أخبار الأيام الثاني – الإصحاح ٢٧
حكم يوثام التقي
أولًا. حكم الملك الصالح التقي
أ ) الآيات (١-٢): نظرة عامة إلى حكم يوثام.
١كَانَ يُوثَامُ ابْنَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ يَرُوشَةُ بِنْتُ صَادُوقَ. ٢وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ عُزِّيَّا أَبُوهُ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ هَيْكَلَ الرَّبِّ. وَكَانَ الشَّعْبُ يُفْسِدُونَ بَعْدُ.
١. وَعَمِلَ ٱلْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ: كان يوثام ملكًا آخر على يهوذا اتّصف بالصلاح بشكل عام. ويتناقض هذا بشكل قوي مع الشر الذي فعله ملوك إسرائيل المعاصرين. وكان بين ملوك يهوذا ملوك صالحون أتقياء.
٢. حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ عُزِّيَّا أَبُوهُ: نرى هذا النمط في كل من مملكتي إسرائيل ويهوذا، حيث يملك الابن بالكيفية التي حكم بها أبوه من قبل. وفي حين أن هذا لم يتم تحديده مسبقًا بشكل ملموس، إلا أن هذا المبدأ يبيّن لنا التأثير الذي يمارسه الأب على ابنه.
• إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ هَيْكَلَ ٱلرَّبِّ: “لقد عدَّ خطية أبيه منارة تحذير له من تلك الصخرة التي تحطمت عليها حياة عُزّيّا.” سبيرجن (Spurgeon)
• “إنها لرحمة عظيمة لنا عندما نرى الآخرين يخطئون، إذا استخدمنا حطام سفنهم كمنارات لأنفسنا. فأي افتتان مفترض يمكن أن يوجد في الخطية؟” سبيرجن (Spurgeon)
٣. وَكَانَ ٱلشَّعْبُ يُفْسِدُونَ بَعْدُ: كلمة ’بَعْد‘ كلمة مهمة، لأنها تخبرنا أن هذا الفساد لم يبدأ بحكم يوثام، لكنه استمر من أيام سلفه، عُزّيّا. فرغم أنه انتهى نهاية سيئة، إلا أن معدن عُزّيّا الأخلاقي كان بشكل عام تقيًّا. لكن يبدو أنه كان بشكل عام أكثر تقوى من عامّة الشعب.
• يقول باين (Payne) عن عُزّيّا وملوك إسرائيل الذين حكموا في زمنه: “تحت الازدهار السطحي الذي تمتعت به كلتا المملكتين في ذلك الوقت، يشير وعظ هوشع وعاموس إلى وجود انحلال أخلاقي وروحي خطير.”
• “أظهر إشعياء وهوشع وميخا وأنبياء مقدَّسون آخرون كانوا على قيد الحياة خطيّتهم. وحتى يومنا هذا، يرفض الناس أن يتركوا عاداتهم الشريرة القديمة لعدم وجود من يوبخهم.” تراب (Trapp)
ب) الآيات (٣-٦): إنجازات يوثام
٣هُوَ بَنَى الْبَابَ الأَعْلَى لِبَيْتِ الرَّبِّ، وَبَنَى كَثِيرًا عَلَى سُورِ الأَكَمَةِ. ٤وَبَنَى مُدُنًا فِي جَبَلِ يَهُوذَا، وَبَنَى فِي الْغَابَاتِ قِلَعًا وَأَبْرَاجًا. ٥وَهُوَ حَارَبَ مَلِكَ بَنِي عَمُّونَ وَقَوِيَ عَلَيْهِمْ، فَأَعْطَاهُ بَنُو عَمُّونَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ مِئَةَ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ، وَعَشَرَةَ آلاَفِ كُرِّ قَمْحٍ، وَعَشَرَةَ آلاَفٍ مِنَ الشَّعِيرِ. هذَا مَا أَدَّاهُ لَهُ بَنُو عَمُّونَ، وَكَذلِكَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ. ٦وَتَشَدَّدَ يُوثَامُ لأَنَّهُ هَيَّأَ طُرُقَهُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِهِ.
١. هُوَ بَنَى ٱلْبَابَ ٱلْأَعْلَى لِبَيْتِ ٱلرَّبِّ: كانت هذه علامة إيجابية في يهوذا. فعندما كان الملوك والقادة يُظهرون اهتمامًا ببيت الرب، كان هذا يعكس قدرًا من الانتعاش الروحي.
• ويبدو أن يوثام، على نحو خاص، أعاد بناء صلة الهيكل بالقصر. “تمنّى حرية الوصول من بيته إلى بيت الرب. وسيعزز الارتباط بين البيتين إبقاء خط التواصل مفتوحًا (باستخدام صورة عسكرية) مع مصدر مخزون قوته وحكمته. وهذا هو أحد أسرار ازدهاره وقوته.” ناب (Knapp)
• أساء أبوه عُزّيّا فهم الصلة بين البيت الملكي وبيت الرب، حيث طالب بسلطة كهنوتية (٢ أخبار الأيام ٢٦: ١٦-٢١). ولم يُرِد ملوك كثيرون قبله أية صلة بين هذين البيتين. وفهم يوثام أنه كان ملكًا لا كاهنًا، غير أنه أراد صلة مفتوحة بين القصر والهيكل.
٢. وَبَنَى مُدُنًا فِي جَبَلِ يَهُوذَا، وَبَنَى فِي ٱلْغَابَاتِ قِلَعًا وَأَبْرَاجًا: وسّع يوثام اهتماماته في بناء يهوذا إلى خارج أورشليم والهيكل. فجعل مملكته قوية قادرة على إخضاع شعوب مجاورة مثل العمّونيين.
• “كما وجّه انتباهه إلى التخطيط الحضري وبناء مدن في المرتفعات من شأنها – إلى جانب نظام الأبراج والتحصينات في المناطق المُشْجِرة – أن تخدم أغراضًا اقتصادية وعسكرية.” باترسون وأوستيل (Patterson and Austel)
• “كانت الجزية كبيرة، حيث زادت عن ثلاثة أطنان من الفضة وحوالي عشرة آلاف حمولة من الشعير على الحمير.” سيلمان (Selman)
٣. وَتَشَدَّدَ يُوثَامُ لِأَنَّهُ هَيَّأَ طُرُقَهُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلَهِهِ: مَثَّل بناء الصلة بين القصر والهيكل إحدى الطرق الرئيسية التي هيّأ بها يوثام طريقه أمام الرب. “كان الباب الأعلى بين القصر والهيكل أفضل من سور الصين حول مملكته. فالازدهار الحقيقي والقوة في الشركة موجودان في الشركة مع الله.” ناب (Knapp)
• “في حين أنه لم يكن هنالك إصلاح وطني أثناء حكمه، يبدو أنه قد تقَدَّم بهدوء على طول الخطوط الحقيقية. وتُعْزَى قوته إلى حقيقة أنه هيّأ طرقه أمام الرب إلهه.” مورجان (Morgan)
• “لا بدّ أن يوثام كان رجل صلاة. فلم يكن بإمكانه أن يهيئ طرقه للرب هكذا إلاّ عند كرسي الرحمة. ولا بد أنه اعتاد أن يتحدث عن متاعبه يوميًّا إلى إلهه، ويطلب إرشاده في صعوباته اليومية، ويباركه على كل مراحمه. ولا بد أنه كان على تواصل دائم مع إلهه، وإلا لما كان قد هيّأ أموره باستقامة أمامه.” سبيرجن (Spurgeon)
• “يوثام هو الوحيد – من بين جميع الملوك العبرانيين، بدْءًا بشاول وانتهاءً بآخر ملك – الذي لم يذكر الله نقطة سيئة له. وبهذا يكون معدنه الأخلاقي في توافق جميل مع اسمه ’يهوه – كامل.‘” ناب (Knapp)
• “لا أتذكر على الإطلاق أني قابلت شخصًا سار مع الله من دون أن يجعل هذا الترتيب أحد المبادئ الأولى لحياته… إنها عادات النفس التي تسير أمام الله، والمعتادة أن تفكر فيه على أنه يرى في الخفاء وازنًا كل طرقنا.” ماير (Meyer)
ج) الآيات (٧-٩): ملخّص حكمه.
٧وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يُوثَامَ وَكُلُّ حُرُوبِهِ وَطُرُقِهِ، هَاهِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا. ٨كَانَ ابْنَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ. ٩ثُمَّ اضْطَجَعَ يُوثَامُ مَعَ آبَائِهِ فَدَفَنُوهُ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ، وَمَلَكَ آحَازُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.
١. وَكُلُّ حُرُوبِهِ وَطُرُقِهِ: تخبرنا ٢ ملوك ١٥: ٣٧ أن الرب بدأ في تلك الأيام يرسل ’رصين‘ ملك آرام، و’فقح‘ بن رمليّا، ملك إسرائيل. ويخبرنا كاتب سفر ملوك الثاني، بوحي من الروح القدس، أن يد الرب هي التي أرسلت هذين الحاكمين الأجنبيين ليزعجا يهوذا.
• “في عهد يوثام، بدأت القوات المشتركة لكل من رصين، ملك آرام، وفقح، ملك إسرائيل، بغزو يهوذا. لكن التأثير الكامل لهذه الهجمات العسكرية لم يكن محسوسًا إلى أن صار يوثام ملكًا.” ديلداي (Dilday)
• “توحي الإشارة إلى ’كل‘ حروب يوثام إلى أنه ربما قبْل الحملة على العمونيين، والتي تحمَّل يوثام وحده المسؤولية عنها، خدم كقائد ميداني للتحالف الذي تصوَّره أبوه عزّيا المعزول (بسبب البرص).” باين (Payne)
٢. ثُمَّ ٱضْطَجَعَ يُوثَامُ مَعَ آبَائِهِ: بعد قصص الملوك الثلاثة السابقين الذين بدأ كل واحد منهم بداية حسنة ولم يُنهِ حسنًا، فإننا نتنفّس الصعداء عندما نقرأ عن ملك لم تكن نهايته مخيبة للآمال.