سفر التثنية – الإصحاح ٢٥
المزيد من الشرائع في مواضيع متنوعة
أولًا. قانونان لحماية المجرمين والحيوانات
أ ) الآيات (١-٣): حدود العقوبة البدنية.
١إِذَا كَانَتْ خُصُومَةٌ بَيْنَ أُنَاسٍ وَتَقَدَّمُوا إِلَى الْقَضَاءِ لِيَقْضِيَ الْقُضَاةُ بَيْنَهُمْ، فَلْيُبَرِّرُوا الْبَارَّ وَيَحْكُمُوا عَلَى الْمُذْنِبِ. ٢فَإِنْ كَانَ الْمُذْنِبُ مُسْتَوْجِبَ الضَّرْبِ، يَطْرَحُهُ الْقَاضِي وَيَجْلِدُونَهُ أَمَامَهُ عَلَى قَدَرِ ذَنْبِهِ بِالْعَدَدِ. ٣أَرْبَعِينَ يَجْلِدُهُ. لاَ يَزِدْ، لِئَلاَّ إِذَا زَادَ فِي جَلْدِهِ عَلَى هذِهِ ضَرَبَاتٍ كَثِيرَةً، يُحْتَقَرَ أَخُوكَ فِي عَيْنَيْكَ.
١. فَلْيُبَرِّرُوا الْبَارَّ وَيَحْكُمُوا عَلَى الْمُذْنِبِ: هذه هي المسؤولية البسيطة التي تقع على عاتق جميع الحكومات والمحاكم. تمامًا كما وصف بولس دور الحكومة في رومية ١٣: ٤ “لأنَّهُ خَادِمُ اللهِ لِلصَّلاَحِ! وَلكِنْ إِنْ فَعَلْتَ الشَّرَّ فَخَفْ، لأَنَّهُ لاَ يَحْمِلُ السَّيْفَ عَبَثًا، إِذْ هُوَ خَادِمُ اللهِ، مُنْتَقِمٌ لِلْغَضَبِ مِنَ الَّذِي يَفْعَلُ الشَّرَّ.”
٢. فَإِنْ كَانَ الْمُذْنِبُ مُسْتَوْجِبَ الضَّرْبِ: من الواضح أن الله يعتبر أن بعض المجرمين مُذْنِبين ويستحقون الضَّرْبِ. يبدو أن لدينا اليوم نظام عدالة يعتبر نفسه أكثر رأفة ولطفًا من الله نفسه، ولكن لا يمكننا القول إننا نعيش في مجتمع أكثر عدلًا وأمانًا.
• “هناك عدد قليل جدًا من الدعاوى القضائية بين المسلمين، والسبب هو أن الذين يقاضون الآخرين دون سبب عادل يُجلدون علنًا.” تراب (Trapp)
٣. أَرْبَعِينَ يَجْلِدُهُ. لاَ يَزِدْ: على الرغم من أن الضرب كان في بعض الأحيان هو العقوبة المناسبة، إلا أن الله يوافق أيضًا على فكرة وجود عقوبة مفرطة كهذه العقوبة. بالإضافة إلى ذلك، كان يجب أن يتم الضرب بحضور القاضي (يَطْرَحُهُ الْقَاضِي وَيَجْلِدُونَهُ أَمَامَهُ)، حتى يتمكن من التأكد من أن العقوبة ليست مفرطة.
• في ٢ كورنثوس ١١: ٢٤، أدرج بولس هذا النوع من الضرب ضمن ’إثباتات اعتماد رسوليته‘: “مِنَ الْيَهُودِ خَمْسَ مَرَّاتٍ قَبِلْتُ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً إِلاَّ وَاحِدَةً.” الأربعون جلدة ناقص واحدة تعني أن بولس تعرض للضرب على يد السلطات اليهودية بتسعة وثلاثين جلدة في خمس مناسبات مختلفة. لم يتلق بولس ٤٠ ضربة، كما ورد في تثنية ٢٥: ٣ لأنه كان المنتشر هو أن اليهود يسمحون بـ ٣٩ ضربة فقط. وقد كان هذا من أجل إظهار الرحمة والحفاظ على القانون بدقة – فيتم ترك ضربة واحدة للحماية من الخطأ في حساب عدد الضربات.
ب) الآية (٤): الوصية بعدم تكميم الثور.
٤لاَ تَكُمَّ الثَّوْرَ فِي دِرَاسِهِ.
١. لاَ تَكُمَّ الثَّوْرَ: أمر هذا القانون ببساطة بالمعاملة الإنسانية للحيوانات العاملة. في تلك الأيام، كان يتم فصل الحبوب عن قشرتها عن طريق جعل الثور يمشي عليها بشكل متكرر (عادةً حول دائرة). سيكون من القسوة أن نجبر الثور على المشي على كل الحبوب مع تكميم أفواهه حتى لا يستطيع أن يأكل منها.
٢. لاَ تَكُمَّ الثَّوْرَ: طبق بولس هذا المبدأ في رسالتيه كورنثوس الأولى ٩:٩ وتيموثاوس الأولى ١٨:٥. وكان تطبيقه هو على حق الخادم في أن يحظى بدعم الأشخاص الذين يخدمهم. في الواقع، تقودنا رسالة كورنثوس الأولى ٩: ٩-١٠ إلى الاعتقاد بأن هذا هو قصد الله الحقيقي الذي يشير إليه في هذه الآية، لأن بولس سأل في هذا المقطع: أَلَعَلَّ اللهَ تُهِمُّهُ الثِّيرَانُ؟ أَمْ يَقُولُ مُطْلَقًا مِنْ أَجْلِنَا؟
ثانيًا. قانونان يتناولان شئون الأسرة
أ ) الآيات (٥-١٠): واجب الإخوة الأحياء بالزواج.
٥إِذَا سَكَنَ إِخْوَةٌ مَعًا وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَيْسَ لَهُ ابْنٌ، فَلاَ تَصِرِ امْرَأَةُ الْمَيْتِ إِلَى خَارِجٍ لِرَجُل أَجْنَبِيٍّ. أَخُو زَوْجِهَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَيَتَّخِذُهَا لِنَفْسِهِ زَوْجَةً، وَيَقُومُ لَهَا بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ. ٦وَالْبِكْرُ الَّذِي تَلِدُهُ يَقُومُ بِاسْمِ أَخِيهِ الْمَيْتِ، لِئَلاَّ يُمْحَى اسْمُهُ مِنْ إِسْرَائِيلَ. ٧«وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الرَّجُلُ أَنْ يَأْخُذَ امْرَأَةَ أَخِيهِ، تَصْعَدُ امْرَأَةُ أَخِيهِ إِلَى الْبَابِ إِلَى الشُّيُوخِ وَتَقُولُ: قَدْ أَبَى أَخُو زَوْجِي أَنْ يُقِيمَ لأَخِيهِ اسْمًا فِي إِسْرَائِيلَ. لَمْ يَشَأْ أَنْ يَقُومَ لِي بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ. ٨فَيَدْعُوهُ شُيُوخُ مَدِينَتِهِ وَيَتَكَلَّمُونَ مَعَهُ. فَإِنْ أَصَرَّ وَقَالَ: لاَ أَرْضَى أَنْ أَتَّخِذَهَا. ٩تَتَقَدَّمُ امْرَأَةُ أَخِيهِ إِلَيْهِ أَمَامَ أَعْيُنِ الشُّيُوخِ، وَتَخْلَعُ نَعْلَهُ مِنْ رِجْلِهِ، وَتَبْصُقُ فِي وَجْهِهِ، وَتُصَرحُ وَتَقُولُ: هكَذَا يُفْعَلُ بِالرَّجُلِ الَّذِي لاَ يَبْنِي بَيْتَ أَخِيهِ. ١٠فَيُدْعَى اسْمُهُ فِي إِسْرَائِيلَ «بَيْتَ مَخْلُوعِ النَّعْلِ».
١. وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَيْسَ لَهُ ابْنٌ: كان يُنظر في إسرائيل القديمة إلى موت الرجل دون أن يترك نسلًا يحمل اسمه ويعطي عائلته ميراثًا على أنه مأساة كبيرة. لذلك، فإن مَاتَ… وَلَيْسَ لَهُ ابْنٌ، كان من مسؤولية أحد إخوته أن يتخذ أرملة الأخ الميت زوجة له وَيَقُومُ لَهَا بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ.
• “إن ممارسة زواج أرملة الأخ… لم تكن ممارسة غريبة على إسرائيل، لأنها كانت تُمارس بين الحثيين والآشوريين وكذلك في بلدان مثل الهند وأفريقيا وأمريكا الجنوبية.” طومسون (Thompson)
٢. وَالْبِكْرُ الَّذِي تَلِدُهُ يَقُومُ بِاسْمِ أَخِيهِ الْمَيْتِ، لِئَلاَّ يُمْحَى اسْمُهُ مِنْ إِسْرَائِيلَ: عندما يولد ابن من هذا الاتحاد، لا يُحسب كابن للأخ الذي بقي على قيد الحياة، بل كابن للأخ الميت.
• الْبِكْرُ الَّذِي تَلِدُهُ هنا قد يعني ببساطة ’الطفل.‘ “في تاريخ تفسير ناموس سفر التثنية، كان هناك اختلاف في الرأي بين المفسرين اليهود فيما إذا كان ’ابْن‘ في الآية ٥ يعني “ابنًا” أو “طفلًا.” الترجمة السبعينية ويوسيفوس (Josephus) جعلته ’طفلًا.‘ وقد أثبت موسى بالفعل أنه عندما لا يكون هناك وريث ذكر، تكون البنات هن الوارثات لممتلكات أبيهن (سفر العدد ٢٧: ١-٨).” كاللاند (Kalland)
٣. لَمْ يَشَأْ أَنْ يَقُومَ لِي بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ: إذا رفض إخوة الرجل الميت تحمل هذه المسؤولية، فعلى الأرملة أن تفضح هذا العار علنًا. ويتضاعف العار عندما تَخْلَعُ نَعْلَهُ مِنْ رِجْلِهِ، وَتَبْصُقُ فِي وَجْهِهِ.
ب) الآيات (١١-١٢): ممنوع على الزوجات التدخل في شجارات أزواجهن.
١١إِذَا تَخَاصَمَ رَجُلاَنِ، رَجُلٌ وَأَخُوهُ، وَتَقَدَّمَتِ امْرَأَةُ أَحَدِهِمَا لِكَيْ تُخَلِّصَ رَجُلَهَا مِنْ يَدِ ضَارِبِهِ، وَمَدَّتْ يَدَهَا وَأَمْسَكَتْ بِعَوْرَتِهِ، ١٢فَاقْطَعْ يَدَهَا، وَلاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ.
١. فَاقْطَعْ يَدَهَا: في هذا المقطع الصعب، تم تقديم عدة اقتراحات حول سبب قسوة العقوبة. “من المحتمل أنها كانت تمثل جرائم مماثلة وتوفر معيارًا للحكم في جميع هذه الحالات. ولعل القانون نشأ أيضًا من الرغبة في حماية الأعضاء التناسلية وبالتالي تجنب كل ما قد يمنع الرجل من إنشاء ذرية.” طومسون (Thompson)
٢. وَلاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ: “إن هذه العقوبة هي جزئيًا بسبب الأذى الكبير الذي فعلته بالرجل، سواء لشخصه أو لنسله، وجزئيًا لردع جميع النساء عن السلوك اليومي غير المحتشم والمتهور، ولضمان وجود هذا التواضع الذي هو بالفعل حارسًا لكل الفضائل. فإن الوقاحة هي مدخل كل الرذائل، كما تُظهر الخبرة المحزنة لهذا العصر المنحدر سلوكيًا. ولذلك فليس غريبًا أن يتم الحد من تلك السلوكيات ومعاقبتها بشدة.” ماثيو بوله، ١٦٨٣ (Matthew Poole).
ثالثًا. قانونان يأمران بالعدل
أ ) الآيات (١٣-١٦): الله يأمر أن تكون الأوزان والمكاييل عادلة.
١٣لاَ يَكُنْ لَكَ فِي كِيسِكَ أَوْزَانٌ مُخْتَلِفَةٌ كَبِيرَةٌ وَصَغِيرَةٌ. ١٤لاَ يَكُنْ لَكَ فِي بَيْتِكَ مَكَايِيلُ مُخْتَلِفَةٌ كَبِيرَةٌ وَصَغِيرَةٌ. ١٥وَزْنٌ صَحِيحٌ وَحَقٌّ يَكُونُ لَكَ، وَمِكْيَالٌ صَحِيحٌ وَحَقٌّ يَكُونُ لَكَ، لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. ١٦لأَنَّ كُلَّ مَنْ عَمِلَ ذلِكَ، كُلَّ مَنْ عَمِلَ غِشًّا، مَكْرُوهٌ لَدَى الرَّبِّ إِلهِكَ.
ب) الآيات (١٧-١٩): الله يأمر إسرائيل بعدل لتبيد عماليق.
١٧اُذْكُرْ مَا فَعَلَهُ بِكَ عَمَالِيقُ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ خُرُوجِكَ مِنْ مِصْرَ. ١٨كَيْفَ لاَقَاكَ فِي الطَّرِيقِ وَقَطَعَ مِنْ مُؤَخَّرِكَ كُلَّ الْمُسْتَضْعِفِينَ وَرَاءَكَ، وَأَنْتَ كَلِيلٌ وَمُتْعَبٌ، وَلَمْ يَخَفِ اللهَ. ١٩فَمَتَى أَرَاحَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِكَ حَوْلَكَ فِي الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا لِكَيْ تَمْتَلِكَهَا، تَمْحُو ذِكْرَ عَمَالِيقَ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ. لاَ تَنْسَ.
١. اُذْكُرْ مَا فَعَلَهُ بِكَ عَمَالِيقُ: تم تسجيل هجوم العماليق على بني إسرائيل في خروج ١٧. وردًا على ذلك، قاد يشوع جيوش إسرائيل للانتصار على العماليق بينما كان موسى يصلي من أجلهم، بمساعدة هارون وحور.
٢. تَمْحُو ذِكْرَ عَمَالِيقَ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ: بسبب أمر الله القوي بمحاربة عماليق حتى يتم إخضاعهم بالكامل، يرى الكثيرون العماليق كصورة لأجسادنا وطبيعتنا العتيقة – التي تحارب باستمرار ضد الروح وهكذا يجب محاربتها حتى يتم النصرة عليها بالكامل (غلاطية ٥: ١٧).
٣. فَمَتَى أَرَاحَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ: كان إسرائيل سيشن هذه الحرب على عماليق فيما بعد عندما يكونون قد استراحوا في الأرض. فبعد حوالي ٤٠٠ سنة، أمر الله شاول أن يصنع حربًا ضد العماليق، وكان فشله في تدميرهم بالكامل هو أول عصيان لشاول وقد كلّفه العرش (صموئيل الأول ٢:١٥-٩؛ ١٨:٢٨).