صموئيل الأول ١
ولادة صموئيل
يشكل صموئيل الأول والثاني سفرًا واحدًا في المخطوطات العبرية القديمة. ولم يقسَّم هذا إلى سفرين إلا عندما تُرجم العهد القديم إلى اليونانية. ولا نعرف هوية كاتب السفرين. ومن المؤكد أن صموئيل نفسه كان مساهمًا رئيسيًّا في ذلك. لكن كثيرًا من الأحداث فيهما حدثت بعد موته في ١ صموئيل ٢٥. وهما يُدْعَيان صموئيل الأول والثاني، لا لأن صموئيل كتبهما بشكل كامل، بل لأنهما يصفان خدمته العظيمة في إسرائيل والتركة التي خلّفها.
أولًا. عقم حنة والنذر الذي نذرته
أ ) الآيات (١-٢): عائلة ألقانة.
١كَانَ رَجُلٌ مِنْ رَامَتَايِمَ صُوفِيمَ مِنْ جَبَلِ أَفْرَايِمَ ٱسْمُهُ أَلْقَانَةُ بْنُ يَرُوحَامَ بْنِ أَلِيهُوَ بْنِ تُوحُوَ بْنِ صُوفٍ. هُوَ أَفْرَايِمِيٌّ. ٢وَلَهُ ٱمْرَأَتَانِ، ٱسْمُ ٱلْوَاحِدَةِ حَنَّةُ، وَٱسْمُ ٱلْأُخْرَى فَنِنَّةُ. وَكَانَ لِفَنِنَّةَ أَوْلَادٌ، وَأَمَّا حَنَّةُ فَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَوْلَادٌ.
- رَجُلٌ: في هذين الزمان والمكان الإستراتيجيين، بدأ الله خطته – كما يفعل دائمًا تقريبًا – بشخص سيستخدمه. ويستطيع الله أن يعمل عمله بنفسه، أو بوساطة ملائكة، أو بأي عدد من الوسائل، لكن أسلوبه العادي هو أن يجد رجلًا يعمل من خلاله.
- أَلْقَانَةُ: كان من نسل صوف. ويبيّن نسب عائلته أنه كان لاويًّا (١ أخبار ٦: ١٦-٣٠). وهو يُدعى أفرايميًّا هنا لأن عائلته كانت تعيش في مدينة لاويّة في حدود أفرايم، لا لأنه كان ينتسب إلى سبط أفرايم.
- أَلْقَانَةُ… وَلَهُ ٱمْرَأَتَانِ: كان تعدد الزوجات جزءًا من واقع الحياة في العالم القديم. غير أن الكتاب المقدس لا يصف تعدد الزوجات في صورة مواتية. فالصراع والنزاع يميّزان العائلات متعددة الزوجات في الكتاب المقدس.
كانت هنالك علاقة تنافسية حادة بين الزوجتين، فننّة (التي كان لها أولاد) وحنة (التي لم يَكُنْ لَهَا أَوْلَادٌ).
“كان تعدد الزوجات خطية [دائمًأ]، لكنه كان بالنسبة للآباء والقديسين القدماء خطية جهل. ’ولكن من البدء لم يكن هكذا.‘ (متى ١٩: ٨؛ ملاخي ٢: ١٥).” تراب (Trapp)
ب) الآيات (٣-٧): يسافر ألقانة وعائلته إلى خيمة الاجتماع.
٣وَكَانَ هَذَا ٱلرَّجُلُ يَصْعَدُ مِنْ مَدِينَتِهِ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ لِيَسْجُدَ وَيَذْبَحَ لِرَبِّ ٱلْجُنُودِ فِي شِيلُوهَ. وَكَانَ هُنَاكَ ٱبْنَا عَالِي: حُفْنِي وَفِينَحَاسُ، كَاهِنَا ٱلرَّبِّ. ٤وَلَمَّا كَانَ ٱلْوَقْتُ وَذَبَحَ أَلْقَانَةُ، أَعْطَى فَنِنَّةَ ٱمْرَأَتَهُ وَجَمِيعَ بَنِيهَا وَبَنَاتِهَا أَنْصِبَةً. ٥وَأَمَّا حَنَّةُ فَأَعْطَاهَا نَصِيبَ ٱثْنَيْنِ، لِأَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ حَنَّةَ. وَلَكِنَّ ٱلرَّبَّ كَانَ قَدْ أَغْلَقَ رَحِمَهَا. ٦وَكَانَتْ ضَرَّتُهَا تُغِيظُهَا أَيْضًا غَيْظًا لِأَجْلِ ٱلْمُرَاغَمَةِ، لِأَنَّ ٱلرَّبَّ أَغْلَقَ رَحِمَهَا. ٧وَهَكَذَا صَارَ سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ، كُلَّمَا صَعِدَتْ إِلَى بَيْتِ ٱلرَّبِّ، هَكَذَا كَانَتْ تُغِيظُهَا. فَبَكَتْ وَلَمْ تَأْكُلْ.
- وَكَانَ هَذَا ٱلرَّجُلُ يَصْعَدُ مِنْ مَدِينَتِهِ: وفقًا لشريعة موسى، لم يكن بمقدور الإسرائيليين أن يعبدوا الله بذبائحهم في أي وقت وبأية طريقة تحلو لهم. إذ كان عليهم أن يأتوا بذبائحهم إلى الكهنة في خيمة الاجتماع التي كانت في شيلوه.
- وَكَانَ هُنَاكَ ٱبْنَا عَالِي: حُفْنِي وَفِينَحَاسُ، كَاهِنَا ٱلرَّبِّ: يُذكر هذان الشخصان بالاسم هنا لأنهما كانا مشهورين ككاهنين شريرين (١ صموئيل ٢: ١٧، ٢٤). ويبيّن وجودهما مدى تقوى ألقانة. فرغم أن الكاهنين كانا شريرين، إلا أنه كان يقدّم ذبائحه للرب، عالمًا أن شرّ الكاهن لم يكن يبطل خدمته للرب.
- أَعْطَى … أَنْصِبَةً: عندما كان ألقانة يُحضِر عائلته كل سنة إلى خيمة الاجتماع لتقديم قرابين، كان يأكل وجبة احتفالية في خيمة الاجتماع مع عائلته، معطيًا أنصبة لزوجتيه وأبنائه. وكان يُظهر محاباة ومحبة لحنّة بإعطائها نصيب اثنين.
- فَبَكَتْ وَلَمْ تَأْكُلْ: بسبب الصراع بين الزوجتين، لم تستطع حنة أن تستمتع بهذا العرض من المحاباة والمحبة من ألقانة. إنه لأمر ممكن أن تجعل المشكلات في بيتك وقتك في بيت الله تعيسًا. وحنة موجودة في بيت الرب مع نصيب مزدوج أمامها، ولا تستطيع الاستمتاع بهذا.
- لِأَنَّ ٱلرَّبَّ أَغْلَقَ رَحِمَهَا: كان لدى الله قصد من وراء محنة حنّة الأليمة. فقد استخدم الله غلْق رحمها في إنجاز شيء عظيم في حياتها وفي تعزيز خطته الكلية للخلاص. فرغم أن الأمور كانت صعبة، إلا أن الله كان متحكّمًا في الأمور.
يبدو غريبًا أن تُبارَك فننّة (وهي شخصية ذات خُلُق سيّئ) بأولاد، بينما لُعِنت حنّة (وهي شخصية ذات خُلُق جيد) بالعقم. فغالبًا ما لا نفهم طرق الله إلى أن يُكمل خطته.
ج) الآيات (٨-١١): نذر حنة التقي.
٨فَقَالَ لَهَا أَلْقَانَةُ رَجُلُهَا: “يَا حَنَّةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ وَلِمَاذَا لَا تَأْكُلِينَ؟ وَلِمَاذَا يَكْتَئِبُ قَلْبُكِ؟ أَمَا أَنَا خَيْرٌ لَكِ مِنْ عَشْرَةِ بَنِينَ؟ ٩”فَقَامَتْ حَنَّةُ بَعْدَمَا أَكَلُوا فِي شِيلُوهَ وَبَعْدَمَا شَرِبُوا، وَعَالِي ٱلْكَاهِنُ جَالِسٌ عَلَى ٱلْكُرْسِيِّ عِنْدَ قَائِمَةِ هَيْكَلِ ٱلرَّبِّ، ١٠وَهِيَ مُرَّةُ ٱلنَّفْسِ. فَصَلَّتْ إِلَى ٱلرَّبِّ، وَبَكَتْ بُكَاءً، ١١وَنَذَرَتْ نَذْرًا وَقَالَتْ: “يَا رَبَّ ٱلْجُنُودِ، إِنْ نَظَرْتَ نَظَرًا إِلَى مَذَلَّةِ أَمَتِكَ، وَذَكَرْتَنِي وَلَمْ تَنْسَ أَمَتَكَ بَلْ أَعْطَيْتَ أَمَتَكَ زَرْعَ بَشَرٍ، فَإِنِّي أُعْطِيهِ لِلرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ، وَلَا يَعْلُو رَأْسَهُ مُوسَى.”
- يَا حَنَّةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ أَمَا أَنَا خَيْرٌ لَكِ مِنْ عَشْرَةِ بَنِينَ؟: نرى في استجابة ألقانة لحزن حنة أنه كان يحبها حقًّا. لكنه، شأن شأن رجال كثيرين، كان يفتقد إلى الحساسية. فلم يدرك أن لديها احتياجات ما كان يمكن أن يلبّيها (مثل الرغبة في الأمومة).
- فَصَلَّتْ إِلَى ٱلرَّبِّ: كانت حنة مُرّة النفس وفي عذاب شديد، غير أنها فعلت الشيء الصحيح. فقد أخذت كل مشاعرها المُرة المعذَّبة إلى الله بأمانة في الصلاة.
- يَا رَبَّ ٱلْجُنُودِ: بدأت حنة صلاتها بمخاطبة رب الجنود. وهذا لقب إلهي يُستخدم حوالي ٢٦٠ مرة في العهد القديم. وهو يحمل معنى ’رب الجيوش الجبارة.‘ أحسّت حنة بأنها تتعرض لهجوم من ضرّتها، ولهذا ناشدت رب الجنود أن يكون حاميها.
- وَنَذَرَتْ نَذْرًا: وعدت حنة بأن تكرس ابنها لخدمة الرب، ناذرةً أن يكون نذيرًا منذ ولادته (فَإِنِّي أُعْطِيهِ لِلرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ، وَلَا يَعْلُو رَأْسَهُ مُوسَى). وحسب عدد ٦، يشمل نذر النذير ما يلي:
- الامتناع عن تناول أي تناول أي منتج من كرمة العنب، ما يدل على الابتعاد عن الملذات الجسدية.
- عدم المشاركة في أي حداد على الموتى، وعدم الاقتراب من أية جثة، لأن الموتى يُظهرون فساد الخطية وثمرها. وفضلًا عن ذلك، بيّن هذا أن للنذير اهتمامات أعظم من أفراح الحياة وأحزانها.
- عدم قصّ شعر رأسه على الإطلاق، لأنه كان علامة علنية مرئية للآخرين على النذر.
- عادة ما كان يُنذَر الشخص لفترة محددة وقصيرة من الزمن. فكان صموئيل وشمشون (قضاة ١٣: ٥) فريدين لأنهما كانا نذيرين منذ ولادتهما.
- أُعْطِيهِ لِلرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ: كان الطفل صموئيل مكرسًا بالفعل كلاويّ، لأن الرب عدَّ سبط لاوي مقتنى خاصًّا به. لكن زمن التكريس الخاص باللاوي كان يدوم من عمر الثلاثين إلى الخمسين (سفر العدد ٤: ٢-٣). فأخذت حنة شيئًا يخص الله بالفعل، وأرجعته له بطريقة أعظم – طوال حياته، في تكريس نذير، وهو يفوق تكريس أي لاوي.
وبنفس الطريقة، يمكننا أن نكرس أنفسنا للرب، لكن من الممكن أن نقدم للرب تكريسًا أكبر. كان من السهل أن تقول حنة: ’لا أحتاج إلى أن أكرس ابني للرب لأنه مكرس بالفعل.‘ لكن كان هنالك تكريس أعظم للرب قدمته حنة.
د ) الآيات (١٢-١٤): كان عالي، رئيس الكهنة، يراقب صلاتها الصامتة.
١٢وَكَانَ إِذْ أَكْثَرَتِ ٱلصَّلَاةَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَعَالِي يُلَاحِظُ فَاهَا. ١٣فَإِنَّ حَنَّةَ كَانَتْ تَتَكَلَّمُ فِي قَلْبِهَا، وَشَفَتَاهَا فَقَطْ تَتَحَرَّكَانِ، وَصَوْتُهَا لَمْ يُسْمَعْ، أَنَّ عَالِيَ ظَنَّهَا سَكْرَى. ١٤فَقَالَ لَهَا عَالِي: “حَتَّى مَتَى تَسْكَرِينَ؟ ٱنْزِعِي خَمْرَكِ عَنْكِ.”
- إِذْ أَكْثَرَتِ ٱلصَّلَاةَ: يقول النص العبري حرفيًّا: ’ضاعفت الصلاة.‘ وليس لدينا إلا مجرد ملخص لصلاة حنة.
- حَنَّةَ كَانَتْ تَتَكَلَّمُ فِي قَلْبِهَا، وَشَفَتَاهَا فَقَطْ تَتَحَرَّكَانِ، وَصَوْتُهَا لَمْ يُسْمَعْ: غالبًا ما يكون أمرًا حسنًا أن تصلي بصوت عالٍ. فمن شأن هذا أن يساعد على تركيز الأفكار على نحو أفضل. غير أن هذا النص يبيّن أن الصلاة المنتصرة لا تحتاج إلى أن تكون صوتية. إذ يمكن أن تكون الصلاة الفعالة صامتة وفي القلب.
- حَتَّى مَتَى تَسْكَرِينَ: أساء عالي فهم حنة، لكن حقيقة اشتباهه في كونها ثملة تظهر أنه ربما لم يكن من غير المعتاد أن يسكر الأشخاص في ’وجبات الشركة‘ مع الرب في خيمة الاجتماع. ولا تعطي حقيقة اشتباه صموئيل في كون حنة ثملة صورة جيدة لما يحدث في خيمة الاجتماع.
“تبرهن حقيقة افتراض عالي أنها كانت ثملة، إضافة إلى سلوك ابني عالي المذكور سابقًا، أن التدين (التقوى) في ذلك الوقت كان في انحدار شديد في شيلوه، لأنه يبدو أن نساء ثملات كنّ يأتين إلى ذلك المكان، وأن نساء فاسقات كنّ يوجدن هناك.” كلارك (Clarke)
هـ) الآيات (١٥-١٨): استجابة حنة لاتهام عالي، واستجابة عالي ببركة.
١٥فَأَجَابَتْ حَنَّةُ وَقَالَتْ: “لَا يَا سَيِّدِي. إِنِّي ٱمْرَأَةٌ حَزِينَةُ ٱلرُّوحِ وَلَمْ أَشْرَبْ خَمْرًا وَلَا مُسْكِرًا، بَلْ أَسْكُبُ نَفْسِي أَمَامَ ٱلرَّبِّ. ١٦لَا تَحْسِبْ أَمَتَكَ ٱبْنَةَ بَلِيَّعَالَ، لِأَنِّي مِنْ كَثْرَةِ كُرْبَتِي وَغَيْظِي قَدْ تَكَلَّمْتُ إِلَى ٱلْآنَ”. ١٧فَأجَابَ عَالِي وَقَالَ: “ٱذْهَبِي بِسَلَامٍ، وَإِلَهُ إِسْرَائِيلَ يُعْطِيكِ سُؤْلَكِ ٱلَّذِي سَأَلْتِهِ مِنْ لَدُنْهُ”. ١٨فَقَالَتْ: “لِتَجِدْ جَارِيَتُكَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ”. ثُمَّ مَضَتِ ٱلْمَرْأَةُ فِي طَرِيقِهَا وَأَكَلَتْ، وَلَمْ يَكُنْ وَجْهُهَا بَعْدُ مُغَيَّرًا.
- لَا يَا سَيِّدِي: لم تقبل حنة اتهام عالي، لكنها لم تستجب بنغمة متغطرسة أو متعجرفة. أرادت أن تشرح حالتها، لكنها فعلت ذلك متذكرة أنه رئيس كهنتها.
- أَسْكُبُ نَفْسِي أَمَامَ ٱلرَّبِّ: هذا هو بالضبط الذي احتاجت حنة إلى فعله. فبدلًا من أن تُبقي مرارة نفسها وعذابها في قلبها، سكبت كل مشاعرها أمام الرب.
- وَإِلَهُ إِسْرَائِيلَ يُعْطِيكِ سُؤْلَكِ: ربما نطق عالي هذا الكلام كأمنية لطيفة، لكن هذا في واقع الأمر كان كلمة من الرب.
- وَلَمْ يَكُنْ وَجْهُهَا بَعْدُ مُغَيَّرًا: يبيّن التغيير في مظهر حنة أنها قبلت الوعد بإيمان. وهو أمر ضروري إذا أردتَ أن ترث وعود الله (عبرانيين ٦: ١٢).
تبيّن لنا حنة كيف يمكننا أن نستعيد فرح الشركة مع الرب: أن نسكب قلبنا أمام الرب، وأن نقبل كلمته بإيمان.
ثانيًا. ولادة صموئيل وتكريسه
أ ) الآيات (١٩-٢٠): حبل صموئيل المعجزي وولادته.
١٩وَبَكَّرُوا فِي ٱلصَّبَاحِ وَسَجَدُوا أَمَامَ ٱلرَّبِّ، وَرَجَعُوا وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِهِمْ فِي ٱلرَّامَةِ. وَعَرَفَ أَلْقَانَةُ ٱمْرَأَتَهُ حَنَّةَ، وَٱلرَّبُّ ذَكَرَهَا. ٢٠وَكَانَ فِي مَدَارِ ٱلسَّنَةِ أَنَّ حَنَّةَ حَبِلَتْ وَوَلَدَتِ ٱبْنًا وَدَعَتِ ٱسْمَهُ صَمُوئِيلَ قَائِلَةً: “لِأَنِّي مِنَ ٱلرَّبِّ سَأَلْتُهُ.”
- وَبَكَّرُوا فِي ٱلصَّبَاحِ وَسَجَدُوا أَمَامَ ٱلرَّبِّ: استطاعت حنة أن تعبد الرب بإيمان بينما لم يتحقق الوعد بعد. وهذا نمط عظيم من الإيمان.
- وَٱلرَّبُّ ذَكَرَهَا: يُستخدم هذا التعبير على سبيل التجسيم، أي بطريقة تشرح أفعال الله بمصطلحات بشرية يمكننا فهمها حتى لو لم تصف عمل الله بشكل دقيق. وليس الأمر كما لو أن الله قد نسيها، ثم خطرت فجأة بباله. لكن من الملائم أن يقول إنه ذكرها للإشارة إلى توقيته الملائم للعمل في حياتها بشكل مميز.
- وَكَانَ فِي مَدَارِ ٱلسَّنَةِ: كان لدى حنة سبب كافٍ للإحباط. لكن عندما نطق الله بوعده، لم تفقد إيمانها بالوعد رغم أن هذا استغرق وقتًا. وهي مثال عظيم للذين يرثون المواعيد بالإيمان والصبر. (عبرانيين ٦: ١٢)
ب) الآيات (٢١-٢٣): احتفظت حنة بابنها إلى أن فطمته.
٢١وَصَعِدَ ٱلرَّجُلُ أَلْقَانَةُ وَجَمِيعُ بَيْتِهِ لِيَذْبَحَ لِلرَّبِّ ٱلذَّبِيحَةَ ٱلسَّنَوِيَّةَ، وَنَذْرَهُ. ٢٢وَلَكِنَّ حَنَّةَ لَمْ تَصْعَدْ لِأَنَّهَا قَالَتْ لِرَجُلِهَا: “مَتَى فُطِمَ ٱلصَّبِيُّ آتِي بِهِ لِيَتَرَاءَى أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَيُقِيمَ هُنَاكَ إِلَى ٱلْأَبَدِ”. ٢٣فَقَالَ لَهَا أَلْقَانَةُ رَجُلُهَا: “ٱعْمَلِي مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكِ. ٱمْكُثِي حَتَّى تَفْطِمِيهِ. إِنَّمَا ٱلرَّبُّ يُقِيمُ كَلَامَهُ”. فَمَكَثَتِ ٱلْمَرْأَةُ وَأَرْضَعَتِ ٱبْنَهَا حَتَّى فَطَمَتْهُ.
- مَتَى فُطِمَ ٱلصَّبِيُّ: في تلك الثقافة، لم يكن الطفل يفطم عادة إلا عند بلوغ عامه الثاني أو الثالث. ومن المعقول أن نفترض أن حنة لم تكن في عجلة من أمرها في فطم ابنها.
- ٱلرَّبُّ يُقِيمُ كَلَامَهُ: كانت هذه مشورة حكيمة من ألقانة. إذ قال لها بما معناه: “افعلي كل شيء في طاعة لله لكي نرى أن كلامه يقوم أو يَثْبُت بيننا.”
ج) الآيات (٢٤-٢٨): حنة تكرس صموئيل لخدمة الله.
٢٤ثُمَّ حِينَ فَطَمَتْهُ أَصْعَدَتْهُ مَعَهَا بِثَلَاثَةِ ثِيرَانٍ وَإِيفَةِ دَقِيقٍ وَزِقِّ خَمْرٍ، وَأَتَتْ بِهِ إِلَى ٱلرَّبِّ فِي شِيلُوهَ وَٱلصَّبِيُّ صَغِيرٌ. ٢٥فَذَبَحُوا ٱلثَّوْرَ وَجَاءُوا بِٱلصَّبِيِّ إِلَى عَالِي. ٢٦وَقَالَتْ: “أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي. حَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ يَا سَيِّدِي، أَنَا ٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي وَقَفَتْ لَدَيْكَ هُنَا تُصَلِّي إِلَى ٱلرَّبِّ. ٢٧لِأَجْلِ هَذَا ٱلصَّبِيِّ صَلَّيْتُ فَأَعْطَانِيَ ٱلرَّبُّ سُؤْلِيَ ٱلَّذِي سَأَلْتُهُ مِنْ لَدُنْهُ. ٢٨وَأَنَا أَيْضًا قَدْ أَعَرْتُهُ لِلرَّبِّ. جَمِيعَ أَيَّامِ حَيَاتِهِ هُوَ عَارِيَّةٌ لِلرَّبِّ”. وَسَجَدَ هُنَاكَ لِلرَّبِّ.
- أَصْعَدَتْهُ مَعَهَا: كان هذا صعبًا بالنسبة لحنّة وألقانة. وكان استعدادهما للوفاء بالنذر بتكلفة شخصية عالية دليلًا على تقواهما.
- بِثَلَاثَةِ ثِيرَانٍ: حقيقة أن الآية في ١ صموئيل ١: ٢٤ تذكر ثلاثة ثيران، بينما تذكر الآية في ١ صموئيل ١: ٢٥ ثورًا واحدًا فقط ذُبح (مع وجود بعض اللحم المتاح لتناول وجبة الشركة)، يؤكد على أن واحدًا من الثيران قُدِّم كمحرقة لتطهير صموئيل وتكريسه.
- وَأَنَا أَيْضًا قَدْ أَعَرْتُهُ لِلرَّبِّ: يمكن أن يترجَم هذا هكذا: ’وأنا جعلتُ نفسي أيضًا حاضرة للرب.‘ فليست الفكرة أن حنّة كانت ’تمتلك‘ صموئيل وقامت بإعارته للرب. بل الفكرة هي أن الطفل هو ’صلاتها‘ أو تحقيق صلاتها للرب. يعني اسم صموئيل ’اسم الله،‘ لكن حنة، حسب العادة الشائعة بين العبرانيين جعلت من هذا الاسم تورية بقولها إنها ’سَأَلْتُهُ مِنْ لَدُنْهُ،‘ حيث يتشابه صوتا كلمة ’سأل‘ و’صموئيل‘ إلى حد كبير.
- وَسَجَدَ (سجدوا) هُنَاكَ لِلرَّبِّ: كانت العبادة سمة متكررة لهذه العائلة (انظر أيضًا ١ صموئيل ١: ٣، ١٩، ٢٨). فحتى في مواقف صعبة، كان بمقدورهم أن يعبدوا الرب. ربما لا يكون تسبيح الله وشكره في اليوم الذي تهب فيه ابنك الصغير للرب أمرًا سهلًا، لكن هذا التسبيح والشكر هو الذي يرضي الله، حيث يُطلب منا أن نقدم ذبيحة تسبيح وشكر لله (عبرانيين ١٣: ١٥).