١ صموئيل ٣٠
داود في انتصار مرة أخرى
أولًا. محنة داود.
أ ) الآيات (١-٢): ينهب العمالقة صقلع.
١وَلَمَّا جَاءَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ إِلَى صِقْلَغَ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ، كَانَ ٱلْعَمَالِقَةُ قَدْ غَزَوْا ٱلْجَنُوبَ وَصِقْلَغَ، وَضَرَبُوا صِقْلَغَ وَأَحْرَقُوهَا بِٱلنَّارِ، ٢وَسَبَوْا ٱلنِّسَاءَ ٱللَّوَاتِي فِيهَا. لَمْ يَقْتُلُوا أَحَدًا لَا صَغِيرًا وَلَا كَبِيرًا، بَلْ سَاقُوهُمْ وَمَضَوْا فِي طَرِيقِهِمْ.
١. (وحدَثَ أنّه…): من المؤكد أن هذا حدث، لكنه لم يحدث صدفة. إذ كان لدى الله قصد من كل هذا في حياة داود.
“يشير تعبير ’فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ‘ إلى أن داود ورجاله قطعوا حوالي ٢٥ ميلًا يوميًّا في مسيرتهم جنوبًا من أفيق نحو صقلع، حيث وصلوا متعبين، وجائعين، ومتوقعين كل التعزيات في استقبالهم في بيوتهم.” بولدوين (Baldwin)
٢. كَانَ ٱلْعَمَالِقَةُ قَدْ غَزَوْا ٱلْجَنُوبَ وَصِقْلَغَ، وَضَرَبُوا صِقْلَغَ وَأَحْرَقُوهَا بِٱلنَّارِ (إلى الأرض): بينما كان داود ورجاله في الشمال يحاولون الانضمام إلى الجيش الفلسطي، كانت مدينتهم صقلع بلا أية حراسة أو دفاع. واستغل عماليق الانتهازيون وضع المدينة هذا، فهاجموها، وأحرقوها، وسوّوها بالأرض.
٣. وَسَبَوْا ٱلنِّسَاءَ ٱللَّوَاتِي فِيهَا. لَمْ يَقْتُلُوا أَحَدًا لَا صَغِيرًا وَلَا كَبِيرًا: لم تُحرق المدينة فحسب، بل سُبيت النساء والأطفال. فهنالك لمسة من العدالة الشعرية الإلهية في كل هذا. إذ جلب داود هذه الكارثة على مدن أخرى. إذ تقول ١ صموئيل ٢٧: ٨-١١ إنه أثناء إقامة داود بين الفلسطيين، كان يعيش كقاطع طريق ويسلب المدن، ولم يترك رجالًا أو نساء على قيد الحياة. فكان عماليق أكثر رحمة من داود.
لا يؤدبنا الله في رحمته كما نستحق. فهو كائن شفوق يلطّف ضربة يده باللطف والمحبة.
ب) الآيات (٣- ٦): يأتي داود ورجاله إلى المدينة الفارغة المحروقة.
٣فَدَخَلَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ ٱلْمَدِينَةَ وَإِذَا هِيَ مُحْرَقَةٌ بِٱلنَّارِ، وَنِسَاؤُهُمْ وَبَنُوهُمْ وَبَنَاتُهُمْ قَدْ سُبُوا. ٤فَرَفَعَ دَاوُدُ وَٱلشَّعْبُ ٱلَّذِينَ مَعَهُ أَصْوَاتَهُمْ وَبَكَوْا حَتَّى لَمْ تَبْقَ لَهُمْ قُوَّةٌ لِلْبُكَاءِ. ٥وَسُبِيَتِ ٱمْرَأَتَا دَاوُدَ: أَخِينُوعَمُ ٱلْيَزْرَعِيلِيَّةُ وَأَبِيجَايِلُ ٱمْرَأَةُ نَابَالَ ٱلْكَرْمَلِيِّ. ٦فَتَضَايَقَ دَاوُدُ جِدًّا لِأَنَّ ٱلشَّعْبَ قَالُوا بِرَجْمِهِ، لِأَنَّ أَنْفُسَ جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ كَانَتْ مُرَّةً كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ. وَأَمَّا دَاوُدُ فَتَشَدَّدَ بِٱلرَّبِّ إِلَهِهِ.
١. فَدَخَلَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ ٱلْمَدِينَةَ: عندما كان داود ورجاله على بعد أميال قليلة من مدينتهم، لا بد أن قلوبهم أضاءت أملًا. كانوا جنودًا محبطين لأنهم لم يتمكنوا من المحاربة مع الفلسطيين، لكنهم عرفوا أنهم كانوا ذاهبين إلى بيوتهم. ويعني البيت العائلة، والبيئة المحيطة، والراحة، والدفء. لكن سرعان ما تحولتj هذه الفكرة إلى صورة قاتمة كالليل.
٢. وَإِذَا هِيَ مُحْرَقَةٌ بِٱلنَّارِ: حتى وهُم على بعد، أدركوا أن هنالك شيئًا ما خطأ. إذ كان الدخان يتصاعد من مدينتهم، لكنه لم يكن دخان نار الطهو، حيث كان دخانًا أسود كثيفًا. وتساءلوا لِمَ لم يأتِ أحد لاستقبالهم من بعيد. أين زوجاتهم وأطفالهم؟ ألم يكونوا سعداء بقدومهم؟ لكن عندما وصلوا إلى المدينة، رأوا أنها مدينة أشباح وأكوام من الأنقاض المحترقة، من دون أصوات لأشخاص ناجين. فبدا أن كل شيء ضاع.
٣. فَرَفَعَ دَاوُدُ وَٱلشَّعْبُ ٱلَّذِينَ مَعَهُ أَصْوَاتَهُمْ وَبَكَوْا حَتَّى لَمْ تَبْقَ لَهُمْ قُوَّةٌ لِلْبُكَاءِ: ضاع كل شيء. وعند هذه النقطة، لم يكن لدى داود أي شيء آخر ليدعمه. فلم يكن في إسرائيل من يمكن أن يساعد، ولم يُرِدْه الفلسطيون، وضاعت عائلته وكل ما كان يملكه. وحتى أصحابه انقلبوا عليه (لِأَنَّ ٱلشَّعْبَ قَالُوا بِرَجْمِهِ). ضاع كل شيء – ما عدا الرب. وهذا مكان جيد، لا سيئ، يمكن أن يكون فيه المرء.
لم يبكِ داود لأن كل شيء وكل شخص ضاع فحسب، بل لأنه عرف أنه كان مسؤولًا عن كل ما حدث أيضًا. ولا غرابة في أنه تضايق كثيرًا. فهو في أدنى درجة ارتداد يمكن أن يصل إليها المرء. فهو مثل الابن الضال الجالس في حظيرة الخنازير.
٤. وَأَمَّا دَاوُدُ فَتَشَدَّدَ بِٱلرَّبِّ إِلَهِهِ: تَطَلّب الكثير لإيصال داود إلى هذا المكان. لكنه وصل إليه الآن. والله هو قوّته الوحيدة.
وَأَمَّا دَاوُدُ فَتَشَدَّدَ بِٱلرَّبِّ إِلَهِهِ: كان هذا داود المرتد والضال. فما الذي يدفع الله إلى تشديده وتقويته؟ لأن الله غني في الرحمة والنعمة، ولأن داود الآن منكسر تمامًا ومستعد لأن يُملأ. نعتقد أحيانًا أنه يتوجب علينا أن نكتسب بركة الله أو قوّته، لكن داود يبيّن لنا طريقة أخرى.
وَأَمَّا دَاوُدُ فَتَشَدَّدَ بِٱلرَّبِّ إِلَهِهِ: تلقّى داود القوة وأحس بها وهي تتدفق من خلاله. كان جسورًا بما يكفي ليطلبها وينالها من الله. وقبل هذا، لم ينظر إلى نفسه كشخص ضعيف، لكن بعد عودته إلى بيته وإلى مدينة الأشباح المحروقة، أدرك أنه ضعيف وأنه محتاج إلى قوة الله.
وَأَمَّا دَاوُدُ فَتَشَدَّدَ بِٱلرَّبِّ إِلَهِهِ: لم ينتظر داود شخصًا آخر ليشدده ويقوّيه. لم يقل: “يا رب، إذا أردتَ أن تشددني، فلا بأس بهذا. وسأنتظر حتى تفعل هذا.” عرف داود أن قوة الرب متاحة للذين ينتظرونه، ولهذا تَشَدَّدَ بِٱلرَّبِّ إِلَهِهِ. كانت قوة الله متاحة لداود، لكنه أخذها الآن لنفسه، وسيشدد نفسه بِٱلرَّبِّ إِلَهِهِ.
وَأَمَّا دَاوُدُ فَتَشَدَّدَ بِٱلرَّبِّ إِلَهِهِ: لم يكن هذا قائدًا حماسيًّا عاطفيًّا (مثل قائد مشجعي فريق رياضي في أستاد رياضي)، ولم يكن نوعًا من خزعبلات التفكير الإيجابي. إذ كانت هذه قوة الإله الحي التي تجعل نفسها حقيقية في حياة الإنسان المتألم وقلبه. كانت هذه قوة للإقرار بها، وقوة للانكسار، وقوة للتوبة، وقوة للتصميم على استرداد ما سرقه العدو. وهي نفس القوة التي أقامت يسوع من بين الأموات.
٥. وَأَمَّا دَاوُدُ فَتَشَدَّدَ بِٱلرَّبِّ إِلَهِهِ: فكيف تَشَدَّدَ بِٱلرَّبِّ إِلَهِهِ؟
تَذّكّر داود محبة الله. ففي هذه النقطة من الخسارة الكلية، رأى داود محبة الله في رفض قادة الفلسطيين له. فلو لم يُرجعه الله إلى بيته من خلال هذا الرفض، لبقي شهورًا وشهورًا بعيدًا إلى أن يرجع. وعندئذٍ، سيكون الوضع أسوأ بكثير. فما لسعه وآلمه في الماضي صار عذبًا له الآن، وصار تعبيرًا عن محبة الرب له.
استطاع داود أن يتذكر وعد الله ودعوته. ويمكنه أن يهز رأسه ويزيل الضباب قائلًا: “أنا رجل ممسوح من الله. وقد وعدني الرب بأن أكون ملك إسرائيل التالي. لديّ دعوة عُليا ووعد من الله، ولم ينزعهما مني. وينبغي أن أبدأ أحيا هذا المصير.
استطاع داود أن يتذكر خلاص الله المتكرر في الماضي. استطاع أن يقول: “لا شك أن هذا وضع فظيع، لكني أتذكر كل المرات التي أنقذني فيها الرب من الأوضاع السيئة في الماضي. فإن كان قد فعل هذا لي في الماضي، فإنه سيفعل هذا الآن. فلم يخلّصني في الماضي ليتركني أهلك الآن.”
أخذ داود تشجيعه الوحيد من الله. تقدّم ١ أخبار ١٢: ١٩-٢٠ سببًا للتشجيع. إذ جاء إليه رجال من سبط منسّى في ذلك الوقت، وقفوا إلى جانبه عندما انقلب عليه آخرون. لكن هذا لم يُذْكَر كتشجيع لداود على الإطلاق. “بدأ الله يشفي خادمه بجرعة ضِيْق مُرة. وكان الدليل على العلاج هو أنه لم يشجّع نفسه بهؤلاء الأصحاب الجدد، أو على أمل أن يأتي آخرون. لكنه تَشَدَّدَ بِٱلرَّبِّ إِلَهِهِ.” سبيرجن (Spurgeon)
إن ما قاله داود في قلبه في ١ صموئيل ٢٧: ١ أوقعه في فوضى كبيرة. لكن ما قاله لنفسه الآن بأن عليه أن يتشدد بالرب إلهه ساعده على انتشاله من حالته المُزرية. “إن بعضًا من أفضل الأحاديث في العالم هي تلك التي يكلم فيها الإنسان نفسه. ومن يكلم الجميع ما عاد نفسه فإنه أحمق كبير.” سبيرجن (Spurgeon)
ثانيًا. داود يرد المسلوب وأكثر.
أ ) الآيات (٧-٨): داود يسأل من الرب.
٧ثُمَّ قَالَ دَاوُدُ لِأَبِيَاثَارَ ٱلْكَاهِنِ ٱبْنِ أَخِيمَالِكَ: «قَدِّمْ إِلَيَّ ٱلْأَفُودَ». فَقَدَّمَ أَبِيَاثَارُ ٱلْأَفُودَ إِلَى دَاوُدَ. ٨فَسَأَلَ دَاوُدُ مِنَ ٱلرَّبِّ قَائِلًا: «إِذَا لَحِقْتُ هَؤُلَاءِ ٱلْغُزَاةَ فَهَلْ أُدْرِكُهُمْ؟» فَقَالَ لَهُ: “ٱلْحَقْهُمْ فَإِنَّكَ تُدْرِكُ وَتُنْقِذُ.”
١. ثُمَّ قَالَ دَاوُدُ: في ١ صموئيل ٣٠: ٦، تشدد داود نفسه بالرب إلهه. والآن، حان الوقت ليفعل شيئًا بهذه القوة من الرب. أولًا، استخدم هذه القوة ليسأل من الرب. ففي كل الوقت الذي أمضاه داود بين الفلسطيين، كانت هذه أول مرة يطلب فيها الرب بأية طريقة كانت. فأثناء وقت مساومته وارتداده، لم يلجأ إلى الرب ويسأله بهذه الطريقة.
٢. قَدِّمْ إِلَيَّ ٱلْأَفُودَ: طلب داود الرب بمساعدة الكاهن، مستخدمًا الأوريم والتميم اللذين كانا جزءًا من أفود الكاهن. كان الأفود مئزرًا خاصًّا يرتديه الكاهن على صدره فوق ردائه. وهكذا، فإن دم الذبيحة المتناثر يقع على الأفود أكثر منه على رداء الكاهن.
من المحتمل أن هذا لم يكن مجرد أفود عادي. إذ كان أفود رئيس الكهنة الذي كان يشمل صُدرة القضاء (خروج ٢٨: ١٥) المرتبط به (خروج ٢٨:٢٨). ويوجد في الصُدرة جِراب يحوي حجرين معروفين بالأوريم والتميم (خروج ٢٨: ٣٠). وعندما استفسر داود من الرب، يرجّح أن أبياثار استخدم الأوريم والتميم.
لو اكتُشف الأوريم والتميم الآن، فلن يبارك الله استخدامهما اليوم أكثر مما فعل منذ تأـسيس نظام الكهنوت في العهد القديم. لقد مضى كهنوت العهد القديم بالنسبة لنا اليوم لأنه تحَقق كاملًا في يسوع المسيح. لكن في زمن داود، كان أمرًا مأمورًا به من الرب. فكان الأوريم والتميم فعالين لأن كلمة الله أسستهما. وفي واقع الأمر، كان داود في طلبه لله من خلالهما يعود إلى كلمة الله للإرشاد، لأن كلمة الله هي التي أمرت بوجودهما واستخدامهما. واليوم، إذا كان لدينا نفس التركيز على كلمة الله، فإنه سيرشدنا أيضًا.
٣. إِذَا لَحِقْتُ هَؤُلَاءِ ٱلْغُزَاةَ فَهَلْ أُدْرِكُهُمْ: في وقت من الأوقات، لم يكلف داود نفسه عناء طرح مثل هذه الأسئلة. إذ كان في غريزته كجندي يرد ببساطة على من يهاجمه بهجوم. لكن عندما عاد من ارتداده، فإنه يقدم كل شيء للرب. فلن يفعل شيئًا لمجرد أنه فعله في الماضي. فهو يسأل الله عن كل شيء.
٤. ٱلْحَقْهُمْ فَإِنَّكَ تُدْرِكُ وَتُنْقِذُ: أعطى الله داود شيئًا ليفعله (ٱلْحَقْهُمْ)، ثم أعطاه وعدًا مع هذا الأمر (فَإِنَّكَ تُدْرِكُ وَتُنْقِذُ). فعندما يعطينا الله أمرًا بفعل شيء، فإنه يعطينا معه وعدًا بتحقيقه.
ب) الآيات (٩-١٠): داود يطارد عالميق الذين غزوا صقلع.
٩فَذَهَبَ دَاوُدُ هُوَ وَٱلسِّتُّ مِئَةِ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ وَجَاءُوا إِلَى وَادِي ٱلْبَسُورِ، وَٱلْمُتَخَلِّفُونَ وَقَفُوا. ١٠وَأَمَّا دَاوُدُ فَلَحِقَ هُوَ وَأَرْبَعُ مِئَةِ رَجُلٍ، وَوَقَفَ مِئَتَا رَجُلٍ لِأَنَّهُمْ أَعْيَوْا عَنْ أَنْ يَعْبُرُوا وَادِيَ ٱلْبَسُورِ.
١. فَذَهَبَ دَاوُدُ: طلب الله من داود أن يلحق بهم، ففعل داود هذا بالضبط. فغالبًا ما تكون طاعة الرب بهذه البساطة.
٢. هُوَ وَٱلسِّتُّ مِئَةِ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ: كان رجال داود على وشك التمرد عليه (لِأَنَّ ٱلشَّعْبَ قَالُوا بِرَجْمِهِ) في الآية ٦. لكن بما أنه شدد نفسه بالرب إلهه (في الآية ٦ نفسها)، وبما أنه سأل من الرب (الآية ٨)، وبما أنه فعل ما طلب الله منه أن يفعله، عاد رجاله إلى جانبه.
فَذَهَبَ دَاوُدُ هُوَ وَٱلسِّتُّ مِئَةِ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ: توحي هذه العبارة بأن داود قال ما مفاده: “أيها الرجال، أنا ذاهب. لقد حصلت على وعد من الله بالانتصار. وأنا أصدّق وعده هذا. لا يهم إن كنتم ستأتون معي أم لا، لأن الله إلى جانبي. وإن كان عليّ أن أهزم كل عماليقي بنفسي، فإن وعد الله لن يخذلني.” لقد حرّك مثل هذا الإيمان قلوب ٱلسِّتِّ مِئَةِ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ، فذهبوا معه.
كان مشهدًا رائعًا! إذ كان دَاوُدُ هُوَ وَٱلسِّتُّ مِئَةِ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ يسيرون معًا ثانيةً. وفي هذه المرة، لم يكونوا يأملون أن يحاربوا من أجل الجيش الفلسطي، أو من أجل أنفسهم. بل من أجل مهمة كلّفهم بها الرب. ولم يكن هنالك على وجه الأرض جيش يمكن أن يقف في وجوههم أو يهزمهم وهم يسلكون في إرادة الله.
٣. وَوَقَفَ مِئَتَا رَجُلٍ لِأَنَّهُمْ أَعْيَوْا عَنْ أَنْ يَعْبُرُوا وَادِيَ ٱلْبَسُورِ: ربما أحبط هذا داود. إذ بينما كان داود يلاحق جيش عماليق الأكبر منه، وجد أن ثلث جيشه غير قادر على المواصلة. لكن لم يسمح لهذه المحنة بأن توقفه. فكلّف هذا الثلث المتخلف بحراسة المؤن، مخففًا بهذا عبء الرجال الأربع مئة الذين واصلوا معه. وانطلق مرة أخرى ممتلئًا بالإيمان.
“لكن لاحظوا هذا: لم يُنقَذ داود من دون مزيد من المِحن. كان سيتخلى قادة كثيرون (لو كانوا مكانه) عن المطاردة مع وجود ثلث الجيش في المستشفى. لكن داود تابع المطاردة بقوة عسكرية أقل. فعندما يقصد الله أن يباركنا، غالبًا ما ينزع جزءًا من القوة القليلة التي نعتقد أننا نملكها. لم نعتقد أن قوّتنا تساوي المهمة التي كانت لدينا. ورغم هذا، انتزع الله جزءًا من هذه القوة القليلة التي لدينا. فلا يملؤنا الله إلا بعد أن يُفرغنا. كان لا بد أن يُنتزَع مئتا رجل من داود قبل أن يعطيه الله الانتصار. فتوقع، أيها الشخص المضطرب، أنك ستُنقذ. لكن اعلم أن حزنك سيتعمق لكي تحصل على فرح أعظم عما قريب.” سبيرجن (Spurgeon)
ج) الآيات (١١-١٥): داود ورجاله يصادقون رجلًا مصريًّا بائسًا.
١١فَصَادَفُوا رَجُلًا مِصْرِيًّا فِي ٱلْحَقْلِ فَأَخَذُوهُ إِلَى دَاوُدَ، وَأَعْطَوْهُ خُبْزًا فَأَكَلَ وَسَقَوْهُ مَاءً، ١٢وَأَعْطَوْهُ قُرْصًا مِنَ ٱلتِّينِ وَعُنْقُودَيْنِ مِنَ ٱلزَّبِيبِ، فَأَكَلَ وَرَجَعَتْ رُوحُهُ إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ خُبْزًا وَلَا شَرِبَ مَاءً فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَثَلَاثِ لَيَالٍ. ١٣فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: «لِمَنْ أَنْتَ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟» فَقَالَ: «أَنَا غُلَامٌ مِصْرِيٌّ عَبْدٌ لِرَجُلٍ عَمَالِيقِيٍّ، وَقَدْ تَرَكَنِي سَيِّدِي لِأَنِّي مَرِضْتُ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. ١٤فَإِنَّنَا قَدْ غَزَوْنَا عَلَى جَنُوبِيِّ ٱلْكَرِيتِيِّينَ، وَعَلَى مَا لِيَهُوذَا وَعَلَى جَنُوبِيِّ كَالِبَ وَأَحْرَقْنَا صِقْلَغَ بِٱلنَّارِ». ١٥فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: «هَلْ تَنْزِلُ بِي إِلَى هَؤُلَاءِ ٱلْغُزَاةِ؟» فَقَالَ: «ٱحْلِفْ لِي بِٱللهِ أَنَّكَ لَا تَقْتُلُنِي وَلَا تُسَلِّمُنِي لِيَدِ سَيِّدِي، فَأَنْزِلَ بِكَ إِلَى هَؤُلَاءِ ٱلْغُزَاةِ.
١. فَصَادَفُوا رَجُلًا مِصْرِيًّا فِي ٱلْحَقْلِ: عندما طارد داود ورجاله عماليق، صدفوا رجلًا منهارًا في البرية (فِي ٱلْحَقْلِ). وسيكون أمرًا سهلًا ومنطقيًّا أن يتجاهلوا هذا الرجل، لأن أمامهم “مهمة أعظم” في مطاردة عماليق. لكن داود ورجاله أظهروا لطفًا غير متوقع، حيث قدموا للرجل طعامًا ليأكل وماء ليشرب.
٢. فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: “لِمَنْ أَنْتَ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟”: اهتم داود بهذا الرجل اهتمامًا كريمًا. إذ أظهر عناية واضحة ولطفًا لشخص غير مهم. فلم يعطوه طعامًا وماء فحسب، بل قدموا له رعاية ولطفًا.
٣. أَنَا غُلَامٌ مِصْرِيٌّ عَبْدٌ لِرَجُلٍ عَمَالِيقِيٍّ … وَأَحْرَقْنَا صِقْلَغَ بِٱلنَّارِ: عندما أظهر داود رحمة ولطفًا غير متوقعين تجاه المصري، أرى الله داود بركة غير متوقعة. فقد وعد المصري بأن يرشد داود إلى معسكر عماليق.
“يوحي استخدام الضمير المتصل ’نا‘ الذي يحمل نغمة التوكيد في ’وَأَحْرَقْنَا‘ أن العبد المصري شارك شخصيًا في غارات عماليق على صقلع.” يونغبلود (Youngblood)
د ) الآيات (١٦-٢٠): داود يهزم عماليق، ويغنم مقتنياتهم، ويسترد كل شيء.
١٦فَنَزَلَ بِهِ وَإِذَا بِهِمْ مُنْتَشِرُونَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ ٱلْأَرْضِ، يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَرْقُصُونَ بِسَبَبِ جَمِيعِ ٱلْغَنِيمَةِ ٱلْعَظِيمَةِ ٱلَّتِي أَخَذُوا مِنْ أَرْضِ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ وَمِنْ أَرْضِ يَهُوذَا. ١٧فَضَرَبَهُمْ دَاوُدُ مِنَ ٱلْعَتَمَةِ إِلَى مَسَاءِ غَدِهِمْ، وَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا أَرْبَعَ مِئَةِ غُلَامٍ ٱلَّذِينَ رَكِبُوا جِمَالًا وَهَرَبُوا. ١٨وَٱسْتَخْلَصَ دَاوُدُ كُلَّ مَا أَخَذَهُ عَمَالِيقُ، وَأَنْقَذَ دَاوُدُ ٱمْرَأَتَيْهِ. ١٩وَلَمْ يُفْقَدْ لَهُمْ شَيْءٌ لَا صَغِيرٌ وَلَا كَبِيرٌ، وَلَا بَنُونَ وَلَا بَنَاتٌ وَلَا غَنِيمَةٌ، وَلَا شَيْءٌ مِنْ جَمِيعِ مَا أَخَذُوا لَهُمْ، بَلْ رَدَّ دَاوُدُ ٱلْجَمِيعَ. ٢٠وَأَخَذَ دَاوُدُ ٱلْغَنَمَ وَٱلْبَقَرَ. سَاقُوهَا أَمَامَ تِلْكَ ٱلْمَاشِيَةِ وَقَالُوا: “هَذِهِ غَنِيمَةُ دَاوُدَ.”
١. فَضَرَبَهُمْ دَاوُدُ مِنَ ٱلْعَتَمَةِ إِلَى مَسَاءِ غَدِهِمْ: عندما أمسك داود عماليق في وسط احتفالهم بالنصر، فاجأهم تمامًا. إذ اعتقدوا أن كل الجيوش الفلسطية والإسرائيلية بعيدة إلى الشمال تستعد لتحارب بعضها بعضًا.
ٱلْعَتَمَةِ: “تستخدم إحدى الترجمات كلمة ’الغسق‘ هنا. ويرجّح أن هذه ترجمة سيئة. وينبغي أن تكون العبارة “من الفجر إلى مساء اليوم التالي”. وتحمل الكلمة العبرية Nesep المترجمة إلى فجر في أيوب ٧: ٤ ومزمور ١١٩: ١٤٧ نفس المعنى هنا. فبعد أن لاحظ داود ورجاله الموقف، أخذوا بعض الراحة، وهاجموا عند بداية النهار عندما كان عماليق يعانون من تأثير الاحتفال المخدِّر عاجزين عن الدفاع عن أنفسهم.” بولدوين (Baldwin)
كان من الحكمة أن يهاجم داود ورجاله عماليق عندما كانوا يعانون من تأثير الاحتفال الذي أقاموه في الليلة السابقة. “لم يجدوا صعوبة في طعنهم بالسيوف، وهي فرصة لم تُتَح لهم من قبل.” تراب (Trapp)
٢. وَٱسْتَخْلَصَ دَاوُدُ كُلَّ مَا أَخَذَهُ عَمَالِيقُ: استرد داود كل ما سلبه العدو، فأعطاه الله نصرًا تامًّا، لأن داود تشدد بالرب بإلهه (١ صموئيل ٣٠: ٦)، وسأل من الرب (١ صموئيل ٣٠: ٨)، ولأنه فعل ما طلبه الرب، وأظهر رحمة ولطفًا غير متوقعين بآخرين.
ثبت صِدق وعد الله. فعندما سأل داود من الرب، وعده الله بأنه سيقدر على أن يدرك الأعداء ويسترد كل المسلوب (١ صموئيل ٣٠: ٨). وقد تحقق الوعد تمامًا. لكنه لم يتحقق بينما كان داود يجلس بشكل سلبي ويقول: ’يا رب، يمكنك أن تفعل هذا الآن.‘ لقد حقق الرب وعده، لكنه استخدم أعمال داود لتحقيقه. فلم يستثنِ وعد الله دور داود وتعاونه. فالوعد تطلَّب تعاونًا.
“أخي، يتوجب عليك أن تعمل وتكدح لكي تنقذ نفسك من الديون والصعوبات. وعندئذٍ، سيسمع الرب صلاتك. فالقاعدة هي أن تثق بأن الرب سيضرب عماليق، وأن تسير بعد ذلك وراءهم، كما لو أن كل شيء يعتمد عليك أنت.” سبيرجن (Spurgeon)
٣. هَذِهِ غَنِيمَةُ دَاوُدَ: أعطى الله داود أكثر مما وعده به. إذ أخذ داود غنائم من المعركة، إضافة إلى ما سُلب من صقلع. فكانت هذه بركة مباشرة من نعمة الله.
ينبغي أن نأتي إلى يسوع ونعطيه بإرادتنا الحرة كل ما نملكه، وكل ما نحن عليه، فنقدم له حياتنا قائلين: ’هذه غنيمة يسوع.‘ ونعطيه مواهبنا وقدراتنا قائلين: ’هذه غنيمة يسوع.‘ ونعطيه مقتنياتنا قائلين: ’هذه غنيمة يسوع.‘ ونعطيه وقتنا قائلين: ’هذه غنيمة يسوع.‘
يتساءل بعضهم لماذا سُمح لداود بالاحتفاظ بغنائم من عماليق، بينما أُمر شاول بأن لا يحتفظ بأية غنائم منهم (١ صموئيل ١٥: ١-٣)، ودانه الرب على عصيانه لهذا الأمر (١ صموئيل ١٥: ١٣-٢٣). والجواب سهل. أولًا، لم يتلقَّ داود أمرًا محددًا من الرب بتحريم الحصول على غنائم من عماليق، كما حدث مع شاول. ثانيًا، استرد داود ما أخذه عماليق من آخرين، رغم أنه استرد أكثر بكثير مما أُخذ من مدينته. ثالثًا، لم يكن داود يتصرف كملك إسرائيل ممثّلًا شعب الرب، كما في حالة شاول. وببساطة، كانت القواعد في هذه الحالة مختلفة بالنسبة لداود.
ثالثًا. تقسيم غنائم المعركة
أ ) الآيات (٢١-٢٥): توزيع الغنائم بالتساوي بين المحاربين والداعمين.
٢١وَجَاءَ دَاوُدُ إِلَى مِئَتَيِ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِينَ أَعْيَوْا عَنِ ٱلذَّهَابِ وَرَاءَ دَاوُدَ، فَأَرْجَعُوهُمْ فِي وَادِي ٱلْبَسُورِ، فَخَرَجُوا لِلِقَاءِ دَاوُدَ وَلِقَاءِ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ. فَتَقَدَّمَ دَاوُدُ إِلَى ٱلْقَوْمِ وَسَأَلَ عَنْ سَلَامَتِهِمْ. ٢٢فَأَجَابَ كُلُّ رَجُلٍ شِرِّيرٍ وَلَئِيمٍ مِنَ ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ سَارُوا مَعَ دَاوُدَ وَقَالُوا: «لِأَجْلِ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْهَبُوا مَعَنَا لَا نُعْطِيهِمْ مِنَ ٱلْغَنِيمَةِ ٱلَّتِي ٱسْتَخْلَصْنَاهَا، بَلْ لِكُلِّ رَجُلٍ ٱمْرَأَتَهُ وَبَنِيهِ، فَلْيَقْتَادُوهُمْ وَيَنْطَلِقُوا». ٢٣فَقَالَ دَاوُدُ: «لَا تَفْعَلُوا هَكَذَا يَا إِخْوَتِي، لِأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ أَعْطَانَا وَحَفِظَنَا وَدَفَعَ لِيَدِنَا ٱلْغُزَاةَ ٱلَّذِينَ جَاءُوا عَلَيْنَا. ٢٤وَمَنْ يَسْمَعُ لَكُمْ فِي هَذَا ٱلْأَمْرِ؟ لِأَنَّهُ كَنَصِيبِ ٱلنَّازِلِ إِلَى ٱلْحَرْبِ نَصِيبُ ٱلَّذِي يُقِيمُ عِنْدَ ٱلْأَمْتِعَةِ، فَإِنَّهُمْ يَقْتَسِمُونَ بِٱلسَّوِيَّةِ». ٢٥وَكَانَ مِنْ ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ فَصَاعِدًا أَنَّهُ جَعَلَهَا فَرِيضَةً وَقَضَاءً لِإِسْرَائِيلَ إِلَى هَذَا ٱلْيَوْمِ.
١. وَجَاءَ دَاوُدُ إِلَى مِئَتَيِ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِينَ أَعْيَوْا عَنِ ٱلذَّهَابِ وَرَاءَ: عندما كان داود يطارد عماليق بسرعة، لم يتمكن مئتا رجل من رجاله أن يستمروا معه. فأقاموا معسكرًا ووضعوا فيه المؤن واللوازم التابعة للجنود الآخرين الذين سيواصلون المسير، من أجل التخفيف من حملهم. وها هو داود يعود إلى هؤلاء الرجال الذين بقوا في المعسكر.
٢. فَأَجَابَ كُلُّ رَجُلٍ شِرِّيرٍ وَلَئِيمٍ مِنَ ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ سَارُوا مَعَ دَاوُدَ وَقَالُوا: عندما عاد داود، رأى هؤلاء الرجال الذين بقوا في المعسكر مع المؤن واللوازم مقتنياتهم الخاصة بين غنائم المعركة، فأرادوا استردادها. فاحتج بعض اللئيمين (ومن الواضح أنه كان هنالك بعض اللئيمين بين رجال داود)، وقالوا إنه لا يحق للرجال المتخلفين الحصول على نصيب من غنائم المعركة، حيث يكفيهم أن يستردوا زوجاتهم وأبناءهم.
٣. لَا تَفْعَلُوا هَكَذَا يَا إِخْوَتِي، لِأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ أَعْطَانَا وَحَفِظَنَا وَدَفَعَ لِيَدِنَا ٱلْغُزَاةَ ٱلَّذِينَ جَاءُوا عَلَيْنَا. وَمَنْ يَسْمَعُ لَكُمْ فِي هَذَا ٱلْأَمْرِ؟ لِأَنَّهُ كَنَصِيبِ ٱلنَّازِلِ إِلَى ٱلْحَرْبِ نَصِيبُ ٱلَّذِي يُقِيمُ عِنْدَ ٱلْأَمْتِعَةِ، فَإِنَّهُمْ يَقْتَسِمُونَ بِٱلسَّوِيَّةِ: أعلن داود مبدأ مهمًّا، وهو أن خطوط الإمداد حيوية في أهميتها نفس حيوية الجنود المقاتلين، وأن الله سيكافئ كلًّا من ’الجنود‘ والداعمين بشكل ملائم.
يخدم كثيرون الرب بطرق غير مرئية. فهم يخدمون ’من وراء الكواليس.‘ وغالبًا ما يدعمون جانبًا أكثر وضوحًا من عمل الرب. وسيكافئ الرب الخادم الخفي بنفس مكافأة الخادم البارز.
نظر الرجال اللئيمون إلى الغنائم وقالوا: “لقد قاتلنا من أجل هذه الغنيمة. ولهذا فهي لنا.” ونظر داود إلى هذه الغنائم وقال: ’انظروا ما أعطانا الرب.‘ فعندما تنظر إلى هذا الأمر هكذا، كيف لا يمكنك أن تشارك؟” فعندما أعطى الرب داود انتصارًا عظيمًا، رأى داود أنه انتصار الرب أكثر منه انتصاره الخاص.
٤. جَعَلَهَا فَرِيضَةً وَقَضَاءً لِإِسْرَائِيلَ إِلَى هَذَا ٱلْيَوْمِ: صار هذا مبدأ ثابتًا في إسرائيل. وينبغي أن يعلَن هذا المبدأ ويصدَّق بين شعب الله الآن.
هنالك تشجيع للمتعبين هنا: “أنتم يا ذوي الإيمان القليل، أيها القانطون، أيها الخائفون كثيرًا، يا ذوي العقول الضعيفة، يا من تتنهدون أكثر مما ترنمون، يا من تريدون لكن لا تستطيعون، يا من لديكم قلب كبير للقداسة، لكنكم تشعرون بالهزيمة في صراعاتكم، سيعطيكم الرب محبته، ونعمته، وفضله كما يعطيها للذين يستطيعون أن يفعلوا أشياء عظيمة باسمه.” سبيرجن (Spurgeon)
ب) الآيات (٢٦-٣١): يصلح داود العلاقات المتوترة.
٢٦وَلَمَّا جَاءَ دَاوُدُ إِلَى صِقْلَغَ أَرْسَلَ مِنَ ٱلْغَنِيمَةِ إِلَى شُيُوخِ يَهُوذَا، إِلَى أَصْحَابِهِ قَائِلًا: «هَذِهِ لَكُمْ بَرَكَةٌ مِنْ غَنِيمَةِ أَعْدَاءِ ٱلرَّبِّ». ٢٧إِلَى ٱلَّذِينَ فِي بَيْتِ إِيلٍ وَٱلَّذِينَ فِي رَامُوتِ ٱلْجَنُوبِ وَٱلَّذِينَ فِي يَتِّيرَ، ٢٨وَإِلَى ٱلَّذِينَ فِي عَرُوعِيرَ وَٱلَّذِينَ فِي سِفْمُوثَ وَٱلَّذِينَ فِي أَشْتِمُوعَ، ٢٩وَإِلَى ٱلَّذِينَ فِي رَاخَالَ وَٱلَّذِينَ فِي مُدُنِ ٱلْيَرْحَمْئِيلِيِّينَ وَٱلَّذِينَ فِي مُدُنِ ٱلْقِينِيِّينَ، ٣٠وَإِلَى ٱلَّذِينَ فِي حُرْمَةَ وَٱلَّذِينَ فِي كُورِ عَاشَانَ وَٱلَّذِينَ فِي عَتَاكَ، وَإِلَى ٱلَّذِينَ فِي حَبْرُونَ، وَإِلَى جَمِيعِ ٱلْأَمَاكِنِ ٱلَّتِي تَرَدَّدَ فِيهَا دَاوُدُ وَرِجَالُهُ.
١. وَلَمَّا جَاءَ دَاوُدُ إِلَى صِقْلَغَ أَرْسَلَ مِنَ ٱلْغَنِيمَةِ إِلَى شُيُوخِ يَهُوذَا، إِلَى أَصْحَابِهِ قَائِلًا: عرف داود أن وقته بين الفلسطيين وتّر علاقاته بشعب الله. والآن، عرف أنه يتوجب عليه تصويب الأمور مرة أخرى. ولهذا أرسل بعضًا من الغنائم لشيوخ يهوذا.
كانت هذه أول خطوة في تصويب الأمور بعد وقت ارتداده بين الفلسطيين.
ü تشدَّد داود بالرب إلهه.
ü سأل داود من الرب.
ü آمن داود بوعد الرب.
ü فعل داود ما أمره الرب بفعله.
ü أظهر رحمة ولطفًا وعناية غير متوقعة لآخرين.
ü نظر داود إلى الانتصار على أنه انتصار الرب.
ü شارك داود المكافأة مع آخرين.
ü فعل داود ما بوسعه لإصلاح العلاقات.
٢. هَذِهِ لَكُمْ بَرَكَةٌ مِنْ غَنِيمَةِ أَعْدَاءِ ٱلرَّبِّ: أرسل داود غنائم من المعركة إلى ما يزيد عن ثلاث عشرة مدينة. ومن الواضح أن الغنيمة كانت وفيرة جدًّا. وفي هذا، يمثل داود صورة لابنه الأعظم، يسوع المسيح. فعندما انتصر يسوع المسيح على الصليب، ربح أعظم معركة، وكانت لديه “غنائم ليشاركها”. وقد شارك الغنائم مع شعبه كما تقول أفسس ٤: ٧-٨: “وَلَكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ ٱلنِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ ٱلْمَسِيحِ. لِذَلِكَ يَقُولُ: “إِذْ صَعِدَ إِلَى ٱلْعَلَاءِ سَبَى سَبْيًا وَأَعْطَى ٱلنَّاسَ عَطَايَا.” فلدى يسوع غنائم من انتصاره ليعطيها لك.
داود صورة ملفتة للنظر ليسوع المسيح في هذا الإصحاح. لاحظ نقاط الارتباط الخمس هذه: