سفر التثنية – الإصحاح ٩
المعارك المقبلة والإخفاقات السابقة
أولًا. التفكّر في المعارك المقبلة
أ ) الآيات (١-٢): صعوبة المعارك المقبلة.
١«اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ، أَنْتَ الْيَوْمَ عَابِرٌ الأُرْدُنَّ لِكَيْ تَدْخُلَ وَتَمْتَلِكَ شُعُوبًا أَكْبَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكَ، وَمُدُنًا عَظِيمَةً وَمُحَصَّنَةً إِلَى السَّمَاءِ. ٢قَوْمًا عِظَامًا وَطِوَالًا، بَنِي عَنَاقَ الَّذِينَ عَرَفْتَهُمْ وَسَمِعْتَ: مَنْ يَقِفُ فِي وَجْهِ بَنِي عَنَاقَ؟
١. تَدْخُلَ وَتَمْتَلِكَ شُعُوبًا أَكْبَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكَ: كان الله يقود إسرائيل إلى شيء كبير جدًا بالنسبة لهم. لقد كان ذلك بمثابة تحدٍ لا يمكنهم مواجهته إلا إذا وثقوا بالله فقط.
٢. وَمُدُنًا عَظِيمَةً وَمُحَصَّنَةً إِلَى السَّمَاءِ: كانت المدن التي سيحاربونها قوية تمامًا كما كان الشعوب الذي سيحاربونها عِظَامًا وَطِوَالًا. ومع ذلك، دعاهم الله للدخول في هذه المعركة التي تبدو مستحيلة.
• لم يكن هناك طريقة يمكن لإسرائيل القيام بهذا وهم متكلين على الجسد، أو على قوتهم. لقد أمرهم الله بفعل شيء يفوق قدرتهم على القيام به بأنفسهم.
• بالطبع، الله لم يلهم إسرائيل بشعور كاذب بالثقة أو بمجرد كلام. لكنه أراد إسرائيل أن يدرك بشكل واقعي ما ستكون عليه المعركة التي هم أمامها.
• وبنفس الطريقة، لا يدعونا يسوع بمجرد كلمات وضجيج أو بوعود كاذبة قد تؤدي إلى ثقة كاذبة. إنه ببساطة يقول، إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي. (متى ١٦: ٢٤) لقد عرّفنا يسوع منذ البداية أن تبعيته ستتطلب تقديم كل شيء لله.
ب) الآية (٣): لماذا الغلبة ممكنة في المعارك الصعبة المقبلة.
٣فَاعْلَمِ الْيَوْمَ أَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ هُوَ الْعَابِرُ أَمَامَكَ نَارًا آكِلَةً. هُوَ يُبِيدُهُمْ وَيُذِلُّهُمْ أَمَامَكَ، فَتَطْرُدُهُمْ وَتُهْلِكُهُمْ سَرِيعًا كَمَا كَلَّمَكَ الرَّبُّ.
١. فَاعْلَمِ الْيَوْمَ: بقدر ما كان على إسرائيل أن تفهم استحالة دخولهم المعركة بمفردهم، يجب أن يفهموا أيضًا يقين الغلبة في الرب.
٢. أَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ هُوَ الْعَابِرُ أَمَامَكَ نَارًا آكِلَةً. هُوَ يُبِيدُهُمْ وَيُذِلُّهُمْ أَمَامَكَ: لقد كانت هذه معركة كبيرة جدًا بالنسبة لإسرائيل، ولكنها ليست كبيرة جدًا بالنسبة للرب. كان يمكن لإسرائيل أن يتعرف على كلا الحقيقتين: أولًا، أنه بذواتهم يصبح العمل مستحيلًا (أَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا، يوحنا ١٥: ٥)، ولكن مع الله وفيه لم يمكن أن تكون المعركة خاسرة (أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي، فيلبي ٤: ١٣).
٣. هُوَ يُبِيدُهُمْ: كان الله يدعو إسرائيل أيضًا للشراكة معه في الفوز بالمعارك. فالكلمات أنه “هُوَ يُبِيدُهُمْ” لا تتعارض مع كلماته “فَتَطْرُدُهُمْ وَتُهْلِكُهُمْ سَرِيعًا.” هل كان الله هو الذي سيفعل ذلك، أم كانت إسرائيل ستفعل ذلك؟ في الواقع، كلاهما – لقد كان الله يدعو إسرائيل لتكون عَامِلُة مَعَهُ (٢ كورنثوس ٦: ١).
٤. تُهْلِكُهُمْ سَرِيعًا: لم يكن الله يريد من بني إسرائيل أن يظهروا الرحمة للكنعانيين. لقد أراد الله أن يكون جيش إسرائيل جيشًا فريد من نوعه من خلال تتميمه لدينونة الله ضد الكنعانيين وثقافتهم التي كانت فاسدة لدرجة أنها استحقت هذا النوع من الدينونة.
• يصف عالم الآثار ويليام ألبرايت (William F. Albright)، في كتابه “من العصر الحجري إلى المسيحية،” الركيزة الرئيسية لديانة الكنعانيين وهي الجنس. لقد كانت الأصنام التي استعادها علماء الآثار هي مئات الأشكال النسائية العارية بأشكال مثيرة جنسيًا، بالإضافة إلى أصنام ذكور مرتبطة بالطوائف المثلية (From the Stone Age to Christianity, pages ٢٣٢-٢٣٥).
• “وبالتالي، تم استبدال الكنعانيين، مع عبادتهم الطبيعية المنحطة، وعبادتهم للخصوبة في شكل رموز الثعبان والعري الحسي، وأساطيرهم الفجة، بإسرائيل.” (ألبرايت، الصفحة ٢٨١).
ج) الآيات (٤-٦): خطر الكبرياء عندما يمنحهم الرب النصرة.
٤لاَ تَقُلْ فِي قَلْبِكَ حِينَ يَنْفِيهِمِ الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ أَمَامِكَ قَائِلًا: لأَجْلِ بِرِّي أَدْخَلَنِي الرَّبُّ لأَمْتَلِكَ هذِهِ الأَرْضَ. وَلأَجْلِ إِثْمِ هؤُلاَءِ الشُّعُوبِ يَطْرُدُهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِكَ. ٥لَيْسَ لأَجْلِ بِرِّكَ وَعَدَالَةِ قَلْبِكَ تَدْخُلُ لِتَمْتَلِكَ أَرْضَهُمْ، بَلْ لأَجْلِ إِثْمِ أُولئِكَ الشُّعُوبِ يَطْرُدُهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ أَمَامِكَ، وَلِكَيْ يَفِيَ بِالْكَلاَمِ الَّذِي أَقْسَمَ الرَّبُّ عَلَيْهِ لآبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ. ٦فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لأَجْلِ بِرِّكَ يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ هذِهِ الأَرْضَ الْجَيِّدَةَ لِتَمْتَلِكَهَا، لأَنَّكَ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةِ.
١. لاَ تَقُلْ فِي قَلْبِكَ: لم تأتِ تجربة إسرائيل للكبرياء في صورة شيء قد يقولونه فعليًا. فقبل أن نقول كلمات تعبر عن كبرياء القلب بوقت كثير نتفكر في قلوبنا بأفكار متكبرة. لذا، يجب ألا تعتقد إسرائيل في قلبها أن الرب أعطاهم هذه الأرض بسبب بِرِّهم.
• إن هذا بمثابة معاينة لمفهوم الخلاص بالنعمة من خلال الإيمان، حيث لا يمكننا أن نعتقد أننا نلنا الخلاص بسبب برنا. بل بدلًا من ذلك، إنه البر الذي نلناه في يسوع المسيح الذي منحنا الخلاص.
• عندما نستقبل أي موهبة من الله، فنحن نتعرض لتجربة أن نستقبل هذه العطية ونستخدمها لتمجيد أنفسنا. يجب على إسرائيل ألا تفعل ذلك فيما يتعلق بأرض الموعد. ونحن يجب ألا نفعل ذلك فيما يتعلق بأي موهبة قد يمنحها الرب لنا.
• إن أقوال وأمثال العالم القديم تعكس رغبة الإنسان في كسب بره الخاص وتبريره أمام الله. قال أحدهم: “لن أنال الجنة مجانًا،” وقال آخر: “أعطني الجنة، فأنت يا رب مدين لي بها.” يُعبَر عن الفكرة نفسها من خلال تعليم كاثوليكي قديم يقول أنه على الرجل المحتضر أن يصلي قائلًا: “أيها الرب، لتضم بري إلى بر المسيح” وكأن الاثنين معًا يمكن أن يحققا شيئًا. ولكن نحن، بدلًا من ذلك، نتطلع إلى بر يسوع وحده.
٢. لأَنَّكَ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةِ: الفكرة هنا هي أن إسرائيل، مثل الحيوان المتمرد المستأنس. فقد كانت ستصلّب عنقها ضد النير الذي سيضعه الله عليها. فهم لن يخضعوا لتوجيه الله في حياتهم.
• صُلْبُ الرَّقَبَةِ: “هذا تعبير مجازي يعبر عن أن شعب إسرائيل عنيد، غير مرن، متصلب، ومتشدد.” كالاند (Kalland)
ثانيًا. طابع إسرائيل أنه “صلب الرقبة” يظهر في أخطائهم الماضية
أ ) الآية (٧): نداء لتذكر تمرداتهم الماضية.
٧«اُذْكُرْ. لاَ تَنْسَ كَيْفَ أَسْخَطْتَ الرَّبَّ إِلهَكَ فِي الْبَرِّيَّةِ. مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي خَرَجْتَ فِيهِ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ حَتَّى أَتَيْتُمْ إِلَى هذَا الْمَكَانِ كُنْتُمْ تُقَاوِمُونَ الرَّبَّ.
١. اُذْكُرْ. لاَ تَنْسَ: لم يكن هدف الله من تذكير إسرائيل بتمرداتهم ضده هو لإحباطهم أو جعلهم يشعرون بالهزيمة. لكن الغرض كان حتى يتعرفوا على ضعفهم الخاص وأن يثقوا فيه.
٢. كَيْفَ أَسْخَطْتَ الرَّبَّ إِلهَكَ: يستمر التواصل بهذه الفكرة نفسها في العهد الجديد في ١ كورنثوس ١٠: ١٢ إِذًا مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ قَائِمٌ، فَلْيَنْظُرْ أَنْ لاَ يَسْقُطَ. عندما نتذكر طبيعتنا الخاطئة، نسير في مسكنة الروح الذي قال يسوع إنها ضرورية لحياة البركة (متى ٥: ٣).
ب) الآيات (٨-٢١): اذكر التمرد في جبل حوريب.
٨حَتَّى فِي حُورِيبَ أَسْخَطْتُمُ الرَّبَّ، فَغَضِبَ الرَّبُّ عَلَيْكُمْ لِيُبِيدَكُمْ. ٩حِينَ صَعِدْتُ إِلَى الْجَبَلِ لِكَيْ آخُذَ لَوْحَيِ الْحَجَرِ، لَوْحَيِ الْعَهْدِ الَّذِي قَطَعَهُ الرَّبُّ مَعَكُمْ، أَقَمْتُ فِي الْجَبَلِ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً لاَ آكُلُ خُبْزًا وَلاَ أَشْرَبُ مَاءً. ١٠وَأَعْطَانِيَ الرَّبُّ لَوْحَيِ الْحَجَرِ الْمَكْتُوبَيْنِ بِأَصَبعِ اللهِ، وَعَلَيْهِمَا مِثْلُ جَمِيعِ الْكَلِمَاتِ الَّتِي كَلَّمَكُمْ بِهَا الرَّبُّ فِي الْجَبَلِ مِنْ وَسَطِ النَّارِ فِي يَوْمِ الاجْتِمَاعِ. ١١وَفِي نِهَايَةِ الأَرْبَعِينَ نَهَارًا وَالأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، لَمَّا أَعْطَانِيَ الرَّبُّ لَوْحَيِ الْحَجَرِ، لَوْحَيِ الْعَهْدِ، ١٢قَالَ الرَّبُّ لِي: قُمِ انْزِلْ عَاجِلًا مِنْ هُنَا، لأَنَّهُ قَدْ فَسَدَ شَعْبُكَ الَّذِي أَخْرَجْتَهُ مِنْ مِصْرَ. زَاغُوا سَرِيعًا عَنِ الطَّرِيقِ الَّتِي أَوْصَيْتُهُمْ. صَنَعُوا لأَنْفُسِهِمْ تِمْثَالًا مَسْبُوكًا. ١٣وَكَلَّمَنِيَ الرَّبُّ قَائِلًا: رَأَيْتُ هذَا الشَّعْبَ وَإِذَا هُوَ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةِ. ١٤اُتْرُكْنِي فَأُبِيدَهُمْ وَأَمْحُوَ اسْمَهُمْ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ، وَأَجْعَلَكَ شَعْبًا أَعْظَمَ وَأَكْثَرَ مِنْهُمْ. ١٥فَانْصَرَفْتُ وَنَزَلْتُ مِنَ الْجَبَلِ، وَالْجَبَلُ يَشْتَعِلُ بِالنَّارِ، وَلَوْحَا الْعَهْدِ فِي يَدَيَّ. ١٦«فَنَظَرْتُ وَإِذَا أَنْتُمْ قَدْ أَخْطَأْتُمْ إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ، وَصَنَعْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ عِجْلًا مَسْبُوكًا، وَزُغْتُمْ سَرِيعًا عَنِ الطَّرِيقِ الَّتِي أَوْصَاكُمْ بِهَا الرَّبُّ. ١٧فَأَخَذْتُ اللَّوْحَيْنِ وَطَرَحْتُهُمَا مِنْ يَدَيَّ وَكَسَّرْتُهُمَا أَمَامَ أَعْيُنِكُمْ. ١٨ثُمَّ سَقَطْتُ أَمَامَ الرَّبِّ كَالأَوَّلِ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، لاَ آكُلُ خُبْزًا وَلاَ أَشْرَبُ مَاءً، مِنْ أَجْلِ كُلِّ خَطَايَاكُمُ الَّتِي أَخْطَأْتُمْ بِهَا بِعَمَلِكُمُ الشَّرَّ أَمَامَ الرَّبِّ لإِغَاظَتِهِ. ١٩لأَنِّي فَزِعْتُ مِنَ الْغَضَبِ وَالْغَيْظِ الَّذِي سَخِطَهُ الرَّبُّ عَلَيْكُمْ لِيُبِيدَكُمْ. فَسَمِعَ لِيَ الرَّبُّ تِلْكَ الْمَرَّةَ أَيْضًا. ٢٠وَعَلَى هَارُونَ غَضِبَ الرَّبُّ جِدًّا لِيُبِيدَهُ. فَصَلَّيْتُ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ هَارُونَ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ. ٢١وَأَمَّا خَطِيَّتُكُمُ، الْعِجْلُ الَّذِي صَنَعْتُمُوهُ، فَأَخَذْتُهُ وَأَحْرَقْتُهُ بِالنَّارِ، وَرَضَضْتُهُ وَطَحَنْتُهُ جَيِّدًا حَتَّى نَعِمَ كَالْغُبَارِ. ثُمَّ طَرَحْتُ غُبَارَهُ فِي النَّهْرِ الْمُنْحَدِرِ مِنَ الْجَبَلِ.
١. حَتَّى فِي حُورِيبَ أَسْخَطْتُمُ الرَّبَّ، فَغَضِبَ: هنا يذكر الأحداث التي حدثت في جبل سيناء، حيث عبدت إسرائيل عجلًا ذهبيًا عندما غاب موسى زمنًا طويلًا على جبل سيناء، وهو يتسلم الشريعة من الرب (خروج ١٩-٣٢).
٢. الْمَكْتُوبَيْنِ بِأَصَبعِ اللهِ: إن الألواح الأصلية للشريعة التي تلقاها موسى على جبل سيناء كان بالفعل قد كتبها الله بنفسه واحتوت على الوصايا العشر (جَمِيعِ الْكَلِمَاتِ الَّتِي كَلَّمَكُمْ بِهَا الرَّبُّ فِي الْجَبَلِ مِنْ وَسَطِ النَّارِ فِي يَوْمِ الاجْتِمَاعِ، موجودة في خروج ٢٠).
٣. وَأَجْعَلَكَ شَعْبًا أَعْظَمَ وَأَكْثَرَ مِنْهُمْ: أخبر الله موسى برغبته في محو إسرائيل، والبدء من جديد مع أمة جديدة، من نسل من موسى نفسه.
٤. الْجَبَلُ يَشْتَعِلُ بِالنَّارِ: النيران المشتعلة على جبل سيناء هي استعلان مادي لمجد الله وحضوره القدوس. لقد بدأ الجبل في الاشتعال عندما جاءت إسرائيل أولًا إلى جبل سيناء (خروج ١٩: ١٨). وقد اشتعلت هذه النيران لمدة ٤٠ يومًا متواصلة، وكانت تشتعل في الوقت نفسه الذي صنعت فيه إسرائيل العجل الذهبي وبدأت في عبادته.
٥. فَأَخَذْتُ اللَّوْحَيْنِ وَطَرَحْتُهُمَا مِنْ يَدَيَّ وَكَسَّرْتُهُمَا أَمَامَ أَعْيُنِكُمْ: كسر موسى الألواح، “ليس بسبب حماس غير متحكم فيه، ولكن في غيرة لكرامة الله، وبتوجيه من روح الله، ليشير للشعب، أن العهد بين الله وبينهم الذي تضمنته تلك الألواح قد تم كسره وإلغاؤه، وأنهم الآن قد تم طردهم تمامًا من نعمة الله، ويمكنهم أن يتوقعوا منه فقط الغضب الناري والعدل الشديد.” بوله (Poole)
٦. لأَنِّي فَزِعْتُ: الكلمة العبرية هنا كلمة نادرة، تُرجمت في الترجمة السبعينية بالكلمة القوية ekphobos، التي تعني “خائف جدًا” أو “مصاب بالرعب.” فعندما رأى موسى خطية إسرائيل وكان قد عرف قداسة الله، كان موسى خائفًا جدًا على شعب إسرائيل.
٧. فَصَلَّيْتُ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ هَارُونَ: إن خطية هارون قد تم ذكرها بالتفصيل في خروج ٣٢، وهي سيئة للغاية، بحيث أنه كان من المؤكد أن الرب سيدمره – إلا أن موسى صلى من أجله. يظهر هذا كلٍ من قوة صلاة موسى المؤثرة وقوة الحب العظيم الذي في قلب موسى.
٨. أَحْرَقْتُهُ بِالنَّارِ، وَرَضَضْتُهُ وَطَحَنْتُهُ جَيِّدًا: أحرق موسى الوثن، ثم طحنه، ورشه في ماء الشرب الخاص بالشعب لثلاثة أسباب.
• لإظهار أن هذا الإله ليس شيئًا ويمكن تدميره بسهولة.
• للقضاء تمامًا على هذا الوثن.
• لجعل الشعب يتحمل عواقب فورية لخطيتهم.
ج) الآيات (٢٢-٢٤): الأقواس: تذكّر تمردات تَبْعِيرَةَ وَمَسَّةَ وَقَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ وقَادَشَ بَرْنِيعَ.
٢٢«وَفِي تَبْعِيرَةَ وَمَسَّةَ وَقَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ أَسْخَطْتُمُ الرَّبَّ. ٢٣وَحِينَ أَرْسَلَكُمُ الرَّبُّ مِنْ قَادَشَ بَرْنِيعَ قَائِلًا: اصْعَدُوا امْتَلِكُوا الأَرْضَ الَّتِي أَعْطَيْتُكُمْ، عَصَيْتُمْ قَوْلَ الرَّبِّ إِلهِكُمْ وَلَمْ تُصَدِّقُوهُ وَلَمْ تَسْمَعُوا لِقَوْلِهِ. ٢٤قَدْ كُنْتُمْ تَعْصُونَ الرَّبَّ مُنْذُ يَوْمَ عَرَفْتُكُمْ.
١. وَفِي تَبْعِيرَةَ: اسم تَبْعِيرَةَ يعني “الحرق،” وفي سفر العدد ١١، عندما غادر شعب إسرائيل جبل سيناء لأول مرة متجهين نحو قادش برنيع وأرض الموعد، اشتكوا على الفور، وأرسل الله نيران الدينونة عليهم في المكان الذي دعوه تَبْعِيرَةَ بسبب نار دينونة الله المشتعلة.
٢. وَمَسَّةَ: يصف خروج ١٧: ٧ تسمية مكان يسمى مَسَّةَ، والتي تعني “مُجَرَّب” لأن إسرائيل هناك أغاظ الرب بشكّه في رعايته واهتمامه بهم في البرية.
٣. قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ: الاسم يعني “قبور الشهوة” وهو المكان الذي اشتاقت فيه إسرائيل إلى اللحم بدل المن، فأعطاهم الله اللحم، إلا أنها تحولت إلى ضربة في أفواه أصحاب القلوب الجشعة والساخطة (اللفيف) (وقد وصف ذلك سفر العدد ١١).
٤. وَحِينَ أَرْسَلَكُمُ الرَّبُّ مِنْ قَادَشَ بَرْنِيعَ: تذكَّر موسى باختصار التمرد الذي حدث في قادش برنيع، حيث شكك شعب إسرائيل في محبة الله لهم ورفضوا دخول أرض الموعد بالإيمان – متمردين على الرب (سفر العدد ١٣-١٤).
٥. وَلَمْ تُصَدِّقُوهُ وَلَمْ تَسْمَعُوا لِقَوْلِهِ: بدأ عصيان إسرائيل لله من خلال عدم إيمانهم. فهم لم يصدقوا أن الله أحبهم وأنه كان قويًا بما يكفي ليأتي بهم إلى أرض الموعد.
د ) الآيات (٢٥-٢٩): صلاة موسى التَشَفُّعية من أجل إسرائيل عندما تمردوا في جبل حوريب.
٢٥«فَسَقَطْتُ أَمَامَ الرَّبِّ الأَرْبَعِينَ نَهَارًا وَالأَرْبَعِينَ لَيْلَةً الَّتِي سَقَطْتُهَا، لأَنَّ الرَّبَّ قَالَ إِنَّهُ يُهْلِكُكُمْ. ٢٦وَصَلَّيْتُ لِلرَّبِّ وَقُلْتُ: يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، لاَ تُهْلِكْ شَعْبَكَ وَمِيرَاثَكَ الَّذِي فَدَيْتَهُ بِعَظَمَتِكَ، الَّذِي أَخْرَجْتَهُ مِنْ مِصْرَ بِيَدٍ شَدِيدَةٍ. ٢٧اُذْكُرْ عَبِيدَكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ. لاَ تَلْتَفِتْ إِلَى غَلاَظَةِ هذَا الشَّعْبِ وَإِثْمِهِ وَخَطِيَّتِهِ، ٢٨لِئَلاَّ تَقُولَ الأَرْضُ الَّتِي أَخْرَجْتَنَا مِنْهَا: لأَجْلِ أَنَّ الرَّبَّ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُدْخِلَهُمُ الأَرْضَ الَّتِي كَلَّمَهُمْ عَنْهَا، وَلأَجْلِ أَنَّهُ أَبْغَضَهُمْ، أَخْرَجَهُمْ لِكَيْ يُمِيتَهُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ. ٢٩وَهُمْ شَعْبُكَ وَمِيرَاثُكَ الَّذِي أَخْرَجْتَهُ بِقُوَّتِكَ الْعَظِيمَةِ وَبِذِرَاعِكَ الرَّفِيعَةِ.
١. فَسَقَطْتُ أَمَامَ الرَّبِّ: إن هذه الصلاة الشفاعة العظيمة لموسى هي موضحة بشكل أكثر تفصيلًا في خروج ٣٢. لقد طلب موسى الرحمة لإسرائيل على حساب أمانة الله السابقة نحوهم (الَّذِي فَدَيْتَهُ).
٢. اُذْكُرْ عَبِيدَكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ: لقد طلب موسى الرحمة لإسرائيل بسبب أمانة الله السابقة مع الآباء.
٣. لِئَلاَّ تَقُولَ الأَرْضُ الَّتِي أَخْرَجْتَنَا مِنْهَا، لأَجْلِ أَنَّ الرَّبَّ لَمْ يَقْدِرْ: لقد طلب موسى الرحمة لإسرائيل بسبب اهتمامه بمجد اسم الله وسمعته بين الأمم.
٤. وَهُمْ شَعْبُكَ… وَمِيرَاثُكَ… الَّذِي أَخْرَجْتَهُ… بِقُوَّتِكَ الْعَظِيمَةِ… وَبِذِرَاعِكَ الرَّفِيعَةِ: لقد طلب موسى الرحمة لإسرائيل لأنهم شعب الله.
• يمكننا أن نطلب رحمة الله وقوته من خلال الصلاة وبالصلاة بنفس القلب والتوسل أمام الرب لنفس الأسباب. إن الصلاة المبنية على أسباب قوية كهذه هي صلوات فعالة أكثر من مجرد رفع أمانينا للسماء.
بسبب أمانة الله لنا في الماضي.
بسبب أمانته الماضية لأجدادنا.
بسبب مجده وسمعته بين الشعوب.
لأننا نحن شعبه.
• إن وضع هذه الأمور في الاعتبار هو أيضًا وسيلة لتنقيح صلواتنا. فعندما نصلي فقط من أجل الأشياء التي تتوافق مع مجد الله، فإننا نضع قلوبنا على الأشياء الصحيحة.