سفر التثنية – الإصحاح ٢٢
شرائع مختلفة
أولًا. قوانين إظهار اللطف والنقاوة
أ ) الآيات (١-٤): الرفق بأخيك فيما يخص حيواناته.
١لاَ تَنْظُرْ ثَوْرَ أَخِيكَ أَوْ شَاتَهُ شَارِدًا وَتَتَغَاضَى عَنْهُ، بَلْ تَرُدُّهُ إِلَى أَخِيكَ لاَ مَحَالَةَ. ٢وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَخُوكَ قَرِيبًا مِنْكَ أَوْ لَمْ تَعْرِفْهُ، فَضُمَّهُ إِلَى دَاخِلِ بَيْتِكَ. وَيَكُونُ عِنْدَكَ حَتَّى يَطْلُبَهُ أَخُوكَ، حِينَئِذٍ تَرُدُّهُ إِلَيْهِ. ٣وَهكَذَا تَفْعَلُ بِحِمَارِهِ، وَهكَذَا تَفْعَلُ بِثِيَابِهِ، وَهكَذَا تَفْعَلُ بِكُلِّ مَفْقُودٍ لأَخِيكَ يُفْقَدُ مِنْهُ وَتَجِدُهُ. لاَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَتَغَاضَى. ٤لاَ تَنْظُرْ حِمَارَ أَخِيكَ أَوْ ثَوْرَهُ وَاقِعًا فِي الطَّرِيقِ وَتَتَغَافَلُ عَنْهُ بَلْ تُقِيمُهُ مَعَهُ لاَ مَحَالَةَ.
١. لاَ تَنْظُرْ… وَتَتَغَاضَى عَنْهُ: هنا، أدان الله خطية عدم القيام بأي شيء (أي السلبية نحو ما ترى). أن ترى أخاك محتاجًا ولا تفعل شيئًا فهذا فعل شر. عندما تتاح للمرء الفرصة لفعل الخير، يجب ألا يتَغَاضَى عَنْهُ.
٢. حَتَّى يَطْلُبَهُ أَخُوكَ، حِينَئِذٍ تَرُدُّهُ إِلَيْهِ: ببساطة، عندما يُفقد شيء ما، لا يمكن لمن وجده أن يطالب به باعتباره ملكًا له دون بذل كل العناية الواجبة لاستعادته إلى مالكه. وإذا طلب المالك الشيء المفقود وجب رده إليه.
• يوصى خروج ٢٣: ٤-٥ أيضًا إسرائيل بأن يساعدوا الحيوانات الضالة، ويمتد هذا الالتزام ليشمل الحيوانات الضالة للعدو، وليس مجرد التي للأخ.
٣. بَلْ تُقِيمُهُ مَعَهُ لاَ مَحَالَةَ: وأيضًا، إذا سقط حمار شخص ما، ويمكنك مساعدته، فيجب عليك القيام بذلك. فإن مرورك بأخيك وهو في احتياج ما وتَغَاضَيك عَنْهُ هو إثم في حق أخيك وفي حق الله.
ب) الآية (٥): الأمر بمراعاة التمييز بين الجنسين في اللباس.
٥لاَ يَكُنْ مَتَاعُ رَجُل عَلَى امْرَأَةٍ، وَلاَ يَلْبَسْ رَجُلٌ ثَوْبَ امْرَأَةٍ، لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ ذلِكَ مَكْرُوهٌ لَدَى الرَّبِّ إِلهِكَ.
١. لاَ يَكُنْ مَتَاعُ رَجُل عَلَى امْرَأَة: في زمن العهد القديم، كان الرجال والنساء يرتدون ملابس متشابهة ظاهريًا، وكانت الملابس الطويلة والملابس الملفوفة شائعة لكلا الجنسين. ومع ذلك، فإن أنواع الملابس المحددة وطريقة ارتدائها ميزت بوضوح بين الجنسين، وهذه الوصية توجه شعب الله إلى احترام هذه الفروق.
• وقد اعتبر البعض هذا الأمر بمثابة “نص إثبات” ضد ارتداء النساء للسراويل، كما تأمر بعض الجماعات المسيحية بأن ترتدي النساء الفساتين فقط. ولكن هذا ليس أمرًا يمنع المرأة أن تلبس ثوبًا قد يكون مشتركًا في بعض النواحي بين الرجل والمرأة. إنما هو أمر بعدم ارتداء الملابس التي تتعمد طمس الخطوط الفاصلة بين الجنسين.
٢. وَلاَ يَلْبَسْ رَجُلٌ ثَوْبَ امْرَأَةٍ: هذا لا يمنع الرجل من ارتداء النقبة (التنورة الأسكتلندية)؛ إلا أنه من الواضح أن هذه الوصية تحظر على الرجل أن يرتدي مثل المرأة، كما هو شائع جدًا الآن- ومقبول جدًا – في ثقافتنا الحديثة.
• إن التصعيد المأساوي في ارتداء الملابس المماثلة للجنس الآخر، والتخنث، والسلوك ثنائي الجنس، والسلوك “العابث بالنوع الاجتماعي” في ثقافتنا هو بمثابة سحق صادم لهذه الوصية، وسوف يجني هذا السلوك حصادًا مريرًا لمزيد من الانحراف ولمزيد من الارتباك بين الجنسين في ثقافتنا.
٣. أَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ ذلِكَ مَكْرُوهٌ لَدَى الرَّبِّ إِلهِكَ: هذه الوصية تشير للأهمية القصوى للتمييز بين الجنسين. وأولئك الذين يفشلون في ملاحظة هذا الأمر يصفهم الوحي الكتابي بالمَكْرُوهٌ لَدَى الرَّبِّ. لم يكن هذا فقط لأن ارتداء ملابس الجنس الآخر كان سمة من سمات العبادة الوثنية في العالم القديم، ولكن أيضًا بسبب الثمن الثقافي الرهيب الذي يُدفع عندما يتم التظاهر بأنه لا يوجد فرق بين الرجال والنساء.
• “تحدث الكتّاب اللاحقون، مثل لوقيان السميساطي (Lucian of Samosata) ويوسابيوس (Eusebius)، عن ممارسة التنكر في عبادة عشتاروث. ويبدو أن النساء ظهرن بثياب الرجال والرجال بثياب النساء.” طومسون (Thompson)
ج) الآيات (٦-٧): الوصية بالرفق بالحيوانات.
٦إِذَا اتَّفَقَ قُدَّامَكَ عُشُّ طَائِرٍ فِي الطَّرِيقِ فِي شَجَرَةٍ مَا أَوْ عَلَى الأَرْضِ، فِيهِ فِرَاخٌ أَوْ بَيْضٌ، وَالأُمُّ حَاضِنَةٌ الْفِرَاخَ أَوِ الْبَيْضَ، فَلاَ تَأْخُذِ الأُمَّ مَعَ الأَوْلاَدِ. ٧أَطْلِقِ الأُمَّ وَخُذْ لِنَفْسِكَ الأَوْلاَدَ، لِكَيْ يَكُونَ لَكَ خَيْرٌ وَتُطِيلَ الأَيَّامَ.
١. إذَا اتَّفَقَ قُدَّامَكَ عُشُّ طَائِرٍ فِي الطَّرِيقِ: لقد أمر الله ببساطة ووضوح بالرفق بالحيوانات. حتى عُشُّ الطَيوِر كان يجب أن يحظى باهتمام ورعاية خاصين.
• يقول بعض المفسرين اليهود أن هذه هي أصغر الوصايا أو أقلها؛ ومع ذلك فهو أيضًا يتضمن وعدًا بالبركة من أجل الطاعة: لِكَيْ يَكُونَ لَكَ خَيْرٌ وَتُطِيلَ الأَيَّامَ.
٢. أَطْلِقِ الأُمَّ: كتب المُفسِّر التطهُّري ماثيو بوله (Matthew Poole) عن هذا قائلًا، “ما يوصى به الرب هو جزئيًا من أجل الطائر، الذي عانى بما فيه الكفاية من فقدان صغاره؛ لأن الله لا يريد أن يمارس القسوة على المخلوقات البهيمية، وجزئيًا من أجل البشر، لكبح جماح جشعهم وطمعهم، حتى لا يحتكروا كل شيء لأنفسهم، بل قد يتركوا آمال بذرة مستقبلية للآخرين.”
٣. لِكَيْ يَكُونَ لَكَ خَيْرٌ وَتُطِيلَ الأَيَّامَ: فإذا أطاع إسرائيل هذه الوصية، وجدوا البركة والعمر الطويل، كأفراد وكأمة. ما هي العلاقة المحتملة بين إظهار اللطف تجاه أعشاش الطيور وبيضها وصغار الطيور وبين البقاء القومي كأمة؟
• أولًا، ذلك لأن طاعة أصغر وصايا الله تأتي بالبركة. فالطاعة تضعنا في علاقة خضوع سليمة مع الله، وهذا يجلب لنا البركة دائمًا.
• ثانيًا، لأن اللطف والوداعة في التعامل مع الأشياء الصغيرة غالبًا (ولكن ليس دائمًا) يشير إلى قدرتنا على أن نكون لطفاء وودعاء في الأمور الأكثر أهمية. فإذا كان شخص ما قاسيًا على الحيوانات، فهذه ليست خطية في حد ذاتها فحسب، بل من المرجح أيضًا أن يكون قاسيًا على الناس. وإذا سمحت إسرائيل بازدهار مثل هذه الوحشية، فإنها ستُلحق الضرر بنفسها.
د ) الآية (٨) المسؤولية القانونية ومعايير البناء.
٨إِذَا بَنَيْتَ بَيْتًا جَدِيدًا، فَاعْمَلْ حَائِطًا لِسَطْحِكَ لِئَلاَّ تَجْلِبَ دَمًا عَلَى بَيْتِكَ إِذَا سَقَطَ عَنْهُ سَاقِطٌ.
١. فَاعْمَلْ حَائِطًا لِسَطْحِكَ: أمر الله أن يُصنع سورًا للسطح، وبذلك يتم حماية شخص ما من السقوط.
٢. لِئَلاَّ تَجْلِبَ دَمًا عَلَى بَيْتِكَ: الفشل في البناء بطريقة آمنة سيجلب الذنب (المسؤولية) على مالك المنزل أو من بناه. فهم المسؤولين عن سلامة أولئك الذين سيستخدمون المنزل.
• في موعظته عن تثنية ٢٢: ٨ التي بعنوان ’أبراج محصّنة،‘ يُظهر تشارلز سبيرجن (Charles Spurgeon) كيف أنه كما كان يجب أن يكون هناك سياج لحماية الناس على أسطح بيوت إسرائيل، هناك أيضًا سياج روحي لحمايتنا. وفيما يتعلق بالخطية، فالكثير من الناس يقتربون جدًا من الحافة ويسقطون. فيكون قد فات الأوان! إننا بحاجة إلى ’سور‘ يحمينا من الحافة. فمثل هذه الأسوار لن تحمينا نحن فحسب، بل ستحمي الآخرين أيضًا.
هـ) الآيات (٩-١٢): أربعة قوانين للانفصال.
٩لاَ تَزْرَعْ حَقْلَكَ صِنْفَيْنِ، لِئَلاَّ يَتَقَدَّسَ الْمِلْءُ: الزَّرْعُ الَّذِي تَزْرَعُ وَمَحْصُولُ الْحَقْلِ. ١٠لاَ تَحْرُثْ عَلَى ثَوْرٍ وَحِمَارٍ مَعًا. ١١لاَ تَلْبَسْ ثَوْبًا مُخْتَلَطًا صُوفًا وَكَتَّانًا مَعًا. ١٢اِعْمَلْ لِنَفْسِكَ جَدَائِلَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَطْرَافِ ثَوْبِكَ الَّذِي تَتَغَطَّى بِهِ.
١. لاَ تَزْرَعْ حَقْلَكَ صِنْفَيْنِ: كان المقصود من كل واحد من هذه القوانين أن يتم فصل إسرائيل عن جيرانها الوثنيين، الذين عادة ما يجمعون بين أشياء مختلفة للحصول على ما كان يُعتقد أنه مزيج “سحري.”
٢. لاَ تَحْرُثْ عَلَى ثَوْرٍ وَحِمَارٍ مَعًا: في الثقافات الوثنية، كان من الشائع الجمع بين أصِنْاف مختلفة من البذور في الحَقْل؛ أو يحْرُثْون عَلَى ثَوْرٍ وَحِمَارٍ مَعًا؛ أو يلْبَسْون ثَوْبًا مُخْتَلَطًا صُوفًا وَكَتَّانًا مَعًا. عندما يأمر الله إسرائيل بعدم القيام بهذه الأشياء، فإن ذلك ليس من أجل خلط هذه الأشياء ببعضها على وجه التحديد، ولكن حتى لا تقلد إسرائيل العادات الوثنية والغامضة التي لجيرانها.
• هناك تطبيق روحي لهذا المبدأ؛ وهو أن الوصايا التي تُحرّم الاختلاطات غير المقدسة، “رغم أنها في حد ذاتها صغيرة وتافهة، إلا أنها قد صدرت… لمنع كل خلط بين الاختراعات والتدخلات البشرية مع العقيدة والعبادة بحسب فكر الله وترتيبه.” بوله (Poole)
• كما يقول بولس، لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ (٢ كورنثوس ٦: ١٤)
• ويعتقد أحد المُعلّقين أن هذه القوانين وُضعت أيضًا، جزئيًا، لحماية الحيوانات الأخرى من رائحة الفم الكريهة للحمير: “علاوة على ذلك، فإن الحمار، من التغذية على الأعشاب الخشنة والسامة، لديه رائحة كريهة، وهو ما يسعى أقرانه تحت النير إلى تجنبها، ليس فقط باعتباره سامًا ومضايقًا لهم، ولكن أيضًا أن هذه الأعشاب تؤدي إلى الهزال، أو الموت إذا استمر يتناولها لفترة طويلة.
جيميسون-فاوست-براون (Jameison-Fauset-Brown) الصفحة ٦٧٣.
٣. اِعْمَلْ لِنَفْسِكَ جَدَائِلَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَطْرَافِ ثَوْبِكَ الَّذِي تَتَغَطَّى بِهِ: كانت هذه الوصية أيضًا لتمييز إسرائيل عن جيرانهم الوثنيين؛ وبهذه الطريقة، يمكن التعرف على الرجل الإسرائيلي على الفور من الملابس التي كان يرتديها.
• “يتم إعطاء معنى رمزي لهذه الجَدَائِلَ في سفر العدد ١٥: ٣٧-٤١، أي أنها تذكرة لإسرائيل لحفظ شريعة الله.” طومسون (Thompson)
• إن لدى البشر القدرة على تحريف هذه الوصية وإفسادها، وهذا ما يحدث بمعظم وصايا الله الصالحة. ففي أيام يسوع، كان عليه أن يدين الفريسيين كما هو موضح في متى ٢٣: ٥ قائلًا: فَيُعَرِّضُونَ عَصَائِبَهُمْ وَيُعَظِّمُونَ أَهْدَابَ ثِيَابِهِمْ. وبمعنى آخر، هم يجعلون أهداب ثيابهم أوسع وأكبر وأكثر بروزًا لإظهار مدى روحانيتهم.
ثانيًا. قوانين الأخلاق الجنسية
أ ) الآيات (١٣-٢١): حل تهمة خداع الزوجة.
١٣إِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَحِينَ دَخَلَ عَلَيْهَا أَبْغَضَهَا، ١٤وَنَسَبَ إِلَيْهَا أَسْبَابَ كَلاَمٍ، وَأَشَاعَ عَنْهَا اسْمًا رَدِيًّا، وَقَالَ: هذِهِ الْمَرْأَةُ اتَّخَذْتُهَا وَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهَا لَمْ أَجِدْ لَهَا عُذْرَةً. ١٥يَأْخُذُ الْفَتَاةَ أَبُوهَا وَأُمُّهَا وَيُخْرِجَانِ عَلاَمَةَ عُذْرَتِهَا إِلَى شُيُوخِ الْمَدِينَةِ إِلَى الْبَابِ، ١٦وَيَقُولُ أَبُو الْفَتَاةِ لِلشُّيُوخِ: أَعْطَيْتُ هذَا الرَّجُلَ ابْنَتِي زَوْجَةً فَأَبْغَضَهَا. ١٧وَهَا هُوَ قَدْ جَعَلَ أَسْبَابَ كَلاَمٍ قَائِلًا: لَمْ أَجِدْ لِبِنْتِكَ عُذْرَةً. وَهذِهِ عَلاَمَةُ عُذْرَةِ ابْنَتِي. وَيَبْسُطَانِ الثَّوْبَ أَمَامَ شُيُوخِ الْمَدِينَةِ. ١٨فَيَأْخُذُ شُيُوخُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ الرَّجُلَ وَيُؤَدِّبُونَهُ ١٩وَيُغْرِمُونَهُ بِمِئَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ، وَيُعْطُونَهَا لأَبِي الْفَتَاةِ، لأَنَّهُ أَشَاعَ اسْمًا رَدِيًّا عَنْ عَذْرَاءَ مِنْ إِسْرَائِيلَ. فَتَكُونُ لَهُ زَوْجَةً. لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُطَلِّقَهَا كُلَّ أَيَّامِهِ. ٢٠وَلكِنْ إِنْ كَانَ هذَا الأَمْرُ صَحِيحًا، لَمْ تُوجَدْ عُذْرَةٌ لِلْفَتَاةِ. ٢١يُخْرِجُونَ الْفَتَاةَ إِلَى بَابِ بَيْتِ أَبِيهَا، وَيَرْجُمُهَا رِجَالُ مَدِينَتِهَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوتَ، لأَنَّهَا عَمِلَتْ قَبَاحَةً فِي إِسْرَائِيلَ بِزِنَاهَا فِي بَيْتِ أَبِيهَا. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ.
١. وَنَسَبَ إِلَيْهَا أَسْبَابَ كَلاَمٍ: الفكرة هنا هي أن الرجل اتهم زوجته بأنها لم تكن عذراء عندما تزوجا. ويبدو أن هذا تم اكتشافه في ليلة زفافهما، عندما أقاما علاقة حميمة لأول مرة (وَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهَا لَمْ أَجِدْ لَهَا عُذْرَةً).
• من المهم أن نفهم أنه في إسرائيل القديمة كانت العذرية ذات قيمة. وكان يُنظر إلى التخلي عن عذرية الشخص قبل الزواج على أنه خسارة كبيرة، وإذا عُرف أن المرأة فقدت عذريتها، فإن ذلك يقلل بشكل كبير من فرصها في الزواج.
• وبنفس المبدأ، إذا اعتقد الزوج أن زوجته كذبت بشأن عذريتها، فإنه يشعر بالخيانة. وما يلي هو محاولة لحل المشكلة.
٢. يَأْخُذُ الْفَتَاةَ أَبُوهَا وَأُمُّهَا وَيُخْرِجَانِ عَلاَمَةَ عُذْرَتِهَا إِلَى شُيُوخِ الْمَدِينَةِ إِلَى الْبَابِ: حسب العادة، تعاشر المرأة اليهودية زوجها أولًا على قطعة قماش خاصة يتجمع عليها قطرات الدم الصغيرة ويتم قبولها كدليل وعَلاَمَةَ لعُذْرَة الْفَتَاةَ. ويصبح هذا القماش الملطخ بالدماء ملكًا لوالدي المرأة المتزوجة، اللذين يحتفظان بها كدليل وعَلاَمَةَ لعُذْرَة الْفَتَاةَ.
• يجادل الكثير من الناس بأن عادة إثبات عذرية المرأة هي عادة سخيفة، لأنها لا تعمل دائمًا. ويجيب البعض بالقول إنها “تنجح” عندما يتم تزويج الفتيات في سن الثانية عشرة أو الثالثة عشرة، كما كانت العادة في زمن العهد القديم.
• ومع ذلك، ولأي سبب كان، فإن هذه العادة “نجحت” ولا تزال تمارس في بعض أنحاء العالم. “إن أدلة العذرية، وهي أغطية السرير أو الملابس الملطخة بالدم، والتي، على الرغم من أنها ليست معصومة من الخطأ، كانت مقبولة على نطاق واسع في الشرق الأدنى القديم كدليل على العذرية السابقة، ولا تزال مقبولة بين بعض الشعوب اليوم.” كاللاند (Kalland). ويضيف كلارك (Clarke) أيضًا: “إن عادة مشابهة لتلك المذكورة أعلاه موجودة بين المحمديين (أي المسلمين) حتى يومنا هذا.”
• يقول كلارك (Clarke) عن جملة ’وَيُخْرِجَانِ عَلاَمَةَ عُذْرَتِهَا‘: “إن استخدامًا من هذا النوع يدل على فظاظة في الأخلاق لا تتوافق مع دماثة الأفكار الأوروبية حول موضوع حساس للغاية.”
٣. فَيَأْخُذُ شُيُوخُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ الرَّجُلَ وَيُؤَدِّبُونَهُ: إذا تمكن الوالدان من تقديم الأدلة، فقد وُجد أن الرجل قد وجه اتهامات كاذبة ضد زوجته، ويصدر أمر بدفع غرامة لوالد عروسه.
• بالإضافة إلى ذلك، يفقد الرجل حقه المستقبلي في طلاق هذه الزوجة: لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُطَلِّقَهَا كُلَّ أَيَّامِهِ.
• كانت العقوبة الصارمة آنذاك ضد الرجل الذي وجه تهمة كاذبة (بِمِئَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ) غرامة كبيرة. هذا بخلاف فقدان حقه في طلاق زوجته في المستقبل. لقد كان كل هذا رادعًا شديدًا ضد الاتهامات الجامحة والباطلة من قِبل الزوج ضد زوجته.
٤. وَلكِنْ إِنْ كَانَ هذَا الأَمْرُ صَحِيحًا، لَمْ تُوجَدْ عُذْرَةٌ لِلْفَتَاةِ: فلو كان الأمر كذلك، لقُتلت المرأة رجمًا. ولم يكن ذلك بسبب ممارستها الجنسية فقط (أي لأَنَّهَا عَمِلَتْ قَبَاحَةً… بِزِنَاهَا)، بل أيضًا بسبب محاولتها خداع زوجها.
• يجب أن يُنظر إلى هذا القانون الوارد في سفر التثنية في ضوء الوصية الواردة في خروج ٢٢ :١٦-١٧، والتي تتحدث عن فقدان العذرية قسرًا، فيدافع الرب عن حق تلك الفتاة بأمره: إِذَا رَاوَدَ (غوى) رَجُلٌ عَذْرَاءَ يَزِنُ لَهُ (أي لوالدها) فِضَّةً كَمَهْرِ الْعَذَارَى ليَمْهُرُهَا لِنَفْسِهِ زَوْجَةً. إذًا هذا القانون في سفر التثنية موجه ضد المرأة الفاسدة حقًا، والتي تخلت عن عذريتها بمحض إرادتها، ولم تطالب بحقوقها بموجب خروج ٢٢ :١٦-١٧. فهي لم تقدّر عذريتها حين تخلت عنها، لكنها أرادت أن تجني فوائد ذلك من خلال خداع زوجها.
• كل هذا يعزز ببساطة المبدأ القائل بأن العذرية كانت ذات قيمة كبيرة في إسرائيل. واليوم، يبيع عدد كبير جدًا من الناس – وخاصة النساء – أنفسهم بسعر رخيص عن طريق التخلي عن عذريتهم بسهولة. عبر عن ذلك أحد الرجال موضحًا بقصة حقيقية عن صديقة كانت تملك متجرًا للتحف وكان لديها طاولة للبيع. كانت الطاولة بما عليها تُقدر بقيمة ٦٠٠ دولار ولكن تم تخفيضها إلى ٣٠٠ دولار. حاول الرجل أن يخفض سعر الطاولة إلى ٢٠٠ دولار، فلم ترفض صاحبة الطاولة فحسب، بل أدركت القيمة الحقيقية للطاولة، ورفعت السعر إلى قيمته الحقيقية – حتى بعد أن عرض عليها ٣٠٠ دولار. أخيرًا اشترى الرجل الطاولة بـ ٦٠٠ دولار، ومن المؤكد أنه عاملها وكأنها طاولة بـ ٦٠٠ دولار، لأنه ناضل من أجل قيمتها. وقد ساهمت العديد من النساء، اللواتي تعرضن لمعاملات من الرجال بشكل رديء، في تفاقهم هذه المشكلة التي نتحدث عنها، إذ صرن يبعن أنفسهن بسعر رخيص.
ب) الآية (٢٢) عقوبة الزنا.
٢٢إِذَا وُجِدَ رَجُلٌ مُضْطَجِعًا مَعَ امْرَأَةٍ زَوْجَةِ بَعْل، يُقْتَلُ الاثْنَانِ: الرَّجُلُ الْمُضْطَجِعُ مَعَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ إِسْرَائِيلَ.
١. يُقْتَلُ الاثْنَانِ: أمر الله بعقوبة الموت في حالة الزنا. وكان هذا في المقام الأول بسبب العواقب الاجتماعية الكبيرة للغاية لهذه الخطية. ولذلك أمر الله بأقصى عقوبة جزاء لها.
• ويوصي الله أيضًا على وجه التحديد: الرَّجُلُ الْمُضْطَجِعُ مَعَ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةُ. ولم يكن من الممكن إدانة الزنا بمكيالين؛ فإذا كان هذا خطأ على المرأة أن تفعله فهو على نفس القدر خطًا على الرجل، والعكس صحيح.
٢. يُقْتَلُ الاثْنَانِ: من الناحية العملية، نادرًا ما يتم تنفيذ عقوبة الإعدام هذه، كما هو الحال في معظم الحالات التي صدر فيها حكم بالإعدام. وذلك لأن أي جريمة يعاقب عليها بالإعدام تتطلب شاهدين أو ثلاثة شهود، وكان على الشهود أن يكونوا متأكدين مما رأوه حتى أنهم كانوا على استعداد “لرجم الحجر الأول” – أي البدء في الإعدام (تثنية ٦:١٧-٧). .
• لذا، وخاصة في حالة الزنا (أو أي خطايا جنسية أخرى)، نادرًا ما يكون هناك شاهدان على استعداد للبدء في تنفيذ حكم الإعدام ـ وبالتالي لا يتم تنفيذ عقوبة الإعدام.
• وهذا يساعدنا أيضًا على فهم ما كان يفعله يسوع عندما واجه الجمع الذي قدم إليه المرأة التي أُمسكت في ذات فعل الزنا. وقد زعموا من خلال حضورهم وكلماتهم، أنهم قبضوا على المرأة متلبسة – ولكن لماذا لم يحضروا الرجل المذنب أيضًا؟ ومن منهم كان على استعداد لإلقاء الحجر الأول – أي البدء في الإعدام؟ (يوحنا ٨: ١-١٢)
٣. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ إسْرَائِيلَ: على الرغم من أن عقوبة الإعدام بتهمة الزنا كانت نادرًا ما تُنفَّذ، إلا أنها كانت لا تزال ذات قيمة، إذ نقلت بصوت عال وواضح المثل الأعلى الذي كان على إسرائيل أن ترقى إليه، وجعلت الناس ينظرون إلى خطيتهم بجدية أكبر. واليوم، لقد تخلصنا من هذا المثل الأعلى، ولم يعد الناس يهتمون كثيرًا بالزنا – وصار المجتمع يعاني كثيرًا نتيجة لذلك.
ج) الآيات (٢٣-٢٩): الأحكام على جريمة الاغتصاب.
٢٣إِذَا كَانَتْ فَتَاةٌ عَذْرَاءُ مَخْطُوبَةً لِرَجُل، فَوَجَدَهَا رَجُلٌ فِي الْمَدِينَةِ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا، ٢٤فَأَخْرِجُوهُمَا كِلَيْهِمَا إِلَى بَابِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ وَارْجُمُوهُمَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا. الْفَتَاةُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لَمْ تَصْرُخْ فِي الْمَدِينَةِ، وَالرَّجُلُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَذَلَّ امْرَأَةَ صَاحِبِهِ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ. ٢٥وَلكِنْ إِنْ وَجَدَ الرَّجُلُ الْفَتَاةَ الْمَخْطُوبَةَ فِي الْحَقْلِ وَأَمْسَكَهَا الرَّجُلُ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا، يَمُوتُ الرَّجُلُ الَّذِي اضْطَجَعَ مَعَهَا وَحْدَهُ. ٢٦وَأَمَّا الْفَتَاةُ فَلاَ تَفْعَلْ بِهَا شَيْئًا. لَيْسَ عَلَى الْفَتَاةِ خَطِيَّةٌ لِلْمَوْتِ، بَلْ كَمَا يَقُومُ رَجُلٌ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَقْتُلُهُ قَتْلًا. هكَذَا هذَا الأَمْرُ. ٢٧إِنَّهُ فِي الْحَقْلِ وَجَدَهَا، فَصَرَخَتِ الْفَتَاةُ الْمَخْطُوبَةُ فَلَمْ يَكُنْ مَنْ يُخَلِّصُهَا. ٢٨إِذَا وَجَدَ رَجُلٌ فَتَاةً عَذْرَاءَ غَيْرَ مَخْطُوبَةٍ، فَأَمْسَكَهَا وَاضْطَجَعَ مَعَهَا، فَوُجِدَا. ٢٩يُعْطِي الرَّجُلُ الَّذِي اضْطَجَعَ مَعَهَا لأَبِي الْفَتَاةِ خَمْسِينَ مِنَ الْفِضَّةِ، وَتَكُونُ هِيَ لَهُ زَوْجَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدْ أَذَلَّهَا. لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُطَلِّقَهَا كُلَّ أَيَّامِهِ.
١. إِذَا كَانَتْ فَتَاةٌ عَذْرَاءُ مَخْطُوبَةً لِرَجُل: إذا أقام رجل علاقة حميمة مع عَذْرَاءُ مَخْطُوبَةً لِرَجُل، وحدث ذلك فِي الْمَدِينَةِ (ولم يسمع أحد على الفور صْرُاخْ المرأة في محاولة إيقاف الرجل)، سيتم إعدامهما هما الأثنان.
• كان من المقرر إعدام المرأة بتهمة إهانة عذريتها؛ وكان من المقرر إعدام الرجل مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَذَلَّ امْرَأَةَ صَاحِبِهِ. ومن المثير للاهتمام أن المرأة كانت تعتبر امْرَأَةَ (زوجة) لرجل آخر، رغم أنها كانت مخطوبة فقط، وكانت لا تزال عَذْرَاءُ، ولم يكتمل زواجهما بعد.
٢. وَلكِنْ إِنْ وَجَدَ الرَّجُلُ الْفَتَاةَ الْمَخْطُوبَةَ فِي الْحَقْلِ: فإذا أقام رجل علاقة مع العذراء الْمَخْطُوبَةَ، وحدث ذلك فِي الْحَقْلِ (حيث لا يستطيع أحد سماع المرأة، حتى لو صرخت)، فحينئذٍ يكون من المقرر أن يَمُوتُ الرَّجُلُ الَّذِي اضْطَجَعَ مَعَهَا وَحْدَهُ، لأنه كان من المفترض أن تكون المرأة ضحية للاغتصاب.
• ومن الجدير بالذكر أنه لم يتم إلقاء اللوم على المرأة في الاغتصاب، وكان من المفترض أنها بريئة في هذا الظرف.
٣. إِذَا وَجَدَ رَجُلٌ فَتَاةً عَذْرَاءَ غَيْرَ مَخْطُوبَةٍ: إذا أقام رجل علاقة حميمة مع عَذْرَاءَ غَيْرَ مَخْطُوبَةٍ، فعليه دفع غرامة ويكون ملزمًا بالزواج من المرأة (من المفترض، إذا أرادت هي ذلك)، ويسقط حقه في طلاقها في المستقبل.
• يشير بعض المعلقين اليهود إلى أنه كان يجب دفع خَمْسِينَ مِنَ الْفِضَّةِ بالإضافة إلى المهر.
د ) الآية (٣٠): قانون زنا المحارم (سفاح القربى).
٣٠لاَ يَتَّخِذْ رَجُلٌ امْرَأَةَ أَبِيهِ، وَلاَ يَكْشِفْ ذَيْلَ أَبِيهِ.
١. لا يَتَّخِذْ رَجُلٌ امْرَأَةَ أَبِيهِ: ربما كان هذا وصفًا لحالة زواج الابن من زوجة أبيه بعد وفاة والده. وكان هذا يعتبر زنا محارم، مع عدم وجود قرابة دم، لأنه اعتبر أنه كْشِفْ ذَيْلَ أَبِيه.
٢. وَلاَ يَكْشِفْ ذَيْلَ أَبِيهِ: من الجدير بالذكر أن هذا هو نفس نوع العلاقة غير الأخلاقية التي قبلتها كنيسة كورنثوس، وكان على بولس أن يوبخهم بشأنها – أَنْ تَكُونَ لِلإِنْسَانِ امْرَأَةُ أَبِيهِ! (١ كورنثوس ٥: ١-٢)