سفر التثنية – الإصحاح ٢٦
تقديم الباكورة والعشور
أولًا. تعليمات تقديم الباكورة والعشور
أ ) الآيات (١-٤): تقديم الباكورة إلى الكاهن.
١وَمَتَى أَتَيْتَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا وَامْتَلَكْتَهَا وَسَكَنْتَ فِيهَا، ٢فَتَأْخُذُ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ ثَمَرِ الأَرْضِ الَّذِي تُحَصِّلُ مِنْ أَرْضِكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ وَتَضَعُهُ فِي سَلَّةٍ وَتَذْهَبُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكَ لِيُحِلَّ اسْمَهُ فِيهِ. ٣وَتَأْتِي إِلَى الْكَاهِنِ الَّذِي يَكُونُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَتَقُولُ لَهُ: أَعْتَرِفُ الْيَوْمَ لِلرَّبِّ إِلهِكَ أَنِّي قَدْ دَخَلْتُ الأَرْضَ الَّتِي حَلَفَ الرَّبُّ لآبَائِنَا أَنْ يُعْطِيَنَا إِيَّاهَا. ٤فَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ السَّلَّةَ مِنْ يَدِكَ وَيَضَعُهَا أَمَامَ مَذْبَحِ الرَّبِّ إِلهِكَ.
١. وَمَتَى أَتَيْتَ إِلَى الأَرْضِ: ألقى موسى عظات سفر التثنية على بني إسرائيل أثناء معسكرهم فِي أَرْضِ مُوآب (تثنية ١: ١، ١: ٥)، بالقرب من المكان الذي سيعبرون فيه نهر الأردن. وعلى الرغم من التحديات الكبيرة (مثل نهر الأردن الذي ارتفع منسوبه بسبب فيضانات الربيع والجيوش الكنعانية القوية)، إلا أن الله أكد لهم أنهم سيدخلون الأرض (وَمَتَى أَتَيْتَ إِلَى الأَرْضِ). وقد أعطيت هذه الوصايا لبني إسرائيل الذين سيملكون كنعان ويسكنوها.
٢. أَوَّلِ كُلِّ ثَمَرِ الأَرْضِ الَّذِي تُحَصِّلُ مِنْ أَرْضِكَ: أوصى سفر العدد ١٢:١٨ إسرائيل أن يقدموا بانتظام أول حصادهم كذبيحة للكهنة. ومع ذلك، يبدو أن الباكورة الموصوفة هنا هي تقدمة خاصة من باكورة الحصاد الذي سيحصلون عليه في أرض الموعد.
٣. وَيَضَعُهَا أَمَامَ مَذْبَحِ الرَّبِّ إِلهِكَ: إن تقديم الباكورة كان تكريمًا للرب لأنها أعطت الرب نصيبه من الحصاد الذي قدمه بسخاء.
- “التشديد هنا هو أن الرب هو الذي أعطى المحصول لشعبه، مما يدحض ضمنًا أي فكرة مفادها أن البعل كان مسؤولًا.” تومسون (Thompson)
ب) الآيات (٥-١٠): كلمات الشكر والتسبيح عند إعطاء الباكورة.
٥ثُمَّ تُصَرِّحُ وَتَقُولُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ: أَرَامِيًّا تَائِهًا كَانَ أَبِي، فَانْحَدَرَ إِلَى مِصْرَ وَتَغَرَّبَ هُنَاكَ فِي نَفَرٍ قَلِيل، فَصَارَ هُنَاكَ أُمَّةً كَبِيرَةً وَعَظِيمَةً وَكَثِيرَةً. ٦فَأَسَاءَ إِلَيْنَا الْمِصْرِيُّونَ، وَثَقَّلُوا عَلَيْنَا وَجَعَلُوا عَلَيْنَا عُبُودِيَّةً قَاسِيَةً. ٧فَلَمَّا صَرَخْنَا إِلَى الرَّبِّ إِلهِ آبَائِنَا سَمِعَ الرَّبُّ صَوْتَنَا، وَرَأَى مَشَقَّتَنَا وَتَعَبَنَا وَضِيقَنَا. ٨فَأَخْرَجَنَا الرَّبُّ مِنْ مِصْرَ بِيَدٍ شَدِيدَةٍ وَذِرَاعٍ رَفِيعَةٍ وَمَخَاوِفَ عَظِيمَةٍ وَآيَاتٍ وَعَجَائِبَ، ٩وَأَدْخَلَنَا هذَا الْمَكَانَ، وَأَعْطَانَا هذِهِ الأَرْضَ، أَرْضًا تَفِيضُ لَبَنًا وَعَسَلًا. ١٠فَالآنَ هأَنَذَا قَدْ أَتَيْتُ بِأَوَّلِ ثَمَرِ الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتَنِي يَا رَبُّ. ثُمَّ تَضَعُهُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ، وَتَسْجُدُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ.
١. ثُمَّ تُصَرِّحُ وَتَقُولُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ: ميز اعتراف الشكر الرائع هذا تاريخ إسرائيل منذ أيام يعقوب وعائلته في أرض كنعان، حتى نزول العائلة إلى مصر، وحتى الخلاص النهائي والخروج إلى أرض الموعد.
- “أوصاهم الله أن يتذكروا ويعترفوا صراحة بالمذلّة والبؤس السابقين، حتى يظلوا متواضعين ومتكّلين عليه. كان عليهم أن يقدموا تقدماتهم كاعتراف علني لله بأنه بفضل رحمته تغيّرت حالتهم، وبفضل كرمه استمرت راحتهم ونعمهم.” كلارك (Clarke)
- أَرَامِيًّا… كَانَ أَبِي: “من الواضح من النص أن كلمة ’أَرَامِيّ‘ تشير بوضوح إلى يعقوب، نظرًا لإقامته الطويلة في آرام أثناء عمله لدى حميه لابان. ومن المرجح أن وصفه بأنه ’تَائِهًا‘ أي في خطر وشيك يشير إلى المعاملة القاسية والعمل الشاق الذي تحمّله، والذي لم يُضعف صحته فحسب، بل ربما عرض حياته للخطر في كثير من الأحيان.” كلارك (Clarke)
٢. فَانْحَدَرَ إِلَى مِصْرَ وَتَغَرَّبَ هُنَاكَ: ترجمت نسخة الملك جيمس (العربية أيضًا) هذه العبارة كالتالي: انْحَدَرَ إِلَى مِصْرَ وَتَغَرَّبَ هُنَاكَ. تشير هذه الصياغة إلى أن إقامة إسرائيل لمدة ٤٠٠ عام في مصر كانت تعتبر مجرد إقامة مؤقتة. وفي سياق خطة الله الأبدية، لم يكن الأمر أكثر من مجرد إقامة مؤقتة (تغرّب).
- قد ينشغل المؤمن بالتجارب أو المعاناة إلى الحد الذي يجعله يعتقد أن هذه الأوقات تحدد حياته بأكملها. وعلى النقيض من ذلك، نظر الله إلى وقت إسرائيل في مصر باعتباره مجرد إقامة مؤقتة (تغرّب) وليس هوية دائمة.
٣. فِي نَفَرٍ قَلِيل، فَصَارَ هُنَاكَ أُمَّةً كَبِيرَةً وَعَظِيمَةً وَكَثِيرَةً: كان هذا هو السبب الرئيسي الذي جعل الله يرسل يعقوب وعائلته للتغرّب في مصر. عندما عاشوا في كنعان، كان هناك خطر كبير من أن تندمج العائلة مع الشعوب الوثنية الشريرة المحيطة بهم. ولمنع ذلك، ولتمكين الأمة من النمو، أرسلهم الله إلى مصر، التي كانت مجتمعًا عنصريًا جدًا ومنفصلًا، ولم يكن يقبل التزاوج مع إسرائيل. ولذلك، رغم أنهم ذهبوا إلى مصر كعائلة صغيرة (نَفَرٍ قَلِيل)، إلا أنهم مع مرور الوقت صاروا أُمَّةً كَبِيرَةً وَعَظِيمَةً وَكَثِيرَة دون الذوبان في المجتمع المصري الأكبر.
٤. فَالآنَ هأَنَذَا قَدْ أَتَيْتُ بِأَوَّلِ ثَمَرِ الأَرْضِ: كان هذا العطاء الأولي للباكورة عندما جاء إسرائيل إلى أرض الموعد هو طريقة مناسبة لشكر الرب. وهذا العطاء، وكل العطاء الذي يتم بقلب سليم، هو طريقة صحيحة للعبادة أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ.
- “إن السلام والاستقرار اللذين سيسمحان بإقامة أنماط زراعية منتظمة سيكونان دليلًا قاطعًا على أن الرب قد أنجز وعده للآباء. واعترافًا بذلك، وتقديرًا لذلك ولاختياره ونعمته المُخلِّصة، كان المزارع يقدم باكورة حصاده.” ميريل (Merrill)
- “إن قصة البرص العشرة الذين شُفوا، ولم يرجع منهم إلا واحد فقط ليقدم الشكر، تحمل درسًا تحذيريًا مخيفًا. فكم من الناس يعيشون يوميًا على نِعَم الله، دون أن يشعروا بالامتنان لرحمة الله. أيها القارئ، هل هذا هو حالك؟ إذا كان كذلك، فتوقع أن يلعن الله العادل بركاتك.” كلارك (Clarke)
ج) الآية (١١): وَتَفْرَحُ.
١١وَتَفْرَحُ بِجَمِيعِ الْخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ الرَّبُّ إِلهُكَ لَكَ وَلِبَيْتِكَ، أَنْتَ وَاللاَّوِيُّ وَالْغَرِيبُ الَّذِي فِي وَسْطِكَ.
١. وَتَفْرَحُ بِجَمِيعِ الْخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ الرَّبُّ إِلهُكَ لَكَ: شعب الرب يفرح عندما يأخذ من الرب ويردون له مما أعطاهم. إنه تجاوب المخلوق الصحيح نحو خالقه الذي أمده بكل الخيرات.
٢. أَنْتَ وَاللاَّوِيُّ وَالْغَرِيبُ: إن امتنان إسرائيل لله ينبغي بطبيعة الحال أن يفيض بالكرم تجاه الآخرين، بما في ذلك أولئك الذين خدموهم روحيًا (اللاَّوِيّ)، والأجانب الذين يعيشون بينهم (الْغَرِيب).
- “كان عليهم أن يهتموا بتوزيع خيرات الله على كل الذين يعتمدون عليهم. اللاوي ليس له ميراث، فليفرح معك. والغريب لا يملك بيتًا، فليجد فيك صديقًا وأبًا.” كلارك (Clarke)
د ) الآيات (١٢-١٥): صلاة لتقديم العشور.
١٢مَتَى فَرَغْتَ مِنْ تَعْشِيرِ كُلِّ عُشُورِ مَحْصُولِكَ، فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ، سَنَةِ الْعُشُورِ، وَأَعْطَيْتَ اللاَّوِيَّ وَالْغَرِيبَ وَالْيَتِيمَ وَالأَرْمَلَةَ فَأَكَلُوا فِي أَبْوَابِكَ وَشَبِعُوا، ١٣تَقُولُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ: قَدْ نَزَعْتُ الْمُقَدَّسَ مِنَ الْبَيْتِ، وَأَيْضًا أَعْطَيْتُهُ لِلاَّوِيِّ وَالْغَرِيبِ وَالْيَتِيمِ وَالأَرْمَلَةِ، حَسَبَ كُلِّ وَصِيَّتِكَ الَّتِي أَوْصَيْتَنِي بِهَا. لَمْ أَتَجَاوَزْ وَصَايَاكَ وَلاَ نَسِيتُهَا. ١٤لَمْ آكُلْ مِنْهُ فِي حُزْنِي، وَلاَ أَخَذْتُ مِنْهُ فِي نَجَاسَةٍ، وَلاَ أَعْطَيْتُ مِنْهُ لأَجْلِ مَيْتٍ، بَلْ سَمِعْتُ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِي وَعَمِلْتُ حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَيْتَنِي. ١٥اِطَّلِعْ مِنْ مَسْكَنِ قُدْسِكَ، مِنَ السَّمَاءِ، وَبَارِكْ شَعْبَكَ إِسْرَائِيلَ وَالأَرْضَ الَّتِي أَعْطَيْتَنَا، كَمَا حَلَفْتَ لآبَائِنَا، أَرْضًا تَفِيضُ لَبَنًا وَعَسَلًا.
١. مَتَى فَرَغْتَ مِنْ تَعْشِيرِ كُلِّ عُشُور: كان العُشُورِ يُطلب من إسرائيل كل سنة، ولكن كل سنة ثالثة، لم يكن العُشر يُعطى للاويين فقط لدعمهم (كما هو موصى به في سفر العدد ١٨: ٢١-٢٤، تثنية ١٤: ٢٨-٢٩)، بل كان يتم مشاركته أيضًا مع المحتاجين. والمحتاجون عادة هم الْغَرِيب، وَالْيَتِيم، وَالأَرْمَلَة. لم يُؤت بهذه العشور إلى المسكن أو الهيكل (بيت الله)، بل كانت تعطى للاويين المحليين لتقدم للمحتاجين.
٢. تَقُولُ: إن الصلاة الموصوفة هنا تبين نوع القلب الذي أراد الله أن يكون لإسرائيل عندما يقدمون العشور. فالله لا يريدنا أن نعطي فحسب، بل أن نعطي بقلب سليم.
- إن العطاء السليم هو العطاء الذي يتم بحسب كلمة الله: حَسَبَ كُلِّ وَصِيَّتِكَ الَّتِي أَوْصَيْتَنِي بِهَا.
- إن العطاء السليم هو العطاء الذي يتم في سياق حياة الطاعة بأكملها: لَمْ أَتَجَاوَزْ وَصَايَاكَ وَلاَ نَسِيتُهَا. “هذا لا يقال بروح التفاخر الفريسي أو كإدعاء للاستحقاق، بل كشهادة علنية عن الطاعة الكاملة.” تراب (Trapp)
- لَمْ آكُلْ مِنْهُ… وَلاَ أَخَذْتُ مِنْهُ: إن العطاء السليم يفصل ويخصص جانبًا ما يُقدم للرب، ولا يحتفظ بما يجب تقديمه لخدمة الرب.
- وَلاَ أَعْطَيْتُ مِنْهُ لأَجْلِ مَيْتٍ: لا ينبغي أن يكون العطاء السليم مدفوعًا بالخرافات. “كان وضع الطعام في القبر بجوار جثة الميت ممارسة شائعة بين المصريين والكنعانيين، وهو على الأرجح ما لم يكن على بني إسرائيل أن يقلدوها.” كالاند (Kalland)
- اِطَّلِعْ مِنْ مَسْكَنِ قُدْسِكَ، مِنَ السَّمَاءِ، وَبَارِكْ شَعْبَكَ: إن العطاء السليم يصحبه انتظار للبركة.
ثانيًا. وصية موسى لإسرائيل
أ ) الآية (١٦): دعوة إلى الطاعة الكاملة.
١٦هذَا الْيَوْمَ قَدْ أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ أَنْ تَعْمَلَ بِهذِهِ الْفَرَائِضِ وَالأَحْكَامِ، فَاحْفَظْ وَاعْمَلْ بِهَا مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ.
١. هذَا الْيَوْمَ قَدْ أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ أَنْ تَعْمَلَ بِهذِهِ الْفَرَائِضِ وَالأَحْكَامِ: بدأ تثنية ٤: ١ هذا المقطع الطويل بالكلمات “فَالآنَ يَا إِسْرَائِيلُ اسْمَعِ الْفَرَائِضَ وَالأَحْكَامَ الَّتِي أَنَا أُعَلِّمُكُمْ لِتَعْمَلُوهَا.” ومن سفر التثنية الإصحاح ٤ إلى الإصحاح ٢٦، ذكّر موسى إسرائيل بوصايا الله. والآن، في ختام العظة الثانية من العظات الثلاث المسجلة في سفر التثنية، حث موسى إسرائيل على حفظ الوصايا.
٢. فَاحْفَظْ وَاعْمَلْ بِهَا: في بعض الأحيان نحتاج إلى تعّلم شريعة الله؛ وفي أحيان أخرى، نحتاج إلى تذكّر شريعة الله. ولكن في أغلب الأحيان، نحتاج إلى أن نتحفز للعمل بشريعة الله. نحن نعرف ما يجب أن نفعله، ولكننا بحاجة إلى التشجيع لتطبيق ما نعرفه.
ب) الآية (١٧): إعلان إسرائيل.
١٧قَدْ وَاعَدْتَ الرَّبَّ الْيَوْمَ أَنْ يَكُونَ لَكَ إِلهًا، وَأَنْ تَسْلُكَ فِي طُرُقِهِ وَتَحْفَظَ فَرَائِضَهُ وَوَصَايَاهُ وَأَحْكَامَهُ وَتَسْمَعَ لِصَوْتِهِ.
١. قَدْ وَاعَدْتَ الرَّبَّ الْيَوْمَ أَنْ يَكُونَ لَكَ إِلهًا: كان على إسرائيل أن ينادي بأمرين. أولًا، أَنْ يعلنوا ويؤكدوا ولائهم للرب، إله العهد لإسرائيل، ويرفضوا أن يعترفوا بأي من الآلهة الوثنية، وخاصة ما يسمى بآلهة الكنعانيين.
٢. وَأَنْ تَسْلُكَ فِي طُرُقِهِ وَتَحْفَظَ فَرَائِضَهُ: كان على إسرائيل أيضًا أن يعلنوا ولائهم للرب من خلال طاعته. ولم يكن تكريم الرب مرتبطًا بالطقوس أو الاحتفالات الدينية فحسب، بل كان من المفترض أن ينعكس في حياتهم اليومية.
ج) الآيات (١٨-١٩): إعلان الله.
١٨وَوَاعَدَكَ الرَّبُّ الْيَوْمَ أَنْ تَكُونَ لَهُ شَعْبًا خَاصًّا، كَمَا قَالَ لَكَ، وَتَحْفَظَ جَمِيعَ وَصَايَاهُ، ١٩وَأَنْ يَجْعَلَكَ مُسْتَعْلِيًا عَلَى جَمِيعِ الْقَبَائِلِ الَّتِي عَمِلَهَا فِي الثَّنَاءِ وَالاسْمِ وَالْبَهَاءِ، وَأَنْ تَكُونَ شَعْبًا مُقَدَّسًا لِلرَّبِّ إِلهِكَ، كَمَا قَالَ».
١. وَوَاعَدَكَ الرَّبُّ الْيَوْمَ أَنْ تَكُونَ لَهُ شَعْبًا خَاصًّا: كان نسل إبراهيم وإسحاق ويعقوب حقًا شَعْبًا خَاصًّا لله. لم يكونوا مُمَيَّزين بمعنى أن جميعهم قد أُعلنوا أبرارًا وفي علاقة صحيحة مع الله تلقائيًا، ضامنين مكانتهم مع الله، أو أن موقفهم أمامه قد تم تسويته في هذه الحياة والحياة الآتية. لم يكن ممكنًا لهذا أن يتحقق إلا من خلال إيمانهم بالله على المستوى الفردي، كما كان الحال مع إبراهيم (تكوين ١٥: ٦، رومية ٤: ٢٠-٢٥). لقد كان إسرائيل شَعْبًا خَاصًّا من حيث أنه كان، ولا يزال له دور مهم في خطة الله التي تتكشف عبر العصور.
- “يصحّ القول أن اختيار إسرائيل ليكونوا ’مَمْلَكَةَ كَهَنَةٍ وَأُمَّةً مُقَدَّسَةً‘ يحمل في طياته مسؤولية ثقيلة. ومع ذلك، من خلال قيامهم بهذه المسؤولية بأمانة، سينالون أعظم امتياز وكرامة.” ميريل (Merrill)
٢. يَجْعَلَكَ مُسْتَعْلِيًا عَلَى جَمِيعِ الْقَبَائِلِ: إن طاعة إسرائيل للرب ستجلب لهم مكافآت وفيرة. لقد وعد الله بأنه سيرفع إسرائيل المطيع فوق سائر الشعوب، وجعله مستعليًا على جميع الأمم فِي الثَّنَاءِ وَالاسْمِ وَالْبَهَاءِ. ومع ذلك، كان هذا الوعد بالامتياز مشروطًا بطاعتهم لعهدهم مع الله.
- “ما دام إسرائيل يتمسك بكلمة الله وظل وفيًا لشهاداته، فقد كان الشعب الأكثر تكريمًا وتقديرًا بين الأمم. ولكن عندما ابتعد عن الله وشريعته، أصبح أضعف الأمم وأكثرها احتقارًا. يا بريطانيا! التي نلتِ بركات أعظم حتى من إسرائيل القديمة، تعلّمي الحكمة مما قاسوه.” كلارك (Clarke)