سفر العدد – الإصحاح ١
إحصاء شعب إسرائيل
“يمكن تسمية سفر العدد، دون أدنى تجاوُز، بأنه ’سفر سياحة موسى.‘ فهو يحوي رواية كاملة عن مسار سياحة شعب إسرائيل عبر البرية، حتى بلوغهم أرض الموعد. ونظير كتاب ’سياحة المسيحي‘ لمؤلِّفه جون بنيّن، هذا السفر لا يروي مجرد تاريخ شخصٍ أو أمةٍ، لكنه يرسم صورة لحياة كلِّ شعب الله.” تشارلز سبيرجن (Charles Spurgeon)
أولًا، في البرية
أ ) الآية (١): الله يكلِّم موسى في برية سيناء.
١وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى فِي بَرِّيَّةِ سِينَاءَ، فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ الثَّانِي فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِخُرُوجِهِمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ قَائِلًا.
١. فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِخُرُوجِهِمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ: كما جاء في سفر الخروج، أنقذ الله شعب إسرائيل بطريقة معجزية من عبوديتهم الطويلة في أرض مصر. ثم عبروا البحر الأحمر، ورأوا كيف اعتنى بهم الله في البرية. بعد ذلك، وصل شعب إسرائيل إلى جبل سيناء، حيث ظهر لهم الرب في مشهد مهيب. وعند جبل سيناء، صعد موسى لملاقاة الله، واستلام الشريعة. وعند جبل سيناء أيضًا، عبد شعب إسرائيل وثنًا في صورة تمثال عجل ذهبي، ثم أدَّبهم الرب.
• وخلال مكوث شعب إسرائيل عند جبل سيناء، قاموا ببناء خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، لتكون مركزًا للعبادة وتقديم الذبائح. وهناك، أسَّسوا النظام الكهنوتي، واستلموا خطة الله بشأن الكهنة، والأمة ككلٍّ، وهو ما نقرأه في سفر اللاويين. وفي ختام سفر اللاويين، كان الشعب قد أمضى نحو سنة خارج أرض مصر.
• يغطي الجزء الرئيسي من سفر الخروج مدة نحو سنة، بينما يغطي سفر اللاويين مدة شهر واحد فقط. أما القصة التي يرويها سفر العدد، فتغطي مدة تزيد على ٣٨ سنة.
• “لقد وضعهم الله في ظروف ساعدتهم على اكتشاف حقائق عن دواخلهم، إلى أن صار باستطاعتهم أن يعرفوها بأنفسهم. كان هذا هو المغزى من الأربعين سنة التي قضوها في البرية. فهي لم تكن سنوات ابتعد فيها الله عن الشعب، رافضًا أن تكون له أية صلة بهم، بل كانت كلُّ سنة ضرورية لتعليمهم درسًا ما، ولكشف حقيقةٍ ما.” مورجان (Morgan)
• فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ الثَّانِي: “أقيمت خيمة الاجتماع في اليوم الأول من الشهر الأول، في السنة الثانية لخروج شعب إسرائيل من أرض مصر (خروج ٤٠: ١٧). وأُجرِي هذا الحشد وهذا الإحصاء للشعب في اليوم الأول من الشهر الثاني للسنة نفسها. يتضح من خلال ذلك أن الأحداث التي يرويها السفر السابق لهذا (أي سفر اللاويين) لا بد أن تكون قد وقعت جميعها في غضون شهر واحد، أي خلال الوقت الذي كان بنو إسرائيل نازلين فيه عند جبل سيناء، قبل أن يبدأوا رحلتهم إلى أرض الموعد.” كلارك (Clarke)
٢. وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى: إن سفر العدد يفعل كلَّ شيء بطريقة الله. فربما يُغوَى المرء في البرية بوضع المئات من المخططات المختلفة من أجل التقدُّم إلى الأمام، لكن فقط طريقة الله هي التي تنجح بحقٍّ. ويحدِّثنا سفر العدد عن طريقة الله هذه. وعبارة “كَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى” تكرَّرت أكثر من ١٥٠ مرة في سفر العدد، وبأكثر من ٢٠ صياغة مختلفة.
• لم يكن من المفترَض قط أن تكون البرية هي وجهة إسرائيل النهائية، بل قَصَد الله أن يأتي بهم إلى أرض الموعد، أي أرض كنعان. وكان القصد هو أن تكون البرية مكانًا مؤقتًا يمرُّون به، لا يقيمون فيه.
• “الكلمة العبرية التي تُرجِمت إلى ’بَرِّيَّةِ‘ (midbar) معناها موضعٌ يُساق فيه قطعان الغنم. وهي ليست صحراء جرداء تمامًا، لكنها تحتوي على القليل من المزروعات، وبعض الأشجار. والأمطار في مثل هذه الأماكن كانت خفيفة للغاية، تبلغ فقط بضع سنتيمترات سنويًّا لغرض الزراعة.” وينهام (Wenham)
٣. فِي بَرِّيَّةِ سِينَاءَ: العنوان العبري لسفر العدد يمدُّنا بفكرةٍ عن الموضوع الرئيسي لهذا السفر. فإن عنوان السفر باللغة العبرية ليس “سفر العدد،” بل “في البرية.” يدور سفر العدد بأكمله حول مسيرة شعب الله فِي البَرِّيَّةِ – كيف وصلوا إلى هناك، وكيف تعامل الله معهم في البرية، وكيف أخرجهم من البرية ليمضوا في طريقهم إلى أرض الموعد.
• “يتعلَّق الموضوع الرئيسي لسفر العدد بالرحلة إلى أرض الموعد، أي أرض كنعان. الإصحاحات العشرة الأولى من السفر، التي تغطِّي فقط مدة خمسين يومًا، تصف كيف نظَّم موسى شعب إسرائيل من أجل الارتحال من سيناء إلى أرض الموعد.” وينهام (Wenham)
• “عبارة ’بَرِّيَّةِ سِينَاءَ‘ تشير إلى أن الإحصاء أُجرِي في المناطق الوعرة من شبه جزيرة سيناء. لكنَّ الموقع الدقيق لمحلة شعب إسرائيل، القريب من جبل سيناء (جبل حوريب)، الذي هو جبل الله، ظل مثار جدل، على الأقل منذ القرن الرابع الميلادي.” كول (Cole)
٤. لِخُرُوجِهِمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ: يمدُّنا سفر العدد بنظرة واسعة النطاق تجيب عن الأسئلة التالية: إلى أين يأخذنا الله؟ وما الذي سيتطلَّبه الأمر للوصول إلى هناك؟ وما الصفات الداخلية التي يجب أن يخلقها الله فينا، ويطالبنا بالتحلي بها، طوال الطريق إلى هناك؟ كان على شعب إسرائيل أن يتحوَّلوا من شعب تسيطر عليه مئات السنوات من العبودية، إلى شعب يليق بأرض الموعد.
• يختلف سكان أرض الموعد عن العبيد. فقد خرج شعب إسرائيل من أرض مصر عبيدًا، أي شعبًا لا يليق بأرض الموعد. لكن سفر العدد يروي لنا جزءًا من قصة تحويل الله إياهم إلى شعب أرض الموعد.
• “إذًا، كان بنو اسرائيل عبيدًا في أرض جاسان، حيث أُوكِلت إليهم مهام، وأَجبَرهم مسخِّريهم على إطاعتهم. كانت الصعوبات التي اجتازوا فيها شديدة، وعبوديتهم قاسية، لكنهم كانوا أحرارًا من ضرورة التفكير ومن ترتيب أمور حياتهم بأنفسهم. لكن بعدما أفلتوا من أيدي مسخِّريهم، تصوَّروا أن الحرية تعني الخروج عن القانون. لكنهم تعلَّموا في تلك السنة التي قضوها نازلين عند سفح الجبل أنهم ينبغي أن يخضعوا للناموس، الأمر الذي أزعجهم، وأثار استياءهم. وقد نتج هذا الاستياء عن افتقارهم إلى الثقة الكاملة بالله.” مورجان (Morgan)
ب) الآيات (٢-٣): الأمر بعمل إحصاء.
٢«أَحْصُوا كُلَّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِعَشَائِرِهِمْ وَبُيُوتِ آبَائِهِمْ، بِعَدَدِ الأَسْمَاءِ، كُلَّ ذَكَرٍ بِرَأْسِهِ، ٣مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا، كُلَّ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ فِي إِسْرَائِيلَ. تَحْسُبُهُمْ أَنْتَ وَهَارُونُ حَسَبَ أَجْنَادِهِمْ.
١. أَحْصُوا كُلَّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: عندما التقى موسى بالرب في خيمة الاجتماع (الآية ١)، أمره الله بأن يجري إحصاءً فقط لكُلَّ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ فِي إِسْرَائِيل.
• كان يثرون، حمو موسى، هو الذي اقترح تنظيم شعب إسرائيل إلى ألوف، ومئات، وخماسين، وعشرات (خروج ١٨: ٢١). كان هذا النظام مطبَّقًا وساريًا بالفعل، وبالتالي لم يكن الإحصاء ليشكِّل صعوبة.
• قبل ذلك بشهرٍ، أُجرِي تعدادٌ لبني إسرائيل من أجل الضرائب (أي الفضة اللازمة لبناء خيمة الاجتماع، خروج ٣٨: ٢٦). أما الآن، فقد أحصي الشعب مرة أخرى بهدف تنظيم وإقامة جيش.
٢. بِعَشَائِرِهِمْ وَبُيُوتِ آبَائِهِمْ: أراد الله إحصاء الشعب بِعَشَائِرِهِمْ، وذلك لأن قوة شعب إسرائيل كانت تعتمد على قوة العشائر (العائلات) الفردية.
٣. مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا: أُحصِي رجال الحرب، مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا. يبيِّن ذلك أن تمكُّن أحدهم من القتال بشكل جيد يستلزم بعض الوقت وبعض النضج. ومن المثير للاهتمام أيضًا أنه لم يحدَّد حد أقصى للسن، لكن هذا الحد قد يُفهَم ضمنًا.
• “كنا نتمنى لو كان هناك تجنيد روحي إجباري، أي أمرٌ يُلزِم كلَّ شاب بأن يكون مستعدًّا لحمل سيف الروح في يوم معيَّن وساعة معيَّنة.” واتسون (Watson)
٤. تَحْسُبُهُمْ أَنْتَ وَهَارُونُ حَسَبَ أَجْنَادِهِمْ: كان هذا إحصاءً عسكريًّا لمعرفة من الذي يستطيع القتال لصالح إسرائيل من أجل امتلاك أرض الموعد. كانت هذه هي الخطوة الأولى في عملية امتلاك أرض الموعد، وهي عمل جردٍ من نوعٍ ما، لمعرفة الموارد التي كانت متاحة لديهم من أجل دخول أرض الموعد.
• رغم ذِكر أرض الموعد خلال رحلة الخروج من أرض مصر وحتى هذه اللحظة، إلا أن التركيز الأساسي كان منصبًّا آنذاك على الوصول إلى جبل سيناء، واستلام الشريعة. فقد كانت تلك مجرد البداية. أما الآن، فقد تحوَّل التركيز إلى امتلاك أرض الموعد، وإدراك أن هذا الامتلاك سيستلزم قتالًا. ولذلك، كانوا بحاجة إلى أن يعرفوا عدد الجنود المتاحين لهذا القتال.
• كان من شأن هذا الإحصاء أن يُحدِث تأثيرًا كبيرًا في الأمة. فخلال إجراء الإحصاء، أَدرَكت كل عشيرة أن الاستعدادات تُجرَى للحرب.
٥. حَسَبَ أَجْنَادِهِمْ: لم يكن الغرض من الأمر بإحصاء الجنود المحتمَلين هو الإيحاء بأن شعب إسرائيل سيمتلكون الأرض بفضل جيشهم العظيم أو بفضل شجاعة هؤلاء الرجال، لكنهم سوف يمتلكون أرض الموعد بذراع الله. ومع ذلك، كان عليهم أن يقاتلوا، وأن يتحقَّقوا من الموارد المتاحة لديهم لخوض المعركة.
• “ليست قصة دخول أرض كنعان هي قصة تعرُّض شعوب ضعيفة للسلب والنهب على يد شعب أقوى منها، بهدف امتلاك قطعة أرضٍ؛ لكنها بالأحرى قصة تطهير أرضٍ، حتى يُغرَس فيها شعبٌ ما، ستأتي البركة إلى جميع الأمم من خلال قصته.” مورجان (Morgan)
• تَحْسُبُهُمْ… حَسَبَ أَجْنَادِهِمْ: “تُستخدم كلمة saba (أَجْنَادِهِمْ) في العموم في سياق عسكري. وقد استُخدِمت أيضًا في واحد من ألقاب الله، يهوه صباؤوت (YHWA seba ot)، الذي يترجم عادةً إلى ’رب الجنود‘ أو ’رب الأجناد.‘” كول (Cole)
• كان على شعب إسرائيل أن يخوضوا حربًا بالمعنى الحرفي في العالم المادي. أما نحن المؤمنون، فلسنا نصارع أعداءً من دم ولحم، بل أعداءً روحيين (أفسس ٦: ١٠-١٢). وقد ننهزم في معركتنا الروحية لأننا لم نجرِ جردًا أمينًا لحالتنا الروحية. فربما نبالغ في تقدير إمكانياتنا ومواردنا الروحية، أو ربما نستهين بها. وهذا الإحصاء الذي أُجرِي لشعب إسرائيل لم يكن ليسمح لهم بذلك.
ثانيًا، إسرائيل تجري الجرد: إحصاء الإصحاح الأول من سفر العدد
أ ) الآيات (٤-١٦): رؤوس الأسباط.
٤وَيَكُونُ مَعَكُمَا رَجُلٌ لِكُلِّ سِبْطٍ، رَجُلٌ هُوَ رَأْسٌ لِبَيْتِ آبَائِهِ. ٥وَهذِهِ أَسْمَاءُ الرِّجَالِ الَّذِينَ يَقِفُونَ مَعَكُمَا: لِرَأُوبَيْنَ أَلِيصُورُ بْنُ شَدَيْئُورَ. ٦لِشِمْعُونَ شَلُومِيئِيلُ بْنُ صُورِيشَدَّاي. ٧لِيَهُوذَا نَحْشُونُ بْنُ عَمِّينَادَابَ. ٨لِيَسَّاكَرَ نَثَنَائِيلُ بْنُ صُوغَرَ. ٩لِزَبُولُونَ أَلِيآبُ بْنُ حِيلُونَ. ١٠لابْنَيْ يُوسُفَ: لأَفْرَايِمَ أَلِيشَمَعُ بْنُ عَمِّيهُودَ، وَلِمَنَسَّى جَمْلِيئِيلُ بْنُ فَدَهْصُورَ. ١١لِبَنْيَامِينَ أَبِيدَنُ بْنُ جِدْعُونِي. ١٢لِدَانَ أَخِيعَزَرُ بْنُ عَمِّيشَدَّاي. ١٣لأَشِيرَ فَجْعِيئِيلُ بْنُ عُكْرَنَ. ١٤لِجَادَ أَلِيَاسَافُ بْنُ دَعُوئِيلَ. ١٥لِنَفْتَالِي أَخِيرَعُ بْنُ عِينَنَ». ١٦هؤُلاَءِ هُمْ مَشَاهِيرُ الْجَمَاعَةِ، رُؤَسَاءُ أَسْبَاطِ آبَائِهِمْ. رُؤُوسُ أُلُوفِ إِسْرَائِيلَ.
١. رَجُلٌ لِكُلِّ سِبْطٍ، رَجُلٌ هُوَ رَأْسٌ لِبَيْتِ آبَائِهِ: نُظِّم شعب إسرائيل بحسب الأسباط التي جاءت في الأصل من الأبناء الاثني عشر ليعقوب (الذي غيَّر الله اسمه في وقت لاحق من حياته إلى إسرائيل). أقام كلُّ سبط من هذه الأسباط الاثني عشر رجلًا، هُوَ رَأْسٌ لِبَيْتِ آبَائِهِ، كان ينبغي أن يكون مع موسى، بصفته نائبًا عن سبطه بأكمله.
• من ناحيةٍ، كان هذا نموذجًا للحكومة، حيث كان كلُّ رَأْس لِبَيْتِ آبَائِهِ بمثابة ’الحاكم‘ أو ’الوالي‘ أو ’شيخ القبيلة.‘
٢. لِرَأُوبَيْنَ… لِشِمْعُونَ: ذُكِر هنا اثنا عشر سبطًا، ولم يُذكَر سبط لاوي، ومع ذلك، ظل عدد الأسباط اثني عشر، وذلك لأن سبطين جاءا من ابني يوسف، الذي هو ابن يعقوب (أَفْرَايِمَ ومَنَسَّى).
• كان هذا إحصاءً عسكريًّا. وغياب سبط لاوي عن المرشَّحين للجندية يمثِّل أهمية. وقد قُدِّم تفسيرٌ لهذا الغياب في جزء لاحق من هذا الإصحاح نفسه.
• نَحْشُون: كان هذا هو رأس بيت يهوذا. وقد ذُكِر اسمه ضمن سلسلة نسب يسوع (متى ١: ٤).
٣. هؤُلاَءِ هُمْ مَشَاهِيرُ الْجَمَاعَةِ [“هَؤُلَاءِ هُمُ الرِّجَالُ الَّذِينَ وَقَعَ عَلَيْهِمْ الِاخْتِيَارُ مِنْ وَسَطِ الشَّعْبِ،” بحسب الترجمة العربية المبسطة]: ربما، بل وعلى الأرجح، انتُخِب (اختير) رَأْس كلِّ سبط من أعضاء سبطه أنفسهم.
٤. وَهذِهِ أَسْمَاءُ الرِّجَالِ: يولي البعض اهتمامًا لأسماء هؤلاء الرجال الذين ’وقع عليهم الاختيار‘ ليكونوا رؤوسًا للأسباط، وكذلك للمعنى المحتمَل لأسمائهم – مثلما فعل كول (Cole) ووينهام (Wenham). تحمل هذه الأسماء، بوجه عام، معنى روحيًّا إيجابيًّا ومهمًّا، حيث تعبِّر عن أمور حسنة تخص الحياة الروحية لجماعة إسرائيل التي خرجت من أرض مصر. وهي أسماء عبرية، أي أسماء متصلة بالإيمان، وليست أسماء مصرية. وغالبية الأسماء تحوي إشارة إلى الله (إلوهيم).
• من سبط رَأُوبَيْنَ، أَلِيصُور، الذي ربما يعني اسمه “الله (إلهي) صخرة.”
• من سبط شِمْعُونَ، شَلُومِيئِيلُ، الذي ربما يعني اسمه “السلام (سلامي) هو الله.”
• من سبط يَهُوذَا، نَحْشُونُ، الذي ربما يعني اسمه “شعب (شعبي) نبلاء.”
• من سبط يَسَّاكَرَ، نَثَنَائِيلُ، الذي ربما يعني اسمه “عطية الله.”
• من سبط زَبُولُونَ، أَلِيآبُ، الذي ربما يعني اسمه “الله (إلهي) أب.”
• من سبط أَفْرَايِمَ، أَلِيشَمَعُ، الذي ربما يعني اسمه “الله (إلهي) يسمع.” وكان هذا الرجل من أسلاف يشوع (١ أخبار الأيام ٧: ٢٦-٢٧).
• من سبط مَنَسَّى، جَمْلِيئِيلُ، الذي ربما يعني اسمه “مكافأة الله.”
• من سبط بَنْيَامِينَ، أَبِيدَنُ، الذي ربما يعني اسمه “الأب (أبي) ديَّان.”
• من سبط دَانَ، أَخِيعَزَرُ، الذي ربما يعني اسمه “الأخ (أخي) معين.”
• من سبط أَشِيرَ، فَجْعِيئِيلُ، الذي ربما يعني اسمه “الذي التقاه الله.”
• من سبط جَادَ، أَلِيَاسَافُ، الذي ربما يعني اسمه “الله (إلهي) زاد وأَكثَرَ.”
• من سبط نَفْتَالِي، أَخِيرَعُ، الذي ربما يعني اسمه “أخ (أخي) شرير.”
“جميعها أسماء رائعة ومميَّزة، تحمل مغزى كبير. وبها شهدوا للأجيال التالية بأن آباءهم لم ينسوا اسم إلههم وهم في كور الحديد.” تراب (Trapp)
ب) الآيات (١٧-١٩): اجتماع الرؤساء.
١٧فَأَخَذَ مُوسَى وَهَارُونُ هؤُلاَءِ الرِّجَالَ الَّذِينَ تَعَيَّنُوا بِأَسْمَائِهِمْ، ١٨وَجَمَعَا كُلَّ الْجَمَاعَةِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ الثَّانِي، فَانْتَسَبُوا إِلَى عَشَائِرِهِمْ وَبُيُوتِ آبَائِهِمْ بِعَدَدِ الأَسْمَاءِ، مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا بِرُؤُوسِهِمْ، ١٩كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى. فَعَدَّهُمْ فِي بَرِّيَّةِ سِينَاءَ.
١. وَجَمَعَا كُلَّ الْجَمَاعَةِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ الثَّانِي: عُقِد هذا الاجتماع العظيم لرؤوس الأسباط بعد خروج شعب إسرائيل من أرض مصر بثلاثة عشر شهرًا.
٢. فَانْتَسَبُوا إِلَى عَشَائِرِهِمْ: كان رأس كلِّ سبط مسئولًا عن حصر عدد الخارجين للحرب في سبطه. ثم اجتمعوا بعد ذلك ليقدِّموا التقرير إلى موسى.
• فَانْتَسَبُوا إِلَى عَشَائِرِهِمْ: كان مفهوم الانتساب والعشائر مهمًّا للإسرائيليين القدامى، حيث كانوا يحافظون جيدًا على سجلات أنسابهم. نستطيع نحن أيضًا، من الناحية الروحية، أن ننتسب، لأننا وُلِدنا ثانية وصرنا من أهل بيت الله.
٣. بِرُؤُوسِهِمْ: كان كلُّ واحد مهمًّا عند الله. فلم يكن هذا مجرد جمعٍ لرقم نهائي، بل بالأحرى ذكر خاص لكلِّ فرد على حدة.
• أولى الله، في قيادته لشعب إسرائيل، اهتمامًا لكلٍّ من الفرد والجماعة. كان كلا الجانبين مهمًّا آنذاك، ولا يزال الأمر كذلك اليوم. وعلينا أن نأخذ اهتمام الله بكلٍّ من الفرد والجماعة على محمل الجد.
• “تحت العهد الجديد، يوجد توزيع (تقسيم) للنعمة على كلِّ واحد، أي منحُ كلِّ واحد سلطات كهنوتية، بل وملكية أيضًا، بحسب إيمانه … [ومع ذلك]، يجب ألا يكون الدور الذي يتولاه كلُّ واحد مستقلًّا عن الآخرين في الحرب الإلهية، بل على كلِّ واحد أن يشغل مكانه الصحيح بين الصفوف، ويظل يبحث عن هذا المكان حتى يجده.” واتسون (Watson)
ثالثًا، إحصاء الأسباط
أ ) الآيات (٢٠-٢١): سبط رأوبين: ٤٦,٥٠٠ جنديًّا خارجًا للحرب.
٢٠فَكَانَ بَنُو رَأُوبَيْنَ بِكْرِ إِسْرَائِيلَ، تَوَالِيدُهُمْ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ وَبُيُوتِ آبَائِهِمْ، بِعَدَدِ الأَسْمَاءِ بِرُؤُوسِهِمْ، كُلُّ ذَكَرٍ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا، كُلُّ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ، ٢١كَانَ الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ لِسِبْطِ رَأُوبَيْنَ سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ أَلْفًا وَخَمْسَ مِئَةٍ.
١. كَانَ الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ لِسِبْطِ رَأُوبَيْنَ سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ أَلْفًا وَخَمْسَ مِئَةٍ: قد يبدو هذا للكثيرين عددًا ضخمًا بشكل زائد عن الحد. ويتساءل البعض ما إذا كانت هذه الأعداد دقيقة وحرفية أم لا.
• إذا افترضنا أن هذا العدد من الرجال الخارجين للحرب يمثل ٧٠% من إجمالي عدد الذكور، ثم أضفنا إليه عددًا مساويًا له من الإناث، وأخيرًا أضفنا إليه نسبة ٢٥% أخرى تمثِّل عدد الأطفال، يصير إجمالي عدد سكان شعب إسرائيل بين ٢-٢.٥ مليون نسمة.
• “هذا العدد الهائل، بالإضافة إلى الأعداد الضخمة التي نُسِبت إلى كلِّ سبط على حدة، شكَّلت أكبر المعضلات أمام مفسِّري الكتاب المقدس منذ العصور الوسطى. والعديد من المفسِّرين المعاصرين يرفضون هذه الأعداد دون تردُّد، معتبرين أنها أعداد مبالغ فيها، أو أعداد وهمية، في حين يكتفي آخرون بتقديم تاريخ مختصر لتفسيرها. وقد طُرِحت العديد من الافتراضات لفهم هذه الأعداد غير المعقولة.” كول (Cole)
• أشار كول (Cole) وألن (Allen) إلى عدة طرق مختلفة لفهم هذه الأعداد:
أعداد الإحصاء هي أعداد حرفية ودقيقة.
أعداد الإحصاء هي أعداد حرفية ودقيقة، لكنها أُخِذت من عهد داود وسليمان، وأُقحِمت على قصة إسرائيل.
جرى تفسير هذه الأعداد على أنها نوعٌ من الجيماتريا، أو الشيفرة الرقمية، وهي عبارة عن عمليات حسابية مبنيَّة على الاستخدام العبري للحروف المكافئة للأعداد في العمليات الحسابية.
أسيء فهم أعداد الإحصاء لأن الكلمة العبرية “ألف” (elep) قد تشير إلى عدد مختلف، أو قد تحمل معنى مختلفًا تمامًا.
أعداد الإحصاء هي أعداد رمزية.
أعداد الإحصاء هي مبالغة مقصودة ومتعمَّدة.
تعرضت أعداد الإحصاء للتحريف النصي. كانت الأعداد الأصلية أقل من ذلك بكثير، لكن غيَّرها الناسخون في وقت لاحق، سواء عن طريق الخطأ أو عن عمدٍ، إلى أعداد أكبر. هذه الفكرة الأخيرة غير مؤيَّدة بأيٍّ من المخطوطات الباقية إلى الآن.
• بينما يجب أن نكون على دراية جيدة بهذه الاعتراضات، لكن من الأفضل أن نثق في الشهادة البسيطة للسجلات الكتابية. قطعًا، كان بإمكان الله أن يعول كلَّ هذا الجمع الغفير في البرية. والتناقضات العرَضية في هذه الأعداد ناتجة على الأرجح عن أخطاءٍ ارتكبها الكتبة.
٢. سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ أَلْفًا وَخَمْسَ مِئَةٍ: على الأغلب، هذه الأعداد جميعها مقرَّبة إلى أقرب مئة (عدا في حالة سبط جاد، وذلك لسببٍ غير معروف).
ب) الآيات (٢٢-٢٣): سبط شمعون: ٥٩,٣٠٠ جنديًّا خارجًا للحرب.
٢٢بَنُو شِمْعُونَ، تَوَالِيدُهُمْ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ وَبُيُوتِ آبَائِهِمِ، الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ بِعَدَدِ الأَسْمَاءِ بِرُؤُوسِهِمْ، كُلُّ ذَكَرٍ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا، كُلُّ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ، ٢٣الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ لِسِبْطِ شِمْعُونَ تِسْعَةٌ وَخَمْسُونَ أَلْفًا وَثَلاَثُ مِئَةٍ.
ج) الآيات (٢٤-٢٥): سبط جاد: ٤٥,٦٥٠ جنديًّا خارجًا للحرب.
٢٤بَنُو جَادَ، تَوَالِيدُهُمْ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ وَبُيُوتِ آبَائِهِمْ، بِعَدَدِ الأَسْمَاءِ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا، كُلُّ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ، ٢٥الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ لِسِبْطِ جَادَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا وَسِتُّ مِئَةٍ وَخَمْسُونَ.
د ) الآيات (٢٦-٢٧): سبط يهوذا: ٧٤,٦٠٠ جنديًّا خارجًا للحرب.
٢٦بَنُو يَهُوذَا، تَوَالِيدُهُمْ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ وَبُيُوتِ آبَائِهِمْ، بِعَدَدِ الأَسْمَاءِ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا، كُلُّ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ، ٢٧الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ لِسِبْطِ يَهُوذَا أَرْبَعَةٌ وَسَبْعُونَ أَلْفًا وَسِتُّ مِئَةٍ.
هـ) الآيات (٢٨-٢٩): سبط يساكر: ٥٤,٤٠٠ جنديًّا خارجًا للحرب.
٢٨بَنُو يَسَّاكَرَ، تَوَالِيدُهُمْ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ وَبُيُوتِ آبَائِهِمْ، بِعَدَدِ الأَسْمَاءِ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا، كُلُّ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ، ٢٩الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ لِسِبْطِ يَسَّاكَرَ أَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ أَلْفًا وَأَرْبَعُ مِئَةٍ.
و) الآيات (٣٠-٣١): سبط زبولون: ٥٧,٤٠٠ جنديًّا خارجًا للحرب.
٣٠بَنُو زَبُولُونَ، تَوَالِيدُهُمْ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ وَبُيُوتِ آبَائِهِمْ، بِعَدَدِ الأَسْمَاءِ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا، كُلُّ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ، ٣١الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ لِسِبْطِ زَبُولُونَ سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ أَلْفًا وَأَرْبَعُ مِئَةٍ.
ز) الآيات (٣٢-٣٣): سبط أفرايم: ٤٠,٥٠٠ جنديًّا خارجًا للحرب.
٣٢بَنُو يُوسُفَ: بَنُو أَفْرَايِمَ، تَوَالِيدُهُمْ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ وَبُيُوتِ آبَائِهِمْ، بِعَدَدِ الأَسْمَاءِ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا، كُلُّ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ، ٣٣الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ لِسِبْطِ أَفْرَايِمَ أَرْبَعُونَ أَلْفًا وَخَمْسُ مِئَةٍ.
ح) الآيتان (٣٤-٣٥): سبط مَنَسَّى: ٣٢,٢٠٠ جنديًّا خارجًا للحرب.
٣٤بَنُو مَنَسَّى، تَوَالِيدُهُمْ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ وَبُيُوتِ آبَائِهِمْ، بِعَدَدِ الأَسْمَاءِ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا، كُلُّ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ، ٣٥الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ لِسِبْطِ مَنَسَّى اثْنَانِ وَثَلاَثُونَ أَلْفًا وَمِئَتَانِ.
ط) الآيات (٣٦-٣٧): سبط بنيامين: ٣٥,٤٠٠ جنديًّا خارجًا للحرب.
٣٦بَنُو بَنْيَامِينَ، تَوَالِيدُهُمْ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ وَبُيُوتِ آبَائِهِمْ، بِعَدَدِ الأَسْمَاءِ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا، كُلُّ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ، ٣٧الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ لِسِبْطِ بَنْيَامِينَ خَمْسَةٌ وَثَلاَثُونَ أَلْفًا وَأَرْبَعُ مِئَةٍ.
ي) الآيات (٣٨-٣٩): سبط دان: ٦٢,٧٠٠ جنديًّا خارجًا للحرب.
٣٨ َنُو دَانَ، تَوَالِيدُهُمْ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ وَبُيُوتِ آبَائِهِمْ، بِعَدَدِ الأَسْمَاءِ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا، كُلُّ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ، ٣٩الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ لِسِبْطِ دَانَ اثْنَانِ وَسِتُّونَ أَلْفًا وَسَبْعُ مِئَةٍ.
ك) الآيات (٤٠-٤١): سبط أشير: ٤١,٥٠٠ جنديًّا خارجًا للحرب.
٤٠بَنُو أَشِيرَ، تَوَالِيدُهُمْ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ وَبُيُوتِ آبَائِهِمْ، بِعَدَدِ الأَسْمَاءِ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا، كُلُّ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ، ٤١الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ لِسِبْطِ أَشِيرَ وَاحِدٌ وأَرْبَعُونَ أَلْفًا وَخَمْسُ مِئَةٍ.
ل) الآيات (٤٢-٤٣): سبط نفتالي: ٥٣,٤٠٠ جنديًّا خارجًا للحرب.
٤٢بَنُو نَفْتَالِي، تَوَالِيدُهُمْ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ وَبُيُوتِ آبَائِهِمْ، بِعَدَدِ الأَسْمَاءِ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا، كُلُّ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ، ٤٣الْمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ لِسِبْطِ نَفْتَالِي ثَلاَثَةٌ وَخَمْسُونَ أَلْفًا وَأَرْبَعُ مِئَةٍ.
م) الآيات (٤٤-٤٦): ملخَّص لإجمالي أعداد الأسباط: ٦٠٣,٥٥٠ جنديًّا خارجًا للحرب في إسرائيل.
٤٤هؤُلاَءِ هُمُ الْمَعْدُودُونَ الَّذِينَ عَدَّهُمْ مُوسَى وَهَارُونُ وَرُؤَسَاءُ إِسْرَائِيلَ، اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، رَجُلٌ وَاحِدٌ لِبَيْتِ آبَائِهِ. ٤٥فَكَانَ جَمِيعُ الْمَعْدُودِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَسَبَ بُيُوتِ آبَائِهِمْ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا، كُلُّ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ فِي إِسْرَائِيلَ ٤٦سِتَّ مِئَةِ أَلْفٍ وَثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَخَمْسَ مِئَةٍ وَخَمْسِينَ.
١. كُلُّ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ فِي إِسْرَائِيلَ؛ سِتَّ مِئَةِ أَلْفٍ وَثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَخَمْسَ مِئَةٍ وَخَمْسِينَ: تكرَّر هذا الإحصاء مرة أخرى بعد ٣٨ سنة، كما نقرأ في ختام سفر العدد. وكان إجمالي عدد الخارجين للحرب في الإحصاء الثاني مطابقًا تقريبًا لإجمالي الإحصاء الأول، بنقص نحو ألفي رجلًا فحسب. لكنَّ أعداد الرجال في كلِّ سبط على حدة تغيَّر كثيرًا في الإحصاء الثاني. ويمدُّنا ذلك بفهمٍ لما حدث لكلِّ سبط على مدار هذه السنوات الثماني والثلاثين الحاسمة.
٢. فَكَانَ جَمِيعُ الْمَعْدُودِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَسَبَ بُيُوتِ آبَائِهِمْ: في هذا الإحصاء الأول، كان سبط منسى هو السبط الأقل عددًا، في حين كان سبط يهوذا هو الأكبر عددًا. يصل تعداد سبطين إلى ٣٠ ألف نسمة، وثلاثة أسباط إلى ٤٠ ألف نسمة، وأربعة أسباط إلى ٥٠ ألف نسمة، وسبط واحد إلى ٦٠ ألف نسمة، وآخر إلى ٧٠ ألف نسمة.
٣. فَكَانَ جَمِيعُ الْمَعْدُودِينَ… سِتَّ مِئَةِ أَلْفٍ وَثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَخَمْسَ مِئَةٍ وَخَمْسِينَ: بناءً على وجود ٦٠٣,٥٥٠ رجلًا خارجًا للحرب، يقدِّر البعض إجمالي عدد سكان إسرائيل في ذلك الوقت بأنه كان يتراوح بين ٢-٢.٥ مليون نسمة، بعد حساب النساء، والأطفال، وغيرهم من غير القادرين على القتال.
• “يا لهذا التضاعف المذهل لشعب إسرائيل، من سبعين نفسًا، نزلوا إلى أرض مصر (تكوين ٤٦: ٢٧)، قبل ذلك بنحو ٢١٥ سنة، قاسوا فيها أشد الضيقات والمشقات! لكنَّ وعد الله لا يمكن أن يسقط (تكوين ١٦: ٥). فمن ذا الذي يستطيع أن يقاوم مشيئته أو يبطل مؤامرته؟” كلارك (Clarke)
• يحتوي تفسير آدم كلارك (Adam Clarke) لسفر العدد، على قسم مطوَّل اقتبسه من شيوتشر (Scheuchzer) وريهر (Reyher)، يبيِّن فيه أن هذا التضاعف المذهل لشعب إسرائيل في أرض مصر كان معقولًا من الناحية الحسابية، خلال مدة أربعة أجيال.
ن) الآيات (٤٧-٥٤): الحالة الخاصة لسبط لاوي.
٤٧وَأَمَّا اللاَّوِيُّونَ حَسَبَ سِبْطِ آبَائِهِمْ فَلَمْ يُعَدُّوا بَيْنَهُمْ، ٤٨إِذْ كَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: ٤٩«أَمَّا سِبْطُ لاَوِي فَلاَ تَحْسُبُهُ وَلاَ تَعُدَّهُ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ. ٥٠بَلْ وَكِّلِ اللاَّوِيِّينَ عَلَى مَسْكَنِ الشَّهَادَةِ وَعَلَى جَمِيعِ أَمْتِعَتِهِ وَعَلَى كُلِّ مَا لَهُ. هُمْ يَحْمِلُونَ الْمَسْكَنَ وَكُلَّ أَمْتِعَتِهِ، وَهُمْ يَخْدِمُونَهُ، وَحَوْلَ الْمَسْكَنِ يَنْزِلُونَ. ٥١فَعِنْدَ ارْتِحَالِ الْمَسْكَنِ يُنَزِّلُهُ اللاَّوِيُّونَ وَعِنْدَ نُزُولِ الْمَسْكَنِ يُقِيمُهُ اللاَّوِيُّونَ. وَالأَجْنَبِيُّ الَّذِي يَقْتَرِبُ يُقْتَلُ. ٥٢وَيَنْزِلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ كُلٌّ فِي مَحَلَّتِهِ وَكُلٌّ عِنْدَ رَايَتِهِ بِأَجْنَادِهِمْ. ٥٣وَأَمَّا اللاَّوِيُّونَ فَيَنْزِلُونَ حَوْلَ مَسْكَنِ الشَّهَادَةِ لِكَيْ لاَ يَكُونَ سَخَطٌ عَلَى جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَيَحْفَظُ اللاَّوِيُّونَ شَعَائِرَ مَسْكَنِ الشَّهَادَةِ». ٥٤فَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى كَذلِكَ فَعَلوُا.
١. وَأَمَّا اللاَّوِيُّونَ حَسَبَ سِبْطِ آبَائِهِمْ فَلَمْ يُعَدُّوا بَيْنَهُمْ: كان هذا الإحصاء فقط للجنود المحتمَل خروجهم للحرب، ولذلك لم يُعَد سبط لاوي بينهم. فإنهم هم وحدهم من بين أسباط إسرائيل الذين لم يذهبوا للحرب، لأنهم كانوا مسؤولين بشكل خاص أمام الله عن أداء الواجبات الكهنوتية في إسرائيل.
٢. أَمَّا سِبْطُ لاَوِي فَلاَ تَحْسُبُهُ: علينا نحن أيضًا أن ندرك أنه كما في حالة سبط لاوي، توجد بعض الأمور في حياتنا لا يمكن أن تُعَد، أو التي ينبغي ألا تُعَد. فقد كان على شعب إسرائيل أن يدركوا أن بعضًا من أهم الأمور يجب ألا تُعَد.
• لا بأس من إجراء الإحصاء، بل وإنه يمثِّل خطوة أولى ضرورية في عملية التنظيم من أجل تحقيق النصر، ونوال وعود الله. لكن ينبغي أن يُجرَى ذلك دائمًا ونحن مدرِكون أن بعضًا من أهم العوامل – مثل اللاويين في إسرائيل – لا يمكن أن تُعَد أو تُحصَى. فلا يوجد إحصاء بشري كامل تمامًا. والله يعمل دائمًا بقوة من خلال الأمور التي لا يمكن أن تُعَد.
٣. وَيَنْزِلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ كُلٌّ فِي مَحَلَّتِهِ وَكُلٌّ عِنْدَ رَايَتِهِ: عندما كان شعب إسرائيل ينزلون حول خيمة الاجتماع، كانوا يتَّبعون الترتيب المنصوص عليه في الخطة التي أعلنها الله في الإصحاح الثاني من سفر العدد. وقد تحدَّد موضع محلة كل سبط باستخدام راية، كانت على الأرجح عبارة عن عَلَمٍ أو لافتة.
• وَكُلٌّ عِنْدَ رَايَتِهِ: “… كان كلُّ واحد يصطف حسب تقسيم سبطه، أو حسب مكان رايته (degel). افترض المعلِّم اليهودي راشي (Rabbi Rashi) أن هذه الراية كانت ملوَّنة بحسب ألوان الأحجار التي تمثِّل كل سبط، تلك الأحجار التي كانت معلَّقة على صدرة رئيس الكهنة (خروج ٢٨: ١٧-٢١).”
٤. وَأَمَّا اللاَّوِيُّونَ فَيَنْزِلُونَ حَوْلَ مَسْكَنِ الشَّهَادَةِ: عند تنظيم محلة أسباط إسرائيل، كان اللاويون في المنطقة المحيطة بالمسكن مباشرة. وبالتالي، كان على أيِّ شخص من أسباط إسرائيل الأخرى أن يمرَّ عبر محلة اللاويين أولًا كي يصل إلى المسكن (خيمة الاجتماع).
• فَيَنْزِلُونَ حَوْلَ مَسْكَنِ الشَّهَادَةِ: “مثلما كانت الحيوانات الأربعة (الخدام والرعاة) واقفةً بين الأربعة والعشرين شيخًا، وهم جماعة المؤمنين، وبين العرش (رؤيا ٤: ٤).” تراب (Trapp)
٥. فَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى كَذلِكَ فَعَلوُا: الإحصاء أو الجرد يُعَد خطوة أساسية في عملية التنظيم والتقدُّم إلى الأمام. ولذلك، وجب تنظيم شعب إسرائيل، استعدادًا لدخول أرض الموعد. فإن الله إلهُ ترتيبٍ، يتحرَّك وفق نظام محدَّد، حتى وإن لم تكن رؤية هذا النظام سهلةً علينا. ولهذا السبب، كان من الضروري أن يُجري شعب إسرائيل الإحصاء من أجل حصر عدد الرجال المستعدِّين للحرب.
• إن الله يحصي الأشياء. فهو “يُحْصِي عَدَدَ الْكَوَاكِبِ. يَدْعُو كُلَّهَا بِأَسْمَاءٍ” (مزمور ١٤٧: ٤؛ إشعياء ٤٠: ٢٦). وهو يعرف ويحصي أيضًا حتى شعور رؤوسنا (متى ١٠: ٣٠).
• “ذاك الذي يحصي الكواكب، ويدعو كلَّها بأسماء، لا يترك شيئًا في خدمته دون ترتيبٍ.” سبيرجن (Spurgeon)