١ صموئيل ١٧
داود وجليات
أولًا. جليات يتحدى إسرائيل
أ ) الآيات (١-١٠): جوليات الفلسطي يتحدى إسرائيل.
١وَجَمَعَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ جُيُوشَهُمْ لِلْحَرْبِ، فَٱجْتَمَعُوا فِي سُوكُوهَ ٱلَّتِي لِيَهُوذَا، وَنَزَلُوا بَيْنَ سُوكُوهَ وَعَزِيقَةَ فِي أَفَسِ دَمِّيمَ. ٢وَٱجْتَمَعَ شَاوُلُ وَرِجَالُ إِسْرَائِيلَ وَنَزَلُوا فِي وَادِي ٱلْبُطْمِ، وَٱصْطَفُّوا لِلْحَرْبِ لِلِقَاءِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. ٣وَكَانَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ وُقُوفًا عَلَى جَبَلٍ مِنْ هُنَا، وَإِسْرَائِيلُ وُقُوفًا عَلَى جَبَلٍ مِنْ هُنَاكَ، وَٱلْوَادِي بَيْنَهُمْ. ٤فَخَرَجَ رَجُلٌ مُبَارِزٌ مِنْ جُيُوشِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ ٱسْمُهُ جُلْيَاتُ، مِنْ جَتَّ، طُولُهُ سِتُّ أَذْرُعٍ وَشِبْرٌ، ٥وَعَلَى رَأْسِهِ خُوذَةٌ مِنْ نُحَاسٍ، وَكَانَ لَابِسًا دِرْعًا حَرْشَفِيًّا، وَوَزْنَ ٱلْدِّرْعِ خَمْسَةُ آلَافِ شَاقِلِ نُحَاسٍ، ٦وَجُرْمُوقَا نُحَاسٍ عَلَى رِجْلَيْهِ، وَمِزْرَاقُ نُحَاسٍ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، ٧وَقَنَاةُ رُمْحِهِ كَنَوْلِ ٱلنَّسَّاجِينَ، وَسِنَانُ رُمْحِهِ سِتُّ مِئَةِ شَاقِلِ حَدِيدٍ، وَحَامِلُ ٱلتُّرْسِ كَانَ يَمْشِي قُدَّامَهُ. ٨فَوَقَفَ وَنَادَى صُفُوفَ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تَخْرُجُونَ لِتَصْطَفُّوا لِلْحَرْبِ؟ أَمَا أَنَا ٱلْفِلِسْطِينِيُّ، وَأَنْتُمْ عَبِيدٌ لِشَاوُلَ؟ ٱخْتَارُوا لِأَنْفُسِكُمْ رَجُلًا وَلْيَنْزِلْ إِلَيَّ. ٩فَإِنْ قَدَرَ أَنْ يُحَارِبَنِي وَيَقْتُلَنِي نَصِيرُ لَكُمْ عَبِيدًا، وَإِنْ قَدَرْتُ أَنَا عَلَيْهِ وَقَتَلْتُهُ تَصِيرُونَ أَنْتُمْ لَنَا عَبِيدًا وَتَخْدِمُونَنَا». ١٠وَقَالَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّ: “أَنَا عَيَّرْتُ صُفُوفَ إِسْرَائِيلَ هَذَا ٱلْيَوْمَ. أَعْطُونِي رَجُلًا فَنَتَحَارَبَ مَعًا.”
١. وَٱجْتَمَعَ شَاوُلُ وَرِجَالُ إِسْرَائِيلَ وَنَزَلُوا فِي وَادِي ٱلْبُطْمِ: ما زالت التلال الخضراء المتموجة المحيطة بوادي البطم قائمة حتى الآن. وقد شهدت واحدة من أعظم المعارك روعة في الكتاب المقدس. بدأ هذا عندما قام الفلسطيون، أعداء إسرائيل الدائمون أثناء هذه الفترة، بحشد جيشهم على جبل، بينما وقف جيش إسرائيل على جبل مقابل.
٢. فَخَرَجَ رَجُلٌ مُبَارِزٌ مِنْ جُيُوشِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ ٱسْمُهُ جُلْيَاتُ، مِنْ جَتَّ، طُولُهُ سِتُّ أَذْرُعٍ وَشِبْرٌ: كان رجلًا ضخمًا (ست أذرع وشبر)، وكانت لديه درع وأسلحة تتناسب مع حجمه.
فَخَرَجَ رَجُلٌ مُبَارِزٌ مِنْ جُيُوشِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ ٱسْمُهُ جُلْيَاتُ: كان جليات طويلًا، لكن طوله لم يُسمَع به في التاريخ. ويعلّق بول (Poole) على طول جليات: “إلى جانب العمالقة المذكورين في الكتاب المقدس، ذكر هيرودوتوس، وديودوروس سيكولوس، وبلايني وآخرون أشخاصًا بلغ طولهم سبعة أذرع، أي ما يقارب ضعفي طول الرجل العادي. ويذكر يونغبلود حالة موثقة لروبرت بيرشنغ وادلو الذي بلغ طوله ثمانية أقدام وأحد عشر بوصة عند موته في ١٥ تموز ١٩٤٠ في الثانية والعشرين من عمره.
كان جليات من جت. وتقول يشوع ١١: ٢٢ إن شعبًا معروفًا باسم العناقيين كانوا موجودين في زمن يشوع، أي قبل حوالي ٤٠٠ سنة من هذا. لكن هذا يوضح كيف أنه ربما كان هنالك رجال ذوو حجم كبير بشكل غير عادي من مدينة جت.
وتعطي مصادر مختلفة تقديرات مختلفة. لكن يرجّح أن درع جليات وأسلحته كانت تزن بين ١٥٠-٢٠٠ رطل أمريكي. فكان رجلًا قويًّا بما يكفي لحمل هذه الأسلحة واستخدامها.
٣. ٱخْتَارُوا لِأَنْفُسِكُمْ رَجُلًا وَلْيَنْزِلْ إِلَيَّ… أَنَا عَيَّرْتُ صُفُوفَ إِسْرَائِيلَ هَذَا ٱلْيَوْمَ. أَعْطُونِي رَجُلًا فَنَتَحَارَبَ مَعًا: أطلق جليات تحديًا لجيش إسرائيل. ويقول آدم كلارك (Adam Clarke) إن كلمة ’مبارز‘ مستمدة من كلمة عبرية تعني ’الرجل المتوسط‘ أو ’الرجل بين اثنين.‘ والفكرة هنا هي أن هذا يقف بين الجيشين ويحارب كممثل لجيشه.
ب) الآية (١١): خوف شاول وكل إسرائيل.
١١وَلَمَّا سَمِعَ شَاوُلُ وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ كَلَامَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ هَذَا ٱرْتَاعُوا وَخَافُوا جِدًّا.
١. وَلَمَّا سَمِعَ … جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ كَلَامَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ هَذَا ٱرْتَاعُوا وَخَافُوا جِدًّا: كانت هذه نيّة جليات بالضبط عند إطلاق التحدي. فسبب خروجه مرتديًا كامل عدّته القتالية واستعراضه أمام جيش إسرائيل هو أنه يريدهم أن يخافوا ويرتاعوا كثيرًا. فهزم جليات إسرائيل بالخوف وحده.
من المفيد دائمًا في أي نزال أن تضعف معنويات خصمك وأن تثير الخوف في قلبه. أولًا، قد يمنعك هذا من خوض المعركة ضده، لأنه خائف جدًّا. ثانيًا، إذا جاء إلى النزال، فسيقاتل بخوف وقلق بسبب كلامك. فقد فعلت الكثير للفوز بالمعركة حتى قبل أن تبدأ. وهذه هي إستراتيجية إبليس ضد المؤمنين.
٢. وَلَمَّا سَمِعَ شَاوُلُ … كَلَامَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ: كان جليات هو العملاق بين الفلسطيين، بينما كان شاول أطول رأسًا وكتفًا من أي رجل إسرائيلي (١ صموئيل ٩: ٢). فكان شاول هو الخيار المنطقي لمواجهة جليات. ونحن نتوقع أنه عرف أن الآخرين يتوقعون منه أن يقاتل جليات.
ج. ٱرْتَاعُوا وَخَافُوا جِدًّا: كانت هذه حالة شاول عندما لاحت المعركة في الأفق. كان يُعرف ذات يوم بأنه قائد عسكري شرس وناجح (١ صموئيل ١٤: ٥٢). لكن هذا كان قبل أن يتركه روح الرب (١ صموئيل ١٦: ١٤). ومع ترك روح الرب له، راحت شجاعته.
ثانيًا. يأتي داود إلى معسكر إسرائيل.
أ ) الآيات (١٢-١٥): داود، أصغر الأبناء الثمانية، يقسم وقته بين الغنم والمرعى.
١٢وَدَاوُدُ هُوَ ٱبْنُ ذَلِكَ ٱلرَّجُلِ ٱلْأَفْرَاتِيِّ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا ٱلَّذِي ٱسْمُهُ يَسَّى وَلَهُ ثَمَانِيَةُ بَنِينَ. وَكَانَ ٱلرَّجُلُ فِي أَيَّامِ شَاوُلَ قَدْ شَاخَ وَكَبُرَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ. ١٣وَذَهَبَ بَنُو يَسَّى ٱلثَّلَاثَةُ ٱلْكِبَارُ وَتَبِعُوا شَاوُلَ إِلَى ٱلْحَرْبِ. وَأَسْمَاءُ بَنِيهِ ٱلثَّلَاثَةِ ٱلَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى ٱلْحَرْبِ: أَلِيآبُ ٱلْبِكْرُ، وَأَبِينَادَابُ ثَانِيهِ، وَشَمَّةُ ثَالِثُهُمَا. ١٤وَدَاوُدُ هُوَ ٱلصَّغِيرُ. وَٱلثَّلَاثَةُ ٱلْكِبَارُ ذَهَبُوا وَرَاءَ شَاوُلَ. ١٥وَأَمَّا دَاوُدُ فَكَانَ يَذْهَبُ وَيَرْجِعُ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ لِيَرْعَى غَنَمَ أَبِيهِ فِي بَيْتِ لَحْمٍ.
١. وَأَمَّا دَاوُدُ فَكَانَ يَذْهَبُ وَيَرْجِعُ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ لِيَرْعَى غَنَمَ أَبِيهِ فِي بَيْتِ لَحْمٍ: يبدو أن داود لم يكن يُدعى إلى القصر إلا عند الحاجة، أي عندما كان يعاني شاول كثيرًا من الروح المُكئِب المزعج.
٢. وَدَاوُدُ هُوَ ٱلصَّغِيرُ: يقال إن داود هو أصغر أبناء يسّى الثمانية. غير أن مزمور ٨٩: ٢٧ تدعو داود بكر الله، مبيّنًا أن البكر لقب وتصوُّر وليس كوصف لترتيب الولادة. ولهذا عندما دعا بولس يسوع البكر على كل خليقة (كولوسي ١: ١٥)، لم يحاول بولس أن يقول إن يسوع كائن مخلوق له بدايته. لكنه كان يشير إلى بروز مكانته وأوَّليّته.
ب) الآيات (١٦-٢١): داود يجلب الطعام والعطايا من البيت ويدخل معسكر إسرائيل.
١٦وَكَانَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّ يَتَقَدَّمُ وَيَقِفُ صَبَاحًا وَمَسَاءً أَرْبَعِينَ يَوْمًا. ١٧فَقَالَ يَسَّى لِدَاوُدَ ٱبْنِهِ: «خُذْ لِإِخْوَتِكَ إِيفَةً مِنْ هَذَا ٱلْفَرِيكِ، وَهَذِهِ ٱلْعَشَرَ ٱلْخُبْزَاتِ وَٱرْكُضْ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ إِلَى إِخْوَتِكَ. ١٨وَهَذِهِ ٱلْعَشَرَ ٱلْقِطْعَاتِ مِنَ ٱلْجُبْنِ قَدِّمْهَا لِرَئِيسِ ٱلْأَلْفِ، وَٱفْتَقِدْ سَلَامَةَ إِخْوَتِكَ وَخُذْ مِنْهُمْ عُرْبُونًا». ١٩وَكَانَ شَاوُلُ وَهُمْ وَجَمِيعُ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ فِي وَادِي ٱلْبُطْمِ يُحَارِبُونَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ. ٢٠فَبَكَّرَ دَاوُدُ صَبَاحًا وَتَرَكَ ٱلْغَنَمَ مَعَ حَارِسٍ، وَحَمَّلَ وَذَهَبَ كَمَا أَمَرَهُ يَسَّى، وَأَتَى إِلَى ٱلْمِتْرَاسِ، وَٱلْجَيْشُ خَارِجٌ إِلَى ٱلِٱصْطِفَافِ وَهَتَفُوا لِلْحَرْبِ. ٢١وَٱصْطَفَّ إِسْرَائِيلُ وَٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ صَفًّا مُقَابِلَ صَفٍّ.
١. وَكَانَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّ يَتَقَدَّمُ وَيَقِفُ صَبَاحًا وَمَسَاءً أَرْبَعِينَ يَوْمًا: كان جوليات يسخر من جيش إسرائيل ويهزأ به يومًا بعد يوم على مدى أربعين يومًا، معيّرًا إياهم جميعًا (ولاسيما شاول) بأنهم جبناء.
٢. تَرَكَ ٱلْغَنَمَ مَعَ حَارِسٍ: تُظهر هذه الملاحظة القصيرة قلب الراعي لدى داود. فإذا ترك الأغنام ليقوم بمهمات كلّفها به أبوه، كان يتأكد من أن الأغنام ما زالت تحظى برعاية كافية.
٣. وَأَتَى إِلَى ٱلْمِتْرَاسِ، وَٱلْجَيْشُ خَارِجٌ إِلَى ٱلِٱصْطِفَافِ وَهَتَفُوا لِلْحَرْبِ: لا بد أن هذا هو المشهد التقريبي لأربعين يومًا. كان الجيشان يحتشدان على كل تلة صارخين بعضهم على بعض عبر الوادي. وكان يستعرض جليات نفسه مطلقًا شتائمه بصوت عالٍ، بينما كان الإسرائيليون ينسلّون في خزي.
ج) الآيات (٢٢-٢٤): يرى داود تحدّي جليات وخوف جنود إسرائيل.
٢٢فَتَرَكَ دَاوُدُ ٱلْأَمْتِعَةَ ٱلَّتِي مَعَهُ بِيَدِ حَافِظِ ٱلْأَمْتِعَةِ، وَرَكَضَ إِلَى ٱلصَّفِّ وَأَتَى وَسَأَلَ عَنْ سَلَامَةِ إِخْوَتِهِ. ٢٣وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُهُمْ إِذَا بِرَجُلٍ مُبَارِزٍ ٱسْمُهُ جُلْيَاتُ ٱلْفِلِسْطِينِيُّ مِنْ جَتَّ، صَاعِدٌ مِنْ صُفُوفِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَتَكَلَّمَ بِمِثْلِ هَذَا ٱلْكَلَامِ، فَسَمِعَ دَاوُدُ. ٢٤وَجَمِيعُ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ لَمَّا رَأَوْا ٱلرَّجُلَ هَرَبُوا مِنْهُ وَخَافُوا جِدًّا.
١. وَخَافُوا جِدًّا: كان جيش إسرائيل بأكمله خائفًا جدًّا. فلم يكن بينهم من يمكن أن يقبل تحدي جليات فيقاتله. فكلُّهم هَرَبُوا مِنْهُ عندما كان يخرج.
د ) الآيات (٢٥-٢٧): يسمع داود بعرض شاول لمن يهزم جليات، لكنه يتكلم عن كرامة الله.
٢٥فَقَالَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ: «أَرَأَيْتُمْ هَذَا ٱلرَّجُلَ ٱلصَّاعِدَ؟ لِيُعَيِّرَ إِسْرَائِيلَ هُوَ صَاعِدٍ! فَيَكُونُ أَنَّ ٱلرَّجُلَ ٱلَّذِي يَقْتُلُهُ يُغْنِيهِ ٱلْمَلِكُ غِنًى جَزِيلًا، وَيُعْطِيهِ ابِنْتَهُ، وَيَجْعَلُ بَيْتَ أَبِيهِ حُرًّا فِي إِسْرَائِيلَ. ٢٦فَكَلَّمَ دَاوُدُ ٱلرِّجَالَ ٱلْوَاقِفِينَ مَعَهُ قَائِلًا: «مَاذَا يُفْعَلُ لِلرَّجُلِ ٱلَّذِي يَقْتُلُ ذَلِكَ ٱلْفِلِسْطِينِيَّ، وَيُزِيلُ ٱلْعَارَ عَنْ إِسْرَائِيلَ؟ لِأَنَّهُ مَنْ هُوَ هَذَا ٱلْفِلِسْطِينِيُّ ٱلْأَغْلَفُ حَتَّى يُعَيِّرَ صُفُوفَ ٱللهِ ٱلْحَيِّ؟» ٢٧فَكَلَّمَهُ ٱلشَّعْبُ بِمِثْلِ هَذَا ٱلْكَلَامِ قَائِلِينَ: “كَذَا يُفْعَلُ لِلرَّجُلِ ٱلَّذِي يَقْتُلُهُ”.
١. ٱلرَّجُلَ ٱلَّذِي يَقْتُلُهُ يُغْنِيهِ ٱلْمَلِكُ غِنًى جَزِيلًا: أصبح الوضع يائسًا لدرجة أن شاول اضطر إلى عرض رشوة من ثلاثة أجزاء تشمل مكافأة مالية، وأميرة، وإعفاء من الضرائب لمن يقاتل جليات ويقتله.
٢. ٱلَّذِي يَقْتُلُ ذَلِكَ ٱلْفِلِسْطِينِيَّ، وَيُزِيلُ ٱلْعَارَ عَنْ إِسْرَائِيلَ؟ لِأَنَّهُ مَنْ هُوَ هَذَا ٱلْفِلِسْطِينِيُّ ٱلْأَغْلَفُ حَتَّى يُعَيِّرَ صُفُوفَ ٱللهِ ٱلْحَيِّ: ركّز جنود إسرائيل على خطر المعركة أو على المكافأة التي يمكن الحصول عليها. ويبدو أن داود وحده ركز على سمعة إسرائيل وكرامة الإله الحي.
يبيّن هذا أن داود كان رجلًا حسب قلب الله. فقد كان يهتم بالأمور التي يهتم بها الله. وهو ينظر إلى المشكلة من منظور روحي، لا من منظور مادي أو جسدي.
ü عندما قال رجال إسرائيل: ’هذا الرجل،‘ قال داود عنه: ’هَذَا ٱلْفِلِسْطِينِيُّ ٱلْأَغْلَفُ.‘
ü عندما قال رجال إسرائيل: ’هَذَا ٱلرَّجُلَ ٱلصَّاعِدَ لِيُعَيِّرَ إِسْرَائِيلَ،‘ قال داود: ’الذي يُعَيِّرَ صُفُوفَ ٱللهِ ٱلْحَيِّ.‘
ü عندما قال رجال إسرائيل: ’أَنَّ ٱلرَّجُلَ ٱلَّذِي يَقْتُلُهُ،‘ قال داود: ’ٱلَّذِي يَقْتُلُ ذَلِكَ ٱلْفِلِسْطِينِيَّ، وَيُزِيلُ ٱلْعَارَ عَنْ إِسْرَائِيلَ.‘
ü رأى داود الأمور من منظور الرب، بينما رآها رجال إسرائيل من منظور بشري فقط.
هـ) الآيات (٢٨-٣٠): إساءة فهم داود واتهام أخيه له زورًا.
٢٨وَسَمِعَ أَخُوهُ ٱلْأَكْبَرُ أَلِيآبُ كَلَامَهُ مَعَ ٱلرِّجَالِ، فَحَمِيَ غَضَبُ أَلِيآبَ عَلَى دَاوُدَ وَقَالَ: «لِمَاذَا نَزَلْتَ؟ وَعَلَى مَنْ تَرَكْتَ تِلْكَ ٱلْغُنَيْمَاتِ ٱلْقَلِيلَةَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ؟ أَنَا عَلِمْتُ كِبْرِيَاءَكَ وَشَرَّ قَلْبِكَ، لِأَنَّكَ إِنَّمَا نَزَلْتَ لِكَيْ تَرَى ٱلْحَرْبَ». ٢٩فَقَالَ دَاوُدُ: «مَاذَا عَمِلْتُ ٱلْآنَ؟ أَمَا هُوَ كَلَامٌ؟». ٣٠وَتَحَوَّلَ مِنْ عِنْدِهِ نَحْوَ آخَرَ، وَتَكَلَّمَ بِمِثْلِ هَذَا ٱلْكَلَامِ، فَرَدَّ لَهُ ٱلشَّعْبُ جَوَابًا كَٱلْجَوَابِ ٱلْأَوَّلِ.
١. فَحَمِيَ غَضَبُ أَلِيآبَ عَلَى دَاوُدَ: ربما ظننّا أن زيارة داود لألياب ستسعده، وبشكل خاص بالنظر إلى كل الأشياء التي أحضرها من البيت. لكن كلام داود أغضب ألياب لأسباب كثيرة.
أولًا، غضب لأنه أحس بأن داود شخص تافه لا قيمة له، ولا يحق له أن يتكلم، وبشكل خاص بهذا الكلام الجريء (لِمَاذَا نَزَلْتَ؟ وَعَلَى مَنْ تَرَكْتَ تِلْكَ ٱلْغُنَيْمَاتِ ٱلْقَلِيلَةَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ؟).
ثانيًا، غضب لأنه أحس بدافع داود (أَنَا عَلِمْتُ كِبْرِيَاءَكَ وَشَرَّ قَلْبِكَ). لكنه لم يكن يعرف قلب داود. “هنا يأخذ ألياب ما يخص الله وحده (إرميا ١٧: ١٠)، ويحكم على قلب داود بقلبه هو.” تراب (Trapp)
غضب ألياب لأنه اعتقد أن داود كان يستفز شخصًا آخر ليقاتل جليات لكي يرى معركة (لِأَنَّكَ إِنَّمَا نَزَلْتَ لِكَيْ تَرَى ٱلْحَرْبَ). كان ألياب طويل القامة وحسن المظهر (١ صموئيل ١٦: ٧). وربما شعر بأن داود كان يدفعه نحو المعركة.
وأخيرًا غضب ألياب لأن داود كان على حق! فعندما تشعر بالخوف والفزع الشديد، فإن آخر شيء تريد أن تسمعه هو أن يطلب منك شخص أن تتشجع.
٢. مَاذَا عَمِلْتُ ٱلْآنَ؟ أَمَا هُوَ كَلَامٌ؟ (أليست هناك قضية؟): تمسّك داود بموقفه. ولا شك أن ما قاله أخوه ألياب جرحه. لكنه لم يسمح لهذا بأن يعيقه. إذ ظل داود أكثر اهتمامًا بقضية الله من أي شيء آخر. فقبل سلامته الشخصية، وقبل مجده الشخصي، وقبل كرامته الخاصة، كان لديه شغف بقضية الله.
كان داود مهتمًّا بقضية الله (َمَا هُوَ كَلَامٌ؟ أليست هناك قضية؟) أكثر من اهتمامه بمشاعره الخاصة. فعندما أُسيء فهم داود وتمّ توبيخه علنًا من أخيه، ربما في وسط ضحكات الجنود الآخرين، كان بإمكانه أن ييأس. لكنه أظهر قوة سلاح الله في حياته وأجاب بالصواب. لم يهتم بمجده أو نجاحه، بل بمجد الرب ونجاح قضيته. فكان جليات رجلًا ميتًا في هذه اللحظة. إذ حُسمت المعركة. ولو أن كلمات ألياب أثّرت في داود من حيث الجسد، وأخرجته من انسجامه مع روح الرب، لتلاشت قوته. لكنه عندما تحكّم في روحه وأجاب برفق، كان أكثر انسجامًا مع الرب من أي وقت مضى. فكان جليات مهزومًا في تلك اللحظة.
“قبل مواجهة داود مع الفلسطي الأغلف، خاض معركة شرسة تطلبت منه الكثير من التفكير والحكمة والصبر. كانت معركة الكلمات التي خاضها مع أخيه والملك شاول محنة أكثر صعوبة من ذهابه بقوة الرب لضرب المتفاخر الأغلف. ويواجه رجال كثيرون مشكلات مع أصدقائهم أكثر من أعدائهم. وعندما يتعلم المرء كيف يتغلب على التأثير المُكْئِب لأصدقائه “الحصيفين”، فإنه ينتصر بجهد أقل على مقاومة أعدائه العنيدين.” سبيرجن (Spurgeon)
ثالثًا. داود يستعد لقتال جليات
أ ) الآيات (٣١-٣٢): يصل كلام داود الواثق إلى مسامع شاول.
٣١وَسُمِعَ ٱلْكَلَامُ ٱلَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ دَاوُدُ وَأَخْبَرُوا بِهِ أَمَامَ شَاوُلَ، فَٱسْتَحْضَرَهُ. ٣٢فَقَالَ دَاوُدُ لِشَاوُلَ: “لَا يَسْقُطْ قَلْبُ أَحَدٍ بِسَبَبِهِ. عَبْدُكَ يَذْهَبُ وَيُحَارِبُ هَذَا ٱلْفِلِسْطِينِيَّ.”
١. وَسُمِعَ ٱلْكَلَامُ ٱلَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ دَاوُدُ وَأَخْبَرُوا بِهِ أَمَامَ شَاوُلَ: لم يكن الأمر كما لو أن كلام داود بهذه الجسارة. فلم يقل قط: “إذا ذهبت لمقاتلة هذا الفلسطي، فإني ’سأُبهدله.‘ فهو لا شيء.” لم يتحدث داود هكذا، لكنه على الأقل وقف في وجه جليات. لم يُظهر شجاعة كبيرة، لكنه أظهر شجاعة أكبر من أي رجل في إسرائيل. ولهذا كان الأمر يستحق الإبلاغ عنه لشاول.
٢. عَبْدُكَ يَذْهَبُ وَيُحَارِبُ هَذَا ٱلْفِلِسْطِينِيَّ: انتظر شاول وقتًا طويلًا – على الأقل أربعين يومًا – ليسمع شخصًا يقول مثل هذا الكلام. لكن سماعه الآن، من فم هذا الصبي، ربما بدا له مزحة ثقيلة. “إنه لخبر سار أن شخصًا ما مستعد أن يقاتل جليات. لكن الخبر السيئ هو أنه صبي راعٍ صغير.”
لعل كلمات داود جعلت الأمور أسوأ: “لَا يَسْقُطْ قَلْبُ أَحَدٍ بِسَبَبِهِ.” بدا الأمر وكأن داود يقول هنا: “لا تخافوا جميعًا. فكل الأمور تحت سيطرتي.” ربما بدا هذا أمرًا سخيفًا من صبي مراهق. إذ بدا أن الكبرياء والثقة الزائدة اللتين تميّزان هذه الفترة العمرية هما اللتان دفعتاه إلى قول هذا. لكن الأمر لم يكن كذلك.
٣. عَبْدُكَ يَذْهَبُ وَيُحَارِبُ هَذَا ٱلْفِلِسْطِينِيَّ: هذه كلمات جسور. وهذه هي المرة التي تطوّع فيها داود على نحو محدد لمقاتلة جليات. إنه لأمر أن تقول: ’ينبغي أن يفعل أحد شيئًا تجاه العدو،‘ وإنه لأمر آخر أن تقول: ’ينبغي لي أن أفعل شيئًا تجاه العدو.‘
ب) الآيات (٣٣-٣٧): تدريب داود كراعٍ أعدّه للمواجهة.
٣٣فَقَالَ شَاوُلُ لِدَاوُدَ: «لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَذْهَبَ إِلَى هَذَا ٱلْفِلِسْطِينِيِّ لِتُحَارِبَهُ لِأَنَّكَ غُلَامٌ وَهُوَ رَجُلُ حَرْبٍ مُنْذُ صِبَاهُ». ٣٤فَقَالَ دَاوُدُ لِشَاوُلَ: «كَانَ عَبْدُكَ يَرْعَى لِأَبِيهِ غَنَمًا، فَجَاءَ أَسَدٌ مَعَ دُبٍّ وَأَخَذَ شَاةً مِنَ ٱلْقَطِيعِ، ٣٥فَخَرَجْتُ وَرَاءَهُ وَقَتَلْتُهُ وَأَنْقَذْتُهَا مِنْ فِيهِ، وَلَمَّا قَامَ عَلَيَّ أَمْسَكْتُهُ مِنْ ذَقْنِهِ وَضَرَبْتُهُ فَقَتَلْتُهُ. ٣٦قَتَلَ عَبْدُكَ ٱلْأَسَدَ وَٱلدُّبَّ جَمِيعًا. وَهَذَا ٱلْفِلِسْطِينِيُّ ٱلْأَغْلَفُ يَكُونُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمَا، لِأَنَّهُ قَدْ عَيَّرَ صُفُوفَ ٱللهِ ٱلْحَيِّ». ٣٧وَقَالَ دَاوُدُ: «ٱلرَّبُّ ٱلَّذِي أَنْقَذَنِي مِنْ يَدِ ٱلْأَسَدِ وَمِنْ يَدِ ٱلدُّبِّ هُوَ يُنْقِذُنِي مِنْ يَدِ هَذَا ٱلْفِلِسْطِينِيِّ». فَقَالَ شَاوُلُ لِدَاوُدَ: “ٱذْهَبْ وَلْيَكُنِ ٱلرَّبُّ مَعَكَ.”
١. لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَذْهَبَ إِلَى هَذَا ٱلْفِلِسْطِينِيِّ لِتُحَارِبَهُ لِأَنَّكَ غُلَامٌ: اعتقد شاول أن داود غير مؤهل بسبب عمره وحجمه وعدم خبرته. ويبيّن هذا أن شاول نظر إلى المعركة من منظور خارجي بحت. تقول ’حكاية الشريط‘ إنه لا سبيل لفوز داود في المعركة، لكن ’حكاية الله‘ تقول إنه لا سبيل لهزيمة داود فيها.
٢. لِأَنَّكَ غُلَامٌ وَهُوَ رَجُلُ حَرْبٍ مُنْذُ صِبَاهُ: قال شاول ما مفاده: “كان جليات جنديًّا فترة أطول من عمرك. فكيف يمكنك أن تهزمه؟” ومرة أخرى، يبيّن هذا أن شاول ينظر إلى المعركة من منظور خارجي، لا من منظور روحي.
٣. قَتَلَ عَبْدُكَ ٱلْأَسَدَ وَٱلدُّبَّ جَمِيعًا: أعدّ الله داود لهذه المعركة بالذات عندما كان راعيًا وضيعًا.. هجم الأسد على الحملان، فقاتله داود. وهاجم الدب الأغنام، فحاربه داود. ففي طوال هذا الوقت، أعد الله داود لقتال جليات. فكم كانت طول الفترة التي استعد فيها داود لقتال جليات؟ كل حياته إلى ذلك اليوم.
هذا بشكل عام هو نمط الله للإعداد. فهو يدعونا إلى أن نكون أمناء حيثما نحن، ثم يستخدم أمانتنا لإنجاز أشياء أعظم. فلو هرب داود مذعورًا من الأسد والدب، لما كان مستعدًّا لمواجهة جليات الآن. لكنه كان أمينًا عندئذٍ، وسيكون أمينًا الآن.
٤. قَتَلَ عَبْدُكَ ٱلْأَسَدَ وَٱلدُّبَّ جَمِيعًا. وَهَذَا ٱلْفِلِسْطِينِيُّ ٱلْأَغْلَفُ يَكُونُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمَا: يزداد داود جسارة مع تقدُّم القصة. أولًا، قال إنه ينبغي لأحد أن يواجه جليات من أجل قضية بارة (١ صموئيل ١٧: ٢٦، ٢٩). ثم قال إنه سيقاتل جليات (١ صموئيل ١٧: ٣٢). وهو الآن يقول إنه سيقتل جليات.
٥. ٱلرَّبُّ ٱلَّذِي أَنْقَذَنِي مِنْ يَدِ ٱلْأَسَدِ وَمِنْ يَدِ ٱلدُّبِّ هُوَ يُنْقِذُنِي مِنْ يَدِ هَذَا ٱلْفِلِسْطِينِيِّ: عندما كان داود راعيًا يواجه أسودًا ودببة، لم تكن لديه فكرة أنه تحت تدريب لمقاتلة عملاق. ففي وسط استعدادنا، نادرًا ما نرى كيف سيستخدمنا الله. والآن يستطيع داود أن ينظر إلى الوراء ويعرف أن الإله الذي خلّصه من قبل سيخلّصه الآن. وعرف داود أن مساعدة الله له في الماضي نبوّة بمساعدته له في المستقبل.
ج) الآيات (٣٨-٤٠): داود يستعد لمحاربة جليات.
٣٨وَأَلْبَسَ شَاوُلُ دَاوُدَ ثِيَابَهُ، وَجَعَلَ خُوذَةً مِنْ نُحَاسٍ عَلَى رَأْسِهِ، وَأَلْبَسَهُ دِرْعًا. ٣٩فَتَقَلَّدَ دَاوُدُ بِسَيْفِهِ فَوْقَ ثِيَابِهِ وَعَزَمَ أَنْ يَمْشِيَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ جَرَّبَ. فَقَالَ دَاوُدُ لِشَاوُلَ: «لَا أَقْدِرُ أَنْ أَمْشِيَ بِهَذِهِ، لِأَنِّي لَمْ أُجَرِّبْهَا». وَنَزَعَهَا دَاوُدُ عَنْهُ. ٤٠وَأَخَذَ عَصَاهُ بِيَدِهِ، وَٱنْتَخَبَ لَهُ خَمْسَةَ حِجَارَةٍ مُلْسٍ مِنَ ٱلْوَادِي وَجَعَلَهَا فِي كِنْفِ ٱلرُّعَاةِ ٱلَّذِي لَهُ، أَيْ فِي ٱلْجِرَابِ، وَمِقْلَاعَهُ بِيَدِهِ وَتَقَدَّمَ نَحْوَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ.
١. وَأَلْبَسَ شَاوُلُ دَاوُدَ ثِيَابَهُ: ما زال يعمل شاول في مجال ما هو طبيعي وجسدي وخارجي فقط. ظنّ أنه إذا كان لهذا الصبي أن يهزم الفلسطي، يحتاج إلى أفضل سلاح مُتاح لدى إسرائيل، درع الملك.
٢. وَعَزَمَ أَنْ يَمْشِيَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ جَرَّبَ: حاول شاول أن يُلبس داود درعه. لكن هذا لم ينجح، لأن درع شاول لم يكن ملائمًا لجسم داود. إذ كانت كل قطعة فيه كبيرة، فلم يستطع داود أن يتحرك بسهولة. ولم ينجح لأن سلاح شاول لا يلائم داود روحيًّا. فالدروع والتقنية العسكرية، أو الحكمة البشرية لا يمكن أن تربح هذه المعركة. وسيربح الرب إله إسرائيل المعركة.
غالبًا ما يحاول الناس أن يحاربوا بسلاح شخص آخر. فهم يرون أن الله يفعل شيئًا رائعًا من خلال شخص آخر، فيحاولون أن يقلّدوه معتقدين أن هذا سيجعلهم ينجحون. ولا يتم عمل الله بفاعلية كبيرة على هذا النحو.
من المؤسف أن كثيرين يمكن أن يقولوا الشيء نفسه عن سلاح الله: “لَا أَقْدِرُ أَنْ أَمْشِيَ بِهَذِهِ، لِأَنِّي لَمْ أُجَرِّبْهَا.” هل أنت على دراية بأسلحة الجسد أم أسلحة الروح؟ “اضغط على بعض الناس ليمارسوا الصلاة أو أية قطعة أخرى من سلاح الله، وسيقولون كما هو الحال هنا: لا أستطيع أن أفعل هذا، لأني لست معتادًا على هذا.” تراب (Trapp)
٣. وَنَزَعَهَا دَاوُدُ عَنْهُ: كان على داود أن يتخلى عن درع شاول. وكان عليه أن ينذر: لن أقاتل بسلاح بشر. بل سأثق بالرب وبسلاحه. وغالبًا ما نريد ’أرضية وسطية‘ آمنة حيث نحاول أن نستخدم كلا نوعي السلاح. لكن الله يريدنا أن نثق به وحده.
٤. عَصَاهُ بِيَدِهِ، وَٱنْتَخَبَ لَهُ خَمْسَةَ حِجَارَةٍ مُلْسٍ مِنَ ٱلْوَادِي وَجَعَلَهَا فِي كِنْفِ ٱلرُّعَاةِ ٱلَّذِي لَهُ، أَيْ فِي ٱلْجِرَابِ، وَمِقْلَاعَهُ بِيَدِهِ: استخدم داود نفس الأدوات التي اعتاد أن يستخدمها كراعٍ في قتل الأسد والدب. فما استخدمه الله في الماضي سيستخدمه مرة أخرى.
هنالك قصة مسلية – لكنها أسطورية تمامًا – من قصص معلمي اليهود تقول إن خمسة حجارة معينة من جدول ماء نادت على داود وقالت له: ’ستغلب العملاق بنا!‘
لماذا اختار داود خمسة حجارة؟ فقد احتاج إلى حجر واحد فقط لقتل العملاق. يقترح بعضهم – بطريقة فكاهية إلى حد ما – أن السبب هو أنه كان لجليات أربعة أقارب عمالقة مثله قام داود ورفاقه بقتلهم لاحقًا (٢ صموئيل ٢١: ١٨-٢٢).
٥. وَتَقَدَّمَ نَحْوَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ: هذا هو المكان الذي يهم. كان بإمكان داود أن يقول كلمات ناطقة بالجسارة، ويتخلى عن كل سلاح بشري، ويتكل على سلاح الرب، ويجمع أدوات الراعي. لكن إذا لم يذهب إلى المعركة، فماذا سيهم ذلك كله؟ ففي النهاية كان لدى داود الإيمان، لا ليتكلم فحسب، أو ليتخلى عن كل سلاح آخر فحسب، أو أن يستعد فحسب، بل أن يقترب أيضًا إلى الفلسطي. هذا هو الإيمان الحقيقي.
رابعًا. داود يهزم جليات
أ ) الآيات (٤١-٤٤): جليات يلعن داود وإلهه.
٤١وَذَهَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّ ذِاهِبًا وَٱقْتَرَبَ إِلَى دَاوُدَ وَٱلْرَّجُلُ حَامِلُ ٱلتُّرْسِ أَمَامَهُ. ٤٢وَلَمَّا نَظَرَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّ وَرَأَى دَاوُدَ ٱسْتَحْقَرَهُ لِأَنَّهُ كَانَ غُلَامًا وَأَشْقَرَ جَمِيلَ ٱلْمَنْظَرِ. ٤٣فَقَالَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّ لِدَاوُدَ: «أَلَعَلِّي أَنَا كَلْبٌ حَتَّى أَنَّكَ تَأْتِي إِلَيَّ بِعِصِيٍّ؟». وَلَعَنَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّ دَاوُدَ بِآلِهَتِهِ. ٤٤وَقَالَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّ لِدَاوُدَ: “تَعَالَ إِلَيَّ فَأُعْطِيَ لَحْمَكَ لِطُيُورِ ٱلسَّمَاءِ وَوُحُوشِ ٱلْبَرِّيَّةِ.”
١. وَذَهَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّ ذِاهِبًا وَٱقْتَرَبَ إِلَى دَاوُدَ وَٱلْرَّجُلُ حَامِلُ ٱلتُّرْسِ أَمَامَهُ: من الواضح أن هذا لم يكن قتالًا عادلًا بسبب حجم جليات وخبرته. وإضافة إلى ذلك، كان هنالك اثنان ضد واحد، حيث كان مع العملاق حامل سلاحه.
٢. وَلَمَّا نَظَرَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّ وَرَأَى دَاوُدَ ٱسْتَحْقَرَهُ: كانت الفكرة وراء كلمة ’نظر‘ (بحث) هي أنه كان على جليات تقريبًا أن ينظر حوله ليجد داود. إذ كان داود صغيرًا جدًّا بالمقارنة مع حجم جليات حتى إنه وجد صعوبة في رؤيته. لكن عندما رآه بالفعل، احتقره. فلم يكن شيء في داود يثير الخوف أو الاحترام في قلب جليات. فأحس جليات بالإهانة لأنهم أرسلوه له (أَلَعَلِّي أَنَا كَلْبٌ حَتَّى أَنَّكَ تَأْتِي إِلَيَّ بِعِصِيٍّ؟)
عندما قال جليات، ’أَلَعَلِّي أَنَا كَلْبٌ؟‘ كان الأمر أسوأ مما يبدو. فالكلمة العبرية Kaleb تُستخدم للبغايا الذكور المثليين في نصوص مثل تثنية ٢٣: ١٨. فأحس جليات بأن هذه إهانة لرجولته.
٣. وَلَعَنَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّ دَاوُدَ بِآلِهَتِهِ: إن لم يكن الأمر واضحًا من قبل، فمن المؤكد أن الموقف صار جليًّا. فهنالك قتال غير منصف. فليس الأمر أن جليات وحامل سلاحه هما ضد داود. لكن جليات وحامل سلاحه هما ضد دواد والرب إله إسرائيل. فالمعركة انتهت. إذ يمكن لأي شخص ذي فهم روحي أن ينهي القصة من هذه النقطة.
٤. تَعَالَ إِلَيَّ: ’هات ما لديك، أيها الولد الصغير!‘ فكان داود سعيدًا لتلبية طلبه!
ب) الآيات (٤٥-٤٧): يجيب داود جليات وهو ممتلئ إيمانًا.
٤٥فَقَالَ دَاوُدُ لِلْفِلِسْطِينِيِّ: «أَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ بِسَيْفٍ وَبِرُمْحٍ وَبِتُرْسٍ، وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ بِٱسْمِ رَبِّ ٱلْجُنُودِ إِلَهِ صُفُوفِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ عَيَّرْتَهُمْ. ٤٦هَذَا ٱلْيَوْمَ يَحْبِسُكَ ٱلرَّبُّ فِي يَدِي، فَأَقْتُلُكَ وَأَقْطَعُ رَأْسَكَ. وَأُعْطِي جُثَثَ جَيْشِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ هَذَا ٱلْيَوْمَ لِطُيُورِ ٱلسَّمَاءِ وَحَيَوَانَاتِ ٱلْأَرْضِ، فَتَعْلَمُ كُلُّ ٱلْأَرْضِ أَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ لِإِسْرَائِيلَ. ٤٧وَتَعْلَمُ هَذِهِ ٱلْجَمَاعَةُ كُلُّهَا أَنَّهُ لَيْسَ بِسَيْفٍ وَلَا بِرُمْحٍ يُخَلِّصُ ٱلرَّبُّ، لِأَنَّ ٱلْحَرْبَ لِلرَّبِّ وَهُوَ يَدْفَعُكُمْ لِيَدِنَا.
١. فَقَالَ دَاوُدُ لِلْفِلِسْطِينِيِّ: يمكننا أن نتخيل صوت جليات الأجشّ العميق وهو يتردد صداه بين التلال العالية المحيطة بوادي البطم. كان الصوت يوقع الخوف في قلب كل إسرائيلي، وربما في بعض الجنود الفلسطيين أيضًا. فأجابه دواد بصوته المراهق وربما المتكسّر. ضحك الجنود الفلسطيون عندما كان داود يصرخ بصوته المتكسّر، بينما شعر الإسرائيليون بالرعب والإحراج.
٢. أَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ بِسَيْفٍ وَبِرُمْحٍ وَبِتُرْسٍ، وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ بِٱسْمِ رَبِّ ٱلْجُنُودِ إِلَهِ صُفُوفِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ عَيَّرْتَهُمْ: يقدم داود مقابلة بينه وبين جليات من دون أن ينسب فضلًا إلى جليات. “هذه أسلحة جميلة تلك التي لديك. لكنْ لديّ ما هو أفضل بكثير من أسلحتك.”
أن تقول، ’آتِي إِلَيْكَ بِٱسْمِ رَبِّ ٱلْجُنُودِ‘ يعني أني آتٍ كممثل لرب الجنود، الإله الذي تأتمر بأمره جيوش السماء. وأنا رجل مرسَل، رجل في مَهَمّة من الله.
٣. هَذَا ٱلْيَوْمَ يَحْبِسُكَ ٱلرَّبُّ فِي يَدِي: كان داود يزداد جرأة أكثر فأكثر. أن يقول لشاول إنه سيقتل جليات (١ صموئيل ١٧: ٣٦) شيء، وأن يقول لجليات نفسه أنه سيقتله، وأنه سيفعل هذا في ذلك اليوم شيء آخر. وتمثل إضافة داود إلى كلامه: “فَأَقْتُلُكَ وَأَقْطَعُ رَأْسَكَ. وَأُعْطِي جُثَثَ جَيْشِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ هَذَا ٱلْيَوْمَ لِطُيُورِ ٱلسَّمَاءِ وَحَيَوَانَاتِ ٱلْأَرْضِ” تفصيلًا حيًّا رائعًا.
حرص داود على أن يقول ’الرب هُوَ يَدْفَعُكُمْ لِيَدِنَا.‘ كان داود جسورًا في الرب، لا في نفسه. إذ عرف أن المعركة هي للرب.
٤. فَتَعْلَمُ كُلُّ ٱلْأَرْضِ أَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ لِإِسْرَائِيلَ: أشهرت هذه الحادثة داود، لكن لم يكن هذا غرضه من وراء ذلك. فقد فعل ذلك من أجل سمعة الرب ومجده. ولكي تعلم كُلُّ ٱلْأَرْضِ أَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ لِإِسْرَائِيلَ.
٥. وَتَعْلَمُ هَذِهِ ٱلْجَمَاعَةُ كُلُّهَا: في تلك اللحظة كان يكفي أن تعرف الأرض كلها أَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ لِإِسْرَائِيلَ. واحتاجت إسرائيل نفسها أن تعرف أَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ لها. ظن شاول وبقية جنود إسرائيل أن الرب لا يخلّص إلّا بالسيف والرمح. لم يؤمنوا حقًّا بأن المعركة هي للرب. لكن داود سيقدم لهم البرهان.
٦. لِأَنَّ ٱلْحَرْبَ لِلرَّبِّ وَهُوَ يَدْفَعُكُمْ لِيَدِنَا: مرة أخرى، لاحظ تواضع داود. ’وَهُوَ يَدْفَعُكُمْ لِيَدِنَا.‘ عرف داود أن هذه ’معركتنا،‘ لكنه قاتل عن جميع إسرائيل. فإن لم يتكل على الرب من أجله شخصيًّا، فإنه سيتكل على الرب من أجلهم.
ج) الآيات (٤٨-٤٩) داود يقتل جليات.
٤٨وَكَانَ لَمَّا قَامَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّ وَذَهَبَ وَتَقدَّمَ لِلِقَاءِ دَاودَ أَنَّ دَاوُدَ أَسْرَعَ وَرَكَضَ نَحْوَ ٱلصَّفِّ لِلِقَاءِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ. ٤٩وَمَدَّ دَاوُدُ يَدَهُ إِلَى ٱلْكِنْفِ وَأَخَذَ مِنْهُ حَجَرًا وَرَمَاهُ بِٱلْمِقْلَاعِ، وَضَرَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيَّ فِي جِبْهَتِهِ، فَٱرْتَزَّ ٱلْحَجَرُ فِي جِبْهَتِهِ، وَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى ٱلْأَرْضِ.
١. وَكَانَ لَمَّا قَامَ ٱلْفِلِسْطِينِيُّ وَذَهَبَ وَتَقدَّمَ لِلِقَاءِ دَاودَ أَنَّ دَاوُدَ أَسْرَعَ وَرَكَضَ نَحْوَ ٱلصَّفِّ لِلِقَاءِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ: يا له من مشهد! غضب جليات لجرأة داود، فأسرع إليه ليقتله. لم يهرب داود. لم يختبئ. لم يفزع. لم يسقط على ركبتيه ليصلّي. بل أَسْرَعَ وَرَكَضَ نَحْوَ ٱلصَّفِّ لِلِقَاءِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ.
يجاهد مؤمنون كثيرون في هذه النقطة. هل يفترض أن يفعل الله هذا، أم يفترض أن أفعله أنا؟ والجواب هو ’نعم!‘ فالله يفعله، ونحن نفعله. ثق بالله. اعتمد عليه. ثم ابدأ بالعمل، واعمل بجد قدر الإمكان – اركض مباشرة نحو العدو. هكذا يتم عمل الله.
“تصرخ عظامنا الكسول في كنائسنا المستقيمة: ’الله سيعمل عمله،‘ ثم يبحثون عن أنعم وسادة يضعونها تحت رؤوسهم. ويقولون: ’ستتم مقاصد الله الأبدية، وسيتمجد الرب.‘ هذا كلام جيد، لكنه يمكن أن يُستخدم مع أكثر تصميم إيذاءً وضررًا. يمكنك أن تصنع من هذا المنطق أفيونًا يهدئك ويُدخلك في سُبات عميق مخيف، ويمنعك من أن تكون ذا فائدة له.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. وَأَخَذَ مِنْهُ حَجَرًا وَرَمَاهُ بِٱلْمِقْلَاعِ، وَضَرَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيَّ فِي جِبْهَتِهِ: كانت لدى داود يد هادئة وتهديف متأنٍّ لشخص يتكل على الرب فعلًا. فاستخدم المقلاع ليقذف حجرًا، قاتلًا به جليات.
كسب داود هذه المعركة بينما كان مع الغنم. ففي تلك الساعات التي قضّاها وحده مع الحملان، كان يتحدث إلى الله ويتدرب كثيرًا على التهديف بالمقلاع. والآن، يستخدم الرب شركة داود معه ومهارته في استخدام المقلاع. “يتطلب استخدام المقلاع تدريبًا كثيرًا لإصابة الهدف. لكن بمجرد اكتساب هذه المهارة، يصبح المقلاع قاتلًا تقريبًا مثل البندقية أو القوس.” كلارك (Clarke)
يفكر الجميع: “جليات ضخم جدًّا، فلا أستطيع أن أهزمه.” وفكّر داود: “جليات ضخم جدًّا، فلا أستطيع أن أُخطئه.” ربما لو كان هنالك رجل آخر أقل إيمانًا، ربما سيكون متوترًا بحيث لا يجيد التهديف.” باليكي (Balikie)
٣. فَٱرْتَزَّ ٱلْحَجَرُ فِي جِبْهَتِهِ، وَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى ٱلْأَرْضِ: كما سقط داجون، إله الفلسطيين، على وجهه أمام الرب (١ صموئيل ٥: ٢-٥)، كذلك يسقط عابد داجون على وجهه.
د ) الآيات (٥٠-٥٤): داود يقطع رأس جوليات، ويندفع الإسرائيليون هاتفين نحو الفلسطيين.
٥٠فَتَمَكَّنَ دَاوُدُ مِنَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ بِٱلْمِقْلَاعِ وَٱلْحَجَرِ، وَضَرَبَ ٱلْفِلِسْطِينِيَّ وَقَتَلَهُ. وَلَمْ يَكُنْ سَيْفٌ بِيَدِ دَاوُدَ. ٥١فَرَكَضَ دَاوُدُ وَوَقَفَ عَلَى ٱلْفِلِسْطِينِيِّ وَأَخَذَ سَيْفَهُ وَٱخْتَرَطَهُ مِنْ غِمْدِهِ وَقَتَلَهُ وَقَطَعَ بِهِ رَأْسَهُ. فَلَمَّا رَأَى ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ أَنَّ جَبَّارَهُمْ قَدْ مَاتَ هَرَبُوا. ٥٢فَقَامَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا وَهَتَفُوا وَلَحِقُوا ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ حَتَّى مَجِيئِكَ إِلَى ٱلْوَادِي، وَحَتَّى أَبْوَابِ عَقْرُونَ. فَسَقَطَتْ قَتْلَى ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ فِي طَرِيقِ شَعَرَايِمَ إِلَى جَتَّ وَإِلَى عَقْرُونَ. ٥٣ثُمَّ رَجَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ ٱلِٱحْتِمَاءِ وَرَاءَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَنَهَبُوا مَحَلَّتَهُمْ. ٥٤وَأَخَذَ دَاوُدُ رَأْسَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ وَأَتَى بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَوَضَعَ أَدَوَاتِهِ فِي خَيْمَتِهِ.
١. وَوَقَفَ عَلَى ٱلْفِلِسْطِينِيِّ وَأَخَذَ سَيْفَهُ وَٱخْتَرَطَهُ مِنْ غِمْدِهِ وَقَتَلَهُ وَقَطَعَ بِهِ رَأْسَهُ: أولًا، تأكد داود من أن العدو قد مات. لا يمكنك أن تغازل الخطية أو أعداءك الروحيين. إذ يتوجب عليك أن تقتلهم. ثانيًا، استخدم داود سيف جليات نفسه في قطع رأسه.
كتب داود لاحقًا في مزمور ٥٧: ٦: “هَيَّأُوا شَبَكَةً لِخَطَوَاتِي. ٱنْحَنَتْ نَفْسِي. حَفَرُوا قُدَّامِي حُفْرَةً. سَقَطُوا فِي وَسَطِهَا.” يستمتع الله بأن يستخدم سلاح الشيطان ضده.
٢. فَلَمَّا رَأَى ٱلْفِلِسْطِينِيُّونَ أَنَّ جَبَّارَهُمْ قَدْ مَاتَ هَرَبُوا: سبق أن وافقوا على الاستسلام لإسرائيل إذا هُزم بطلهم (١ صموئيل ١٧: ٩). لكن لا ينبغي أن نتوقع من إبليس أن يفي بوعوده. لكن جنود إسرائيل طاردوا الفلسطيين وهزموهم. فقد أعطاهم مثال داود شجاعة عظيمة في الرب.
لم يسبق لداود أن قرأ ١ تيموثاوس ٤: ١٢، لكنه عاش كلمات هذه الآية. “لَا يَسْتَهِنْ أَحَدٌ بِحَدَاثَتِكَ، بَلْ كُنْ قُدْوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ: فِي ٱلْكَلَامِ، فِي ٱلتَّصَرُّفِ، فِي ٱلْمَحَبَّةِ، فِي ٱلرُّوحِ، فِي ٱلْإِيمَانِ، فِي ٱلطَّهَارَةِ.” كان داود قدوة وحقق لشعبه انتصارًا عظيمًا.
٣. وَأَخَذَ دَاوُدُ رَأْسَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ وَأَتَى بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَوَضَعَ أَدَوَاتِهِ فِي خَيْمَتِهِ: بما أن هذا حدث في سنوات لاحقة بعد غزو أورشليم (٢ صموئيل ٥: ٦-١٠)، من المحتمل أن هذا يعني أن داود في نهاية الأمر جلب رأس جليات إلى أورشليم. لكنه سيستخدم سيف العملاق لاحقًا (١ صموئيل ٢١: ٩). فكان لدى داود بعض الأشياء التي تذكّره بعمل الله العظيم.
“يفترض أن داود عالج رأس جليات بالخل ليحتفظ به، وعلّقه في قاعة المآدب بعد أن استولى على أورشليم.” أليسون (Ellison)
هـ) الآيات (٥٥-٥٨): شاول يقابل داود المنتصر.
٥٥وَلَمَّا رَأَى شَاوُلُ دَاوُدَ خَارِجًا لِلِقَاءِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ قَالَ لِأَبْنَيْرَ رَئِيسِ ٱلْجَيْشِ: «ٱبْنُ مَنْ هَذَا ٱلْغُلَامُ يَا أَبْنَيْرُ؟» فَقَالَ أَبْنَيْرُ: «وَحَيَاتِكَ أَيُّهَا ٱلْمَلِكُ لَسْتُ أَعْلَمُ». ٥٦فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: «ٱسْأَلِ ٱبْنُ مَنْ هَذَا ٱلْغُلَامُ». ٥٧وَلَمَّا رَجَعَ دَاوُدُ مِنْ قَتْلِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ أَخَذَهُ أَبْنَيْرُ وَأَحْضَرَهُ أَمَامَ شَاوُلَ وَرَأْسُ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ بِيَدِهِ. ٥٨فَقَالَ لَهُ شَاوُلُ: «ٱبْنُ مَنْ أَنْتَ يَا غُلَامُ؟» فَقَالَ دَاوُدُ: «ٱبْنُ عَبْدِكَ يَسَّى ٱلْبَيْتَلَحْمِيِّ.
١. ٱسْأَلِ ٱبْنُ مَنْ هَذَا ٱلْغُلَامُ: لا يعني هذا أن شاول لم يميّز داود. ربما ميّزه بالفعل، وربما سأل عن خلفية عائلته (ٱسْأَلِ ٱبْنُ مَنْ هَذَا ٱلْغُلَامُ). فقد وعد شاول بأن يزوج ابنته من الرجل الذي سيقتل جليات، وأراد أن يعرف شيئًا عن صهره المستقبلي.
أو ربما لم يميّز شاول داود. يعتقد بعضهم أن داود كان يعزف لشاول من خلف شاشة أو ستارة بحيث لم يرَ وجهه. ويرى آخرون أن شاول لم يكن في حالة عقلية سليمة تمامًا بسبب الروح المزعج المُكئب. ونحن نعرف أيضًا أن داود لم يمضِ كل وقته في القصر. إذ كان يذهب إلى بيته لرعاية الأغنام (١ صموئيل ١٧: ١٥). وربما تغيّر مظهر داود أثناء الوقت الذي كان بعيدًا فيه عن شاول، ولهذا لم يميّزه فورًا. وعندما دعا شاول داود ’يَا غُلَامُ،‘ فإن هذه الكلمة تشير إلى شخص بالغ ناضج مستعد للزواج.
٢. وَلَمَّا رَجَعَ دَاوُدُ مِنْ قَتْلِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّ: أحرز داود نصرًا عظيمًا، لكنه لم يكن أعظم من ذلك النصر الذي أحرزه يسوع على الصليب. وكان نصر داود ’صورة مسبقة‘ للنصر الذي أحرزه يسوع من أجل شعبه.
مثَّل كل من داود ويسوع شعبهما. فما يحدث للممثّل يحدث لشعب الله أيضًا.
حارب كل من داود ويسوع على الأرض التي تخص بحق شعب الله، أرضٍ سبق أن خسرهما الشعب.
حارب كل من داود ويسوع عندما كان عدوهما قادرًا على الهيمنة على شعب الله من خلال الخوف والتهديد وحده.
أُرسِل كل من داود ويسوع إلى ساحة المعركة من أبيهما (١ صموئيل ١٧: ١٧).
تعرّض كل من داود ويسوع للاحتقار والرفض من إخوتهما.
حارب كل من داود ويسوع المعركة من دون الاهتمام بالاستراتيجيات البشرية أو الحكمة التقليدية.
ربح كل من داود ويسوع المعركة، لكنهما لم يريا استسلام عدوهما طوعًا.
خاض كل من داود ويسوع معركة عندما كان النصر مضمونًا حتى قبل بدء المعركة.