سفر التثنية – الإصحاح ١٨
الكهنة والأنبياء
أولًا. الأحكام الخاصة بالكهنة واللاويين
أ ) الآيات (١-٢): ميراث اللاويين.
١لاَ يَكُونُ لِلْكَهَنَةِ اللاَّوِيِّينَ، كُلِّ سِبْطِ لاَوِي، قِسْمٌ وَلاَ نَصِيبٌ مَعَ إِسْرَائِيلَ. يَأْكُلُونَ وَقَائِدَ الرَّبِّ وَنَصِيبَهُ. ٢فَلاَ يَكُونُ لَهُ نَصِيبٌ فِي وَسَطِ إِخْوَتِهِ. الرَّبُّ هُوَ نَصِيبُهُ كَمَا قَالَ لَهُ.
١. لاَ يَكُونُ لِلْكَهَنَةِ اللاَّوِيِّينَ… قِسْمٌ وَلاَ نَصِيبٌ مَعَ إِسْرَائِيلَ: الذين من سبط لاوي، هم الخدام مدفوعي الأجر لكل أمة إسرائيل – لاَ يَكُونُ لَهُ نَصِيبٌ فِي وَسَطِ إِخْوَتِهِ. وبدلًا من امتلاك أراضيهم الخاصة، تم تخصيص مدن لهم في جميع أنحاء إسرائيل (يشوع ٢١).
٢. يَأْكُلُونَ وَقَائِدَ الرَّبِّ وَنَصِيبَهُ: كان اللاويون يعتمدون على عطايا وتقدمات شعب الله. سُمح للاويين بالحصول على جزء على الأقل من معظم الحيوانات التي تُقدم ذبيحة للرب، وبالتالي تم تزويدهم باللحم للطعام (سفر العدد ٨:١٨-٩).
٣. الرَّبُّ هُوَ نَصِيبُه: يخصّص الله أفرادًا معينين بين شعبه ليكرسوا أنفسهم له بشكل كامل، ولخدمته، ورعاية شعبه. ورغم أن هؤلاء قد يمتلكون أقل من حيث الأصول الملموسة والأمان المادي، إلا أن الرب يدعمهم، لأن الرَّبُّ هُوَ نَصِيبُهم.
ب) الآيات (٣-٥): الأجزاء المحددة من الذبيحة الحيوانية المخصصة للاويين.
٣وَهذَا يَكُونُ حَقُّ الْكَهَنَةِ مِنَ الشَّعْبِ، مِنَ الَّذِينَ يَذْبَحُونَ الذَّبَائِحَ بَقَرًا كَانَتْ أَوْ غَنَمًا. يُعْطُونَ الْكَاهِنَ السَّاعِدَ وَالْفَكَّيْنِ وَالْكِرْشَ. ٤وَتُعْطِيهِ أَوَّلَ حِنْطَتِكَ وَخَمْرِكَ وَزَيْتِكَ، وَأَوَّلَ جَزَازِ غَنَمِكَ. ٥لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ قَدِ اخْتَارَهُ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِكَ لِكَيْ يَقِفَ وَيَخْدِمَ بِاسْمِ الرَّبِّ، هُوَ وَبَنُوهُ كُلَّ الأَيَّامِ.
١. وَهذَا يَكُونُ حَقُّ الْكَهَنَةِ مِنَ الشَّعْبِ، مِنَ الَّذِينَ يَذْبَحُونَ الذَّبَائِحَ: يأخذ الكهنة السَّاعِدَ وَالْفَكَّيْنِ وَالْكِرْشَ من الذبيحة. أما باقي الحيوان فيُحرق أمام الرب أو يُعاد إلى الشخص الذي يقدم الذبيحة، حتى يتمكن من الاستمتاع بوجبته الخاصة مع عائلته أمام الرب.
٢. وَتُعْطِيهِ أَوَّلَ حِنْطَتِكَ وَخَمْرِكَ وَزَيْتِكَ، وَأَوَّلَ جَزَازِ غَنَمِكَ: كان الشعب يقدم أيضًا للكهنة هذه الباكورات.
- جَزَازِ غَنَمِكَ: “الأحكام الواردة في الآية ٤ مماثلة لتلك الموجودة في أماكن أخرى من العهد القديم (راجع عدد ١٨: ١٢؛ ٢ أخبار الأيام ٣١: ٥). ومع ذلك، فإن الجزّ لم يُذكر إلا هنا.” تومسون (Thompson)
ج) الآيات (٦-٨): كان لجميع اللاويين حقوق متساوية في التقدمات.
٦وَإِذَا جَاءَ لاَوِيٌّ مِنْ أَحَدِ أَبْوَابِكَ مِنْ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ حَيْثُ هُوَ مُتَغَرِّبٌ، وَجَاءَ بِكُلِّ رَغْبَةِ نَفْسِهِ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ، ٧وَخَدَمَ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ مِثْلَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ اللاَّوِيِّينَ الْوَاقِفِينَ هُنَاكَ أَمَامَ الرَّبِّ، ٨يَأْكُلُونَ أَقْسَامًا مُتَسَاوِيَةً، عَدَا مَا يَبِيعُهُ عَنْ آبَائِهِ.
١. مِنْ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ حَيْثُ هُوَ مُتَغَرِّبٌ: لم يكن للاويين أرض أو منطقة مخصصة لهم في إسرائيل كما كان للأسباط الأخرى. وبناءً على تعليمات الله، سيتم توزيعهم في جميع أنحاء أرض إسرائيل (يشوع ٢١)، لخدمة الشعب وتعليم كلمة الله.
٢. وَجَاءَ بِكُلِّ رَغْبَةِ نَفْسِهِ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ: إذا أراد أحد اللاويين الذين يسكنون في المدن المخصصة أن يعيش ويخدم في خيمة الاجتماع (وفيما بعد الهيكل)، كان لهم الحق في ذلك. لم يكن لدى كل لاوي دعوة أو شغف للخدمة في بيت الرب، ولكن أولئك الذين كانت لديهم هذه الرغبة سُمح لهم بالخدمة.
- “تم الآن تخصيص ترتيب خاص لأي كاهن يحثّه قلبه للعمل في خدمة خاصة.” مورجان (Morgan)
- “إنه لأمر مبارك أن تشعر بدافع كهذا. قد يدفعك هذا الشعور إلى الانخراط في إرساليات محلّية أو خارجية، أو في المشاركة بخدمة تهتم بالمحتاجين والحزانى، أو بخدمة الله أو الآخرين. قد يأتيك هذا الدافع كتيار قوي مُنعش يتدفق نحو نهر هادئ أو ميناء، فيرفع أثقل السفن. وعندما يأتيك هذا الدافع، تمسّك به واحتضنه واحترمه واشكر الله عليه، وثق به، واتبعه حيثما يقودك.” ماير (Meyer)
٣. يَأْكُلُونَ أَقْسَامًا مُتَسَاوِيَةً: على الصعيد المثالي، سيحصل اللاوي الذي يعيش بعيدًا عن المسكن أو الهيكل على نفس المبلغ من العشور وتقدمات شعب الله مثل أولئك الذين يعيشون بالقرب من المسكن (الْوَاقِفِينَ هُنَاكَ أَمَامَ الرَّبِّ).
- عَدَا مَا يَبِيعُهُ عَنْ آبَائِهِ: “ورغم أن اللاويين لم يكن لهم نصيب في الأرض بالقرعة، إلا أنه كان يُسمح لهم بشراء البيوت والسلع والماشية، بل وحتى الحقول. اقرأ قصة أَبِيَاثَار، ١ ملوك ٢: ٢٦ وارميا ٣٢: ٧، ٨.” كلارك (Clarke)
ثانيًا. أحكام خاصة بالأنبياء
أ ) الآيات (٩-١١): الوصية برفض كل ممارسات الكنعانيين السحرية.
٩مَتَى دَخَلْتَ الأَرْضَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، لاَ تَتَعَلَّمْ أَنْ تَفْعَلَ مِثْلَ رِجْسِ أُولئِكَ الأُمَمِ. ١٠لاَ يُوجَدْ فِيكَ مَنْ يُجِيزُ ابْنَهُ أَوِ ابْنَتَهُ فِي النَّارِ، وَلاَ مَنْ يَعْرُفُ عِرَافَةً، وَلاَ عَائِفٌ وَلاَ مُتَفَائِلٌ وَلاَ سَاحِرٌ، ١١وَلاَ مَنْ يَرْقِي رُقْيَةً، وَلاَ مَنْ يَسْأَلُ جَانًّا أَوْ تَابِعَةً، وَلاَ مَنْ يَسْتَشِيرُ الْمَوْتَى.
١. لاَ تَتَعَلَّمْ: يعلم الله أن لدى الكثير من الناس فضول طبيعي تجاه السحر، وهذا الفضول غالبًا ما يقودهم إلى السعي وراء تجارب أو اختبارات روحية خطيرة. وفي حكمته، أمر الله شعبه بتجنب السعي وراء القوى والخبرات الروحية المظلمة.
٢. مَنْ يُجِيزُ ابْنَهُ أَوِ ابْنَتَهُ فِي النَّارِ: تشير هذه العبارة إلى عبادة الإله مولك الكنعاني المنحطة، الذي كان الأطفال يُقدمون له ذبائح بالحرق. وفيما يلي ثمانية مناصب أو أدوار لعبها أولئك الذين استسلموا للممارسات الشيطانية والمظلمة.
- “من بين المصطلحات الثمانية المستخدمة، تشير الثلاثة الأولى إلى أساليب مختلفة للتنبؤ بالمستقبل، والمصطلحان التاليان لطرق مختلفة لمحاولة التأثير على الأحداث، وتصف المصطلحات الثلاثة الأخيرة طرق مختلفة لاستشارة الموتى.” ماكلارين (Maclaren)
٣. وَلاَ مَنْ يَعْرُفُ عِرَافَةً: تبدو كلمة عِرَافَة هنا كلمة واسعة النطاق، وتصف مجموعة متنوعة من الأنشطة السحرية. إنها في الأساس، تشير إلى أي شيء يتضمن الاتصال بالعالم الروحي الشيطاني أو المظلم.
- يُعلق تومسون (Thompson) عن العِرَافَةً فيقول: “تم استخدام أساليب مختلفة عبر الثقافات المختلفة، وكلها تهدف إلى تمييز إرادة الآلهة. ويظهر المصطلح نفسه في حزقيال ٢١:٢١، واصفًا ممارسة هز السهام في الجعبة وتحديد الإجابة من خلال السهم الأول الذي يتم إطلاقه.”
- هناك عودة حديثة للسحر، أو الويجا. ويدعي الكثير من الناس أن السحر “الأبيض” (على عكس السحر “الأسود”) هو استخدام للقوى الروحية من أجل الخير، هذا فضلًا عن تعزيز القيم النسوية (أي المؤيدة للمساواة بين الجنسين) والنظرة الواعية بيئيًا حول الألوهية والروحانية. ولكن سواء ادعى ممارس السحر أن ما يقوم به هو سحر “أبيض” أو “أسود،” فهو لا يزال يستخدم قوى غامضة، وينبغي على شعب الله أن يرفض هذه الممارسات تمامًا.
٤. وَلاَ عَائِفٌ (مُبَصِّر؛ مُتَكَهِّن؛ مُتَنَبِّئ): ولهذا مرجعية للعرافة الفلكية، أو التنبؤ بالمستقبل، أو الاسترشاد بالنجوم أو الكواكب أو السحاب أو الطقس.
- يقول كالاند (Kalland) أن العَائِف (المُبَصِّر): “يتنبأ بالمستقبل عن طريق العلامات المادية (علم التنجيم).” ويشير تومسون (Thompson): “يبدو أنه يشير إلى التكهن من خلال قراءة السحب، أو من جذر يأتي في اللغة العربية ويعني ’إصدار أصوات غير عادية،‘ ’دَنْدَنة أو ’همهمة،‘ وفي هذه الحالة قد يشير إلى نوع من التعويذة.”
- على الرغم من أن التنجيم غير علمي، فهو يقوم على فرضية أن الشمس تدور حول الأرض، وأن مواقع الكواكب والنجوم قد تغيرت، ولم تكن أبدًا موحدة باستمرار؛ ولذلك تبدلت بيوت الأبراج – رغم ذلك لا يزال ملايين الأشخاص يؤمنون بعلم التنجيم إلى حد ما.
- لذلك يمنع الكتاب المقدس بوضوح من المشاركة في علم التنجيم، الذي يتضمن قراءة الأبراج، ودراسة العلامات، وحساب مخطط الولادة. علم التنجيم هو فن سحري غامض، بمعنى أنه يتضمن ’معرفة الأشياء المخفية،‘ وطلب المعرفة الروحية بعيدًا عن إعلان الله. إنه فن تأسيسي، مما يعني أنه حجر للبناء لجميع علماء السحر والتنجيم. يتم دراسته من قبل السحرة والمشعوذين على حد سواء. يجب على كل مؤمن أن يتخلى عن أي علاقة له بعلم التنجيم!
٥. وَلاَ مُتَفَائِلٌ: الكلمة تأتي من جذر “صفير” أو “همس” وتشير إلى العرافين وقرّاء الحظ الذين يستخدمون “مساعدات” غير الكائنات الطبيعية للحصول على المعرفة وليخبروا بالمستقبل ويلقون التعاويذ السحرية.
- اليوم، هؤلاء الأشخاص هم قارئو بطاقات التاروت (ورقة للتنبُّؤ عن المُستقبَل)، وعرافو الكرة البلورية، وقارئو أوراق الشاي، وقارئو الكف، ومستخدمو لوحة الويجا، وما شابه ذلك. بالنسبة للمؤمن فليس له شأن لأن يشارك أو يوافق على أي من هذه الممارسات، لأنها إما عمليات احتيال لسرقة المال (في أحسن الأحوال!)، أو الأسوأ من ذلك، أنها تكتسب معرفتها من مصادر روحية شيطانية. يجب على الآباء أن يمنعوا أطفالهم من أي تورط من هذا القبيل، حتى لو كان يبدو بريئًا أو مجرد لعب.
- ومن الجدير بالذكر أن الشيطان أو الشياطين التابعة له ليس لديهم معرفة مطلقة بالمستقبل. ومع ذلك، يمكنهم التنبؤ بالمستقبل بدقة بناءً على معرفتهم الفائقة بالإنسان والظروف. بالإضافة إلى ذلك، يمكنهم التنبؤ بأحداث أثروا فيها بأنفسهم أو يتم تنظيمها من خلال تأثيرهم الشيطاني.
٦. وَلاَ سَاحِرٌ: هذا يشير إلى الأشخاص الذين يستخدمون الجُرعات أو المخدرات لأداء التعويذات، أو لاكتساب المعرفة الروحية، أو الدخول في حالات وعي متغيرة. ويندرج تعاطي المخدرات الحديث بسهولة ضمن هذه الفئة، واستخدام المخدرات له صلة خفية محددة قد لا يرغب فيها متعاطي المخدرات، ولكنه يتعرض لها رغم ذلك.
- يقول كلارك (Clarke) عن السحرة: “إنهم أولئك الذين بواسطة المخدرات، العقاقير، الأعشاب، العطور، وما الى ذلك، يتظاهرون بأنهم يجلبون تأثيرات عُليا معينة لمساعدتهم.” ويضيف تومسون (Thompson): “إن الجذر الذي تشتق منه الكلمة هو ’يقطع،‘ وقد يشير هذا إلى الشخص الذي يقطع الأعشاب ويخمرها لأغراض سحرية (راجع الترجمة السبعينية – pharmaka، دواء). يُستخدم هذا المصطلح في ميخا ٥: ١٢ للإشارة إلى بعض المواد مثل الأدوية أو الأعشاب المستخدمة بطريقة خرافية لإحداث تأثيرات سحرية.”
٧. وَلاَ مَنْ يَرْقِي رُقْيَةً (مَنْ يستحضر التعاويذ): هذه العبارة تعني حرفيًا “الساحِر” ويشير إلى أولئك الذين يرقون أو يسحرون – سواء من أجل الخير أو الشر – باستخدام قوى روحية بعيدًا عن الله ودون توجيه من كلمته.
- أن تُبارك شخص آخر باسم الرب أو أن تصلي ضد الشر هو عمل مجيد وصالح. ولكن من الخطأ دائمًا وأبدًا استخدام قوى شيطانية أو مظلمة أو وثنية أو غامضة لإلقاء التعويذات أو السحر على أحد.
٨. وَلاَ مَنْ يَسْأَلُ جَانًّا: إن الفكرة هنا هي أن شخصًا “يقف بين” العالم المادي والعالم النفسي أو الروحي؛ وهم يعملون كقناة للمعرفة من العالم الروحي إلى العالم المادي. يجب على المؤمنين أن يرفضوا تمامًا مثل هؤلاء الوسطاء والمتنبئين، لأن اتصالهم بالأرواح الشيطانية يسبب ضررًا روحيًا كبيرًا.
- هذا ما قاله تومسون (Thompson) عن جملة ’مَنْ يَسْأَلُ جَانًّا‘ (أي الوسيط): “يتكلم من داخل الإنسان (لاويين ٢٠: ٢٧) بصوت رنان (إشعياء ٢٩: ٤). وأولئك الذين مارسوا هذه المهارة كانوا يستدعون الموتى من عالم الموتى، أو بالأحرى يصرحون بأنهم فعلوا ذلك.”
٩. أَوْ تَابِعَةً: تشير هذه الكلمة حرفيًا إلى “العرافين” – أولئك الذين يدّعون أنهم يمتلكون معرفة وقدرات فريدة من نوعها غامضة أو نفسية – مماثلة لتلك الموجودة على الخطوط النفسية الساخنة مدفوعة الأجر. ومرة أخرى، ليس للمؤمن أن يشارك أو يوافق على أي من هذه الممارسات، لأنها إما عمليات احتيال لسرقة المال (في أحسن الأحوال!)، أو الأسوأ من ذلك، أنهم يكتسبون معرفتهم من مصادر روحية شيطانية.
١٠. وَلاَ مَنْ يَسْتَشِيرُ الْمَوْتَى: وهو يشير إلى ممارسة اِسْتِحْضارُ الأَرْواح، والمقصود بها استحضار أرواح الموتى أو الاتصال بهم.
- وهذا يعني “من يفحص ويبحث عن المعلومات من الموتى” كالاند (Kalland). وهذه ممارسة أخرى ينبغي على المؤمن رفضها وتجنبها.
ب) الآيات (١٢-١٤): لماذا يوصى الرب ويأمر برفض كل هذه الأعمال السحرية.
١٢لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الرَّبِّ. وَبِسَبَبِ هذِهِ الأَرْجَاسِ، الرَّبُّ إِلهُكَ طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكَ. ١٣تَكُونُ كَامِلًا لَدَى الرَّبِّ إِلهِكَ. ١٤إِنَّ هؤُلاَءِ الأُمَمَ الَّذِينَ تَخْلُفُهُمْ يَسْمَعُونَ لِلْعَائِفِينَ وَالْعَرَّافِينَ. وَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ يَسْمَحْ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ هكَذَا.
١. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الرَّبِّ: لم يكن الله يستهين بهذه الممارسات في ذلك الوقت، وهو لا يتعامل معها باستخفاف اليوم. إن الأفعال الموصوفة في الآيات ٩-١١ تنطوي على مشاركة مباشرة مع قوى الظلمة ويجب أن يرفضها المؤمنون دائمًا. عندما يتم التقليل من شأن هذه الرجاسات، ويتم قبولها وتعزيزها من قبل الثقافة الأوسع، فإن لدى شعب الله كل الأسباب للقلق الشديد.
- “ما يتمحور حوله النص هو أن شعب الله يجب أن يتجنب الاعتماد على الممارسات الوثنية للحصول على إعلان، وبدلًا من ذلك يجب أن يبحث عن الأدوات النبوية التي يقيمها الله بنفسه، والتي من خلالها سيكشف إرادته حصريًا.” ميريل (Merrill)
- “قد يكون من المناسب التعليق على أنه في يومنا هذا، عندما تمارس الروحانية والتنجيم وقراءة الفنجان وما شابه ذلك على نطاق واسع، فإن هذه الوصايا المعطاة لإسرائيل القديمة لها أهمية خاصة. ليس فقط أنه من المستحيل اكتشاف المستقبل بمثل هذه الممارسات، بل إن الممارسات نفسها محظورة من قبل الله على الرجال الذين يطلقون على أنفسهم أعضاء في عائلة العهد.” تومسون (Thompson)
٢. وَبِسَبَبِ هذِهِ الأَرْجَاسِ، الرَّبُّ إِلهُكَ طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكَ: نزلت دينونة الله على الكنعانيين بسبب هذه الممارسات السحرية، وإذا اتبع إسرائيل نفس الممارسات السحرية، فيمكنهم أيضًا أن يتوقعوا دينونة الله.
- نعم، كان الكنعانيون يعبدون الجنس (في خدمتهم للإلهة عشتاروث)؛ ونعم، كانوا عبدة المال والنجاح (في خدمتهم للبعل). بالإضافة إلى ذلك، فإن ما جعل الكنعانيين مستعدين بشكل خاص للدينونة هو ممارساتهم السحرية، وهي ممارسات كان شعب الله ممنوعًا منعًا باتًا من تقليدها.
٣. تَكُونُ كَامِلًا: إن هذه الكلمات، أكثر من كونها دعوة عامة لمسيرة مقدسة، هي تحذير رسمي للابتعاد عن أي تورط في هذه الممارسات البغيضة للسحر. ومثل هذه الممارسات السحرية لم يسمح بها الرب لشعبه (لَمْ يَسْمَحْ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ هكَذَا).
- يجب على المؤمنين أن يكونوا كَامِلين (أي بلا لوم) لَدَى الرَّبِّ من جهة هذه الأمور، تمامًا كما فعل المسيحيون في أفسس، الذين دمروا كل ما ارتبط بالسحر والشعوذة في حياتهم (أعمال الرسل ١٩:١٩-٢٠). لهذا السبب، من الخطير أن يسعى الناس إلى السحر والتنجيم أو يوافقون عليه، حتى لو لم يؤمنوا بذلك حقًا وحتى لو اعتبر ذلك أمرًا ممتعًا أو مقبولًا في الثقافة الأوسع.
ج) الآيات (١٥-١٩): الوعد بنبي حقيقي سيأتي.
١٥يُقِيمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لَهُ تَسْمَعُونَ. ١٦حَسَبَ كُلِّ مَا طَلَبْتَ مِنَ الرَّبِّ إِلهِكَ فِي حُورِيبَ يَوْمَ الاجْتِمَاعِ قَائِلًا: لاَ أَعُودُ أَسْمَعُ صَوْتَ الرَّبِّ إِلهِي وَلاَ أَرَى هذِهِ النَّارَ الْعَظِيمَةَ أَيْضًا لِئَلاَّ أَمُوتَ. ١٧قَالَ لِيَ الرَّبُّ: قَدْ أَحْسَنُوا فِي مَا تَكَلَّمُوا. ١٨أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ. ١٩وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ لِكَلاَمِي الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ.
١. يُقِيمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا… مِثْلِي: على النقيض من الممارسات الروحية المظلمة والكاذبة والخطيرة الموصوفة في الآيات السابقة، وعد موسى بوحي من الروح القدس، أن نبيًا سيأتي. نبي يكون أولًا مِثْلِي، أي مثل موسى.
- مِثْلِي: “سيكون تدريبًا رائعًا للشباب أن يدرسوا الطرق العديدة التي يخدم بها موسى كرمز شخصي للرب يسوع. إن أوجه التشابه كثيرة، حيث إنه يكاد يكون كل حدث في حياة المُشّرع العظيم تقريبًا يرمز إلى جوانب المخلّص الموعود به.” سبيرجن (Spurgeon)
- إن عبارة ’يُقِيمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ‘ (الآية ١٨) فُهمت على أنها نبوة مسيّانية، تشير إلى نبي من أعلى المستويات. كان هذا التفسير شائعًا في زمن العهد الجديد، وتمت الإشارة إليه في نصوص عدة من العهد الجديد وأيضًا بين الأسينيين واليهود والغنوصيين وغيرهم (راجع يوحنا ١: ٢١؛ ٦: ١٤؛ ٧: ٤٠؛ أعمال الرسل ٣: ٢٢-٢٣).” كالاند (Kalland)
٢. مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ: مثلما كان موسى، سيكون هذا النبي من وسط إسرائيل. وهذا لا يعني فقط أنه سيكون إسرائيليًا، بل أنه سيكون ’من الشعب‘ – سيكون واحدًا منهم.
٣. لَهُ تَسْمَعُونَ: مثلما كان موسى، كان هذا النبي سيلفت انتباه الأمة. وهذا يعني أن إسرائيل يجب أن يسمعوا له، وأنهم بالحقيقة سوف يسمعون لهذا النبي فعلًا.
- “أيها الإخوة، لو كانت قلوبنا مستقيمة حقًا، لكان إعلان أن الله الذي يتحدث إلينا من خلال يسوع المسيح يملئنا بشوق عارم للاستماع إليه. لو لم تُظلم الخطية عقولنا، لكُنّا نتلقف بشغف كل كلمة نطق بها الله عبر وسيط عظيم مثل يسوع.” – سبيرجن (Spurgeon)
٤. حَسَبَ كُلِّ مَا طَلَبْتَ مِنَ الرَّبِّ إِلهِكَ فِي حُورِيبَ: عند جبل سيناء (حُورِيب)، طلب إسرائيل وسيطًا (خروج ١٩:٢٠-٢١). سيكون هذا النبي، مثل موسى، وسيطًا، يمثل الله للشعب، ويمثل الشعب أمام الله.
٥. وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ: ومثل موسى، كان هذا النبي يتكلم بكلمة الله.
٦. أَنَا أُطَالِبُهُ: مثل موسى، لن يتم رفض رسالة هذا النبي إلا بعقوبة عظيمة. وسوف يحاسب الله كل من يرفض رسالة النبي (أَنَا أُطَالِبُهُ).
- “سيأتي اليوم الذي يطالبك فيه الله بذلك بطريقة أشد قسوة مما يفعل اليوم؛ عندما تكون قد تجاوزت مجال الرحمة، سيقول: “دعوتك ولكنك رفضت. لماذا فعلت هذا؟” سبيرجن (Spurgeon)
٧. أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا: كان الناس يبحثون عن هذا النبي في أيام يسوع، وهناك العديد من الإشارات في العهد الجديد إلى هذا النبي وإلى الكلمات التي نطق بها موسى هنا.
- قال يوحنا المعمدان أنه لم يكن النبي الذي وعد به موسى (يوحنا ١: ٢١، ٢٥).
- فهم فِيلُبُّس أن يسوع هو الذي كتب عنه موسى (يوحنا ١: ٤٥).
- كثيرون في أيام يسوع عرفوا أنه هذا النبي (يوحنا ٦: ١٤، ٧: ٤٠).
- قال يسوع بوضوح أن موسى كتب عنه (يوحنا ٥: ٤٦).
- قال بطرس بوضوح أن هذا الوعد قد تحقق في يسوع (أعمال الرسل ٢٢:٣-٢٣).
- قال استفانوس بوضوح أن هذا الوعد قد تحقق في يسوع (أعمال الرسل ٧: ٣٧).
- “هذا النبي هو الرب يسوع الذي كان في حضن الآب وجاء ليعلنه للبشر. كل كلمة نطق بها هي وحي حيّ ومعصوم من الله مباشرة، ويجب قبوله وطاعته على هذا النحو، وإلا فالعاقبة ستكون هي غضب الله الأبدي.” كلارك (Clarke)
- في وصفه لدور النبي، أكمل موسى قسمًا يتناول أدوار الملك (١٧: ١٤-٢٠)، والكاهن (١٨: ١-٨)، والنبي (١٨: ١٥-٢٢). وجميع هذه الأدوار قد تحققت بالكامل في يسوع المسيح. “كان هو الملك الحقيقي الذي اختاره الله من بين إخوته، حفظ الناموس وعمل به وطبقه. وكان الكاهن الحقيقي لشعبه، الذي لم يكن له ميراث في أرضه، وكان مكرسًا بالكامل لخدمة الله وشعبه. وكان النبي الحقيقي، الذي تكلم بكلمة الله النقية والكاملة لإخوته.” مورجان (Morgan)
- يسوع ليس فقط نَبِيًّا مِثْلَ موسى، بل هو أيضًا أعظم من موسى (عبرانيين ٣: ١-٦).
د ) الآية (٢٠): عقوبة النبي الكذاب.
٢٠وَأَمَّا النَّبِيُّ الَّذِي يُطْغِي، فَيَتَكَلَّمُ بِاسْمِي كَلاَمًا لَمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، أَوِ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى، فَيَمُوتُ ذلِكَ النَّبِيُّ.
١. وَأَمَّا النَّبِيُّ الَّذِي يُطْغِي، فَيَتَكَلَّمُ بِاسْمِي: قد يكون هناك من يزعمون أنهم يتحدثون باسم الله لكنهم يفعلون ذلك زورًا. لذلك يجب على المؤمنين دائمًا أن يمارسوا التمييز عندما يزعم أي شخص أنه يتحدث باسم الله، وعليهم أن يحذروا من الافتراض بأنهم يتحدثون نيابة عن الله.
- “كان الفرق هو أنه في حين أن النبي الحقيقي تكلم نيابة عن الله، فإن النبي الكذاب تكلم بوقاحة، أي أنه فجّر آراء شخصية لم يدعمها الرب.” تومسون (Thompson)
- “من بين المؤسسات الثلاث الرئيسية في الحياة الاجتماعية والدينية في إسرائيل القديمة – المَلَكية، الكهنوت، والنبوة – كانت النبوة مُلهمة وغير وراثية. لقد كان الأنبياء رجالًا ونساءً يختارهم الله بشكل فردي، ويدعوهم، ويُمكّنهم من نقل مقاصده إلى المجتمع الثيوقراطي [أي المجتمع الديني في الحكم والسلطة].” ميريل (Merrill)
٢. كَلاَمًا لَمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ: قد يسمع النبي من الرب حقًا، ولكنها ليست الكلمة التي أُوصِى أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِا. قد يتكلم الله مستخدمًا الإنسان كأَدَاة، لكن هذا لا يعني أن النبي يجب أن ينقل هذا الكلام للآخرين.
٣. أَوِ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى: من الواضح أن أولئك الذين افترضوا “أن يتنبأوا” باسم البعل أو عشتاروث أو أي عدد من آلهة الكنعانيين الكاذبة الأخرى كانوا أنبياء كذبة. ويجب رفضهم.
٤. فَيَمُوتُ ذلِكَ النَّبِيُّ: ببساطة، كانت عقوبة الأنبياء الكذبة في إسرائيل القديمة هي الموت. وكان هذا ينطبق على أولئك الذين تكلموا باسم الرب، وأولئك الذين ادعوا السلطة الإلهية بينما عصوا أوامره، وأولئك الذين تكلموا باسم آلهة كاذبة. لم يكن من المقبول أبدًا أن يتسامح شعب الله مع مثل هذا الخِداع.
هـ) الآيات (٢١-٢٢): امتحان النبي الكذاب.
٢١وَإِنْ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: كَيْفَ نَعْرِفُ الْكَلاَمَ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ الرَّبُّ؟ ٢٢فَمَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلَمْ يَحْدُثْ وَلَمْ يَصِرْ، فَهُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ الرَّبُّ، بَلْ بِطُغْيَانٍ تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ، فَلاَ تَخَفْ مِنْهُ.
١. كَيْفَ نَعْرِفُ: كان من السهل معرفة ما إذا كان النبي يتكلم باسم البعل أو عشتاروث؛ ولكن كيف يمكن معرفة ما إذا كان النبي الذي يتكلم باسم الرب يتكلم بِعَجْرَفة أو بعدم طاعة؟ الإجابة ببساطة هي دقة الرسالة.
٢. فَمَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلَمْ يَحْدُثْ وَلَمْ يَصِرْ، فَهُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ الرَّبُّ: إذا قال النبي: ’هكذا قال الرب،‘ زاعمًا أن شيئًا سيحدث، ولم يحدث، فذلك النبي سيكون مسؤولًا عن تلك النبوءة الكاذبة – ولم يعد يعتبر أن هذا الشخص نبيًا حقيقيًا أو موثوقًا به.
- هذا المبدأ لا يلغي المبدأ الوارد في تثنية ١٣: ١-٥. ففي ذلك النص، يأمر الله بأنه، حتى لو استطاع نبي مزعوم تأكيد رسالته ببعض العلامات والعجائب، إذا كان هذا المدّعي النبوة يقود الناس لعبادة آلهة أخرى وخدمتهم، فيجب رفضه، وفي إسرائيل القديمة، كان يُحكم عليه بالموت. لقد كان تحقق الأمر الذي تنبأ به أم لا هو بمثابة اختبارًا للنبي، لكنه لم يكن الاختبار الوحيد. لقد كان الاختبار الأول، وليس الاختبار النهائي.
- “هذا الجواب ليس شاملًا: إنه يتحدث عن طريقة واحدة فقط لتحديد صحّة أي نبي ونبوة. إنه لا يغطي كل الظروف.” كالاند (Kalland)
٣. بَلْ بِطُغْيَانٍ تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ، فَلاَ تَخَفْ مِنْهُ: كان ينبغي تكريم الأنبياء الحقيقيين باعتبارهم حاملي رسالة الله الحقيقية. أما الأنبياء الكذبة، فيمكن تجاهلهم. ففي أفضل الحالات، كان أولئك الأنبياء الكذبة يتحدثون من أنفسهم (بِطُغْيَانٍ)، وفي أسوأ الأحوال، كانوا أدوات لخداع شيطاني (كما نرى في الآيات ٩-١١).
- لا يزال هناك تركيز كبير على “الأنبياء” في بعض الأوساط المسيحية، العديد من هؤلاء الأنبياء المفترضين يزعمون أن أشياء ستحدث – لكنها لا تحدث. ومع ذلك، فقد برر هؤلاء الناس نبوءاتهم الخاطئة بالقول إنهم “يتدربون” و”يتعلمون” وأنهم “تحت النعمة،” لذلك لا ينبغي لنا أن نعتبرهم أنبياء كذبة.
- في حين أنه قد يحتاج المرء بالفعل إلى تعلّم كيفية السير بمواهب الروح القدس، فلا ينبغي لأحد أن يقول إن شيئًا ما هو من الله ما لم يتأكد من أنه كذلك – وإذا كانوا مخطئين، فيجب أن يوضع تمييزهم وقدرتهم على السماع من الرب موضع شك.
- بالإضافة إلى ذلك، إذا كان الأنبياء ملتزمين بهذا المعيار في العهد القديم، فليس من الصواب أن يكون لدينا معيار أقل في العهد الجديد. ففي ظل العهد الجديد، هناك انسكاب أعظم للروح القدس، وليس أقل. وفي ظل العهد الجديد، تغيرت عقوبة النبوة الكاذبة – لا ينبغي إعدامهم، ومع ذلك لا ينبغي احترام مثل هؤلاء بين المؤمنين اليوم، ولا ينبغي منحهم لقب أو منصب النبي.
- بدلًا من ذلك، يقول العهد الجديد أن كل نبوة يجب أن يُحكم عليها (أو تخضع للفحص): “أَمَّا الأَنْبِيَاءُ فَلْيَتَكَلَّمِ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ، وَلْيَحْكُمِ الآخَرُونَ.” (١ كورنثوس ٢٩:١٤؛ انظر أيضًا ١ يوحنا ١:٤). وفي حين أن الله لا يزال يتواصل من خلال موهبة النبوة اليوم، فمن الأهمية بمكان أن يظل أولئك الذين يزعمون تلقي مثل هذه الرسائل متواضعين بشأن قدرتهم الملموسة على السماع من الله، وأن يُحكم على النبوة المفترضة بعناية.
- توم ستيب (Tom Stipe)، في مقدمة كتابه بعنوان: ’النهضة المزيفة،‘ يتحدث بقوة عن مشكلة الأنبياء الكذبة في الكنيسة: “بعد بضع سنوات فقط، بدا أن الأنبياء يتحدثون إلى الجميع تقريبًا عن كل شيء تقريبًا. تلقى المئات من الأعضاء ’موهبة‘ النبوة وبدأوا في ممارسة تجارتهم بين القادة وأبناء الرعية. بدأ الناس يحملون دفاتر ملاحظات صغيرة مليئة بالتنبؤات التي سلمها لهم الأنبياء والعرافون. لقد توافدوا على المؤتمرات النبوية التي بدأت تظهر في كل مكان. كان حشد الدفاتر يندفع إلى الأمام على أمل أن يتم اختيارهم لتلقي المزيد من النبوءات لإضافتها إلى يومياتهم النبوية. لم يمض وقت طويل بعد أن أصبحت ’نبوءة اليوم‘ هي المصدر الرئيسي للتوجيه، حتى بدأت سلسلة من المؤمنين المُدمَرين تصطف خارج مكاتبنا للمشورة الرعوية. كان كل أولئك الشباب قد وُعِدوا بالنجاح والنجومية في سن المراهقة من خلال النبوة، وها هم الآن يجمعون حطام آمالهم المدمرة لأن الله على ما يبدو تراجع عن وعوده. وقد غُمر القادة بغضب شديد من أعضاء الكنيسة الغاضبين الذين تلقوا نبوءات حول الخدمات العظيمة التي كان من الممكن أن يقوموا بها ولكنهم أصيبوا بالإحباط من قادة الكنيسة المحلية الذين فشلوا في التعرف على ’مسحتهم الجديدة‘ وتشجيعها. بعد اتباع نظام ثابت للنبوة، سريعًا ما أصبح بعض الناس أميين كتابيًا، واختاروا أسلوب ’اتصل بالنبي‘ لمعرفة كيفية السلوك المسيحي بدلًا من دراسة كلمة الله. لقد تُرك الكثيرون ليعيشوا باستمرار من ’إصلاح‘ نبوي إلى آخر، وكان أملهم دائمًا مهدد بخطر الفشل لأن صوت الله كان محددًا جدًا في إعلانه، ولكنه بعيد المنال جدًا في تحقيقه. أن يكون لديك رقم هاتف النبي كان بمثابة امتلاك مخزن من التوجيهات الغالية. حلت دفاتر الملاحظات الصغيرة محل الأناجيل باعتبارها مادة القراءة المفضلة أثناء خدمات الكنيسة.”
- يجب على شعب الله أن يحذروا دائمًا من السماح لطغيان ’النبوة‘ على التركيز البسيط على كلمة الله: اَلنَّبِيُّ الَّذِي مَعَهُ حُلْمٌ فَلْيَقُصَّ حُلْمًا، وَالَّذِي مَعَهُ كَلِمَتِي فَلْيَتَكَلَّمْ بِكَلِمَتِي بِالْحَقِّ. مَا لِلتِّبْنِ مَعَ الْحِنْطَةِ، يَقُولُ الرَّبُّ؟ (ارميا ٢٣: ٢٨)