سفر التثنية – الإصحاح ٥
موسى يُذكّر إسرائيل بعهدهم مع الله في سيناء
أولًا. موسى يُذكر إسرائيل باختبارهم في جبل سيناء
أ ) الآيات (١-٣): الواقع الحالي لعهد الله مع إسرائيل.
١وَدَعَا مُوسَى جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ لَهُمْ: «اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ الْفَرَائِضَ وَالأَحْكَامَ الَّتِي أَتَكَلَّمُ بِهَا فِي مَسَامِعِكُمُ الْيَوْمَ، وَتَعَلَّمُوهَا وَاحْتَرِزُوا لِتَعْمَلُوهَا. ٢اَلرَّبُّ إِلهُنَا قَطَعَ مَعَنَا عَهْدًا فِي حُورِيبَ. ٣لَيْسَ مَعَ آبَائِنَا قَطَعَ الرَّبُّ هذَا الْعَهْدَ، بَلْ مَعَنَا نَحْنُ الَّذِينَ هُنَا الْيَوْمَ جَمِيعُنَا أَحْيَاءٌ.
١. وَدَعَا مُوسَى جَمِيعَ إِسْرَائِيل: بعد المقدمة القصيرة (تثنية ٤: ٤٤-٤٩)، جمع موسى الشعب ليلقي عليهم عظته الثانية والأطول من بين العظات الثلاث التي يتألف منها سفر التثنية.
٢. اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: كان شعب إسرائيل ملتزمًا بالعهد الذي وافقوا عليه في سفر الخروج ٢٤: ١-٨، إلا أن هذا العهد قد قُطع مع الجيل السابق الذي هلك في البرية. وكان على الجيل الحالي أن يفهم العهد ويقبله إذا أراد أن يتمتع ببركاته.
٣. قطَعَ مَعَنَا عَهْدًا: إن فكرة “القطع” ترتبط بالعهد وذلك لأن العهود كانت تُختم دائمًا بذبيحة – أي بقطع الذبيحة.
٤. لَيْسَ مَعَ آبَائِنَا قَطَعَ الرَّبُّ هذَا الْعَهْدَ بَلْ مَعَنَا نَحْنُ: في الواقع، لقد قطع الرب العهد وبالأساس مع الجيل السابق، ولم ينكر موسى ذلك. ولكن عندما تحدث موسى إلى الجيل الذي سيملك كنعان، أكد أن العهد كان عهدهم. لقد كان عهدًا للأحياء، وليس للأموات. لقد كان واقعًا حاضرًا، وليس أثر قديم تاريخي.
- “تُشدد الحقيقة هنا على أن ما حدث في حُورِيب لم يكن مجرد حدث في الماضي يخص أجداد إسرائيل فقط، بل إنه يخص شعب إسرائيل في كل جيل. إن إسرائيل الأول قد حمل بداخله جميع الأجيال اللاحقة من بني إسرائيل.” تومسون (Thompson)
- وبمعنى ما، تظل إسرائيل العرقية اليوم تحت العهد القديم الذي أُسّس أولًا في جبل سيناء وأُعيد تأكيده بعد جيل في سهول موآب، وبشكل ما، مع كل جيل لاحق منذ ذلك الحين.
- إن العهد القديم ليس طريقًا للخلاص – فقد تحقق كل ذلك في العهد الجديد من خلال شخص وعمل يسوع المسيح.
- يعكس العهد القديم العلاقة المستمرة بين الله والشعب اليهودي، وخاصة من خلال البركات واللعنات التي كانت تشكّل أجزاء أوسع من العهد (لاويين ٢٦، تثنية ٢٧-٢٨). وهو يسلّط الضوء على مكانتهم الفريدة كشعب اختاره الله، وقد وعد أن يستخدمهم في دور هام في خطته التي ستُعلن عبر العصور.
- يستمر الشعب اليهودي في اختبار سواء بركات أو لعنات فريدة بصورة ما وفي أوقات ما. وهذا هو نتيجة مباشرة للعهد الذي قطعوه مع الله في جبل سيناء والذي تم تجديده هنا في سفر التثنية.
- إن أي شخص يهودي آمن بالمسيح لم يعد تحت سلطان العهد القديم؛ بل أصبح بوضوح وبطريقة رائعة تحت سلطان العهد الجديد.
ب) الآيات (٤-٥): الله يعلن عن ذاته لإسرائيل في جبل سيناء.
٤وَجْهًا لِوَجْهٍ تَكَلَّمَ الرَّبُّ مَعَنَا فِي الْجَبَلِ مِنْ وَسَطِ النَّارِ. ٥أَنَا كُنْتُ وَاقِفًا بَيْنَ الرَّبِّ وَبَيْنَكُمْ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ لِكَيْ أُخْبِرَكُمْ بِكَلاَمِ الرَّبِّ، لأَنَّكُمْ خِفْتُمْ مِنْ أَجْلِ النَّارِ، وَلَمْ تَصْعَدُوا إِلَى الْجَبَلِ. فَقَالَ…
١. وَجْهًا لِوَجْهٍ تَكَلَّمَ الرَّبُّ مَعَنَا: عندما أعطى الله شريعته وأقام عهدًا مع إسرائيل، بدأ بكشف مذهل عن ذاته. في سيناء، أعلن الله عن حضوره من خلال النار والدخان والبرق وصوت البوق (خروج ١٩: ١٦-١٩، ٢٠: ١٨). وسمع الشعب صوت الله من السماء (خروج ٢٠: ١، ٢٠: ١٩، ٢٠: ٢٢). لقد تم وصف هذا التواصل الحميم مع إسرائيل بكلمات مجازية مثل وَجْهًا لِوَجْه.
- إن استخدام عبارة ’وَجْهًا لِوَجْه‘ فيما يتعلق بإعلان الله عن ذاته لإسرائيل على جبل سيناء يقدم نظرة ثاقبة لمعناها الأوسع في سياقات أخرى. يذكر سفر تثنية ٤: ١٢ على وجه التحديد أن إسرائيل لَمْ يَرَوْا صُورَةً بَلْ سَمِعُوا صَوْتَ كَلاَمٍ. ومع ذلك، كان لديهم تواصل به شفافية وانفتاح بشكل ملحوظ مع الله، وذات الأمر ينطبق على التشبيه اللغوي وَجْهًا لِوَجْه.
- لهذا السبب عندما تقول الآية في خروج ٣٣: ١١ “وَيُكَلِّمُ الرَّبُّ مُوسَى وَجْهًا لِوَجْهٍ، كَمَا يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ” فإنه يستخدم هذا المجاز اللغوي. وهذا لا يعني أن موسى رأى وجه الله حرفيًا، لأَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَرَاه وَيَعِيشُ (خروج ٣٣: ٢٠). والآية في خروج ٣٣: ١١ تعني أن موسى كان لديه تواصل حر مع الرب وبلا عوائق.
- “ما يُفهم من تعبير وَجْهًا لِوَجْهٍ هو ’التواصل الشخصي،‘ أي أن هناك تواصل شخصي مباشر.” تومسون (Thompson)
٢. أَنَا كُنْتُ وَاقِفًا بَيْنَ الرَّبِّ وَبَيْنَكُمْ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ: لم يكن بوسع إسرائيل أن يتحمل مثل هذا التواصل الحُر وبدون عوائق مع الرب، لذلك طلبوا من موسى أن يتحدث إلى الله نيابة عنهم (خروج ١٩:٢٠).
ثانيًا. موسى يُذكر إسرائيل بالوصايا العشرة التي أعطاها الله في سيناء
أ ) الآيات (٦-٧): الوصية الأولى: تُحَرِّم عبادة الأوثان.
٦أَنَا هُوَ الرَّبُّ إِلهُكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ. ٧لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي.
١. أَنَا هُوَ الرَّبُّ إِلهُكَ: في العالم القديم (بما في ذلك مصر)، كان الناس يعبدون آلهة كثيرة. وهنا، يميّز يهوه (الرَّبّ)، إله العهد لإسرائيل، نفسه عن الآلهة المفترضة الأخرى.
- عندما أعاد موسى سرد قصة إعطاء الوصايا العشر لإسرائيل على جبل سيناء، كان تقريبًا يكرر نفس الكلمات الموجودة في سفر الخروج الإصحاح ٢٠.
- “في هذا التكرار للشريعة، تم تبديل بعض الأمور وتغيير بعض الكلمات، ربما لدحض تلك الفكرة الخرافية لدى اليهود الذين كانوا يميلون إلى تخيل أسرار معجزيه في كل حرف.” تراب (Trapp)
٢. الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ: قبل أن يعطي الله أي أمر، أعلن عن هويته والأعمال التي قام بها لإسرائيل. وقد تم بهذا وضع الأساس بوضوح: فبسبب هوية الله وما فعله لشعبه، كان يحق له أن يأمرهم، وكان من واجب شعبه أن يطيعه.
- ومع ذلك، لم تُعطَ الوصايا العشر أبدًا باعتبار أن الإنسان يمكنه أن ينال البر أو يدخل السماء من خلال طاعتها بشكل كامل أو كافٍ. ففي سيناء، أمد الله أيضًا لإسرائيل وسيلة للتعامل مع عجزهم عن الالتزام بالشريعة، وذلك من خلال تقديم نظام الذبائح للتكفير عن الخطايا. لقد كانت كل ذبيحة تشير إلى الذبيحة الكاملة التي قدمها يسوع على الصليب.
- يمكن تلخيص هذه الوصايا العشر أيضًا، كما فعل يسوع، من خلال التأكيد على أن جوهر الناموس هو أن تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وتُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ (متى ٢٢: ٣٥-٤٠). إن هذا التبسيط لا يلغي الوصايا العشر؛ بل إنه يحققها، ويكشف عن قلب الله ورغبته لشعبه. المشكلة هي أننا لم نحفظ الوصيتين أيضًا، ناهيك عن الوصايا العشر.
- يسوع المسيح هو الوحيد الذي أطاع الناموس بالكامل، سواء الوصايا العشر أو أعظم وصيتين. لم يكن بحاجة قط إلى تقديم ذبائح من أجل خطاياه، مما جعله هو الذبيحة الكاملة للخطية. وهكذا، وبشكل رائع، تُحسب طاعته لكل من يضع إيمانه وثقته فيه (رومية ٨: ٢-٣).
- بالنسبة للمؤمنين في العهد الجديد، يعمل ناموس الله كمعلم (أو كمؤدب) (غلاطية ٣: ٢٢-٢٥). فقبل أن يتم الكشف الكامل عن خطة الله للخلاص في يسوع المسيح، كان شعب الله مَحْرُوسًا تَحْتَ النَّامُوسِ – كقوة مُلزِمة وكشكل من أشكال الحماية الوقائية. لقد كان الناموس يهيئ الناس، من خلال كشفه عن شخصية الله وكشفه عن طبيعة الخطية، للمجيء إلى يسوع. ومع ذلك، فبمجرد أن يأتوا إلى يسوع بالتوبة والإيمان ويقبلوا عطية الله من خلال العهد الجديد، لا يعد المؤمنون تحت الناموس كمُعلّم، على الرغم من أنهم يتذكرون الدروس التي علّمهم الناموس إياها.
- من منظور الكتاب المقدس ككل، يمكننا أن نقول إن ناموس الله له ثلاثة أهداف واستخدامات عظيمة:
- إنه سياج حماية، يحفظ البشرية في المسار الأخلاقي الصحيح.
- إنه مرآة تُظهر للإنسان فشله الأخلاقي وحاجته إلى مخلّص.
- إنه دليل يُظهر قلب الله ورغبته تجاه شعبه.
- هذا ما قاله تومسون (Thompson) عن الوصايا العشر في العهد الجديد: “أشار إليهم يسوع في عدة مناسبات مختلفة (متى ٥: ٢١، ٢٧، ٣٣؛ مرقس ١٢: ٢٩-٣١؛ لوقا ١٠: ٢٧؛ ١٨: ٢٠)، وهي تكمن ضمنًا وراء عبارات كثيرة في الرسائل (رومية ٢: ٢١، ٢٢؛ غلاطية ٥: ١٩ وما يليها؛ أفسس ٤: ٢٨؛ ٥: ٣)؛ عبرانيين ٤: ٩؛ يعقوب ٢: ١١، الخ).”
٣. لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي: إن الوصية الأولى تنبع بشكل منطقي من فهم من هو الله وما فعله من أجل شعبه. لا شيء يجب أن يأتي أَمَام الله وهو الإله الوحيد الذي نعبده ونخدمه.
- في أيام إسرائيل القديمة، كانوا مُجربين بعبادة آلهة المادة (البعل، إله الطقس والنجاح المالي) وآلهة الجنس (عشتورث، إلهة الجنس والرومانسية والإنجاب)، أو أي عدد من الآلهة المحلية الأخرى. ونحن نُجَرب بعبادة نفس الآلهة، ولكن من دون الأسماء والصور القديمة.
- “لا يجب إدخال أي آلهة أخرى في شراكة مع الرب، لأنه هو وحده إله إسرائيل.” ميريل (Merrill)
٣. لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي: وهذا لا يعني أنه يجوز وجود آلهة أخرى ما دامت مصطفة خلف الإله الحقيقي. بل بخلاف هذا، فالفكرة تحمل أنه لا يوجد آلهة أخرى في حياتنا أمام الإله الحقيقي. وكلمة ’أَمَامِي‘ تعني حرفيًا ’أمام وجهي.‘ لا يسمح الله بوجود آلهة منافسة. يجب أن نعبده وحده.
- إن الفشل في إطاعة هذه الوصية يُسمى عبادة الأوثان. علينا أن نهْرُب مِنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ (١ كورنثوس ١٠: ١٤). إن أولئك الذين يتصفون بعبادة الأوثان بشكل متكرر لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ (كورنثوس الأولى ٦: ٩-١٠، أفسس ٥: ٥، رؤيا ٢١: ٨، ٢٢: ١٥). إن عبادة الأوثان هي واحدة من أعمال الجسد (غلاطية ٥: ١٩-٢٠)، والتي تميز حياتنا القديمة بدلًا من الحياة الجديدة (بطرس الأولى ٤: ٣)، ويجب ألا نرتبط مع أولئك الذين يلقبون أنفسهم بمسيحيين وهم عبدة أوثان (١ كورنثوس ٥: ١١).
ب) الآيات (٨-١٠): الوصية الثانية: تُحَرِّم التماثيل المستخدمة لعبادة الأوثان.
٨لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا صُورَةً مَّا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ. ٩لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ، لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلهٌ غَيُورٌ، أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ وَفِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِنَ الَّذِينَ يُبْغِضُونَنِي، ١٠وَأَصْنَعُ إِحْسَانًا إِلَى أُلُوفٍ مِنْ مُحِبِّيَّ وَحَافِظِي وَصَايَايَ.
١. لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا صُورَةً: إن الوصية الثانية لم تمنع عبادة الأوثان للآلهة الباطلة فحسب، بل تناولت أيضًا صنع تِمْثَال لأي صُورَة لغرض العبادة.
٢. صُورَةً مَّا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ: في ذلك الوقت، كما في أيامنا هذه، كانت العبادة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالصور – الصور المثالية، أو حتى الصور التي تتكون في ذهن الإنسان. ولن يسمح الله لنا أن نصفه بأي صورة من هذا القبيل، ولا أن نستبدله بصورة أخرى.
- الوصية الثانية لم تمنع تصوير شيء ما لأغراض فنية. وقد أمر الله نفسه إسرائيل أن يصنعوا تماثيل الكروبيم (خروج ٢٥: ١٨، ٢٦: ٣١). ولكنه نهى عن صنع الصور ’كمساعدة‘ للعبادة.
- “ولتأييد عبادة الصور، تركت الكنيسة الكاثوليكية الرومانية هذه الوصية الثانية بأكملها من بين الوصايا العشر، وبالتالي فُقِدت وصية كاملة من أصل الوصايا العشر؛ ولكن لكي يحافظوا على العدد قسّموا الوصية العاشرة إلى وصيتين.” كلارك (Clarke)
- يشرح يوحنا ٤: ٢٤ الأساس المنطقي وراء الوصية الثانية: اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا. إن استخدام الصور والأشياء المادية الأخرى للتركيز في العبادة أو “كمساعدة” للعبادة ينكر من هو الله، وأنه (رُّوحِ) وكيف يجب أن نعبده (بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ).
٣. لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلهٌ غَيُورٌ: وهذا يعني أن الله يطلب أن يكون أكثر من مجرد أنه قيمة ’مضافة‘ إلى حياتنا. إنه يصر على أن يكون الأهم في حياتنا ويفعل ذلك من منطلق محبته.
- قد تكون ترجمة ’إِلهٌ غَيُور‘ هي الترجمة الأفضل في اللغة الإنجليزية الحديثة، لأن كلمة ’غيرة‘ اكتسبت معنى سيئًا للغاية.” كول (Cole) – في تفسيره لسفر الخروج ٢٠.
٤. أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ وَفِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِنَ الَّذِينَ يُبْغِضُونَنِي: هذا لا يعني أن الله يعاقبنا مباشرة على خطايا أسلافنا. إن الكلمات المهمة هنا هي الَّذِينَ يُبْغِضُونَنِي – إذا كان الأحفاد يحبون الله، فلن يصيبهم إثم الآباء.
- “إن هذا يعني بالضرورة – إن سار الأبناء على خطوات آبائهم؛ لأنه لا يمكن للعدالة الإلهية أن تدين أي إنسان بجريمة لم يكن مذنبًا بها على الإطلاق. كلارك (Clarke)
- ومع ذلك، فإن التركيز هنا ينصب على عبادة الأوثان، وهذا يشير إلى الدينونة على المستوى الوطني – فالأمم التي تترك الرب ستُدان، وسيكون لهذه الدينونة آثار عبر الأجيال.
ج ) الآية (١١): الوصية الثالثة: تُحَرِّم استخدام اسم الله عَبَثًا.
١١لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بَاطِلًا، لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلًا.
١. لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بَاطِلًا: في الشرق الأدنى القديم، كان من الشائع استخدام اسم إله ما في التعويذات. لقد تم حظر هذا الأمر بموجب هذه الوصية، وهناك ثلاث طرق على الأقل لكسر هذه الوصية عمومًا.
- التدنيس: استخدام اسم الله في التجديف والشَتْم.
- التسلية: استخدام اسم الله بطريقة سطحية غبية.
- الرياء: ادعاء الإيمان بالله والتصرف بطريقة تسيء إليه.
- لقد نقل يسوع فكرة هذه الوصية في الصلاة الربانية التي علّمها لتلاميذه عندما علمنا أن نحترم قدسية اسم الله (لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ، متى ٦: ٩).
٢. لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلًا: وقد أدت قوة هذه الوصية إلى ظهور تقاليد غريبة بين الشعب اليهودي. فالبعض يتطرف إلى أقصى الحدود في محاولة تنفيذ هذه الوصية، ويرفضون حتى كتابة اسم الله، خوفًا من إتلاف الورقة لاحقًا، وكتابة اسم الله بَاطِلًا.
- “في العالم القديم وفي الفكر اليهودي، كان الاسم يُعتبر جزءًا لا يتجزأ من الشخص الذي يحمله، وكان يُعتقد أن استخدام اسم الإله يستدعي قوة الإله في موقف معين. كان بإمكان الشخص المؤمن أن يدعو باسم يهوه، بينما استخدامه لهذا الاسم بطريقة فيها لامبالاة كان أمرًا محظورًا تمامًا.” تومسون (Thompson)
د ) الآيات (١٢-١٥): الوصية الرابعة: حِفْظ يَوْمَ السَّبْت.
١٢اِحْفَظْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ كَمَا أَوْصَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. ١٣سِتَّةَ أَيَّامٍ تَشْتَغِلُ وَتَعْمَلُ جَمِيعَ أَعْمَالِكَ، ١٤وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابعُ فَسَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ، لاَ تَعْمَلْ فِيهِ عَمَلًا مَّا أَنْتَ وَابْنُكَ وَابْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَثَوْرُكَ وَحِمَارُكَ وَكُلُّ بَهَائِمِكَ، وَنَزِيلُكَ الَّذِي فِي أَبْوَابِكَ لِكَيْ يَسْتَرِيحَ، عَبْدُكَ وَأَمَتُكَ مِثْلَكَ. ١٥وَاذْكُرْ أَنَّكَ كُنْتَ عَبْدًا فِي أَرْضِ مِصْرَ، فَأَخْرَجَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ هُنَاكَ بِيَدٍ شَدِيدَةٍ وَذِرَاعٍ مَمْدُودَةٍ. لأَجْلِ ذلِكَ أَوْصَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ أَنْ تَحْفَظَ يَوْمَ السَّبْتِ.
١. اِحْفَظْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ: لقد أمر الله باحترام اليوم السابع (السبت) باعتباره يوم راحة (لاَ تَعْمَلْ فِيهِ عَمَلًا). وكانت هذه الراحة لجميع إسرائيل – للابن والعبد والغريب وحتى البهائم.
- وهذا مبدأ مهم ويمكن أن يتجاوزه الناس بسهولة. هنا أعلن الله عن الإنسانية الجوهرية وكرامة النساء والعبيد والغرباء، وقال إن لهم نفس الحق في يوم راحة مثل الرجل الإسرائيلي الحر. بالتأكيد كان هذا مفهومًا مختلفًا في العالم القديم.
- في الواقع، في عرض موسى للشريعة هنا في سفر التثنية، كان يركز بشكل خاص على حقيقة أن السبت مخصص للعبيد المولودين في الخارج بين إسرائيل. تثنية ٥: ١٥ (وَاذْكُرْ أَنَّكَ كُنْتَ عَبْدًا فِي أَرْضِ مِصْرَ) التي لم يتم ذكرها في خروج ٢٠.
٢. وَاذْكُرْ أَنَّكَ كُنْتَ عَبْدًا فِي أَرْضِ مِصْر: يقدم موسى لإسرائيل هذا السبب لحفظ السبت، بينما بحسب سفر الخروج عند إعطاء الوصايا العشر، يرتبط السبب بقصة الخليقة (خروج ٢٠: ١١). وكلا المنظورين صحيحان: فالسبت يُحيي ذكرى راحة الله بعد عمله في الخلق، وفيه احتفال بالفداء.
- “من المثير للاهتمام أن نلاحظ أن أساس الحجة المتعلقة بالسبت لم تعد تستند إلى راحة الله بعد عمله في الخليقة، بل إلى وضع الشعب باعتباره قد تم فداءه من عبودية مصر.” مورجان (Morgan)
- ينتقل هذا الفهم المتنامي لمعنى السبت إلى العهد الجديد. ويفسر العهد الجديد لنا حفظ يوم السبت على أنه تعبير عن راحة كل من يؤمن في العمل الكامل الذي قام به يسوع المسيح لأجلهم (عبرانيين ٤: ١-٧). كما أصبح أيضًا احتفالًا بأعظم أعمال الله للخلاص والفداء من خلال قيامة يسوع المسيح في اليوم الأول من الأسبوع.
٣. لِتُقَدِّسَهُ: أوصى الله إسرائيل – وكل البشرية – بضمان وجود وقت مقدس في حياتهم، وقت منفصل مخصص للراحة.
- في تقاليدهم، توصّل الشعب اليهودي إلى تحديد دقيق لما اعتقدوا أنه يمكن وما لا يمكن فعله في يوم السبت لِيُقَدِّسَوهُ. على سبيل المثال، في لوقا ١:٦-٢، في أذهان القادة اليهود، كان التلاميذ مذنبين بارتكاب أربع انتهاكات خاصة بيوم السبت في كل مرة أخذوا فيها من الحقل ليأكلوا، لأنهم حصدوا، ودرسوا، وذروا، وأعدوا الطعام.
- علّم معلمو اليهود الأوائل أنه في يوم السبت، لا يستطيع الرجل أن يحمل شيئًا في يده اليمنى أو في يده اليسرى، أو على صدره أو على كتفه. ولكن يمكنه أن يحمل شيئًا بظهر يده، أو قدمه، أو مرفقه، أو في أذنه، أو في شعره، أو في طرف قميصه، أو في حذائه أو نعله. لا يستطيع الرجل الإسرائيلي أن يعقد عقدة في السبت، ولكن يمكن للمرأة أن تربط عقدة واحدة فقط في حزامها، وإذا كان لا بد من رفع دلو من الماء من البئر، فلا يستطيع الرجل الإسرائيلي أن يربط حبلًا في الدلو، ولكن يمكن للمرأة أن تربط حزامها في الدلو وتسحبه من البئر.
- في البيوت اليهودية الملتزمة في يومنا هذا، لا يمكن للمرء أن يشعل الضوء أو الموقد أو مفتاح الكهرباء يوم السبت. ويُحظر القيادة لمسافة معينة أو إجراء مكالمة هاتفية – وكل ذلك يتم تنظيمه بعناية من خلال التقاليد التي تسعى إلى توضيح الشريعة بدقة.
٤. سِتَّةَ أَيَّامٍ تَشْتَغِلُ: لقد أسس الله نموذج السبت في وقت الخلق. ولما استراح من أعماله في اليوم السابع (خروج ١١:٢٠)، جعل الله اليوم السابع يوم راحة من جميع أعمالنا (تكوين ٣:٢). وكأن الله قال، إن وجود الكثير للقيام به ليس عذرًا لعدم أخذ الراحة التي تحتاجها – لقد خلقت الكون ووجدت الوقت للراحة من عملي.
- عندما أوصاهم الرب أن يحفظوا يَوْمَ السَّبْت، فقد قصد بذلك أن يتذكروا أخذ يوم للراحة. “إن مصطلح ’السبت‘ مشتق من الفعل العبري الذي يعني ’الراحة أو التوقف عن العمل‘” كيزر (Kaiser). لكن الغرض الأكثر أهمية من السبت هو أن يكون بمثابة ظل لما لدينا في يسوع من راحة.
- ومثل كل شيء آخر في الكتاب المقدس، نفهمه من المفهوم الكتابي بأكمله وليس فقط من هذا النص الواحد. وبهذه المعرفة، يمكننا أن نرى أن يسوع قد حقق خطة وغرض يوم السبت لنا وفينا تحقيقًا واقعيًا (عبرانيين ٤: ٩-١١) – فهو راحتنا. وعندما نتذكر عمله الكامل فنحن نحْفَظْ يَوْمَ السَّبْتِ، ونحفظ الراحة.
- وبناءً عليه، يوضح الكتاب المقدس أنه بموجب العهد الجديد، ليس أحد ملزمًا بحفظ يوم السبت (كولوسي ١٦:٢-١٧ وغلاطية ٩:٤-١١). وتخبرنا رسالة غلاطية ١٠:٤ أن المؤمنين ليسوا ملزمين بحفظ أَيَّامًا وَشُهُورًا وَأَوْقَاتًا وَسِنِينَ. فالراحة التي ندخلها كمؤمنين هي أمر يجب أن نختبره كل يوم، وليس يومًا واحدًا فقط في الأسبوع – إنها الراحة في معرفة أنه ليس علينا أن نعمل من أجل خلاص أنفسنا، ولكن أن خلاصنا قد تم في يسوع (عبرانيين ٩:٤-١٠).
- إن السبت الذي أمر به إسرائيل وقد حفظه كان ظِلُّ الأُمُورِ الْعَتِيدَةِ، وَأَمَّا الْجَسَدُ فَلِلْمَسِيحِ (كولوسي ١٦:٢-١٧). وفي العهد الجديد، لا تتمثل الفكرة في أنه لا يوجد سبت (راحة)، بل أن كل يوم هو يوم راحة واطمئنان في العمل المكتمل لله. لذلك، فبما أن ظل السبت قد تحقق في يسوع، فنحن أحرار في حفظ أي يوم – أو عدم وجود يوم – كيوم سبت حسب عادة إسرائيل القديمة.
- لا ينبغي أن نتجاهل أهمية يوم الراحة – فقد خلقنا الله لنحتاج إليه. وكما تحتاج السيارة إلى صيانة دورية ومنتظمة، هكذا نحن بحاجة إلى راحة منتظمة للحفاظ على صحتنا. بعض الناس يشبهون السيارات التي قطعت مسافات طويلة ولم تتم صيانتها بشكل جيد، وبالتالي الإهمال يبدو واضحًا.
- بعض المؤمنين أيضًا لديهم أفكار عقائدية فيما يتعلق باعتبار يوم السبت سبتًا بدلًا من يوم الأحد. ولكن لأننا أحرار في اعتبار كل الأيام هي عطية من الله، فلا فرق إذًا. ولكن من بعض النواحي، يوم الأحد هو الأكثر ملاءمة؛ وهو اليوم الذي قام فيه يسوع من بين الأموات (مرقس ١٦: ٩)، والتقى فيه لأول مرة بتلاميذه (يوحنا ٢٠: ١٩)، وهو اليوم الذي اجتمع فيه المؤمنون للشركة (أعمال الرسل ٢٠: ٧، كورنثوس الأولى ١٦: ٢). في ظل الناموس، عمل الناس من أجل إراحة الله؛ ولكن بعد انتهاء عمل يسوع على الصليب، يدخل المؤمن إلى الراحة ويخرج من تلك الراحة إلى العمل.
- ولكننا أُمرنا أيضًا أن نعمل ستة أيام (سِتَّةَ أَيَّامٍ تَشْتَغِلُ). “من تباطل في الأيام الستة فهو مذنب عند الله مثل الذي عمل في اليوم السابع.” كلارك (Clarke) يجب على العديد من المؤمنين أن يقدموا المزيد من ’وقت الراحة‘ لعمل الرب. ويجب أن يكون لكل مؤمن طريقة متعمدة ليخدم بها الله ويعمل على تقدم ملكوت يسوع المسيح.
و ) الآية (١٦): الوصية الخامسة: إكرام الأب والأم.
١٦أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ كَمَا أَوْصَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ، وَلِكَيْ يَكُونَ لَكَ خَيْرٌ علَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ.
١. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ: إن إكرام الآباء والأمهات هو حجر أساسي لاستقرار وصحة المجتمع كله. فإذا كانت الأجيال الشابة في حالة حرب مستمرة مع الأجيال الأكبر سنًا، فسيتم تدمير أسس المجتمع.
- إن إكْرِامْ الوالدين يشمل تقديرهما والاعتناء بهما وإظهار الاحترام أو الإكرام لهما. وهذه الوصية موجهة إلى الأبناء مهما كانت أعمارهم.
- استخدم يسوع الطريقة المحدودة التي فسّر بها الفريسيون هذه الوصية كمثال لكيفية حفظ الناموس، ولكنهم بتفسيرهم المحدود هذا انتهكوا روح الوصية الخامسة (متى ١٥: ٣-٦).
٢. لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ: في أفسس ٢:٦ كرر بولس هذه الوصية، مؤكدًا على الوعد المذكور هنا: لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ. إن التمرد مُكلّف، وكثيرون دفعوا ثمنًا باهظًا بشكل شخصي بسبب تمردهم ضد والديهم.
ز ) الآية (١٧): الوصية السادسة: تُحَرِّم القتل.
١٧لاَ تَقْتُلْ.
١. لاَ تَقْتُلْ: ويتساءل البعض كيف يمكن يسمح الله بعقوبة الإعدام (خروج ١٩: ١٢) بينما هنا يُحرّم القتل. في كل من اللغة العبرية والإنجليزية، هناك فرق بين القتل (kill) والقتل العمد (murder). يشير القتل العمد (murder) إلى أخذ الحياة بشكل غير عادل دون مبرر قانوني (مثل الإعدام بعد الإجراءات القانونية الواجبة) أو مبرر أخلاقي (مثل الدفاع عن النفس)، في حين يمكن أن يحدث القتل دون قصد (kill) في ظل ظروف قانونية أو أخلاقية.
- إن التمييز بين القتل دون قصد والقْتُل العمد واضح في الوصايا المتعلقة بمدن الملجأ (سفر العدد ٣٥: ٩-٣٤، تثنية ٤: ٤١-٤٣).
- “إن محاولة تنفيذ هذه الوصية كحجة للتعامل السلمي مع الذين قتلوا أو لإلغاء عقوبة الإعدام هي محاولة مبنية على فهم خاطئ للآية ١٧.” تومسون (Thompson)
٢. لاَ تَقْتُلْ: لقد شرح يسوع بعناية جوهر هذه الوصية. وأظهر أن ذلك يمنعنا أيضًا من كراهية شخص آخر (متى ٥: ٢١-٢٦)، لأننا يمكن أن نتمنى موت شخص ما في قلوبنا، ولكن لا نملك “الشجاعة” أبدًا لارتكاب هذا الفعل. قد لا يقتل أحد بسبب افتقاره إلى الشجاعة أو المبادرة، رغم أن قلبه مملوء بالكراهية.
ح ) الآية (١٨): الوصية السابعة: تُحَرِّم الزنا.
١٨وَلاَ تَزْنِ.
١. لاَ تَزْنِ: إن الوصية تدين هذا الفعل بشكل لا لبس فيه، ولا تترك مجالًا لأي أعذار أو محاولات لتبرير العلاقات خارج نطاق الزواج. لا يسمح الله بأي مبرر لمثل هذا السلوك؛ فهو مُحرم، وعندما يُرتكب فهو خطية ويتسبب في ضرر.
- لأن هناك عقوبات مختلفة للزنا (تثنية ٢٢: ٢٢) ولإغواء فَتَاةٌ عَذْرَاء (خروج ٢٢: ١٦-١٧، تثنية ٢٢: ٢٣-٢٩)، فإنه يتم تمييز الزنا عن ممارسة الجنس قبل الزواج في العهد القديم. وكلاهما خطية، ولكن بطريق مختلفة.
- يفسر ميريل (Merrill) سبب عدم ذِكر الوصايا العشر للخطايا الجنسية الأخرى: “في مواضع أخرى، تحظى أمور مثل الزنا (سفر العدد ٢٥: ١)، والدعارة (تثنية ٢٢: ٢١)، والمثلية الجنسية (قضاة ١٩: ٢٢؛ لاويين ١٨: ٢٢؛ تثنية ٢٣: ١٧-١٨) بالاهتمام ويتم إدانتها بشدة. أما الزنا، فإنه يعني الخيانة، وكسر العهد، وهذا يجعله تمثيلًا مناسبًا لخيانة العهد على المستوى الأعلى – العهد الإلهي – الإنساني.
٢. لاَ تَزْنِ: يدين العهد الجديد الزنا بوضوح: وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ، الَّتِي هِيَ: زِنىً، عَهَارَةٌ، نَجَاسَةٌ، دَعَارَةٌ… (غلاطية ٥: ١٩). إن الفعل نفسه مُدان، ولكن هناك ما هو أكثر وأخطر من الفعل نفسه.
- وبعيدًا عن إدانة الفعل الجسدي، ألقى يسوع الضوء على المعنى الأعمق لهذه الوصية. إن الله يمنعنا من النْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِنَشْتَهِيَهَا، حيث يُرتكب الزنا في قلوبنا أو عقولنا، حتى لو لم يكن لدينا الشجاعة أو الفرصة للتصرف بموجبها (متى ٥: ٢٧-٣٠). فنحن لا نكون أبرياء لمجرد أنه لم تتح لنا الفرصة لتحقيق نوايا قلوبنا الخاطئة.
ط) الآية (١٩): الوصية الثامنة: تُحَرِّم السرقة.
١٩وَلاَ تَسْرِقْ.
١. لاَ تَسْرِقْ: وهذه الوصية هي أساس مهم آخر للمجتمع البشري، وهو إرساء حق الملكية الشخصية. من الواضح أن الله قد عهد بممتلكات معينة إلى أفراد معينين، ولا يُسمح لأشخاص أو دول أخرى بالاستيلاء على تلك الممتلكات دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة.
- “في هذا النص وفي نصوص العهدين القديم والجديد، تم إدانة كل سرقة. يقوم النظام الموسوي على مبدأ الحق في الملكية الشخصية. يظهر المصطلح العبري ’يسرق‘ (ganaḇ) مرة أخرى فقط في سفر التثنية ٢٤: ٧، ويتناول بشكل خاص موضوع سرقة النفس (أو الخطف) – وهو انتهاك خطير للوصية الثامنة، لأنه غالبًا ما يؤدي إلى العبودية.” كالاند (Kalland)
٢. لاَ تَسْرِقْ: يمكننا أيضًا أن نسرق من الله. وبطبيعة الحال، تتطلب هذه الوصية أن نكرم الله بمواردنا المالية، حتى لا نكون مذنبين بسَلَبْه (ملاخي ٣: ٨-١٠). ولكن يمكننا أيضًا أن نسرق الله برفضنا أن نسلمه أنفسنا للطاعة ولخدمته، لأنه اشترانا ويملكنا، عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ… بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ. (١ بطرس ١٨:١-١٩).
٣. لاَ تَسْرِقْ: تقدم رسالة أفسس ٢٨:٤ الحل للسرقة: “لاَ يَسْرِقِ السَّارِقُ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَتْعَبُ عَامِلًا الصَّالِحَ بِيَدَيْهِ، لِيَكُونَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ لَهُ احْتِيَاجٌ.”
ي) الآية (٢٠): الوصية التاسعة: تُحَرِّم الكذب، خاصة في الشهادة القانونية.
٢٠وَلاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ.
١. لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُور: المعنى المباشر لهذه الوصية يتعلق بالإجراءات القانونية. فمن الشائع التحدث في محكمة غير رسمية، حيث يتم أخذ ما نقوله على محمل الجد ويكون الصدق أو الخطأ مهمًا لنا وللآخرين.
- وبالمعنى الموسع، يمكننا أن نكسر الوصية التاسعة من خلال التشهير، أو النميمة، أو خلق انطباعات كاذبة، أو الصمت، أو التشكيك في الدوافع وراء تصرفات شخص ما، أو حتى التملق.
- “الافتراء… هو كذب تم اختراعه ونشره بقصد الأذى. وهذا هو أسوأ شكل من أشكال الأذى الذي يمكن أن يسببه شخص لآخر. وبالمقارنة بمن يفعل ذلك، فإن رجل العصابات سيبدو كرجل نبيل، والقاتل كشخص طيب، لأنه أنهى حياة بلحظة بضربة واحدة وبألم بسيط. لكن الرجل المذنب بالافتراء يفسد سمعة قد لا يمكن استعادتها أبدًا، ويسبب معاناة مدى الحياة.” ريدباث (Redpath)
- “النميمة… هي تكرار الخبر عن شخص دون تحقيق دقيق. لقد اختبرت مرات عديدة معنى المعاناة من هذا الأمر. إن تكرار قصة تجلب العار والمذلة لشخص آخر دون التأكد من صحتها هو كسر لهذه الوصية… فكم من الناس، وخاصة المؤمنين، يستمتعون بهذا، ويُسرون بإحداث الفوضى من خلال سرد الحكايات عن الآخرين. إن تبرير هذا الفعل بالقول إنهم يعتقدون أن التقرير صحيح، أو أنه لم تكن هناك نية للإساءة، ليس مبررًا.” ريدباث (Redpath)
- الصمت غير المناسب (أو فِي غَيْرِ مَحَلِه) قد يكسر هذه الوصية أيضًا. “عندما يتلفظ شخص ما بكذبة عن شخص آخر وكان هناك شخص ثالث حاضرًا وهو يعلم أن هذا القول غير صحيح ولكنه يظل صامتًا لأسباب الخوف أو الكراهية، فإن هذا الشخص الثالث يكون مذنبًا بكسر هذه الوصية تمامًا كما لو كان هو من ساهم بنشر هذا الخبر الكاذب.” ريدباث (Redpath)
- “إذا كان لدى أحد دليل ضد شخص آخر وحجب هذا الدليل، فإنه “سيحَمِل ذَنْبَهُ.” (لاويين ١:٥). في إسرائيل، كان قول الحقيقة والدفاع عنها من أهم الأمور.” كالاند (Kalland)
٢. لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ: يوضح العهد الجديد الأمر ببساطة. لاَ تَكْذِبُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، إِذْ خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ أَعْمَالِهِ (كولوسي ٩:٣). الكذب وتحريف الحقائق هي جزء من الإِنْسَانَ الْعَتِيق، وليس الحياة الجديدة التي دُعي المؤمنون إلى عيشها في يسوع المسيح.
- “كم هو غريب جدًا أننا نعتقد أن النضج المسيحي يظهر من خلال القدرة على التحدث بما يدور في ذهننا، في حين أن النضج يُعبَّر عنه حقًا من خلال التحكم بألسنتنا.” ريدباث (Redpath)
- “تخيل الصدمة لو تمكنا من سماع تسجيل صوتي لكل ما قاله أعضاء الكنيسة عن بعضهم البعض على مدار أسبوع واحد!” ريدباث (Redpath)
- الشيطان موجود دائما ليشجع الكذب (يوحنا ٨: ٤٤؛ أعمال الرسل ٥: ٣)؛ وكان يسوع نفسه ضحية شهادة الزور (مرقس ١٤: ٥٧). وبشكل ما يمكن القول إن هذه هي الخطية التي أرسلت يسوع إلى الصليب.
ك) الآية (٢١): الوصية العاشرة: تُحَرِّم الشهوة بكل أنواعها.
٢١وَلاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ وَلاَ حَقْلَهُ وَلاَ عَبْدَهُ وَلاَ أَمَتَهُ وَلاَ ثَوْرَهُ وَلاَ حِمَارَهُ وَلاَ كُلَّ مَا لِقَرِيبِكَ.
١. لاَ تَشْتَهِ: جميع الوصايا التسعة الأولى تركز أكثر على الأشياء التي نقوم بها؛ بينما تتعامل الوصية العاشرة مباشرة مع القلب وشهواته.
- “الأمر اللافت للنظر في هذه الوصية العاشرة والأخيرة هو أنها ترفع مستوى مشكلة الخطية والعصيان من مجرد الفعل إلى الموقف والفكر والرغبة.” ميريل (Merrill)
- إن ترجمة كلمة “تَشْتَهِ” حرفيًا تعني “يلهث وراء.” ويتبع الطمع (الشهوة) هذا التدرج: تنظر العين إلى شيء ما، ويعجب به العقل، وتتجه إليه الإرادة، ويتحرك الجسد لامتلاكه. ولمجرد أنك لم تتخذ الخطوة الأخيرة لا يعني أنك لست الآن في مرحلة الطمع (الشهوة).
٢. امْرَأَةَ قَرِيبِكَ… بَيْتَ قَرِيبِكَ… وَلاَ حَقْلَهُ: يمكن التعبير عن الشهوة والطمع في العديد من الأشياء؛ إنها الرغبة في امتلاك وتملّك ما يملكه شخص آخر. إنه يتحدث عن عدم الرضا عما لدينا، والغيرة من أولئك الذين لديهم شيء “أفضل.”
- العبرانيين ١٣: ٥ توضح ذلك جيدًا: لِتَكُنْ سِيرَتُكُمْ خَالِيَةً مِنْ مَحَبَّةِ الْمَالِ. كُونُوا مُكْتَفِينَ بِمَا عِنْدَكُمْ، لأَنَّهُ قَالَ: «لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ.»
- ترتبط هذه الوصية الأخيرة ارتباطًا وثيقًا بالوصية الأولى ضد عبادة الأوثان: فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ هذَا أَنَّ كُلَّ زَانٍ أَوْ نَجِسٍ أَوْ طَمَّاعٍ الَّذِي هُوَ عَابِدٌ لِلأَوْثَانِ – لَيْسَ لَهُ مِيرَاثٌ فِي مَلَكُوتِ الْمَسِيحِ وَاللهِ. (أفسس ٥: ٥).
- أعطى يسوع تحذيرًا خاصًا بشأن الطمع، وهو ما أوضح الفلسفة الأساسية لقلب الطماع، وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ» (لوقا ١٢: ١٥)
- بالمقارنة مع الوصايا العشر المذكورة في خروج ٢٠، أضاف موسى هنا كلمة حَقْلَهُ (أي حقل القريب) إلى الأشياء التي لا يجب على المرء أن يطمع فيها. ويبدو أن موسى كان في ذهنه ميراثهم بأرض كنعان.
- “إن الوصية ضد اشتهاء أرض القريب لا معنى لها إلا في مجتمع يقدّر ويحترم الروابط الأسرية والوئام الاجتماعي والملكية الخاصة.” كالاند (Kalland)
ثالثًا. رد فعل إسرائيل وتجاوب الله عند جبل سيناء
أ ) الآيات (٢٢-٢٧): رد فعل إسرائيل: الخوف والرغبة في الانفصال عن الله.
٢٢هذِهِ الْكَلِمَاتُ كَلَّمَ بِهَا الرَّبُّ كُلَّ جَمَاعَتِكُمْ فِي الْجَبَلِ مِنْ وَسَطِ النَّارِ وَالسَّحَابِ وَالضَّبَابِ، وَصَوْتٍ عَظِيمٍ وَلَمْ يَزِدْ. وَكَتَبَهَا عَلَى لَوْحَيْنِ مِنْ حَجَرٍ وَأَعْطَانِي إِيَّاهَا. ٢٣«فَلَمَّا سَمِعْتُمُ الصَّوْتَ مِنْ وَسَطِ الظَّلاَمِ، وَالْجَبَلُ يَشْتَعِلُ بِالنَّارِ، تَقَدَّمْتُمْ إِلَيَّ، جَمِيعُ رُؤَسَاءِ أَسْبَاطِكُمْ وَشُيُوخُكُمْ ٢٤وَقُلْتُمْ: هُوَذَا الرَّبُّ إِلهُنَا قَدْ أَرَانَا مَجْدَهُ وَعَظَمَتَهُ، وَسَمِعْنَا صَوْتَهُ مِنْ وَسَطِ النَّارِ. هذَا الْيَوْمَ قَدْ رَأَيْنَا أَنَّ اللهَ يُكَلِّمُ الإِنْسَانَ وَيَحْيَا. ٢٥وَأَمَّا الآنَ فَلِمَاذَا نَمُوتُ؟ لأَنَّ هذِهِ النَّارَ الْعَظِيمَةَ تَأْكُلُنَا. إِنْ عُدْنَا نَسْمَعُ صَوْتَ الرَّبِّ إِلهِنَا أَيْضًا نَمُوتُ. ٢٦لأَنَّهُ مَنْ هُوَ مِنْ جَمِيعِ الْبَشَرِ الَّذِي سَمِعَ صَوْتَ اللهِ الْحَيِّ يَتَكَلَّمُ مِنْ وَسَطِ النَّارِ مِثْلَنَا وَعَاشَ؟ ٢٧تَقَدَّمْ أَنْتَ وَاسْمَعْ كُلَّ مَا يَقُولُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُنَا، وَكَلِّمْنَا بِكُلِّ مَا يُكَلِّمُكَ بِهِ الرَّبُّ إِلهُنَا، فَنَسْمَعَ وَنَعْمَلَ.
١. فِي الْجَبَلِ مِنْ وَسَطِ النَّارِ وَالسَّحَابِ وَالضَّبَابِ، وَصَوْتٍ عَظِيمٍ: لقد كان المنظر كله رهيبًا حقًا. تكَلّمَ الرَّبُّ، وكان هناك نَّارِ وَسَّحَابِ وَضَّبَابِ وَصَوْتٍ عَظِيمٍ. وقد ترك كل ذلك انطباعًا كبيرًا لدى إسرائيل لدرجة أنهم طلبوا من موسى ألا يجعل الله يتحدث إليهم بشكل مباشر بعد الآن (خروج ١٩:٢٠).
- وَأَمَّا الآنَ فَلِمَاذَا نَمُوتُ؟… إِنْ عُدْنَا نَسْمَعُ صَوْتَ الرَّبِّ إِلهِنَا أَيْضًا نَمُوتُ: لقد كانت هذه الكلمات واضحة. لم تعكس الخبرة التي عاشها الشعب في جبل سيناء اختبار شركة لطيف مع الله. فلم تكن رسالة جبل سيناء ’تعالوا إليّ‘ بل ’ابتعدوا، لأني قدوس بينما أنتم لستم قديسين.‘
- وهذه هي نفس رسالة الكاتب إلى العبرانيين في اصحاح ١٨:١٢-٢٤. فنحن في العهد الجديد، لَمْ نَأْتِ إلى جبل سيناء حيث الرسالة “ابتعدوا عني،” بَلْ قَدْ أَتَيْنا إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، حيث رسالة الله هي “تَعَالَوْا إِلَيَّ.”
- لَوْحَيْنِ: “حقيقة أن الوصايا قد نُقشت عَلَى لَوْحَيْنِ مِنْ حَجَرٍ (٤: ١٣) أوحت للعلماء تفسيرات مختلفة. فيعتقد البعض أن الوصايا كانت مقسّمة بين اللوحين، حيث تم إدراج بعضها على أحد اللوحين والباقي على الآخر. ويزعم آخرون، بما يتفق مع تقاليد العهد، أن اللوحين شملا الوصايا العشر، وكانت بمثابة نسخ مكررة – نسخة لكل طرف في العهد للاحتفاظ بها في سجلاته الخاصة.” ميريل (Merrill)
٢. كَلِّمْنَا بِكُلِّ مَا يُكَلِّمُكَ بِهِ الرَّبُّ إِلهُنَا، فَنَسْمَعَ وَنَعْمَل: رغم أن شعب إسرائيل كان واثقًا جدًا من قدرتهم على طاعة كلام الله، إلا أنه كانت لديهم الرغبة في سماع وتطبيق كل ما يكلمه به الرب إلههم.
- “وبالفعل لا يزال عمل الناموس هو تخويف البشر، ودفعهم للبحث عن وسيط.” تراب (Trapp)
ب) الآيات (٢٨-٣٣): الله يتجاوب بفرح مملوء بالرجاء من نحو إسرائيل.
٢٨فَسَمِعَ الرَّبُّ صَوْتَ كَلاَمِكُمْ حِينَ كَلَّمْتُمُونِي وَقَالَ لِي الرَّبُّ: سَمِعْتُ صَوْتَ كَلاَمِ هؤُلاَءِ الشَّعْبِ الَّذِي كَلَّمُوكَ بِهِ. قَدْ أَحْسَنُوا فِي كُلِّ مَا تَكَلَّمُوا. ٢٩يَا لَيْتَ قَلْبَهُمْ كَانَ هكَذَا فِيهِمْ حَتَّى يَتَّقُونِي وَيَحْفَظُوا جَمِيعَ وَصَايَايَ كُلَّ الأَيَّامِ، لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ وَلأَوْلاَدِهِمْ خَيْرٌ إِلَى الأَبَدِ. ٣٠اِذْهَبْ قُلْ لَهُمْ: ارْجِعُوا إِلَى خِيَامِكُمْ. ٣١وَأَمَّا أَنْتَ فَقِفْ هُنَا مَعِي فَأُكَلِّمَكَ بِجَمِيعِ الْوَصَايَا وَالْفَرَائِضِ وَالأَحْكَامِ الَّتِي تُعَلِّمُهُمْ فَيَعْمَلُونَهَا فِي الأَرْضِ الَّتِي أَنَا أُعْطِيهِمْ لِيَمْتَلِكُوهَا. ٣٢فَاحْتَرِزُوا لِتَعْمَلُوا كَمَا أَمَرَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ. لاَ تَزِيغُوا يَمِينًا وَلاَ يَسَارًا. ٣٣فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ الَّتِي أَوْصَاكُمْ بِهَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ تَسْلُكُونَ، لِكَيْ تَحْيَوْا وَيَكُونَ لَكُمْ خَيْرٌ وَتُطِيلُوا الأَيَّامَ فِي الأَرْضِ الَّتِي تَمْتَلِكُونَهَا.
١. قَدْ أَحْسَنُوا فِي كُلِّ مَا تَكَلَّمُوا: لقد سُرَّ الله برد فعل إسرائيل. وكان ردهم دليلًا على أنهم أخذوا الرب والعلاقة معه على محمل الجد.
٢. يَا لَيْتَ قَلْبَهُمْ كَانَ هكَذَا فِيهِمْ: هذه الكلمات تنقل لنا أن الله أحب ما رآه في إسرائيل، لكنه كان يأمل أن يحافظوا على نفس الموقف القلبي.
- “إن هذا يعكس شوقًا عميقًا من قلب الله، يذكرنا ببكاء يسوع على أورشليم… فالله يسعى إلى تفاني القلب.” ماير (Meyer)
- قَلْبَهُمْ كَانَ هكَذَا: إن العامل الأعمق والأكثر تأثيرًا في تشكيل النتائج، لا ينبع من الذكاء أو من الذهن، بل من شوق القلب الحقيقي. وفي النهاية، فالإنسان بالفعل يصبح ما يرغبه.” مورجان (Morgan)
٣. لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ وَلأَوْلاَدِهِمْ خَيْرٌ إِلَى الأَبَدِ: هذا هو دافع الله لدعوتنا إلى الطاعة – لِكَيْ يَكُونَ لَنا خَيْرٌ. إن كل وصية من وصايا الله متأصلة في محبته لشعبه، وليس مجرد الرغبة في السيطرة، أو الرغبة في إلحاق الأذى بهم.
- “إن خير شعبه متأصل في قلب الله. يكشف هذا المشهد عن الرحمة الإلهية كيف أن محبة الرب تتمحور حول ما هو الأفضل حقًا لشعبه.” كالاند (Kalland)
٤. فَاحْتَرِزُوا لِتَعْمَلُوا كَمَا أَمَرَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ: إن معرفة مجد الله (كما استُعلن على جبل سيناء) ومعرفة محبة الله (كما استُعلنت من خلال شوق قلبه أن يَكُونَ لَكُمْ خَيْرٌ)، منحهما سبب أكثر من ذي قبل لطاعة الله.
- ومن الواضح أنه عندما يواجه شعب الله صعوبة في طاعة الله، فإنهم غالبًا ما ينسون إما مجده أو محبته لهم. وفي بعض الأحيان، ينسون كليهما.