّ الدَّمَ هُوَ النَّفْسُ. فَلاَ تَأْكُلِ النَّفْسَ مَعَ اللَّحْمِ. ٢٤لاَ تَأْكُلْهُ. عَلَى الأَرْضِ تَسْفِكُهُ كَالْمَاءِ. ٢٥لاَ تَأْكُلْهُ لِكَيْ يَكُونَ لَكَ وَلأَوْلاَدِكَ مِنْ بَعْدِكَ خَيْرٌ، إِذَا عَمِلْتَ الْحَقَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. ٢٦وَأَمَّا أَقْدَاسُكَ الَّتِي لَكَ وَنُذُورُكَ، فَتَحْمِلُهَا وَتَذْهَبُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ. ٢٧فَتَعْمَلُ مُحْرَقَاتِكَ: اللَّحْمَ وَالدَّمَ عَلَى مَذْبَحِ الرَّبِّ إِلهِكَ. وَأَمَّا ذَبَائِحُكَ فَيُسْفَكُ دَمُهَا عَلَى مَذْبَحِ الرَّبِّ إِلهِكَ، وَاللَّحْمُ تَأْكُلُهُ. ٢٨اِحْفَظْ وَاسْمَعْ جَمِيعَ هذِهِ الْكَلِمَاتِ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا لِكَيْ يَكُونَ لَكَ وَلأَوْلاَدِكَ مِنْ بَعْدِكَ خَيْرٌ إِلَى الأَبَدِ، إِذَا عَمِلْتَ الصَّالِحَ وَالْحَقَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلهِكَ.
١. كُلِّ مَا تَشْتَهِي نَفْسُكَ تَذْبَحُ وَتَأْكُلُ لَحْمًا فِي جَمِيعِ أَبْوَابِكَ: في العالم القديم، في كل مرة يُذبح فيها حيوان كان تقريبًا يتم تقديمه كذبيحة لإله. وهنا أوضح الرب أن ليس كل ذبح يعتبر ذبيحة له.
٢. لاَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْكُلَ فِي أَبْوَابِكَ عُشْرَ… وَلاَ أَبْكَارَ بَقَرِكَ… وَلاَ شَيْئًا مِنْ نُذُورِكَ… وَرَفَائِعِ يَدِكَ: هذا يوضح أنه حتى لو أن الحيوانات كانت ستُقدم ذبيحة، وحتى لو كان مقدم الذبيحة سيأكل منها جزءًا، فلا يمكن قتل الحيوان إلا في مكان العبادة الذي عينه الله.
٣. لكِنِ احْتَرِزْ أَنْ لاَ تَأْكُلَ الدَّمَ: بما أن الدم كان صورة الحياة في أي حيوان أو إنسان (لأَنَّ الدَّمَ هُوَ النَّفْسُ)، فإن الله لن يسمح لإسرائيل أن يأكل لحمًا لم ينزف بشكل صحيح. وبدلًا من ذلك، كان يجب أن يُقدَم لله عن طريق سكبه على الأرض.
ب) الآيات (٢٩-٣٢): عبادة الله يجب أن تكون نقية.
٢٩«مَتَى قَرَضَ الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ أَمَامِكَ الأُمَمَ الَّذِينَ أَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَيْهِمْ لِتَرِثَهُمْ، وَوَرِثْتَهُمْ وَسَكَنْتَ أَرْضَهُمْ، ٣٠فَاحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تُصَادَ وَرَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا بَادُوا مِنْ أَمَامِكَ، وَمِنْ أَنْ تَسْأَلَ عَنْ آلِهَتِهِمْ قَائِلًا: كَيْفَ عَبَدَ هؤُلاَءِ الأُمَمُ آلِهَتَهُمْ، فَأَنَا أَيْضًا أَفْعَلُ هكَذَا؟ ٣١لاَ تَعْمَلْ هكَذَا لِلرَّبِّ إِلهِكَ، لأَنَّهُمْ قَدْ عَمِلُوا لآلِهَتِهِمْ كُلَّ رِجْسٍ لَدَى الرَّبِّ مِمَّا يَكْرَهُهُ، إِذْ أَحْرَقُوا حَتَّى بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ بِالنَّارِ لآلِهَتِهِمْ. ٣٢كُلُّ الْكَلاَمِ الَّذِي أُوصِيكُمْ بِهِ احْرِصُوا لِتَعْمَلُوهُ. لاَ تَزِدْ عَلَيْهِ وَلاَ تُنَقِّصْ مِنْهُ.
١. فَاحْتَرِزْ… مِنْ أَنْ تَسْأَلَ عَنْ آلِهَتِهِمْ: أمر الله إسرائيل أن ينتبه لنفسه من الفضول الخاطئ (كَيْفَ عَبَدَ هؤُلاَءِ الأُمَمُ آلِهَتَهُمْ) هناك مثل قديم يقول ’الفضول قتل القطة،‘ ولكن الفضول الشرير قتل أيضًا الحياة الروحية للكثيرين.
٢. لاَ تَعْمَلْ هكَذَا لِلرَّبِّ إِلهِكَ: لا يقبل الله مجرد أي تقدمة للعبادة. فكان الله ينبغي أن يُعبد بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ (يوحنا ٤: ٢٤).
٣. إِذْ أَحْرَقُوا حَتَّى بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ بِالنَّارِ لآلِهَتِهِمْ: هذا يُشير إلى ممارسة عبادة مولك، حيث كان الكنعانيون يقدمون أطفالهم بوضعهم أحياء على تمثال معدني ساخن محترق لمولك، بينما يطغى قرع الطبول على صرخات الرضع المعذبين.
• كان لإسرائيل تاريخ مأساوي في اتباع هذا الإله الرهيب مولك.
على الأقل أجاز سليمان عبادة مولك وأقرّها وبنى هيكلًا لهذا الصنم (ملوك الأول ١١: ٧).
أعطى ملك يهوذا آحاز ابنه لمولك (ملوك الثاني ١٦: ٣).
إحدى الجرائم الكبرى التي ارتكبتها أسباط إسرائيل الشمالية هي عبادتهم لمولك، مما أدى إلى سبي أشور (ملوك الثاني ١٧: ١٧).
أعطى منسى ملك يهوذا ابنه لمولك (ملوك الثاني ٢١: ٦).
استمرت عبادة مولك حتى أيام يوشيا ملك يهوذا، لأنه هدم مكان عبادة ذلك الصنم (ملوك الثاني ٢٣: ١٠).
٤. كُلُّ الْكَلاَمِ الَّذِي أُوصِيكُمْ بِهِ احْرِصُوا لِتَعْمَلُوهُ: إن مقاييس العبادة إنما تنعكس في كلمة الله – وليس في تفضيل أو رأي بشري.