سفر التثنية – الإصحاح ٦
موسى يذكِّر إسرائيل بالوصية وبالتحذير
أولًا. الوصية: جوهر شريعة الله
أ ) الآيات (١-٣): تذكر الوصية قبل دخول كنعان.
١وَهذِهِ هِيَ الْوَصَايَا وَالْفَرَائِضُ وَالأَحْكَامُ الَّتِي أَمَرَ الرَّبُّ إِلهُكُمْ أَنْ أُعَلِّمَكُمْ لِتَعْمَلُوهَا فِي الأَرْضِ الَّتِي أَنْتُمْ عَابِرُونَ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكُوهَا، ٢لِكَيْ تَتَّقِيَ الرَّبَّ إِلهَكَ وَتَحْفَظَ جَمِيعَ فَرَائِضِهِ وَوَصَايَاهُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا، أَنْتَ وَابْنُكَ وَابْنُ ابْنِكَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ، وَلِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ. ٣فَاسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ وَاحْتَرِزْ لِتَعْمَلَ، لِكَيْ يَكُونَ لَكَ خَيْرٌ وَتَكْثُرَ جِدًّا، كَمَا كَلَّمَكَ الرَّبُّ إِلهُ آبَائِكَ فِي أَرْضٍ تَفِيضُ لَبَنًا وَعَسَلًا.
١. وَهذِهِ هِيَ الْوَصَايَا: إن اللغة العبرية هنا هي لغة توكيد. موسى يطلب من إسرائيل هنا الانتباه إلى الْوَصَايَا. وفي الآيات التالية اختزل الله الشريعة إلى مبدأ حاكم واحد، أي وصية واحدة تشمل جميع الوصايا.
٢. لِكَيْ يَكُونَ لَكَ خَيْرٌ وَتَكْثُرَ جِدًّا… لِكَيْ يَكُونَ لَكَ خَيْرٌ: كان مصير إسرائيل يعتمد على طاعتهم لهذه الوصية العظيمة. فلو أطاعوا الوصايا لطالت أيام حياتهم وامتلأت بالبركة. إذا لم يطيعوا، فيمكنهم أن يتوقعوا أن يلعنهم الله.
ب) الآيات (٤-٥): الوصية الكبرى: تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ.
٤«اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. ٥فَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ.
١. اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: تُعرف هذه الآيات في اللغة العبرية، باسم شيماع (Shema) (أي “اسمع” بالعبرية). وهي تُعد اعتراف الإيمان العبري التقليدي، الذي يصف من هو الله وما هو واجبنا تجاهه.
٢. الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ: هذه هي الحقيقة الأساسية عن الله. إنه شخص وليس قوة وحدة وجودية غامضة. فكونه وَاحِدًا، لا يمكن تمثيله بصور متناقضة. وبما أن الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ، فليس هو البعل ولا عشتاروث – إنه الرب الإله، أما أولئك الآلهة فهم ليسوا كذلك.
• في ذهن العديد من اليهود، هذه الآية وحدها تبطل تعليم العهد الجديد بأن يسوع هو الله، وتبطل تعليم العهد الجديد عن الثالوث – أن هناك إله واحد، موجود في ثلاثة أقانيم. في بعض الأوقات والأماكن، عندما كانت المجامع اليهودية تقول الشيماع معًا، وعندما تقال كلمة وَاحِدٌ (إيكاد)، كانوا يكررون تلك الكلمة بصوت عالٍ وبقوة لعدة دقائق، كما لو كان ذلك انتهارًا للمسيحيين الذين يؤمنون بالثالوث.
• يجب على المؤمنين أن يتوصلوا إلى فهم متجدد لوحدانية الله. ويجب عليهم أن يقدّروا حقيقة أن الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ وليس ثلاثة، كما تقول رسالة كورنثوس الأولى ٨: ٦ “لكِنْ لَنَا إِلهٌ وَاحِدٌ: الآبُ الَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، ونعبد رَبٌّ وَاحِدٌ” موجودًا في ثلاثة أقانيم، وليس ثلاثة آلهة منفصلة.
• ومع ذلك فإن القول بأن الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ لا يتعارض بالتأكيد مع حقيقة الثالوث. وهو في الواقع يثبت تلك الحقيقة. فالكلمة العبرية التي تعني ’وَاحِدٌ‘ هي ’إيكاد‘ (echad) – التي تتحدث بشكل حرفي عن الوحدة الجامعة، بدلًا من استخدام الكلمة العبرية “ياكيد – yachid” التي تتحدث عن الوحدة المطلقة أو التفرد (تكوين ٢٢: ٢ ومزمور ٢٥: ١٦).
• أول استخدام لكلمة إيكاد (echad) في الكتاب المقدس كان في تكوين ١: ٥ “وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا وَاحِدًا.” وحتى هنا نرى وحدة (يومًا واحدًا) مع فكرة التعدد (المكونة من المساء والصباح).
في تكوين ٢: ٢٤ نجد استخدام كلمة ’إيكاد‘ (echad) في القول بأن الاثنين يَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. ومرة أخرى، فكرة الوحدة (جسد واحد)، مبنية على التعددية (الرَّجُلُ وَامْرَأَتِهِ).
في خروج ٢٦: ٦، ١١ تم استخدام الخمسين مشبكًا من الذهب لربط الشقق معًا، وبالتالي تكون الخيمة خيمة واحدة (إيكاد) – وحدة (واحدة) مكونة من الجمع (الأجزاء العديدة من خيمة الاجتماع).
في حزقيال ٣٧: ١٧، قال الرب لحزقيال أن يجمع العَصَوَين (يمثلان نبويًا أفرايم ويهوذا) وأن وَيقْرِنْهُمَا الْوَاحِدَةَ بِالأُخْرَى كَعَصًا وَاحِدَةٍ، فَتَصِيرَا وَاحِدَةً (إيكاد). وهنا يتحدث مرة أخرى عن الوحدة (عصا واحدة) المكونة من الجمع (العَصَوَين).
• ليس من الممكن أن يكون لدى ’إيكاد‘ (echad) فكرة حصرية عن التفرد المطلق؛ إن فكرة الاله الواحد في ثلاثة أقانيم تتناسب بشكل جيد مع مصطلح ’إيكاد‘ (echad).
٣. الرَّبُّ إِلهُنَا: بالإضافة إلى ذلك، فحتى اسم إِلهُنَا في هذا السطر يشير إلى التعددية في شخص الله. فالكلمة العبرية لكلمة إِلهُنَا هي إلوهيم، ونحويًا هي كلمة جمع تستخدم كما لو كانت مُفردًا – الأفعال والضمائر المستخدمة معها تكون في العموم بصيغة الجمع.
• يقول المعلم اليهودي سمعان بن يوآشي (Simeon ben Joachi) تعليقًا على كلمة إلوهيم: “تعالوا وانظروا السر في كلمة إلوهيم. هناك ثلاث درجات (رُتَب)، وكل درجة فيها هي منفصلة في ذاتها، ومع ذلك فهي كلها واحدة، ومتحدة معًا في وحدة واحدة، ولا تنفصل عن بعضها البعض.” ويضيف كلارك (Clarke): “لا بد أنه متحيز بشكل غريب حقًا مَن لا يستطيع أن يرى أن عقيدة الثالوث، والثالوث في الوحدة، يُعبَّر عنها في الكلمات المذكورة أعلاه.”
• ليوبولد (Leupold) يقتبس من لوثر (Luther) عن إلوهيم: “ولكن لدينا شهادة واضحة أن موسى كان يهدف للإشارة إلى الثالوث أو الأقانيم الثلاثة في الطبيعة الإلهية الواحدة.”
٤. فَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ: إن معرفة من هو الله تُمكنّنا من التصرف نحوه بشكل صحيح، ونعطيه ما يستحق.
• الله يريد منا المحبة الكاملة. وهذه المحبة مناسبة لأنه هو أحبنا بالتمام: نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلًا (يوحنا الأولى ٤: ١٩).
• إن أكثر ما يريده الله منا هو أن نُحِبُّه. نعتقد في كثير من الأحيان أن الله يطلب منا مئات الأشياء الأخرى – أموالنا، وقتنا، جهدنا، إرادتنا، خضوعنا، وما إلى ذلك – ولكن ما يريده الله حقًا هو محبتنا. عندما نحب الرب حقًا من كل قلوبنا وأرواحنا وعقولنا، فإن كل شيء آخر يُعطى مجانًا للرب. إذا أعطينا الرب كل الباقي – المال، والوقت، والجهد، والإرادة، وما إلى ذلك – دون أن نعطيه محبتنا، فسيضيع كل ذلك – وربما يُفقد كل شيء.
• وقد دعا يسوع هذا: الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى (متى ٢٢: ٣٧-٣٨)، وقال أن الوصية الثانية: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ، مثل الوصية الأولى العظمى. عندما نحب الرب إلهنا من كل قلوبنا وأرواحنا وأفكارنا، سيكون من السهل علينا أن نحب قريبنا مثل أنفسنا.
ج) الآيات (٦-٩): التذكير المستمر بالشريعة.
٦وَلْتَكُنْ هذِهِ الْكَلِمَاتُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ عَلَى قَلْبِكَ، ٧وَقُصَّهَا عَلَى أَوْلاَدِكَ، وَتَكَلَّمْ بِهَا حِينَ تَجْلِسُ فِي بَيْتِكَ، وَحِينَ تَمْشِي فِي الطَّرِيقِ، وَحِينَ تَنَامُ وَحِينَ تَقُومُ، ٨وَارْبُطْهَا عَلاَمَةً عَلَى يَدِكَ، وَلْتَكُنْ عَصَائِبَ بَيْنَ عَيْنَيْكَ، ٩وَاكْتُبْهَا عَلَى قَوَائِمِ أَبْوَابِ بَيْتِكَ وَعَلَى أَبْوَابِكَ.
١. وَلْتَكُنْ هذِهِ الْكَلِمَاتُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ عَلَى قَلْبِكَ: يجب أن تكون هذه الوصية العظيمة في قَلْبِكَ أولًا. ومن ثم يجب أن ننقلها إلى أولادنا، وتكون هي موضوع حديثنا، ويجب أن يكون أمامنا دائمًا – قرب أيدينا أو جبيننا، وتكون دائمًا أمامنا مثل قوائم أبوابنا وبواباتنا.
٢. وَارْبُطْهَا عَلاَمَةً عَلَى يَدِكَ: بحلول زمن يسوع، اعتمد الشعب اليهودي ممارسة ارتداء العصائب بناء على هذا النص. العصائب عبارة عن صناديق صغيرة تحمل رقًا عليها نصوص مقدسة، وتُثبت على الجبهة أو اليد بأشرطة جلدية.
• أدان يسوع إساءة استخدام العصائب بين الفريسيين؛ كانوا يجعلون صناديق العصائب الخاصة بهم كبيرة ومتفاخرة كعرض لروحانية أعظم (متى ٢٣: ٥).
• في نهاية الزمان، سيكون هناك تقليد شيطاني لهذه الممارسة، عندما سيتم وضع رقم ضد المسيح على يد أو جبين كل من يقبله (رؤيا ١٣: ١٦).
٣. وَاكْتُبْهَا عَلَى قَوَائِمِ أَبْوَابِ بَيْتِكَ وَعَلَى أَبْوَابِكَ: يؤدي هذا الأمر إلى ممارسة يهودية تُدعى المزوزاه (mezuzah). وهي حاوية صغيرة تحتوي على نصوص كتابية مثبتة على قوائم أبواب البيت.
ثانيًا. خطر العصيان
أ ) الآيات (١٠-١٢): خطر ترك الله في أوقات الرخاء.
١٠وَمَتَى أَتَى بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي حَلَفَ لآبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أَنْ يُعْطِيَكَ، إِلَى مُدُنٍ عَظِيمَةٍ جَيِّدَةٍ لَمْ تَبْنِهَا، ١١وَبُيُوتٍ مَمْلُوءَةٍ كُلَّ خَيْرٍ لَمْ تَمْلأْهَا، وَأَبَآرٍ مَحْفُورَةٍ لَمْ تَحْفِرْهَا، وَكُرُومٍ وَزَيْتُونٍ لَمْ تَغْرِسْهَا، وَأَكَلْتَ وَشَبِعْتَ، ١٢فَاحْتَرِزْ لِئَلاَّ تَنْسَى الرَّبَّ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ.
١. أَنْ يُعْطِيَكَ، إِلَى مُدُنٍ عَظِيمَةٍ جَيِّدَةٍ لَمْ تَبْنِهَا: خطط الله أن يأتي بإسرائيل إلى أرض وفيرة ومجهزة. كان في هذه البركة الوفيرة التي أعطاها الله لإسرائيل، خطر كامن: لِئَلاَّ تَنْسَى الرَّبَّ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ.
٢. لِئَلاَّ تَنْسَى الرَّبَّ: تتكرر هذه الدورة عبر تاريخ إسرائيل، خاصة في زمن القضاة. سيبارك الله إسرائيل الطائعة، وسيزدهرون؛ فيضعون قلوبهم على البركات بدلًا من الرب الذي باركهم؛ سيسمح الله بالتأديب ليعيدهم إليه؛ وسيتوب إسرائيل ويطيعون الرب مرة أخرى، وسيبارك الله إسرائيل الطائعة ثانية، وسوف يزدهرون.
• نحن عادة نفشل في تقدير خطورة النجاح والازدهار. نحن نتفق على أن هناك خطرًا نظريًا في تلك الأشياء، لكننا نادرًا ما نعتقد أنها من الممكن أن تحدث لنا أو تنطبق علينا.
• إنه من الأسهل أن تَنْسَى الرَّبَّ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ عندما لا تكون هناك ظروف تجبرك على تذكره.
ب) الآيات (١٣-١٩): كيف نتجنب الابتعاد عن الرب في أوقات الرخاء: تمجيد الرب في كل ما نقوم به.
١٣الرَّبَّ إِلهَكَ تَتَّقِي، وَإِيَّاهُ تَعْبُدُ، وَبِاسْمِهِ تَحْلِفُ. ١٤لاَ تَسِيرُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى مِنْ آلِهَةِ الأُمَمِ الَّتِي حَوْلَكُمْ، ١٥لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ إِلهٌ غَيُورٌ فِي وَسَطِكُمْ، لِئَلاَّ يَحْمَى غَضَبُ الرَّبِّ إِلهِكُمْ عَلَيْكُمْ فَيُبِيدَكُمْ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ. ١٦لاَ تُجَرِّبُوا الرَّبَّ إِلهَكُمْ كَمَا جَرَّبْتُمُوهُ فِي مَسَّةَ. ١٧احْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمْ وَشَهَادَاتِهِ وَفَرَائِضِهِ الَّتِي أَوْصَاكُمْ بِهَا. ١٨وَاعْمَلِ الصَّالِحَ وَالْحَسَنَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، لِكَيْ يَكُونَ لَكَ خَيْرٌ، وَتَدْخُلَ وَتَمْتَلِكَ الأَرْضَ الْجَيِّدَةَ الَّتِي حَلَفَ الرَّبُّ لآبَائِكَ ١٩أَنْ يَنْفِيَ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ مِنْ أَمَامِكَ. كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ.
١. الرَّبَّ إِلهَكَ تَتَّقِي، وَإِيَّاهُ تَعْبُدُ: لا يجب أن يكون الاتجاه وراء مخافتنا للرب وعبادته هو الخوف من إله غضوب. بدلًا من ذلك، فاتجاه القلب لأن يَتَّقِي الرب هو أقرب إلى مفهوم الاحترام المملوء بالرهبة، والنفور الداخلي من أن نسيئ لهذا الإله العظيم المحب الذي فعل الكثير من أجلنا.
• هذا هو النص الكتابي الذي اقتبسه يسوع للشيطان عندما جربه بتجنب الصليب واسترداد العالم إذا ما سجد له وعبده. وأجاب يسوع الإجابة السليمة والمؤسسة على الحق: الرَّبَّ إِلهَكَ تَتَّقِي، وَإِيَّاهُ تَعْبُدُ. وهذا لأن الصواب هو أن تتقي الله وتعبده وتخدمه – والخطأ هو السجود للشيطان، مهما كان المقابل (متى ٤: ٨-١٠).
٢. وَبِاسْمِهِ تَحْلِفُ: على الرغم من أنه بالتأكيد يمكن إساءة استخدام مفهوم القسم باسم الله (كما أشار يسوع في متى ٣٣:٥-٣٧)، إلا أنه من المؤكد أن استخدام القسم مسموح به من قبِل أولئك الذين يتبعون الله – حيث أن الله نفسه يستخدم القسم (عبرانيين ٦: ١٣). وهنا يُقال لإسرائيل: “عليك أن تقسم باسم الرب فقط، وليس باسم أي إله آخر.”
٣. لاَ تُجَرِّبُوا الرَّبَّ إِلهَكُمْ كَمَا جَرَّبْتُمُوهُ فِي مَسَّةَ: لقد جرب إسرائيل الرب في خروج ١٧: ١-٧ من خلال شكوكهم في محبته واهتمامه بهم. وقد كان هذا بمثابة تجربة الله أو اختباره فيما يتعلق بمحبته لإسرائيل، وهو أمر لا يعكس فقط تكبرًا واضحًا ضد الله (لأنه ليس لدينا الحق في اختبار القدير) بل يعكس أيضًا تجاهل تام لتعاملات محبته السابقة والمستمرة ورعايته لإسرائيل (بمطالبة الله بإثبات محبته لهم الآن عن طريق منحهم ما يريدون).
• في أي وقت ننكر محبة الله لنا أو نطلب منه أن يفعل شيئًا من أجلنا ليثبت لنا محبته، فإننا نجرب الرب كما لو كان عليه أن يستجيب لمعاييرنا، ونجربه أيضًا بأن يديننا.
• هذا هو النص الكتابي الذي منه استشهد يسوع في التجربة عندما حاول الشيطان أن يجعل الله الآب يثبت محبته للابن من خلال حمايته إذا ما قفز من أعلى الهيكل (متى ٤: ٥-٧)، عرف يسوع أنه من الخطأ أن يطلب هذا النوع من “الدليل” من أبيه، لأن كل يوم كان دليلًا على محبة الله الآب للابن!
٤. وَتَفْعَلُونَ الْحَقَّ… لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ خَيْرٌ: إن هذا الموضوع يتكرر باستمرار. ففي ظل العهد القديم، كانت بركة إسرائيل مبنية على طاعتهم. فإذا أطاعوا تباركوا. وإذا عصوا لُعنوا.
• هذا ليس مصدر البركة في العهد الجديد. ففي العهد الجديد، نحن مباركون بالإيمان بيسوع لأنه تمم الناموس بدلًا عنا (رومية ٣:٨-٤). إن سر البركة في العهد القديم كان الكسب والاستحقاق؛ وفي ظل العهد الجديد، تأتي البركة بالإيمان وقبول عمل المسيح.
• إن نظام العهد الجديد ناجح لأنه عندما نقبل المسيح وندخل في العهد الجديد، يرسل الله معه تحولًا داخليًا، حيث يصبح ناموس الله والرغبة في عمل مشيئته مكتوبة الآن على قلوبنا. فمن خلال العهد الجديد، يجعلنا الله “آمنين” لنوال نعمته من خلال هذا التحول الداخلي.
• وبموجب العهد الجديد، لا يوجد دينونة من الله على عصياننا، لأن كل الدينونة التي نستحقها وُضعت على يسوع على الصليب. ومع ذلك، قد يكون هناك تصحيح من يد الله الآب المحب (ليس بمعنى أنه يجعلنا ندفع ثمن خطايانا، ولكن بمعنى أنه يدربنا على عدم الاستمرار في الخطية)، وهناك أيضًا عواقب طبيعية لعدم طاعتنا وهذه لم يعدنا الله أن يحمينا منها.
• يجب على المؤمنين الذين يخشون “الحرية” التي تسود طبيعة علاقة العهد الجديد مع الله أن يطرحوا هذا السؤال: هل حقق شعب إسرائيل طاعة كاملة لله من خلال العهد القديم؟ هل نظام كسب البركة واستحقاقها يجعلنا أكثر تقوى من نظام الإيمان وقبول البركة؟ أم أنه يتركنا إما في فخر كامل بأعمالنا أمام الله (كما كان الحال مع القادة الدينيين في زمن يسوع الذين كان لهم يد كبيرة في صلبه) أو في شعور بالفشل وفي يأس تام (حيث يمكننا أن ننظر إلى يسوع وننال خلاصه).
ج) الآيات (٢٠-٢٥): كيف نتجنب الابتعاد عن الرب في أوقات الرخاء: علّموا أولادكم أن يفهموا الرب ويكرموه.
٢٠إِذَا سَأَلَكَ ابْنُكَ غَدًا قَائِلًا: مَا هِيَ الشَّهَادَاتُ وَالْفَرَائِضُ وَالأَحْكَامُ الَّتِي أَوْصَاكُمْ بِهَا الرَّبُّ إِلهُنَا؟ ٢١تَقُولُ لابْنِكَ: كُنَّا عَبِيدًا لِفِرْعَوْنَ فِي مِصْرَ، فَأَخْرَجَنَا الرَّبُّ مِنْ مِصْرَ بِيَدٍ شَدِيدَةٍ. ٢٢وَصَنَعَ الرَّبُّ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ عَظِيمَةً وَرَدِيئَةً بِمِصْرَ، بِفِرْعَوْنَ وَجَمِيعِ بَيْتِهِ أَمَامَ أَعْيُنِنَا ٢٣وَأَخْرَجَنَا مِنْ هُنَاكَ لِكَيْ يَأْتِيَ بِنَا وَيُعْطِيَنَا الأَرْضَ الَّتِي حَلَفَ لآبَائِنَا. ٢٤فَأَمَرَنَا الرَّبُّ أَنْ نَعْمَلَ جَمِيعَ هذِهِ الْفَرَائِضَ وَنَتَّقِيَ الرَّبَّ إِلهَنَا، لِيَكُونَ لَنَا خَيْرٌ كُلَّ الأَيَّامِ، وَيَسْتَبْقِيَنَا كَمَا فِي هذَا الْيَوْمِ. ٢٥وَإِنَّهُ يَكُونُ لَنَا بِرٌّ إِذَا حَفِظْنَا جَمِيعَ هذِهِ الْوَصَايَا لِنَعْمَلَهَا أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِنَا كَمَا أَوْصَانَا.
١. إِذَا سَأَلَكَ ابْنُكَ غَدًا: في كثير من الأحيان، فإن الابتعاد عن الرب الذي يأتي من الرخاء يصيب الجيل القادم أكثر من الحاضر. إنهم يكبرون متوقعين مثل هذا الرخاء والبركة، دون أن يفهموا التوبة والسير مع الله الذي أدى إلى الرخاء.
٢. تَقُولُ لابْنِكَ: لذلك كان ينبغي على إسرائيل أن يعلّموا أبناءهم وينذروهم، لئلا تصبح البركات التي تُعطى لجيل ما لعنة للجيل التالي.
• كان مفتاح التعليم هو السرد البسيط لشهادة إسرائيل – كيف أنقذهم الله من عبودية مصر. ويجب على الآباء أن يخبروا أولادهم كيف صارت لهم علاقة شخصية مع يسوع، حتى يفهم الأبناء أنه يجب عليهم أن تكون لهم نفس العلاقة.
٣. وَإِنَّهُ يَكُونُ لَنَا بِرٌّ إِذَا حَفِظْنَا جَمِيعَ هذِهِ الْوَصَايَا: إذا أراد الإنسان الحصول على البر الحقيقي من خلال الناموس، فالأمر بسيط (وإن لم يكن سهلًا): احفظ جميع الوصايا. ولكن إذا كنت تفتقر إلى حفظ أي وصية، فأنت بحاجة إلى كفارة الذبيحة الكاملة – يسوع المسيح، حمل الله الذي يرفع خطية العالم.